FX-Arabia

جديد المواضيع















الملاحظات

استراحة اف اكس ارابيا استرح هنا و انسى عناء السوق و التداول



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04-08-2012, 08:50 PM   المشاركة رقم: 11
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غزوة خيبر ( بنى قريظة ) } **

سأل جبريل محمدًا ، وقد عاد لتوه من غزوة الأحزاب ، فدخل بيت أم سلمة يغتسل: أو قد وضعت السلاح ؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم وأمره أن يتقدم بالمسلمين ؛ ليحسم أمر بنى قريظة .

وفى دقائق معدودة كان الجيش المسلم يتحرك إلى ديارهم ، ثم يحاصرهم فى ديارهم ، وزلزل الله الأرض من تحت أقدامهم ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، فنزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، الذى وكل أمرهم إلى سعد بن معاذ ؛ ليحكم فيهم ، وحكم سعد فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات كما قال النبى ، فتم تنفيذه على الفور ، وانتهت الغزوة بتخلص المسلمين من مدبرى الفتن ، ومتصيدى فرص الضعف ، ثم تليت بوفاة سعد وتوبة الله على أبى لبابة ، الصحابى الجليل وقد وقعت هذه الغزوة فى شهر ذى القعدة للعام الخامس الهجرى .

تحرك الجيش إلى ديار بنى قريظة ،،،،

بينما بعض المسلمين يسيرون فى طرق المدينة ، عائدين إلى ديارهم ، وهم يتحدثون عما من الله به عليهم من جلاء المشركين ، وبعضهم الآخر قد اصطحبوا نساءهم وأولادهم مسرعين بهم إلى المنازل ،،

إذ بصوت مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصل إلى أسماع الجميع مناديًا :-
من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلا ببنى قريظة .
ولم تمر سوى دقائق قليلة حتى فوجئ المسلمون بعلى بن أبى طالب يحمل لواء المسلمين فى بعض الجيش مسرعًا إلى بنى قريظة ، ثم إذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى فى أثره ، فى كوكبة من المهاجرين والأنصار ، وسرعان ما نهض المسلمون ليلحقوا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ومقدمة الجيش ، فتلاحقوا أرسالاً حتى وصلوا جميعًا إلى حصون بنى قريظة ، فى ثلاثة آلاف مقاتل وثلاثين فرسًا ،،،،

وقد صلى بعضهم العصر فى الطريق قائلين :- إن رسول الله لم يرد أن تدعوا الصلاة فصلوا ، ولم يصل آخرون وقالوا :- والله إنا لفى عزيمة رسول الله ، وما علينا من إثم ، ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدة من الطائفتين .

الحصار ،،،،

مشى كعب بن أسد سيد بنى قريظة حائرًا متثاقلاً ، قد خنقه حصار المسلمين ، وانفضاض قريش ، يفكر فيما هو صانع بقومه ، حتى إذا انتهى إلى كبراء بنى قريظة ، وقد جلسوا دون حراك ، ينتظرون ما الأقدار صانعة بهم ، حدثهم بصوت خفيض ، عارضًا عليهم ثلاثة حلول ، يختارون إحداها :-
إما أن يسلموا ، وقد علموا أن دين محمد هو الحق ، فيأمنوا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم ،،،
وإما أن يقتلوا نساءهم وأبناءهم بأيديهم ، ثم يخرجوا إلى جيش المسلمين فيقاتلونهم قتال من لا يخشى أن يفقد شيئًا

وإما أن يفاجئوا النبى - صلى الله عليه وسلم - وجيشه بالقتال يوم السبت ، حيث يأمن المسلمون قتالهم ،،، لكنهم أبوا أن يقبلوا منه واحدًا من هذه الحلول ، فخرج عنهم كعب وقد زاده رده غيظًا فقال :-
ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازمًا ! أما اليهود فلم يبق لهم بعد أن رفضوا الإسلام أو القتال إلا أن يرضوا بحكم النبى - صلى الله عليه وسلم - فيهم ، ففعلوا ذلك بعد أن دام حصارهم خمسًا وعشرين ليلة .

النزول على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم -

رغم أن اليهود خلال مدة الحصار كانوا مقيمين بديارهم ، وقد توفرت المياه والآبار ، وألوان الطعام المختلفة ، وهم مع ذلك قد حازوا ألفًا وخمسمائة سيف ، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع ، وخمسمائة فرس وجحفة ، على حين بقى المسلمون القادمون من غزوة طويلة ، قد أنهكتهم وأثرت فيهم - بقوا بالعراء ، يقاسون البرد القارس ، والجوع الشديد ، على الرغم من ذلك كله إلا أن الرعب الذى قذفه الله فى قلوبهم ، قد أثناهم عن القتال ، أو حتى الصمود بحصونهم ، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرسل إلينا أبا لبابة نستشيره ، وكان أبو لبابة حليفًا لهم وكانت أمواله وأولاده فى منطقتهم ،،،

فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش النساء والصبيان يبكون فى وجهه ، فرق لهم ،,,
وقالوا له :- أترى أن ننزل على حكم محمد ؟
فقال :- نعم ، وقد أشار بيده إلى حلقه إشارة إلى أن مصيرهم بذلك سيكون الذبح ،
وعلم الصحابى الجليل من فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فلم يعد إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وإنما عمد إلى سارية بمسجد المدينة ، فربط بها نفسه ، وأقسم ألا يحل وثاقه إلا محمد -صلى الله عليه وسلم - لكن الرعب الذى سلطه الله على اليهود ، جعل قلوبهم تنخلع حين سمعوا صرخة على :-

يا كتيبة الإيمان ، والله لأذوقن ما ذاق حمزة
أو لأفتحن حصنهم !

فقرروا على الفور أن ينزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - وأن يسلموا أنفسهم ، فوضعت القيود بأيدى الرجال تحت إشراف محمد بن مسلمة ، وجعلت النساء والذرارى بمعزل عنهم فى ناحية ؛ انتظارًا لما يحكم به محمد - صلى الله عليه وسلم - .

حكم سعد بن معاذ ،،،،

تحامل سعد بن معاذ على نفسه ، وركب حمارًا ، وانطلق من المدينة إلى ديار بنى قريظة ، إن سعدًا يعلم جيدًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استقدمه من المدينة التى بقى بها لإصابته بجرح فى أكحله أثناء غزوة الأحزاب فأعاقه عن شهود غزوة بنى قريظة - يعلم جيدًا أنه ما صنع ذلك إلا استجابة لرغبة الأوس ، الذين طمعوا فى رأفة رسول الله التى وسعت بنى قينقاع حلفاء الخزرج أن تنال بنى قريظة حلفاءهم أيضًا ،،،

وأفاق سعد الذى اشتد عليه جرحه على كلمات قومه من الأوس ، الذين أحاطوا به قائلين :-
يا سعد ، أجمل فى موالينا فأحسن فيهم ، وسكت سعد بعض الوقت ، حتى أكثروا عليه ، ،،
فقال لهم :- لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم !
وفطن الأوس لمراد زعيمهم ، وما إن وصل سعد إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال النبى لصحابته :- قوموا لسيدكم .
فنهضوا يعينونه على مشقة النزول ، وجلس سعد يستمع فقال القوم له :-
يا سعد ، إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك !
فسألهم :- حكمى نافذ عليهم ؟
قالوا :- نعم .
قال :- وعلى المسلمين ؟
قالوا :- نعم .
فاستحيى من النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعرض بوجهه عنه ، وأشار إليه بيده وقال:- وعلى من هاهنا ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - :- نعم وعلى .
فأصدر سعد حكمه قائلاً :-
فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال ، وتسبى الذرية ، وتقسم الأموال ،،،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :- لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات .
نعم فإن بنى قريظة ليست كبنى قينقاع التى قتلت رجلاً فى مشاجرة ، إنما هى عدو ، حالف جموع المشركين فى أحرج الأوقات ، ولولا تدبير الله - عز وجل - ورحمته لحدث للمسلمين ونبيهم -صلى الله عليه وسلم - ما لا يحمد عقباه وعلى الفور تم تنفيذ الحكم ، وكان هذا هو آخر عمل سعد بن معاذ الذى توفى بعد ذلك استجابة لدعوته .

تنفيذ الحكم ،،،،

كان كعب بن أسد مقيدًا فى محبسه ، فى دار بنت الحارث - امرأة من بنى النجار - مع رجال بنى قريظة ، مطرقًا يفكر ، وكان يؤخذ بين الحين والحين مجموعة منهم ، فيذهبون مع الداعى ، وانتبه كعب على صوت يهودى يسأله :-
ما تراه يصنع بنا ؟
فاغتاظ كعب وأجابه متعجبًا :-
أفى كل موطن لا تعقلون ؟
أما ترون الداعى لا ينزع ؟
والذاهب منكم لا يرجع ؟ هو والله القتل !
وقد كانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، فضربت أعناقهم فى خنادق حفرت لهم فى سوق المدينة ، وهكذا خطط اليهود لقتل المسلمين ونبيهم فى خندقهم فى شمال المدينة ولم يدروا حينئذ أن كتاب الله سبق ، بأنهم هم المقتولون فى خنادق سوق المدينة !

وقد قتل معهم حيى بن أخطب - سيد بنى النضير ، ومدبر الفتنة - وكان قد دخل حصنهم حين فرت قريش وغطفان ، كما قتل من نسائهم امرأة واحدة ؛ لقتلها خلاد بن سويد برحى طرحتها عليه ، وقد أسلم منهم نفر قبل النزول ، فحقنوا دماءهم وأموالهم ، وعفى عن نفر آخر ، وقسمت أموالهم فكان للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم واحد ، وبيعت سباياهم بنجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصارى ، واشترى بثمنها خيلاً وسلاحًا .

وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا .
وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طليحة العبدري .

واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة .

وفاة سعد وتوبة أبى لبابة ،،،،

رغم انتهاء غزوتى الأحزاب وبنى قريظة ، إلا أن الداخل إلى مسجد المدينة لا زال يرى أثرًا منهما ، فجريح الأحزاب سعد بن معاذ فى خيمة أقيمت داخل المسجد ؛ ليسهل على النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يعوده ، وجار بنى قريظة أبو لبابة لا زال مقيدًا إلى سارية بنفس المسجد لما صنعه .

بينما كان نفر من المسلمين جلوسًا بالمسجد ، إذ فوجئوا بالدم يسيل خارجًا من خيمة سعد ، فأسرعوا إليه ، لكنهم وجدوا جرحه قد انفجر ، وما لبث أن مات بين أيديهم .

أما أبو لبابة فإنه ظل ست ليال على حاله تلك ، تحله امرأته في وقت كل صلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، حتى فوجئ قبيل الفجر بأم سلمة تقف على بابها ، تبشره بنزول توبة الله عليه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقه حين خرج لصلاة الفجر .

المرأة اليهوديه تسمم الرسول عليه الصلاة والسلام ،،،،

وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها ، حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة بعد ان كلمت رسول الله ، وقد اعترفت تلك المرأة بما فعلت ،,,,
وقالت :- قلت إن كان نبياًّ لن يضر ، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه .
فعفا عنها صلى الله عليه وسلم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الجهاد بعد غزوة بنى قريظة } **

ما كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفرغ من غزوة الأحزاب ، ثم من قتال حلفائهم الغادرين بنى قريظة ، حتى التفت إلى من كانوا سببًا فى حصار المدينة ، فبدأ ببعث نفر من الخزرج ؛ لقتال سلام بن أبى الحقيق ، أحد كبار المدبرين لتحزيب الأحزاب ، ثم طفق يرسل السرايا لتأديب الأعراب الذين حالفوا قريشًا ، فكانت سرية محمد بن مسلمة ، ثم غزوة بنى لحيان ، ثم تتالت سرايا أخرى عديدة حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ، والتى اكتسبت شهرتها لوقوع حادثة الإفك فى أعقابها ، واستمرت البعوث بعد هذه الغزوة ، حتى كانت وقعة الحديبية ، والتى كانت نهايتها إيذاناُ ببداية عهد جديد فى سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

مقتل سلام بن أبى الحقيق ،،،،

خرج خمسة رجال من الخزرج ، أميرهم عبدالله بن عتيك متجهين إلى خيبر لقتل سلام بن أبى الحقيق ، المكنى بأبى رافع لكونه من أكابر المجرمين اليهود ، الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين ، وأعانوهم بالمال والمئونة ، ،،
وما إن وصل الخمسة إلى هدفهم حتى احتال عبدالله ودخل حصن أبى رافع ، ثم تسلل ليلاً إلى مخدعه ، حيث عاجله بضربات من سيفه ، أزهقت روحه . وكمن عبدالله حتى تأكد من إعلان وفاته فجرًا ، فغدا إلى أصحابه ، وقد كسرت ساقه لوقوعه من على الدرج ، بعد قتله أبا رافع ، فحملوه ، وعادوا جميعًا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وقد كان خروجهم فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام الخامس الهجرى .

سرية محمد بن مسلمة ،،،،

لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست من الهجرة ، خرجت سرية قوامها ثلاثون مقاتلاً مسلمًا ، أميرهم محمد بن مسلمة متجهة إلى القرطاء بأرض نجد ، إلى بطن بنى بكر بن كلاب .
وما إن وصلت إلى ديارهم حتى أسرعوا بالفرار ، فاستاق المسلمون نعمهم وشاءهم ، وعادوا إلى المدينة وقد اصطحبوا ثمامة بن أثال الحنفى ، سيد بنى حنيفة الذى خرج ليقتل محمدًا ، لكنه أسلم حين لقيه وعامله بالمدينة ، وقد منع ثمامة هذا القمح عن قريش قائلاً :-
لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله .
فاستغاثت قريش بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ، فكتب إلى ثمامة أن يخلى إليهم حمل الطعام .

غزوة بنى لحيان ،،،،

لم ينس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشرة الذين قتلوا غدرًا ببعث الرجيع ، ولم يغفل عن الغادرين من بنى لحيان ، لكنه لم يكن يستطيع أن يتوغل فى أرضهم لقربها من حدود مكة ، ديار قريش العدو اللدود للمسلمين يومئذ ، أما الآن فقد استكان هذا العدو ، وعاد خائبًا بأحزابه ، وأصبحت الفرصة مواتية لتأديب هؤلاء المجرمين .
خرج إليهم فى ربيع الأول أو جمادى الأولى سنة ست من الهجرة فى مائتين من أصحابه ، وقد استخلف عبدالله بن أم مكتوم على المدينة ، وأظهر أنه متوجه إلى الشام ، ثم أسرع إلى بطن غران ، حيث كان مصاب أصحابه ، فترحم عليهم ودعا لهم ،،،
وسمعت بمقدمه بنو لحيان ، ففرت هاربة فى رؤوس الجبال يومين ، وبعث السرايا فى إثرهم فلم يدركوهم ، ثم سار إلى عسفان ، فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش ، ثم عاد إلى المدينة بعد غياب عنها دام أربع عشرة ليلة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { سرايا أخرى } **

تابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إرسال السرايا لتأديب الأعراب الذين تحزبوا مع قريش ؛ لمهاجمة المدينة ، وكان منها :-








سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ،،،،

خرج عكاشة فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة فى أربعين رجلاً إلى الغمر ، وهو ماء لبنى أسد ، ففر القوم ، وأصاب المسلمون مائتى بعير ، ساقوها إلى المدينة .

سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة ) ،,،،

خرج محمد بن مسلمة فى عشرة رجال فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة إلى ذى القصة ، فى ديار بنى ثعلبة ، لكن الأعراب كمنوا لهم ، حتى إذا نام المسلمون باغتوهم فى مائة رجل ، وقتلوهم جميعًا ، إلا ابن مسلمة فإنه أفلت منهم جريحًا .

سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة )

سار أبو عبيدة بن الجراح فى أربعين رجلاً مشاة ليلاً فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة ، متوجهين إلى ديار بنى ثعلبة انتقامًا لقتلهم أصحاب محمد بن مسلمة ، فوصلوا إليهم صباحًا ، لكن القوم هربوا منهم فى الجبال ، وأصابوا رجلاً واحدًا فأسلم ، وغنموا نعمًا وشاء .

سرية زيد بن حارثة إلى الجموم ،،،،

خرج زيد بن حارثة فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة إلى الجموم وهو ماء لبنى سليم فى مر الظهران ، فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة ، فأرشدتهم إلى مكان من بنى سليم هاجموه فأصابوا نعمًا وشاء وأسرى .
ثم عاد زيد إلى المدينة ، وأطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراح المرأة وزوجها .

سرية زيد بن حارثة إلى العيص ،،،،

خرج زيد بن حارثة أميرًا على مائة وسبعين راكبًا ، فهاجم قافلة لقريش أميرها أبو العاص ، زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق ،،،
فأصاب زيد الأموال ، وفر أبو العاص حتى أتى زينب ، فاستجار بها ، وسألها أن تطلب من النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يرد أموال العير عليه ففعلت ،،،
وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس أن يردوا الأموال من غير إكراه ففعلوا .
ورجع أبو العاص إلى مكة ، فأدى ودائعه ، ثم أسلم وهاجر
ورد عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - زينب بالنكاح الأول بعد ما يزيد على الثلاث سنين .

سرية زيد بن حارثة إلى الطرف أو الطرق ،،،،

خرج زيد فى خمسة عشر رجلاً ، فى جمادى الآخرة بأمر رسول الله سنة ست من الهجرة إلى بنى ثعلبة ، فظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار إليهم ، ففروا ، وأصاب زيد من نعمهم عشرين بعيرًا ، ثم عاد إلى المدينة بعد أربع ليال .

سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى ،،،،

خرج زيد فى رجب سنة ست من الهجرة فى اثنى عشر رجلاً إلى وادى القرى ؛ لاستكشاف حركات العدو ، لكن سكان وادى القرى هجموا عليه ، فقتلوا تسعة ، وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة .

سرية الخبط ،،،،

أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة بن الجراح أميرًا على ثلاثمائة راكب ، ليتربصوا بعير قريش ، فأصابهم جوع شديد حتى أكلوا الخبط - وهو أوراق الشجر المتساقطة - فنحر رجل تسعة نوق ، ثلاثًا ثلاثًا ، حتى نهاه أبو عبيدة ، ثم حدثت لهم آية عجيبة ، إذ ألقى لهم البحر بدابة عظيمة يقال لها العنبر ، فأكلوا منها نصف شهر ، وعادوا ببعض لحمها إلى المدينة ، فأهدوا منه للنبى .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { غزوة بنى المصطلق } **

لم تعد أحوال جزيرة العرب ، وما تفشى فيها من دين جديد تعجب الحارث بن أبى ضرار سيد بنى المصطلق !
وقرر الرجل أن ينفض من عينيه غبار النوم ، ويغدو بقومه ، ومن قدر على جمعه من العرب إلى محمد ليغزوه .
وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث قرر أن يتبع وهمه ، فأرسل إليه بريدة بن الحصيب الأسلمى ، فأتاه وكلمه . ثم رجع إلى النبى -صلى الله عليه وسلم - يؤكد له عزم الرجل ، وهنا أسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج بعد ليلتين من شعبان سنة ست من الهجرة ،،،
وخرج معه جماعة من المنافقين ، ولم يخرجوا معه من قبل وفى الطريق ألقى المسلمون القبض على أحد جواسيس الحارث وقتلوه ، فبلغه الخبر ، وأدرك أن حلمه الجميل قد صار حقيقة مفزعة تقض مضجعه ، وهاجم المسلمون الأعراب عند المريسيع فانتصروا عليهم ،
وغنموا أموالهم ، وسبوا ذراريهم ،،،
وكانت جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار فى سهم ثابت بن قيس ، فكاتبها ، وأدى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بنى المصطلق قد أسلموا قائلين :- أصهار رسول الله .
والغزوة بهذا القدر ليست ذات ثقل فى باب المغازى ، لكن الدور الذى لعبه المنافقون فى إذكاء الفتنة بكلمات عبدالله بن أبى ، وفى حديث الإفك ، عن أم المؤمنين عائشة ، هو الذى زاد من شهرتها .

فتنة عبدالله بن أبى ،،،،

ازدحم أجير لعمر بن الخطاب مع مولى لبنى عوف من الخزرج على الماء ، فتشاجرا ، وأمسك كل بتلابيب الآخر
ثم صرخ خادم عمر :- يا معشر المهاجرين ،
وصرخ الآخر:- يا معشر الأنصار .
وهى دعوى وإن صدرت من طائشين ، إلا أن رائحة الجاهلية بها تزكم أنوف المؤمنين ، ولذا فقد بادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القوم قائلاً : -
أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟!
دعوها فإنها منتنة والمرء لا يشك أن من ترك ماله وداره لله لن يعترك مع من تنازل عن ماله وداره لأخيه فى الله .

لكن كبير المنافقين ما إن وصلته هذه الأنباء حتى وجد فيها بغيته ، فتظاهر بالغضب وقال :-
أو قد فعلوها ؟ قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا ، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأولون :- سمن كلبك يأكلك !
أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
ثم التفت إلى الأنصار ممن حوله ، مظهرًا النصح قائلاً :- هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم .
وكان ممن حوله زيد بن أرقم ، وكان غلامًا صغير السن ، لكنه أدرك خطورة ما يقال ، فأسرع بنقله إلى عمه ، الذى لم يتوان فى نقل الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عمر ،،
فقال عمر :- مر عباد بن بشر فليقتله .
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ؟، لا ، ولكن أذِّن بالرحيل .
ورحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيشه طيلة اليوم والليلة التالية له ثم صباح اليوم الذى بعده ، حتى أرهق الناس وآذتهم الشمس ، فتركهم ينامون حتى ينشغلوا عن الحديث ، أما عبد الله بن أبى فقد غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقسم له أنه لم يقل هذا الكلام ، وأن زيدًا أخطأ ،
لكن الله - عز وجل - فضحه بقرآن يتلى إلى يوم الساعة .
ووصل الجيش إلى المدينة، فوقف عبدالله بن عبدالله بن أبى الصحابى الجليل ، على باب المدينة ، وقد استل سيفه ، ومنع أباه أن يدخلها قائلاً :- والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله فإنه العزيز وأنت الذليل . فلما جاء النبى - صلى الله عليه وسلم - أذن له فخلى سبيله .

