عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2012, 09:00 PM   المشاركة رقم: 15
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة تـبـوك } **

قيصر الروم الذي بدأ المسلمين بالعداوة ، منذ مؤتة ، والمسلمون ليقلقونه فحسب ، بل يقضون عليه مضجعه ، ويثيرون خوفه أيضًا -؛؛

لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب ، فوجدوها تحت أمرهم ، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها .
ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم ، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه ، وتحرق عالي أسواره ، لقد بدأهم بالمعاداة ، وليس له الآن أن يتنكب الطريق !!
على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم ، بعد اتساع رقعتهم كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة ، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر ، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم ، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه ، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه ، وفى هذا الجو الملبد ، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب ، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة ،,,

لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ما كان يوقفه عن عزمه شىء ، فأعلن التهيؤ لغزو الروم ، وتم تجهيزالجيش ، الذى بدأ مسيره إلى تبوك ، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال ، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية ، ثم رجع إلى المدينة ، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج ، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم .

ترقب المسلمين وحذرهم ،،,،

بينا عمر بن الخطاب نائم ببيته ليلاً ، إذ سمع من يطرق بابه بشدة ،
فانتفض عمر وسأله :- أجاءت غسان ؟
فقال :- لا بل أعظم منه وأطول ، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ،,,
ورغم أن هذه الحادثة وقعت حين هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - نساءه ؛ إلا أنها توضح بجلاء حال المسلمين بالمدينة ، فقد كانت الأنباء تأتيهم تباعًا بعزم الرومان والغساسنة على غزوهم ، واستعدادهم لذلك ، مما جعلهم على حذر دائم ، وترقب لا يمل لسكنات الرومان وتحركهم .

دور المنافقين ومسجدهم ،،,،

يبدو أن طول التظاهر برسوم الإيمان وأشكال العبادة قد أضنى منافقى المدينة ، الذين انهارت أعصابهم ، بعدما رأوه من الفتح المبين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه ، فقرروا أن يشيدوا مسجدًا ، وقد كانت فكرة لئيمة يظهرون فيها بمظهر من يعمر بيوت الله ، ثم تكون لهم الفرصة فى الاختلاء ببعضهم بعيدًا عن أنظار المسلمين ، فيكون الدس والتآمر والحيل الخادعات ،،،

وعلى الفور ذهب نفر منهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يصلى فيه ، فأرجأهم إلى ما بعد الغزو لانشغاله بتجهيز الجيش ، لكن الوحى فضحهم ، فعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - ليهدمه على رؤوسهم ، بدلاً من الصلاة فيه .

وصول الأخبار ،،,،

انتهز المسلمون فرصة قدوم بعض أنباط الشام إلى المدينة ليبيعوا ما معهم من الزيت ، حتى يسألوهم عما صنع الروم ، وقد علموا منهم أن هرقل قد جمع أربعين ألف جندى رومى ، جعل إمرتهم لعظيم من عظماء الروم ، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام ، وغيرهما من نصارى العرب ، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء ، ولا شك أن هذه الأخبار قد جسدت أمام المسلمين الخطر الكبير الذى ينتظرهم .

كراهية الغزو ،،,،

لا شك أن المتجول بدروب المدينة ، لن يكون بحاجة لسماع شكوى أهلها الذين آثرالمؤمنون منهم الصمت والطاعة والاحتساب عند الله - عز وجل -
فالزمان (( فصل القيظ الشديد ، والناس فى عسرة وقلة مال )) فقد جدبت أرضهم ، وهزلت أنعامهم ، ومع ذلك فإن ثمارهم كادت أن تطيب ، حيث ينبغى المكوث بجوارها ، وإلا ضاع جهد الأيام الطوال .

ثم أين يكون القتال ؟ ومع من ؟
إنه بأرض الشام البعيدة ، ليس مع بعض الأعراب المشاغبين هنا وهناك بل مع جيش الروم ، أقوى جيوش الأرض حينئذ ، حيث تجمع منه وحده أربعون ألفًا ، سوى من آزرهم من نصارى العرب ، فهل يحسن قتال هؤلاء فى مثل تلك الظروف ؟
ذلك كان السؤال الذى امتنع عن سماعه من نفسه كل مسلم سمع أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسرع بطاعته ،،،
إلا أنه قد تهامس به حينًا وجهر به أحيانًا أولئك المخلفون الذين سيكون لهم مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الغزوة شأن !

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان ،،,،

روى فى حكايات كليلة ودمنة
أن ثلاث سمكات ، كانت تحيا فى غدير يستمد ماءه من نهر قريب ، وكانت إحداهن كيِّسة والثانية أكيس والثالثة عاجزة ، وقد سمعت السمكات صوت صياديْن يتواعدان على المجىء إلى الغدير إذا أقبل الصباح ، فأما أكيسهن ، فقد أسرعت فخرجت من الفتحة التى تصل الغدير بالنهر ، وأما الأخريان فقد مكثتا تفكران حتى أقبل الصباح ، وهم الصيادان بنصب شباكهما ، فلم تدر الكيسة ما تصنع ، وأرادت الخروج فوجدتهما قد سدا فتحة الغدير ، فتصنعت الموت ، وطفت على صفحة الماء ، حتى أخذاها وألقياها على الأرض ، بين الغدير والنهر ، فأسرعت بالقفز فى تيار النهر وأفلتت ، وأما العاجزة فإنها ظلت تروح وتجىء وتجرى وتدور حتى اصطيدت .

ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس أحد أكيس منه ، فلن يترك إذن جنود الروم تجوس فى جزيرة العرب التى بسط منذ قليل المسلمون سيطرتهم عليها ، حتى تطأ حوافر خيلهم مكة أو المدينة فيقلعون فى ساعة ما غرسه المسلمون وسقوه بدماء شهدائهم سنين مريرة ،,,
قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يهب للغزو ، وأن يبادر الرومان بالهجوم فى ديارهم - على ما فى ذلك من مشقة - بدلاً من استقبال زحف جموعهم على أعتاب المدينة ، وسرعان ما أعلن فى الصحابة التجهز للمسير ، وبعث إلى قبائل العرب يستنفرهم ، ويحثهم على الغزو معه ، وقد أعلن بوضوح ولأول مرة جهة غزوه ، وصرح بأنها بلاد الروم ، ليأخذ الجميع تمام استعدادهم ، ويتأهبوا للقاء بما هو أهل له .

