عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2012, 09:02 PM   المشاركة رقم: 16
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الـــوفــــود } **

قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه ، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال ، قد لا يدركه عقل أو منطق ، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل ، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق ، رأوا ما به من جمال ، فأسرعوا يتبعونه على عجل ! وقبائل العرب المختلفة ، كانت تتابع ما بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وقريش من حرب دائرة ، ويحدثون أنفسهم قائلين :- اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق .
فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح ، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه ، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها ، واستيقنته سويداؤها ! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود فحسب :-

والحق أن هذه الوفود لم تأت كلها بعد الفتح ، بل بعضها قبله قطعًا .

وفد بنى تميم ،،,،

إن دينًا يجعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، ويهتم بآداب الاستئذان والحديث ، وقواعد السلوك عند المشرب والطعام ، هو دين لا يفهم كيف يكون الإنسان ناسكًا متعبدًا ثم هو بين الناس غليظ الحس ، وإن التغيير الهائل الذى أحدثه هذا الدين فى نفوس أصحابه ، لا ندركه إلا حين نراهم ، وهم بعد على شركهم .
قدم وفد بنى تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصاحوا به بصوت جهير منادين :- يا محمد اخرج إلينا ،,
حتى إذا خرج النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - إليهم تعلقوا به ،
وقالوا له :- جئناك نفاخرك ! فأذن لشاعرنا وخطيبنا ،,,
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وسع حلمه الأعداء ، لن يضيق به عمن جاءه مسلمًا ، وهو يدرك براجح عقله كيف يعجب هؤلاء بالإسلام ؛ ولذا فقد جلس فى صحن المسجد يستمع إلى خطيبهم عطارد بن حاجب ،,,
حتى إذا فرغ قدم خطيب الإسلام :- ثابت بن قيس بن شماس ، ثم قدم القوم شاعرهم الزبرقان بن بدر ، فقدم المصطفى صلى الله عليه وسلم - بعده حسان بن ثابت ،،،
فأجابه على البديهة ، وهنا قال الأقرع بن حابس :-
خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا .
ثم أسلموا ، فالحمد لله الذى هداهم لدينه بأى وجه كان !

وفد بنى سعد بن بكر ،،,،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسجده مع صحابته ، إذ بأعرابى قوى الجسم ، طويل الشعر ، قد جعله ضفيرتين خلف ظهره الممشوق ، يقبل ببعيره حتى باب المسجد ، ثم ينيخه ويعقله ، ويتقدم بخطا ثابتة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتهى إليه ومن معه أدار فيهم بصره ثم سألهم بحسم أيكم ابن عبدالمطلب ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- أنا ابن عبد المطلب ،،،
فقال له :- أمحمد ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم ،,
فقال له الأعرابى ، الذى كان ضمام بن ثعلبة ، وافد بنى سعد بن بكر :- يا بن عبدالمطلب إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة ! فلا تجدن فى نفسك !
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- لا أجد فى نفسى ، فسل عما بدا لك .
وهنا انطلق ضمام يسأله عن التوحيد ، وفرائض الإسلام ،،،
حتى إذا فرغ قال :- فإنى أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وسأؤدى هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتنى عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ،،،
واستدار ماشيًا إلى بعيره ، ثم امتطاه وقفل راجعًا إلى قومه ،,,
وهنا قال - صلى الله عليه وسلم -:-
إن صدق ذو العقيصتين - أى الضفيرتين - دخل الجنة .
أما ضمام فإنه ما إن أقبل على قومه حتى قال لهم :- بئست اللات والعزى !
فحذروه قائلين :- مه يا ضمام ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون ،،،
فقال بحزم :- ويلكم ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فما أمسى من ذلك اليوم رجل أو امرأة من قومه إلا مسلمًا ، فما أعظم أن يجتمع إلى رجل الصدق والحزم معًا ،,,,
وكان عبدالله بن عباس يقول :- ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

وفد بنى زبيد ،،,،

جلس عمرو بن معد يكرب ، أحد فرسان العرب المشهورين إلى قيس بن مكشوح المرادى ،،
فقال له :- يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش ، يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبى ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه .
فإن كان نبيًا كما يقول ، فإنه لن يخفى عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه .
لكن قيسًا أبى عليه ذلك وأخذ يسفه رأيه ، فعزم عمرو على أن يمضى فيما بدا له ، فركب مع أناس من زبيد حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وصدقه وآمن به ، أما قيس فإنه قد غاظه صنيع عمرو ، فتوعده وهدده ،,
وقال :- خالفنى واترك رأيى ! فهزأ منه عمرو وأجابه شعرًا .

وفد كندة ،،,،

ثمانون راكبًا زعيمهم الأشعث بن قيس ، كانوا وفد كندة الذى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نظر إليهم النبى فوجدهم قد مشطوا شعورهم ، وكحلوا أعينهم ، وارتدوا أفخر ثيابهم ، غير أنهم جعلوا فى حاشيتها الحرير ،,,
فقال لهم :- ألم تسلموا ؟
قالوا :- بلى
قال :- فما بال هذا الحرير فى أعناقكم ؟
فما أتم - صلى الله عليه وسلم - كلماته تلك ، حتى شقوا الحرير عن ثيابهم ، فألقوه ، وتحدث الأشعث ، - الذى ناقض اسمه حاله -
فقال :- يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار - وهو نبات إذا أكلته الإبل انقبضت مشافرها لمرارته - ، وأنت ابن آكل المرار .
فتبسم النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ، وكان كلاهما تاجرًا يجول فى أرض العرب ، فإذا سئل عن نسبه أجاب :- نحن بنو آكل المرار ، يتعزز بانتسابه إلى كندة ، الذين كانوا ملوكًا بين العرب ،,
ثم قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا - أى لا نقذفها - ولا ننتفى من أبينا ،,,
فالتفت الأشعث إلى قومه ، وقد أصبح محرجًا ، فصاح فيهم :- هل فرغتم يا معشر كندة ؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين .

وفد أزد ،،,،

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبدالله الأزدى ، فى وفد من قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بهم من كان يليه من أمر الشرك ، من قبل اليمن ،,,
وخرج بهم صرد بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهى يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل يمنية قد ضمت إليها خثعم حين سمعوا بخروج المسلمين ، فحاصرها قريبًا من شهر دون أن يفتحها ، ثم إنه قد تظاهر بالرجوع فلما رأوا منه ذلك ، خرجوا يطاردونه ، فأقبل عليهم وهزمهم .

