عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-2012, 08:49 PM   المشاركة رقم: 10
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { صـلـح الـحـديـبـيـة } **

إن وقعة الحديبية - التى تمثل فاصلاً لمرحلة جديدة فى السيرة النبوية - قد بدأت برؤيا للنبى -صلى الله عليه وسلم - ، أنه يعتمر مع أصحابه ، وما إن أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحابته بذلك ، حتى شرع المسلمون فى التحرك إلى مكة ، ولم تقبل قريش بادئ الأمر فكرة أن للمسلمين كغيرهم الحق فى زيارة البيت ، فتجهزت للصد عن المسجد ، ومحاربة النبى ومن معه ، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج معتمـرًا لا محاربًا ، قام بتبديل الطريق وتجنب اللقاء ، ورأت قريش أن تلجأ للمفاوضات ؛ لصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،

فتتالت وساطات بديل بن ورقاء ، ومكرز بن حفص ، والحليس بن علقمة ، ثم وساطة عروة بن مسعود ، لكن دون جدوى ، وهنا عنّ لفتية قريش أن يقوموا بمحاولة طائشة لإنهاء هذا الأمر بالقوة ، غير أن المسلمين أعادوهم بخفى حنين ، ثم بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان سفيرًا إلى قريش ، فاحتبسته قريش ، وأشيع أنه قتل ، فما كان من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا أن بايع من معه على القتال حتى الموت ، فى بيعة سميت ببيعة الرضوان ، وأسرعت قريش بفض هذه الأزمة ، وبإرسال سهيل بن عمرو وسيطًا جديدًا بينها وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتمت المعاهدة ،،،

وقبل أن تتم كتابتها ، طالب سهيل برد أبى جندل إليه ، حسب بنودها ، فرده - صلى الله عليه وسلم - ؛ لكنه التزامًا بكلمات المعاهدة ، أبى أن يرد المهاجرات ، وقد حزن المسلمون ، وخاصة عمر ؛ لشعورهم بفوات العمرة ، وانعدام العدل فى بنود المعاهدة ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالنحر والحلق ، حتى يعودوا ، ولقد دارت الأيام لتثبت للجميع مقدار المصلحة فى هذه المعاهدة ، وجرى حكم الله - عز وجل - بانتهاء أزمة المستضعفين الذين لم يكن باستطاعتهم الذهاب إلى المدينة حسب الاتفاق الممهور ، وقد تليت هذه المعاهدة بإسلام أبطال من قريش ، كإشارة ربانية لبداية فجر جديد .

رؤيا النبى - صلى الله عليه وسلم - ،,،،

رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى منامه ، وهو بالمدينة ، أنه دخل مع أصحابه المسجد الحرام ، وأخذ مفتاح الكعبة ، وطافوا واعتمروا ، وحلق بعضهم ، وقصر بعض ، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك ففرحوا ، وظنوا أنهم داخلون مكة هذا العام ، وقد أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عن اعتماره ، فتجهز المسلمون للسفر ، وشرعوا فى التحرك إلى مكة .

التحرك إلى مكة ،،،،،

غسل - صلى الله عليه وسلم - ثيابه ، وركب ناقته القصواء ، واستخلف على المدينة عبدالله بن أم مكتوم ، واصطحب معه زوجه أم سلمة ، وخرج من المدينة فى غرة ذى القعدة سنة ست من الهجرة ، والتفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه يتأملهم ، فإذا الأعراب الذين دعاهم للخروج معه ، قد تباطئوا، وإذا معه ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة ، ليس معهم إلا سلاح المسافر :- السيوف فى القرب ، وتحرك الركب الميمون فى اتجاه مكة ، يسبقه عين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره خبر قريش

وعند وصوله ذا الحليفة ، قلد - صلى الله عليه وسلم - الهدى ، وأشعره ، وأحرم بالعمرة ؛ ليكون ذلك إعلامًا للناس كافة بالأمان من حربه ، لكن عين المسلمين جاء بأن كعب بن لؤى يجمع الأحابيش لحرب النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،
فاستشار محمد - صلى الله عليه وسلم - صحابته ، فأشاروا عليه بالمضى فى طريقهم ، ومقاتلة من يتعرض لهم فحسب إن اضطروا لذلك ، فأجابهم .

تجهز قريش للصد عن المسجد ،،،،،

جن جنون قريش ، أحق ما تسمعه ؟! إن محمدًا الذى لا يلاقيها إلا فى حرب أو نزال ، محمدًا الذى كادت أن تقضى عليه ومن تبعه لولا احتماؤه بالخندق ، محمدًا هذا قد ردم خندقه ، وجاء إليها بقدميه ، ليس معه إلا سلاح المسافر ، يزعم أنه يريد العمرة ؟! فماذا تصنع معه ؟
أتحاربه فتعيرها العرب بصدها عن بيت الله ، وقتالها للعزل المحرمين ؟ أم تسمح لهم بالعمرة ، فيدخلوا مكة ، ويطوفوا بدروبها ، ويقيموا شعائرهم ، رغم أنف قريش وإرادتها ؟ لا وألف لا !
إنهم لن يسمحوا بدخولهم أبدًا ، هكذا حزمت قريش أمرها وقررت . أما على الجانب الآخر ، فإن رجلاً من بنى كعب ، نقل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أن قريشًا نازلة بذى طوى ، وأن مائتى فارس ، بقيادة خالد بن الوليد ، قد رابطوا بكراع الغميم ، فى الطريق الرئيسى الذى يؤدى إلى مكة .

وتحرك خالد بفرسانه حتى يُرِىَ المسلمين العزل جمعه العظيم ، لكنهم لم يأبهوا له ، وأدوا صلاة الظهر ، فلما انقضت ، لام بطل قريش نفسه لتقاعسه عن الهجوم أثناء ركوعهم أو أثناء السجود ، وعزم أن يصنع إن هم صلوا العصر ؛ لكن الله أنزل حكم صلاة الخوف ، فحفظ خالدًا من أن يسقط فى هذا العار المبين .

تبديل الطريق وتجنب اللقاء ،,،،

ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالدًا وفوارسه على طريقهم ، ثم أخذ طريقًا وعرًا بين الشعاب ، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهرى الحمش فى طريق على ثنية المرار مهبط الحديبية أسفل مكة ، ولم يدر خالد ما يصنع ، فانطلق راكضًا لينذر قريشًا .
أما القصواء ، ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها حين وصلت إلى ثنية المرار ، بركت فلم تتحرك ، وما حبسها إلا حابس الفيل ،،،

وهنا التفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه وقال:-

والذى نفسى بيده ، لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله ،
إلا أعطيتهم إياها .

ثم زجر ناقته ، فوثبت به ، فسار حتى نزل بأقصى الحديبية ، على حوض به ماء قليل ، لم يلبث أن جف ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانتزع سهمًا من كنانته ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فتفجر فيه الماء ، فما زالوا يشربون منه حتى تركوه .

وساطة بديل بن ورقاء ،،،،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم مع المسلمين بالحديبية ينتظر خطوة قريش القادمة ، إذ قدم عليه بديل بن ورقاء الخزاعى فى نفر من خزاعة ، التى كانت موضع ثقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شركها وجلس بديل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أخبره بعزم كعب بن لؤى على مقاتلته ، وصده عن البيت ،،،

فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما جاء للحرب ، ماجاء إلا زائرًا للبيت ومعظمًا حرمته ، فعاد بديل إلى قريش يخبرها بقول محمد - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- والله لا يدخلها علينا عنوة أبدًا ، ولا تحدث بذلك عنا العرب ، ثم بعثوا مكرز بن حفص .

وساطة مكرز بن حفص ،،،،

نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد مكرز بن حفص قادمًا إليه ، قد أرسلته قريش لتفاوضه ،،،
فقال: هذا رجل غادر .
وجاء مكرز وتكلم ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما قاله لبديل بن ورقاء ، فرجع الرجل إلى قريش ليخبرها الخبر .

وساطة الحليس بن علقمة ،،،،

لم تفلح وساطتا بديل ومكرز ، وازداد الموقف تأزمًا ، وهنا تطوع رجل من كنانة ، وهو الحليس بن علقمة ،،
فقال:- دعونى آته . فأجابته قريش ،،،
ورآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادمًا ، فقال:- هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها .

وفوجئ الحليس بالهدى يملأ الوادى ، وبالمسلمين محرمين يلبون ، فلم يأت إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وعاد إلى قريش قائلاً :- رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، وما أرى أن يصدوا .
إن الحليس رجل يعظم الشعيرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ذلك ، فأراه من حقيقة نفسه وأصحابه ما يحب ، فعاد الرجل مؤيدًا له ، متعجبًا من قتال قريش لزوار بيت الله ،،،
لكن قريشًا أجابته :- اجلس إنما أنت أعرابى لا علم لك ، آلآن ؟
فلم بعثوه إذن ؟

لقد استشاط الحليس غضبًا ، وصاح فيهم :- يا معشر قريش ، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أيصد عن بيت الله من جاء معظمًا له ؟ والذى نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد .

وهكذا استطاع المسلمون أن يشقوا صف قريش وهم عن بعد فى الحديبية ، دون قتال أو نزال ، وأدركت قريش طيشها ،،،
فأسرعت تعتذر قائلة :- مه ، كف عنا يا حليس ، حتى نأخذ لأنفسنا ما ترضى به .