** { حــادثــة الإفــك } **

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تلمست السيدة عائشة رقبتها فلم تجد عقدًا كانت أختها قد أعارتها إياه ,،،
وكانت فى صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ،،،
وتذكرت عائشة أين فقدته ! فتركت الجيش وذهبت تلتمسه
ولكنها حين عادت به لم تجد من جيش المسلمين أحدًا ....
وإذا القوم قد ساروا بهودجها دون أن يفطنوا إلى أنها ليست به !
وقررت السيدة عائشة أن تبقى بهذه المنازل حتى يكتشفوا غيابها فيعودوا لاصطحابها ،,,

وغلبتها عيناها فاستسلمت للنوم ، لكنها أفاقت على صوت صفوان بن المعطل !!
وكان قد تأخر عن الجيش لانه كان يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع ,,،
يقول :- إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله ؟
وأناخ صفوان ناقته ، فركبت السيدة عائشة ، وسار بها دون أن يكلمها ،،،
حتى قدم بها على الجيش فى نحر الظهيرة ،,,
ووجد رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول فى هذه الحادثة البريئة فرصة ليلوث ذيل أم طاهرة من أمهات المؤمنين و يطعن زوجها نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فى كرامته وعرضه ,,,

فأخذ ينسج الأحاديث ، ويشيعها ، ويفترى الكذب ، ووجدت هذه الافتراءات طريقها إلى عدد من المسلمين ، الذين تلقّوها بحسن نيّة ونقلوها إلى غيرهم كان منهم :-
(( حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و مسطح بن أثاثة رضي الله عنه أحد أقرباء أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، و حمنة بنت جحش رضي الله عنها ابنة عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخت زوجته ))
وعصم الله من بقي من الصحابة عن الخوض في ذلك ، وكان لسان حالهم ومقالهم كما قال القرآن
{ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أَن نتكلم بهذا سبحانك هذاَ بهتان عظيم

وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها عليه شديداً ، ولنا أن نتصوّر المشاعر المختلفة التي كانت تدور في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمعاناة الطويلة التي عاشها في ظلّ هذه الأحداث ، وهو يرى الألسنة تنال من عرضه ، وتطعن في شرفه ، ولا يملك أن يضع لذلك حدّاً أو نهاية .

وعلى الجانب الآخر ، لم تكن عائشة تدرك ما يدور حولها من أقاويل الناس ، فقد حلّ بها مرض ألزمها الفراش طيلة هذه المدّة ، إلا أنها أحسّت بتغيّرٍ في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
فبعد أن كانت تجد منه اللمسة الحانية ، والكلمة الرقيقة ، والمشاعر الفيّاضة ، إذا بها تفقد ذلك كلّه ، وتلحظ اقتصاره - صلى الله عليه وسلم – على الكلمات القليلة ، واكتفاءه بالسؤال عن حالها ، وهي تحاول أن تجد تفسيرا لهذا التحوّل المفاجيء .

وفي ليلة من الليالي خرجت عائشة رضي الله عنها مع أم مسطح إلى الصحراء لقضاء الحاجة - كعادة النساء في ذاك الزمان - ، فتعثّرت أم مسطح بثوبها وقالت : " تعس مسطح " ، فاستنكرت عائشة منها هذا القول وقالت : "بئس ما قلت ، أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟ " ، وعندها أخبرتها أم مسطح بقول أهل الإفك .

وكانت مفاجأةً لم تخطر لها على بال ، وفاجعةً عظيمة تتصدّع لها قلوب الرّجال ، } ( النور:16 )فكيف ببنت السادسة عشرة ؟ وهي تسمع الألسن توجّه أصابع الاتهام نحو أغلى ما تملكه امرأة عفيفة ، فكيف بزوجة نبي الله وخليل الله ؟

وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض ، ولم يمنعها ذلك من الوقوف على ملابسات القضيّة ، فبمجرّد أن عادت إلى البيت استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب لأبويها ، فلما رأتها أمها قالت :-
" ما جاء بك يا بنية " فقصّت عليها الخبر ، وأرادت الأم أن تواسيها فبيّنت لها أن هذا الكلام حسدٌ لها على جمالها ومكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ولم يعد هناك مجال للشك ، فها هي والدتها تؤكّد ذلك ، وعَظُم عليها أن تتخيّل الناس وهم يتحدثون في شأنها ، تقول عائشة رضي الله عنها :-
".. فبكيت تلك الليلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت " .

وطال انتظار النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي فاستشار علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، أما أسامة فأخبره بالذي يعلمه من براءة أهله ، وأما علي فقد أحسّ بالمعاناة النفسيّة التي يعيشها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأراد أن يريح خاطره ، فأشار عليه بأحد أمرين :-
إما أن يفارقها ويتحقّق من براءتها لاحقاً ، وحينها يمكنه إرجاعها ،,,
وإما أن يطّلع على حقيقة الأمر بسؤال بريرة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة ,,
وقال لها :- ( هل رأيت من شيء يريبك )
فقالت :- " لا والذي بعثك بالحق ما علمت فيها عيباً "
ثمّ ذكرت صغر سنّها وأنّها قد تغفل عن العجين الذي تصنعه حتى تأتي الشاة تأكله ,,،
وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمرها ,,
فقالت :- " يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيراً "

وكانت هذه الشهادات كافيةً أن يصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ويطلب العذر من المسلمين ، في رأس الفتنة عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك بقوله :-

( يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلاً – يعني صفوان بن المعطّل - ما علمت عليه إلا خيراً ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي )

فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال :-
" يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربتُ عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك "
فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وقد أخذته العصبيّة فقال لسعد :-
" كذبت ، لا تقتله ولا تقدر على قتله "
واختلف الأوس والخزرج ، وكاد الشيطان أن يُوقع بينهم ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدّئهم حتى سكتوا .

وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها ،,,
فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال :-
( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه )
فلما سمعت قوله جفّت دموعها ،
والتفتت إلى أبيها فقالت :- " أجب رسول الله فيما قال "
فقال :- " والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ،,,
وعندها قالت :- " لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة - والله يعلم أني منه بريئة - لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال :- { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 ) .

ثم استلقت رضي الله عنها على فراشها ، وهي تستعرض الحادثة في ذهنها منذ البداية وحتى هذه اللحظة ، وبدا لها أن آخر فصول هذه القصّة ستكون رؤيا يراها النبي - صلى الله عليه وسلم - تُثبت براءتها ،,,
ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يخلّد ذكرها إلى يوم القيامة ، وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :-
{ إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } ( النور : 11 ) .

وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ،,,
فقال لها :- ( أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك )
وقالت لها أمها :- " قومي إليه "
فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها : " والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل " .

وأراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يعاقب مسطح بن أثاثة لخوضه في عرض ابنته ، فأقسم أن يقطع عليه النفقة ، وسرعان ما نزل الوحي ليدلّه على ما هو خير من ذلك :-
{ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم }
( النور : 22)
فقال أبو بكر :- " بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي "
فرجع إلى نفقته وقال : " والله لا أنزعها منه أبدا " .

وبعد : فحديث الإفك الذي رميت به أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ما هو إلا حلقة من حلقات التآمر على الدعوة ، ومحاولة تشويه رموزها ؛ وذلك لعلم العدو أن هذا الدين يقوم على المثال والنموذج والقدوة ، فإذا أفلح في إسقاط هذا النموذج وتشويه تلك القدوة ، فقد تحقّق له ما أراد ، فمتى نعي ذلك ؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { البعوث بعد غزوة بنى المصطلق } **

توالت السرايا فى السنة السادسة من الهجرة ، بعد عودة النبى - صلى الله عليه وسلم - من غزوة بنى المصطلق ، فقد أرسل :-
عبدالرحمن بن عوف إلى ديار بنى كلب .
وعلى بن أبى طالب إلى بنى سعد بن بكر .
وأبا بكر الصديق إلى وادى القرى .
وكرز بن جابر الفهرى إلى العرنيين .
كما أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل عمرو بن أمية الضمرى مع سلمة بن أبى سلامة فى شوال سنة ست من الهجرة إلى مكة لاغتيال أبى سفيان ؛ لكنهما لم ينجحا فى مهمتهما .

سرية عبدالرحمن بن عوف إلى بنى كلب ،،،،

أجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن بن عوف بين يديه ، وصنع له عمامة ألبسه إياها بيديه ، ثم أوصاه بأحسن الأمور فى الحرب ،،
وقال له :- إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم
وأرسله إلى ديار بنى كلب ، بدومة الجندل ،،،
فى شعبان سنة ست من الهجرة ، ووصل عبد الرحمن إلى ديارهم ، فمكث فيهم ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وكان أبوها رأسهم وملكهم .

سرية على بن أبى طالب ،،،،

جلس وبر بن عليم سيد بنى سعد بن بكر يفكر !
كيف يستفيد من صراع المسلمين مع اليهود ؟
ووصل إلى فكرة طائشة ظن صوابها ، فأرسل رسولاً إلى خيبر ، يعرض على يهودها أن ينصرهم مقابل الحصول على تمر خيبر ، ووافقه القوم فأخذ يجمع جيشه ، ووصل الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فبادر بإرسال مائتى رجل ، أميرهم على بن أبى طالب ،،،
فخرجوا يسيرون الليل ويكمنون النهار ، حتى لا يشعروا بهم أحدًا وقد وجدوا فى طريقهم رسول وبر إلى خيبر ، فاعترف أمامهم بما فعل ، ثم دلهم على موضع تجمع بنى سعد ، فباغتهم على بجيشه، فهربوا بنسائهم ، وعاد على بجيشه يسوق أمامه خمسمائة بعير ، وألفى شاة ، من أنعامهم ، وكان خروجهم فى شعبان سنة ست من الهجرة .

سرية أبى بكر الصديق ،،،،

أراد بطن فزارة أن يغتال النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعد له لذلك جمعًا ، وكان فيهم امرأة تسمى أم قرفة ، قد أكل الحقد قلبها ، فأعدت وحدها ثلاثين فارسًا من أهل بيتها لذلك ، وعلم نبى الله بخبرهم ، فأرسل إليهم أبا بكر الصديق ، إلى مقامهم بوادى القرى فى رمضان سنة ست من الهجرة ، ووصل أبو بكر إلى مشارف ديارهم ، فصلى الفجر ثم أمر جيشه بالهجوم ، فاكتسحوا القوم ، ولم يمض من الزمن إلا يسير حتى هزموهم ، وأسروا نساءهم وذراريهم ، فكان منهم أم قرفة التى قتل فوارسها الثلاثون وابنتها التى بيعت بمكة ، فداءً لأسرى المسلمين هناك .

سرية كرز بن جابر ،،،،

لا يحاسب الإسلام الناس على ضمائرهم فى الحياة الدنيا ، وهو يقبل منهم ما يبدونه ، ويكافؤهم عليه ، لكن إن أظهروا فى وقت ما خبث طويتهم ، فليس للمسلمين أن يتوانوا عن القصاص ، أقبل رهط من عكل وعرينة إلى المدينة ، ثم أعلنوا الإسلام ، فقبلهم المسلمون ، وأرادوا الإقامة بالمدينة ، فاستضافهم سكانها ، لكنهم بعد حين ، زعموا أن صحتهم قد اعتلت من جو المدينة ومناخها ،،،
فأرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجها ، بعث معهم راعيًا بإبل كثيرة ، يشربون من ألبانها وأبوالها ليصحوا ، وفعل القوم ، فصحوا وسمنوا ، وكان أول ما صنعوه بعد ذلك أن قتلوا راعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أعلنوا الكفر بالإسلام ، وهربوا بالإبل .
وهنا أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - كرز بن جابر الفهرى فى سرية من المسلمين خلفهم ، وذلك فى شوال سنة ست من الهجرة ، ودعا عليهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :-
اللهم أعم عليهم الطريق ، واجعلها عليهم أضيق من مسك .
فأدركهم كرز وأصحابه ، وأقاموا عليهم حد الله ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ثم تركوا حتى ماتوا ، جزاء فعلتهم الغادرة المشينة .
1- سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر . 2- سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة . 3- سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة . 4- سرية زيد بن حارثة إلى الجموم . 5- سرية زيد بن حارثة إلى الطرف . 6- سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى . 7- سرية الخبط بقيادة أبى عبيدة بن الجراح .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 04-08-2012, 08:50 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غزوة خيبر ( بنى قريظة ) } **

سأل جبريل محمدًا ، وقد عاد لتوه من غزوة الأحزاب ، فدخل بيت أم سلمة يغتسل: أو قد وضعت السلاح ؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم وأمره أن يتقدم بالمسلمين ؛ ليحسم أمر بنى قريظة .

وفى دقائق معدودة كان الجيش المسلم يتحرك إلى ديارهم ، ثم يحاصرهم فى ديارهم ، وزلزل الله الأرض من تحت أقدامهم ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، فنزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، الذى وكل أمرهم إلى سعد بن معاذ ؛ ليحكم فيهم ، وحكم سعد فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات كما قال النبى ، فتم تنفيذه على الفور ، وانتهت الغزوة بتخلص المسلمين من مدبرى الفتن ، ومتصيدى فرص الضعف ، ثم تليت بوفاة سعد وتوبة الله على أبى لبابة ، الصحابى الجليل وقد وقعت هذه الغزوة فى شهر ذى القعدة للعام الخامس الهجرى .

تحرك الجيش إلى ديار بنى قريظة ،،،،

بينما بعض المسلمين يسيرون فى طرق المدينة ، عائدين إلى ديارهم ، وهم يتحدثون عما من الله به عليهم من جلاء المشركين ، وبعضهم الآخر قد اصطحبوا نساءهم وأولادهم مسرعين بهم إلى المنازل ،،

إذ بصوت مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصل إلى أسماع الجميع مناديًا :-
من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلا ببنى قريظة .
ولم تمر سوى دقائق قليلة حتى فوجئ المسلمون بعلى بن أبى طالب يحمل لواء المسلمين فى بعض الجيش مسرعًا إلى بنى قريظة ، ثم إذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى فى أثره ، فى كوكبة من المهاجرين والأنصار ، وسرعان ما نهض المسلمون ليلحقوا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ومقدمة الجيش ، فتلاحقوا أرسالاً حتى وصلوا جميعًا إلى حصون بنى قريظة ، فى ثلاثة آلاف مقاتل وثلاثين فرسًا ،،،،

وقد صلى بعضهم العصر فى الطريق قائلين :- إن رسول الله لم يرد أن تدعوا الصلاة فصلوا ، ولم يصل آخرون وقالوا :- والله إنا لفى عزيمة رسول الله ، وما علينا من إثم ، ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدة من الطائفتين .

الحصار ،،،،

مشى كعب بن أسد سيد بنى قريظة حائرًا متثاقلاً ، قد خنقه حصار المسلمين ، وانفضاض قريش ، يفكر فيما هو صانع بقومه ، حتى إذا انتهى إلى كبراء بنى قريظة ، وقد جلسوا دون حراك ، ينتظرون ما الأقدار صانعة بهم ، حدثهم بصوت خفيض ، عارضًا عليهم ثلاثة حلول ، يختارون إحداها :-
إما أن يسلموا ، وقد علموا أن دين محمد هو الحق ، فيأمنوا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم ،،،
وإما أن يقتلوا نساءهم وأبناءهم بأيديهم ، ثم يخرجوا إلى جيش المسلمين فيقاتلونهم قتال من لا يخشى أن يفقد شيئًا

وإما أن يفاجئوا النبى - صلى الله عليه وسلم - وجيشه بالقتال يوم السبت ، حيث يأمن المسلمون قتالهم ،،، لكنهم أبوا أن يقبلوا منه واحدًا من هذه الحلول ، فخرج عنهم كعب وقد زاده رده غيظًا فقال :-
ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازمًا ! أما اليهود فلم يبق لهم بعد أن رفضوا الإسلام أو القتال إلا أن يرضوا بحكم النبى - صلى الله عليه وسلم - فيهم ، ففعلوا ذلك بعد أن دام حصارهم خمسًا وعشرين ليلة .

النزول على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم -

رغم أن اليهود خلال مدة الحصار كانوا مقيمين بديارهم ، وقد توفرت المياه والآبار ، وألوان الطعام المختلفة ، وهم مع ذلك قد حازوا ألفًا وخمسمائة سيف ، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع ، وخمسمائة فرس وجحفة ، على حين بقى المسلمون القادمون من غزوة طويلة ، قد أنهكتهم وأثرت فيهم - بقوا بالعراء ، يقاسون البرد القارس ، والجوع الشديد ، على الرغم من ذلك كله إلا أن الرعب الذى قذفه الله فى قلوبهم ، قد أثناهم عن القتال ، أو حتى الصمود بحصونهم ، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرسل إلينا أبا لبابة نستشيره ، وكان أبو لبابة حليفًا لهم وكانت أمواله وأولاده فى منطقتهم ،،،

فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش النساء والصبيان يبكون فى وجهه ، فرق لهم ،,,
وقالوا له :- أترى أن ننزل على حكم محمد ؟
فقال :- نعم ، وقد أشار بيده إلى حلقه إشارة إلى أن مصيرهم بذلك سيكون الذبح ،
وعلم الصحابى الجليل من فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فلم يعد إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وإنما عمد إلى سارية بمسجد المدينة ، فربط بها نفسه ، وأقسم ألا يحل وثاقه إلا محمد -صلى الله عليه وسلم - لكن الرعب الذى سلطه الله على اليهود ، جعل قلوبهم تنخلع حين سمعوا صرخة على :-

يا كتيبة الإيمان ، والله لأذوقن ما ذاق حمزة
أو لأفتحن حصنهم !

فقرروا على الفور أن ينزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - وأن يسلموا أنفسهم ، فوضعت القيود بأيدى الرجال تحت إشراف محمد بن مسلمة ، وجعلت النساء والذرارى بمعزل عنهم فى ناحية ؛ انتظارًا لما يحكم به محمد - صلى الله عليه وسلم - .

حكم سعد بن معاذ ،،،،

تحامل سعد بن معاذ على نفسه ، وركب حمارًا ، وانطلق من المدينة إلى ديار بنى قريظة ، إن سعدًا يعلم جيدًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استقدمه من المدينة التى بقى بها لإصابته بجرح فى أكحله أثناء غزوة الأحزاب فأعاقه عن شهود غزوة بنى قريظة - يعلم جيدًا أنه ما صنع ذلك إلا استجابة لرغبة الأوس ، الذين طمعوا فى رأفة رسول الله التى وسعت بنى قينقاع حلفاء الخزرج أن تنال بنى قريظة حلفاءهم أيضًا ،،،

وأفاق سعد الذى اشتد عليه جرحه على كلمات قومه من الأوس ، الذين أحاطوا به قائلين :-
يا سعد ، أجمل فى موالينا فأحسن فيهم ، وسكت سعد بعض الوقت ، حتى أكثروا عليه ، ،،
فقال لهم :- لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم !
وفطن الأوس لمراد زعيمهم ، وما إن وصل سعد إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال النبى لصحابته :- قوموا لسيدكم .
فنهضوا يعينونه على مشقة النزول ، وجلس سعد يستمع فقال القوم له :-
يا سعد ، إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك !
فسألهم :- حكمى نافذ عليهم ؟
قالوا :- نعم .
قال :- وعلى المسلمين ؟
قالوا :- نعم .
فاستحيى من النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعرض بوجهه عنه ، وأشار إليه بيده وقال:- وعلى من هاهنا ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - :- نعم وعلى .
فأصدر سعد حكمه قائلاً :-
فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال ، وتسبى الذرية ، وتقسم الأموال ،،،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :- لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات .
نعم فإن بنى قريظة ليست كبنى قينقاع التى قتلت رجلاً فى مشاجرة ، إنما هى عدو ، حالف جموع المشركين فى أحرج الأوقات ، ولولا تدبير الله - عز وجل - ورحمته لحدث للمسلمين ونبيهم -صلى الله عليه وسلم - ما لا يحمد عقباه وعلى الفور تم تنفيذ الحكم ، وكان هذا هو آخر عمل سعد بن معاذ الذى توفى بعد ذلك استجابة لدعوته .

تنفيذ الحكم ،،،،

كان كعب بن أسد مقيدًا فى محبسه ، فى دار بنت الحارث - امرأة من بنى النجار - مع رجال بنى قريظة ، مطرقًا يفكر ، وكان يؤخذ بين الحين والحين مجموعة منهم ، فيذهبون مع الداعى ، وانتبه كعب على صوت يهودى يسأله :-
ما تراه يصنع بنا ؟
فاغتاظ كعب وأجابه متعجبًا :-
أفى كل موطن لا تعقلون ؟
أما ترون الداعى لا ينزع ؟
والذاهب منكم لا يرجع ؟ هو والله القتل !
وقد كانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، فضربت أعناقهم فى خنادق حفرت لهم فى سوق المدينة ، وهكذا خطط اليهود لقتل المسلمين ونبيهم فى خندقهم فى شمال المدينة ولم يدروا حينئذ أن كتاب الله سبق ، بأنهم هم المقتولون فى خنادق سوق المدينة !

وقد قتل معهم حيى بن أخطب - سيد بنى النضير ، ومدبر الفتنة - وكان قد دخل حصنهم حين فرت قريش وغطفان ، كما قتل من نسائهم امرأة واحدة ؛ لقتلها خلاد بن سويد برحى طرحتها عليه ، وقد أسلم منهم نفر قبل النزول ، فحقنوا دماءهم وأموالهم ، وعفى عن نفر آخر ، وقسمت أموالهم فكان للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم واحد ، وبيعت سباياهم بنجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصارى ، واشترى بثمنها خيلاً وسلاحًا .

وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا .
وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طليحة العبدري .

واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة .

وفاة سعد وتوبة أبى لبابة ،،،،

رغم انتهاء غزوتى الأحزاب وبنى قريظة ، إلا أن الداخل إلى مسجد المدينة لا زال يرى أثرًا منهما ، فجريح الأحزاب سعد بن معاذ فى خيمة أقيمت داخل المسجد ؛ ليسهل على النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يعوده ، وجار بنى قريظة أبو لبابة لا زال مقيدًا إلى سارية بنفس المسجد لما صنعه .

بينما كان نفر من المسلمين جلوسًا بالمسجد ، إذ فوجئوا بالدم يسيل خارجًا من خيمة سعد ، فأسرعوا إليه ، لكنهم وجدوا جرحه قد انفجر ، وما لبث أن مات بين أيديهم .

أما أبو لبابة فإنه ظل ست ليال على حاله تلك ، تحله امرأته في وقت كل صلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، حتى فوجئ قبيل الفجر بأم سلمة تقف على بابها ، تبشره بنزول توبة الله عليه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقه حين خرج لصلاة الفجر .