وفد بنى الحارث بن كعب ،،,،

بعث خالد بن الوليد برسالة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأنه قد نفذ أمره ، فسار فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة ، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، فدعاهم ثلاثة أيام إلى الإسلام قبل أن يحاربهم ،,,
فأجابوه إلى ذلك وأسلموا ، وقد أجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يقبل فى وفد منهم ، ففعل خالد ورأى النبى - صلى الله عليه وسلم - وفدهم فتساءل :-
من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟
وذلك لسمرة بشرتهم ، فأخبروه أنهم رجال بنى الحارث بن كعب ، ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ،,
فقال لهم :- وأنا أشهد ألا إله إلا الله ، وأنى رسول الله .
ثم سألهم :- أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ؟ - أى الذين لم يسلموا إلا خوفًا من السيف - ،
فسكتوا ولم يجيبوا ،,
فأعاد - صلى الله عليه وسلم - سؤاله عليهم مرة بعد مرة وهم سكوت ،,,,
فلما كانت الرابعة أجابه أحدهم :- نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، ثم أعادها أربعًا ,,،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
لو أن خالدًا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ,,
فقال أحدهم ، ويدعى يزيد بن عبد المدان :- أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا ،,
قال :- فمن حمدتم ؟
قالوا :- حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله .
وهنا اطمأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى صدق إيمانهم فقال :- صدقتم .
ثم رجعوا إلى ديارهم ، وأرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم عمرو بن حزم ليفقههم فى الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم الصدقات .

وفد جذامة ،،,،

قرر فروة بن عمرو الجذامى أن يدخل فى دين الله الحق بعدما رأى شجاعة المسلمين فى مؤتة ، فبعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - رسولاً بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة بمعان وما حولها من الشام ، عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، فلما بلغ الروم إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ثم حبسوه ، وضربوا عنقه ، وصلبوه يرحمه الله تعالى .
وفى هدنة الحديبية قبل خيبر ، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل آخر من جذامة هو رفاعة بن زيد الجذامى ، فأهدى النبى - صلى الله عليه وسلم - غلامًا ، وأسلم فحسن إسلامه ، وعاد الرجل إلى قومه فدعاهم ، فأجابوه وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ، حرة الرجلاء ، ونزلوها .

وفد عبدالقيس ،،,،

شهدت المدينة وفادتين لقبيلة عبدالقيس ، أما أولاهما فكانت فى السنة الخامسة من الهجرة ، حين أسلم منهم تاجر كان يرد المدينة ، ويدعى منقذ بن حيان ، ثم ذهب بكتاب من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا ، وتوافدوا إليه فى ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً ، وأما الوفادة الثانية فكانت فى سنة الوفود ، حين قدم الجارود بن العلاء العبدى فى أربعين رجلاً منهم ، وكان نصرانيًا ، فأسلم وحسن إسلامه .

وفد دوس ،،,،

أسلم الطفيل بن عمرو الدوسى منذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فى العام الحادى عشر للنبوة ، ثم رجع إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى دين الله ، لكنهم أبطأوا عليه ولم يجيبوه ، فرجع الطفيل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا ، وهو يطلب منه أن يدعو على دوس ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- اللهم اهد دوسًا ،,,
وعاد الطفيل إلى قومه فأسلموا ، ثم وفد بسبعين أو ثمانين بيتًا من قومه إلى المدينة ، فى أوائل سنة سبع من الهجرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر ، فلحق به هناك .

وفد طىء ،،,،

قدم وفد طىء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمهم وعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وحسن إسلامهم ، وكان معهم زيد الخيل ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير ،,,
وقال عنه :- ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ، ثم جاءنى إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما فيه .

وفد صداء ،،,،

علم زياد بن الحارث الصدائى أن جيشًا للمسلمين ، قوامه أربعمائة جندى ، فى طريقه إلى قومه ، فأسرع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم
قائلاً :- جئتك وافدًا على من ورائى ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى ،,,
فردّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش ، وذهب زياد إلى قومه يدعوهم ، ويرغبهم فى القدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفد عليه منهم خمسة عشر رجلاً ، يبايعونه على الإسلام ، ثم رجعوا إلى قومهم ، فدعوهم ، ففشا فيهم الإسلام ، ووافى مائة رجل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قدوم كعب بن زهير ،،,،

ليس هناك ثمة شك فى أن كثيرًا من الناس يقادون من آذانهم !
ولهذا لعب إعلاميو كل عصر دورًا بارزًا فى تحريك الأحداث به وإعلاميو عصر النبوة كانوا من الشعراء بلا ريب .
وكان من أشعر العرب كعب بن زهير ، الذى دأب على هجاء النبى ، حتى وصلته رسالة من أخيه بجير ، سنة ثمان من الهجرة ، بعد انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ، حدثه فيها عن أمر رسول الله بقتل رجال بمكة كانوا يهجون النبى ويؤذونه ، وعن هروب من بقى من شعراء قريش فى كل وجه ، ثم نصحه بجير بأن يأتى النبى تائبًا ، لأنه لايقتل التائبين .
ومازالت المكاتبات تجرى بين كعب وأخيه ، حتى شرح الله صدره ، فقام إلى المدينة ، ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع يده فى يده ،,
وقال له :- يارسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم .
فقال :- أنا كعب بن زهير .
وأراد أنصارى أن يضرب عنقه ، فنهاه النبى - صلى الله عليه وسلم - بقوله :-
دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه .
وهنا أنشد كعب قصيدته المشهورة ، والتى مدح فيها النبى ، ثم مدح المهاجرين من قريش ، وعرض بالأنصار ، لأن أحدهم أراد قتله ، فلما أسلم وحسن إسلامه ، تدارك ما بدا منه ومدحهم ، فى قصيدة له .

وفد عذرة ،،,،

فى صفر سنة تسع من الهجرة قدم اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان إلى المدينة ، وقد سئلوا :- من القوم ؟
فأجابوا :- نحن بنو عذرة ، إخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، لنا قرابات وأرحام .
فرحب بهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وبشرهم بفتح الشام ، ونهاهم عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها ، وقد أسلموا ، وأقاموا أياما ثم رجعوا .