وساطة عروة بن مسعود ،،،،

سمع عروة كلام الحليس ، فقال لقريش :- إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، ودعونى آته وسقط فى أيدى قريش ، وعلمت أن طريق المفاوضات الذى وقفت ببدايته تمعن نظرها وتتأمله ، عليها الآن شاءت أم أبت أن تجتازه ،،،
فقالت لعروة :- آته . وذهب عروة بن مسعود إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فجلس إليه وكلمه ،,
فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أجاب بديلاً ،,
وهنا بدأ عروة يناور النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال له :- إنه إن اجتاح قريشًا فسيكون أول من اجتاح أهله فى العرب ، وإن هزمته قريش ، فلن يبقى ممن حوله من الناس أحد بعد أن يفروا عنه ،,,
وهنا سخر منه أبو بكر ، ثم قال له :- أنحن نفر عنه ؟
فسكت عروة لأن أبا بكر كان قد صنع له معروفًا من قبل ، وظل عروة يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وكلما كلمه أمسك بلحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،,

لكن رجلاً مقنعًا بالحديد كان كلما مد يده ، ضرب يده بنعل السيف !
وقال :- أخر يدك عن لحية رسول الله ,,
فرفع عروة رأسه وسأل :- من ذا ؟ فعلم أنه المغيرة بن شعبة ابن أخيه ،,
فقال :- أى غدر ، أو لست أسعى فى غدرتك ؟
لأن المغيرة قتل فى الجاهلية ثلاثة عشر رجلاً وأخذ أموالهم ثم ذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأسلم ،,
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه فى شىء .
وكان عروة هو الذى يدفع دية القتلى عن المغيرة ، وقد لبث عروة بعض الزمن ، وهو ينظر إلى معسكر المسلمين ، ويقلب فيهم طرفه .

ثم عاد إلى قريش قائلاً :-
والله لقد وفدت على الملوك ، على قيصر وكسرى والنجاشى - والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ، ما يعظم أصحاب محمد محمدًا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له ، وقد عرض عليكم خطة رشيدة فاقبلوها .

محاولة طائشة من فتية قريش ،،،،

لا يقنع الشباب بحلول التسوية والمفاوضات ، وفتية قريش وقد وجدوا قومهم استسلموا لمفاوضة محمد ، لم يعجبهم أن تنزلق أقدامهم فى هذا الطريق ، ففكروا فى خطة تحول بينهم وبين الصلح ، ثم قرروا أن يخرجوا ليلاً ، فيهبطوا من جبل التنعيم ، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين ، ثم يحدثوا أحداثًا تشعل نار الحرب بين الفريقين ،,,

وفعلاً خرج سبعون أو ثمانون منهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، غير أن محمد بن مسلمة قائد حرس المسلمين اليقظ قد اعتقلهم جميعًا ، فلم ينج منهم أحد ، وهنا عفا عنهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أطلق سراحهم جميعًا ، ليعودوا إلى ذويهم ، وقد أغلقوا بجميل محمد باب حرب لا يفتح بعد ذلك أبدًا ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في الصلح ، وتمشيًا مع القصد الذي خرج صلى الله عليه وسلم لأجله، فقد أطلـق سراحهم وعفا عنـهم ، وفي ذلك أنزل الله‏ قوله الكريم:-
‏{‏ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ‏}‏ (‏الفتح‏:24)

سفارة عثمان إلى قريش ،،،،

بعد أن عفا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن فتية قريش الطائشين ، قرر ألا ينتظر رسل قريش إليه ، وأن يبادر قريشًا هذه المرة فيرسل إليها رسولاً من لدنه ،,,
وبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر بن الخطاب ليكون رسوله ، فاعتذر لعدم وجود عصبية له بمكة تدافع عنه إن أرادت قريش به سوءًا ،,
وأشار عليه بإيفاد عثمان ، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال له :-
أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عمارًا ، وادعهم إلى الإسلام .

ثم أمره أن يبشر سرًا المؤمنين والمؤمنات الذين يكتمون إيمانهم بمكة ، ولا يستطيعون الارتحال عنها - أن يبشرهم بالفتح ، وبظهور دين الله بمكة .
وقام عثمان بمهمته ، فلما فرغ عرض عليه زعماء قريش أن يطوف بالكعبة ، فأبى حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واحتبست قريش عثمان ، فلم يعد إلى المسلمين ، الذين سرت بينهم إشاعة بمقتله ، فكانت بيعة الرضوان .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بيعة الرضوان ،،،،

طالت غيبة عثمان عن المسلمين ، وكبر قريش وصلفها وأزمتها التى تعانى منها الآن ، لا تخفى على المسلمين ، وهم يتوقعون منها التهور والغباء ، فآثار فتيتها لم تذهب بعد من معسكرهم ، وهم لذلك قد أسرعوا بتصديق إشاعة قتله ، وبلغت تلك الإشاعة النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقال بحسم :- لا نبرح حتى نناجز القوم .
ودعا المسلمين إلى البيعة ، ولقد كان منظرًا يهيج المشاعر ويثير القلوب .
النبى جالس تحت الشجرة يصافح الناس ليبايعهم على الموت وألا يفروا

وكان أول من بايع بيعة الرضوان رجل يقال له أبو سنان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال :- يا رسول الله أبسط يديك حتى أبايعك ،
فقال :- على ماذا !
قال :- على ما في نفسك ،
قال :- وما في نفسي ؟
قال :- الفتح أو الشهادة .
فبايعه ، وكان الناس يجيئون فيقولون :- نبايع على بيعة أبي سنان .

ويبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات فى أول الناس ووسطهم وآخرهم ، على الموت لا سواه ، وها هو عمر رضي الله عنه آخذًا بيده ، و مَعْقِل بن يسار آخذًا بغصن الشجرة ، يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن أى منصف ينظر إلى ألف وأربعمائة معتمر ، قد وقفوا فى الصحراء الواسعة لا يحمل أحدهم من السلاح إلا سيفًا فى يده ، وقد عزموا جميعًا أن يقاتلوا الأحمر والأسود ، حتى يزوروا بيت الله تعالى أو يموتوا دونه - إن أى منصف يرى هذا المنظر ، سيزعم أن هؤلاء الناس يسعون إلى حتفهم لا محالة ، لكن هؤلاء الناس كانوا خير من فى الأرض كما أخبر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد ذكر القرآن الكريم خبر هذه البيعة ، ومدح أصحابها ، ورضا الله عنهم ، قال تعالى في ذلك :-

{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } (الفتح:18)

ولأجل ما ذكر الله ، سميت هذه البيعة ( بيعة الرضوان ) وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة من صحابته رضوان الله عليهم تحت شجرة .

وساطة سهيل بن عمرو ،،،،

فوجئت قريش ، التى لم تستطع أن تحزم أمرها ، فتجيب عثمان بإجابة شافية ، واحتبسته حتى تفيق من ترددها - فوجئت بأن الأمور قد أفلتت من بين أصابعها .
فمسالمو محمد الذين جاءوا للعمرة أقلقهم غياب عثمان ، فعاهدوا نبيهم على القتال حتى الموت ، وأقسموا ألا ينصرفوا حتى ينالوا من قريش ، شعرت قريش بذلك كله فأسرعت بإطلاق عثمان ، وإرسال سهيل بن عمرو ليفاوض محمدًا ويصالحه ،،،
ولم تجد ما تقوله لسهيل سوى اشتراطها ألا يدخل المسلمون مكة فى عامهم هذا ، حتى لا تُعَيَّر قريش بين العرب ، وليفعل بعد ذلك ما بدا له .
وأقبل سهيل على المسلمين ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- قد سهل لكم أمركم ، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل .
ثم جاء سهيل وبدأت المفاوضات التى كان ينبغى لها أن تنتهى إلى اتفاق فى هذه المرة

وهنا بدأ على فى كتابة العهد ، فكتبه ، ولم يعترض سهيل إلا على لفظتين وهما :- بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله .
فكتبتا :- باسمك اللهم ومحمد بن عبد الله .
وقد دخلت خزاعة بعدها فى حلف محمد - صلى الله عليه وسلم - كما دخلت بنو بكر فى حلف قريش ، وبعدها فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى رجع عن رأيه إلى رأى عمر فى اختيار رسوله إلى قريش ، هو محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى عقد المعاهدة ، دون استشارة أصحابه أو الاهتمام بحزنهم ، ذلك أن الأمر هنا لم يكن لمحمد وإنما لرب محمد سبحانه وتعالى ، وما عليه إذن إلا أن يسمع ويطيع ، رضى المسلمون بذلك أم أبوا .

رد أبى جندل ،،،،

بينما سهيل بن عمرو عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى بن أبى طالب يكتب صحيفة المعاهدة بين المسلمين وقريش ، فوجئ الجميع بأبى جندل بن سهيل بن عمرو ، يقتحم عليهم مجلسهم ، ويرمى بنفسه بين المسلمين ، ليأخذوه معهم ،،،
وهنا انتفض سهيل ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده ،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إنا لم نقض الكتاب بعد ! لكن سهيلاً عاند ،
ولم يجبه وقال له :- فوالله إذًا ! لا أقاضيك على شىء أبدًا ،،،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- فأجزه لى ،،،
فأصر وقال :- ما أنا بمجيزه لك ،،،
فقال :- بلى ، فافعل ،,
فقال :- ما أنا بفاعل .

