عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2012, 08:46 PM   المشاركة رقم: 9
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غزوة الـخــنــدق ~ الأ حــــزاب ~ } **

" الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم "

هكذا كانت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- بعد ذهاب الأحزاب وجلائهم عن المدينة، وهكذا كانت بشارته .
بدأت الغزوة بمكيدة يهودية دنيئة ، تجمع المشركون من قريش والعرب على إثرها ، وتوجهوا لمهاجمة المدينة ، وعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنيتهم ، فاجتمع بمجلس شوراه ليحسم أمره ، وهناك كانت المشورة بحفر الخندق ، وتحمل المسلمون مواجهة المشاق لإتمام حفره ، والتغلب على تثبيط المنافقين ،,,

ووصلت جموع المشركين الزاحفة لاستئصال المسلمين ، ففوجئت بما لم تحسب ، فحاصرت المدينة إلى حين ، ولم تستطع أن تداهمها ، وإن لم يمنع ذلك من حدوث بعض قتال عبر الخندق ، وفى هذه الظروف الخانقة فوجئ المسلمون بخيانة يهود بنى قريظة لهم، ومحالفتهم لعدوهم ، فأصبح جيش المسلمين فى حرج كبير لانكشاف ظهره ، وهنا ساق الله تعالى لهم فرجًا ومخرجًا بحيلة لنعيم بن مسعود فخرجوا من أزمتهم ، وبقى الجيش المشرك متربصًا ، حتى أجلاه الله - عز وجل - بريح شديدة سخرها عليهم فكانت نهاية المعركة .

مكيدة اليهود ،،,،

بينا مشركو مكة فى أنديتهم وأسواقهم ، إذ فوجئوا بعشرين يهوديًا من بنى النضير ، ممن أجلاهم المسلمون عن المدينة لخيانتهم - فوجئوا بهم يدخلون عليهم ، ويدعونهم إلى غزو المدينة ، واعدين إياهم بالمناصرة ، وما إن أجابتهم قريش - التى اهتزت سمعتها لما فعلته ببدر الصغرى - إلى طلبهم ذلك ، حتى خرج الوفد إلى غطفان ، ثم إلى سائر قبائل العرب ، يعوى بينهم بنداء الحرب والمنازلة ، وما زالوا هكذا حتى تجمع المشركون أحزابًا ليقاتلوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، ليس قتالاً كقتال بدر وأحد إنما قتال تفنى فيه نفوس المسلمين جميعًا ، وتبيد مدينتهم العنيدة ، وينتهى أمرهم إلى الأبد من صحراء العرب ، هذا ما كادوه للمؤمنين ، والله من ورائهم محيط .

تجمع المشركين ،،،،

فعلت مكيدة اليهود أثرها ، فما مضى من الزمن غير يسير حتى خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ، وقائدهم أبو سفيان فى أربعة آلاف مقاتل ، وساروا حتى مر الظهران حيث وافاهم بنو سليم ، ومن الشرق خرجت قبائل غطفان (( بنو فزارة يقودهم عيينة بن حصن وبنو مرة يقودهم الحارث بن عوف وبنو أشجع يقودهم مسعر بن رخيلة وبنو أسد وغيرها )) وتحركت هذه الجموع حتى التقت عند المدينة فى موعد اتفقت عليه ، وبلغ تعدادها عشرة آلاف مقاتل ، وهو عدد يزيد على جميع أهل المدينة شبابًا وشيوخًا ونساءً وأطفالاً .

المجلس الاستشارى للنبى ،،،،

اجتمع قادة الصحابة ، وأهل الشورى والرأى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبحثون كيف يواجهون جيشًا عرمرمًا ، قوامه عشرة آلاف جندى ، يكاد دوى أقدامهم يصل إلى مسامع أهل المدينة ،،،

وهنا قام سلمان الفارسى قائلاً:- يا رسول الله ، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا .
وقد كانت فكرة حكيمة لم تكن العرب تعرفها من قبل ، ورأى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وسيلة رائعة لحماية أنفسهم وذراريهم ، فشرعوا يتسابقون إلى حفر الخندق .

حفر الخندق ،،،،

وضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطة محكمة لحفر الخندق :-
يحفر الخندق فى شمال المدينة ، حيث لا يمكن لجيش المشركين الكبير أن يهاجمها إلا من هذه الناحية ، لتحصنها بالحرات والجبال وبساتين النخيل من باقى الجهات ، ويقوم كل عشرة رجال بحفر أربعين ذراعًا ، ويبدأ العمل فورًا !

