عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2012, 08:51 PM   المشاركة رقم: 12
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

** { غـزوة مـؤتـــــة } **

مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى ، حاملاً كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيمها ، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى ، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك !
فأسر الرسول المسالم وأوثقه ، ثم ضرب عنقه بالسيف ! !
ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ذلك عليهم ، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل ، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم ، وسرعان ما تم تجهيز الجيش ، الذى حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوصيه قبل خروجه ، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه .
على الجانب الآخر ، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك ، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين ، وهنا عقد المسلمون مجلسًا استشاريًا لينظروا جيش المسلمين ، ثم استقر رأيهم على التحرك نحو العدو وقتاله وقد كان قتالاً ضاريًا ،،،،
واجه فيه ثلاثة آلاف مسلم جيشًا قوامه مائتى ألف جندى
واستشهد فى هذا اللقاء قادة الجيش الثلاثة ، فانتقلت الراية إلى خالد ، الذى قاد المعركة بحنكة هائلة حتى نهايتها ، ثم عاد الجيش إلى المدينة .

نعم عاد دون أن ينال ثأره ، لكن حرب المسلمين للروم وإصرارهم عليها رغم فارق العدد الهائل ، ثم خسارتهم البسيطة حيث لم يقتل منهم سوى اثنى عشر رجلاً ، كل ذلك رجّ أركان الجزيرة ، وأعلن للعرب وأفهمهم من يكون المسلمون ؟ !
حتى إن القبائل اللدودة التى طال عداؤها للمسلمين ، جنحت أخيرًا إلى الإسلام ، فأسلمت بنو سليم وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها ،،،
كما صارت هذه الحرب تأكيدًا عمليًا على أن الجزيرة ليست هى حدود دين أنزل للعالمين .

تجهيز الجيش ،،،،

جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر تجمع حربى للمسلمين ، لم يجتمع قبل ذلك إلا فى غزوة الأحزاب ، وقد أمّر على هذا الجيش زيد بن حارثة ،،،
وقال: إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل فعبدالله بن رواحة ، ثم عقد لهم لواءً أبيض ، وأعطاه زيدًا وقد كان خروج الجيش فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة .

وصية النبى - صلى الله عليه وسلم -

نعم إن قتال جيش شرحبيل صار حقًا للمسلمين منذ طاح سيفه ، بعنق الرسول المسالم الحارث بن عمير ، لكن دخول شرحبيل ومن معه فى دين الله ، أحب إلى المسلمين ، وخير لهم ، لذا فقد
أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - جيشه بأن يبدأ القوم بدعوتهم إلى الإسلام ،،، فإن أجابوا فلا حق للمسلمين فى قتالهم ، وإن عاندوا وأبوا ، فليستعينوا بالله عليهم ، ويقاتلونهم ،،،
ثم قال :- اغزوا بسم الله ، فى سبيل الله ، من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولاتغيروا ، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ، ولا كبيرًا فانيًا ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرةً ، ولا تهدموا بناء .
فيا لها من كلمات سامية ، لو سمعتها اليوم آذان الجيوش المتصارعة !


توديع الجيش وتحركه ،،،،

حرب الروم ليست بالأمر اليسير ، وخروج ثلاثة آلاف مقاتل فى سرية واحدة ليس مما اعتاده المسلمون ؛ ولذا فقد تجمع الناس لتوديع الجيش وأمرائه ، ومشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيعًا ، حتى بلغ ثنية الوداع ، وقد تحرك الجيش فى اتجاه الشمال ، حتى نزل معان ، وهناك جاءه الخبر ، بمدى ما جهزت به الروم جيشها الكبير .

تجهيز جيش الروم ،،،،

وصلت أخبار جيش الروم إلى المسلمين ، نزل هرقل بمآب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم ، وكأن هذا العدد لم يكن كافيًا ، فانضم إليه من لخم وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، وبلى مائة ألف آخرون !
وفوجئ المسلمون بهذا الجمع المهول ، فعقدوا مجلسًا استشاريًّا لينظروا ما هم فاعلون .