وضرب سهيل ابنه أبا جندل فى وجهه ، وأخذ بتلابيبه ، وجره جرًا إلى المشركين ، وصراخ أبى جندل يصك آذان المسلمين ، ويجسد أمام أعينهم غبن المعاهدة ،
وكلماته :- يا معشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين يفتنوننى عن دينى ؟
لا تغيب عن أذهانهم ، وتجيش فى صدورهم ، وتقلب فرحة المعاهدة إلى حزن كبير، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد خاطب أبا جندل قائلاً :- يا أبا جندل ، اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا ، وأعطيناهم على ذلك ، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم .

النحر والحلق ،،،،

تلاشت صرخات أبى جندل فى الفضاء البعيد ، وغاب عن أعين المسلمين مع أبيه وهو يجره ، وهبط سكون ثقيل أضاق على المسلمين صدورهم ، ثم انطلقت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- تشق هذا السكون :- قوموا ، فانحروا .

لكن أحدًا من المسلمين لم يتحرك من مكانه ، ودخل - صلى الله عليه وسلم - على زوجته أم سلمة ، فأشارت عليه قائلة :- اخرج ثم لا تكلم أحدًا كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك .
ففعل - صلى الله عليه وسلم - ما أشارت به ، وهنا قام الناس ينحرون ، وجعل بعضهم يحلق بعضًا ، حتى كادوا يقتلون أنفسهم غمًا ، وقد نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا كان لأبى جهل ، مُيِّز ببرة من فضة كانت فى أنفه ليغيظ المشركين .

الإباء عن رد المهاجرات ،،،،

دخل عمارة والوليد ابنا عقبة المدينة يفتشان عن أختهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وكانت قد أسلمت وفرت بدينها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزعم أخواها أن العقد الذى بين قريش ومحمد يلزمه بردها ،,

لكنه - صلى الله عليه وسلم - أبى ذلك وتمسك بذات العقد ، إذ كان مكتوبًا به :- وعلى أن لا يأتيك منا رجل ، وإن كان على دينك إلا رددته علينا . فلم تدخل النساء بذلك فى العقد أصلاً !


حزن المسلمين وموقف عمر ،،،،

قضيت المعاهدة التى كانت فتحًا عظيمًا ، ونصرًا مبينًا للإسلام وأهله ، فصاحبة الصدارة الدينية والدنيوية فى جزيرة العرب : قريش ، قد اعترفت بقوة المسلمين ، وعدم قدرتها على مقاومتهم ، ثم هى قد تنازلت عن صدارتها حين تركت للعرب أمر أنفسهم ؛ ليدخل من شاء فى حلف من أراد ، وأقرت قريش بامتناعها عن حرب المسلمين عشر سنين وهى حرب ليس للمسلمين مصلحة فى إشعالها ، وتنازلت قريش مع ذلك عن صدها من البيت الحرام ، اللهم إلا لعام واحد !

أما من احتفظت به ممن هرب عن المسلمين وارتد عن دينه ، فلتهنأ به ، إذ ليس للمسلمين به حاجة ، ومن ترك آلهة قريش وأراد أن يدخل الإسلام ، فإن أرض الله واسعة يهاجر فيها من يشاء ، وهو شرط أبان عن هلع قريش ، وشعورها بنهايتها ، وقبله محمد - صلى الله عليه وسلم - لإيمانه بنصر الله ،,,

وظهور دينه فى دروب مكة وديارها ومن له أدنى تأمل يدرك ما حققه المسلمون بهذه المعاهدة ، فأزمة المستضعفين ما لبثت أن حلت ، ودعوة الله انتشرت فى الأرض ، وألف وأربعمائة مسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشارف مكة ، أصبحوا بعد سنتين عشرة آلاف فاتح دخلوا مكة ، لكن صراخ أبى جندل ، وتحطم أمل المسلمين فى الطواف هذا العام ، ثم رؤيتهم للنبى - صلى الله عليه وسلم - يقبل ضغط قريش ، وهم الذين ألفوا مجالدتها - كل ذلك تجمع فألقى بحجب كثيفة ، منعت أعين المسلمين عن رؤية ما بالمعاهدة من خير كثير ،,,

ولعل أكثر المسلمين حزنًا كان عمر بن الخطاب الذى ذهب للنبى يسأله :- يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟
فأجابه :- بلى .
فقال عمر :- أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار ؟
قال :- بلى .
فسأله :- ففيم نعطى الدنية فى ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
فقال - صلى الله عليه وسلم :- يا بن الخطاب ، إنى رسول الله ولست أعصيه ، وهو ناصرى ، ولن يضيعنى أبدًا .
فسأله عمر :- أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به ؟
قال :- بلى . فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟
قال :- لا .
قال :- فإنك آتيه ومطوف به . ثم نزلت سورة الفتح تصف المعاهدة بالفتح المبين .

ولما تمت البيعة المرضية ، رجع عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال له بعضهم :- اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ؟
فقال :- بئس ما ظننتم بي ، والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها ، حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت ، فقال المسلمون :- رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلمنا بالله ، وأحسننا ظنًا .

انتهاء أزمة المستضعفين ،،،،

ما أكثر ما يقف المرء حائرًا أمام مصيبته ، قد سدت أمام عينيه نوافذ الأمل ، فهو قلق أو مغتاظ ، وتمر سنون أو أيام ، فيذكر الواحد غيظه وقلقه ، فلا يكون منه إلا ضحك أو ابتسام ! وتظل:-
( عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم )
درسًا خالدًا من رب العالمين قد علمه للمسلمين حين انتهت أزمة مستضعفيهم بمكة .

فر أبو بصير بإسلامه من مكة إلى المدينة ، فأعاده النبى - صلى الله عليه وسلم - مع رجلين من قريش ، لكنه فى الطريق احتال عليهما ، فقتل واحدًا ، وغدا خلف الآخر حتى دخل المدينة !
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه :- ويل امه ، مسعر حرب لو كان له أحد .
فعرف أبو بصير أن النبى - صلى الله عليه وسلم - سيرده ، وفاء بعهده ، فهرب إلى سيف البحر ، وهناك لحق به أبو جندل بن سهيل ثم تقاطر أفراد من مسلمى مكة ، لم يستطيعوا أن يهاجروا إلى المدينة ، ولم يرضوا أن يبقوا عند قريش !
وقد كون هؤلاء شوكة آلمت ظهر قريش ، إذ قطعوا طريق تجارتها للشام ، يقتلون من دبها ، ويأخذون أموالها .

وهنا استغاثت قريش بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وناشدته الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن ، وتنازلت بذلك عن شرطها المجحف ، فقدم الفارون بدينهم إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فانتهى ما حسبه المسلمون أزمة .

إسلام أبطال من قريش ،،،،

ما كاد العام السابع للهجرة يبدأ ، حتى أظهرت أيامه بشارات طيبة للمسلمين ، فقد آمن بعد الحديبية أبطال من قريش ، ما كان لهم أن يمكثوا أكثر من ذلك فى ديار الشرك ،،،
وهم عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، والعاص بن الربيع، فأعز الله بهم المسلمين ، بعد أن أكرمهم بدينه .


** { الـمـهادنـة } **

لملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء ، أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم ، أما لنبىٍّ عظيم كمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الهدنة تصبح فرصة ؛ لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه ، وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة ، ودعوةً فى أرجاء الأرض .
وهكذا ما إن عقدت الهدنة حتى أخذ النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا ، وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلاً ، فقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغزوة الغابة أو غزوة " ذى قرد " ثم تلاها بغزوة خيبر ، وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر ( قريش واليهود ) ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث : جناح الأعراب الذين هم أشد كفرًا ونفاقـًا ؛؛

فبدأ - صلى الله عليه وسلم - فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع ، ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة ، حتى كان " ذو القعدة " فاعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه عمرة القضاء ، وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا إلى أن كانت معركة مؤتة أعظمُ حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - وكانت تمهيدًا لفتوح بلدان النصارى ، وقد بعث بعدها النبى - صلى الله عليه وسلم - بسرية ذات السلاسل ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة .

وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة ؛ فكان ذلك إيذانًا بفتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ونصره له بعد سنين طوال ، أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله ، إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه ، وقبل أن يغادر النبى - صلى الله عليه وسلم - مكة قام بإرسال بضع سرايا ، ثم قفل راجعًا إلى مدينته المحبوبة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { مكاتبة الملوك والأمراء } **

ما إن أمن المسلمون حرب قريش ، حتى دبت أقدامهم فى أنحاء الأرض ، تحمل رسالة رب العالمين إلى العالمين ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن رسائله ستصل إلى قوم ، الشكل عندهم يسبق المضمون ؛ ولذا فقد اتخذ لنفسه خاتمًا من فضة ، جعل نقشه " محمد رسول الله "

وانتقى صلى الله عليه وسلم - من صحابته أهل المعرفة والخبرة ؛ ليرسلهم إلى ملوك العالم فسعوا بكتبه إلى النجاشى ، والمقوقس ، وإلى كسرى ، وقيصر ، وإلى المنذر بن ساوى ، وهوذة بن على ، والحارث بن أبى شمر ، وكذلك إلى ملك عمان ، فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له .

الكتاب إلى النجاشى ،،،،

فى آخر سنة ست من الهجرة أو فى محرم من السنة السابعة ، حمل عمرو بن أمية الضمرى كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجاشى الحبشة ( أصحمة بن الأبجر ) ودخل عمرو على النجاشى ، فقرأ الرسالة ، وإذا فيها :-

هذا كتاب من محمد النبى إلى النجاشى الأصحم عظيم الحبشة ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الإسلام ، فإنى أنا رسوله فأسلم تسلم :- ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك .

وهنا وضع النجاشى الكتاب على عينيه ، ونزل عن سريره إلى الأرض ، وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وطاعة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل النجاشى مهاجرى الحبشة فى سفينتين مع عمرو بن أمية ، وقد حملهم بجوابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذى يقول فيه :-
إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمة :- سلام عليك يا نبى الله من الله ، ورحمة الله وبركاته ، الله الذى لا إله إلا هو ،أما بعد ،،،
فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض ، إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقًا - وهو علاقة ما بين النواة والقشرة - ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقًا مصدقًا ، وقد بايعتك ، وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين .
فوصل المهاجرون بالكتاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر .

الكتاب إلى المقوقس ملك مصر ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ،،
فإنى أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .

كان هذا هو نص الكتاب الذى قدم به حاطب بن أبى بلتعة ، على المقوقس جريج بن متى ملك مصر والإسكندرية ، ودارت بينهما محاورة ، أكد فيها حاطب على قرب النصارى من الإسلام ، واحترام الإسلام لعقيدتهم ، وكونه امتدادًا للرسالات السماوية السابقة ، وأجاب المقوقس بكلام طيب عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وبأنه كان يعلم بقرب خروج نبى لكنه كان يحسبه يخرج من الشام ، لكن المقوقس كما لم يرفض الإسلام ، لم يدخل فيه ، وأكرم حاطبًا ، ثم بعث معه جاريتين لهما مكان عظيم فى القبط ، هما مارية وسيرين ، كما أرسل معه بغلة كهدية للنبى ، وقد اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارية سرية له ، وأعطى سيرين لحسان بن ثابت .

الكتاب إلى كسرى ملك فارس ،،،،

أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس ، برسالة قال فيها :-
بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك .

وقرئ الكتاب على كسرى فمزقه ، وقال فى غطرسة :-
عبد حقير من رعيتى يكتب اسمه قبلى . أهذا ماجال بخاطر كسرى ؟ كيف يكتب اسم محمد قبل اسمه ؟ حقا إن ملكًا هذا عقله ملكه لا ينبغى له أن يدوم ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه ما صنع كسرى: مزق الله ملكه . فكان ما قال ، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله باليمن : ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين جلدين ، فليأتيانى به .

وأسرع باذان بإنفاذ أمر سيده ، وفوجئ المسلمون برسولى باذان يدخلان على النبى - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يأمره أن ينهض معه ليمثل أمام كسرى !
ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدًا من الرسولين ، إنما طلب منهما أن يلاقياه غدًا ، فلما جاءاه أخبرهما أن الوحى أعلمه بقتل كسرى على يد ابنه ، وانتهاء ملكه ، وأمرهما أن يقولا للملك الجديد :-
إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك ، وملكتك على قومك من الأبناء .

فعاد الرسولان إلى باذان يتعجبان ، وبعد قليل جاء كتاب من شيرويه بن كسرى بقتل أبيه ، وعدم رغبته فى التعرض لمحمد ، فكان ذلك سببًا فى إسلام باذان ، ومن معه من أهل فارس باليمن .

الكتاب إلى قيصر ملك الروم ،،،،

وصل دحية بن خليفة الكلبى إلى قيصر ملك الروم، عن طريق عظيم بصرى، حاملاً معه رسالة محمد ، فلما علم ما فيها أرسل إلى أبى سفيان ومن معه من كفار قريش - وقد خرجوا بتجارتهم إلى إيليا بالشام - فدخلوا عليه ، وأجلس قيصر أبا سفيان أمامه وجعل من معه من التجار خلف أبى سفيان ، وأمره أن يصدقه وإلا فإن قومه سيكذبوه ، وبدا قيصر يستفسر عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن دينه ، ومن معه ،،،

فأجابه أبو سفيان بأنه من أشرفهم نسبًا وبأن أحدًا لم يأت بدعواه من قبل ، فهو ليس بمقلد ، ولم يكن أبوه ملكًا يبحث عن ملكه الضائع ، وبأنه غير متهم فيهم بالكذب ، ولا يعرف عنه الغدر ، وأن أتباعه الضعفاء ، وهم يزيدون ولا يرتد منهم أحد ، وأنه يأمر العرب أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا ، وينهاهم عن عبادة الأوثان ، ويأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف .

وهنا انطلقت كلمات قيصر قارعة بالحق أسماع من حضر من مشركى قريش :-
إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمى هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عند قدميه .
ثم أخرج مشركى قريش من مجلسه ، وأعطى دحية مالاً وكسوة هدية له .

الكتاب إلى المنذر بن ساوى ،،،،

إن المنذر بن ساوى حاكم البحرين حين وصلته رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمى ، بعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - كتابًا يقول فيه :-
أما بعد يا رسول الله ، فإنى قرأت كتابك على أهل البحرين ، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضى مجوس ويهود ، فأحدث إلى فى ذلك أمرك .

فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلاً :-
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد فإنى أذكرك الله عز وجل ، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ، ومن نصح لهم فقد نصح لى ، وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرًا ، وإنى قد شفعتك فى قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب ، فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية .
وهكذا دخل الإسلام البحرين دون قتال أو إلزام على أهلها المسالمين .

الكتاب إلى هوذة بن على ،،،،

اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سليط بن عمرو العامرى ، ليحمل كتابه إلى هوذة بن على صاحب اليمامة ، وقرأ سليط الكتاب فإذا به :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يدك .

فحاور هوذة سليطًا ، ثم أرسله بجوابه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان به :-
ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكانى ، فاجعل لى بعض الأمر أتبعك .

ثم أعطى سليطًا جائزة ، وكساه أثوابًا ، فقدم بذلك كله على النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال :-
لو سألنى قطعة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما فى يديه .وقد كان ما قاله رسول الله ، فإنه لما انصرف من فتح مكة جاءه جبريل بموت هوذة .

الكتاب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ،،،،

قرأ الحارث بن أبى شمر الغسانى صاحب دمشق رسالة النبى - صلى الله عليه وسلم - والتى حملها إليه شجاع بن وهب ، فلم تعجبه كلماتها التى تقول :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبى شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به وصدقه ، وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك .

وصرخ الحارث فى وجه شجاع قائلاً :-من ينزع ملكى منى ؟ أنا سائر إليه !

الكتاب إلى ملك عمان ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وأخيه عباد ابنى الجلندى ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإنى أدعوكما بدعاية الإسلام ، أسلما تسلما ، فإنى رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين ، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل ، وخيلا تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتى على ملككما .

كان هذا هو نص الكتاب الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك عمان وأخيه مع عمرو بن العاص ، ويبدو أن ذلك كان بعد فتح مكة ، وأعمل عمرو ذكاءه المعروف ، فلم يذهب إلى الملك رأسًا ، وإنما بدأ بأخيه فما زال يراجعه ويحدثه يومًا بعد يوم ، حتى شعر منه قربًا ، فأوصله إلى الملك ، وأظهر الملك فى بداية الأمر الرفض ، وشك فى قدرة المسلمين عليه ، لكن عمرًا حاوره ، وأكد له فى ثنايا حديثه ، من اتباع الناس جميعًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومن ثقة المسلمين بقوتهم ، ثم زعم أنه مغادر بلادهم ، فأسرع الملك وأخوه بإعلان إسلامهما ، وساعداه على نشر دينه ، وأخذ الصدقة من أهل عمان .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غزوة الغابة ،،،،

ركب رباح - غلام رسول الله - فرسًا وأسرع راكضًا إلى المدينة ، يسابق الريح ، وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون به يخبرهم لاهثًا بأن عبد الرحمن الفزارى قد أغار على أنعام الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاستاقها جمـيعًا ، بعد أن قتل راعيه ، وأن سلمة بن الأكوع يسعى الآن خلفهم وحده .

من ناحية أخرى أخذ سلمة يرميهم بنبله فيصيبهم ، ويصيب ركائبهم ، فإذا رجع إليه فارس منهم ، جلس فى أصل شجرة ثم رماه بنبله ليقضى عليه أو يفر وما زال سلمة يتبعهم بسهامه حتى أجبرهم على ترك كل ما استاقوه من أنعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استمر فى ملاحقتهم ، فأخذوا يتخلصون مما معهم من الرماح وغيرها ؛ حتى تخف أحمالهم فيسرعون المسير ، وهنا أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته ، فقتلوا عبد الرحمن الفزارى ، وفر من معه مدبرين ، ثم رجع الجميع إلى المدينة ، وقد غنموا ما ألقى القوم ، واستشهد منهم أخرم ، قتله عبدالرحمن قبل أن يقتله أبو قتادة . .
1 - يعودالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه فى هذا العام ، ثم يعودون فى العام المقبل فيدخلون مكة بسلاح المسافر ، ويقيمون بها ثلاثًا ، لا تتعرض لهم فيها قريش
2 - توضع الحرب بين الطرفين عشر سنين ، يأمن فيها الناس .
3 - من جاء محمدًا من قريش دون إذن وليه ، رده عليهم ، ومن جاء قريشًا من عند محمد لم يرد عليه .

4 - يدخل فى عهد محمد من أراد ، ويدخل فى عهد قريش من شاء ، ويعتبر حينئذ جزءًا من هذا الفريق ، يمثل العدوان عليه عدوانًا على من دخل فى عهده .