هكذا كانت الأوامر ، وأسرع المسلمون بجد ونشاط يقومون بما كلفوا به ، المهاجرون والأنصار تتشابك أيديهم ، إسراعًا فى العمل ودفاعًا عن المدينة ، ونبى الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكتفى بالإشراف على العمل الدؤوب ، بل يشاركهم حمل التراب ، حتى وارى الغبار جلدة بطنه .
ورغم المشاق العسيرة التى واجهوها ، إلا أنها لم تكن لتقعدهم عن العمل ، أو تمنعهم عن تبادل الإنشاد ، ومع العمل المضنى المستمر تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة ، وقبل أن يصل الجيش المشرك إلى أسوار المدينة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مواجهة المشاق بالمعجزات ،،،،

بينا المسلمون يعملون بكد فى حفر الخندق ، وحمل ترابه إذ أُتى لهم بطعامهم :- ملء كفى شعير ، قد صنع بدهن تغير لونه وطعمه من شدة قدمه ، وأكل المسلمون طعامهم ، ثم غدوا إلى رسول الله يشكون إليه الجوع ، وكشف كل عن بطنه ، فإذا بحجر معصوب ، فرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فوجدوا حجرين .

وقد حدثت للنبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين آيات عجيبة من عند ربهم - عز وجل - تثبيتًا لهم ، وإعانة منه سبحانه وتعالى على ما يواجهون .

بعثت امرأة جابر بن عبدالله صاعًا من شعير ، وذبحت بهيمة لها ، فأكل منها النبى -صلى الله عليه وسلم - وألف مسلم من أهل الخندق ، حتى شبعوا ، وبقى اللحم والعجين كما هما .
وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر ، فمرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلب منها الثمر ونثره فوق ثوب ثم دعا أهل الخندق ، فجعلوا يأكلون منه ، والتمر يزيد حتى إنه يسقط من أطراف الثوب .

وعرضت للمسلمين صخرة شديدة أعجزت الناس أن يكسروها ، فجاء رسول الله ، فأخذ المعول ثم قال :- بسم الله ، ثم ضرب ضربة وقال:- الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأنظر قصورها الحمر الساعة ،،،
ثم ضرب الثانية فقطع آخر فقال :- الله أكبر ، أعطيت فارس ، والله إنى لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن ،،،
ثم ضرب الثالثة ، فقال :- بسم الله ، فقطع بقية الحجر ، فقال:- الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى ،،،،
والحق ما قال محمد -صلى الله عليه وسلم- فإن أولئك الذين حوصروا بالمدينة دون خندقهم ما مرت إلا سنون قلائل حتى بسطت لهم الأرض ، ودانت على اتساعها ، رغم أنف المشركين وحلفائهم من منافقى المدينة ، الذين كانوا يشيعون اليأس بين أهلها .

المنافقون يوم الأحزاب ،،،،

أصبح منافقو المدينة فى مأزق لايحسدون عليه ! فهم يواجهون عدوًا لاحاجة لهم فى قتاله ، ويكافحون مع قوم قد ملأ قلوبهم بغضهم وعداوتهم له ، تكالبت هذه المشاعر على قلوب المنافقين ، وجثمت على صدورهم فخنقتهم ، فلم يستطيعوا البوح بمشاعرهم ، ولا يطيقون العمل والمخاطرة من أجل دين لا يعتقدونه ، ولا تسمح لهم المدينة بالقعود فى منازلهم ، والاختباء بين فرشها ، فماذا يفعلون ؟!

سمع أحدهم النبى يبشر المسلمين بالفتح ، فغص حلقه ، وانطلق لسانه الأسير رغمًا عنه يقول:- يعدنا محمد أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا لايأمن من أن يذهب إلى حاجته . ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا .

ورأى بعضهم من بنى الحارث جموع غطفان ، فدارت أعينهم من الخوف ، وقالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- إن بيوتنا عورة وليس دار من دور الأنصار مثل دارنا ، ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا ، فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا ، فنمنع ذرارينا ونساءنا .
وبقى الآخرون معوقًا للمسلمين ومثبطًا لهم ، بوجوههم المصفرة ، وفرائصهم المرتعدة ، وقلوبهم الواجفة ، وقد فضح الله - عز وجل - هؤلاء المنافقين فى محكم آياته ، وبين ما عليه حال المؤمنين من الثقة بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -

بقوله تعالى
(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً )) .