وفد بلى ،،,،

ما أكثر ما انتفع المسلمون بمسائل الأعراب ! قدم وفد بلى فى ربيع الأول سنة تسع من الهجرة ، وكان رئيسهم يدعى أبا الضبيب ،,
فأخذ يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضيافة ،
هل فيها أجر ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة ،
فسأله عن وقتها ؟
فقال :- ثلاثة أيام ،,,
فسأله عن ضالة الغنم ؟
فأجابه :- هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب !
وسأله عن ضالة البعير ؟
فأجابه :- مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه .

وفد ثقيف ،،,،

عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة الطائف ، وقبل أن يصل إلى المدينة ، كان عروة بن مسعود الثقفى ، سيد ثقيف ورئيسها المطاع ، قد لحق به ، وأعلن إسلامه وظن الرجل بأهله خيرًا ، فزعم أنه راجع إلى قومه ، فداعيهم إلى الإسلام ، وأن أحدًا منهم لن يرد دعوته ، إذ هو - كما يصف نفسه - أحب إليهم من أبكارهم ,,,،

لكن ظن عروة ذهب سدى كما تبدى زعمه ، حين شرع فى دعوتهم إلى دين الله ، ولم يكن ردهم عليه سوى سهام عدة ، رموه بها من كل وجه ، فخر صريعًا ،,,
وكانت آخر كلماته :- كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلى .
ثم أوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين ، الذين قتلوا حول الطائف ، لكن ثقيف المعاندة ما إن مرت عليها شهور بعد ذلك ، حتى أدركت المأزق الذى أصبحت فيه .
فالمسلمون اليوم ، آمنون فى ديارهم ، يجوبون الجزيرة فى هدوء وسلام ، أما هم ، فإنهم لا يجرؤون على مغادرة ديارهم ، ولا يدرون ما يصنعون ، وقد أسلمت قبائل العرب بأسرها ، فاضطروا إلى الاستسلام ، وذهبوا إلى زعيمهم عبد ياليل بن عمرو ؛

ليمشى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكلمه ، فخاف الرجل أن يلحق بعروة وأبى إلا أن يرسلوا معه رجالاً غيره ، فبعثوا معه خمسة رجال أحدهم عثمان بن أبى العاص ، فلما قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبة فى ناحية المسجد ؛ ليسمعوا القرآن ، ويشاهدوا المصلين ، وظل القوم يترددون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعون منه ويماطلونه ، فبرغم ما تنشرح به قلوبهم من نور الحق ، إلا أن قلوب قومهم العنيدة ، ومصير عروة ، يقف حائلاً أمام إيمانهم ، فتارة يطلبون منه الإذن بالزنا ، أو شرب الخمور ، أو الربا ، وتارة يطلبون الإذن بترك الصلاة ، وأخرى يساومون على ترك طاغيتهم اللات ، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم .
كل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجيبهم بالموافقة على طلب واحد ، حتى استسلموا وأسلموا ، واشترطوا ألا يهدموا اللات بأيديهم ، فوافقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمّر عليهم أحدثهم سنًا عثمان بن أبى العاص لحرصه الشديد على التفقه فى الدين ، وعاد الوفد إلى ثقيف فكتم عن قومه ما حدث ، وخوفوا قومهم حرب محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى ألقى الله فى قلوبهم الرعب .

فطلبوا منهم أن يعودوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - معلنين إسلامهم ، فأعلنوا لهم حقيقة أمرهم وأسلمت ثقيف ،,,
ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً لهدم اللات ، أميرهم خالد بن الوليد ، فهدموها وسووها بالأرض ، وأخذوا حليها وكسوتها ، فقسمها النبى - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله على نصرة رسوله وإعزاز دينه .

وفد اليمن ،،,،

دخل مالك بن مرة الرهاوى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه من تبوك ، حاملاً رسالة من ملوك اليمن (( الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان بن قيل ذى رعين ، وهمدان ومعافر )) ،،
وقرأ مالك الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بها إعلان بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ، وقد كتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم ، وما للمعاهدين وما عليهم ، وأرسل إليهم رجالاً أميرهم معاذ بن جبل .

وفد همدان ،،,،

قدم وفد من همدان بعد رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك سنة تسع من الهجرة ، وقد كتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا ، أعطاهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه ، ثم أرسل خالد بن الوليد إلى سائر همدان يدعوهم إلى الإسلام ،,,
فأقام عندهم ستة أشهر وهم لا يجيبوه ، فأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب ، وأمره أن يعيد خالدًا ، ففعل وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يبق واحد منهم على شركه !
وكتب على ببشارة إسلامهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قرأ الكتاب خرّ ساجدًا ثم رفع رأسه وقال :-
السلام على همدان ، السلام على همدان

وفد بنى فزارة ،،,،

إن وفد فزارة الذين قدموا فى بضعة عشر رجلاً ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من تبوك ، كانوا يحملون مع إقرارهم بالإسلام ، طلبًا عاجلاً إلى النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد شكوا إليه جدب بلادهم وجفاف أرضها ،,,

فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ورفع يديه واستسقى ،,,
وقال :- اللهم اسق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحى بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، مريئًا مريعًا ، طبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضار ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ، ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث ، وانصرنا على الأعداء .
ولا شك أن فزارة قد تم لها الخير كله ، حين نعموا بغيث الإيمان الذى سقى قلوبهم الظمأى ، ودعاء النبى الذى سقى أرضهم الجدبة .