المجلس الاستشارى ،،،،

ليلتان طويلتان مضتا على جيش المسلمين كأنهما الدهر بأسره ، وهم يفكرون ويتشاورون ماذا عليهم أن يصنعوا ؟
إن هجوم ثلاثة آلاف مسلم ، على جيش تضم جنباته مائتى ألف جندى مغامرة - ولاشك - خطيرة ، نعم إن عتاد المسلمين النفسى وهم طلاب شهادة ليس فى جيش العدو مثله ، لكنْ للدنيا أسباب ، أوجب الله الأخذ بها ، وبدا للمسلمين أخيرًا أن يكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، يستشيرونه فيما جدّ من أمرهم فإما أن يمدهم بالرجال ، وإما أن يأمرهم بأمر يمضون له ،،،،
وفى هذه اللحظة التى ظن فيها المسلمون ، أن سفينة حيرتهم قد استقرت لشاطئ انطلق صوت عبدالله بن رواحة ، يعارض هذا الرأى بقوة ويشجع المسلمين بحماسة ، ويذكرهم بأنهم لا ينتصرون بقوة أو عدد ، وأنهم لا يسعون إلا لشهادة فى سبيل ربهم فبادر القوم بقبول قوله ، وعزموا على التحرك والقتال .

المواجهة والقتال ،،،،

تحرك الجيش المسلم حتى دنا من العدو ، ثم انحاز إلى مؤتة فأقام معسكره بها ، وتعبأ للقتال ، فجعل على الميمنة قطبة بن قتادة العذرى ، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصارى ، وما لبث الجيشان غير يسير حتى بدأ القتال ،،،
قتال ثلاثة آلاف مسلم ، يقاتلون كما الليوث وسط أمواج مائتى ألف جندى من أعدائهم .
ولم يكن هرقل يتصور للحظة أن هؤلاء العرب القادمين من جوف الصحراء ، سوف يذيقون جيشه كل هذا الجهد وهذا العناء ، نعم هم لم يهزموهم وأنى لهم ذلك ، وهم القلة المتناهية ؟ لكن صمودهم وضراوتهم واستبسالهم ، قد أذهل الجميع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

استشهاد القادة الثلاث ،،،،

ألف الناس فى حروبهم أن يموت ألف جندى قبل أن يموت ضابط ، وأن يموت ألف ضابط قبل أن يموت قائد ، لكن ثلاثة آلاف جندى مسلم ، واجهوا عدوهم فاستشهد منهم اثنا عشر رجلا منهم زيد وجعفر وابن رواحة قواد الجيش الثلاثة .

حمل زيد بن حارثة الراية وقاتل قتالاً مريرًا حتى اخترمته رماح القوم ، فخر صريعًا ،،،
وتسلَّم الراية جعفر بن أبى طالب ، فما زال يقاتل حتى أرهقه القتال ، فنزل عن فرسه ، وقاتل مترجلاً حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، وقاتل حتى قطعت هى الأخرى ، فاحتضن راية الجيش بعضديه ورفعها حتى قتل وعشرات الجراح فى صدره تشهد بشجاعته واستبساله
فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .
ثم التقف الراية عبدالله بن رواحة ، فتردد هنيهة ، ثم نزل عن فرسه فأعطاه ابن عم له عرقًا من لحم ، فانتهس منه نهسة ، ثم ألقاه من يده ، وحمل سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
وبمقتل ابن رواحة أصبح الجيش الإسلامى فى حرج كبير إذ صار جيشًا بلا قائد وسط طوفان الرومان .

الراية إلى خالد ،،،،

أسرع ثابت بن أرقم إلى راية المسلمين التى سقطت بمقتل آخر قادتهم فحملها ، ثم صرخ فى الجيش :-
يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ،،،،
فقال الناس :- أنت .
لكنه قال :- ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على رجل ، عرف بينهم بالخبرة الحربية والحنكة العسكرية ، وهو البطل المسلم خالد بن الوليد ، وحمل خالد الراية ، وقاتل قتالاً شديدًا ، حتى كسرت بيده تسعة سيوف من شدة ضربه بالروم لكن يبقى الأهم من قتاله فى ذلك اليوم ، وهو حيلته الماهرة التى أنهى بها المعركة ، دون أن يهلك الجيش الإسلامى بأسره .