حصار المدينة ،،،،

أربعة آلاف مشرك قرشى يزحفون إلى المدينة وينزلون بمجتمع الأسيال ، وستة آلاف من أعراب غطفان ، ومن تبعهم من أهل نجد ينزلون بذنب تقمى إلى جانب أحد ، عشرة آلاف متكبر مشرك ترى ماذا يريدون ؟ وعلام اجتمعوا وقد عاشوا زمانهم فرقاء متشاكسين ؟

لقد جاءوا يريدون هدم دين سماوى حنيف ، واجتمعوا لاستئصال نبى كريم وصحابته ، وأهليهم العزل من شيوخ ونساء وأطفال ، هذا ما أراده وما اجتمع له المجرمون من قريش والعرب ، فماذا وجدوا ؟ خندقًا عريضًا ، لازال رطبًا من عرق المسلمين وكدهم ، يحوط المدينة من الشمال ، والنبى - صلى الله عليه وسلم - وثلاثة آلاف من جنوده يقفون دونه ، وقد حصنوا ظهورهم بجبل سلع ، وشعارهم فى هذا اليوم :- هم لا ينصرون ، فبقى المشركون يحاصرون المسلمين وينظرون إليهم ولا يدرون ما يعملون ، وهكذا تساوى الفريقان ، غير أن كلاً شغل جانبًا من جانبى الخندق ، ورأى المشركون نبل المسلمين وشاهدوا بريق سهامهم ، فلم يجترئوا على الاقتراب منهم ، أو محاولة إهالة التراب لسد خندقهم ، ولم يبق لهم إلا بضع محاولات يائسة للقتال عبر الخندق .

القتال عبر الخندق ،،،،

كنمر ثائر عزلوه فى محبسه أصبح وضع المشركين الذين جال بعض فرسانهم حول الخندق حيارى يودون اقتحامه ، وتيمم هؤلاء مكانًا ضيقًا من الخندق فعبروه ، وسعت خيلهم بين الخندق وجبل سلع ، وكان فيهم عمرو بن عبد ود ، وعكرمة بن أبى جهل وضرار بن الخطاب ، وغيرهم ، وقد خرج إليهم على بن أبى طالب فى نفر من المسلمين ، فقتل على عمرًا الذي لايهزم ابداً ، وأطلق عكرمة وأصحابه لسوقهم الريح فرارًا إلى معسكرهم ، وتعددت هذه المحاولات اليائسة ، ودامت أيامًا ، لكن المسلمين كافحوها ببسالة ويقظة ، حتى لقد فاتت عنهم بعض الصلوات ، فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لذلك .
وقد قتل فى هذه المناوشات عشرة من المشركين وستة من المسلمين ، ورمى سعد بن معاذ بسهم فى أكحله ، وهو الذى كان سبب موته بعد غزوة بنى قريظة .

خيانة بنى قريظة ،،،،

إن الحرب التى أشعل نارها يهود بنى النضير لم يرد بنو قريظة أن تنتهى حتى يشاركوا فى تأجيج سعيرها !
طرق حيى بن أخطب كبير بنى النضير باب كعب بن أسيد كبير بنى قريظة يبشره بما صنع ، شرة آلاف مشرك يوشك جمعهم أن يداهم المدينة ، وطالبه بخيانة النبى ومن معه ، وماطل كعب فى إجابته ، لكن حييًا ألح عليه ووعده إن عادت قريش وغطفان أن يدخل معه حصنه ، ليصيبه ما أصابه ، فأسرع كعب بالقبول ، وبدأ الثعبان القرظى يطل برأسه من جحره ، بل ويسعى فى طرقات المدينة ، فقد طاف يهودى بحصن تجمعت فيه نساء المسلمين وصبيانهم ، وأوشك أن يدل على عورة المسلمين ، لكن صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله نزلت ، وقد أمسكت بعمود فى يدها ، فضربته به حتى خر صريعًا ، ثم عادت لحصنها ، وظن الأغبياء أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد استبقى بعض جيشه بالحصن ليدفع عنه الأعداء ، فلم يعيدوا الكرة ،،،

لكن خبر خيانة اليهود وصل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأصابه الهم ، ولما وقع بجيش المسلمين من حرج ، دفع إليه غدر اليهود الذى لاينقطع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

جيش المسلمين فى حرج ،،،،

عاد سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، وعبدالله بن رواحة ، وخوات بن جبير من ديار بنى قريظة ، وكلمات الغادرين تتردد فى آذانهم :- من رسول الله ؟
لاعهد بيننا وبين محمد ، ولا عقد ، وأقبل الوفد الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - للاستطلاع إليه ، وصنعوا كما أمرهم :- ألحنوا لى لحنًا أعرفه ، ولاتفتوا فى أعضاد الناس ، فقالوا:- عضل وقارة إشارة إلى غدرهم كغدر عضل وقارة ، لكن النفوس المتلهفة لتشوف الحقيقة أدركت الخبر ، وانتشر فى معسكر المسلمين نبأ خيانة اليهود ، وانكشاف ظهر المسلمين ، واحتمال تعرض نسائهم وصبيانهم للخطر ، فزاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر ، وارتفعت رؤوس المنافقين ، تبث خبيث كلامها :-
كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط ، يا محمد ، إن بيوتنا عورة من العدو ، فأذن لنا أن نخرج ، فنرجع إلى دارنا .

وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم فاضطجع وقد تغطى بثوبه ، ثم نهض يقول :-
الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين ، بفتح الله ونصره
وأعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكره ، فرأى أن ستة آلاف مشرك من غطفان، ما خرجوا دفاعًا عن آلهة قريش ، إنما رغبة فى أموالها ، فاستشار السعدين فى أن يصالح رئيسى غطفان :- عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف على ثلث ثمار المدينة ، حتى ينصرفا بقومهما ، وتبقى قريش وحدها فيواجهها النبى -صلى الله عليه وسلم- بجيش قد ألف حربها ، لكن السعدين لم يرضيا بهذا الحل ، إلا أن يكون أمرًا لله قد وجبت طاعته ، أما إن كان شيئًا يصنعه النبى - صلى الله عليه وسلم - لهم ، فلا حاجة لهم فيه ،،،
فأجابهم النبى بقوله :- إنما هو شىء أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة . ثم إن الله - عز وجل - قد هيأ لهم فرصة ، سرعان ما أدركها النبى - صلى الله عليه وسلم - فانتهزها وكانت سبيلاً لتفتيت جموع العدو .

حيلة نعيم بن مسعود ،،،،

إن الله يرزق بسبب وبغير سبب ، رزق المسلمين فرجًا لكربهم بضد السبب !
فمن بين جموع غطفان المشركة ، التى تحاصر المدينة للإجهاز عليها خرج نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعى قادما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلن بين يديه أنه أسلم ، والقائد الخبير يدرك الفرصة الثمينة فى تقلبات الأيام ، فلا يدعها تمر حتى يقضى منها مأربه أسر النبى -صلى الله عليه وسلم - إلى نعيم بن مسعود قائلاً :-
إنما أنت رجل واحد ، فخذل عنا ما استطعت
فإن الحرب خدعة .

فانطلق نعيم من فوره إلى أصدقائه القدامى من بنى قريظة وأظهر لهم النصح قائلاً عن قريش:-
إنهم إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدًا ، فانتقم منكم ،
فقالوا له :- فما العمل يا نعيم؟
قال:- لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ،،
قالوا:- لقد أشرت بالرأى .
وانصرف نعيم من عندهم إلى قريش ثم حذرهم من بنى قريظة قائلاً :-
إن يهودا قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يوالونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم !
ثم ذهب إلى غطفان فقال لهم مثل ذلك ، وأرسلت قريش وغطفان إلى بنى قريظة أن هلموا بنا نحارب محمدًا ، فاشترط اليهود عليهم الرهائن ،،،
وهنا قالت قريش وغطفان:- صدقكم والله نعيم .
ثم دبت الفرقة بينهم ، وسرعان ما أتى الله بريح من عنده ذهبت بهم وكانت نهاية المعركة .

نهاية المعركة ،،،،

حفر المسلمون الخندق ، وتجهزوا للقاء العدو ، ولم تغفل أعينهم عن محاولى العبور لحظة واحدة ، وتحملوا فى سبيل ذلك الجوع والتعب ، وجاءتهم طعنة بنى قريظة من ظهورهم ، فاحتالوا لدرئها ، ثم لم تكف دعواتهم عن أن تتردد بين السماء والأرض: -
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا . تؤيدها دعوات نبيهم الكريم -صلى الله عليه وسلم-:-
اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم .

فماذا بقى إذن سوى أن يعجل الله - عز وجل - نصرهم ؟
لقد أرسل الله على قريش ومن حالفها جندًا من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدرًا إلا كفأتها ، وأرسل جندًا من الملائكة يزلزلونهم ، ويلقون فى قلوبهم الرعب والخوف ، فأطلقوا لسوقهم الريح ، وعادوا من حيث أتوا ، لم ينالوا خيرًا، وكفى الله المؤمنين القتال ،,
وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي لا ينسى عباده المؤمنين .

وأصبح رسول الله يبشر القوم بقوله :-
الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم .

وهكذا ، لم تكن غزوة الأحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب فعلية ، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب ، ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا الابتلاء . ونزل قول الله تعالى :-

((
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً ))



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 04-08-2012, 08:46 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غزوة الـخــنــدق ~ الأ حــــزاب ~ } **

" الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم "

هكذا كانت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- بعد ذهاب الأحزاب وجلائهم عن المدينة، وهكذا كانت بشارته .
بدأت الغزوة بمكيدة يهودية دنيئة ، تجمع المشركون من قريش والعرب على إثرها ، وتوجهوا لمهاجمة المدينة ، وعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنيتهم ، فاجتمع بمجلس شوراه ليحسم أمره ، وهناك كانت المشورة بحفر الخندق ، وتحمل المسلمون مواجهة المشاق لإتمام حفره ، والتغلب على تثبيط المنافقين ،,,

ووصلت جموع المشركين الزاحفة لاستئصال المسلمين ، ففوجئت بما لم تحسب ، فحاصرت المدينة إلى حين ، ولم تستطع أن تداهمها ، وإن لم يمنع ذلك من حدوث بعض قتال عبر الخندق ، وفى هذه الظروف الخانقة فوجئ المسلمون بخيانة يهود بنى قريظة لهم، ومحالفتهم لعدوهم ، فأصبح جيش المسلمين فى حرج كبير لانكشاف ظهره ، وهنا ساق الله تعالى لهم فرجًا ومخرجًا بحيلة لنعيم بن مسعود فخرجوا من أزمتهم ، وبقى الجيش المشرك متربصًا ، حتى أجلاه الله - عز وجل - بريح شديدة سخرها عليهم فكانت نهاية المعركة .

مكيدة اليهود ،،,،

بينا مشركو مكة فى أنديتهم وأسواقهم ، إذ فوجئوا بعشرين يهوديًا من بنى النضير ، ممن أجلاهم المسلمون عن المدينة لخيانتهم - فوجئوا بهم يدخلون عليهم ، ويدعونهم إلى غزو المدينة ، واعدين إياهم بالمناصرة ، وما إن أجابتهم قريش - التى اهتزت سمعتها لما فعلته ببدر الصغرى - إلى طلبهم ذلك ، حتى خرج الوفد إلى غطفان ، ثم إلى سائر قبائل العرب ، يعوى بينهم بنداء الحرب والمنازلة ، وما زالوا هكذا حتى تجمع المشركون أحزابًا ليقاتلوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، ليس قتالاً كقتال بدر وأحد إنما قتال تفنى فيه نفوس المسلمين جميعًا ، وتبيد مدينتهم العنيدة ، وينتهى أمرهم إلى الأبد من صحراء العرب ، هذا ما كادوه للمؤمنين ، والله من ورائهم محيط .

تجمع المشركين ،،،،

فعلت مكيدة اليهود أثرها ، فما مضى من الزمن غير يسير حتى خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ، وقائدهم أبو سفيان فى أربعة آلاف مقاتل ، وساروا حتى مر الظهران حيث وافاهم بنو سليم ، ومن الشرق خرجت قبائل غطفان (( بنو فزارة يقودهم عيينة بن حصن وبنو مرة يقودهم الحارث بن عوف وبنو أشجع يقودهم مسعر بن رخيلة وبنو أسد وغيرها )) وتحركت هذه الجموع حتى التقت عند المدينة فى موعد اتفقت عليه ، وبلغ تعدادها عشرة آلاف مقاتل ، وهو عدد يزيد على جميع أهل المدينة شبابًا وشيوخًا ونساءً وأطفالاً .

المجلس الاستشارى للنبى ،،،،

اجتمع قادة الصحابة ، وأهل الشورى والرأى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبحثون كيف يواجهون جيشًا عرمرمًا ، قوامه عشرة آلاف جندى ، يكاد دوى أقدامهم يصل إلى مسامع أهل المدينة ،،،

وهنا قام سلمان الفارسى قائلاً:- يا رسول الله ، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا .
وقد كانت فكرة حكيمة لم تكن العرب تعرفها من قبل ، ورأى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وسيلة رائعة لحماية أنفسهم وذراريهم ، فشرعوا يتسابقون إلى حفر الخندق .

حفر الخندق ،،،،

وضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطة محكمة لحفر الخندق :-
يحفر الخندق فى شمال المدينة ، حيث لا يمكن لجيش المشركين الكبير أن يهاجمها إلا من هذه الناحية ، لتحصنها بالحرات والجبال وبساتين النخيل من باقى الجهات ، ويقوم كل عشرة رجال بحفر أربعين ذراعًا ، ويبدأ العمل فورًا !