وفد نجران ،،,،

أهل نجران ليسوا كسائر أهل العرب !
فبلدهم يشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، بها مائة ألف مقاتل ، وهم ليسوا على الوثنية الحمقاء كغيرهم ، بل هم على دين المسيحية .
وقد شهد عام الوفود - العام التاسع للهجرة - قدوم وفد نجران ، الذى تشكل من ستين رجلاً ، منهم (( سادة نجران الثلاث ~ العاقب عبدالمسيح ، صاحب الإمارة والحكومة ، والسيد الأيهم أو شرحبيل ، المشرف على الأمور الثقافية والسياسية ، والأسقف أبو حارثة بن علقمة الزعيم الدينى والقائد الروحى لهم )) .
ونزل الوفد المدينة ، فحاور النبى - صلى الله عليه وسلم - وحاورهم ثم تلا عليهم القرآن ، لكنهم امتنعوا عن الإيجاب وسألوه عما يقوله عن عيسى - عليه السلام - ، فانتظر حتى نزلت عليه آيات آل عمران الثلاث من التاسعة والخمسين إلى الواحدة والستين ، فأسمعها لهم فى اليوم التالى ، لكنهم ترددوا وأبوا القبول ،,,

فأقبل عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حاملاً الحسن والحسين ، داعيًا إياهم إلى المباهلة ، فلما رأوا جده وعزمه ، ظهر ضعف يقينهم ، وشكهم فيما ينافحون عنه ، وقبلوا أن يصالحوه على الجزية ، فصالحهم وتركهم أحرارًا فى دينهم وأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، ثم بدأ الإسلام ينتشر بين جموعهم حتى أسلم السيد والعاقب معًا ،,,
فبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إليهم عليًا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ويبدو أن باطلاً بلا أركان أسهل على الحق أن يواجهه ، من باطل زيفت أركان الحق به !

وفد بنى حنيفة ،،,،

جاء وفد بنى حنيفة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة ، وكان جملتهم سبعة عشر رجلاً ، بينهم مسيلمة الكذاب ، وقد نزل الوفد دار رجل من الأنصار ، ثم غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا عنده ، أما عدو الله مسيلمة فإنه بقى فى رحالهم واستنكف الذهاب ، حتى رجع الوفد إلى قومه فتنبأ مسيلمة ، وارتد قومه عن دين الله .

** { مسيلمة الكذاب } **

خرج مسيلمة بن ثمامة مع وفد بنى حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الرجل كانت نفسه تمتلئ كبرًا ، فأبت عليه الطاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فترك قومه يغدون إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وبقى المحروم مع رحالهم ، يزعم أنه يحفظها وقد ضيع نفسه !
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرى فى منامه أنه أتى بخزائن الأرض ، فوقع فى يديه سواران من ذهب ، فكبرا عليه وأهمّاه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، وأولهما كذابين يخرجان من بعده ، أما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد أراد أن يؤلف قلبه بالإحسان أولاً ، حتى وجد أن ذلك لا يجدى ،,,

وبلغه قول مسيلمة الكذاب ؛؛ إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته ، فذهب إليه وفى يده قطعة من جريد ، ثم قال له :- لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، والله إنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عنى ،,,
ثم انصرف وترك خطيبه ثابت بن قيس يكلمه ، وعاد الكذاب مع قومه إلى دياره باليمامة يفكر فى أمره ، حتى ساقه عقله لأمر عجيب ، فطلع على قومه معلنًا أنه قد أوتى النبوة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وأسمعهم كلامًا سخيفًا ، يزعم أنه أنزل عليه كقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم -
يقول فى بعضه :- لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين ضفاق وحشا .
وفى بعضه الآخر :- يا ضفدع بنت ضفدعين ، نق ما شئت أن تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين .
وقد أسماه قومه رحمان اليمامة إعزازًا وتقديرًا بضفدعهم ، الذى علا نقيقه ، وقد تمرغ فى الطين .
وبلغ الفجور بالأحمق أن بعث رسولين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يحملان كتابًا يقول فيه :- إنى أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر .
وقد قتل الكذاب فى زمن الصديق - رضى الله عنه - حين أراح وحشى بحربته المسلمين من إفكه الدنىء .

وفد بنى عامر بن صعصعة ،،،,

عامر بن الطفيل ، عدو الله الذى ارتبط اسمه بمأساة بئر معونة ، جاءه قومه يقولون :-
إن الناس قد أسلموا فأسلم ، فتآمر مع أربد بن قيس ، وقال له :- إذا قدمنا على الرجل ، فإنى سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعْلُه بالسيف ثم انطلقا مع خالد بن جعفر ، وجبار بن أسلم - وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم - ، ودخلوا جميعًا فى وفد بنى عامر ،,,

حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنفذ عامر الخبيث خطته ، وجعل يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - من أمامه ، وأربد من خلفه قد اخترط سيفه شبرًا ، إلا أنه لا يستطيع أن يسله لحبس الله ليده الغادرة ،,,
وهنا هدد عامر النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ،,,
فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
اللهم اكفنى عامر بن الطفيل

فلما رجعا أرسل الله صاعقة على أربد وجمله فأحرقته ، وأما عامر فقد أصيب بغدة فى عنقه ، وكان فى بيت امرأة سلولية ، فمات وهو يقول :- أغدة كغدة البعير ، وموتًا فى بيت السلولية .
وهكذا حرم نفسه فرصة الهداية مرة بعد مرة ، وفرصة التوبة بين يدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت نفسه غطرسة وكبرًا ، فأبى الله إلا أن يحرمه ، حتى فى ميتته بالدنيا .

وفد تجيب ,،،،

ساعات الزمان وأيامه ليست كلها عسرة ، والناس الذين تقابلهم على ألوان شتى ، ومن بين وفود العرب جاء وفد تجيب ، يسوق أمامه صدقات قومه مما فضل عن فقرائهم ، ثلاثة عشر رجلاً ، قدموا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، حتى إذا قضوا مأربهم هموا بالرحيل ولم يطيلوا اللبث ، ثم بعثوا غلامًا لهم كانوا قد خلفوه فى رحالهم ، حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يقول :-
والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لى ويرحمنى ، وأن يجعل غناى فى قلبى ،,,
فدعا له النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكان أقنع الناس ، وثبت فى الردة على الإسلام ، وذكر قومه ، ووعظهم فثبتوا عليه

1- وفد بنى تميم .
2- وفد بنى سعد .
3- وفد بنى زبيد .
4- وفد كندة . 5- وفد أزد .
6- وفد بنى الحارث .
7- وفد جذامة .
8- وفد عبد القيس .
9- وفد دوس .
10- وفد طىء .
11- وفد صداء .
12- قدوم كعب بن زهير .
13- وفد عذرة .
14- وفد بلى .
15- وفد ثقيف .
16- وفد اليمن .
17- وفد همدان .
18- وفد بنى فزارة .
19- وفد نجران .
20- وفد بنى حنيفة .
21- وفد بنى عامر بن صعصعة .
22- وفد تجيب .