تجهيز الجيش ،،,،

الناس فى المدينة منذ الإعلان عن غزو الروم ، وهم قد شمروا عن ساعد وساق ، ورغم تقاعس المنافقين ، فإن مظاهر التضحية والإيمان تهز القلوب ، تسعمائة بعير ومائة فرس لم تكن كافية فى نظر عثمان لأن يجهز بها جيش المسلمين ، فعاد وتصدق بمائتى أوقية ، ثم نثر فى حجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار ،،،،
فجعل النبى - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ويقول :-
ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم

وجاء عبدالرحمن بن عوف بمائتى أوقية فضة ، وجاء أبو بكر بماله كله ، وكان أربعة آلاف درهم ، وقد جاء - كعادته - أول الناس ، ولحقه عمر بنصف ماله ، وتتابع الناس بصدقاتهم ، قلت أو كثرت ، حتى لم يجد بعضهم إلا أن ينفق مدًا أو مدين ، ولم تغفل النساء عن المشاركة ، فأسرعن يقدمن حليهن ، وقد آثرن زينة الآخرة الباقية ، لكن للجدب والعسرة ، فضلاً عن ضخامة الجيش الإسلامى قصرت بالمسلمين النفقة ، أن تسع تجهيزهم ،,,

واستغلّ المنافقون هذه المواقف المشرّفة للسخرية من صدقات الفقراء ، والتعريض بنوايا الأغنياء ، وقد كشف القرآن عن خباياهم فقال سبحانه :-
{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر اللّه منهم ولهم عذاب أليم }
( التوبة : 79 )

وجاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يعينهم بحملهم إلى الجهاد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بأنّه لا يجد ما يحملهم عليه من الدوابّ ، فانصرفوا وقد فاضت أعينهم أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,,،
فخلّد الله ذكرهم إلى يوم القيامة ، وأنزل فيهم قوله:-

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون }
( التوبة : 91 – 92 )

وكانت رغبتهم الصادقة في الخروج سبباً لأن يكتب الله لهم الأجر كاملاً ، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ؛ حبسهم العذر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المسير إلى تبوك ،،,،

ما أعجب هذا المنظر ! ثلاثون ألف جندى يسيرون فى قيظ الصحراء ، يعتقب الثمانية عشر منهم بعيرًا واحدًا ثم هم لا يجدون لأنفسهم طعامًا إلا ورق الشجر ، ولا شرابًا إلا ما اختزنته الإبل فى بطونها ، فتراهم قد خلفوا حلو الثمار وراءهم بالمدينة ، ثم جاءوا يذبحون ركائبهم ، التى لا يجدون غيرها من أجل شربة ماء ، وربما تمنى بعضهم فى مسيره لو حيزت لهم أسباب القوة جميعًا لكنها أمنية لعل أصحابها قد أعادوا تأملها ،,,,

بعد أن مر الجيش بالحجر ، ديار ثمود ، الذين جابوا الصخر بالواد ، وقد أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع فى السير ليجاوزوا ديارهم ، كما نهاهم أن يشربوا أو يتوضئوا من مائهم وصرفهم إلى الشرب من البئر التى كانت تردها ناقة صالح - عليه السلام - ،,,
ولعل هذه الحادثة على ما بها من عبر جليلة ، قد أشعرت المسلمين أيضًا أنهم لا يسيرون فى الصحراء فحسب ، بل يتقدمون عبر التاريخ أيضًا ، فى رحلة طولها عمر الإنسان .

واشتكى الناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - العطش فدعا ربه ،
فأرسل الله إليهم سحابة أمطرت فارتووا وحملوا حاجتهم من الماء ،,,
ثم أخبرهم بأنهم قادمون غدًا على عين تبوك عند الضحى ، ونهاهم عن مس مائها حتى يأتى ، فلما جاءها ، غسل فيها وجهه ويده ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع فى مسيره الذى بدأ فى رجب سنة تسع من الهجرة - يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .

وصول الجيش ،،,،

افترش ثلاثون ألف جندى مسلم أرض تبوك ، وجلسوا منصتين يستمعون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقد خطب فيهم خطبة بليغة ، فحضهم على خيرى الدنيا والآخرة ، ورفع معنوياتهم ، وهون عليهم ما رأوه فى مكة من قلة العتاد والمؤونة ،,,

أما الرومان وحلفاؤهم الذين بادأوا المسلمين بالاستعداد والتجهز للحرب فإن أحدًا منهم لم ير يومئذ بتبوك أو يسمع له صوت ؛ ذلك أنهم حين سمعوا بخروج الجيش المسلم تحت إمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخذهم الرعب ، وعاودتهم آلام صفعة تلقوها قديمًا بمؤتة ، فآثروا السلامة والنجاة ، وتفرقوا داخل حدودهم فكان لذلك أحسن أثر لسمعة المسلمين العسكرية وهيبتهم الحربية ، فى داخل الجزيرة وأرجائها النائية ، وتم لهم الانتصار ، دون حرب أو قتال .
والحق أنه نصر عزيز ، دفعوا ثمنه سلفًا ، وهم فى طريقهم إلى تبوك ! .



مصالحة قبائل الشام على الجزية ،،,،

على نفسها جنت براقش !

وبراقش هنا هى قبائل العرب التى حالفت الروم لقتال المسلمين ، ثم فوجئت فى لحظة واحدة بأن جيش الروم قد أصبح سرابا ، لكن لم يبق لها إلا حقيقة واحدة ، وهى ثلاثون ألف جندى تحت إمرة النبى - صلى الله عليه وسلم - يعسكرون الآن بساحتهم ، فماذا بقى لها أن تصنع إذن ؟
إن غباء هذه القبائل الذى جر عليها هذه العاقبة ، لم يقصر عن إيجاد جواب لهذا السؤال الساذج ، فأسرع يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية ، وكذا لحق به أهل جرباء وأهل أذرح ، وتباطأ أكيدر دومة الجندل ، فذهب خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسًا ،,,

فأتى به إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية .
وبهذه المعاهدات يكون عملاء الروم من قبائل العرب ، قد شهدوا نهايتهم وأيقنوا من بأس القوة الجديدة التى أصبحت حدودها الآن تلاقى حدود الروم مباشرة .

الرجوع إلى المدينة ،,،،

عشرون يومًا قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك ، ثم عاد بعدها إلى المدينة ، عشرون يومًا كانت فاصلاً بين جيش يغدو إلى حربه ، يعتصره الجوع ، ويلهبه العطش ، ويشغل باله ما أعد له العدو من عتاد وعدد ، وبين جيش يعود هانئًا فرحًا قد حاز أرضًا بعد أرض ، وأصبح منصورًا دون كيد !
لكن اثنى عشر منافقًا لم يرضهم أن يروا جند الله سعداء مع نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، فانتهزوا فرصة مرور النبى - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وحده دون الجيش ، ليس معه إلا عمار يقود ناقته ، وحذيفة بن اليمان يسوقها ، فأرادوا أن يهاجموه ، وهم متلثمون ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم ، فأرعبهم الله ، وأسرعوا بالفرار حتى دخلوا بين الناس ،,,,

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أخبر حذيفة ، الذى سمى بعدها بصاحب السر - أخبره بأسمائهم جميعًا ، مرت هذه الحادثة لتؤكد أن كل نصر يحوزه المسلمون يزيد من قوتهم بقدر ما يزيد من حقد أعدائهم ، وأكمل الجيش سيره ، حتى لاحت من بعيد معالم المدينة بيت المؤمنين الكبير ، التى تكاد تسعى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه حتى تكفيهم مشقة المسير ،,,
وقال :- صلى الله عليه وسلم -
هذه طيبة ! وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه وحث الجيش خطاه
وقد خرجت النساء والصبيان والوائد يقابلن الجيش بحفاوة وإنشاد ، وكانت عودة الجيش فى شهر رمضان ، بعد خمسين يومًا من خروجه فى رجب سنة تسع من الهجرة .