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 04-08-2012, 08:49 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { صـلـح الـحـديـبـيـة } **

إن وقعة الحديبية - التى تمثل فاصلاً لمرحلة جديدة فى السيرة النبوية - قد بدأت برؤيا للنبى -صلى الله عليه وسلم - ، أنه يعتمر مع أصحابه ، وما إن أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحابته بذلك ، حتى شرع المسلمون فى التحرك إلى مكة ، ولم تقبل قريش بادئ الأمر فكرة أن للمسلمين كغيرهم الحق فى زيارة البيت ، فتجهزت للصد عن المسجد ، ومحاربة النبى ومن معه ، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج معتمـرًا لا محاربًا ، قام بتبديل الطريق وتجنب اللقاء ، ورأت قريش أن تلجأ للمفاوضات ؛ لصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،

فتتالت وساطات بديل بن ورقاء ، ومكرز بن حفص ، والحليس بن علقمة ، ثم وساطة عروة بن مسعود ، لكن دون جدوى ، وهنا عنّ لفتية قريش أن يقوموا بمحاولة طائشة لإنهاء هذا الأمر بالقوة ، غير أن المسلمين أعادوهم بخفى حنين ، ثم بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان سفيرًا إلى قريش ، فاحتبسته قريش ، وأشيع أنه قتل ، فما كان من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا أن بايع من معه على القتال حتى الموت ، فى بيعة سميت ببيعة الرضوان ، وأسرعت قريش بفض هذه الأزمة ، وبإرسال سهيل بن عمرو وسيطًا جديدًا بينها وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتمت المعاهدة ،،،

وقبل أن تتم كتابتها ، طالب سهيل برد أبى جندل إليه ، حسب بنودها ، فرده - صلى الله عليه وسلم - ؛ لكنه التزامًا بكلمات المعاهدة ، أبى أن يرد المهاجرات ، وقد حزن المسلمون ، وخاصة عمر ؛ لشعورهم بفوات العمرة ، وانعدام العدل فى بنود المعاهدة ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالنحر والحلق ، حتى يعودوا ، ولقد دارت الأيام لتثبت للجميع مقدار المصلحة فى هذه المعاهدة ، وجرى حكم الله - عز وجل - بانتهاء أزمة المستضعفين الذين لم يكن باستطاعتهم الذهاب إلى المدينة حسب الاتفاق الممهور ، وقد تليت هذه المعاهدة بإسلام أبطال من قريش ، كإشارة ربانية لبداية فجر جديد .

رؤيا النبى - صلى الله عليه وسلم - ،,،،

رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى منامه ، وهو بالمدينة ، أنه دخل مع أصحابه المسجد الحرام ، وأخذ مفتاح الكعبة ، وطافوا واعتمروا ، وحلق بعضهم ، وقصر بعض ، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك ففرحوا ، وظنوا أنهم داخلون مكة هذا العام ، وقد أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عن اعتماره ، فتجهز المسلمون للسفر ، وشرعوا فى التحرك إلى مكة .

التحرك إلى مكة ،،،،،

غسل - صلى الله عليه وسلم - ثيابه ، وركب ناقته القصواء ، واستخلف على المدينة عبدالله بن أم مكتوم ، واصطحب معه زوجه أم سلمة ، وخرج من المدينة فى غرة ذى القعدة سنة ست من الهجرة ، والتفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه يتأملهم ، فإذا الأعراب الذين دعاهم للخروج معه ، قد تباطئوا، وإذا معه ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة ، ليس معهم إلا سلاح المسافر :- السيوف فى القرب ، وتحرك الركب الميمون فى اتجاه مكة ، يسبقه عين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره خبر قريش

وعند وصوله ذا الحليفة ، قلد - صلى الله عليه وسلم - الهدى ، وأشعره ، وأحرم بالعمرة ؛ ليكون ذلك إعلامًا للناس كافة بالأمان من حربه ، لكن عين المسلمين جاء بأن كعب بن لؤى يجمع الأحابيش لحرب النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،
فاستشار محمد - صلى الله عليه وسلم - صحابته ، فأشاروا عليه بالمضى فى طريقهم ، ومقاتلة من يتعرض لهم فحسب إن اضطروا لذلك ، فأجابهم .

تجهز قريش للصد عن المسجد ،،،،،

جن جنون قريش ، أحق ما تسمعه ؟! إن محمدًا الذى لا يلاقيها إلا فى حرب أو نزال ، محمدًا الذى كادت أن تقضى عليه ومن تبعه لولا احتماؤه بالخندق ، محمدًا هذا قد ردم خندقه ، وجاء إليها بقدميه ، ليس معه إلا سلاح المسافر ، يزعم أنه يريد العمرة ؟! فماذا تصنع معه ؟
أتحاربه فتعيرها العرب بصدها عن بيت الله ، وقتالها للعزل المحرمين ؟ أم تسمح لهم بالعمرة ، فيدخلوا مكة ، ويطوفوا بدروبها ، ويقيموا شعائرهم ، رغم أنف قريش وإرادتها ؟ لا وألف لا !
إنهم لن يسمحوا بدخولهم أبدًا ، هكذا حزمت قريش أمرها وقررت . أما على الجانب الآخر ، فإن رجلاً من بنى كعب ، نقل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أن قريشًا نازلة بذى طوى ، وأن مائتى فارس ، بقيادة خالد بن الوليد ، قد رابطوا بكراع الغميم ، فى الطريق الرئيسى الذى يؤدى إلى مكة .

وتحرك خالد بفرسانه حتى يُرِىَ المسلمين العزل جمعه العظيم ، لكنهم لم يأبهوا له ، وأدوا صلاة الظهر ، فلما انقضت ، لام بطل قريش نفسه لتقاعسه عن الهجوم أثناء ركوعهم أو أثناء السجود ، وعزم أن يصنع إن هم صلوا العصر ؛ لكن الله أنزل حكم صلاة الخوف ، فحفظ خالدًا من أن يسقط فى هذا العار المبين .

تبديل الطريق وتجنب اللقاء ،,،،

ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالدًا وفوارسه على طريقهم ، ثم أخذ طريقًا وعرًا بين الشعاب ، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهرى الحمش فى طريق على ثنية المرار مهبط الحديبية أسفل مكة ، ولم يدر خالد ما يصنع ، فانطلق راكضًا لينذر قريشًا .
أما القصواء ، ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها حين وصلت إلى ثنية المرار ، بركت فلم تتحرك ، وما حبسها إلا حابس الفيل ،،،

وهنا التفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه وقال:-

والذى نفسى بيده ، لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله ،
إلا أعطيتهم إياها .

ثم زجر ناقته ، فوثبت به ، فسار حتى نزل بأقصى الحديبية ، على حوض به ماء قليل ، لم يلبث أن جف ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانتزع سهمًا من كنانته ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فتفجر فيه الماء ، فما زالوا يشربون منه حتى تركوه .

وساطة بديل بن ورقاء ،،،،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم مع المسلمين بالحديبية ينتظر خطوة قريش القادمة ، إذ قدم عليه بديل بن ورقاء الخزاعى فى نفر من خزاعة ، التى كانت موضع ثقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شركها وجلس بديل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أخبره بعزم كعب بن لؤى على مقاتلته ، وصده عن البيت ،،،

فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما جاء للحرب ، ماجاء إلا زائرًا للبيت ومعظمًا حرمته ، فعاد بديل إلى قريش يخبرها بقول محمد - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- والله لا يدخلها علينا عنوة أبدًا ، ولا تحدث بذلك عنا العرب ، ثم بعثوا مكرز بن حفص .

وساطة مكرز بن حفص ،،،،

نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد مكرز بن حفص قادمًا إليه ، قد أرسلته قريش لتفاوضه ،،،
فقال: هذا رجل غادر .
وجاء مكرز وتكلم ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما قاله لبديل بن ورقاء ، فرجع الرجل إلى قريش ليخبرها الخبر .

وساطة الحليس بن علقمة ،،،،

لم تفلح وساطتا بديل ومكرز ، وازداد الموقف تأزمًا ، وهنا تطوع رجل من كنانة ، وهو الحليس بن علقمة ،،
فقال:- دعونى آته . فأجابته قريش ،،،
ورآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادمًا ، فقال:- هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها .

وفوجئ الحليس بالهدى يملأ الوادى ، وبالمسلمين محرمين يلبون ، فلم يأت إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وعاد إلى قريش قائلاً :- رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، وما أرى أن يصدوا .
إن الحليس رجل يعظم الشعيرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ذلك ، فأراه من حقيقة نفسه وأصحابه ما يحب ، فعاد الرجل مؤيدًا له ، متعجبًا من قتال قريش لزوار بيت الله ،،،
لكن قريشًا أجابته :- اجلس إنما أنت أعرابى لا علم لك ، آلآن ؟
فلم بعثوه إذن ؟

لقد استشاط الحليس غضبًا ، وصاح فيهم :- يا معشر قريش ، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أيصد عن بيت الله من جاء معظمًا له ؟ والذى نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد .

وهكذا استطاع المسلمون أن يشقوا صف قريش وهم عن بعد فى الحديبية ، دون قتال أو نزال ، وأدركت قريش طيشها ،،،
فأسرعت تعتذر قائلة :- مه ، كف عنا يا حليس ، حتى نأخذ لأنفسنا ما ترضى به .