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04-08-2012, 09:02 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الـــوفــــود } **

قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه ، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال ، قد لا يدركه عقل أو منطق ، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل ، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق ، رأوا ما به من جمال ، فأسرعوا يتبعونه على عجل ! وقبائل العرب المختلفة ، كانت تتابع ما بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وقريش من حرب دائرة ، ويحدثون أنفسهم قائلين :- اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق .
فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح ، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه ، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها ، واستيقنته سويداؤها ! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود فحسب :-

والحق أن هذه الوفود لم تأت كلها بعد الفتح ، بل بعضها قبله قطعًا .

وفد بنى تميم ،،,،

إن دينًا يجعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، ويهتم بآداب الاستئذان والحديث ، وقواعد السلوك عند المشرب والطعام ، هو دين لا يفهم كيف يكون الإنسان ناسكًا متعبدًا ثم هو بين الناس غليظ الحس ، وإن التغيير الهائل الذى أحدثه هذا الدين فى نفوس أصحابه ، لا ندركه إلا حين نراهم ، وهم بعد على شركهم .
قدم وفد بنى تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصاحوا به بصوت جهير منادين :- يا محمد اخرج إلينا ،,
حتى إذا خرج النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - إليهم تعلقوا به ،
وقالوا له :- جئناك نفاخرك ! فأذن لشاعرنا وخطيبنا ،,,
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وسع حلمه الأعداء ، لن يضيق به عمن جاءه مسلمًا ، وهو يدرك براجح عقله كيف يعجب هؤلاء بالإسلام ؛ ولذا فقد جلس فى صحن المسجد يستمع إلى خطيبهم عطارد بن حاجب ،,,
حتى إذا فرغ قدم خطيب الإسلام :- ثابت بن قيس بن شماس ، ثم قدم القوم شاعرهم الزبرقان بن بدر ، فقدم المصطفى صلى الله عليه وسلم - بعده حسان بن ثابت ،،،
فأجابه على البديهة ، وهنا قال الأقرع بن حابس :-
خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا .
ثم أسلموا ، فالحمد لله الذى هداهم لدينه بأى وجه كان !

وفد بنى سعد بن بكر ،،,،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسجده مع صحابته ، إذ بأعرابى قوى الجسم ، طويل الشعر ، قد جعله ضفيرتين خلف ظهره الممشوق ، يقبل ببعيره حتى باب المسجد ، ثم ينيخه ويعقله ، ويتقدم بخطا ثابتة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتهى إليه ومن معه أدار فيهم بصره ثم سألهم بحسم أيكم ابن عبدالمطلب ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- أنا ابن عبد المطلب ،،،
فقال له :- أمحمد ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم ،,
فقال له الأعرابى ، الذى كان ضمام بن ثعلبة ، وافد بنى سعد بن بكر :- يا بن عبدالمطلب إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة ! فلا تجدن فى نفسك !
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- لا أجد فى نفسى ، فسل عما بدا لك .
وهنا انطلق ضمام يسأله عن التوحيد ، وفرائض الإسلام ،،،
حتى إذا فرغ قال :- فإنى أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وسأؤدى هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتنى عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ،،،
واستدار ماشيًا إلى بعيره ، ثم امتطاه وقفل راجعًا إلى قومه ،,,
وهنا قال - صلى الله عليه وسلم -:-
إن صدق ذو العقيصتين - أى الضفيرتين - دخل الجنة .
أما ضمام فإنه ما إن أقبل على قومه حتى قال لهم :- بئست اللات والعزى !
فحذروه قائلين :- مه يا ضمام ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون ،،،
فقال بحزم :- ويلكم ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فما أمسى من ذلك اليوم رجل أو امرأة من قومه إلا مسلمًا ، فما أعظم أن يجتمع إلى رجل الصدق والحزم معًا ،,,,
وكان عبدالله بن عباس يقول :- ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

وفد بنى زبيد ،،,،

جلس عمرو بن معد يكرب ، أحد فرسان العرب المشهورين إلى قيس بن مكشوح المرادى ،،
فقال له :- يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش ، يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبى ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه .
فإن كان نبيًا كما يقول ، فإنه لن يخفى عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه .
لكن قيسًا أبى عليه ذلك وأخذ يسفه رأيه ، فعزم عمرو على أن يمضى فيما بدا له ، فركب مع أناس من زبيد حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وصدقه وآمن به ، أما قيس فإنه قد غاظه صنيع عمرو ، فتوعده وهدده ،,
وقال :- خالفنى واترك رأيى ! فهزأ منه عمرو وأجابه شعرًا .

وفد كندة ،،,،

ثمانون راكبًا زعيمهم الأشعث بن قيس ، كانوا وفد كندة الذى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نظر إليهم النبى فوجدهم قد مشطوا شعورهم ، وكحلوا أعينهم ، وارتدوا أفخر ثيابهم ، غير أنهم جعلوا فى حاشيتها الحرير ،,,
فقال لهم :- ألم تسلموا ؟
قالوا :- بلى
قال :- فما بال هذا الحرير فى أعناقكم ؟
فما أتم - صلى الله عليه وسلم - كلماته تلك ، حتى شقوا الحرير عن ثيابهم ، فألقوه ، وتحدث الأشعث ، - الذى ناقض اسمه حاله -
فقال :- يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار - وهو نبات إذا أكلته الإبل انقبضت مشافرها لمرارته - ، وأنت ابن آكل المرار .
فتبسم النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ، وكان كلاهما تاجرًا يجول فى أرض العرب ، فإذا سئل عن نسبه أجاب :- نحن بنو آكل المرار ، يتعزز بانتسابه إلى كندة ، الذين كانوا ملوكًا بين العرب ،,
ثم قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا - أى لا نقذفها - ولا ننتفى من أبينا ،,,
فالتفت الأشعث إلى قومه ، وقد أصبح محرجًا ، فصاح فيهم :- هل فرغتم يا معشر كندة ؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين .

وفد أزد ،،,،

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبدالله الأزدى ، فى وفد من قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بهم من كان يليه من أمر الشرك ، من قبل اليمن ،,,
وخرج بهم صرد بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهى يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل يمنية قد ضمت إليها خثعم حين سمعوا بخروج المسلمين ، فحاصرها قريبًا من شهر دون أن يفتحها ، ثم إنه قد تظاهر بالرجوع فلما رأوا منه ذلك ، خرجوا يطاردونه ، فأقبل عليهم وهزمهم .