المخلفون ،,،،

ما أيسر أن يدعى المنافقون إيمانًا لا يجدون ريحه ! وما أهون أن يؤذوا ركعات الله أعلم بصدقها ، لكن أن يخرجوا فى القيظ والعسرة ، ويتركوا الظل والثمرة ، ليلاقوا جيش الروم ، فيقاتلهم ويقاتلونه ، فذلك ما لا سبيل له ، وعلى خلاف الكافر الذى يعلن بوضوح رأيه ، فإن المنافق يأتيك ، وقد أعمل حيلته ، وتأبط أعذاره ,,،
قال بعضهم :- لا تنفروا فى الحر .
وزعم الجد بن قيس أنه يخشى إن رأى نساء الروم ألا يصبر عن فتنتهن.
ورأوا من لا يسعه إلا أن يتصدق بالقليل ، فسخروا منه وتغامزوا عليه ، وأيقنوا من عزم المؤمنين على القتال ،,,

فقالوا يخوفونهم :- أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا ؟ والله لكأنا بكم غدًا مقرنين فى الحبال .
لكن الجيش رغم كيدهم ذلك تجهز وغزا ، ثم من الله عليه وعاد منصورًا ، فماذا عليهم أن يفعلوا الآن ؟
لقد أسرعوا باشِّين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون له بشتى أنواع الأعذار ، ويحلفون له ويقسمون ، إنه لولا أعذارهم لجاهدوا معه ،,,
فقبل منهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم ، وبايعهم واستغفر لهم وترك سرائرهم إلى الله تعالى ،,,

لكن ثلاثة من هؤلاء المخلفين ، كان الإيمان يعمر قلوبهم فلم يغرهم قبول النبى - صلى الله عليه وسلم - لعذر المعتذرين ، واختاروا الصدق فكان لهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - شأن آخر ، وإضافة لهؤلاء وأولئك بقى هناك قوم ذوو أعذار حقيقية غير مختلقة ،,,
فمنهم من قصرت به النفقة ، ومنهم من حبسه المرض ، ومنهم الضعيف ، وهؤلاء قال فيهم النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ، إلا كانوا معكم حبسهم العذر ،
فقالوا له :- يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟!!
قال :- وهم بالمدينة .

أمر الثلاثة الذين خلفوا ،,،،

نظر كل من كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن ربيعة حوله ، فوجد المخلفين يتسارعون فى الاعتذار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم التفت كل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبايعهم ويستغفر لهم ، لكن الصدق الذى ملأ قلوبهم ، أبى على ألسنتهم الكذب أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترفوا أمامه بأنهم لا عذر لهم فى التخلف .
وهنا تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يحكم الله فى أمرهم ، ثم أمر المسلمين بمقاطعتهم وعدم الحديث إليهم ، واستمر ذلك أربعين يومًا ، ثم أمروا باعتزال نسائهم أيضًا ، حتى تم لهم خمسون يومًا ، فى هذه المقاطعة الشديدة .

إن أسوار السجون العالية وحراسها النبهاء ، لم يمنعوا عتاة المجرمين فى يوم من الأيام من المضى فى غيهم ، لم يمنعوا صغارهم ، عن تعلم هذا الغى على أياديهم السوداء ، لكن حفظ المسلمين لحدود دينهم ، جعل من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورًا يمنعهم من مخالطة المخلفين الصادقين ويمنع المخلفين من لذة الحياة ، لقد تنكرت لهم الأرض ، وضاقت عليهم بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ،,,

ثم ذهب هذا كله حين أنزل الله توبته عليهم ، فهنيئًا لهم بتوبة أنزلها الله من السماء إلى الأرض ؛ جزاء ما صبروا على مرِّ صدقهم .



** { مشاهد من معجزات غزوة تبوك } **

1 - إمطار السحاب ببركة دعائه .

خرج المسلمون للغزو في جوٍّ شديد الحرارة ، ولم يكن معهم ما يكفي من الماء ، مما أدّى إلى شعورهم بالعطش الشديد ، فانطلقوا يبحثون عن الماء من حولهم ، لكنهم لم يجدوا له أثراً ، فاضطرّ كثيرٌ منهم إلى ذبح راحلته وعصر أحشائها لاستخراج الماء الذي بداخلها ،,,
فلما رأى أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه حال المؤمنين أسرع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –
وقال :- " يا رسول الله ، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً ، فادع لنا "
فقال له :- ( أتحب ذلك ؟ )
قال :- " نعم "
فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم – يده إلى السماء ، فما كاد أن يرجعهما حتى تجمّع السحاب من كلّ مكان وأظلمت الدنيا ، ثم هطل مطرٌ غزيرٌ ، فارتوى الناس وسقوا أنعامهم ، وملأوا ما معهم من الأوعية ، ولما غادروا المكان وجدوا أن تلك السحب لم تجاوز معسكرهم ، والقصّة رواها ابن خزيمة في صحيحه .


2 - إخباره بمكان ناقته التي ضلّت .

في الطريق إلى تبوك نزل جيش المسلمين في مكان للراحة ، فافتقد النبي – صلى الله عليه وسلم – ناقته ، وأرسل من يبحث عنها ، ولمّا لم يجدوها ،,,
قال أحد المنافقين :- " أليس يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ؟ "
فأوحى الله إلى نبيّه بمقولة ذلك المنافق ، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وأخبرهم الخبر ، ثم قال :- ( إني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها )
فانطلق الصحابة إلى ذلك الموضع ، فوجدوها وأتوه بها .

3 - تكثير الماء في تبوك والإخبار عن تحوّلها إلى جنان .

في طريق الذهاب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – من معه أنهم سيصلون إلى عين ماءٍ في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها ولا يمسّوها ،,,

فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجلان واغترفا منها ، فنقص ماؤها ، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم – غضب من فعلهما ، ثم طلب من الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ,,،

فغرفوا بأيديهم قليلاً حتى تجمّع لديهم شيء يسير ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغسل به يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال :-
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جناناً )
رواه مسلم
وكانت معجزةً عظيمةً تنبّأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – بتحوّل تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين خضراء خلال فترةٍ وجيزة ، وقد تحقّق ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم – ، وصارت منطقة تبوك معروفةً بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها .

4 - تكثير الطعام .

أصاب الناس المجاعة نظراً لقلّة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن بعض الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذبح الإبل والأكل منها ، فأذن لهم ,,،

فجاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّن له أن ذلك سيتسبّب في قلّة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما لديهم من طعامٍ قليلٍ ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكفّ التمر ، وآخرُ يأتي بالكسرة ، وثالثٌ بكفّ الذرة ، حتى اجتمع شيءٌ يسير ,,،

ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يُبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا وبقيت زيادة ,,،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - برواية مسلم :-
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة )

5 - التنبّؤ بحال ملك كندة .