نهاية المعركة ،،،،

يوم بأسره مر على المسلمين وهم يقاتلون جيش الروم يصدون أمواجه المتلاطمة ، ويقاومون تياراته العنيفة ، لكن السؤال الذى كان يؤرق خالدًا طيلة الليل :-
كيف سيفلت بجيشه الصغير سالمًا من هذا المأزق الأليم ؟
إنه قطعًا لن يستطيع قتاله يومًا بعد يوم ، أما الفرار أمام الرومان ، فإنه يوقعه فى خطر المطاردة ، وسط صحراء مكشوفة ، يرى فيها الرجل مسير غريمه عبر أميال بعيدة ، حيث تصرخ جبالها مرددة صدى دبيب قدميه !
لكن خالدًا سرعان ما توصل إلى فكرة ، فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش حيث بادر فى الصباح بتنفيذها ، إذ بدل مواقع الجند ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فظن الروم أن مددًا من المدينة قد جاءهم ، ثم أخذ يتأخر بمكر قليلاً قليلاً إلى الوراء ، مع الاحتفاظ بنظام جيشه حتى يوهم عدوه بأنه يحاول أن يجره إلى بطن الصحراء حيث أعد مكيدته .
وهكذا انصرفت الروم إلى بلادها ، ولم يفكر جيشها أن يلاحق المسلمين أو يطاردهم .
وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .

العودة إلى المدينة ،،،،

لم يقصر جيش المسلمين فيما أوكل إليه من واجب ، بل الحق أنه تمادى كثيرا فى أدائه ، حتى كاد أن يحيله مغامرة متهورة ، وعلَّم ثلاثة آلاف مسلم مائتى ألف مقاتل رومى كيف تكون الحرب وكيف يكون النزال !
وعاد دون خسارة تذكر فأثارت أصوات أقدام جنده قلوب الأعراب المعاندين ، وأسرعت بنو سليم ، وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها إلى المدينة ، جانحة إلى الإسلام .
لكن مسلمى المدينة غاظهم ألا يتبع جيش خالد الروم فى عقر دارهم ؛ ليلقنهم درسا أشد عليهم من درسه الأول !!
فخرجوا يصيحون بالجيش :- يا فرار ، فررتم عن سبيل الله !
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى خرج مع الناس لاستقبال الجيش ، فقد التقط عبد الله بن جعفر من جموع الصبيان المسرعين للقاء أهليهم ،،،،
وحمله قائلا للناس : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله .
فأعاد لخالد وجيشه أقدارهما ، وأتاح الفرصة واسعة فسيحة لكل متحمس ومشتاق لغزو الروم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إضغط على الصورة

** { سـريـة ذات الـسـلاسـل } **

فقدت الأعراب حلف قريش فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - عند صلح الحديبية ، وعجزت عن قتاله وحدها بعد هذا الصلح ، لكنها وجدت فى جمع الرومان فرصة مواتية لتبث جام غضبها وحقدها ، فأسرعت تؤازرهم فى حرب المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى ذلك فإن جمعًا من قضاعة أوهمتهم عقولهم السقيمة أن المسلمين قد أنهكتهم مؤتة ، فأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة ، ،،،
فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص لأن أم أبيه كانت امرأة من بلى ، وعقد النبى - صلى الله عليه وسلم - له لواءً أبيض وجعل معه راية سوداء .

وخرج عمرو فى ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسًا ، وقد أمره النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يستعين بمن مر به من بلى وعذرة وبلقين ، وسار عمرو الليل وكمن النهار ، حتى إذا دنا من القوم علم أن لهم جمعًا كبيرًا وما كان درس مؤتة عن المسلمين ببعيد ، فأسرع عمرو بإرسال رافع بن مكيث الجهنى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح فى مائتين من كبار المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، فلما وصل المدد إليه أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ،،،،
فقال له عمرو :- إنما قدمت علىّ مددًا ، وأنا الأمير .
فأطاعه أبو عبيدة ، وسارالجيش حتى وطئ بلاد قضاعة ، فما زالوا ينسحبون أمامه حتى لقى جمعهم فى أقصى بلادهم ، فحمل عليهم بجيشه ، فهربوا فى البلاد وتفرقوا ، وآب المسلمون إلى المدينة سالمين منصورين ، وكان خروجهم فى جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة .

سرية أبى قتادة ،،،،

فى خمسة عشر رجلاً ، ولخمس عشرة ليلة كان خروج أبى قتادة إلى بنى غطفان ، الذين احتشدوا فى خضرة بنجد ، وقد عاد أبو قتادة برجاله إلى المدينة ، بعد أن قتل من بنى غطفان وسبا وغنم .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-08-2012, 08:51 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

** { غـزوة مـؤتـــــة } **

مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى ، حاملاً كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيمها ، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى ، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك !
فأسر الرسول المسالم وأوثقه ، ثم ضرب عنقه بالسيف ! !
ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ذلك عليهم ، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل ، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم ، وسرعان ما تم تجهيز الجيش ، الذى حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوصيه قبل خروجه ، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه .
على الجانب الآخر ، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك ، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين ، وهنا عقد المسلمون مجلسًا استشاريًا لينظروا جيش المسلمين ، ثم استقر رأيهم على التحرك نحو العدو وقتاله وقد كان قتالاً ضاريًا ،،،،
واجه فيه ثلاثة آلاف مسلم جيشًا قوامه مائتى ألف جندى
واستشهد فى هذا اللقاء قادة الجيش الثلاثة ، فانتقلت الراية إلى خالد ، الذى قاد المعركة بحنكة هائلة حتى نهايتها ، ثم عاد الجيش إلى المدينة .

نعم عاد دون أن ينال ثأره ، لكن حرب المسلمين للروم وإصرارهم عليها رغم فارق العدد الهائل ، ثم خسارتهم البسيطة حيث لم يقتل منهم سوى اثنى عشر رجلاً ، كل ذلك رجّ أركان الجزيرة ، وأعلن للعرب وأفهمهم من يكون المسلمون ؟ !
حتى إن القبائل اللدودة التى طال عداؤها للمسلمين ، جنحت أخيرًا إلى الإسلام ، فأسلمت بنو سليم وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها ،،،
كما صارت هذه الحرب تأكيدًا عمليًا على أن الجزيرة ليست هى حدود دين أنزل للعالمين .

تجهيز الجيش ،،،،

جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر تجمع حربى للمسلمين ، لم يجتمع قبل ذلك إلا فى غزوة الأحزاب ، وقد أمّر على هذا الجيش زيد بن حارثة ،،،
وقال: إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل فعبدالله بن رواحة ، ثم عقد لهم لواءً أبيض ، وأعطاه زيدًا وقد كان خروج الجيش فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة .

وصية النبى - صلى الله عليه وسلم -

نعم إن قتال جيش شرحبيل صار حقًا للمسلمين منذ طاح سيفه ، بعنق الرسول المسالم الحارث بن عمير ، لكن دخول شرحبيل ومن معه فى دين الله ، أحب إلى المسلمين ، وخير لهم ، لذا فقد
أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - جيشه بأن يبدأ القوم بدعوتهم إلى الإسلام ،،، فإن أجابوا فلا حق للمسلمين فى قتالهم ، وإن عاندوا وأبوا ، فليستعينوا بالله عليهم ، ويقاتلونهم ،،،
ثم قال :- اغزوا بسم الله ، فى سبيل الله ، من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولاتغيروا ، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ، ولا كبيرًا فانيًا ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرةً ، ولا تهدموا بناء .
فيا لها من كلمات سامية ، لو سمعتها اليوم آذان الجيوش المتصارعة !


توديع الجيش وتحركه ،،،،

حرب الروم ليست بالأمر اليسير ، وخروج ثلاثة آلاف مقاتل فى سرية واحدة ليس مما اعتاده المسلمون ؛ ولذا فقد تجمع الناس لتوديع الجيش وأمرائه ، ومشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيعًا ، حتى بلغ ثنية الوداع ، وقد تحرك الجيش فى اتجاه الشمال ، حتى نزل معان ، وهناك جاءه الخبر ، بمدى ما جهزت به الروم جيشها الكبير .

تجهيز جيش الروم ،،،،

وصلت أخبار جيش الروم إلى المسلمين ، نزل هرقل بمآب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم ، وكأن هذا العدد لم يكن كافيًا ، فانضم إليه من لخم وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، وبلى مائة ألف آخرون !
وفوجئ المسلمون بهذا الجمع المهول ، فعقدوا مجلسًا استشاريًّا لينظروا ما هم فاعلون .