وفد بنى الحارث بن كعب ،،,،

بعث خالد بن الوليد برسالة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأنه قد نفذ أمره ، فسار فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة ، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، فدعاهم ثلاثة أيام إلى الإسلام قبل أن يحاربهم ،,,
فأجابوه إلى ذلك وأسلموا ، وقد أجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يقبل فى وفد منهم ، ففعل خالد ورأى النبى - صلى الله عليه وسلم - وفدهم فتساءل :-
من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟
وذلك لسمرة بشرتهم ، فأخبروه أنهم رجال بنى الحارث بن كعب ، ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ،,
فقال لهم :- وأنا أشهد ألا إله إلا الله ، وأنى رسول الله .
ثم سألهم :- أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ؟ - أى الذين لم يسلموا إلا خوفًا من السيف - ،
فسكتوا ولم يجيبوا ،,
فأعاد - صلى الله عليه وسلم - سؤاله عليهم مرة بعد مرة وهم سكوت ،,,,
فلما كانت الرابعة أجابه أحدهم :- نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، ثم أعادها أربعًا ,,،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
لو أن خالدًا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ,,
فقال أحدهم ، ويدعى يزيد بن عبد المدان :- أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا ،,
قال :- فمن حمدتم ؟
قالوا :- حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله .
وهنا اطمأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى صدق إيمانهم فقال :- صدقتم .
ثم رجعوا إلى ديارهم ، وأرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم عمرو بن حزم ليفقههم فى الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم الصدقات .

وفد جذامة ،،,،

قرر فروة بن عمرو الجذامى أن يدخل فى دين الله الحق بعدما رأى شجاعة المسلمين فى مؤتة ، فبعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - رسولاً بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة بمعان وما حولها من الشام ، عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، فلما بلغ الروم إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ثم حبسوه ، وضربوا عنقه ، وصلبوه يرحمه الله تعالى .
وفى هدنة الحديبية قبل خيبر ، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل آخر من جذامة هو رفاعة بن زيد الجذامى ، فأهدى النبى - صلى الله عليه وسلم - غلامًا ، وأسلم فحسن إسلامه ، وعاد الرجل إلى قومه فدعاهم ، فأجابوه وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ، حرة الرجلاء ، ونزلوها .

وفد عبدالقيس ،،,،

شهدت المدينة وفادتين لقبيلة عبدالقيس ، أما أولاهما فكانت فى السنة الخامسة من الهجرة ، حين أسلم منهم تاجر كان يرد المدينة ، ويدعى منقذ بن حيان ، ثم ذهب بكتاب من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا ، وتوافدوا إليه فى ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً ، وأما الوفادة الثانية فكانت فى سنة الوفود ، حين قدم الجارود بن العلاء العبدى فى أربعين رجلاً منهم ، وكان نصرانيًا ، فأسلم وحسن إسلامه .

وفد دوس ،،,،

أسلم الطفيل بن عمرو الدوسى منذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فى العام الحادى عشر للنبوة ، ثم رجع إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى دين الله ، لكنهم أبطأوا عليه ولم يجيبوه ، فرجع الطفيل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا ، وهو يطلب منه أن يدعو على دوس ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- اللهم اهد دوسًا ،,,
وعاد الطفيل إلى قومه فأسلموا ، ثم وفد بسبعين أو ثمانين بيتًا من قومه إلى المدينة ، فى أوائل سنة سبع من الهجرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر ، فلحق به هناك .

وفد طىء ،،,،

قدم وفد طىء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمهم وعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وحسن إسلامهم ، وكان معهم زيد الخيل ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير ،,,
وقال عنه :- ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ، ثم جاءنى إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما فيه .

وفد صداء ،،,،

علم زياد بن الحارث الصدائى أن جيشًا للمسلمين ، قوامه أربعمائة جندى ، فى طريقه إلى قومه ، فأسرع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم
قائلاً :- جئتك وافدًا على من ورائى ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى ،,,
فردّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش ، وذهب زياد إلى قومه يدعوهم ، ويرغبهم فى القدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفد عليه منهم خمسة عشر رجلاً ، يبايعونه على الإسلام ، ثم رجعوا إلى قومهم ، فدعوهم ، ففشا فيهم الإسلام ، ووافى مائة رجل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قدوم كعب بن زهير ،،,،

ليس هناك ثمة شك فى أن كثيرًا من الناس يقادون من آذانهم !
ولهذا لعب إعلاميو كل عصر دورًا بارزًا فى تحريك الأحداث به وإعلاميو عصر النبوة كانوا من الشعراء بلا ريب .
وكان من أشعر العرب كعب بن زهير ، الذى دأب على هجاء النبى ، حتى وصلته رسالة من أخيه بجير ، سنة ثمان من الهجرة ، بعد انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ، حدثه فيها عن أمر رسول الله بقتل رجال بمكة كانوا يهجون النبى ويؤذونه ، وعن هروب من بقى من شعراء قريش فى كل وجه ، ثم نصحه بجير بأن يأتى النبى تائبًا ، لأنه لايقتل التائبين .
ومازالت المكاتبات تجرى بين كعب وأخيه ، حتى شرح الله صدره ، فقام إلى المدينة ، ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع يده فى يده ،,
وقال له :- يارسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم .
فقال :- أنا كعب بن زهير .
وأراد أنصارى أن يضرب عنقه ، فنهاه النبى - صلى الله عليه وسلم - بقوله :-
دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه .
وهنا أنشد كعب قصيدته المشهورة ، والتى مدح فيها النبى ، ثم مدح المهاجرين من قريش ، وعرض بالأنصار ، لأن أحدهم أراد قتله ، فلما أسلم وحسن إسلامه ، تدارك ما بدا منه ومدحهم ، فى قصيدة له .

وفد عذرة ،،,،

فى صفر سنة تسع من الهجرة قدم اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان إلى المدينة ، وقد سئلوا :- من القوم ؟
فأجابوا :- نحن بنو عذرة ، إخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، لنا قرابات وأرحام .
فرحب بهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وبشرهم بفتح الشام ، ونهاهم عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها ، وقد أسلموا ، وأقاموا أياما ثم رجعوا .