حينما وصل المسلمون إلى تبوك لم يجدوا فيها أثراً لجيوش الروم أو القبائل الموالية لها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل ، وأخبره بأنّه سيجد زعيمها أكيدر بن عبد الملك وهو يصيد البقر ,,،

وفي تلك الليلة وقف أكيدر وزوجته على سطح القصر ، فإذا بالبقر تقترب من القصر حتى لامست أبوابه بقرونها ، فتعجّب أكيدر مما رآه وقال لامرأته :-
" هل رأيت مثل هذا قط ؟ "
قالت :- " لا والله " ،
فنزل وهيّأ فرسه ، ثم خرج للصيد بصحبة أفرادٍ من أهل بيته ،,
فرآه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقام بملاحقته ، حتى استطاع أن يأسره ، وقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصالحه على الجزية ، وخلّى سبيله ، رواه البيهقي .

6 - إخباره بالريح الشديدة .

أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في تبوك عن هبوب ريحٍ شديدة ، وطلب من الناس أخذ الحيطة والحذر حتى لا تصيبهم بأذى ، وأمرهم بربط الدوابّ وعدم الخروج في ذلك الوقت ، ولما حلّ الليل جاءت الريح ، فقام رجلٌ من المسلمين من مكانه ، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء ، رواه مسلم .

7 - إخباره عن موت أبي ذر .

كان أبو ذرّ الغفاري رضي الله ممّن تأخّر عن الجيش في غزوة تبوك ، ثم لحق به بعد ذلك ، ولمّا رآه النبي – صلى الله عليه وسلم - مقبلاً نحو الجيش يمشي وحده قال :-
( رحم الله أبا ذر ؛ يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
ومضت سنين طويلة حتى جاءت خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فانتقل أبو ذر رضي الله عنه للعيش في منطقة " الربذة " ،,
وعندما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه أن يقوموا بتغسيله وتكفينه ووضعه في طريق المسلمين عسى أن يمرّ به من يقوم بدفنه ، فأقبل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في جماعةٍ من أهل الكوفة ، وما أن عرفه حتى بكى وتذكر النبوءة وقال :-
" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم تولّى دفنه بنفسه .

8 - دعاؤه لرواحل المسلمين وتنبؤه بركوب أصحابه للسفن .

في هذه الغزوة أُصيبت رواحل المسلمين بالإجهاد والتّعب ، فشكا الصحابة ذلك إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – ، ولما اقتربوا من مضيق وقف النبي - صلى الله عليه وسلم – على بابه وأمر المسلمين أن يمرّوا من أمامه ، وجعل ينفخ على ظهور الرواحل ويقول : -
( اللهم احمل عليها في سبيلك ، إنك تحمل على القوي والضعيف ، وعلى الرطب واليابس ، في البر والبحر )
فعاد النشاط إليها وانطلقت مسرعةً ، حتى وجد الصحابة صعوبةً في السيطرة عليها .

وفي هذه الدعوة أيضاً إخبارٌ بأمر غيبيّ ، وهو استخدام الصحابة للسفن في الغزو والجهاد ، وقد أشار فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى ذلك فقال
" فلما قدمنا الشام غزونا في البحر ، فلما رأيت السفن وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد .

تلك هي المعجزات التي شهدتها غزوة تبوك ، والتي تُعتبر خاتمةً لدلائل كثيرةٍ ، ومعجزات باهرةٍ ، وقف عليها الصحابة من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – في المعارك ، وبقيت شاهدةً على صدق نبوّته ، وعظمة رسالته .
فقد ورد ذكر غزوة تبوك في سورة التوبة ابتداء من الآية 38 إلى قريب من آخر السورة ولم يذكر اسم الغزوة في سورة التوبة ولا غيرها، ولكن هنالك آية فيها إشارة لها وهي قوله تعالى :-
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42]
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت في تبوك وكانت أبعد غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة } **

لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام ، فقد توفى النجاشى أصحمة - ملك الحبشة ، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب ،,,
وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى - صلى الله عليه وسلم - فحزن عليها حزنًا شديدًا ،,,
وقال لعثمان :- لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها .
وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين ، وقد استغفر له النبى - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه ، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر ،,,
وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته ، كما رجمت الغامدية ، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة ، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها .

** { حج أبى بكر - رضى الله عنه - } **

فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام التاسع للهجرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق أميرًا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك ، وقد كان هذا أول حج يتم بعد فتح مكة وعودتها إلى حكم الإسلام الحنيف ، وأرسل النبى علىَّ بن أبى طالب بسورة " براءة " ؛ ليعلن أحكامها فى قبائل العرب ، وقد كان هذا الحج نهاية للوثنية بأرض العرب .

بعثة على بـ " براءة " ،،،,

لا يأبه الإسلام أن يعبد واحد من الناس إلها من حجر ، أو خشب ، أو عجوة يقضمها إذا حل المساء ، لكن أن يتجمع هذا الواحد مع غيره ، ثم يكونون مجتمعا منعزلا داخل دولة المسلمين ، ويصير شوكة فى ظهرهم ، تمالئ عدوهم حينا ، وتباديهم العداء حينا آخر ، فهذا ما لا يرضاه عاقل ، ولا يقر به منصف .

سطع نور الحق بالجزيرة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وبقيت أقلية أصرت على وثنيتها ، فهل لها أن تنشأ دويلات متناثرة داخل دولة المسلمين ؟ وهل لهذه الدويلات الغريبة أن تقيم معاهدات وأحلافًا مع الدول الكبرى أو غيرها ؟؟ اللهم لا .
لذا نزلت أوائل سورة براءة بنقض مواثيق زال أساسها منذ حين ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب بها ليلحق أبا بكر - أمير الحج - فيبلغ عن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، تأجيل المواجهة مع هذه التجمعات المتناثرة أربعة أشهر ، وكذلك لأصحاب العهود المطلقة ، وأما الذين لم ينقضوا المسلمين شيئا ، ولم يظاهروا عليهم أحدا ، فأبقى عهدهم إلى مدتهم .

نهاية الوثنية بأرض العرب ،،,،

لعل ما رواه الطبرى بإسناده عن مجاهد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :-
إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك
لعل ذلك يكون سببًا يوضح لنا لم اختار النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الحج الأول تحت إمرة أبى بكرالصديق وألا يشهده النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ، وهذه الرواية إضافة إلى مناديي أبى بكر الصديق ، الذين بعثهم فى الناس معلنين -:- ألا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

يوضحان كيف كان الأمر سيصير عجبًا ، حين يأتى المسلمون إلى بيت الله يوحدون ربهم فيزاحمهم فى ذلك من أشركوا بالله أوثانًا لا تنفع ولا تضر .
إن بيت الله الذى شهد دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، والذى طهره محمد - صلى الله عليه وسلم - لتوه من أدران الجاهلية المشركة ، لا ينبغى للمشركين أن يدنسوه مرة أخرى ، وليذهب كل صاحب صنم إذن بصنمه حيث يشاء .




التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 04-08-2012, 09:00 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة تـبـوك } **

قيصر الروم الذي بدأ المسلمين بالعداوة ، منذ مؤتة ، والمسلمون ليقلقونه فحسب ، بل يقضون عليه مضجعه ، ويثيرون خوفه أيضًا -؛؛

لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب ، فوجدوها تحت أمرهم ، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها .
ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم ، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه ، وتحرق عالي أسواره ، لقد بدأهم بالمعاداة ، وليس له الآن أن يتنكب الطريق !!
على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم ، بعد اتساع رقعتهم كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة ، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر ، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم ، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه ، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه ، وفى هذا الجو الملبد ، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب ، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة ،,,

لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ما كان يوقفه عن عزمه شىء ، فأعلن التهيؤ لغزو الروم ، وتم تجهيزالجيش ، الذى بدأ مسيره إلى تبوك ، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال ، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية ، ثم رجع إلى المدينة ، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج ، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم .

ترقب المسلمين وحذرهم ،،,،

بينا عمر بن الخطاب نائم ببيته ليلاً ، إذ سمع من يطرق بابه بشدة ،
فانتفض عمر وسأله :- أجاءت غسان ؟
فقال :- لا بل أعظم منه وأطول ، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ،,,
ورغم أن هذه الحادثة وقعت حين هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - نساءه ؛ إلا أنها توضح بجلاء حال المسلمين بالمدينة ، فقد كانت الأنباء تأتيهم تباعًا بعزم الرومان والغساسنة على غزوهم ، واستعدادهم لذلك ، مما جعلهم على حذر دائم ، وترقب لا يمل لسكنات الرومان وتحركهم .

دور المنافقين ومسجدهم ،،,،

يبدو أن طول التظاهر برسوم الإيمان وأشكال العبادة قد أضنى منافقى المدينة ، الذين انهارت أعصابهم ، بعدما رأوه من الفتح المبين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه ، فقرروا أن يشيدوا مسجدًا ، وقد كانت فكرة لئيمة يظهرون فيها بمظهر من يعمر بيوت الله ، ثم تكون لهم الفرصة فى الاختلاء ببعضهم بعيدًا عن أنظار المسلمين ، فيكون الدس والتآمر والحيل الخادعات ،،،

وعلى الفور ذهب نفر منهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يصلى فيه ، فأرجأهم إلى ما بعد الغزو لانشغاله بتجهيز الجيش ، لكن الوحى فضحهم ، فعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - ليهدمه على رؤوسهم ، بدلاً من الصلاة فيه .

وصول الأخبار ،،,،

انتهز المسلمون فرصة قدوم بعض أنباط الشام إلى المدينة ليبيعوا ما معهم من الزيت ، حتى يسألوهم عما صنع الروم ، وقد علموا منهم أن هرقل قد جمع أربعين ألف جندى رومى ، جعل إمرتهم لعظيم من عظماء الروم ، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام ، وغيرهما من نصارى العرب ، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء ، ولا شك أن هذه الأخبار قد جسدت أمام المسلمين الخطر الكبير الذى ينتظرهم .

كراهية الغزو ،،,،

لا شك أن المتجول بدروب المدينة ، لن يكون بحاجة لسماع شكوى أهلها الذين آثرالمؤمنون منهم الصمت والطاعة والاحتساب عند الله - عز وجل -
فالزمان (( فصل القيظ الشديد ، والناس فى عسرة وقلة مال )) فقد جدبت أرضهم ، وهزلت أنعامهم ، ومع ذلك فإن ثمارهم كادت أن تطيب ، حيث ينبغى المكوث بجوارها ، وإلا ضاع جهد الأيام الطوال .

ثم أين يكون القتال ؟ ومع من ؟
إنه بأرض الشام البعيدة ، ليس مع بعض الأعراب المشاغبين هنا وهناك بل مع جيش الروم ، أقوى جيوش الأرض حينئذ ، حيث تجمع منه وحده أربعون ألفًا ، سوى من آزرهم من نصارى العرب ، فهل يحسن قتال هؤلاء فى مثل تلك الظروف ؟
ذلك كان السؤال الذى امتنع عن سماعه من نفسه كل مسلم سمع أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسرع بطاعته ،،،
إلا أنه قد تهامس به حينًا وجهر به أحيانًا أولئك المخلفون الذين سيكون لهم مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الغزوة شأن !

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان ،،,،

روى فى حكايات كليلة ودمنة
أن ثلاث سمكات ، كانت تحيا فى غدير يستمد ماءه من نهر قريب ، وكانت إحداهن كيِّسة والثانية أكيس والثالثة عاجزة ، وقد سمعت السمكات صوت صياديْن يتواعدان على المجىء إلى الغدير إذا أقبل الصباح ، فأما أكيسهن ، فقد أسرعت فخرجت من الفتحة التى تصل الغدير بالنهر ، وأما الأخريان فقد مكثتا تفكران حتى أقبل الصباح ، وهم الصيادان بنصب شباكهما ، فلم تدر الكيسة ما تصنع ، وأرادت الخروج فوجدتهما قد سدا فتحة الغدير ، فتصنعت الموت ، وطفت على صفحة الماء ، حتى أخذاها وألقياها على الأرض ، بين الغدير والنهر ، فأسرعت بالقفز فى تيار النهر وأفلتت ، وأما العاجزة فإنها ظلت تروح وتجىء وتجرى وتدور حتى اصطيدت .

ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس أحد أكيس منه ، فلن يترك إذن جنود الروم تجوس فى جزيرة العرب التى بسط منذ قليل المسلمون سيطرتهم عليها ، حتى تطأ حوافر خيلهم مكة أو المدينة فيقلعون فى ساعة ما غرسه المسلمون وسقوه بدماء شهدائهم سنين مريرة ،,,
قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يهب للغزو ، وأن يبادر الرومان بالهجوم فى ديارهم - على ما فى ذلك من مشقة - بدلاً من استقبال زحف جموعهم على أعتاب المدينة ، وسرعان ما أعلن فى الصحابة التجهز للمسير ، وبعث إلى قبائل العرب يستنفرهم ، ويحثهم على الغزو معه ، وقد أعلن بوضوح ولأول مرة جهة غزوه ، وصرح بأنها بلاد الروم ، ليأخذ الجميع تمام استعدادهم ، ويتأهبوا للقاء بما هو أهل له .