هكذا كانت الأوامر ، وأسرع المسلمون بجد ونشاط يقومون بما كلفوا به ، المهاجرون والأنصار تتشابك أيديهم ، إسراعًا فى العمل ودفاعًا عن المدينة ، ونبى الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكتفى بالإشراف على العمل الدؤوب ، بل يشاركهم حمل التراب ، حتى وارى الغبار جلدة بطنه .
ورغم المشاق العسيرة التى واجهوها ، إلا أنها لم تكن لتقعدهم عن العمل ، أو تمنعهم عن تبادل الإنشاد ، ومع العمل المضنى المستمر تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة ، وقبل أن يصل الجيش المشرك إلى أسوار المدينة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مواجهة المشاق بالمعجزات ،،،،

بينا المسلمون يعملون بكد فى حفر الخندق ، وحمل ترابه إذ أُتى لهم بطعامهم :- ملء كفى شعير ، قد صنع بدهن تغير لونه وطعمه من شدة قدمه ، وأكل المسلمون طعامهم ، ثم غدوا إلى رسول الله يشكون إليه الجوع ، وكشف كل عن بطنه ، فإذا بحجر معصوب ، فرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فوجدوا حجرين .

وقد حدثت للنبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين آيات عجيبة من عند ربهم - عز وجل - تثبيتًا لهم ، وإعانة منه سبحانه وتعالى على ما يواجهون .

بعثت امرأة جابر بن عبدالله صاعًا من شعير ، وذبحت بهيمة لها ، فأكل منها النبى -صلى الله عليه وسلم - وألف مسلم من أهل الخندق ، حتى شبعوا ، وبقى اللحم والعجين كما هما .
وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر ، فمرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلب منها الثمر ونثره فوق ثوب ثم دعا أهل الخندق ، فجعلوا يأكلون منه ، والتمر يزيد حتى إنه يسقط من أطراف الثوب .

وعرضت للمسلمين صخرة شديدة أعجزت الناس أن يكسروها ، فجاء رسول الله ، فأخذ المعول ثم قال :- بسم الله ، ثم ضرب ضربة وقال:- الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأنظر قصورها الحمر الساعة ،،،
ثم ضرب الثانية فقطع آخر فقال :- الله أكبر ، أعطيت فارس ، والله إنى لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن ،،،
ثم ضرب الثالثة ، فقال :- بسم الله ، فقطع بقية الحجر ، فقال:- الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى ،،،،
والحق ما قال محمد -صلى الله عليه وسلم- فإن أولئك الذين حوصروا بالمدينة دون خندقهم ما مرت إلا سنون قلائل حتى بسطت لهم الأرض ، ودانت على اتساعها ، رغم أنف المشركين وحلفائهم من منافقى المدينة ، الذين كانوا يشيعون اليأس بين أهلها .

المنافقون يوم الأحزاب ،،،،

أصبح منافقو المدينة فى مأزق لايحسدون عليه ! فهم يواجهون عدوًا لاحاجة لهم فى قتاله ، ويكافحون مع قوم قد ملأ قلوبهم بغضهم وعداوتهم له ، تكالبت هذه المشاعر على قلوب المنافقين ، وجثمت على صدورهم فخنقتهم ، فلم يستطيعوا البوح بمشاعرهم ، ولا يطيقون العمل والمخاطرة من أجل دين لا يعتقدونه ، ولا تسمح لهم المدينة بالقعود فى منازلهم ، والاختباء بين فرشها ، فماذا يفعلون ؟!

سمع أحدهم النبى يبشر المسلمين بالفتح ، فغص حلقه ، وانطلق لسانه الأسير رغمًا عنه يقول:- يعدنا محمد أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا لايأمن من أن يذهب إلى حاجته . ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا .

ورأى بعضهم من بنى الحارث جموع غطفان ، فدارت أعينهم من الخوف ، وقالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- إن بيوتنا عورة وليس دار من دور الأنصار مثل دارنا ، ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا ، فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا ، فنمنع ذرارينا ونساءنا .
وبقى الآخرون معوقًا للمسلمين ومثبطًا لهم ، بوجوههم المصفرة ، وفرائصهم المرتعدة ، وقلوبهم الواجفة ، وقد فضح الله - عز وجل - هؤلاء المنافقين فى محكم آياته ، وبين ما عليه حال المؤمنين من الثقة بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -

بقوله تعالى
(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً )) .