وفد بلى ،،,،

ما أكثر ما انتفع المسلمون بمسائل الأعراب ! قدم وفد بلى فى ربيع الأول سنة تسع من الهجرة ، وكان رئيسهم يدعى أبا الضبيب ،,
فأخذ يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضيافة ،
هل فيها أجر ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة ،
فسأله عن وقتها ؟
فقال :- ثلاثة أيام ،,,
فسأله عن ضالة الغنم ؟
فأجابه :- هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب !
وسأله عن ضالة البعير ؟
فأجابه :- مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه .

وفد ثقيف ،،,،

عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة الطائف ، وقبل أن يصل إلى المدينة ، كان عروة بن مسعود الثقفى ، سيد ثقيف ورئيسها المطاع ، قد لحق به ، وأعلن إسلامه وظن الرجل بأهله خيرًا ، فزعم أنه راجع إلى قومه ، فداعيهم إلى الإسلام ، وأن أحدًا منهم لن يرد دعوته ، إذ هو - كما يصف نفسه - أحب إليهم من أبكارهم ,,,،

لكن ظن عروة ذهب سدى كما تبدى زعمه ، حين شرع فى دعوتهم إلى دين الله ، ولم يكن ردهم عليه سوى سهام عدة ، رموه بها من كل وجه ، فخر صريعًا ،,,
وكانت آخر كلماته :- كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلى .
ثم أوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين ، الذين قتلوا حول الطائف ، لكن ثقيف المعاندة ما إن مرت عليها شهور بعد ذلك ، حتى أدركت المأزق الذى أصبحت فيه .
فالمسلمون اليوم ، آمنون فى ديارهم ، يجوبون الجزيرة فى هدوء وسلام ، أما هم ، فإنهم لا يجرؤون على مغادرة ديارهم ، ولا يدرون ما يصنعون ، وقد أسلمت قبائل العرب بأسرها ، فاضطروا إلى الاستسلام ، وذهبوا إلى زعيمهم عبد ياليل بن عمرو ؛

ليمشى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكلمه ، فخاف الرجل أن يلحق بعروة وأبى إلا أن يرسلوا معه رجالاً غيره ، فبعثوا معه خمسة رجال أحدهم عثمان بن أبى العاص ، فلما قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبة فى ناحية المسجد ؛ ليسمعوا القرآن ، ويشاهدوا المصلين ، وظل القوم يترددون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعون منه ويماطلونه ، فبرغم ما تنشرح به قلوبهم من نور الحق ، إلا أن قلوب قومهم العنيدة ، ومصير عروة ، يقف حائلاً أمام إيمانهم ، فتارة يطلبون منه الإذن بالزنا ، أو شرب الخمور ، أو الربا ، وتارة يطلبون الإذن بترك الصلاة ، وأخرى يساومون على ترك طاغيتهم اللات ، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم .
كل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجيبهم بالموافقة على طلب واحد ، حتى استسلموا وأسلموا ، واشترطوا ألا يهدموا اللات بأيديهم ، فوافقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمّر عليهم أحدثهم سنًا عثمان بن أبى العاص لحرصه الشديد على التفقه فى الدين ، وعاد الوفد إلى ثقيف فكتم عن قومه ما حدث ، وخوفوا قومهم حرب محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى ألقى الله فى قلوبهم الرعب .

فطلبوا منهم أن يعودوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - معلنين إسلامهم ، فأعلنوا لهم حقيقة أمرهم وأسلمت ثقيف ،,,
ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً لهدم اللات ، أميرهم خالد بن الوليد ، فهدموها وسووها بالأرض ، وأخذوا حليها وكسوتها ، فقسمها النبى - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله على نصرة رسوله وإعزاز دينه .

وفد اليمن ،،,،

دخل مالك بن مرة الرهاوى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه من تبوك ، حاملاً رسالة من ملوك اليمن (( الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان بن قيل ذى رعين ، وهمدان ومعافر )) ،،
وقرأ مالك الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بها إعلان بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ، وقد كتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم ، وما للمعاهدين وما عليهم ، وأرسل إليهم رجالاً أميرهم معاذ بن جبل .

وفد همدان ،،,،

قدم وفد من همدان بعد رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك سنة تسع من الهجرة ، وقد كتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا ، أعطاهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه ، ثم أرسل خالد بن الوليد إلى سائر همدان يدعوهم إلى الإسلام ،,,
فأقام عندهم ستة أشهر وهم لا يجيبوه ، فأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب ، وأمره أن يعيد خالدًا ، ففعل وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يبق واحد منهم على شركه !
وكتب على ببشارة إسلامهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قرأ الكتاب خرّ ساجدًا ثم رفع رأسه وقال :-
السلام على همدان ، السلام على همدان

وفد بنى فزارة ،،,،

إن وفد فزارة الذين قدموا فى بضعة عشر رجلاً ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من تبوك ، كانوا يحملون مع إقرارهم بالإسلام ، طلبًا عاجلاً إلى النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد شكوا إليه جدب بلادهم وجفاف أرضها ،,,

فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ورفع يديه واستسقى ،,,
وقال :- اللهم اسق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحى بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، مريئًا مريعًا ، طبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضار ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ، ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث ، وانصرنا على الأعداء .
ولا شك أن فزارة قد تم لها الخير كله ، حين نعموا بغيث الإيمان الذى سقى قلوبهم الظمأى ، ودعاء النبى الذى سقى أرضهم الجدبة .