تجهيز الجيش ،،,،

الناس فى المدينة منذ الإعلان عن غزو الروم ، وهم قد شمروا عن ساعد وساق ، ورغم تقاعس المنافقين ، فإن مظاهر التضحية والإيمان تهز القلوب ، تسعمائة بعير ومائة فرس لم تكن كافية فى نظر عثمان لأن يجهز بها جيش المسلمين ، فعاد وتصدق بمائتى أوقية ، ثم نثر فى حجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار ،،،،
فجعل النبى - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ويقول :-
ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم

وجاء عبدالرحمن بن عوف بمائتى أوقية فضة ، وجاء أبو بكر بماله كله ، وكان أربعة آلاف درهم ، وقد جاء - كعادته - أول الناس ، ولحقه عمر بنصف ماله ، وتتابع الناس بصدقاتهم ، قلت أو كثرت ، حتى لم يجد بعضهم إلا أن ينفق مدًا أو مدين ، ولم تغفل النساء عن المشاركة ، فأسرعن يقدمن حليهن ، وقد آثرن زينة الآخرة الباقية ، لكن للجدب والعسرة ، فضلاً عن ضخامة الجيش الإسلامى قصرت بالمسلمين النفقة ، أن تسع تجهيزهم ،,,

واستغلّ المنافقون هذه المواقف المشرّفة للسخرية من صدقات الفقراء ، والتعريض بنوايا الأغنياء ، وقد كشف القرآن عن خباياهم فقال سبحانه :-
{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر اللّه منهم ولهم عذاب أليم }
( التوبة : 79 )

وجاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يعينهم بحملهم إلى الجهاد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بأنّه لا يجد ما يحملهم عليه من الدوابّ ، فانصرفوا وقد فاضت أعينهم أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,,،
فخلّد الله ذكرهم إلى يوم القيامة ، وأنزل فيهم قوله:-

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون }
( التوبة : 91 – 92 )

وكانت رغبتهم الصادقة في الخروج سبباً لأن يكتب الله لهم الأجر كاملاً ، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ؛ حبسهم العذر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المسير إلى تبوك ،،,،

ما أعجب هذا المنظر ! ثلاثون ألف جندى يسيرون فى قيظ الصحراء ، يعتقب الثمانية عشر منهم بعيرًا واحدًا ثم هم لا يجدون لأنفسهم طعامًا إلا ورق الشجر ، ولا شرابًا إلا ما اختزنته الإبل فى بطونها ، فتراهم قد خلفوا حلو الثمار وراءهم بالمدينة ، ثم جاءوا يذبحون ركائبهم ، التى لا يجدون غيرها من أجل شربة ماء ، وربما تمنى بعضهم فى مسيره لو حيزت لهم أسباب القوة جميعًا لكنها أمنية لعل أصحابها قد أعادوا تأملها ،,,,

بعد أن مر الجيش بالحجر ، ديار ثمود ، الذين جابوا الصخر بالواد ، وقد أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع فى السير ليجاوزوا ديارهم ، كما نهاهم أن يشربوا أو يتوضئوا من مائهم وصرفهم إلى الشرب من البئر التى كانت تردها ناقة صالح - عليه السلام - ،,,
ولعل هذه الحادثة على ما بها من عبر جليلة ، قد أشعرت المسلمين أيضًا أنهم لا يسيرون فى الصحراء فحسب ، بل يتقدمون عبر التاريخ أيضًا ، فى رحلة طولها عمر الإنسان .

واشتكى الناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - العطش فدعا ربه ،
فأرسل الله إليهم سحابة أمطرت فارتووا وحملوا حاجتهم من الماء ،,,
ثم أخبرهم بأنهم قادمون غدًا على عين تبوك عند الضحى ، ونهاهم عن مس مائها حتى يأتى ، فلما جاءها ، غسل فيها وجهه ويده ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع فى مسيره الذى بدأ فى رجب سنة تسع من الهجرة - يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .

وصول الجيش ،،,،

افترش ثلاثون ألف جندى مسلم أرض تبوك ، وجلسوا منصتين يستمعون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقد خطب فيهم خطبة بليغة ، فحضهم على خيرى الدنيا والآخرة ، ورفع معنوياتهم ، وهون عليهم ما رأوه فى مكة من قلة العتاد والمؤونة ،,,

أما الرومان وحلفاؤهم الذين بادأوا المسلمين بالاستعداد والتجهز للحرب فإن أحدًا منهم لم ير يومئذ بتبوك أو يسمع له صوت ؛ ذلك أنهم حين سمعوا بخروج الجيش المسلم تحت إمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخذهم الرعب ، وعاودتهم آلام صفعة تلقوها قديمًا بمؤتة ، فآثروا السلامة والنجاة ، وتفرقوا داخل حدودهم فكان لذلك أحسن أثر لسمعة المسلمين العسكرية وهيبتهم الحربية ، فى داخل الجزيرة وأرجائها النائية ، وتم لهم الانتصار ، دون حرب أو قتال .
والحق أنه نصر عزيز ، دفعوا ثمنه سلفًا ، وهم فى طريقهم إلى تبوك ! .



مصالحة قبائل الشام على الجزية ،،,،

على نفسها جنت براقش !

وبراقش هنا هى قبائل العرب التى حالفت الروم لقتال المسلمين ، ثم فوجئت فى لحظة واحدة بأن جيش الروم قد أصبح سرابا ، لكن لم يبق لها إلا حقيقة واحدة ، وهى ثلاثون ألف جندى تحت إمرة النبى - صلى الله عليه وسلم - يعسكرون الآن بساحتهم ، فماذا بقى لها أن تصنع إذن ؟
إن غباء هذه القبائل الذى جر عليها هذه العاقبة ، لم يقصر عن إيجاد جواب لهذا السؤال الساذج ، فأسرع يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية ، وكذا لحق به أهل جرباء وأهل أذرح ، وتباطأ أكيدر دومة الجندل ، فذهب خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسًا ،,,

فأتى به إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية .
وبهذه المعاهدات يكون عملاء الروم من قبائل العرب ، قد شهدوا نهايتهم وأيقنوا من بأس القوة الجديدة التى أصبحت حدودها الآن تلاقى حدود الروم مباشرة .

الرجوع إلى المدينة ،,،،

عشرون يومًا قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك ، ثم عاد بعدها إلى المدينة ، عشرون يومًا كانت فاصلاً بين جيش يغدو إلى حربه ، يعتصره الجوع ، ويلهبه العطش ، ويشغل باله ما أعد له العدو من عتاد وعدد ، وبين جيش يعود هانئًا فرحًا قد حاز أرضًا بعد أرض ، وأصبح منصورًا دون كيد !
لكن اثنى عشر منافقًا لم يرضهم أن يروا جند الله سعداء مع نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، فانتهزوا فرصة مرور النبى - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وحده دون الجيش ، ليس معه إلا عمار يقود ناقته ، وحذيفة بن اليمان يسوقها ، فأرادوا أن يهاجموه ، وهم متلثمون ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم ، فأرعبهم الله ، وأسرعوا بالفرار حتى دخلوا بين الناس ،,,,

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أخبر حذيفة ، الذى سمى بعدها بصاحب السر - أخبره بأسمائهم جميعًا ، مرت هذه الحادثة لتؤكد أن كل نصر يحوزه المسلمون يزيد من قوتهم بقدر ما يزيد من حقد أعدائهم ، وأكمل الجيش سيره ، حتى لاحت من بعيد معالم المدينة بيت المؤمنين الكبير ، التى تكاد تسعى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه حتى تكفيهم مشقة المسير ،,,
وقال :- صلى الله عليه وسلم -
هذه طيبة ! وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه وحث الجيش خطاه
وقد خرجت النساء والصبيان والوائد يقابلن الجيش بحفاوة وإنشاد ، وكانت عودة الجيش فى شهر رمضان ، بعد خمسين يومًا من خروجه فى رجب سنة تسع من الهجرة .