حصار المدينة ،،،،

أربعة آلاف مشرك قرشى يزحفون إلى المدينة وينزلون بمجتمع الأسيال ، وستة آلاف من أعراب غطفان ، ومن تبعهم من أهل نجد ينزلون بذنب تقمى إلى جانب أحد ، عشرة آلاف متكبر مشرك ترى ماذا يريدون ؟ وعلام اجتمعوا وقد عاشوا زمانهم فرقاء متشاكسين ؟

لقد جاءوا يريدون هدم دين سماوى حنيف ، واجتمعوا لاستئصال نبى كريم وصحابته ، وأهليهم العزل من شيوخ ونساء وأطفال ، هذا ما أراده وما اجتمع له المجرمون من قريش والعرب ، فماذا وجدوا ؟ خندقًا عريضًا ، لازال رطبًا من عرق المسلمين وكدهم ، يحوط المدينة من الشمال ، والنبى - صلى الله عليه وسلم - وثلاثة آلاف من جنوده يقفون دونه ، وقد حصنوا ظهورهم بجبل سلع ، وشعارهم فى هذا اليوم :- هم لا ينصرون ، فبقى المشركون يحاصرون المسلمين وينظرون إليهم ولا يدرون ما يعملون ، وهكذا تساوى الفريقان ، غير أن كلاً شغل جانبًا من جانبى الخندق ، ورأى المشركون نبل المسلمين وشاهدوا بريق سهامهم ، فلم يجترئوا على الاقتراب منهم ، أو محاولة إهالة التراب لسد خندقهم ، ولم يبق لهم إلا بضع محاولات يائسة للقتال عبر الخندق .

القتال عبر الخندق ،،،،

كنمر ثائر عزلوه فى محبسه أصبح وضع المشركين الذين جال بعض فرسانهم حول الخندق حيارى يودون اقتحامه ، وتيمم هؤلاء مكانًا ضيقًا من الخندق فعبروه ، وسعت خيلهم بين الخندق وجبل سلع ، وكان فيهم عمرو بن عبد ود ، وعكرمة بن أبى جهل وضرار بن الخطاب ، وغيرهم ، وقد خرج إليهم على بن أبى طالب فى نفر من المسلمين ، فقتل على عمرًا الذي لايهزم ابداً ، وأطلق عكرمة وأصحابه لسوقهم الريح فرارًا إلى معسكرهم ، وتعددت هذه المحاولات اليائسة ، ودامت أيامًا ، لكن المسلمين كافحوها ببسالة ويقظة ، حتى لقد فاتت عنهم بعض الصلوات ، فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لذلك .
وقد قتل فى هذه المناوشات عشرة من المشركين وستة من المسلمين ، ورمى سعد بن معاذ بسهم فى أكحله ، وهو الذى كان سبب موته بعد غزوة بنى قريظة .

خيانة بنى قريظة ،،،،

إن الحرب التى أشعل نارها يهود بنى النضير لم يرد بنو قريظة أن تنتهى حتى يشاركوا فى تأجيج سعيرها !
طرق حيى بن أخطب كبير بنى النضير باب كعب بن أسيد كبير بنى قريظة يبشره بما صنع ، شرة آلاف مشرك يوشك جمعهم أن يداهم المدينة ، وطالبه بخيانة النبى ومن معه ، وماطل كعب فى إجابته ، لكن حييًا ألح عليه ووعده إن عادت قريش وغطفان أن يدخل معه حصنه ، ليصيبه ما أصابه ، فأسرع كعب بالقبول ، وبدأ الثعبان القرظى يطل برأسه من جحره ، بل ويسعى فى طرقات المدينة ، فقد طاف يهودى بحصن تجمعت فيه نساء المسلمين وصبيانهم ، وأوشك أن يدل على عورة المسلمين ، لكن صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله نزلت ، وقد أمسكت بعمود فى يدها ، فضربته به حتى خر صريعًا ، ثم عادت لحصنها ، وظن الأغبياء أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد استبقى بعض جيشه بالحصن ليدفع عنه الأعداء ، فلم يعيدوا الكرة ،،،

لكن خبر خيانة اليهود وصل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأصابه الهم ، ولما وقع بجيش المسلمين من حرج ، دفع إليه غدر اليهود الذى لاينقطع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

جيش المسلمين فى حرج ،،،،

عاد سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، وعبدالله بن رواحة ، وخوات بن جبير من ديار بنى قريظة ، وكلمات الغادرين تتردد فى آذانهم :- من رسول الله ؟
لاعهد بيننا وبين محمد ، ولا عقد ، وأقبل الوفد الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - للاستطلاع إليه ، وصنعوا كما أمرهم :- ألحنوا لى لحنًا أعرفه ، ولاتفتوا فى أعضاد الناس ، فقالوا:- عضل وقارة إشارة إلى غدرهم كغدر عضل وقارة ، لكن النفوس المتلهفة لتشوف الحقيقة أدركت الخبر ، وانتشر فى معسكر المسلمين نبأ خيانة اليهود ، وانكشاف ظهر المسلمين ، واحتمال تعرض نسائهم وصبيانهم للخطر ، فزاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر ، وارتفعت رؤوس المنافقين ، تبث خبيث كلامها :-
كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط ، يا محمد ، إن بيوتنا عورة من العدو ، فأذن لنا أن نخرج ، فنرجع إلى دارنا .

وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم فاضطجع وقد تغطى بثوبه ، ثم نهض يقول :-
الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين ، بفتح الله ونصره
وأعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكره ، فرأى أن ستة آلاف مشرك من غطفان، ما خرجوا دفاعًا عن آلهة قريش ، إنما رغبة فى أموالها ، فاستشار السعدين فى أن يصالح رئيسى غطفان :- عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف على ثلث ثمار المدينة ، حتى ينصرفا بقومهما ، وتبقى قريش وحدها فيواجهها النبى -صلى الله عليه وسلم- بجيش قد ألف حربها ، لكن السعدين لم يرضيا بهذا الحل ، إلا أن يكون أمرًا لله قد وجبت طاعته ، أما إن كان شيئًا يصنعه النبى - صلى الله عليه وسلم - لهم ، فلا حاجة لهم فيه ،،،
فأجابهم النبى بقوله :- إنما هو شىء أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة . ثم إن الله - عز وجل - قد هيأ لهم فرصة ، سرعان ما أدركها النبى - صلى الله عليه وسلم - فانتهزها وكانت سبيلاً لتفتيت جموع العدو .

حيلة نعيم بن مسعود ،،،،

إن الله يرزق بسبب وبغير سبب ، رزق المسلمين فرجًا لكربهم بضد السبب !
فمن بين جموع غطفان المشركة ، التى تحاصر المدينة للإجهاز عليها خرج نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعى قادما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلن بين يديه أنه أسلم ، والقائد الخبير يدرك الفرصة الثمينة فى تقلبات الأيام ، فلا يدعها تمر حتى يقضى منها مأربه أسر النبى -صلى الله عليه وسلم - إلى نعيم بن مسعود قائلاً :-
إنما أنت رجل واحد ، فخذل عنا ما استطعت
فإن الحرب خدعة .

فانطلق نعيم من فوره إلى أصدقائه القدامى من بنى قريظة وأظهر لهم النصح قائلاً عن قريش:-
إنهم إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدًا ، فانتقم منكم ،
فقالوا له :- فما العمل يا نعيم؟
قال:- لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ،،
قالوا:- لقد أشرت بالرأى .
وانصرف نعيم من عندهم إلى قريش ثم حذرهم من بنى قريظة قائلاً :-
إن يهودا قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يوالونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم !
ثم ذهب إلى غطفان فقال لهم مثل ذلك ، وأرسلت قريش وغطفان إلى بنى قريظة أن هلموا بنا نحارب محمدًا ، فاشترط اليهود عليهم الرهائن ،،،
وهنا قالت قريش وغطفان:- صدقكم والله نعيم .
ثم دبت الفرقة بينهم ، وسرعان ما أتى الله بريح من عنده ذهبت بهم وكانت نهاية المعركة .

نهاية المعركة ،،،،

حفر المسلمون الخندق ، وتجهزوا للقاء العدو ، ولم تغفل أعينهم عن محاولى العبور لحظة واحدة ، وتحملوا فى سبيل ذلك الجوع والتعب ، وجاءتهم طعنة بنى قريظة من ظهورهم ، فاحتالوا لدرئها ، ثم لم تكف دعواتهم عن أن تتردد بين السماء والأرض: -
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا . تؤيدها دعوات نبيهم الكريم -صلى الله عليه وسلم-:-
اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم .

فماذا بقى إذن سوى أن يعجل الله - عز وجل - نصرهم ؟
لقد أرسل الله على قريش ومن حالفها جندًا من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدرًا إلا كفأتها ، وأرسل جندًا من الملائكة يزلزلونهم ، ويلقون فى قلوبهم الرعب والخوف ، فأطلقوا لسوقهم الريح ، وعادوا من حيث أتوا ، لم ينالوا خيرًا، وكفى الله المؤمنين القتال ،,
وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي لا ينسى عباده المؤمنين .

وأصبح رسول الله يبشر القوم بقوله :-
الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم .

وهكذا ، لم تكن غزوة الأحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب فعلية ، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب ، ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا الابتلاء . ونزل قول الله تعالى :-

((
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً ))




رد مع اقتباس