المرأة اليهوديه تسمم الرسول عليه الصلاة والسلام ،،،،

وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها ، حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة بعد ان كلمت رسول الله ، وقد اعترفت تلك المرأة بما فعلت ،,,,
وقالت :- قلت إن كان نبياًّ لن يضر ، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه .
فعفا عنها صلى الله عليه وسلم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الجهاد بعد غزوة بنى قريظة } **

ما كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفرغ من غزوة الأحزاب ، ثم من قتال حلفائهم الغادرين بنى قريظة ، حتى التفت إلى من كانوا سببًا فى حصار المدينة ، فبدأ ببعث نفر من الخزرج ؛ لقتال سلام بن أبى الحقيق ، أحد كبار المدبرين لتحزيب الأحزاب ، ثم طفق يرسل السرايا لتأديب الأعراب الذين حالفوا قريشًا ، فكانت سرية محمد بن مسلمة ، ثم غزوة بنى لحيان ، ثم تتالت سرايا أخرى عديدة حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ، والتى اكتسبت شهرتها لوقوع حادثة الإفك فى أعقابها ، واستمرت البعوث بعد هذه الغزوة ، حتى كانت وقعة الحديبية ، والتى كانت نهايتها إيذاناُ ببداية عهد جديد فى سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

مقتل سلام بن أبى الحقيق ،،،،

خرج خمسة رجال من الخزرج ، أميرهم عبدالله بن عتيك متجهين إلى خيبر لقتل سلام بن أبى الحقيق ، المكنى بأبى رافع لكونه من أكابر المجرمين اليهود ، الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين ، وأعانوهم بالمال والمئونة ، ،،
وما إن وصل الخمسة إلى هدفهم حتى احتال عبدالله ودخل حصن أبى رافع ، ثم تسلل ليلاً إلى مخدعه ، حيث عاجله بضربات من سيفه ، أزهقت روحه . وكمن عبدالله حتى تأكد من إعلان وفاته فجرًا ، فغدا إلى أصحابه ، وقد كسرت ساقه لوقوعه من على الدرج ، بعد قتله أبا رافع ، فحملوه ، وعادوا جميعًا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وقد كان خروجهم فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام الخامس الهجرى .

سرية محمد بن مسلمة ،،،،

لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست من الهجرة ، خرجت سرية قوامها ثلاثون مقاتلاً مسلمًا ، أميرهم محمد بن مسلمة متجهة إلى القرطاء بأرض نجد ، إلى بطن بنى بكر بن كلاب .
وما إن وصلت إلى ديارهم حتى أسرعوا بالفرار ، فاستاق المسلمون نعمهم وشاءهم ، وعادوا إلى المدينة وقد اصطحبوا ثمامة بن أثال الحنفى ، سيد بنى حنيفة الذى خرج ليقتل محمدًا ، لكنه أسلم حين لقيه وعامله بالمدينة ، وقد منع ثمامة هذا القمح عن قريش قائلاً :-
لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله .
فاستغاثت قريش بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ، فكتب إلى ثمامة أن يخلى إليهم حمل الطعام .

غزوة بنى لحيان ،،،،

لم ينس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشرة الذين قتلوا غدرًا ببعث الرجيع ، ولم يغفل عن الغادرين من بنى لحيان ، لكنه لم يكن يستطيع أن يتوغل فى أرضهم لقربها من حدود مكة ، ديار قريش العدو اللدود للمسلمين يومئذ ، أما الآن فقد استكان هذا العدو ، وعاد خائبًا بأحزابه ، وأصبحت الفرصة مواتية لتأديب هؤلاء المجرمين .
خرج إليهم فى ربيع الأول أو جمادى الأولى سنة ست من الهجرة فى مائتين من أصحابه ، وقد استخلف عبدالله بن أم مكتوم على المدينة ، وأظهر أنه متوجه إلى الشام ، ثم أسرع إلى بطن غران ، حيث كان مصاب أصحابه ، فترحم عليهم ودعا لهم ،،،
وسمعت بمقدمه بنو لحيان ، ففرت هاربة فى رؤوس الجبال يومين ، وبعث السرايا فى إثرهم فلم يدركوهم ، ثم سار إلى عسفان ، فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش ، ثم عاد إلى المدينة بعد غياب عنها دام أربع عشرة ليلة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { سرايا أخرى } **

تابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إرسال السرايا لتأديب الأعراب الذين تحزبوا مع قريش ؛ لمهاجمة المدينة ، وكان منها :-








سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ،،،،

خرج عكاشة فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة فى أربعين رجلاً إلى الغمر ، وهو ماء لبنى أسد ، ففر القوم ، وأصاب المسلمون مائتى بعير ، ساقوها إلى المدينة .

سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة ) ،,،،

خرج محمد بن مسلمة فى عشرة رجال فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة إلى ذى القصة ، فى ديار بنى ثعلبة ، لكن الأعراب كمنوا لهم ، حتى إذا نام المسلمون باغتوهم فى مائة رجل ، وقتلوهم جميعًا ، إلا ابن مسلمة فإنه أفلت منهم جريحًا .

سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة )

سار أبو عبيدة بن الجراح فى أربعين رجلاً مشاة ليلاً فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة ، متوجهين إلى ديار بنى ثعلبة انتقامًا لقتلهم أصحاب محمد بن مسلمة ، فوصلوا إليهم صباحًا ، لكن القوم هربوا منهم فى الجبال ، وأصابوا رجلاً واحدًا فأسلم ، وغنموا نعمًا وشاء .

سرية زيد بن حارثة إلى الجموم ،،،،

خرج زيد بن حارثة فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة إلى الجموم وهو ماء لبنى سليم فى مر الظهران ، فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة ، فأرشدتهم إلى مكان من بنى سليم هاجموه فأصابوا نعمًا وشاء وأسرى .
ثم عاد زيد إلى المدينة ، وأطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراح المرأة وزوجها .

سرية زيد بن حارثة إلى العيص ،،،،

خرج زيد بن حارثة أميرًا على مائة وسبعين راكبًا ، فهاجم قافلة لقريش أميرها أبو العاص ، زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق ،،،
فأصاب زيد الأموال ، وفر أبو العاص حتى أتى زينب ، فاستجار بها ، وسألها أن تطلب من النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يرد أموال العير عليه ففعلت ،،،
وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس أن يردوا الأموال من غير إكراه ففعلوا .
ورجع أبو العاص إلى مكة ، فأدى ودائعه ، ثم أسلم وهاجر
ورد عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - زينب بالنكاح الأول بعد ما يزيد على الثلاث سنين .

سرية زيد بن حارثة إلى الطرف أو الطرق ،،،،

خرج زيد فى خمسة عشر رجلاً ، فى جمادى الآخرة بأمر رسول الله سنة ست من الهجرة إلى بنى ثعلبة ، فظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار إليهم ، ففروا ، وأصاب زيد من نعمهم عشرين بعيرًا ، ثم عاد إلى المدينة بعد أربع ليال .

سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى ،،،،

خرج زيد فى رجب سنة ست من الهجرة فى اثنى عشر رجلاً إلى وادى القرى ؛ لاستكشاف حركات العدو ، لكن سكان وادى القرى هجموا عليه ، فقتلوا تسعة ، وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة .

سرية الخبط ،،،،

أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة بن الجراح أميرًا على ثلاثمائة راكب ، ليتربصوا بعير قريش ، فأصابهم جوع شديد حتى أكلوا الخبط - وهو أوراق الشجر المتساقطة - فنحر رجل تسعة نوق ، ثلاثًا ثلاثًا ، حتى نهاه أبو عبيدة ، ثم حدثت لهم آية عجيبة ، إذ ألقى لهم البحر بدابة عظيمة يقال لها العنبر ، فأكلوا منها نصف شهر ، وعادوا ببعض لحمها إلى المدينة ، فأهدوا منه للنبى .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { غزوة بنى المصطلق } **

لم تعد أحوال جزيرة العرب ، وما تفشى فيها من دين جديد تعجب الحارث بن أبى ضرار سيد بنى المصطلق !
وقرر الرجل أن ينفض من عينيه غبار النوم ، ويغدو بقومه ، ومن قدر على جمعه من العرب إلى محمد ليغزوه .
وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث قرر أن يتبع وهمه ، فأرسل إليه بريدة بن الحصيب الأسلمى ، فأتاه وكلمه . ثم رجع إلى النبى -صلى الله عليه وسلم - يؤكد له عزم الرجل ، وهنا أسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج بعد ليلتين من شعبان سنة ست من الهجرة ،،،
وخرج معه جماعة من المنافقين ، ولم يخرجوا معه من قبل وفى الطريق ألقى المسلمون القبض على أحد جواسيس الحارث وقتلوه ، فبلغه الخبر ، وأدرك أن حلمه الجميل قد صار حقيقة مفزعة تقض مضجعه ، وهاجم المسلمون الأعراب عند المريسيع فانتصروا عليهم ،
وغنموا أموالهم ، وسبوا ذراريهم ،،،
وكانت جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار فى سهم ثابت بن قيس ، فكاتبها ، وأدى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بنى المصطلق قد أسلموا قائلين :- أصهار رسول الله .
والغزوة بهذا القدر ليست ذات ثقل فى باب المغازى ، لكن الدور الذى لعبه المنافقون فى إذكاء الفتنة بكلمات عبدالله بن أبى ، وفى حديث الإفك ، عن أم المؤمنين عائشة ، هو الذى زاد من شهرتها .

فتنة عبدالله بن أبى ،،،،

ازدحم أجير لعمر بن الخطاب مع مولى لبنى عوف من الخزرج على الماء ، فتشاجرا ، وأمسك كل بتلابيب الآخر
ثم صرخ خادم عمر :- يا معشر المهاجرين ،
وصرخ الآخر:- يا معشر الأنصار .
وهى دعوى وإن صدرت من طائشين ، إلا أن رائحة الجاهلية بها تزكم أنوف المؤمنين ، ولذا فقد بادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القوم قائلاً : -
أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟!
دعوها فإنها منتنة والمرء لا يشك أن من ترك ماله وداره لله لن يعترك مع من تنازل عن ماله وداره لأخيه فى الله .

لكن كبير المنافقين ما إن وصلته هذه الأنباء حتى وجد فيها بغيته ، فتظاهر بالغضب وقال :-
أو قد فعلوها ؟ قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا ، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأولون :- سمن كلبك يأكلك !
أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
ثم التفت إلى الأنصار ممن حوله ، مظهرًا النصح قائلاً :- هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم .
وكان ممن حوله زيد بن أرقم ، وكان غلامًا صغير السن ، لكنه أدرك خطورة ما يقال ، فأسرع بنقله إلى عمه ، الذى لم يتوان فى نقل الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عمر ،،
فقال عمر :- مر عباد بن بشر فليقتله .
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ؟، لا ، ولكن أذِّن بالرحيل .
ورحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيشه طيلة اليوم والليلة التالية له ثم صباح اليوم الذى بعده ، حتى أرهق الناس وآذتهم الشمس ، فتركهم ينامون حتى ينشغلوا عن الحديث ، أما عبد الله بن أبى فقد غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقسم له أنه لم يقل هذا الكلام ، وأن زيدًا أخطأ ،
لكن الله - عز وجل - فضحه بقرآن يتلى إلى يوم الساعة .
ووصل الجيش إلى المدينة، فوقف عبدالله بن عبدالله بن أبى الصحابى الجليل ، على باب المدينة ، وقد استل سيفه ، ومنع أباه أن يدخلها قائلاً :- والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله فإنه العزيز وأنت الذليل . فلما جاء النبى - صلى الله عليه وسلم - أذن له فخلى سبيله .

** { حــادثــة الإفــك } **

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

تلمست السيدة عائشة رقبتها فلم تجد عقدًا كانت أختها قد أعارتها إياه ,،،
وكانت فى صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ،،،
وتذكرت عائشة أين فقدته ! فتركت الجيش وذهبت تلتمسه
ولكنها حين عادت به لم تجد من جيش المسلمين أحدًا ....
وإذا القوم قد ساروا بهودجها دون أن يفطنوا إلى أنها ليست به !
وقررت السيدة عائشة أن تبقى بهذه المنازل حتى يكتشفوا غيابها فيعودوا لاصطحابها ،,,

وغلبتها عيناها فاستسلمت للنوم ، لكنها أفاقت على صوت صفوان بن المعطل !!
وكان قد تأخر عن الجيش لانه كان يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع ,,،
يقول :- إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله ؟
وأناخ صفوان ناقته ، فركبت السيدة عائشة ، وسار بها دون أن يكلمها ،،،
حتى قدم بها على الجيش فى نحر الظهيرة ،,,
ووجد رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول فى هذه الحادثة البريئة فرصة ليلوث ذيل أم طاهرة من أمهات المؤمنين و يطعن زوجها نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فى كرامته وعرضه ,,,

فأخذ ينسج الأحاديث ، ويشيعها ، ويفترى الكذب ، ووجدت هذه الافتراءات طريقها إلى عدد من المسلمين ، الذين تلقّوها بحسن نيّة ونقلوها إلى غيرهم كان منهم :-
(( حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و مسطح بن أثاثة رضي الله عنه أحد أقرباء أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، و حمنة بنت جحش رضي الله عنها ابنة عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخت زوجته ))
وعصم الله من بقي من الصحابة عن الخوض في ذلك ، وكان لسان حالهم ومقالهم كما قال القرآن
{ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أَن نتكلم بهذا سبحانك هذاَ بهتان عظيم

وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها عليه شديداً ، ولنا أن نتصوّر المشاعر المختلفة التي كانت تدور في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمعاناة الطويلة التي عاشها في ظلّ هذه الأحداث ، وهو يرى الألسنة تنال من عرضه ، وتطعن في شرفه ، ولا يملك أن يضع لذلك حدّاً أو نهاية .

وعلى الجانب الآخر ، لم تكن عائشة تدرك ما يدور حولها من أقاويل الناس ، فقد حلّ بها مرض ألزمها الفراش طيلة هذه المدّة ، إلا أنها أحسّت بتغيّرٍ في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
فبعد أن كانت تجد منه اللمسة الحانية ، والكلمة الرقيقة ، والمشاعر الفيّاضة ، إذا بها تفقد ذلك كلّه ، وتلحظ اقتصاره - صلى الله عليه وسلم – على الكلمات القليلة ، واكتفاءه بالسؤال عن حالها ، وهي تحاول أن تجد تفسيرا لهذا التحوّل المفاجيء .

وفي ليلة من الليالي خرجت عائشة رضي الله عنها مع أم مسطح إلى الصحراء لقضاء الحاجة - كعادة النساء في ذاك الزمان - ، فتعثّرت أم مسطح بثوبها وقالت : " تعس مسطح " ، فاستنكرت عائشة منها هذا القول وقالت : "بئس ما قلت ، أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟ " ، وعندها أخبرتها أم مسطح بقول أهل الإفك .

وكانت مفاجأةً لم تخطر لها على بال ، وفاجعةً عظيمة تتصدّع لها قلوب الرّجال ، } ( النور:16 )فكيف ببنت السادسة عشرة ؟ وهي تسمع الألسن توجّه أصابع الاتهام نحو أغلى ما تملكه امرأة عفيفة ، فكيف بزوجة نبي الله وخليل الله ؟

وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض ، ولم يمنعها ذلك من الوقوف على ملابسات القضيّة ، فبمجرّد أن عادت إلى البيت استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب لأبويها ، فلما رأتها أمها قالت :-
" ما جاء بك يا بنية " فقصّت عليها الخبر ، وأرادت الأم أن تواسيها فبيّنت لها أن هذا الكلام حسدٌ لها على جمالها ومكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ولم يعد هناك مجال للشك ، فها هي والدتها تؤكّد ذلك ، وعَظُم عليها أن تتخيّل الناس وهم يتحدثون في شأنها ، تقول عائشة رضي الله عنها :-
".. فبكيت تلك الليلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت " .

وطال انتظار النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي فاستشار علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، أما أسامة فأخبره بالذي يعلمه من براءة أهله ، وأما علي فقد أحسّ بالمعاناة النفسيّة التي يعيشها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأراد أن يريح خاطره ، فأشار عليه بأحد أمرين :-
إما أن يفارقها ويتحقّق من براءتها لاحقاً ، وحينها يمكنه إرجاعها ،,,
وإما أن يطّلع على حقيقة الأمر بسؤال بريرة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة ,,
وقال لها :- ( هل رأيت من شيء يريبك )
فقالت :- " لا والذي بعثك بالحق ما علمت فيها عيباً "
ثمّ ذكرت صغر سنّها وأنّها قد تغفل عن العجين الذي تصنعه حتى تأتي الشاة تأكله ,,،
وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمرها ,,
فقالت :- " يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيراً "

وكانت هذه الشهادات كافيةً أن يصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ويطلب العذر من المسلمين ، في رأس الفتنة عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك بقوله :-

( يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلاً – يعني صفوان بن المعطّل - ما علمت عليه إلا خيراً ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي )

فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال :-
" يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربتُ عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك "
فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وقد أخذته العصبيّة فقال لسعد :-
" كذبت ، لا تقتله ولا تقدر على قتله "
واختلف الأوس والخزرج ، وكاد الشيطان أن يُوقع بينهم ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدّئهم حتى سكتوا .

وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها ،,,
فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال :-
( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه )
فلما سمعت قوله جفّت دموعها ،
والتفتت إلى أبيها فقالت :- " أجب رسول الله فيما قال "
فقال :- " والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ،,,
وعندها قالت :- " لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة - والله يعلم أني منه بريئة - لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال :- { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 ) .

ثم استلقت رضي الله عنها على فراشها ، وهي تستعرض الحادثة في ذهنها منذ البداية وحتى هذه اللحظة ، وبدا لها أن آخر فصول هذه القصّة ستكون رؤيا يراها النبي - صلى الله عليه وسلم - تُثبت براءتها ،,,
ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يخلّد ذكرها إلى يوم القيامة ، وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :-
{ إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } ( النور : 11 ) .

وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ،,,
فقال لها :- ( أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك )
وقالت لها أمها :- " قومي إليه "
فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها : " والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل " .

وأراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يعاقب مسطح بن أثاثة لخوضه في عرض ابنته ، فأقسم أن يقطع عليه النفقة ، وسرعان ما نزل الوحي ليدلّه على ما هو خير من ذلك :-
{ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم }
( النور : 22)
فقال أبو بكر :- " بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي "
فرجع إلى نفقته وقال : " والله لا أنزعها منه أبدا " .

وبعد : فحديث الإفك الذي رميت به أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ما هو إلا حلقة من حلقات التآمر على الدعوة ، ومحاولة تشويه رموزها ؛ وذلك لعلم العدو أن هذا الدين يقوم على المثال والنموذج والقدوة ، فإذا أفلح في إسقاط هذا النموذج وتشويه تلك القدوة ، فقد تحقّق له ما أراد ، فمتى نعي ذلك ؟

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { البعوث بعد غزوة بنى المصطلق } **

توالت السرايا فى السنة السادسة من الهجرة ، بعد عودة النبى - صلى الله عليه وسلم - من غزوة بنى المصطلق ، فقد أرسل :-
عبدالرحمن بن عوف إلى ديار بنى كلب .
وعلى بن أبى طالب إلى بنى سعد بن بكر .
وأبا بكر الصديق إلى وادى القرى .
وكرز بن جابر الفهرى إلى العرنيين .
كما أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل عمرو بن أمية الضمرى مع سلمة بن أبى سلامة فى شوال سنة ست من الهجرة إلى مكة لاغتيال أبى سفيان ؛ لكنهما لم ينجحا فى مهمتهما .

سرية عبدالرحمن بن عوف إلى بنى كلب ،،،،

أجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن بن عوف بين يديه ، وصنع له عمامة ألبسه إياها بيديه ، ثم أوصاه بأحسن الأمور فى الحرب ،،
وقال له :- إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم
وأرسله إلى ديار بنى كلب ، بدومة الجندل ،،،
فى شعبان سنة ست من الهجرة ، ووصل عبد الرحمن إلى ديارهم ، فمكث فيهم ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وكان أبوها رأسهم وملكهم .

سرية على بن أبى طالب ،،،،

جلس وبر بن عليم سيد بنى سعد بن بكر يفكر !
كيف يستفيد من صراع المسلمين مع اليهود ؟
ووصل إلى فكرة طائشة ظن صوابها ، فأرسل رسولاً إلى خيبر ، يعرض على يهودها أن ينصرهم مقابل الحصول على تمر خيبر ، ووافقه القوم فأخذ يجمع جيشه ، ووصل الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فبادر بإرسال مائتى رجل ، أميرهم على بن أبى طالب ،،،
فخرجوا يسيرون الليل ويكمنون النهار ، حتى لا يشعروا بهم أحدًا وقد وجدوا فى طريقهم رسول وبر إلى خيبر ، فاعترف أمامهم بما فعل ، ثم دلهم على موضع تجمع بنى سعد ، فباغتهم على بجيشه، فهربوا بنسائهم ، وعاد على بجيشه يسوق أمامه خمسمائة بعير ، وألفى شاة ، من أنعامهم ، وكان خروجهم فى شعبان سنة ست من الهجرة .

سرية أبى بكر الصديق ،،،،

أراد بطن فزارة أن يغتال النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعد له لذلك جمعًا ، وكان فيهم امرأة تسمى أم قرفة ، قد أكل الحقد قلبها ، فأعدت وحدها ثلاثين فارسًا من أهل بيتها لذلك ، وعلم نبى الله بخبرهم ، فأرسل إليهم أبا بكر الصديق ، إلى مقامهم بوادى القرى فى رمضان سنة ست من الهجرة ، ووصل أبو بكر إلى مشارف ديارهم ، فصلى الفجر ثم أمر جيشه بالهجوم ، فاكتسحوا القوم ، ولم يمض من الزمن إلا يسير حتى هزموهم ، وأسروا نساءهم وذراريهم ، فكان منهم أم قرفة التى قتل فوارسها الثلاثون وابنتها التى بيعت بمكة ، فداءً لأسرى المسلمين هناك .

سرية كرز بن جابر ،،،،

لا يحاسب الإسلام الناس على ضمائرهم فى الحياة الدنيا ، وهو يقبل منهم ما يبدونه ، ويكافؤهم عليه ، لكن إن أظهروا فى وقت ما خبث طويتهم ، فليس للمسلمين أن يتوانوا عن القصاص ، أقبل رهط من عكل وعرينة إلى المدينة ، ثم أعلنوا الإسلام ، فقبلهم المسلمون ، وأرادوا الإقامة بالمدينة ، فاستضافهم سكانها ، لكنهم بعد حين ، زعموا أن صحتهم قد اعتلت من جو المدينة ومناخها ،،،
فأرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجها ، بعث معهم راعيًا بإبل كثيرة ، يشربون من ألبانها وأبوالها ليصحوا ، وفعل القوم ، فصحوا وسمنوا ، وكان أول ما صنعوه بعد ذلك أن قتلوا راعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أعلنوا الكفر بالإسلام ، وهربوا بالإبل .
وهنا أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - كرز بن جابر الفهرى فى سرية من المسلمين خلفهم ، وذلك فى شوال سنة ست من الهجرة ، ودعا عليهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :-
اللهم أعم عليهم الطريق ، واجعلها عليهم أضيق من مسك .
فأدركهم كرز وأصحابه ، وأقاموا عليهم حد الله ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ثم تركوا حتى ماتوا ، جزاء فعلتهم الغادرة المشينة .
1- سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر . 2- سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة . 3- سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة . 4- سرية زيد بن حارثة إلى الجموم . 5- سرية زيد بن حارثة إلى الطرف . 6- سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى . 7- سرية الخبط بقيادة أبى عبيدة بن الجراح .





رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 08:51 PM   المشاركة رقم: 12
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

** { غـزوة مـؤتـــــة } **

مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى ، حاملاً كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيمها ، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى ، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك !
فأسر الرسول المسالم وأوثقه ، ثم ضرب عنقه بالسيف ! !
ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ذلك عليهم ، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل ، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم ، وسرعان ما تم تجهيز الجيش ، الذى حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوصيه قبل خروجه ، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه .
على الجانب الآخر ، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك ، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين ، وهنا عقد المسلمون مجلسًا استشاريًا لينظروا جيش المسلمين ، ثم استقر رأيهم على التحرك نحو العدو وقتاله وقد كان قتالاً ضاريًا ،،،،
واجه فيه ثلاثة آلاف مسلم جيشًا قوامه مائتى ألف جندى
واستشهد فى هذا اللقاء قادة الجيش الثلاثة ، فانتقلت الراية إلى خالد ، الذى قاد المعركة بحنكة هائلة حتى نهايتها ، ثم عاد الجيش إلى المدينة .

نعم عاد دون أن ينال ثأره ، لكن حرب المسلمين للروم وإصرارهم عليها رغم فارق العدد الهائل ، ثم خسارتهم البسيطة حيث لم يقتل منهم سوى اثنى عشر رجلاً ، كل ذلك رجّ أركان الجزيرة ، وأعلن للعرب وأفهمهم من يكون المسلمون ؟ !
حتى إن القبائل اللدودة التى طال عداؤها للمسلمين ، جنحت أخيرًا إلى الإسلام ، فأسلمت بنو سليم وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها ،،،
كما صارت هذه الحرب تأكيدًا عمليًا على أن الجزيرة ليست هى حدود دين أنزل للعالمين .

تجهيز الجيش ،،،،

جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر تجمع حربى للمسلمين ، لم يجتمع قبل ذلك إلا فى غزوة الأحزاب ، وقد أمّر على هذا الجيش زيد بن حارثة ،،،
وقال: إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل فعبدالله بن رواحة ، ثم عقد لهم لواءً أبيض ، وأعطاه زيدًا وقد كان خروج الجيش فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة .

وصية النبى - صلى الله عليه وسلم -

نعم إن قتال جيش شرحبيل صار حقًا للمسلمين منذ طاح سيفه ، بعنق الرسول المسالم الحارث بن عمير ، لكن دخول شرحبيل ومن معه فى دين الله ، أحب إلى المسلمين ، وخير لهم ، لذا فقد
أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - جيشه بأن يبدأ القوم بدعوتهم إلى الإسلام ،،، فإن أجابوا فلا حق للمسلمين فى قتالهم ، وإن عاندوا وأبوا ، فليستعينوا بالله عليهم ، ويقاتلونهم ،،،
ثم قال :- اغزوا بسم الله ، فى سبيل الله ، من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولاتغيروا ، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ، ولا كبيرًا فانيًا ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرةً ، ولا تهدموا بناء .
فيا لها من كلمات سامية ، لو سمعتها اليوم آذان الجيوش المتصارعة !


توديع الجيش وتحركه ،،،،

حرب الروم ليست بالأمر اليسير ، وخروج ثلاثة آلاف مقاتل فى سرية واحدة ليس مما اعتاده المسلمون ؛ ولذا فقد تجمع الناس لتوديع الجيش وأمرائه ، ومشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيعًا ، حتى بلغ ثنية الوداع ، وقد تحرك الجيش فى اتجاه الشمال ، حتى نزل معان ، وهناك جاءه الخبر ، بمدى ما جهزت به الروم جيشها الكبير .

تجهيز جيش الروم ،،،،

وصلت أخبار جيش الروم إلى المسلمين ، نزل هرقل بمآب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم ، وكأن هذا العدد لم يكن كافيًا ، فانضم إليه من لخم وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، وبلى مائة ألف آخرون !
وفوجئ المسلمون بهذا الجمع المهول ، فعقدوا مجلسًا استشاريًّا لينظروا ما هم فاعلون .

المجلس الاستشارى ،،،،

ليلتان طويلتان مضتا على جيش المسلمين كأنهما الدهر بأسره ، وهم يفكرون ويتشاورون ماذا عليهم أن يصنعوا ؟
إن هجوم ثلاثة آلاف مسلم ، على جيش تضم جنباته مائتى ألف جندى مغامرة - ولاشك - خطيرة ، نعم إن عتاد المسلمين النفسى وهم طلاب شهادة ليس فى جيش العدو مثله ، لكنْ للدنيا أسباب ، أوجب الله الأخذ بها ، وبدا للمسلمين أخيرًا أن يكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، يستشيرونه فيما جدّ من أمرهم فإما أن يمدهم بالرجال ، وإما أن يأمرهم بأمر يمضون له ،،،،
وفى هذه اللحظة التى ظن فيها المسلمون ، أن سفينة حيرتهم قد استقرت لشاطئ انطلق صوت عبدالله بن رواحة ، يعارض هذا الرأى بقوة ويشجع المسلمين بحماسة ، ويذكرهم بأنهم لا ينتصرون بقوة أو عدد ، وأنهم لا يسعون إلا لشهادة فى سبيل ربهم فبادر القوم بقبول قوله ، وعزموا على التحرك والقتال .

المواجهة والقتال ،،،،

تحرك الجيش المسلم حتى دنا من العدو ، ثم انحاز إلى مؤتة فأقام معسكره بها ، وتعبأ للقتال ، فجعل على الميمنة قطبة بن قتادة العذرى ، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصارى ، وما لبث الجيشان غير يسير حتى بدأ القتال ،،،
قتال ثلاثة آلاف مسلم ، يقاتلون كما الليوث وسط أمواج مائتى ألف جندى من أعدائهم .
ولم يكن هرقل يتصور للحظة أن هؤلاء العرب القادمين من جوف الصحراء ، سوف يذيقون جيشه كل هذا الجهد وهذا العناء ، نعم هم لم يهزموهم وأنى لهم ذلك ، وهم القلة المتناهية ؟ لكن صمودهم وضراوتهم واستبسالهم ، قد أذهل الجميع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

استشهاد القادة الثلاث ،،،،

ألف الناس فى حروبهم أن يموت ألف جندى قبل أن يموت ضابط ، وأن يموت ألف ضابط قبل أن يموت قائد ، لكن ثلاثة آلاف جندى مسلم ، واجهوا عدوهم فاستشهد منهم اثنا عشر رجلا منهم زيد وجعفر وابن رواحة قواد الجيش الثلاثة .

حمل زيد بن حارثة الراية وقاتل قتالاً مريرًا حتى اخترمته رماح القوم ، فخر صريعًا ،،،
وتسلَّم الراية جعفر بن أبى طالب ، فما زال يقاتل حتى أرهقه القتال ، فنزل عن فرسه ، وقاتل مترجلاً حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، وقاتل حتى قطعت هى الأخرى ، فاحتضن راية الجيش بعضديه ورفعها حتى قتل وعشرات الجراح فى صدره تشهد بشجاعته واستبساله
فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .
ثم التقف الراية عبدالله بن رواحة ، فتردد هنيهة ، ثم نزل عن فرسه فأعطاه ابن عم له عرقًا من لحم ، فانتهس منه نهسة ، ثم ألقاه من يده ، وحمل سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
وبمقتل ابن رواحة أصبح الجيش الإسلامى فى حرج كبير إذ صار جيشًا بلا قائد وسط طوفان الرومان .

الراية إلى خالد ،،،،

أسرع ثابت بن أرقم إلى راية المسلمين التى سقطت بمقتل آخر قادتهم فحملها ، ثم صرخ فى الجيش :-
يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ،،،،
فقال الناس :- أنت .
لكنه قال :- ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على رجل ، عرف بينهم بالخبرة الحربية والحنكة العسكرية ، وهو البطل المسلم خالد بن الوليد ، وحمل خالد الراية ، وقاتل قتالاً شديدًا ، حتى كسرت بيده تسعة سيوف من شدة ضربه بالروم لكن يبقى الأهم من قتاله فى ذلك اليوم ، وهو حيلته الماهرة التى أنهى بها المعركة ، دون أن يهلك الجيش الإسلامى بأسره .

نهاية المعركة ،،،،

يوم بأسره مر على المسلمين وهم يقاتلون جيش الروم يصدون أمواجه المتلاطمة ، ويقاومون تياراته العنيفة ، لكن السؤال الذى كان يؤرق خالدًا طيلة الليل :-
كيف سيفلت بجيشه الصغير سالمًا من هذا المأزق الأليم ؟
إنه قطعًا لن يستطيع قتاله يومًا بعد يوم ، أما الفرار أمام الرومان ، فإنه يوقعه فى خطر المطاردة ، وسط صحراء مكشوفة ، يرى فيها الرجل مسير غريمه عبر أميال بعيدة ، حيث تصرخ جبالها مرددة صدى دبيب قدميه !
لكن خالدًا سرعان ما توصل إلى فكرة ، فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش حيث بادر فى الصباح بتنفيذها ، إذ بدل مواقع الجند ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فظن الروم أن مددًا من المدينة قد جاءهم ، ثم أخذ يتأخر بمكر قليلاً قليلاً إلى الوراء ، مع الاحتفاظ بنظام جيشه حتى يوهم عدوه بأنه يحاول أن يجره إلى بطن الصحراء حيث أعد مكيدته .
وهكذا انصرفت الروم إلى بلادها ، ولم يفكر جيشها أن يلاحق المسلمين أو يطاردهم .
وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .

العودة إلى المدينة ،،،،

لم يقصر جيش المسلمين فيما أوكل إليه من واجب ، بل الحق أنه تمادى كثيرا فى أدائه ، حتى كاد أن يحيله مغامرة متهورة ، وعلَّم ثلاثة آلاف مسلم مائتى ألف مقاتل رومى كيف تكون الحرب وكيف يكون النزال !
وعاد دون خسارة تذكر فأثارت أصوات أقدام جنده قلوب الأعراب المعاندين ، وأسرعت بنو سليم ، وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها إلى المدينة ، جانحة إلى الإسلام .
لكن مسلمى المدينة غاظهم ألا يتبع جيش خالد الروم فى عقر دارهم ؛ ليلقنهم درسا أشد عليهم من درسه الأول !!
فخرجوا يصيحون بالجيش :- يا فرار ، فررتم عن سبيل الله !
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى خرج مع الناس لاستقبال الجيش ، فقد التقط عبد الله بن جعفر من جموع الصبيان المسرعين للقاء أهليهم ،،،،
وحمله قائلا للناس : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله .
فأعاد لخالد وجيشه أقدارهما ، وأتاح الفرصة واسعة فسيحة لكل متحمس ومشتاق لغزو الروم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إضغط على الصورة

** { سـريـة ذات الـسـلاسـل } **

فقدت الأعراب حلف قريش فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - عند صلح الحديبية ، وعجزت عن قتاله وحدها بعد هذا الصلح ، لكنها وجدت فى جمع الرومان فرصة مواتية لتبث جام غضبها وحقدها ، فأسرعت تؤازرهم فى حرب المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى ذلك فإن جمعًا من قضاعة أوهمتهم عقولهم السقيمة أن المسلمين قد أنهكتهم مؤتة ، فأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة ، ،،،
فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص لأن أم أبيه كانت امرأة من بلى ، وعقد النبى - صلى الله عليه وسلم - له لواءً أبيض وجعل معه راية سوداء .

وخرج عمرو فى ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسًا ، وقد أمره النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يستعين بمن مر به من بلى وعذرة وبلقين ، وسار عمرو الليل وكمن النهار ، حتى إذا دنا من القوم علم أن لهم جمعًا كبيرًا وما كان درس مؤتة عن المسلمين ببعيد ، فأسرع عمرو بإرسال رافع بن مكيث الجهنى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح فى مائتين من كبار المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، فلما وصل المدد إليه أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ،،،،
فقال له عمرو :- إنما قدمت علىّ مددًا ، وأنا الأمير .
فأطاعه أبو عبيدة ، وسارالجيش حتى وطئ بلاد قضاعة ، فما زالوا ينسحبون أمامه حتى لقى جمعهم فى أقصى بلادهم ، فحمل عليهم بجيشه ، فهربوا فى البلاد وتفرقوا ، وآب المسلمون إلى المدينة سالمين منصورين ، وكان خروجهم فى جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة .

سرية أبى قتادة ،،،،

فى خمسة عشر رجلاً ، ولخمس عشرة ليلة كان خروج أبى قتادة إلى بنى غطفان ، الذين احتشدوا فى خضرة بنجد ، وقد عاد أبو قتادة برجاله إلى المدينة ، بعد أن قتل من بنى غطفان وسبا وغنم .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 04-08-2012, 08:51 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

** { غـزوة مـؤتـــــة } **

مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى ، حاملاً كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيمها ، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى ، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك !
فأسر الرسول المسالم وأوثقه ، ثم ضرب عنقه بالسيف ! !
ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ذلك عليهم ، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل ، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم ، وسرعان ما تم تجهيز الجيش ، الذى حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوصيه قبل خروجه ، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه .
على الجانب الآخر ، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك ، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين ، وهنا عقد المسلمون مجلسًا استشاريًا لينظروا جيش المسلمين ، ثم استقر رأيهم على التحرك نحو العدو وقتاله وقد كان قتالاً ضاريًا ،،،،
واجه فيه ثلاثة آلاف مسلم جيشًا قوامه مائتى ألف جندى
واستشهد فى هذا اللقاء قادة الجيش الثلاثة ، فانتقلت الراية إلى خالد ، الذى قاد المعركة بحنكة هائلة حتى نهايتها ، ثم عاد الجيش إلى المدينة .

نعم عاد دون أن ينال ثأره ، لكن حرب المسلمين للروم وإصرارهم عليها رغم فارق العدد الهائل ، ثم خسارتهم البسيطة حيث لم يقتل منهم سوى اثنى عشر رجلاً ، كل ذلك رجّ أركان الجزيرة ، وأعلن للعرب وأفهمهم من يكون المسلمون ؟ !
حتى إن القبائل اللدودة التى طال عداؤها للمسلمين ، جنحت أخيرًا إلى الإسلام ، فأسلمت بنو سليم وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها ،،،
كما صارت هذه الحرب تأكيدًا عمليًا على أن الجزيرة ليست هى حدود دين أنزل للعالمين .

تجهيز الجيش ،،،،

جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر تجمع حربى للمسلمين ، لم يجتمع قبل ذلك إلا فى غزوة الأحزاب ، وقد أمّر على هذا الجيش زيد بن حارثة ،،،
وقال: إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل فعبدالله بن رواحة ، ثم عقد لهم لواءً أبيض ، وأعطاه زيدًا وقد كان خروج الجيش فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة .

وصية النبى - صلى الله عليه وسلم -

نعم إن قتال جيش شرحبيل صار حقًا للمسلمين منذ طاح سيفه ، بعنق الرسول المسالم الحارث بن عمير ، لكن دخول شرحبيل ومن معه فى دين الله ، أحب إلى المسلمين ، وخير لهم ، لذا فقد
أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - جيشه بأن يبدأ القوم بدعوتهم إلى الإسلام ،،، فإن أجابوا فلا حق للمسلمين فى قتالهم ، وإن عاندوا وأبوا ، فليستعينوا بالله عليهم ، ويقاتلونهم ،،،
ثم قال :- اغزوا بسم الله ، فى سبيل الله ، من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولاتغيروا ، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ، ولا كبيرًا فانيًا ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرةً ، ولا تهدموا بناء .
فيا لها من كلمات سامية ، لو سمعتها اليوم آذان الجيوش المتصارعة !


توديع الجيش وتحركه ،،،،

حرب الروم ليست بالأمر اليسير ، وخروج ثلاثة آلاف مقاتل فى سرية واحدة ليس مما اعتاده المسلمون ؛ ولذا فقد تجمع الناس لتوديع الجيش وأمرائه ، ومشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيعًا ، حتى بلغ ثنية الوداع ، وقد تحرك الجيش فى اتجاه الشمال ، حتى نزل معان ، وهناك جاءه الخبر ، بمدى ما جهزت به الروم جيشها الكبير .

تجهيز جيش الروم ،،،،

وصلت أخبار جيش الروم إلى المسلمين ، نزل هرقل بمآب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم ، وكأن هذا العدد لم يكن كافيًا ، فانضم إليه من لخم وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، وبلى مائة ألف آخرون !
وفوجئ المسلمون بهذا الجمع المهول ، فعقدوا مجلسًا استشاريًّا لينظروا ما هم فاعلون .

المجلس الاستشارى ،،،،

ليلتان طويلتان مضتا على جيش المسلمين كأنهما الدهر بأسره ، وهم يفكرون ويتشاورون ماذا عليهم أن يصنعوا ؟
إن هجوم ثلاثة آلاف مسلم ، على جيش تضم جنباته مائتى ألف جندى مغامرة - ولاشك - خطيرة ، نعم إن عتاد المسلمين النفسى وهم طلاب شهادة ليس فى جيش العدو مثله ، لكنْ للدنيا أسباب ، أوجب الله الأخذ بها ، وبدا للمسلمين أخيرًا أن يكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، يستشيرونه فيما جدّ من أمرهم فإما أن يمدهم بالرجال ، وإما أن يأمرهم بأمر يمضون له ،،،،
وفى هذه اللحظة التى ظن فيها المسلمون ، أن سفينة حيرتهم قد استقرت لشاطئ انطلق صوت عبدالله بن رواحة ، يعارض هذا الرأى بقوة ويشجع المسلمين بحماسة ، ويذكرهم بأنهم لا ينتصرون بقوة أو عدد ، وأنهم لا يسعون إلا لشهادة فى سبيل ربهم فبادر القوم بقبول قوله ، وعزموا على التحرك والقتال .

المواجهة والقتال ،،،،

تحرك الجيش المسلم حتى دنا من العدو ، ثم انحاز إلى مؤتة فأقام معسكره بها ، وتعبأ للقتال ، فجعل على الميمنة قطبة بن قتادة العذرى ، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصارى ، وما لبث الجيشان غير يسير حتى بدأ القتال ،،،
قتال ثلاثة آلاف مسلم ، يقاتلون كما الليوث وسط أمواج مائتى ألف جندى من أعدائهم .
ولم يكن هرقل يتصور للحظة أن هؤلاء العرب القادمين من جوف الصحراء ، سوف يذيقون جيشه كل هذا الجهد وهذا العناء ، نعم هم لم يهزموهم وأنى لهم ذلك ، وهم القلة المتناهية ؟ لكن صمودهم وضراوتهم واستبسالهم ، قد أذهل الجميع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

استشهاد القادة الثلاث ،،،،

ألف الناس فى حروبهم أن يموت ألف جندى قبل أن يموت ضابط ، وأن يموت ألف ضابط قبل أن يموت قائد ، لكن ثلاثة آلاف جندى مسلم ، واجهوا عدوهم فاستشهد منهم اثنا عشر رجلا منهم زيد وجعفر وابن رواحة قواد الجيش الثلاثة .

حمل زيد بن حارثة الراية وقاتل قتالاً مريرًا حتى اخترمته رماح القوم ، فخر صريعًا ،،،
وتسلَّم الراية جعفر بن أبى طالب ، فما زال يقاتل حتى أرهقه القتال ، فنزل عن فرسه ، وقاتل مترجلاً حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، وقاتل حتى قطعت هى الأخرى ، فاحتضن راية الجيش بعضديه ورفعها حتى قتل وعشرات الجراح فى صدره تشهد بشجاعته واستبساله
فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .
ثم التقف الراية عبدالله بن رواحة ، فتردد هنيهة ، ثم نزل عن فرسه فأعطاه ابن عم له عرقًا من لحم ، فانتهس منه نهسة ، ثم ألقاه من يده ، وحمل سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
وبمقتل ابن رواحة أصبح الجيش الإسلامى فى حرج كبير إذ صار جيشًا بلا قائد وسط طوفان الرومان .

الراية إلى خالد ،،،،

أسرع ثابت بن أرقم إلى راية المسلمين التى سقطت بمقتل آخر قادتهم فحملها ، ثم صرخ فى الجيش :-
يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ،،،،
فقال الناس :- أنت .
لكنه قال :- ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على رجل ، عرف بينهم بالخبرة الحربية والحنكة العسكرية ، وهو البطل المسلم خالد بن الوليد ، وحمل خالد الراية ، وقاتل قتالاً شديدًا ، حتى كسرت بيده تسعة سيوف من شدة ضربه بالروم لكن يبقى الأهم من قتاله فى ذلك اليوم ، وهو حيلته الماهرة التى أنهى بها المعركة ، دون أن يهلك الجيش الإسلامى بأسره .

نهاية المعركة ،،،،

يوم بأسره مر على المسلمين وهم يقاتلون جيش الروم يصدون أمواجه المتلاطمة ، ويقاومون تياراته العنيفة ، لكن السؤال الذى كان يؤرق خالدًا طيلة الليل :-
كيف سيفلت بجيشه الصغير سالمًا من هذا المأزق الأليم ؟
إنه قطعًا لن يستطيع قتاله يومًا بعد يوم ، أما الفرار أمام الرومان ، فإنه يوقعه فى خطر المطاردة ، وسط صحراء مكشوفة ، يرى فيها الرجل مسير غريمه عبر أميال بعيدة ، حيث تصرخ جبالها مرددة صدى دبيب قدميه !
لكن خالدًا سرعان ما توصل إلى فكرة ، فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش حيث بادر فى الصباح بتنفيذها ، إذ بدل مواقع الجند ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فظن الروم أن مددًا من المدينة قد جاءهم ، ثم أخذ يتأخر بمكر قليلاً قليلاً إلى الوراء ، مع الاحتفاظ بنظام جيشه حتى يوهم عدوه بأنه يحاول أن يجره إلى بطن الصحراء حيث أعد مكيدته .
وهكذا انصرفت الروم إلى بلادها ، ولم يفكر جيشها أن يلاحق المسلمين أو يطاردهم .
وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .

العودة إلى المدينة ،،،،

لم يقصر جيش المسلمين فيما أوكل إليه من واجب ، بل الحق أنه تمادى كثيرا فى أدائه ، حتى كاد أن يحيله مغامرة متهورة ، وعلَّم ثلاثة آلاف مسلم مائتى ألف مقاتل رومى كيف تكون الحرب وكيف يكون النزال !
وعاد دون خسارة تذكر فأثارت أصوات أقدام جنده قلوب الأعراب المعاندين ، وأسرعت بنو سليم ، وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها إلى المدينة ، جانحة إلى الإسلام .
لكن مسلمى المدينة غاظهم ألا يتبع جيش خالد الروم فى عقر دارهم ؛ ليلقنهم درسا أشد عليهم من درسه الأول !!
فخرجوا يصيحون بالجيش :- يا فرار ، فررتم عن سبيل الله !
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى خرج مع الناس لاستقبال الجيش ، فقد التقط عبد الله بن جعفر من جموع الصبيان المسرعين للقاء أهليهم ،،،،
وحمله قائلا للناس : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله .
فأعاد لخالد وجيشه أقدارهما ، وأتاح الفرصة واسعة فسيحة لكل متحمس ومشتاق لغزو الروم .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
إضغط على الصورة

** { سـريـة ذات الـسـلاسـل } **

فقدت الأعراب حلف قريش فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - عند صلح الحديبية ، وعجزت عن قتاله وحدها بعد هذا الصلح ، لكنها وجدت فى جمع الرومان فرصة مواتية لتبث جام غضبها وحقدها ، فأسرعت تؤازرهم فى حرب المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى ذلك فإن جمعًا من قضاعة أوهمتهم عقولهم السقيمة أن المسلمين قد أنهكتهم مؤتة ، فأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة ، ،،،
فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص لأن أم أبيه كانت امرأة من بلى ، وعقد النبى - صلى الله عليه وسلم - له لواءً أبيض وجعل معه راية سوداء .