المخلفون ،,،،

ما أيسر أن يدعى المنافقون إيمانًا لا يجدون ريحه ! وما أهون أن يؤذوا ركعات الله أعلم بصدقها ، لكن أن يخرجوا فى القيظ والعسرة ، ويتركوا الظل والثمرة ، ليلاقوا جيش الروم ، فيقاتلهم ويقاتلونه ، فذلك ما لا سبيل له ، وعلى خلاف الكافر الذى يعلن بوضوح رأيه ، فإن المنافق يأتيك ، وقد أعمل حيلته ، وتأبط أعذاره ,,،
قال بعضهم :- لا تنفروا فى الحر .
وزعم الجد بن قيس أنه يخشى إن رأى نساء الروم ألا يصبر عن فتنتهن.
ورأوا من لا يسعه إلا أن يتصدق بالقليل ، فسخروا منه وتغامزوا عليه ، وأيقنوا من عزم المؤمنين على القتال ،,,

فقالوا يخوفونهم :- أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا ؟ والله لكأنا بكم غدًا مقرنين فى الحبال .
لكن الجيش رغم كيدهم ذلك تجهز وغزا ، ثم من الله عليه وعاد منصورًا ، فماذا عليهم أن يفعلوا الآن ؟
لقد أسرعوا باشِّين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون له بشتى أنواع الأعذار ، ويحلفون له ويقسمون ، إنه لولا أعذارهم لجاهدوا معه ،,,
فقبل منهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم ، وبايعهم واستغفر لهم وترك سرائرهم إلى الله تعالى ،,,

لكن ثلاثة من هؤلاء المخلفين ، كان الإيمان يعمر قلوبهم فلم يغرهم قبول النبى - صلى الله عليه وسلم - لعذر المعتذرين ، واختاروا الصدق فكان لهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - شأن آخر ، وإضافة لهؤلاء وأولئك بقى هناك قوم ذوو أعذار حقيقية غير مختلقة ،,,
فمنهم من قصرت به النفقة ، ومنهم من حبسه المرض ، ومنهم الضعيف ، وهؤلاء قال فيهم النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ، إلا كانوا معكم حبسهم العذر ،
فقالوا له :- يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟!!
قال :- وهم بالمدينة .

أمر الثلاثة الذين خلفوا ،,،،

نظر كل من كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن ربيعة حوله ، فوجد المخلفين يتسارعون فى الاعتذار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم التفت كل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبايعهم ويستغفر لهم ، لكن الصدق الذى ملأ قلوبهم ، أبى على ألسنتهم الكذب أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترفوا أمامه بأنهم لا عذر لهم فى التخلف .
وهنا تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يحكم الله فى أمرهم ، ثم أمر المسلمين بمقاطعتهم وعدم الحديث إليهم ، واستمر ذلك أربعين يومًا ، ثم أمروا باعتزال نسائهم أيضًا ، حتى تم لهم خمسون يومًا ، فى هذه المقاطعة الشديدة .

إن أسوار السجون العالية وحراسها النبهاء ، لم يمنعوا عتاة المجرمين فى يوم من الأيام من المضى فى غيهم ، لم يمنعوا صغارهم ، عن تعلم هذا الغى على أياديهم السوداء ، لكن حفظ المسلمين لحدود دينهم ، جعل من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورًا يمنعهم من مخالطة المخلفين الصادقين ويمنع المخلفين من لذة الحياة ، لقد تنكرت لهم الأرض ، وضاقت عليهم بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ،,,

ثم ذهب هذا كله حين أنزل الله توبته عليهم ، فهنيئًا لهم بتوبة أنزلها الله من السماء إلى الأرض ؛ جزاء ما صبروا على مرِّ صدقهم .



** { مشاهد من معجزات غزوة تبوك } **

1 - إمطار السحاب ببركة دعائه .

خرج المسلمون للغزو في جوٍّ شديد الحرارة ، ولم يكن معهم ما يكفي من الماء ، مما أدّى إلى شعورهم بالعطش الشديد ، فانطلقوا يبحثون عن الماء من حولهم ، لكنهم لم يجدوا له أثراً ، فاضطرّ كثيرٌ منهم إلى ذبح راحلته وعصر أحشائها لاستخراج الماء الذي بداخلها ،,,
فلما رأى أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه حال المؤمنين أسرع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –
وقال :- " يا رسول الله ، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً ، فادع لنا "
فقال له :- ( أتحب ذلك ؟ )
قال :- " نعم "
فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم – يده إلى السماء ، فما كاد أن يرجعهما حتى تجمّع السحاب من كلّ مكان وأظلمت الدنيا ، ثم هطل مطرٌ غزيرٌ ، فارتوى الناس وسقوا أنعامهم ، وملأوا ما معهم من الأوعية ، ولما غادروا المكان وجدوا أن تلك السحب لم تجاوز معسكرهم ، والقصّة رواها ابن خزيمة في صحيحه .


2 - إخباره بمكان ناقته التي ضلّت .

في الطريق إلى تبوك نزل جيش المسلمين في مكان للراحة ، فافتقد النبي – صلى الله عليه وسلم – ناقته ، وأرسل من يبحث عنها ، ولمّا لم يجدوها ،,,
قال أحد المنافقين :- " أليس يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ؟ "
فأوحى الله إلى نبيّه بمقولة ذلك المنافق ، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وأخبرهم الخبر ، ثم قال :- ( إني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها )
فانطلق الصحابة إلى ذلك الموضع ، فوجدوها وأتوه بها .

3 - تكثير الماء في تبوك والإخبار عن تحوّلها إلى جنان .

في طريق الذهاب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – من معه أنهم سيصلون إلى عين ماءٍ في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها ولا يمسّوها ،,,

فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجلان واغترفا منها ، فنقص ماؤها ، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم – غضب من فعلهما ، ثم طلب من الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ,,،

فغرفوا بأيديهم قليلاً حتى تجمّع لديهم شيء يسير ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغسل به يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال :-
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جناناً )
رواه مسلم
وكانت معجزةً عظيمةً تنبّأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – بتحوّل تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين خضراء خلال فترةٍ وجيزة ، وقد تحقّق ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم – ، وصارت منطقة تبوك معروفةً بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها .

4 - تكثير الطعام .

أصاب الناس المجاعة نظراً لقلّة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن بعض الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذبح الإبل والأكل منها ، فأذن لهم ,,،

فجاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّن له أن ذلك سيتسبّب في قلّة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما لديهم من طعامٍ قليلٍ ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكفّ التمر ، وآخرُ يأتي بالكسرة ، وثالثٌ بكفّ الذرة ، حتى اجتمع شيءٌ يسير ,,،

ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يُبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا وبقيت زيادة ,,،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - برواية مسلم :-
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة )

5 - التنبّؤ بحال ملك كندة .