وساطة عروة بن مسعود ،،،،

سمع عروة كلام الحليس ، فقال لقريش :- إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، ودعونى آته وسقط فى أيدى قريش ، وعلمت أن طريق المفاوضات الذى وقفت ببدايته تمعن نظرها وتتأمله ، عليها الآن شاءت أم أبت أن تجتازه ،،،
فقالت لعروة :- آته . وذهب عروة بن مسعود إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فجلس إليه وكلمه ،,
فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أجاب بديلاً ،,
وهنا بدأ عروة يناور النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال له :- إنه إن اجتاح قريشًا فسيكون أول من اجتاح أهله فى العرب ، وإن هزمته قريش ، فلن يبقى ممن حوله من الناس أحد بعد أن يفروا عنه ،,,
وهنا سخر منه أبو بكر ، ثم قال له :- أنحن نفر عنه ؟
فسكت عروة لأن أبا بكر كان قد صنع له معروفًا من قبل ، وظل عروة يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وكلما كلمه أمسك بلحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،,

لكن رجلاً مقنعًا بالحديد كان كلما مد يده ، ضرب يده بنعل السيف !
وقال :- أخر يدك عن لحية رسول الله ,,
فرفع عروة رأسه وسأل :- من ذا ؟ فعلم أنه المغيرة بن شعبة ابن أخيه ،,
فقال :- أى غدر ، أو لست أسعى فى غدرتك ؟
لأن المغيرة قتل فى الجاهلية ثلاثة عشر رجلاً وأخذ أموالهم ثم ذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأسلم ،,
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه فى شىء .
وكان عروة هو الذى يدفع دية القتلى عن المغيرة ، وقد لبث عروة بعض الزمن ، وهو ينظر إلى معسكر المسلمين ، ويقلب فيهم طرفه .

ثم عاد إلى قريش قائلاً :-
والله لقد وفدت على الملوك ، على قيصر وكسرى والنجاشى - والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ، ما يعظم أصحاب محمد محمدًا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له ، وقد عرض عليكم خطة رشيدة فاقبلوها .

محاولة طائشة من فتية قريش ،،،،

لا يقنع الشباب بحلول التسوية والمفاوضات ، وفتية قريش وقد وجدوا قومهم استسلموا لمفاوضة محمد ، لم يعجبهم أن تنزلق أقدامهم فى هذا الطريق ، ففكروا فى خطة تحول بينهم وبين الصلح ، ثم قرروا أن يخرجوا ليلاً ، فيهبطوا من جبل التنعيم ، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين ، ثم يحدثوا أحداثًا تشعل نار الحرب بين الفريقين ،,,

وفعلاً خرج سبعون أو ثمانون منهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، غير أن محمد بن مسلمة قائد حرس المسلمين اليقظ قد اعتقلهم جميعًا ، فلم ينج منهم أحد ، وهنا عفا عنهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أطلق سراحهم جميعًا ، ليعودوا إلى ذويهم ، وقد أغلقوا بجميل محمد باب حرب لا يفتح بعد ذلك أبدًا ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في الصلح ، وتمشيًا مع القصد الذي خرج صلى الله عليه وسلم لأجله، فقد أطلـق سراحهم وعفا عنـهم ، وفي ذلك أنزل الله‏ قوله الكريم:-
‏{‏ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ‏}‏ (‏الفتح‏:24)

سفارة عثمان إلى قريش ،،،،

بعد أن عفا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن فتية قريش الطائشين ، قرر ألا ينتظر رسل قريش إليه ، وأن يبادر قريشًا هذه المرة فيرسل إليها رسولاً من لدنه ،,,
وبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر بن الخطاب ليكون رسوله ، فاعتذر لعدم وجود عصبية له بمكة تدافع عنه إن أرادت قريش به سوءًا ،,
وأشار عليه بإيفاد عثمان ، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال له :-
أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عمارًا ، وادعهم إلى الإسلام .

ثم أمره أن يبشر سرًا المؤمنين والمؤمنات الذين يكتمون إيمانهم بمكة ، ولا يستطيعون الارتحال عنها - أن يبشرهم بالفتح ، وبظهور دين الله بمكة .
وقام عثمان بمهمته ، فلما فرغ عرض عليه زعماء قريش أن يطوف بالكعبة ، فأبى حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واحتبست قريش عثمان ، فلم يعد إلى المسلمين ، الذين سرت بينهم إشاعة بمقتله ، فكانت بيعة الرضوان .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

بيعة الرضوان ،،،،

طالت غيبة عثمان عن المسلمين ، وكبر قريش وصلفها وأزمتها التى تعانى منها الآن ، لا تخفى على المسلمين ، وهم يتوقعون منها التهور والغباء ، فآثار فتيتها لم تذهب بعد من معسكرهم ، وهم لذلك قد أسرعوا بتصديق إشاعة قتله ، وبلغت تلك الإشاعة النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقال بحسم :- لا نبرح حتى نناجز القوم .
ودعا المسلمين إلى البيعة ، ولقد كان منظرًا يهيج المشاعر ويثير القلوب .
النبى جالس تحت الشجرة يصافح الناس ليبايعهم على الموت وألا يفروا

وكان أول من بايع بيعة الرضوان رجل يقال له أبو سنان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال :- يا رسول الله أبسط يديك حتى أبايعك ،
فقال :- على ماذا !
قال :- على ما في نفسك ،
قال :- وما في نفسي ؟
قال :- الفتح أو الشهادة .
فبايعه ، وكان الناس يجيئون فيقولون :- نبايع على بيعة أبي سنان .

ويبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات فى أول الناس ووسطهم وآخرهم ، على الموت لا سواه ، وها هو عمر رضي الله عنه آخذًا بيده ، و مَعْقِل بن يسار آخذًا بغصن الشجرة ، يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن أى منصف ينظر إلى ألف وأربعمائة معتمر ، قد وقفوا فى الصحراء الواسعة لا يحمل أحدهم من السلاح إلا سيفًا فى يده ، وقد عزموا جميعًا أن يقاتلوا الأحمر والأسود ، حتى يزوروا بيت الله تعالى أو يموتوا دونه - إن أى منصف يرى هذا المنظر ، سيزعم أن هؤلاء الناس يسعون إلى حتفهم لا محالة ، لكن هؤلاء الناس كانوا خير من فى الأرض كما أخبر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد ذكر القرآن الكريم خبر هذه البيعة ، ومدح أصحابها ، ورضا الله عنهم ، قال تعالى في ذلك :-

{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } (الفتح:18)

ولأجل ما ذكر الله ، سميت هذه البيعة ( بيعة الرضوان ) وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة من صحابته رضوان الله عليهم تحت شجرة .

وساطة سهيل بن عمرو ،،،،

فوجئت قريش ، التى لم تستطع أن تحزم أمرها ، فتجيب عثمان بإجابة شافية ، واحتبسته حتى تفيق من ترددها - فوجئت بأن الأمور قد أفلتت من بين أصابعها .
فمسالمو محمد الذين جاءوا للعمرة أقلقهم غياب عثمان ، فعاهدوا نبيهم على القتال حتى الموت ، وأقسموا ألا ينصرفوا حتى ينالوا من قريش ، شعرت قريش بذلك كله فأسرعت بإطلاق عثمان ، وإرسال سهيل بن عمرو ليفاوض محمدًا ويصالحه ،،،
ولم تجد ما تقوله لسهيل سوى اشتراطها ألا يدخل المسلمون مكة فى عامهم هذا ، حتى لا تُعَيَّر قريش بين العرب ، وليفعل بعد ذلك ما بدا له .
وأقبل سهيل على المسلمين ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- قد سهل لكم أمركم ، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل .
ثم جاء سهيل وبدأت المفاوضات التى كان ينبغى لها أن تنتهى إلى اتفاق فى هذه المرة

وهنا بدأ على فى كتابة العهد ، فكتبه ، ولم يعترض سهيل إلا على لفظتين وهما :- بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله .
فكتبتا :- باسمك اللهم ومحمد بن عبد الله .
وقد دخلت خزاعة بعدها فى حلف محمد - صلى الله عليه وسلم - كما دخلت بنو بكر فى حلف قريش ، وبعدها فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى رجع عن رأيه إلى رأى عمر فى اختيار رسوله إلى قريش ، هو محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى عقد المعاهدة ، دون استشارة أصحابه أو الاهتمام بحزنهم ، ذلك أن الأمر هنا لم يكن لمحمد وإنما لرب محمد سبحانه وتعالى ، وما عليه إذن إلا أن يسمع ويطيع ، رضى المسلمون بذلك أم أبوا .

رد أبى جندل ،،،،

بينما سهيل بن عمرو عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى بن أبى طالب يكتب صحيفة المعاهدة بين المسلمين وقريش ، فوجئ الجميع بأبى جندل بن سهيل بن عمرو ، يقتحم عليهم مجلسهم ، ويرمى بنفسه بين المسلمين ، ليأخذوه معهم ،،،
وهنا انتفض سهيل ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده ،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إنا لم نقض الكتاب بعد ! لكن سهيلاً عاند ،
ولم يجبه وقال له :- فوالله إذًا ! لا أقاضيك على شىء أبدًا ،،،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- فأجزه لى ،،،
فأصر وقال :- ما أنا بمجيزه لك ،،،
فقال :- بلى ، فافعل ،,
فقال :- ما أنا بفاعل .