وخرج عمرو فى ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسًا ، وقد أمره النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يستعين بمن مر به من بلى وعذرة وبلقين ، وسار عمرو الليل وكمن النهار ، حتى إذا دنا من القوم علم أن لهم جمعًا كبيرًا وما كان درس مؤتة عن المسلمين ببعيد ، فأسرع عمرو بإرسال رافع بن مكيث الجهنى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح فى مائتين من كبار المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، فلما وصل المدد إليه أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ،،،،
فقال له عمرو :- إنما قدمت علىّ مددًا ، وأنا الأمير .
فأطاعه أبو عبيدة ، وسارالجيش حتى وطئ بلاد قضاعة ، فما زالوا ينسحبون أمامه حتى لقى جمعهم فى أقصى بلادهم ، فحمل عليهم بجيشه ، فهربوا فى البلاد وتفرقوا ، وآب المسلمون إلى المدينة سالمين منصورين ، وكان خروجهم فى جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة .

سرية أبى قتادة ،،،،

فى خمسة عشر رجلاً ، ولخمس عشرة ليلة كان خروج أبى قتادة إلى بنى غطفان ، الذين احتشدوا فى خضرة بنجد ، وقد عاد أبو قتادة برجاله إلى المدينة ، بعد أن قتل من بنى غطفان وسبا وغنم .





رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 08:57 PM   المشاركة رقم: 13
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة فـتـح مـكـة } **

إنه لأمر عجيب أن ترفع سيوف المسلمين ، فيخضع لها كل شبر بأنحاء الجزيرة ، وأن تركض خيولهم ، حتى تطأ حوافرها أرض الروم ، ثم تحبس هذى السيوف ، وتلك الخيول عن تحرير بيت الله الحرام من دنس الأوثان ونجاسة المشركين ، ذلك ما كانت نفوس المسلمين تحدثهم به ، لكنهم صبروا على ذلك ، وفاءً منهم بالعهد واستماعًا إلى نفوسهم التى حدثتهم أيضًا بأن الأعجب من ذلك أن تفى قريش بعهدها !!

وكان ما حسبه المسلمون حقـًا ، فسرعان ما نقضت قريش عهدها ، ثم أحست بعد فوات الأوان بالمصيبة التى سعت إليها بقدميها ، فخرج أبو سفيان إلى المدينة متداركًا ما عساه يدرك ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهيأ للغزو وحاول إخفاءها حتى يباغت المشركين ، فيحقن دماءً لالزوم لسفكها ، وقد كان هذا له ، رغم كتاب حاطب الذى أرسله ليحذر قريشًا ، وتحرك الجيش المسلم ثم نزل بممر الظهران

وعلم أبو سفيان أن أمر الله ظاهر لا محالة فأعلن إسلامه ، وغادر الجيش منزله متوجهًا إلى مكة ، وسبقه أبو سفيان ليحذر قريشًا حسبما أمر النبى ، ودخل الجيش مكة بيسير عناء ، وكان أول ما فعله النبى - صلى الله عليه وسلم - أن دخل المسجد ، ثم صلى فى الكعبة ، ثم وقف يخطب أمام قريش ، وعفا عما بدر منهم فيما مضى ، وزيادة فى إظهار الود والكرم أعطى النبى - صلى الله عليه وسلم - مفتاح البيت إلى أصحابه من قريش ، ووقف بلال يؤذن فوق ظهر الكعبة ، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ذهب يصلى ببيت أم هانئ ، ثم أعلن عن إهدار لدم كبار المجرمين .

وقد أسلم فى هذا اليوم رؤوس مكة التى طال عنادها وفى اليوم الثانى وقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فى الناس ، وتخوف الأنصار من بقائه بمكة فطمأنهم ، ثم شرع يأخذ بيعة الرجال ، حتى إذا أتمها أخذ بيعة النساء ، وأقام بمكة أيامًا ليتم ما فعله ، ثم عاد إلى المدينة .

قريش تنقض عهدها ،،،،

وهنت عظام قريش ، وانحنى ظهرها ، والدعوة الفتية تقوى ساعدها ، ويشتد عودها ، ويومًا بعد يوم أصبحت المعاهدة سورًا عاليًا بين الفريقين ، سورًا تحتمى به قريش من حرب المسلمين ، وسورًا يمنع المسلمين من حربها ، لكن غباء قريش أبى عليها إلا أن تنقب بيدها ذلك السور ، فقد أعانت بنى بكر - حلفاءها - بالسلاح وبالرجال مستغلين ظلمة الليل لقتال خزاعة - حلفاء المسلمين - والإغارة عليهم ، وأصابت بنو بكر من خزاعة رجالاً ، وسعت خلفهم حتى ألجأتهم إلى الحرم ،،،

فقالت بنو بكر لسيدهم نوفل بن معاوية الديلى :- يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم ، إلهك إلهك .
وسخر نوفل منهم ، ثم قال لهم وقد ادعوا إيمانًا زائفًا :- لا إله اليوم يا بنى بكر ، أصيبوا ثأركم ، فلعمرى إنكم لتسرقون فى الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟

وقد كان بين الفريقين ثأر وعداوة ، لم يهدأا حتى عقدت المعاهدة ، ودخل كل فى حلف طرف منها ، أما خزاعة ، فقد لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى ، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع ، وأسرع عمرو بن سالم الخزاعى ، حتى دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فى المسجد بين ظهرانى الناس ، فأنشد أبياتًا يستنجده بها

يا رب إني نـاشد محمداً **** حلف أبـينا وأبيه الأتلدا
إنه قريشٌ أخلفوك المـوعدا **** ونقضوا ميثاقك المؤكدا
فانصر رسول الله نصراً أعتدا **** وادع عباد الله يأتوا مدداً

فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
" نصرت يا عمرو بن سالم ، والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه " .

ودعا الله قائلاً
" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها ".

والتفت إلى السماء فإذا سحابة تمر فأردف قائلاً :-
إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب .

وبعد أيام وفد بديل بن ورقاء الخزاعى سرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا إياه بمصاب خزاعة من بنى بكر وحلفائها من قريش ثم رجع بمن معه إلى مكة .

أبو سفيان يخرج للمدينة ،،،،

" إن عبث قريش وطيشها ، لا تجد من يحمل عنها عواقبه سواى "
كان هذا ما تردد فى صدر أبى سفيان ، وهو خارج من مجلس قريش الاستشارى ، حيث قررت أن توفده ممثلاً لها لتجديد الصلح .

وأردف أبو سفيان يسائل نفسه :- وأين كان مجلسها الموقر هذا قبل أن تعبث مع بنى بكر بمعاهدة محمد ؟
إن أسئلة كثيرة ظلت تلاحق الرجل أثناء مسيره إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، كيف يصالحه وقد غدر به ؟ وماذا يفعل معه محمد إذا رآه ؟ وكيف تصنع قريش إن غدا عليها محمد بجيشه الذى لا يقوم له فى مكة شىء ؟
وأسئلة أخرى عديدة أخذت تطرق رأسه وهو ينهز دابته على المسير ، فى صيف قائظ وطريق لا ينتهى وفوجئ أبو سفيان ببديل بن ورقاء الخزاعى الذى غدرت بقومه قريش عند عسفان عائدًا إلى مكة فى نفر معه ، فأدرك أنه قد سبقه إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فسأله :-
من أين أقبلت يا بديل ؟
فأجابه بديل بمكر :- سرت فى خزاعة فى هذا الساحل ، وفى بطن هذا الوادى .
وأراد أبو سفيان أن يحاصره فأعاد سؤاله :- أو ما جئت محمدًا ؟
فنهز بديل دابته ومضى عنه قائلاً :- لا . فلما ذهب فت أبو سفيان بعر دابته ، فوجد فيه النوى ، علم أنها علفت بالمدينة .

وقدم أبو سفيان المدينة ، فدخل إلى بيت ابنته أم حبيبة ، زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليستريح عندها ، ولعلها تكون وسيطة بينه وبين محمد ، لكنه ما كاد يجلس ، حتى وجد ابنته تطوى عنه الفراش ، لكيلا يجلس عليه ، فاستوضحها ؟
فقالت :- بل هو فراش الرسول وأنت رجل مشرك نجس .
فمضى أبو سفيان عنها وقد صدمه ما حدث له ، ثم دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فحدثه ، فلم يرد عليه ، فخرج إلى أبى بكر ، ثم عمر ، ثم على ، فلم يجيبوه بشىء ، ولا توسطوا بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفلتت الأمور من بين أصابعه ، ولم يدر ما يفعل

فصاح بعلى يائسًا :- يا أبا الحسن ، إنى أرى الأمور قد اشتدت على ، فانصحنى ، فنصحه على أن يقوم فيجير بين الناس ،،
فسأله أبو سفيان :- أو ترى ذلك مغنيًا عنى شيئًا ؟
فأجابه على :- لا والله ما أظنه ، ولكنى لم أجد لك غير ذلك ،،
فقام أبو سفيان فى المسجد فقال :- أيها الناس ، إنى قد أجرت بين الناس !
فما رد عليه أحد وركب الرجل ناقته ، وعاد خائبًا إلى مكة .

التهيؤ للغزوة ومحاولة إخفائها ،،،،

حماقات قريش لا تنتهى ، واليوم وقد حاصرتها مخاوفها من المسلمين ، لا يدرى أحد إلى أين يقودها اضطرابها وفزعها ؟
أما محمد صلى الله عليه وسلم - فإنه يدرك جيدًا أن آذان العرب فى كل الجزيرة ، وعيونهم تتسع الآن وتترقب بيقظة وحذر ما تصير إليه الأمور بين المسلمين وقريش ، وهو لهذا لا يريد أن يجازف بحرب قريش إلا بغتة ودون استعداد منها أو تهور ، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم - الناس أن يتجهزوا ،،،
ودعا ربه قائلا ً:-
اللهم خذ العيون والأخبارعن قريش ، حتى نبغتها فى بلادها

وزيادة فى الحيطة ، أقدم النبى - صلى الله عليه وسلم - على أمر يدل على مدى حنكته العسكرية ، وليأخذ انتباه العرب وقريش ، بعيدًا عن مقصد جيشه إذ قام النبى صلى الله عليه وسلم - بإرسال سرية قوامها ثمانية رجال إلى بطن أضم يقودهم أبو قتادة بن ربعى ؛ لتطير الأخبار فى كل اتجاه ، بأن مسير جيشه تابع لسريته ، وقد وصلت السرية فعلاً إلى حيث أمرها النبى صلى الله عليه وسلم - حتى إذا علمت بخروجه إلى مكة سارت إليه فلحقته ، لكن هذا الاحتياط الشديد ، كاد أن ينقض بكتاب حاطب بن أبى بلتعة ، لولا أن تدارك الله المسلمين برحمته .

كتاب حاطب ،،،،

روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :- إن كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا .
وصحابى كحاطب بن أبى بلتعة ، جرت حسناته ومحامده أنهارًا ، كيف تلوثها فعلة واحدة ؟
كبرت تلك الفعلة أم صغرت ! رأى حاطب أنه لا قرابة له فى قريش ولا نسب ، وإن أهله وولده فيهم ، فماذا يصنع إن كانت الدائرة على المسلمين ؟ ولكل منهم قرابة لدى قريش ، يحمونه عند المصيبة ؟

فأراد أن تكون له يد عند القوم ، يحمونه بها إن هزم المسلمون ، وبين ضيق وتردد ، خطت يده كتابًا إلى قريش ، يحذرها فيه من قدوم المسلمين ، ثم أعطاه امرأة ، أسرعت به إلى مكة ، وأفلت الأمر من يد الرجل ،،،،

لكن الوحى أخبر محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بخبر حاطب فأرسل عليًا والمقداد إلى حاملة الكتاب وقد أعلمهما بمكانها وما تحمله ، فوصلا إليها ، واستخرجا منها كتاب حاطب الذي اخفته كما امرها حاطب في ضفائر شعرها ، وعاد به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فسأله ، فصدقه فى الإجابة ، وهنا أراد عمر أن يضرب عنقه ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - قال له :-
إنه قد شهد بدرًا ، وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر ،،،
فقال :- اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ؛
فذرفت عينا عمر ،،
وقال :- الله ورسوله أعلم .

وعلم المسلمون حينئذ ، أن دينًا يزن للناس حسناتهم وسيئاتهم لا ينبغى لتابعه أن يهدم فى ساعة ما بناه مع غيره فى سنين ، كما علموا أيضًا ، كيف تكون الأمة ، حصنًا دافئًا يلجأ إليه الشاردون ، لا سيفًا مُصْلتًا ، يفرون منه !

تحرك الجيش ،،،،

أيام رمضان للعام الثامن الهجرى تمر على المسلمين المترقبين فتذكرهم فى صيامهم بيوم بدر ، وتمر عشرة أيام من الشهر الكريم فيأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالخروج ، وفى لحظات ، كان عشرة آلاف جندى مسلم يزحفون باتجاه مكة ، تحت قيادة محمد - صلى الله عليه وسلم - تلهج ألسنتهم بالذكر ، وتخضع جباههم لله ، وتحوطهم السكينة من كل مكان ، وعند الجحفة ، لقى المسلمون العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرًا بأهله وعياله ، فلحق بهم ثم مضوا فى طريقهم حتى إذا كانوا بالأبواء لقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عمه أبا سفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أمية ، فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى ،،،

فقالت له أم سلمة :- لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك .
ونصح على ابن عمه أبا سفيان قائلاً :- ائت رسول الله من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف ،،،
ففعل وقال له :-
( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ، وإن كنا لخاطئين )
فقال - صلى الله عليه وسلم :-
( لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
واصطحبهما معه مستئنفًا المسير .

الجيش بمر الظهران ،،،،

شهدت مر الظهران ، ليلة السابع عشر من رمضان سنة ثمان من الهجرة أسعد أوقاته ، وأشدها ضياءً ، ففى هذه الليلة التى توافق مرور ستة أعوام على ليلة بدر نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بها مع عشرة آلاف صحابى جليل ، أوقد كل منهم نارًا هى دون نار شوقه إلى مكة حرارة ، ودون نور وجهه ضياء ، ثم وقف عمر بن الخطاب على حرس الجيش فصار منظرًا مهيبًا مشرقـًا ، لا تنساه مر الظهران حتى قيام الساعة !!



إسلام أبى سفيان ،،،،

أراد الله - عز وجل - بأبى سفيان خيرًا ، فقدّر له أن يخرج من مكة المترقبة ، يتلمس بمر الظهران خبرًا ، وقدّر للعباس بن عبدالمطلب أن يخرج من معسكر المسلمين ؛ يتلمس حوله من ينذر قريشًا ، وسمع العباس صوت أبى سفيان وصاحبيه ، بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام فأنصت ،،،
ورأى أبو سفيان معسكر المسلمين فقال :- ما رأيت كالليلة نيرانًا قط ولا عسكرًا .
وعرف العباس صوت أبى سفيان فقال :- أبا حنظلة !
فعرفه أبو سفيان وأجاب :- أبا الفضل !
ثم لم تكن إلا كلمات يسيرة بينهما ، حتى ركب أبو سفيان خلف العباس على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التى رجعت تجوس فى معسكر المسلمين ، وكان المسلمون كلما نظروا متسائلين عن الدابة وراكبها ،،،،
قالوا :- عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دابته ؛
لكن عمر بن الخطاب - رئيس حراستهم حينئذ - كان أكثر حرصًا فاقترب منهما ، حتى إذا رآهما صاح :- أبو سفيان ، عدو الله ؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد .
وفى لحظة واحدة كان العباس يركض بدابته قاصدًا خيمة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسابقه عمر بن الخطاب ليلحق به ،،،

وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - بعمر والعباس يدخلان عليه ويتصايحان ، عمر يريد ضرب عنق زعيم قريش أبى سفيان والعباس يجيره منه ،،،
وأنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الموقف بقوله :-
اذهب يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنى به .
فلما كان الصبح ،،،
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام :-
"ويحك يا أبا سفيانٍ أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله "
فقال العباس :- " والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد " .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
" ويحك ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله "
فقال:- " أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً " .
دعاه النبى - صلى الله عليه وسلم - لشهادة " ألا إله إلا الله "
فأجابه ، ثم دعاه لتمامها بأن محمدًا رسول الله ، فتردد ، لكن العباس حثه وحذره ، فأسلم وشهد شهادة الحق بعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام ،،،،
وهنا انطلق العباس فرحًا يسأل النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يارسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئًا ،،،

فنظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أبى سفيان ، قائد جيش قريش بأحد الذى أعلن تمنيه موت محمد وأبى بكر وعمر ، وزوج هند بنت عتبة التى بقرت بطن حمزة ثم لاكت قطعة من كبده - نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ثم قال :- نعم ! من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الجيش يسير إلى مكة ،،،،

فى صباح اليوم السابع عشر من رمضان للعام الثامن الهجرى تحرك جيش المسلمين قاصدًا مكة ، ووقف أبو سفيان ينظر إلى كتائبهم ، وكلما مرت منه كتيبة ،،،
سأل العباس :- من هذه ؟
فيجيبه :- سليم أو مزينة ، أو سواها من قبائل العرب ،،
فيقول أبو سفيان :- مالى ولسليم ؟ مالى ولمزينة ؟،..... وهكذا،،،
لكن كتيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخضراء مرت به ، فيها المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا العيون من الحديد ،،،
فقال :- سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟
فأخبره بخبرهم فقال :- ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة .
نعم إن الرجل قد يميز نفيس الجوهر من زائفه ، لكن الخبير من يميز النفيس من الأنفس .
وبينما أبو سفيان يتأمل كتيبة النبى - صلى الله عليه وسلم - إذ قطع تأمله صوت سعد بن عبادة مهددًا :-
اليوم يوم الملحمة ! اليوم تستحل المحرمة ، اليوم أذل الله قريشًا .

فلما حاذى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان ، أخبره بما قاله سعد ، فقال عثمان ، وعبدالرحمن بن عوف :-
يا رسول الله ، ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة ،،،
فقال النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم :-
بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ، اليوم يوم أعز الله فيه قريشًا .
ونزع اللواء من سعد ، وأعطاه لابنه قيس ، حتى يطيب خاطره ، أما أبو سفيان الذى لم يعلم أن وقوفه بهذا المكان مع العباس كان عن أمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد امتلأ قلبه تعظيمًا وهيبة من جند المسلمين ، فانطلق إلى قريش يحذرها ، حتى لا تهلك نفسها بحرب محمد -صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك ما أراده النبى .

أبو سفيان يحذر قريشًا ،،،،

إن قريشًا المتلهفة لسماع خبر عن جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - قد فوجئت برأسها وكبيرها أبى سفيان ، يدخل مكة مسرعًا ، وصياحه يسبق فرسه ، صارخًا !!
يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن .

وما كاد الرجل يبدأ كلامه ، حتى كانت زوجه هند قد أخذت بشاربه ، وهى تسبه وتصيح به ،،
فقال أبو سفيان :- ويلكم ! لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن و هنا قال الناس ، وقد نفد صبرهم ،،،
قاتلك الله ، وما تغنى عنا دارك ! فقد وجدوا زعيمهم يفخر بأمان داره ، وهم فى مصيبتهم حيارى ،،،

فأجابهم أبو سفيان :-
ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .
ووقفت قريش لحظة تستمع إلى صوت عقلها ، قد نطق به لسان أبى سفيان ، ثم إلى صوت عاطفتها ، ينطق به لسان زوجه ، لكنهم قطعوا ترددهم ، واتبعوا عقولهم ، فأسرعوا إلى دورهم ، يغلقون على أنفسهم أبوابها ، وإلى المسجد يلوذون بحماه .

الجيش يدخل مكة ،،،،

ويحك مكة ! مم تخشين ؟!

من جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - أميره وقائده؟ والمهاجرون والأنصار بعض جنده المخلصين ؟
حق لك يا من ناءت دروبك وحرم بيتك بوطء نعال المشركين - أن تفرحى وتبشى ، بسعى النبى والمسلمين بين أجنابك ، وطوافهم حول بيتك العتيق ، أما آن لهذا البيت أن يفك أسره ، وتحل قيوده ؟
هذا البيت الذى مل من رؤية أقـفية المحاصرين ، من أوثان قريش وأصنامها .

مضى محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى ذى طوى ، واضعا رأسه تواضعا للحق تبارك وتعالى ، حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل ، ليس كملك يفتح بلدة طالما عاندته ، بل كنبى كريم قد استسلم لقدر الله بدخول مكة ، كما استسلم من قبل لقدره بخروجه منها .

وهناك وزع جيشه ، فجعل خالد بن الوليد على الميمنة ، وفيها أسلم ، وسليم ، وغفار ، ومزينة ، وجهينة ، وقبائل من قبائل العرب ، وأمره أن يدخل مكة من أسفلها ،،،
وقال :- إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدا ، حتى توافونى على الصفا ، وقد لقى فصيل خالد بعض الكيد من سفهاء المشركين بالخندمة ، لكنه سرعان ما أجهز عليه ،،،،

وجعل - صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام على الميسرة ، وأعطاه راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يدخل مكة من أعلاها ، وأن يغرز رايته بالحجون ، ولا يبرح حتى يأتيه ،،،
وجعل - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة على الرجالة والحسر الذين لا سلاح معهم ، وأمره أن يأخذ بطن الوادى ، حتى ينصب لمكة بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى دقائق معدودة ذابت هموم السنين الطوال ،،،

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه وحوله ، حتى وافى خالدا على الصفا ،،،
ثم تقدم الجمعان ليلتقيا بالزبير بالحجون ، عند مسجد الفتح ، ثم كان مسير آخر الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - إلى أول بيت وضع للناس .