المجلس الاستشارى ،،،،

ليلتان طويلتان مضتا على جيش المسلمين كأنهما الدهر بأسره ، وهم يفكرون ويتشاورون ماذا عليهم أن يصنعوا ؟
إن هجوم ثلاثة آلاف مسلم ، على جيش تضم جنباته مائتى ألف جندى مغامرة - ولاشك - خطيرة ، نعم إن عتاد المسلمين النفسى وهم طلاب شهادة ليس فى جيش العدو مثله ، لكنْ للدنيا أسباب ، أوجب الله الأخذ بها ، وبدا للمسلمين أخيرًا أن يكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، يستشيرونه فيما جدّ من أمرهم فإما أن يمدهم بالرجال ، وإما أن يأمرهم بأمر يمضون له ،،،،
وفى هذه اللحظة التى ظن فيها المسلمون ، أن سفينة حيرتهم قد استقرت لشاطئ انطلق صوت عبدالله بن رواحة ، يعارض هذا الرأى بقوة ويشجع المسلمين بحماسة ، ويذكرهم بأنهم لا ينتصرون بقوة أو عدد ، وأنهم لا يسعون إلا لشهادة فى سبيل ربهم فبادر القوم بقبول قوله ، وعزموا على التحرك والقتال .

المواجهة والقتال ،،،،

تحرك الجيش المسلم حتى دنا من العدو ، ثم انحاز إلى مؤتة فأقام معسكره بها ، وتعبأ للقتال ، فجعل على الميمنة قطبة بن قتادة العذرى ، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصارى ، وما لبث الجيشان غير يسير حتى بدأ القتال ،،،
قتال ثلاثة آلاف مسلم ، يقاتلون كما الليوث وسط أمواج مائتى ألف جندى من أعدائهم .
ولم يكن هرقل يتصور للحظة أن هؤلاء العرب القادمين من جوف الصحراء ، سوف يذيقون جيشه كل هذا الجهد وهذا العناء ، نعم هم لم يهزموهم وأنى لهم ذلك ، وهم القلة المتناهية ؟ لكن صمودهم وضراوتهم واستبسالهم ، قد أذهل الجميع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

استشهاد القادة الثلاث ،،،،

ألف الناس فى حروبهم أن يموت ألف جندى قبل أن يموت ضابط ، وأن يموت ألف ضابط قبل أن يموت قائد ، لكن ثلاثة آلاف جندى مسلم ، واجهوا عدوهم فاستشهد منهم اثنا عشر رجلا منهم زيد وجعفر وابن رواحة قواد الجيش الثلاثة .

حمل زيد بن حارثة الراية وقاتل قتالاً مريرًا حتى اخترمته رماح القوم ، فخر صريعًا ،،،
وتسلَّم الراية جعفر بن أبى طالب ، فما زال يقاتل حتى أرهقه القتال ، فنزل عن فرسه ، وقاتل مترجلاً حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، وقاتل حتى قطعت هى الأخرى ، فاحتضن راية الجيش بعضديه ورفعها حتى قتل وعشرات الجراح فى صدره تشهد بشجاعته واستبساله
فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .
ثم التقف الراية عبدالله بن رواحة ، فتردد هنيهة ، ثم نزل عن فرسه فأعطاه ابن عم له عرقًا من لحم ، فانتهس منه نهسة ، ثم ألقاه من يده ، وحمل سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
وبمقتل ابن رواحة أصبح الجيش الإسلامى فى حرج كبير إذ صار جيشًا بلا قائد وسط طوفان الرومان .

الراية إلى خالد ،،،،

أسرع ثابت بن أرقم إلى راية المسلمين التى سقطت بمقتل آخر قادتهم فحملها ، ثم صرخ فى الجيش :-
يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ،،،،
فقال الناس :- أنت .
لكنه قال :- ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على رجل ، عرف بينهم بالخبرة الحربية والحنكة العسكرية ، وهو البطل المسلم خالد بن الوليد ، وحمل خالد الراية ، وقاتل قتالاً شديدًا ، حتى كسرت بيده تسعة سيوف من شدة ضربه بالروم لكن يبقى الأهم من قتاله فى ذلك اليوم ، وهو حيلته الماهرة التى أنهى بها المعركة ، دون أن يهلك الجيش الإسلامى بأسره .