وفد نجران ،،,،

أهل نجران ليسوا كسائر أهل العرب !
فبلدهم يشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، بها مائة ألف مقاتل ، وهم ليسوا على الوثنية الحمقاء كغيرهم ، بل هم على دين المسيحية .
وقد شهد عام الوفود - العام التاسع للهجرة - قدوم وفد نجران ، الذى تشكل من ستين رجلاً ، منهم (( سادة نجران الثلاث ~ العاقب عبدالمسيح ، صاحب الإمارة والحكومة ، والسيد الأيهم أو شرحبيل ، المشرف على الأمور الثقافية والسياسية ، والأسقف أبو حارثة بن علقمة الزعيم الدينى والقائد الروحى لهم )) .
ونزل الوفد المدينة ، فحاور النبى - صلى الله عليه وسلم - وحاورهم ثم تلا عليهم القرآن ، لكنهم امتنعوا عن الإيجاب وسألوه عما يقوله عن عيسى - عليه السلام - ، فانتظر حتى نزلت عليه آيات آل عمران الثلاث من التاسعة والخمسين إلى الواحدة والستين ، فأسمعها لهم فى اليوم التالى ، لكنهم ترددوا وأبوا القبول ،,,

فأقبل عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حاملاً الحسن والحسين ، داعيًا إياهم إلى المباهلة ، فلما رأوا جده وعزمه ، ظهر ضعف يقينهم ، وشكهم فيما ينافحون عنه ، وقبلوا أن يصالحوه على الجزية ، فصالحهم وتركهم أحرارًا فى دينهم وأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، ثم بدأ الإسلام ينتشر بين جموعهم حتى أسلم السيد والعاقب معًا ،,,
فبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إليهم عليًا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ويبدو أن باطلاً بلا أركان أسهل على الحق أن يواجهه ، من باطل زيفت أركان الحق به !

وفد بنى حنيفة ،،,،

جاء وفد بنى حنيفة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة ، وكان جملتهم سبعة عشر رجلاً ، بينهم مسيلمة الكذاب ، وقد نزل الوفد دار رجل من الأنصار ، ثم غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا عنده ، أما عدو الله مسيلمة فإنه بقى فى رحالهم واستنكف الذهاب ، حتى رجع الوفد إلى قومه فتنبأ مسيلمة ، وارتد قومه عن دين الله .

** { مسيلمة الكذاب } **

خرج مسيلمة بن ثمامة مع وفد بنى حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الرجل كانت نفسه تمتلئ كبرًا ، فأبت عليه الطاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فترك قومه يغدون إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وبقى المحروم مع رحالهم ، يزعم أنه يحفظها وقد ضيع نفسه !
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرى فى منامه أنه أتى بخزائن الأرض ، فوقع فى يديه سواران من ذهب ، فكبرا عليه وأهمّاه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، وأولهما كذابين يخرجان من بعده ، أما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد أراد أن يؤلف قلبه بالإحسان أولاً ، حتى وجد أن ذلك لا يجدى ،,,

وبلغه قول مسيلمة الكذاب ؛؛ إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته ، فذهب إليه وفى يده قطعة من جريد ، ثم قال له :- لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، والله إنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عنى ،,,
ثم انصرف وترك خطيبه ثابت بن قيس يكلمه ، وعاد الكذاب مع قومه إلى دياره باليمامة يفكر فى أمره ، حتى ساقه عقله لأمر عجيب ، فطلع على قومه معلنًا أنه قد أوتى النبوة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وأسمعهم كلامًا سخيفًا ، يزعم أنه أنزل عليه كقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم -
يقول فى بعضه :- لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين ضفاق وحشا .
وفى بعضه الآخر :- يا ضفدع بنت ضفدعين ، نق ما شئت أن تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين .
وقد أسماه قومه رحمان اليمامة إعزازًا وتقديرًا بضفدعهم ، الذى علا نقيقه ، وقد تمرغ فى الطين .
وبلغ الفجور بالأحمق أن بعث رسولين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يحملان كتابًا يقول فيه :- إنى أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر .
وقد قتل الكذاب فى زمن الصديق - رضى الله عنه - حين أراح وحشى بحربته المسلمين من إفكه الدنىء .

وفد بنى عامر بن صعصعة ،،،,

عامر بن الطفيل ، عدو الله الذى ارتبط اسمه بمأساة بئر معونة ، جاءه قومه يقولون :-
إن الناس قد أسلموا فأسلم ، فتآمر مع أربد بن قيس ، وقال له :- إذا قدمنا على الرجل ، فإنى سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعْلُه بالسيف ثم انطلقا مع خالد بن جعفر ، وجبار بن أسلم - وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم - ، ودخلوا جميعًا فى وفد بنى عامر ،,,

حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنفذ عامر الخبيث خطته ، وجعل يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - من أمامه ، وأربد من خلفه قد اخترط سيفه شبرًا ، إلا أنه لا يستطيع أن يسله لحبس الله ليده الغادرة ،,,
وهنا هدد عامر النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ،,,
فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
اللهم اكفنى عامر بن الطفيل

فلما رجعا أرسل الله صاعقة على أربد وجمله فأحرقته ، وأما عامر فقد أصيب بغدة فى عنقه ، وكان فى بيت امرأة سلولية ، فمات وهو يقول :- أغدة كغدة البعير ، وموتًا فى بيت السلولية .
وهكذا حرم نفسه فرصة الهداية مرة بعد مرة ، وفرصة التوبة بين يدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت نفسه غطرسة وكبرًا ، فأبى الله إلا أن يحرمه ، حتى فى ميتته بالدنيا .

وفد تجيب ,،،،

ساعات الزمان وأيامه ليست كلها عسرة ، والناس الذين تقابلهم على ألوان شتى ، ومن بين وفود العرب جاء وفد تجيب ، يسوق أمامه صدقات قومه مما فضل عن فقرائهم ، ثلاثة عشر رجلاً ، قدموا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، حتى إذا قضوا مأربهم هموا بالرحيل ولم يطيلوا اللبث ، ثم بعثوا غلامًا لهم كانوا قد خلفوه فى رحالهم ، حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يقول :-
والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لى ويرحمنى ، وأن يجعل غناى فى قلبى ،,,
فدعا له النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكان أقنع الناس ، وثبت فى الردة على الإسلام ، وذكر قومه ، ووعظهم فثبتوا عليه

1- وفد بنى تميم .
2- وفد بنى سعد .
3- وفد بنى زبيد .
4- وفد كندة . 5- وفد أزد .
6- وفد بنى الحارث .
7- وفد جذامة .
8- وفد عبد القيس .
9- وفد دوس .
10- وفد طىء .
11- وفد صداء .
12- قدوم كعب بن زهير .
13- وفد عذرة .
14- وفد بلى .
15- وفد ثقيف .
16- وفد اليمن .
17- وفد همدان .
18- وفد بنى فزارة .
19- وفد نجران .
20- وفد بنى حنيفة .
21- وفد بنى عامر بن صعصعة .
22- وفد تجيب .





رد مع اقتباس