خالد بالخندمة ،،،،

أسرعت قريش إلى دورها وإلى المسجد للاحتماء من جيش المسلمين ، ورأت أن تقدم سفهاءها لمقابلة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، فإن كان النصر لهم شركوهم ، وإن كانت عليهم تركوهم ، فتجمع بهذا سفهاء قريش ، وأخفاؤها مع عكرمة بن أبى جهل ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين ، وكان ضمن هؤلاء الناس رجل يدعى حماس بن قيس ، وكان مغرورًا لكن به ظرف ، أعد سلاحًا لمقاتلة المسلمين ، فحذرته زوجته من سوء عاقبته ،،،
فأجابها :- والله لأرجو أن أخدمك بعضهم !
ثم أخذ ينشد شعرًا ، وبالخندمة لم يلق سيف الله خالد أحدًا من المشركين إلا أنامه ، ولم يقتل من جيشه سوى كرز بن جابر الفهرى ، وخنيس بن خالد بن ربيعة ؛ إذ شذا عن الجيش ، وسلكا طريقًا غير طريقه ، فقتلا جميعًا ، وأسرع المشركون بالفرار ، وفوجئت زوجة حماس ببعلها يدخل بيته ، مرتجفًا شاحبًا وهو يقول لها :- أغلقى على بابى .
وكعادة النساء فى هذه الأحوال سألته :- وأين ما كنت تقول ؟
فانطلق يقرض شعرًا ، يفسر به خيبته ، ويعتذر عن فوات فطنته .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدخل المسجد

لا ندرى أيهما كان أشد شوقًا لصاحبه ؟ المسجد الحرام أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها وهو يقرأ قوله تعالى :-
(( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ))
واستسلمت مكة ، وأخذ المسلمون يهتفون في جنبات مكة وأصواتهم تشق عناء السماء :-
الله أكبر .. الله أكبر .

ولقد انطلق - صلى الله عليه وسلم - ومن حوله خيار المسلمين من المهاجرين والأنصار ، حتى دخل المسجد فاستلم الحجر الأسود ، الذى ظل لسنين طوال شاهدًا حزينًا لما يحدث حوله من جاهلية بغيضة ، ووثنية قبيحة .

وآن له الآن أن يشعر بلمسة يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيادى المسلمين ، تخفف عنه أحزانه ، وتمسح عن صفحته ، أدران الشرك ولوثاته ، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت على راحلته ، وفى يده الشريفة قوس ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا يجثمون على صدره ، ويكتمون نوره ، فكان كلما مر بواحد منها طعنه بقوسه فوقع على وجهه ، وهو يتلو :-
( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )
( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )

ولعل الذين كانوا يستمعون لهاتين الآيتين ثم يلتفتون فيجدون الباطل منتفخًا - لعلهم يشعرون الآن بمذاق جديد لهاتين الآيتين الكريمتين ، وأكمل - صلى الله عليه وسلم - طوافه ، فدعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ؛ ليدخلها ويصلى بها صلاة للواحد الأحد كما كان يصنع جداه (( إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ))

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلى فى الكعبة

ما أجمل أن يستوى الميزان ! رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتسلم مفتاح بيت الله !
نعم هكذا يعود الأمر إلى نصابه ، ويدخل - صلى الله عليه وسلم - البيت ، فيغلق عليه بابه ، وتهدأ أصوات الجيش وقريش بالخارج ، وينفرد بالدخول معه - صلى الله عليه وسلم - بلال وأسامة ، عبد وابن عبد ، لكنهما أثقل فى ميزان الله من أشراف المشركين جميعًا ، ويسقط بدخولهما بناءً للكبر طالما جثم على صدر الإنسانية بمكة ، ويقلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناظريه فى أرجاء الكعبة ، فإذا فيها الصور ، وإذا صورة معلقة لإبراهيم وإسماعيل -
عليهما السلام - يستقسمان بالأزلام !
فقال - صلى الله عليه وسلم - :- قاتلهم الله ، والله ما استقسما بها قط .

وإذا بالكعبة حمامة من عيدان فكسرها ، وأمر بالصور فمحيت ؛ لتطوى بذلك صفحة قاتمة من تاريخ الإنسانية ، التى لونت بيدها تراث الأنبياء .
وترفع بصلاته - صلى الله عليه وسلم - أستار كثيفة طالما أرخيت ؛ فيتبدد عن مكة ظلامها بأشعة الإسلام المشرقة الدافئة ، وبعد أن فرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من صلاته دار فى البيت ، وكبر فى نواحيه ، ووحد الله ، ثم فتح الباب ليخاطب قريشًا المنتظرة .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب أمام قريش

" لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له
صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده "

كان هذا ما سمعته قريش المصطفة داخل المسجد تترقب كلمات القائد المنتصر محمد - صلى الله
عليه وسلم - أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان آخذًا بعضادتى باب الكعبة ، وهم تحته وقد استأنف يقول :-
ألا كل مأثرة ودم ومال يدعى أو دم فهو تحت قدمى هاتين ، إلا سدانة البيت ، وسقاية الحاج ، ألا وقتل الخطأ شبه العمد - السوط والعصا - ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل : أربعون منها فى بطونها أولادها ،،،
يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب ، ثم تلا النبى - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى :-
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير )

وتعجبت قريش من قول محمد - صلى الله عليه وسلم - لقد بدأ كلامه بذكر ربه ، وحمده وإرجاع الفضل كله إليه ، ثم عرج على إيضاح بعض مبادئ الإسلام الذى يدعو إليه ، لكن ماذا سيصنع بهم ؟
وهنا سمعوا النبى - صلى الله عليه وسلم - يسائلهم :-
يا معشر قريش ، ما ترون أنى فاعل بكم ؟
فأجابوا بأمل ورجاء : خيرًا ! أخ كريم وابن أخ كريم .
وحين عمدت قريش فى إجابتها تلك إلى تذكيره بنسبه القرشى ،،
فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان مشغولاً بنسب له آخر ، نسبه النبوى ،،
فأجابهم :- فإنى أقول لكم كما قال يوسف لإخوته
( لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء )
هكذا نظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الأمر برمته ، لن يعدو ما فعلوه عما فعله إخوة يوسف به ، لكنهم إخوته ، وليس له وهو نبى الله ، إلا أن يغفر لهم ما فعلوه .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مفتاح البيت إلى أهله ،،،،

إن أول ما يفعله الثائرون حين تصير الأمور إلى أيديهم هو أن يزيلوا كل أثر كان لسالفيهم ، ويهدموا كل بنيان لم تقمه سواعدهم ، مؤكدين فى كل لحظة ، أن الماضى لم يكن إلا شرًا كله ، وأن خيرًا فى هذه الدنيا ، لن يأتى إلا على أيديهم الطاهرة ،،،

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما جاء ليسلب أحدًا ملكه ، ولا ليبدل كل ما حوله ، إنما جاء ليرجع الأمر لله ، ويقيم دينه بين الناس ، بأن ينزع عنهم ما ألفوه من الباطل ، ثم يقيم بناءه على ما ألفوه من الحق ، لقد جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى المسجد ، فوجد عليًا أو العباس قادمًا إليه يحمل مفتاح الكعبة فى يده ،،،

قائلاً :- يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، صلى الله عليك ؛
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - سأل :- أين عثمان بن طلحة ؟ - وهو حامل مفتاح الكعبة من قريش - ؟؟
فأتوه به ، فقال له :- هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء !
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن زوال الأصنام من حول الكعبة هو هدف رسالته ، أما زوال مفتاح الكعبة من يد عثمان فإنه ليس من رسالته فى شىء .

بلال يؤذن على الكعبة ،،،،

إن كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم -:- الناس من آدم وآدم من تراب .
والتى لم يمض على سماع قريش لها سوى قليل ، قد أصبحت واقعًا يتجسد ، حين جاء وقت الصلاة ،،،
وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً أن يؤذن فوقها .
فقام بلال على ظهر الكعبة ، يؤذن فى المسلمين ، ولم يدهش حينئذ واحد منهم ، فبلال عبد لله وقف على ظهر بيت الله يؤذن لعبادة الله ، فما الداعى إذن للدهشة أوالسؤال ؟
لكن عتاب بن أسيد ، والحارث بن هشام ، وقد كانا جالسين بفناء الكعبة مع أبى سفيان ، لم يعجبهما هذا المنظر ،،،

فانطلق عتاب يقول :- لقد أكرم الله أسيدًا أن لا يكون سمع هذا ،،
وقال الحارث :- أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته .
أما أبو سفيان ، الذى أسلم وتشهد ، فقد قال :- أما والله لا أقول شيئًا ، لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصباء ،،،
وهنا خرج عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لهم :- قد علمت الذى قلتم . وذكر لهم ،
فبهت الحارث وعتاب ، ونطقا معًا قائلين :- نشهد أنك لرسول الله ، والله ما أطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى ببيت أم هانئ

بدلاً من إقامة المهرجانات والاحتفالات ، وتوزيع الملصقات وتشييد أقواس النصر ، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببساطة إلى بيت أم هانئ بنت أبى طالب ، فى وقت الضحى ليغتسل؛
ويصلى صلاة الفتح ، ثمانى ركعات للناصر المنعم الكريم سبحانه وتعالى

وقد أسرع رجلان من بنى مخزوم أقارب زوج أم هانئ إلى بيتها ، للاحتماء من أخيها على إذ أراد قتلهما ، فأغلقت عليهما باب بيتها دونه ، وسألت النبى - صلى الله عليه وسلم - أن ينقذهما من على ، فقال لها :- قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، فلا يقتلهما .
،،،
إهدار دم المجرمين ،،،،

إن ملايين كثيرة من البشر قد فقدوا أرواحهم فى الحرب العالمية الثانية ، من جراء أفعال نفر من الساسة وأقوال جمع من الإعلاميين ، وإن المرء ليعجب أى عقاب دنيوى يجب أن يوقع على هؤلاء وأولئك .

فتح محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون مكة ، وعفا النبى - صلى الله عليه وسلم - عن جموع قريش ، لكن بعضًا منهم كان يستحق أن يعاقب جزاء فعله وقوله ؛،،
ولذا فقد أهدر صلى الله عليه وسلم - دماء عبد العزى بن خطل ، فذهب يتعلق بأستار الكعبة ، لكنها لم تغن عنه شيئًا ، إذ أمر صلى الله عليه وسلم - رجلاً أن يقتله فقتله ، وأهدر دم مقيس بن صبابة ، الذى أسلم ثم قتل أنصاريًا ، ثم ارتد ولحق بالمشركين - فقتله نميلة بن عبدالله ، وأهدر دم الحارث بن نفيل الذى كان شديد الأذى للنبى صلى الله عليه وسلم - بمكة ، ودم الحارث بن طلاطل الخزاعى فقتلهما على ، وأهدر دم عبدالله بن أبى سرح الذى ارتد بعد إسلامه ، لكن عثمان شفع فيه إلى النبى صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وكذلك عكرمة بن أبى جهل ، لكن امرأته استأمنت له ، فأمنه النبى صلى الله عليه وسلم - فأتت به من اليمن ، فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر دم هبار بن الأسود ، الذى تعرض لزينب عند هجرتها وآذاها حتى أسقطت جنينها ، لكنه صلى الله عليه وسلم - عفا عنه فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر - صلى الله عليه وسلم - دم سارة حاملة كتاب حاطب ، ومغنيتان لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقتلت إحداهما ، وأسلمت الأخرى مع سارة وعفى عنهما ويذكر أيضًا ممن أهدر دمهم ثم عفى عنهم وأسلموا كعب بن زهير ، ووحشى بن حرب ، وهند بنت عتبة زوجة أبى سفيان .



إسلام رؤوس مكة ،،،،

أسرع صفوان بن أمية الخطا فارًا من مكة لدخول المسلمين بها وصفوان وإن لم يكن ممن أهدر دمهم إلا أنه يعلم جيدًا أنه أحد زعماء قريش ، الذين طالت حربهم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وما إن وصل صفوان إلى شاطئ البحر ، وهمّ بركوبه لجوءًا إلى اليمن ، حتى سمع صياح عمير بن وهب الجمحى يناديه ، والتفت صفوان إلى عمير الذى أخبره بأنه استأمن له الرسول -صلى الله عليه وسلم - وقد أعطاه عمامته التى دخل بها مكة ، وهنا عاد صفوان مع عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافضًا الهرولة إلى الإسلام ،،،
قائلاً للنبى :- اجعلنى بالخيار شهرين !
فقال له - صلى الله عليه وسلم -:- أنت بالخيار أربعة أشهر !
فأسلم صفوان ، وكانت امرأته أسلمت قبله ،،،
فأقرهما - صلى الله عليه وسلم - على النكاح الأول .

أما فضالة بن عمير فقد عزم على قتل النبى - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالكعبة حتى قرب منه -صلى الله عليه وسلم - ،،
وهنا ابتدره النبى متسائلاً :- أفضالة؟
قال :- نعم ، فضالة يا رسول الله ،،
فقال :- ماذا كنت تحدث به نفسك ؟
فأجابه فضالة :- لا شىء ، كنت أذكر الله !
فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم استغفر ثم قال: استغفر الله ،،،
ويحكى فضالة عن ذلك قائلا :- ووضع يده الشريفة على صدرى ، حتى مامن خلق الله شىء أحب إلى منه ثم رجع إلى أهله .

خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم الثانى

قتلت هذيل لخزاعة رجلاً شجاعًا يسمى أحمر ، وكان ذلك فى الجاهلية ، لكن خزاعة بعد الفتح فوجئت بقاتله :- ابن الأثوع الهذلى يدخل مكة متسائلاً عن أمر الناس ، وهو بعد على شركه ، فأحاطوا به قائلين :-
أأنت قاتل أحمر ؟
فقال :- نعم ، أنا قاتل أحمر ، فمه ؟ أى فماذا تريدون ؟!
وهنا أقبل خراش بن أمية الخزاعى شاهرًا سيفه ، ثم أمر الناس أن يتنحوا عنه ، فتنحوا ، وقد ظنوا أنه يريد أن يفرج عن الرجل لكنه فى لحظة واحدة ، وضع السيف فى بطن ابن الأثوع ، فسقط صريعًا ،،،

فقام رسول الله فى الناس خطيبًا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ومجده بما هو أهله ، ثم أعلن حرمة مكة إلى يوم القيامة ، ونهى أن يسفك فيها دم ، أو يعضد بها شجرة ، أو يصطاد بها ، أو تلتقط بها ساقطة ،،،،
ثم خاطب خزاعة قائلاً :- يا معشر خزاعة ، ارفعو يديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع ، لقد قتلتم قتيلاً لأدينه ، فمن قتل بعد مقامى هذا فأهله بخير النظرين ، إن شاءوا فدم قاتله ، وإن شاءوا فعقله .

تخوف الأنصار من بقائه - صلى الله عليه وسلم -

إن فرحة الأنصار بفتح مكة قد شابها خوفهم من فقدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبينما كان - صلى الله عليه وسلم - واقفًا على الصفا رافعًا يديه يدعو ربه ، إذ تهامس الأنصار فيما بينهم ،،،
قائلين :- أترون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ فتح الله عليه أرضه وبلده ، أن يقيم بها ؟
وفرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من دعائه ، فالتفت إليهم متسائلاً :-
ماذا قلتم ؟
فقالوا :- لا شىء يا رسول الله ؛
مخافة أن يكره مقالتهم ، لكنه لم يزل بهم حتى أخبروه ،,,
فقال محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
معاذ الله ! المحيا محياكم ، والممات مماتكم .

وما كان له - صلى الله عليه وسلم - وهو البار الوفى ، أن ينسى صنيع الأنصار فيجعلهم منزلاً فى طريقه ، ما إن يتجاوزه حتى يزهده وينشغل عنه .

بيعة الرجال ،،،،

أشرقت شمس الحق بمكة ، فذهبت من الدروب والقلوب خفافيشها ، تبين للناس الحق جليًا ، وخلى بينهم وبينه ، فأسرعوا تهفو قلوبهم إلى نوره ، وجلس المصطفى - صلى الله عليه وسلم -على جبل الصفا ، الذى شهد قديمًا تكذيب قريش حين جاهر بدعوته - جلس اليوم يبايع الناس ، وعمر بن الخطاب أسفل منه ، يأخذ على الناس ، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا .

بيعة النساء ،،،،

لم تدر هند بنت عتبة ما تصنع ؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم - الجالس على جبل الصفا ، وأسفل منه عمر بن الخطاب ، قد فرغ من بيعة الرجال ، وآن للنساء أن يذهبن للمبايعة ، لكن كيف تغدو معهن ، وهى قاتلة حمزة ، ومن مثلت بجثمانه ولاكت كبده بأحد ؟
ترددت هند قليلاً ، ثم تنكرت حتى لا تعرف وذهبت للمبايعة ، وهناك سمعته - صلى الله عليه وسلم - يقول :-
أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئًا ، فبايعنه ،،،
ثم قال :- ولا تسرقن ،
فنسيت هند أمرها وقالت :- إن أبا سفيان رجل شحيح ، فإن أنا أصبت من ماله هنات ؟
فقال أبو سفيان :- وما أصبت فهو لك حلال .
وضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو إن عرفها حين تحدثت ؛ إلا أنه عرف مع ذلك أيضًا صدق حديثها ، حين استوثقت لدينها ، وقال لها :- وإنك لهند ؟
فقالت :- نعم ، فاعف عما سلف يا نبى الله ، عفا الله عنك ،،،
ثم أكمل النبى - صلى الله عليه وسلم - ببيعته للنساء قائلاً :- ولا يزنين ،،،
فقالت :- أو تزنى الحرة ؟
فقال :- ولا يقتلن أولادهن ، وهنا ذكرت هند حنظلة ابنها الذى قتل يوم بدر ، فأجابت :- ربيناهم صغارًا ، وقتلتموهم كبارًا ، فأنتم وهم أعلم ؛
فضحك عمر حتى استلقى ، وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال :- ولا يأتين ببهتان ،،،
فقالت :- والله إن البهتان لأمر قبيح ، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- ولا يعصينك فى معروف ،،،
فقالت صادقة مصدقة :- والله ، ما جلسنا مجلسنا هذا وفى أنفسنا أن نعصيك .
فرحم الله هند كانت رأس النساء فى الشرك ورأس النساء فى الإسلام .
إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة وعمله فيها

بقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يومًا بمكة ، يغسل عن وجهها الوضىء مابقى من أدران الجاهلية الحمقاء ، ويجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى ، وأمر أبا أسيد الخزاعى فجدد أنصاب الحرم ، وسار المنادى بمكة صائحًا :-
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع فى بيته صنمًا إلا كسره ، وقد بث - صلى الله عليه وسلم - سراياه للدعوة إلى الإسلام .



** { سرايا رمضان بعد فتح مكة } **

فتح مكة أمر حسن ، والأحسن منه هو تمام هذا الفتح ؛ لهذا بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإرسال السرايا لتطهير أرض العرب من بقايا الأوثان ، ولدعوة العرب إلى دين الله الواحد القهار ، فتتالت بعثة خالد لهدم العزى ، وبعثة عمرو بن العاص لهدم سواع ، ثم بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ، ثم بعثة خالد لدعوة بنى جذيمة والتى تأخرت إلى شوال من العام نفسه .

بعثة خالد لهدم العزى ،،،،

خرج خالد بن الوليد فى ثلاثين فارسًا ، لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة إلى نخلة لهدم العزى أعظم أصنام قريش وجميع بنى كنانة ، وكان سدنتها بنى شيبان ، فسار إليها حتى هدمها ،،،
لكن النبى - صلى الله عليه وسلم -
سأله حين رجع إليه :- هل رأيت شيئًا ؟
فقال :- لا
فقال له :- فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها ، فرجع إليها خالد وقد امتلأ غيظًا فجرد سيفه ، فخرجت إليه امرأة عريانة ، سوداء ناشرة الرأس ، وجعل السادن يصيح بها ، لكن خالدًا جزلها بضربتين ، ثم رجع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم - له :-
نعم تلك العزى ، وقد أيست أن تعبد فى أرضكم أبدًا .

بعثة عمرو لهدم سواع ،،،،

وصل عمرو بن العاص إلى سواع : صنم لهذيل برهاط ، وهم بتدميره ،،،
لكن سادنه وقف يسأله بثقة قائلاً :- ما تريد ؟
فأجابه عمرو ببساطة :- أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه ،،،
فقال له بثقة متزايدة :- لا تقدر على ذلك !
فسأله عمرو متعجبًا :- لم؟
فقال :- تمنع .
وازداد عجب عمرو من عقل طائش يتحدث بيقين وسأله :- حتى الآن أنت على الباطل ؟ ويحك !
فهل يسمع أو يبصر ؟! ثم التفت عمرو عنه ودنا ليكسره ، وأمر أصحابه ، فهدموا فى لحظات بيت خزانته ، ولم يجدوا فيه شيئًا ، وقبل أن يرجع عمرو بأصحابه ،،،
عاد فسأل السادن :- كيف رأيت؟ فأجاب بهدوء: أسلمت لله .

بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ،،،،

مناة ! وثن العرب الشهير ، لطالما وقفت تنظر بسخرية وازدراء إلى ألوف الراكعين السجد بحضرتها عبر أجيال عديدة ، وآن لمناة أن تخر صريعة بسيوف الحق ورماحه ، خرج سعد بن زيد الأشهلى ، فى عشرين فارسًا ، حتى انتهى إليها عند المشلل ،،،

وخرج إليه سادنها ،يسأله بعصبية مفتعلة :- ما تريد؟
فأجابه سعد :- هدم مناة .
فتظاهر السادن بعدم الاكتراث ، وقال بلهجة مشبعة بالتهديد :- أنت وذاك !!
ولم يلتفت سعد إليه ، إنما تقدم إليها ، ففوجئ بامرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس ، تدعو بالويل ، وتضرب صدرها ، فشجعها السادن بغباء لا ينتهى قائلاً :-
مناة دونك بعض عصاتك .

لكن تلميذ النبى - صلى الله عليه وسلم - سعد بن زيد ، لم يكن لتهزه هذه الصورة أو تلك الكلمات ، فضربها بسيفه ضربة قتلتها ثم أقبل إلى الصنم فهدمه وكسره ، ولم يجد أصحابه فى خزانته شيئًا .

بعثة خالد إلى بنى جذيمة ،،،،

وصل خالد بن الوليد الذى خرج فى ثلاثمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار وبنى سليم إلى بنى جذيمة ، داعيًا إلى الإسلام لا مقاتلا فى شوال من العام الثامن للهجرة ، لكن بنى جذيمة لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ،،،
فجعلوا يقولون :- صبأنا ، صبأنا .

فأعمل خالد فيهم القتل والأسر ، ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرًا ليقتله ، فأما بنو سليم فقد أطاعته ، وأما عبدالله بن عمر ومن معه من المهاجرين والأنصار فقد أبوا ، حتى قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ما حدث ، فاشتد ذلك عليه حتى رفع يديه وقال :-
اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد . مرتين ،،،

ثم أسرع - صلى الله عليه وسلم - بإرسال على بن أبى طالب ، لهم قتلاهم وما ذهب منهم ، إن حديثى العهد بالإسلام ، قد يحسبونه ثورة وقتالاً حتى النصر ، أما راسخو القدم فيه فيعلمون أنه دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ثم هو قتال لمن بغى واعتدى وتكبر .