وضرب سهيل ابنه أبا جندل فى وجهه ، وأخذ بتلابيبه ، وجره جرًا إلى المشركين ، وصراخ أبى جندل يصك آذان المسلمين ، ويجسد أمام أعينهم غبن المعاهدة ،
وكلماته :- يا معشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين يفتنوننى عن دينى ؟
لا تغيب عن أذهانهم ، وتجيش فى صدورهم ، وتقلب فرحة المعاهدة إلى حزن كبير، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد خاطب أبا جندل قائلاً :- يا أبا جندل ، اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا ، وأعطيناهم على ذلك ، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم .

النحر والحلق ،،،،

تلاشت صرخات أبى جندل فى الفضاء البعيد ، وغاب عن أعين المسلمين مع أبيه وهو يجره ، وهبط سكون ثقيل أضاق على المسلمين صدورهم ، ثم انطلقت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- تشق هذا السكون :- قوموا ، فانحروا .

لكن أحدًا من المسلمين لم يتحرك من مكانه ، ودخل - صلى الله عليه وسلم - على زوجته أم سلمة ، فأشارت عليه قائلة :- اخرج ثم لا تكلم أحدًا كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك .
ففعل - صلى الله عليه وسلم - ما أشارت به ، وهنا قام الناس ينحرون ، وجعل بعضهم يحلق بعضًا ، حتى كادوا يقتلون أنفسهم غمًا ، وقد نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا كان لأبى جهل ، مُيِّز ببرة من فضة كانت فى أنفه ليغيظ المشركين .

الإباء عن رد المهاجرات ،،،،

دخل عمارة والوليد ابنا عقبة المدينة يفتشان عن أختهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وكانت قد أسلمت وفرت بدينها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزعم أخواها أن العقد الذى بين قريش ومحمد يلزمه بردها ،,

لكنه - صلى الله عليه وسلم - أبى ذلك وتمسك بذات العقد ، إذ كان مكتوبًا به :- وعلى أن لا يأتيك منا رجل ، وإن كان على دينك إلا رددته علينا . فلم تدخل النساء بذلك فى العقد أصلاً !


حزن المسلمين وموقف عمر ،،،،

قضيت المعاهدة التى كانت فتحًا عظيمًا ، ونصرًا مبينًا للإسلام وأهله ، فصاحبة الصدارة الدينية والدنيوية فى جزيرة العرب : قريش ، قد اعترفت بقوة المسلمين ، وعدم قدرتها على مقاومتهم ، ثم هى قد تنازلت عن صدارتها حين تركت للعرب أمر أنفسهم ؛ ليدخل من شاء فى حلف من أراد ، وأقرت قريش بامتناعها عن حرب المسلمين عشر سنين وهى حرب ليس للمسلمين مصلحة فى إشعالها ، وتنازلت قريش مع ذلك عن صدها من البيت الحرام ، اللهم إلا لعام واحد !

أما من احتفظت به ممن هرب عن المسلمين وارتد عن دينه ، فلتهنأ به ، إذ ليس للمسلمين به حاجة ، ومن ترك آلهة قريش وأراد أن يدخل الإسلام ، فإن أرض الله واسعة يهاجر فيها من يشاء ، وهو شرط أبان عن هلع قريش ، وشعورها بنهايتها ، وقبله محمد - صلى الله عليه وسلم - لإيمانه بنصر الله ،,,

وظهور دينه فى دروب مكة وديارها ومن له أدنى تأمل يدرك ما حققه المسلمون بهذه المعاهدة ، فأزمة المستضعفين ما لبثت أن حلت ، ودعوة الله انتشرت فى الأرض ، وألف وأربعمائة مسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشارف مكة ، أصبحوا بعد سنتين عشرة آلاف فاتح دخلوا مكة ، لكن صراخ أبى جندل ، وتحطم أمل المسلمين فى الطواف هذا العام ، ثم رؤيتهم للنبى - صلى الله عليه وسلم - يقبل ضغط قريش ، وهم الذين ألفوا مجالدتها - كل ذلك تجمع فألقى بحجب كثيفة ، منعت أعين المسلمين عن رؤية ما بالمعاهدة من خير كثير ،,,

ولعل أكثر المسلمين حزنًا كان عمر بن الخطاب الذى ذهب للنبى يسأله :- يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟
فأجابه :- بلى .
فقال عمر :- أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار ؟
قال :- بلى .
فسأله :- ففيم نعطى الدنية فى ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
فقال - صلى الله عليه وسلم :- يا بن الخطاب ، إنى رسول الله ولست أعصيه ، وهو ناصرى ، ولن يضيعنى أبدًا .
فسأله عمر :- أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به ؟
قال :- بلى . فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟
قال :- لا .
قال :- فإنك آتيه ومطوف به . ثم نزلت سورة الفتح تصف المعاهدة بالفتح المبين .

ولما تمت البيعة المرضية ، رجع عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال له بعضهم :- اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ؟
فقال :- بئس ما ظننتم بي ، والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها ، حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت ، فقال المسلمون :- رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلمنا بالله ، وأحسننا ظنًا .

انتهاء أزمة المستضعفين ،،،،

ما أكثر ما يقف المرء حائرًا أمام مصيبته ، قد سدت أمام عينيه نوافذ الأمل ، فهو قلق أو مغتاظ ، وتمر سنون أو أيام ، فيذكر الواحد غيظه وقلقه ، فلا يكون منه إلا ضحك أو ابتسام ! وتظل:-
( عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم )
درسًا خالدًا من رب العالمين قد علمه للمسلمين حين انتهت أزمة مستضعفيهم بمكة .

فر أبو بصير بإسلامه من مكة إلى المدينة ، فأعاده النبى - صلى الله عليه وسلم - مع رجلين من قريش ، لكنه فى الطريق احتال عليهما ، فقتل واحدًا ، وغدا خلف الآخر حتى دخل المدينة !
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه :- ويل امه ، مسعر حرب لو كان له أحد .
فعرف أبو بصير أن النبى - صلى الله عليه وسلم - سيرده ، وفاء بعهده ، فهرب إلى سيف البحر ، وهناك لحق به أبو جندل بن سهيل ثم تقاطر أفراد من مسلمى مكة ، لم يستطيعوا أن يهاجروا إلى المدينة ، ولم يرضوا أن يبقوا عند قريش !
وقد كون هؤلاء شوكة آلمت ظهر قريش ، إذ قطعوا طريق تجارتها للشام ، يقتلون من دبها ، ويأخذون أموالها .

وهنا استغاثت قريش بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وناشدته الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن ، وتنازلت بذلك عن شرطها المجحف ، فقدم الفارون بدينهم إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فانتهى ما حسبه المسلمون أزمة .

إسلام أبطال من قريش ،،،،

ما كاد العام السابع للهجرة يبدأ ، حتى أظهرت أيامه بشارات طيبة للمسلمين ، فقد آمن بعد الحديبية أبطال من قريش ، ما كان لهم أن يمكثوا أكثر من ذلك فى ديار الشرك ،،،
وهم عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، والعاص بن الربيع، فأعز الله بهم المسلمين ، بعد أن أكرمهم بدينه .


** { الـمـهادنـة } **

لملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء ، أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم ، أما لنبىٍّ عظيم كمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الهدنة تصبح فرصة ؛ لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه ، وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة ، ودعوةً فى أرجاء الأرض .
وهكذا ما إن عقدت الهدنة حتى أخذ النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا ، وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلاً ، فقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغزوة الغابة أو غزوة " ذى قرد " ثم تلاها بغزوة خيبر ، وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر ( قريش واليهود ) ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث : جناح الأعراب الذين هم أشد كفرًا ونفاقـًا ؛؛

فبدأ - صلى الله عليه وسلم - فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع ، ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة ، حتى كان " ذو القعدة " فاعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه عمرة القضاء ، وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا إلى أن كانت معركة مؤتة أعظمُ حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - وكانت تمهيدًا لفتوح بلدان النصارى ، وقد بعث بعدها النبى - صلى الله عليه وسلم - بسرية ذات السلاسل ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة .

وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة ؛ فكان ذلك إيذانًا بفتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ونصره له بعد سنين طوال ، أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله ، إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه ، وقبل أن يغادر النبى - صلى الله عليه وسلم - مكة قام بإرسال بضع سرايا ، ثم قفل راجعًا إلى مدينته المحبوبة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { مكاتبة الملوك والأمراء } **

ما إن أمن المسلمون حرب قريش ، حتى دبت أقدامهم فى أنحاء الأرض ، تحمل رسالة رب العالمين إلى العالمين ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن رسائله ستصل إلى قوم ، الشكل عندهم يسبق المضمون ؛ ولذا فقد اتخذ لنفسه خاتمًا من فضة ، جعل نقشه " محمد رسول الله "

وانتقى صلى الله عليه وسلم - من صحابته أهل المعرفة والخبرة ؛ ليرسلهم إلى ملوك العالم فسعوا بكتبه إلى النجاشى ، والمقوقس ، وإلى كسرى ، وقيصر ، وإلى المنذر بن ساوى ، وهوذة بن على ، والحارث بن أبى شمر ، وكذلك إلى ملك عمان ، فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له .

الكتاب إلى النجاشى ،،،،

فى آخر سنة ست من الهجرة أو فى محرم من السنة السابعة ، حمل عمرو بن أمية الضمرى كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجاشى الحبشة ( أصحمة بن الأبجر ) ودخل عمرو على النجاشى ، فقرأ الرسالة ، وإذا فيها :-

هذا كتاب من محمد النبى إلى النجاشى الأصحم عظيم الحبشة ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الإسلام ، فإنى أنا رسوله فأسلم تسلم :- ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك .

وهنا وضع النجاشى الكتاب على عينيه ، ونزل عن سريره إلى الأرض ، وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وطاعة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل النجاشى مهاجرى الحبشة فى سفينتين مع عمرو بن أمية ، وقد حملهم بجوابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذى يقول فيه :-
إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمة :- سلام عليك يا نبى الله من الله ، ورحمة الله وبركاته ، الله الذى لا إله إلا هو ،أما بعد ،،،
فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض ، إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقًا - وهو علاقة ما بين النواة والقشرة - ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقًا مصدقًا ، وقد بايعتك ، وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين .
فوصل المهاجرون بالكتاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر .

الكتاب إلى المقوقس ملك مصر ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ،،
فإنى أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .

كان هذا هو نص الكتاب الذى قدم به حاطب بن أبى بلتعة ، على المقوقس جريج بن متى ملك مصر والإسكندرية ، ودارت بينهما محاورة ، أكد فيها حاطب على قرب النصارى من الإسلام ، واحترام الإسلام لعقيدتهم ، وكونه امتدادًا للرسالات السماوية السابقة ، وأجاب المقوقس بكلام طيب عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وبأنه كان يعلم بقرب خروج نبى لكنه كان يحسبه يخرج من الشام ، لكن المقوقس كما لم يرفض الإسلام ، لم يدخل فيه ، وأكرم حاطبًا ، ثم بعث معه جاريتين لهما مكان عظيم فى القبط ، هما مارية وسيرين ، كما أرسل معه بغلة كهدية للنبى ، وقد اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارية سرية له ، وأعطى سيرين لحسان بن ثابت .

الكتاب إلى كسرى ملك فارس ،،،،

أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس ، برسالة قال فيها :-
بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك .

وقرئ الكتاب على كسرى فمزقه ، وقال فى غطرسة :-
عبد حقير من رعيتى يكتب اسمه قبلى . أهذا ماجال بخاطر كسرى ؟ كيف يكتب اسم محمد قبل اسمه ؟ حقا إن ملكًا هذا عقله ملكه لا ينبغى له أن يدوم ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه ما صنع كسرى: مزق الله ملكه . فكان ما قال ، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله باليمن : ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين جلدين ، فليأتيانى به .

وأسرع باذان بإنفاذ أمر سيده ، وفوجئ المسلمون برسولى باذان يدخلان على النبى - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يأمره أن ينهض معه ليمثل أمام كسرى !
ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدًا من الرسولين ، إنما طلب منهما أن يلاقياه غدًا ، فلما جاءاه أخبرهما أن الوحى أعلمه بقتل كسرى على يد ابنه ، وانتهاء ملكه ، وأمرهما أن يقولا للملك الجديد :-
إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك ، وملكتك على قومك من الأبناء .

فعاد الرسولان إلى باذان يتعجبان ، وبعد قليل جاء كتاب من شيرويه بن كسرى بقتل أبيه ، وعدم رغبته فى التعرض لمحمد ، فكان ذلك سببًا فى إسلام باذان ، ومن معه من أهل فارس باليمن .

الكتاب إلى قيصر ملك الروم ،،،،

وصل دحية بن خليفة الكلبى إلى قيصر ملك الروم، عن طريق عظيم بصرى، حاملاً معه رسالة محمد ، فلما علم ما فيها أرسل إلى أبى سفيان ومن معه من كفار قريش - وقد خرجوا بتجارتهم إلى إيليا بالشام - فدخلوا عليه ، وأجلس قيصر أبا سفيان أمامه وجعل من معه من التجار خلف أبى سفيان ، وأمره أن يصدقه وإلا فإن قومه سيكذبوه ، وبدا قيصر يستفسر عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن دينه ، ومن معه ،،،

فأجابه أبو سفيان بأنه من أشرفهم نسبًا وبأن أحدًا لم يأت بدعواه من قبل ، فهو ليس بمقلد ، ولم يكن أبوه ملكًا يبحث عن ملكه الضائع ، وبأنه غير متهم فيهم بالكذب ، ولا يعرف عنه الغدر ، وأن أتباعه الضعفاء ، وهم يزيدون ولا يرتد منهم أحد ، وأنه يأمر العرب أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا ، وينهاهم عن عبادة الأوثان ، ويأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف .

وهنا انطلقت كلمات قيصر قارعة بالحق أسماع من حضر من مشركى قريش :-
إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمى هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عند قدميه .
ثم أخرج مشركى قريش من مجلسه ، وأعطى دحية مالاً وكسوة هدية له .

الكتاب إلى المنذر بن ساوى ،،،،

إن المنذر بن ساوى حاكم البحرين حين وصلته رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمى ، بعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - كتابًا يقول فيه :-
أما بعد يا رسول الله ، فإنى قرأت كتابك على أهل البحرين ، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضى مجوس ويهود ، فأحدث إلى فى ذلك أمرك .

فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلاً :-
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد فإنى أذكرك الله عز وجل ، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ، ومن نصح لهم فقد نصح لى ، وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرًا ، وإنى قد شفعتك فى قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب ، فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية .
وهكذا دخل الإسلام البحرين دون قتال أو إلزام على أهلها المسالمين .

الكتاب إلى هوذة بن على ،،،،

اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سليط بن عمرو العامرى ، ليحمل كتابه إلى هوذة بن على صاحب اليمامة ، وقرأ سليط الكتاب فإذا به :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يدك .

فحاور هوذة سليطًا ، ثم أرسله بجوابه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان به :-
ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكانى ، فاجعل لى بعض الأمر أتبعك .

ثم أعطى سليطًا جائزة ، وكساه أثوابًا ، فقدم بذلك كله على النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال :-
لو سألنى قطعة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما فى يديه .وقد كان ما قاله رسول الله ، فإنه لما انصرف من فتح مكة جاءه جبريل بموت هوذة .

الكتاب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ،،،،

قرأ الحارث بن أبى شمر الغسانى صاحب دمشق رسالة النبى - صلى الله عليه وسلم - والتى حملها إليه شجاع بن وهب ، فلم تعجبه كلماتها التى تقول :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبى شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به وصدقه ، وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك .

وصرخ الحارث فى وجه شجاع قائلاً :-من ينزع ملكى منى ؟ أنا سائر إليه !

الكتاب إلى ملك عمان ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وأخيه عباد ابنى الجلندى ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإنى أدعوكما بدعاية الإسلام ، أسلما تسلما ، فإنى رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين ، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل ، وخيلا تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتى على ملككما .

كان هذا هو نص الكتاب الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك عمان وأخيه مع عمرو بن العاص ، ويبدو أن ذلك كان بعد فتح مكة ، وأعمل عمرو ذكاءه المعروف ، فلم يذهب إلى الملك رأسًا ، وإنما بدأ بأخيه فما زال يراجعه ويحدثه يومًا بعد يوم ، حتى شعر منه قربًا ، فأوصله إلى الملك ، وأظهر الملك فى بداية الأمر الرفض ، وشك فى قدرة المسلمين عليه ، لكن عمرًا حاوره ، وأكد له فى ثنايا حديثه ، من اتباع الناس جميعًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومن ثقة المسلمين بقوتهم ، ثم زعم أنه مغادر بلادهم ، فأسرع الملك وأخوه بإعلان إسلامهما ، وساعداه على نشر دينه ، وأخذ الصدقة من أهل عمان .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

غزوة الغابة ،،،،

ركب رباح - غلام رسول الله - فرسًا وأسرع راكضًا إلى المدينة ، يسابق الريح ، وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون به يخبرهم لاهثًا بأن عبد الرحمن الفزارى قد أغار على أنعام الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاستاقها جمـيعًا ، بعد أن قتل راعيه ، وأن سلمة بن الأكوع يسعى الآن خلفهم وحده .

من ناحية أخرى أخذ سلمة يرميهم بنبله فيصيبهم ، ويصيب ركائبهم ، فإذا رجع إليه فارس منهم ، جلس فى أصل شجرة ثم رماه بنبله ليقضى عليه أو يفر وما زال سلمة يتبعهم بسهامه حتى أجبرهم على ترك كل ما استاقوه من أنعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استمر فى ملاحقتهم ، فأخذوا يتخلصون مما معهم من الرماح وغيرها ؛ حتى تخف أحمالهم فيسرعون المسير ، وهنا أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته ، فقتلوا عبد الرحمن الفزارى ، وفر من معه مدبرين ، ثم رجع الجميع إلى المدينة ، وقد غنموا ما ألقى القوم ، واستشهد منهم أخرم ، قتله عبدالرحمن قبل أن يقتله أبو قتادة . .
1 - يعودالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه فى هذا العام ، ثم يعودون فى العام المقبل فيدخلون مكة بسلاح المسافر ، ويقيمون بها ثلاثًا ، لا تتعرض لهم فيها قريش
2 - توضع الحرب بين الطرفين عشر سنين ، يأمن فيها الناس .
3 - من جاء محمدًا من قريش دون إذن وليه ، رده عليهم ، ومن جاء قريشًا من عند محمد لم يرد عليه .

4 - يدخل فى عهد محمد من أراد ، ويدخل فى عهد قريش من شاء ، ويعتبر حينئذ جزءًا من هذا الفريق ، يمثل العدوان عليه عدوانًا على من دخل فى عهده .




رد مع اقتباس