حينما وصل المسلمون إلى تبوك لم يجدوا فيها أثراً لجيوش الروم أو القبائل الموالية لها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل ، وأخبره بأنّه سيجد زعيمها أكيدر بن عبد الملك وهو يصيد البقر ,,،

وفي تلك الليلة وقف أكيدر وزوجته على سطح القصر ، فإذا بالبقر تقترب من القصر حتى لامست أبوابه بقرونها ، فتعجّب أكيدر مما رآه وقال لامرأته :-
" هل رأيت مثل هذا قط ؟ "
قالت :- " لا والله " ،
فنزل وهيّأ فرسه ، ثم خرج للصيد بصحبة أفرادٍ من أهل بيته ،,
فرآه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقام بملاحقته ، حتى استطاع أن يأسره ، وقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصالحه على الجزية ، وخلّى سبيله ، رواه البيهقي .

6 - إخباره بالريح الشديدة .

أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في تبوك عن هبوب ريحٍ شديدة ، وطلب من الناس أخذ الحيطة والحذر حتى لا تصيبهم بأذى ، وأمرهم بربط الدوابّ وعدم الخروج في ذلك الوقت ، ولما حلّ الليل جاءت الريح ، فقام رجلٌ من المسلمين من مكانه ، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء ، رواه مسلم .

7 - إخباره عن موت أبي ذر .

كان أبو ذرّ الغفاري رضي الله ممّن تأخّر عن الجيش في غزوة تبوك ، ثم لحق به بعد ذلك ، ولمّا رآه النبي – صلى الله عليه وسلم - مقبلاً نحو الجيش يمشي وحده قال :-
( رحم الله أبا ذر ؛ يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
ومضت سنين طويلة حتى جاءت خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فانتقل أبو ذر رضي الله عنه للعيش في منطقة " الربذة " ،,
وعندما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه أن يقوموا بتغسيله وتكفينه ووضعه في طريق المسلمين عسى أن يمرّ به من يقوم بدفنه ، فأقبل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في جماعةٍ من أهل الكوفة ، وما أن عرفه حتى بكى وتذكر النبوءة وقال :-
" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم تولّى دفنه بنفسه .

8 - دعاؤه لرواحل المسلمين وتنبؤه بركوب أصحابه للسفن .

في هذه الغزوة أُصيبت رواحل المسلمين بالإجهاد والتّعب ، فشكا الصحابة ذلك إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – ، ولما اقتربوا من مضيق وقف النبي - صلى الله عليه وسلم – على بابه وأمر المسلمين أن يمرّوا من أمامه ، وجعل ينفخ على ظهور الرواحل ويقول : -
( اللهم احمل عليها في سبيلك ، إنك تحمل على القوي والضعيف ، وعلى الرطب واليابس ، في البر والبحر )
فعاد النشاط إليها وانطلقت مسرعةً ، حتى وجد الصحابة صعوبةً في السيطرة عليها .

وفي هذه الدعوة أيضاً إخبارٌ بأمر غيبيّ ، وهو استخدام الصحابة للسفن في الغزو والجهاد ، وقد أشار فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى ذلك فقال
" فلما قدمنا الشام غزونا في البحر ، فلما رأيت السفن وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد .

تلك هي المعجزات التي شهدتها غزوة تبوك ، والتي تُعتبر خاتمةً لدلائل كثيرةٍ ، ومعجزات باهرةٍ ، وقف عليها الصحابة من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – في المعارك ، وبقيت شاهدةً على صدق نبوّته ، وعظمة رسالته .
فقد ورد ذكر غزوة تبوك في سورة التوبة ابتداء من الآية 38 إلى قريب من آخر السورة ولم يذكر اسم الغزوة في سورة التوبة ولا غيرها، ولكن هنالك آية فيها إشارة لها وهي قوله تعالى :-
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42]
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت في تبوك وكانت أبعد غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة } **

لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام ، فقد توفى النجاشى أصحمة - ملك الحبشة ، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب ،,,
وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى - صلى الله عليه وسلم - فحزن عليها حزنًا شديدًا ،,,
وقال لعثمان :- لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها .
وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين ، وقد استغفر له النبى - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه ، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر ،,,
وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته ، كما رجمت الغامدية ، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة ، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها .

** { حج أبى بكر - رضى الله عنه - } **

فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام التاسع للهجرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق أميرًا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك ، وقد كان هذا أول حج يتم بعد فتح مكة وعودتها إلى حكم الإسلام الحنيف ، وأرسل النبى علىَّ بن أبى طالب بسورة " براءة " ؛ ليعلن أحكامها فى قبائل العرب ، وقد كان هذا الحج نهاية للوثنية بأرض العرب .

بعثة على بـ " براءة " ،،،,

لا يأبه الإسلام أن يعبد واحد من الناس إلها من حجر ، أو خشب ، أو عجوة يقضمها إذا حل المساء ، لكن أن يتجمع هذا الواحد مع غيره ، ثم يكونون مجتمعا منعزلا داخل دولة المسلمين ، ويصير شوكة فى ظهرهم ، تمالئ عدوهم حينا ، وتباديهم العداء حينا آخر ، فهذا ما لا يرضاه عاقل ، ولا يقر به منصف .

سطع نور الحق بالجزيرة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وبقيت أقلية أصرت على وثنيتها ، فهل لها أن تنشأ دويلات متناثرة داخل دولة المسلمين ؟ وهل لهذه الدويلات الغريبة أن تقيم معاهدات وأحلافًا مع الدول الكبرى أو غيرها ؟؟ اللهم لا .
لذا نزلت أوائل سورة براءة بنقض مواثيق زال أساسها منذ حين ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب بها ليلحق أبا بكر - أمير الحج - فيبلغ عن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، تأجيل المواجهة مع هذه التجمعات المتناثرة أربعة أشهر ، وكذلك لأصحاب العهود المطلقة ، وأما الذين لم ينقضوا المسلمين شيئا ، ولم يظاهروا عليهم أحدا ، فأبقى عهدهم إلى مدتهم .

نهاية الوثنية بأرض العرب ،،,،

لعل ما رواه الطبرى بإسناده عن مجاهد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :-
إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك
لعل ذلك يكون سببًا يوضح لنا لم اختار النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الحج الأول تحت إمرة أبى بكرالصديق وألا يشهده النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ، وهذه الرواية إضافة إلى مناديي أبى بكر الصديق ، الذين بعثهم فى الناس معلنين -:- ألا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

يوضحان كيف كان الأمر سيصير عجبًا ، حين يأتى المسلمون إلى بيت الله يوحدون ربهم فيزاحمهم فى ذلك من أشركوا بالله أوثانًا لا تنفع ولا تضر .
إن بيت الله الذى شهد دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، والذى طهره محمد - صلى الله عليه وسلم - لتوه من أدران الجاهلية المشركة ، لا ينبغى للمشركين أن يدنسوه مرة أخرى ، وليذهب كل صاحب صنم إذن بصنمه حيث يشاء .






رد مع اقتباس