الفتح ودخول الناس أفواجًا ،،،،

أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق ، الذى سطع فى مكة ، وغرها شيطانها ؛ فوحدت صفوفها ؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره ، وعلو دعوته
فخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - لمقاتلتهم فى غزوة حنين ، وكما يقولون :-
فعلى نفسها جنت براقش
ومحارب الله ورسوله ، ترى إن لم يرجع بالخيبة ، ويبؤ بالخزى والفشل ، فبم يرجع ، وبم يبوء ؟!
وعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا ؛ ليرسل جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل ، و السرايا لمن اعتدى منهم .
لكن " أسد الرومان " لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته ، وهو يعلم خطره ، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه ، وتنبهه ؛ ليترك عرينه ، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار .

أما النبى العظيم - صلى الله عليه وسلم - فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة ؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى غزوة تبوك الشهيرة ، والتى ابتليت فيها العزائم ، وامتحنت فيها النفوس .
ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض الوقائع المهمة ، والتى كان آخرها إرسال أبى بكر أميرًا على الحج ،، ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها ، ورسخت أقدامها ؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى - صلى الله عليه وسلم - تدخل فى دين الله أفواجًا ،،،
وبقدوم " ذى الحجة " من العام العاشر للهجرة ، خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - حاجًا حجة الوداع ، ثم عاد إلى المدينة ليرسل آخرالبعوث :- بعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم ، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصعود روحه إلى بارئها - عز وجل - ، مخلفًا وراءه دولة وأمة ، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه ، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه ، والسائرين على دربه إلى يوم الدين .

اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض ، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض .. آمين .



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 04-08-2012, 08:57 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة فـتـح مـكـة } **

إنه لأمر عجيب أن ترفع سيوف المسلمين ، فيخضع لها كل شبر بأنحاء الجزيرة ، وأن تركض خيولهم ، حتى تطأ حوافرها أرض الروم ، ثم تحبس هذى السيوف ، وتلك الخيول عن تحرير بيت الله الحرام من دنس الأوثان ونجاسة المشركين ، ذلك ما كانت نفوس المسلمين تحدثهم به ، لكنهم صبروا على ذلك ، وفاءً منهم بالعهد واستماعًا إلى نفوسهم التى حدثتهم أيضًا بأن الأعجب من ذلك أن تفى قريش بعهدها !!

وكان ما حسبه المسلمون حقـًا ، فسرعان ما نقضت قريش عهدها ، ثم أحست بعد فوات الأوان بالمصيبة التى سعت إليها بقدميها ، فخرج أبو سفيان إلى المدينة متداركًا ما عساه يدرك ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهيأ للغزو وحاول إخفاءها حتى يباغت المشركين ، فيحقن دماءً لالزوم لسفكها ، وقد كان هذا له ، رغم كتاب حاطب الذى أرسله ليحذر قريشًا ، وتحرك الجيش المسلم ثم نزل بممر الظهران

وعلم أبو سفيان أن أمر الله ظاهر لا محالة فأعلن إسلامه ، وغادر الجيش منزله متوجهًا إلى مكة ، وسبقه أبو سفيان ليحذر قريشًا حسبما أمر النبى ، ودخل الجيش مكة بيسير عناء ، وكان أول ما فعله النبى - صلى الله عليه وسلم - أن دخل المسجد ، ثم صلى فى الكعبة ، ثم وقف يخطب أمام قريش ، وعفا عما بدر منهم فيما مضى ، وزيادة فى إظهار الود والكرم أعطى النبى - صلى الله عليه وسلم - مفتاح البيت إلى أصحابه من قريش ، ووقف بلال يؤذن فوق ظهر الكعبة ، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ذهب يصلى ببيت أم هانئ ، ثم أعلن عن إهدار لدم كبار المجرمين .

وقد أسلم فى هذا اليوم رؤوس مكة التى طال عنادها وفى اليوم الثانى وقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فى الناس ، وتخوف الأنصار من بقائه بمكة فطمأنهم ، ثم شرع يأخذ بيعة الرجال ، حتى إذا أتمها أخذ بيعة النساء ، وأقام بمكة أيامًا ليتم ما فعله ، ثم عاد إلى المدينة .

قريش تنقض عهدها ،،،،

وهنت عظام قريش ، وانحنى ظهرها ، والدعوة الفتية تقوى ساعدها ، ويشتد عودها ، ويومًا بعد يوم أصبحت المعاهدة سورًا عاليًا بين الفريقين ، سورًا تحتمى به قريش من حرب المسلمين ، وسورًا يمنع المسلمين من حربها ، لكن غباء قريش أبى عليها إلا أن تنقب بيدها ذلك السور ، فقد أعانت بنى بكر - حلفاءها - بالسلاح وبالرجال مستغلين ظلمة الليل لقتال خزاعة - حلفاء المسلمين - والإغارة عليهم ، وأصابت بنو بكر من خزاعة رجالاً ، وسعت خلفهم حتى ألجأتهم إلى الحرم ،،،

فقالت بنو بكر لسيدهم نوفل بن معاوية الديلى :- يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم ، إلهك إلهك .
وسخر نوفل منهم ، ثم قال لهم وقد ادعوا إيمانًا زائفًا :- لا إله اليوم يا بنى بكر ، أصيبوا ثأركم ، فلعمرى إنكم لتسرقون فى الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟

وقد كان بين الفريقين ثأر وعداوة ، لم يهدأا حتى عقدت المعاهدة ، ودخل كل فى حلف طرف منها ، أما خزاعة ، فقد لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى ، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع ، وأسرع عمرو بن سالم الخزاعى ، حتى دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فى المسجد بين ظهرانى الناس ، فأنشد أبياتًا يستنجده بها

يا رب إني نـاشد محمداً **** حلف أبـينا وأبيه الأتلدا
إنه قريشٌ أخلفوك المـوعدا **** ونقضوا ميثاقك المؤكدا
فانصر رسول الله نصراً أعتدا **** وادع عباد الله يأتوا مدداً

فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
" نصرت يا عمرو بن سالم ، والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه " .

ودعا الله قائلاً
" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها ".

والتفت إلى السماء فإذا سحابة تمر فأردف قائلاً :-
إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب .

وبعد أيام وفد بديل بن ورقاء الخزاعى سرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا إياه بمصاب خزاعة من بنى بكر وحلفائها من قريش ثم رجع بمن معه إلى مكة .

أبو سفيان يخرج للمدينة ،،،،

" إن عبث قريش وطيشها ، لا تجد من يحمل عنها عواقبه سواى "
كان هذا ما تردد فى صدر أبى سفيان ، وهو خارج من مجلس قريش الاستشارى ، حيث قررت أن توفده ممثلاً لها لتجديد الصلح .

وأردف أبو سفيان يسائل نفسه :- وأين كان مجلسها الموقر هذا قبل أن تعبث مع بنى بكر بمعاهدة محمد ؟
إن أسئلة كثيرة ظلت تلاحق الرجل أثناء مسيره إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، كيف يصالحه وقد غدر به ؟ وماذا يفعل معه محمد إذا رآه ؟ وكيف تصنع قريش إن غدا عليها محمد بجيشه الذى لا يقوم له فى مكة شىء ؟
وأسئلة أخرى عديدة أخذت تطرق رأسه وهو ينهز دابته على المسير ، فى صيف قائظ وطريق لا ينتهى وفوجئ أبو سفيان ببديل بن ورقاء الخزاعى الذى غدرت بقومه قريش عند عسفان عائدًا إلى مكة فى نفر معه ، فأدرك أنه قد سبقه إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فسأله :-
من أين أقبلت يا بديل ؟
فأجابه بديل بمكر :- سرت فى خزاعة فى هذا الساحل ، وفى بطن هذا الوادى .
وأراد أبو سفيان أن يحاصره فأعاد سؤاله :- أو ما جئت محمدًا ؟
فنهز بديل دابته ومضى عنه قائلاً :- لا . فلما ذهب فت أبو سفيان بعر دابته ، فوجد فيه النوى ، علم أنها علفت بالمدينة .

وقدم أبو سفيان المدينة ، فدخل إلى بيت ابنته أم حبيبة ، زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليستريح عندها ، ولعلها تكون وسيطة بينه وبين محمد ، لكنه ما كاد يجلس ، حتى وجد ابنته تطوى عنه الفراش ، لكيلا يجلس عليه ، فاستوضحها ؟
فقالت :- بل هو فراش الرسول وأنت رجل مشرك نجس .
فمضى أبو سفيان عنها وقد صدمه ما حدث له ، ثم دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فحدثه ، فلم يرد عليه ، فخرج إلى أبى بكر ، ثم عمر ، ثم على ، فلم يجيبوه بشىء ، ولا توسطوا بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفلتت الأمور من بين أصابعه ، ولم يدر ما يفعل

فصاح بعلى يائسًا :- يا أبا الحسن ، إنى أرى الأمور قد اشتدت على ، فانصحنى ، فنصحه على أن يقوم فيجير بين الناس ،،
فسأله أبو سفيان :- أو ترى ذلك مغنيًا عنى شيئًا ؟
فأجابه على :- لا والله ما أظنه ، ولكنى لم أجد لك غير ذلك ،،
فقام أبو سفيان فى المسجد فقال :- أيها الناس ، إنى قد أجرت بين الناس !
فما رد عليه أحد وركب الرجل ناقته ، وعاد خائبًا إلى مكة .

التهيؤ للغزوة ومحاولة إخفائها ،،،،

حماقات قريش لا تنتهى ، واليوم وقد حاصرتها مخاوفها من المسلمين ، لا يدرى أحد إلى أين يقودها اضطرابها وفزعها ؟
أما محمد صلى الله عليه وسلم - فإنه يدرك جيدًا أن آذان العرب فى كل الجزيرة ، وعيونهم تتسع الآن وتترقب بيقظة وحذر ما تصير إليه الأمور بين المسلمين وقريش ، وهو لهذا لا يريد أن يجازف بحرب قريش إلا بغتة ودون استعداد منها أو تهور ، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم - الناس أن يتجهزوا ،،،
ودعا ربه قائلا ً:-
اللهم خذ العيون والأخبارعن قريش ، حتى نبغتها فى بلادها

وزيادة فى الحيطة ، أقدم النبى - صلى الله عليه وسلم - على أمر يدل على مدى حنكته العسكرية ، وليأخذ انتباه العرب وقريش ، بعيدًا عن مقصد جيشه إذ قام النبى صلى الله عليه وسلم - بإرسال سرية قوامها ثمانية رجال إلى بطن أضم يقودهم أبو قتادة بن ربعى ؛ لتطير الأخبار فى كل اتجاه ، بأن مسير جيشه تابع لسريته ، وقد وصلت السرية فعلاً إلى حيث أمرها النبى صلى الله عليه وسلم - حتى إذا علمت بخروجه إلى مكة سارت إليه فلحقته ، لكن هذا الاحتياط الشديد ، كاد أن ينقض بكتاب حاطب بن أبى بلتعة ، لولا أن تدارك الله المسلمين برحمته .

كتاب حاطب ،،،،

روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :- إن كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا .
وصحابى كحاطب بن أبى بلتعة ، جرت حسناته ومحامده أنهارًا ، كيف تلوثها فعلة واحدة ؟
كبرت تلك الفعلة أم صغرت ! رأى حاطب أنه لا قرابة له فى قريش ولا نسب ، وإن أهله وولده فيهم ، فماذا يصنع إن كانت الدائرة على المسلمين ؟ ولكل منهم قرابة لدى قريش ، يحمونه عند المصيبة ؟

فأراد أن تكون له يد عند القوم ، يحمونه بها إن هزم المسلمون ، وبين ضيق وتردد ، خطت يده كتابًا إلى قريش ، يحذرها فيه من قدوم المسلمين ، ثم أعطاه امرأة ، أسرعت به إلى مكة ، وأفلت الأمر من يد الرجل ،،،،

لكن الوحى أخبر محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بخبر حاطب فأرسل عليًا والمقداد إلى حاملة الكتاب وقد أعلمهما بمكانها وما تحمله ، فوصلا إليها ، واستخرجا منها كتاب حاطب الذي اخفته كما امرها حاطب في ضفائر شعرها ، وعاد به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فسأله ، فصدقه فى الإجابة ، وهنا أراد عمر أن يضرب عنقه ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - قال له :-
إنه قد شهد بدرًا ، وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر ،،،
فقال :- اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ؛
فذرفت عينا عمر ،،
وقال :- الله ورسوله أعلم .

وعلم المسلمون حينئذ ، أن دينًا يزن للناس حسناتهم وسيئاتهم لا ينبغى لتابعه أن يهدم فى ساعة ما بناه مع غيره فى سنين ، كما علموا أيضًا ، كيف تكون الأمة ، حصنًا دافئًا يلجأ إليه الشاردون ، لا سيفًا مُصْلتًا ، يفرون منه !

تحرك الجيش ،،،،

أيام رمضان للعام الثامن الهجرى تمر على المسلمين المترقبين فتذكرهم فى صيامهم بيوم بدر ، وتمر عشرة أيام من الشهر الكريم فيأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالخروج ، وفى لحظات ، كان عشرة آلاف جندى مسلم يزحفون باتجاه مكة ، تحت قيادة محمد - صلى الله عليه وسلم - تلهج ألسنتهم بالذكر ، وتخضع جباههم لله ، وتحوطهم السكينة من كل مكان ، وعند الجحفة ، لقى المسلمون العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرًا بأهله وعياله ، فلحق بهم ثم مضوا فى طريقهم حتى إذا كانوا بالأبواء لقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عمه أبا سفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أمية ، فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى ،،،

فقالت له أم سلمة :- لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك .
ونصح على ابن عمه أبا سفيان قائلاً :- ائت رسول الله من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف ،،،
ففعل وقال له :-
( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ، وإن كنا لخاطئين )
فقال - صلى الله عليه وسلم :-
( لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
واصطحبهما معه مستئنفًا المسير .

الجيش بمر الظهران ،،،،

شهدت مر الظهران ، ليلة السابع عشر من رمضان سنة ثمان من الهجرة أسعد أوقاته ، وأشدها ضياءً ، ففى هذه الليلة التى توافق مرور ستة أعوام على ليلة بدر نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بها مع عشرة آلاف صحابى جليل ، أوقد كل منهم نارًا هى دون نار شوقه إلى مكة حرارة ، ودون نور وجهه ضياء ، ثم وقف عمر بن الخطاب على حرس الجيش فصار منظرًا مهيبًا مشرقـًا ، لا تنساه مر الظهران حتى قيام الساعة !!



إسلام أبى سفيان ،،،،

أراد الله - عز وجل - بأبى سفيان خيرًا ، فقدّر له أن يخرج من مكة المترقبة ، يتلمس بمر الظهران خبرًا ، وقدّر للعباس بن عبدالمطلب أن يخرج من معسكر المسلمين ؛ يتلمس حوله من ينذر قريشًا ، وسمع العباس صوت أبى سفيان وصاحبيه ، بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام فأنصت ،،،
ورأى أبو سفيان معسكر المسلمين فقال :- ما رأيت كالليلة نيرانًا قط ولا عسكرًا .
وعرف العباس صوت أبى سفيان فقال :- أبا حنظلة !
فعرفه أبو سفيان وأجاب :- أبا الفضل !
ثم لم تكن إلا كلمات يسيرة بينهما ، حتى ركب أبو سفيان خلف العباس على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التى رجعت تجوس فى معسكر المسلمين ، وكان المسلمون كلما نظروا متسائلين عن الدابة وراكبها ،،،،
قالوا :- عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دابته ؛
لكن عمر بن الخطاب - رئيس حراستهم حينئذ - كان أكثر حرصًا فاقترب منهما ، حتى إذا رآهما صاح :- أبو سفيان ، عدو الله ؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد .
وفى لحظة واحدة كان العباس يركض بدابته قاصدًا خيمة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسابقه عمر بن الخطاب ليلحق به ،،،

وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - بعمر والعباس يدخلان عليه ويتصايحان ، عمر يريد ضرب عنق زعيم قريش أبى سفيان والعباس يجيره منه ،،،
وأنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الموقف بقوله :-
اذهب يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنى به .
فلما كان الصبح ،،،
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام :-
"ويحك يا أبا سفيانٍ أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله "
فقال العباس :- " والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد " .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
" ويحك ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله "
فقال:- " أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً " .
دعاه النبى - صلى الله عليه وسلم - لشهادة " ألا إله إلا الله "
فأجابه ، ثم دعاه لتمامها بأن محمدًا رسول الله ، فتردد ، لكن العباس حثه وحذره ، فأسلم وشهد شهادة الحق بعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام ،،،،
وهنا انطلق العباس فرحًا يسأل النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يارسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئًا ،،،

فنظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أبى سفيان ، قائد جيش قريش بأحد الذى أعلن تمنيه موت محمد وأبى بكر وعمر ، وزوج هند بنت عتبة التى بقرت بطن حمزة ثم لاكت قطعة من كبده - نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ثم قال :- نعم ! من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الجيش يسير إلى مكة ،،،،

فى صباح اليوم السابع عشر من رمضان للعام الثامن الهجرى تحرك جيش المسلمين قاصدًا مكة ، ووقف أبو سفيان ينظر إلى كتائبهم ، وكلما مرت منه كتيبة ،،،
سأل العباس :- من هذه ؟
فيجيبه :- سليم أو مزينة ، أو سواها من قبائل العرب ،،
فيقول أبو سفيان :- مالى ولسليم ؟ مالى ولمزينة ؟،..... وهكذا،،،
لكن كتيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخضراء مرت به ، فيها المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا العيون من الحديد ،،،
فقال :- سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟
فأخبره بخبرهم فقال :- ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة .
نعم إن الرجل قد يميز نفيس الجوهر من زائفه ، لكن الخبير من يميز النفيس من الأنفس .
وبينما أبو سفيان يتأمل كتيبة النبى - صلى الله عليه وسلم - إذ قطع تأمله صوت سعد بن عبادة مهددًا :-
اليوم يوم الملحمة ! اليوم تستحل المحرمة ، اليوم أذل الله قريشًا .

فلما حاذى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان ، أخبره بما قاله سعد ، فقال عثمان ، وعبدالرحمن بن عوف :-
يا رسول الله ، ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة ،،،
فقال النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم :-
بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ، اليوم يوم أعز الله فيه قريشًا .
ونزع اللواء من سعد ، وأعطاه لابنه قيس ، حتى يطيب خاطره ، أما أبو سفيان الذى لم يعلم أن وقوفه بهذا المكان مع العباس كان عن أمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد امتلأ قلبه تعظيمًا وهيبة من جند المسلمين ، فانطلق إلى قريش يحذرها ، حتى لا تهلك نفسها بحرب محمد -صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك ما أراده النبى .

أبو سفيان يحذر قريشًا ،،،،

إن قريشًا المتلهفة لسماع خبر عن جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - قد فوجئت برأسها وكبيرها أبى سفيان ، يدخل مكة مسرعًا ، وصياحه يسبق فرسه ، صارخًا !!
يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن .

وما كاد الرجل يبدأ كلامه ، حتى كانت زوجه هند قد أخذت بشاربه ، وهى تسبه وتصيح به ،،
فقال أبو سفيان :- ويلكم ! لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن و هنا قال الناس ، وقد نفد صبرهم ،،،
قاتلك الله ، وما تغنى عنا دارك ! فقد وجدوا زعيمهم يفخر بأمان داره ، وهم فى مصيبتهم حيارى ،،،

فأجابهم أبو سفيان :-
ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .
ووقفت قريش لحظة تستمع إلى صوت عقلها ، قد نطق به لسان أبى سفيان ، ثم إلى صوت عاطفتها ، ينطق به لسان زوجه ، لكنهم قطعوا ترددهم ، واتبعوا عقولهم ، فأسرعوا إلى دورهم ، يغلقون على أنفسهم أبوابها ، وإلى المسجد يلوذون بحماه .

الجيش يدخل مكة ،،،،

ويحك مكة ! مم تخشين ؟!

من جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - أميره وقائده؟ والمهاجرون والأنصار بعض جنده المخلصين ؟
حق لك يا من ناءت دروبك وحرم بيتك بوطء نعال المشركين - أن تفرحى وتبشى ، بسعى النبى والمسلمين بين أجنابك ، وطوافهم حول بيتك العتيق ، أما آن لهذا البيت أن يفك أسره ، وتحل قيوده ؟
هذا البيت الذى مل من رؤية أقـفية المحاصرين ، من أوثان قريش وأصنامها .

مضى محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى ذى طوى ، واضعا رأسه تواضعا للحق تبارك وتعالى ، حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل ، ليس كملك يفتح بلدة طالما عاندته ، بل كنبى كريم قد استسلم لقدر الله بدخول مكة ، كما استسلم من قبل لقدره بخروجه منها .

وهناك وزع جيشه ، فجعل خالد بن الوليد على الميمنة ، وفيها أسلم ، وسليم ، وغفار ، ومزينة ، وجهينة ، وقبائل من قبائل العرب ، وأمره أن يدخل مكة من أسفلها ،،،
وقال :- إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدا ، حتى توافونى على الصفا ، وقد لقى فصيل خالد بعض الكيد من سفهاء المشركين بالخندمة ، لكنه سرعان ما أجهز عليه ،،،،

وجعل - صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام على الميسرة ، وأعطاه راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يدخل مكة من أعلاها ، وأن يغرز رايته بالحجون ، ولا يبرح حتى يأتيه ،،،
وجعل - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة على الرجالة والحسر الذين لا سلاح معهم ، وأمره أن يأخذ بطن الوادى ، حتى ينصب لمكة بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى دقائق معدودة ذابت هموم السنين الطوال ،،،

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه وحوله ، حتى وافى خالدا على الصفا ،،،
ثم تقدم الجمعان ليلتقيا بالزبير بالحجون ، عند مسجد الفتح ، ثم كان مسير آخر الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - إلى أول بيت وضع للناس .