نهاية المعركة ،،،،

يوم بأسره مر على المسلمين وهم يقاتلون جيش الروم يصدون أمواجه المتلاطمة ، ويقاومون تياراته العنيفة ، لكن السؤال الذى كان يؤرق خالدًا طيلة الليل :-
كيف سيفلت بجيشه الصغير سالمًا من هذا المأزق الأليم ؟
إنه قطعًا لن يستطيع قتاله يومًا بعد يوم ، أما الفرار أمام الرومان ، فإنه يوقعه فى خطر المطاردة ، وسط صحراء مكشوفة ، يرى فيها الرجل مسير غريمه عبر أميال بعيدة ، حيث تصرخ جبالها مرددة صدى دبيب قدميه !
لكن خالدًا سرعان ما توصل إلى فكرة ، فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش حيث بادر فى الصباح بتنفيذها ، إذ بدل مواقع الجند ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فظن الروم أن مددًا من المدينة قد جاءهم ، ثم أخذ يتأخر بمكر قليلاً قليلاً إلى الوراء ، مع الاحتفاظ بنظام جيشه حتى يوهم عدوه بأنه يحاول أن يجره إلى بطن الصحراء حيث أعد مكيدته .
وهكذا انصرفت الروم إلى بلادها ، ولم يفكر جيشها أن يلاحق المسلمين أو يطاردهم .
وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .

العودة إلى المدينة ،،،،

لم يقصر جيش المسلمين فيما أوكل إليه من واجب ، بل الحق أنه تمادى كثيرا فى أدائه ، حتى كاد أن يحيله مغامرة متهورة ، وعلَّم ثلاثة آلاف مسلم مائتى ألف مقاتل رومى كيف تكون الحرب وكيف يكون النزال !
وعاد دون خسارة تذكر فأثارت أصوات أقدام جنده قلوب الأعراب المعاندين ، وأسرعت بنو سليم ، وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها إلى المدينة ، جانحة إلى الإسلام .
لكن مسلمى المدينة غاظهم ألا يتبع جيش خالد الروم فى عقر دارهم ؛ ليلقنهم درسا أشد عليهم من درسه الأول !!
فخرجوا يصيحون بالجيش :- يا فرار ، فررتم عن سبيل الله !
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى خرج مع الناس لاستقبال الجيش ، فقد التقط عبد الله بن جعفر من جموع الصبيان المسرعين للقاء أهليهم ،،،،
وحمله قائلا للناس : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله .
فأعاد لخالد وجيشه أقدارهما ، وأتاح الفرصة واسعة فسيحة لكل متحمس ومشتاق لغزو الروم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إضغط على الصورة

** { سـريـة ذات الـسـلاسـل } **

فقدت الأعراب حلف قريش فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - عند صلح الحديبية ، وعجزت عن قتاله وحدها بعد هذا الصلح ، لكنها وجدت فى جمع الرومان فرصة مواتية لتبث جام غضبها وحقدها ، فأسرعت تؤازرهم فى حرب المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى ذلك فإن جمعًا من قضاعة أوهمتهم عقولهم السقيمة أن المسلمين قد أنهكتهم مؤتة ، فأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة ، ،،،
فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص لأن أم أبيه كانت امرأة من بلى ، وعقد النبى - صلى الله عليه وسلم - له لواءً أبيض وجعل معه راية سوداء .

وخرج عمرو فى ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسًا ، وقد أمره النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يستعين بمن مر به من بلى وعذرة وبلقين ، وسار عمرو الليل وكمن النهار ، حتى إذا دنا من القوم علم أن لهم جمعًا كبيرًا وما كان درس مؤتة عن المسلمين ببعيد ، فأسرع عمرو بإرسال رافع بن مكيث الجهنى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح فى مائتين من كبار المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، فلما وصل المدد إليه أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ،،،،
فقال له عمرو :- إنما قدمت علىّ مددًا ، وأنا الأمير .
فأطاعه أبو عبيدة ، وسارالجيش حتى وطئ بلاد قضاعة ، فما زالوا ينسحبون أمامه حتى لقى جمعهم فى أقصى بلادهم ، فحمل عليهم بجيشه ، فهربوا فى البلاد وتفرقوا ، وآب المسلمون إلى المدينة سالمين منصورين ، وكان خروجهم فى جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة .

سرية أبى قتادة ،،،،

فى خمسة عشر رجلاً ، ولخمس عشرة ليلة كان خروج أبى قتادة إلى بنى غطفان ، الذين احتشدوا فى خضرة بنجد ، وقد عاد أبو قتادة برجاله إلى المدينة ، بعد أن قتل من بنى غطفان وسبا وغنم .





رد مع اقتباس