خالد بالخندمة ،،،،

أسرعت قريش إلى دورها وإلى المسجد للاحتماء من جيش المسلمين ، ورأت أن تقدم سفهاءها لمقابلة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، فإن كان النصر لهم شركوهم ، وإن كانت عليهم تركوهم ، فتجمع بهذا سفهاء قريش ، وأخفاؤها مع عكرمة بن أبى جهل ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين ، وكان ضمن هؤلاء الناس رجل يدعى حماس بن قيس ، وكان مغرورًا لكن به ظرف ، أعد سلاحًا لمقاتلة المسلمين ، فحذرته زوجته من سوء عاقبته ،،،
فأجابها :- والله لأرجو أن أخدمك بعضهم !
ثم أخذ ينشد شعرًا ، وبالخندمة لم يلق سيف الله خالد أحدًا من المشركين إلا أنامه ، ولم يقتل من جيشه سوى كرز بن جابر الفهرى ، وخنيس بن خالد بن ربيعة ؛ إذ شذا عن الجيش ، وسلكا طريقًا غير طريقه ، فقتلا جميعًا ، وأسرع المشركون بالفرار ، وفوجئت زوجة حماس ببعلها يدخل بيته ، مرتجفًا شاحبًا وهو يقول لها :- أغلقى على بابى .
وكعادة النساء فى هذه الأحوال سألته :- وأين ما كنت تقول ؟
فانطلق يقرض شعرًا ، يفسر به خيبته ، ويعتذر عن فوات فطنته .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدخل المسجد

لا ندرى أيهما كان أشد شوقًا لصاحبه ؟ المسجد الحرام أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها وهو يقرأ قوله تعالى :-
(( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ))
واستسلمت مكة ، وأخذ المسلمون يهتفون في جنبات مكة وأصواتهم تشق عناء السماء :-
الله أكبر .. الله أكبر .

ولقد انطلق - صلى الله عليه وسلم - ومن حوله خيار المسلمين من المهاجرين والأنصار ، حتى دخل المسجد فاستلم الحجر الأسود ، الذى ظل لسنين طوال شاهدًا حزينًا لما يحدث حوله من جاهلية بغيضة ، ووثنية قبيحة .

وآن له الآن أن يشعر بلمسة يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيادى المسلمين ، تخفف عنه أحزانه ، وتمسح عن صفحته ، أدران الشرك ولوثاته ، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت على راحلته ، وفى يده الشريفة قوس ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا يجثمون على صدره ، ويكتمون نوره ، فكان كلما مر بواحد منها طعنه بقوسه فوقع على وجهه ، وهو يتلو :-
( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )
( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )

ولعل الذين كانوا يستمعون لهاتين الآيتين ثم يلتفتون فيجدون الباطل منتفخًا - لعلهم يشعرون الآن بمذاق جديد لهاتين الآيتين الكريمتين ، وأكمل - صلى الله عليه وسلم - طوافه ، فدعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ؛ ليدخلها ويصلى بها صلاة للواحد الأحد كما كان يصنع جداه (( إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ))

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلى فى الكعبة

ما أجمل أن يستوى الميزان ! رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتسلم مفتاح بيت الله !
نعم هكذا يعود الأمر إلى نصابه ، ويدخل - صلى الله عليه وسلم - البيت ، فيغلق عليه بابه ، وتهدأ أصوات الجيش وقريش بالخارج ، وينفرد بالدخول معه - صلى الله عليه وسلم - بلال وأسامة ، عبد وابن عبد ، لكنهما أثقل فى ميزان الله من أشراف المشركين جميعًا ، ويسقط بدخولهما بناءً للكبر طالما جثم على صدر الإنسانية بمكة ، ويقلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناظريه فى أرجاء الكعبة ، فإذا فيها الصور ، وإذا صورة معلقة لإبراهيم وإسماعيل -
عليهما السلام - يستقسمان بالأزلام !
فقال - صلى الله عليه وسلم - :- قاتلهم الله ، والله ما استقسما بها قط .

وإذا بالكعبة حمامة من عيدان فكسرها ، وأمر بالصور فمحيت ؛ لتطوى بذلك صفحة قاتمة من تاريخ الإنسانية ، التى لونت بيدها تراث الأنبياء .
وترفع بصلاته - صلى الله عليه وسلم - أستار كثيفة طالما أرخيت ؛ فيتبدد عن مكة ظلامها بأشعة الإسلام المشرقة الدافئة ، وبعد أن فرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من صلاته دار فى البيت ، وكبر فى نواحيه ، ووحد الله ، ثم فتح الباب ليخاطب قريشًا المنتظرة .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب أمام قريش

" لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له
صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده "

كان هذا ما سمعته قريش المصطفة داخل المسجد تترقب كلمات القائد المنتصر محمد - صلى الله
عليه وسلم - أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان آخذًا بعضادتى باب الكعبة ، وهم تحته وقد استأنف يقول :-
ألا كل مأثرة ودم ومال يدعى أو دم فهو تحت قدمى هاتين ، إلا سدانة البيت ، وسقاية الحاج ، ألا وقتل الخطأ شبه العمد - السوط والعصا - ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل : أربعون منها فى بطونها أولادها ،،،
يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب ، ثم تلا النبى - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى :-
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير )

وتعجبت قريش من قول محمد - صلى الله عليه وسلم - لقد بدأ كلامه بذكر ربه ، وحمده وإرجاع الفضل كله إليه ، ثم عرج على إيضاح بعض مبادئ الإسلام الذى يدعو إليه ، لكن ماذا سيصنع بهم ؟
وهنا سمعوا النبى - صلى الله عليه وسلم - يسائلهم :-
يا معشر قريش ، ما ترون أنى فاعل بكم ؟
فأجابوا بأمل ورجاء : خيرًا ! أخ كريم وابن أخ كريم .
وحين عمدت قريش فى إجابتها تلك إلى تذكيره بنسبه القرشى ،،
فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان مشغولاً بنسب له آخر ، نسبه النبوى ،،
فأجابهم :- فإنى أقول لكم كما قال يوسف لإخوته
( لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء )
هكذا نظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الأمر برمته ، لن يعدو ما فعلوه عما فعله إخوة يوسف به ، لكنهم إخوته ، وليس له وهو نبى الله ، إلا أن يغفر لهم ما فعلوه .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

مفتاح البيت إلى أهله ،،،،

إن أول ما يفعله الثائرون حين تصير الأمور إلى أيديهم هو أن يزيلوا كل أثر كان لسالفيهم ، ويهدموا كل بنيان لم تقمه سواعدهم ، مؤكدين فى كل لحظة ، أن الماضى لم يكن إلا شرًا كله ، وأن خيرًا فى هذه الدنيا ، لن يأتى إلا على أيديهم الطاهرة ،،،

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما جاء ليسلب أحدًا ملكه ، ولا ليبدل كل ما حوله ، إنما جاء ليرجع الأمر لله ، ويقيم دينه بين الناس ، بأن ينزع عنهم ما ألفوه من الباطل ، ثم يقيم بناءه على ما ألفوه من الحق ، لقد جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى المسجد ، فوجد عليًا أو العباس قادمًا إليه يحمل مفتاح الكعبة فى يده ،،،

قائلاً :- يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، صلى الله عليك ؛
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - سأل :- أين عثمان بن طلحة ؟ - وهو حامل مفتاح الكعبة من قريش - ؟؟
فأتوه به ، فقال له :- هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء !
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن زوال الأصنام من حول الكعبة هو هدف رسالته ، أما زوال مفتاح الكعبة من يد عثمان فإنه ليس من رسالته فى شىء .

بلال يؤذن على الكعبة ،،،،

إن كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم -:- الناس من آدم وآدم من تراب .
والتى لم يمض على سماع قريش لها سوى قليل ، قد أصبحت واقعًا يتجسد ، حين جاء وقت الصلاة ،،،
وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً أن يؤذن فوقها .
فقام بلال على ظهر الكعبة ، يؤذن فى المسلمين ، ولم يدهش حينئذ واحد منهم ، فبلال عبد لله وقف على ظهر بيت الله يؤذن لعبادة الله ، فما الداعى إذن للدهشة أوالسؤال ؟
لكن عتاب بن أسيد ، والحارث بن هشام ، وقد كانا جالسين بفناء الكعبة مع أبى سفيان ، لم يعجبهما هذا المنظر ،،،

فانطلق عتاب يقول :- لقد أكرم الله أسيدًا أن لا يكون سمع هذا ،،
وقال الحارث :- أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته .
أما أبو سفيان ، الذى أسلم وتشهد ، فقد قال :- أما والله لا أقول شيئًا ، لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصباء ،،،
وهنا خرج عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لهم :- قد علمت الذى قلتم . وذكر لهم ،
فبهت الحارث وعتاب ، ونطقا معًا قائلين :- نشهد أنك لرسول الله ، والله ما أطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى ببيت أم هانئ

بدلاً من إقامة المهرجانات والاحتفالات ، وتوزيع الملصقات وتشييد أقواس النصر ، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببساطة إلى بيت أم هانئ بنت أبى طالب ، فى وقت الضحى ليغتسل؛
ويصلى صلاة الفتح ، ثمانى ركعات للناصر المنعم الكريم سبحانه وتعالى

وقد أسرع رجلان من بنى مخزوم أقارب زوج أم هانئ إلى بيتها ، للاحتماء من أخيها على إذ أراد قتلهما ، فأغلقت عليهما باب بيتها دونه ، وسألت النبى - صلى الله عليه وسلم - أن ينقذهما من على ، فقال لها :- قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، فلا يقتلهما .
،،،
إهدار دم المجرمين ،،،،

إن ملايين كثيرة من البشر قد فقدوا أرواحهم فى الحرب العالمية الثانية ، من جراء أفعال نفر من الساسة وأقوال جمع من الإعلاميين ، وإن المرء ليعجب أى عقاب دنيوى يجب أن يوقع على هؤلاء وأولئك .

فتح محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون مكة ، وعفا النبى - صلى الله عليه وسلم - عن جموع قريش ، لكن بعضًا منهم كان يستحق أن يعاقب جزاء فعله وقوله ؛،،
ولذا فقد أهدر صلى الله عليه وسلم - دماء عبد العزى بن خطل ، فذهب يتعلق بأستار الكعبة ، لكنها لم تغن عنه شيئًا ، إذ أمر صلى الله عليه وسلم - رجلاً أن يقتله فقتله ، وأهدر دم مقيس بن صبابة ، الذى أسلم ثم قتل أنصاريًا ، ثم ارتد ولحق بالمشركين - فقتله نميلة بن عبدالله ، وأهدر دم الحارث بن نفيل الذى كان شديد الأذى للنبى صلى الله عليه وسلم - بمكة ، ودم الحارث بن طلاطل الخزاعى فقتلهما على ، وأهدر دم عبدالله بن أبى سرح الذى ارتد بعد إسلامه ، لكن عثمان شفع فيه إلى النبى صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وكذلك عكرمة بن أبى جهل ، لكن امرأته استأمنت له ، فأمنه النبى صلى الله عليه وسلم - فأتت به من اليمن ، فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر دم هبار بن الأسود ، الذى تعرض لزينب عند هجرتها وآذاها حتى أسقطت جنينها ، لكنه صلى الله عليه وسلم - عفا عنه فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر - صلى الله عليه وسلم - دم سارة حاملة كتاب حاطب ، ومغنيتان لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقتلت إحداهما ، وأسلمت الأخرى مع سارة وعفى عنهما ويذكر أيضًا ممن أهدر دمهم ثم عفى عنهم وأسلموا كعب بن زهير ، ووحشى بن حرب ، وهند بنت عتبة زوجة أبى سفيان .



إسلام رؤوس مكة ،،،،

أسرع صفوان بن أمية الخطا فارًا من مكة لدخول المسلمين بها وصفوان وإن لم يكن ممن أهدر دمهم إلا أنه يعلم جيدًا أنه أحد زعماء قريش ، الذين طالت حربهم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وما إن وصل صفوان إلى شاطئ البحر ، وهمّ بركوبه لجوءًا إلى اليمن ، حتى سمع صياح عمير بن وهب الجمحى يناديه ، والتفت صفوان إلى عمير الذى أخبره بأنه استأمن له الرسول -صلى الله عليه وسلم - وقد أعطاه عمامته التى دخل بها مكة ، وهنا عاد صفوان مع عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافضًا الهرولة إلى الإسلام ،،،
قائلاً للنبى :- اجعلنى بالخيار شهرين !
فقال له - صلى الله عليه وسلم -:- أنت بالخيار أربعة أشهر !
فأسلم صفوان ، وكانت امرأته أسلمت قبله ،،،
فأقرهما - صلى الله عليه وسلم - على النكاح الأول .

أما فضالة بن عمير فقد عزم على قتل النبى - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالكعبة حتى قرب منه -صلى الله عليه وسلم - ،،
وهنا ابتدره النبى متسائلاً :- أفضالة؟
قال :- نعم ، فضالة يا رسول الله ،،
فقال :- ماذا كنت تحدث به نفسك ؟
فأجابه فضالة :- لا شىء ، كنت أذكر الله !
فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم استغفر ثم قال: استغفر الله ،،،
ويحكى فضالة عن ذلك قائلا :- ووضع يده الشريفة على صدرى ، حتى مامن خلق الله شىء أحب إلى منه ثم رجع إلى أهله .

خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم الثانى

قتلت هذيل لخزاعة رجلاً شجاعًا يسمى أحمر ، وكان ذلك فى الجاهلية ، لكن خزاعة بعد الفتح فوجئت بقاتله :- ابن الأثوع الهذلى يدخل مكة متسائلاً عن أمر الناس ، وهو بعد على شركه ، فأحاطوا به قائلين :-
أأنت قاتل أحمر ؟
فقال :- نعم ، أنا قاتل أحمر ، فمه ؟ أى فماذا تريدون ؟!
وهنا أقبل خراش بن أمية الخزاعى شاهرًا سيفه ، ثم أمر الناس أن يتنحوا عنه ، فتنحوا ، وقد ظنوا أنه يريد أن يفرج عن الرجل لكنه فى لحظة واحدة ، وضع السيف فى بطن ابن الأثوع ، فسقط صريعًا ،،،

فقام رسول الله فى الناس خطيبًا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ومجده بما هو أهله ، ثم أعلن حرمة مكة إلى يوم القيامة ، ونهى أن يسفك فيها دم ، أو يعضد بها شجرة ، أو يصطاد بها ، أو تلتقط بها ساقطة ،،،،
ثم خاطب خزاعة قائلاً :- يا معشر خزاعة ، ارفعو يديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع ، لقد قتلتم قتيلاً لأدينه ، فمن قتل بعد مقامى هذا فأهله بخير النظرين ، إن شاءوا فدم قاتله ، وإن شاءوا فعقله .

تخوف الأنصار من بقائه - صلى الله عليه وسلم -

إن فرحة الأنصار بفتح مكة قد شابها خوفهم من فقدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبينما كان - صلى الله عليه وسلم - واقفًا على الصفا رافعًا يديه يدعو ربه ، إذ تهامس الأنصار فيما بينهم ،،،
قائلين :- أترون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ فتح الله عليه أرضه وبلده ، أن يقيم بها ؟
وفرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من دعائه ، فالتفت إليهم متسائلاً :-
ماذا قلتم ؟
فقالوا :- لا شىء يا رسول الله ؛
مخافة أن يكره مقالتهم ، لكنه لم يزل بهم حتى أخبروه ،,,
فقال محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
معاذ الله ! المحيا محياكم ، والممات مماتكم .

وما كان له - صلى الله عليه وسلم - وهو البار الوفى ، أن ينسى صنيع الأنصار فيجعلهم منزلاً فى طريقه ، ما إن يتجاوزه حتى يزهده وينشغل عنه .

بيعة الرجال ،،،،

أشرقت شمس الحق بمكة ، فذهبت من الدروب والقلوب خفافيشها ، تبين للناس الحق جليًا ، وخلى بينهم وبينه ، فأسرعوا تهفو قلوبهم إلى نوره ، وجلس المصطفى - صلى الله عليه وسلم -على جبل الصفا ، الذى شهد قديمًا تكذيب قريش حين جاهر بدعوته - جلس اليوم يبايع الناس ، وعمر بن الخطاب أسفل منه ، يأخذ على الناس ، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا .

بيعة النساء ،،،،

لم تدر هند بنت عتبة ما تصنع ؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم - الجالس على جبل الصفا ، وأسفل منه عمر بن الخطاب ، قد فرغ من بيعة الرجال ، وآن للنساء أن يذهبن للمبايعة ، لكن كيف تغدو معهن ، وهى قاتلة حمزة ، ومن مثلت بجثمانه ولاكت كبده بأحد ؟
ترددت هند قليلاً ، ثم تنكرت حتى لا تعرف وذهبت للمبايعة ، وهناك سمعته - صلى الله عليه وسلم - يقول :-
أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئًا ، فبايعنه ،،،
ثم قال :- ولا تسرقن ،
فنسيت هند أمرها وقالت :- إن أبا سفيان رجل شحيح ، فإن أنا أصبت من ماله هنات ؟
فقال أبو سفيان :- وما أصبت فهو لك حلال .
وضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو إن عرفها حين تحدثت ؛ إلا أنه عرف مع ذلك أيضًا صدق حديثها ، حين استوثقت لدينها ، وقال لها :- وإنك لهند ؟
فقالت :- نعم ، فاعف عما سلف يا نبى الله ، عفا الله عنك ،،،
ثم أكمل النبى - صلى الله عليه وسلم - ببيعته للنساء قائلاً :- ولا يزنين ،،،
فقالت :- أو تزنى الحرة ؟
فقال :- ولا يقتلن أولادهن ، وهنا ذكرت هند حنظلة ابنها الذى قتل يوم بدر ، فأجابت :- ربيناهم صغارًا ، وقتلتموهم كبارًا ، فأنتم وهم أعلم ؛
فضحك عمر حتى استلقى ، وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال :- ولا يأتين ببهتان ،،،
فقالت :- والله إن البهتان لأمر قبيح ، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- ولا يعصينك فى معروف ،،،
فقالت صادقة مصدقة :- والله ، ما جلسنا مجلسنا هذا وفى أنفسنا أن نعصيك .
فرحم الله هند كانت رأس النساء فى الشرك ورأس النساء فى الإسلام .
إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة وعمله فيها

بقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يومًا بمكة ، يغسل عن وجهها الوضىء مابقى من أدران الجاهلية الحمقاء ، ويجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى ، وأمر أبا أسيد الخزاعى فجدد أنصاب الحرم ، وسار المنادى بمكة صائحًا :-
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع فى بيته صنمًا إلا كسره ، وقد بث - صلى الله عليه وسلم - سراياه للدعوة إلى الإسلام .



** { سرايا رمضان بعد فتح مكة } **

فتح مكة أمر حسن ، والأحسن منه هو تمام هذا الفتح ؛ لهذا بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإرسال السرايا لتطهير أرض العرب من بقايا الأوثان ، ولدعوة العرب إلى دين الله الواحد القهار ، فتتالت بعثة خالد لهدم العزى ، وبعثة عمرو بن العاص لهدم سواع ، ثم بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ، ثم بعثة خالد لدعوة بنى جذيمة والتى تأخرت إلى شوال من العام نفسه .

بعثة خالد لهدم العزى ،،،،

خرج خالد بن الوليد فى ثلاثين فارسًا ، لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة إلى نخلة لهدم العزى أعظم أصنام قريش وجميع بنى كنانة ، وكان سدنتها بنى شيبان ، فسار إليها حتى هدمها ،،،
لكن النبى - صلى الله عليه وسلم -
سأله حين رجع إليه :- هل رأيت شيئًا ؟
فقال :- لا
فقال له :- فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها ، فرجع إليها خالد وقد امتلأ غيظًا فجرد سيفه ، فخرجت إليه امرأة عريانة ، سوداء ناشرة الرأس ، وجعل السادن يصيح بها ، لكن خالدًا جزلها بضربتين ، ثم رجع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم - له :-
نعم تلك العزى ، وقد أيست أن تعبد فى أرضكم أبدًا .

بعثة عمرو لهدم سواع ،،،،

وصل عمرو بن العاص إلى سواع : صنم لهذيل برهاط ، وهم بتدميره ،،،
لكن سادنه وقف يسأله بثقة قائلاً :- ما تريد ؟
فأجابه عمرو ببساطة :- أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه ،،،
فقال له بثقة متزايدة :- لا تقدر على ذلك !
فسأله عمرو متعجبًا :- لم؟
فقال :- تمنع .
وازداد عجب عمرو من عقل طائش يتحدث بيقين وسأله :- حتى الآن أنت على الباطل ؟ ويحك !
فهل يسمع أو يبصر ؟! ثم التفت عمرو عنه ودنا ليكسره ، وأمر أصحابه ، فهدموا فى لحظات بيت خزانته ، ولم يجدوا فيه شيئًا ، وقبل أن يرجع عمرو بأصحابه ،،،
عاد فسأل السادن :- كيف رأيت؟ فأجاب بهدوء: أسلمت لله .

بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ،،،،

مناة ! وثن العرب الشهير ، لطالما وقفت تنظر بسخرية وازدراء إلى ألوف الراكعين السجد بحضرتها عبر أجيال عديدة ، وآن لمناة أن تخر صريعة بسيوف الحق ورماحه ، خرج سعد بن زيد الأشهلى ، فى عشرين فارسًا ، حتى انتهى إليها عند المشلل ،،،

وخرج إليه سادنها ،يسأله بعصبية مفتعلة :- ما تريد؟
فأجابه سعد :- هدم مناة .
فتظاهر السادن بعدم الاكتراث ، وقال بلهجة مشبعة بالتهديد :- أنت وذاك !!
ولم يلتفت سعد إليه ، إنما تقدم إليها ، ففوجئ بامرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس ، تدعو بالويل ، وتضرب صدرها ، فشجعها السادن بغباء لا ينتهى قائلاً :-
مناة دونك بعض عصاتك .

لكن تلميذ النبى - صلى الله عليه وسلم - سعد بن زيد ، لم يكن لتهزه هذه الصورة أو تلك الكلمات ، فضربها بسيفه ضربة قتلتها ثم أقبل إلى الصنم فهدمه وكسره ، ولم يجد أصحابه فى خزانته شيئًا .

بعثة خالد إلى بنى جذيمة ،،،،

وصل خالد بن الوليد الذى خرج فى ثلاثمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار وبنى سليم إلى بنى جذيمة ، داعيًا إلى الإسلام لا مقاتلا فى شوال من العام الثامن للهجرة ، لكن بنى جذيمة لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ،،،
فجعلوا يقولون :- صبأنا ، صبأنا .

فأعمل خالد فيهم القتل والأسر ، ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرًا ليقتله ، فأما بنو سليم فقد أطاعته ، وأما عبدالله بن عمر ومن معه من المهاجرين والأنصار فقد أبوا ، حتى قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ما حدث ، فاشتد ذلك عليه حتى رفع يديه وقال :-
اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد . مرتين ،،،

ثم أسرع - صلى الله عليه وسلم - بإرسال على بن أبى طالب ، لهم قتلاهم وما ذهب منهم ، إن حديثى العهد بالإسلام ، قد يحسبونه ثورة وقتالاً حتى النصر ، أما راسخو القدم فيه فيعلمون أنه دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ثم هو قتال لمن بغى واعتدى وتكبر .

الفتح ودخول الناس أفواجًا ،،،،

أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق ، الذى سطع فى مكة ، وغرها شيطانها ؛ فوحدت صفوفها ؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره ، وعلو دعوته
فخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - لمقاتلتهم فى غزوة حنين ، وكما يقولون :-
فعلى نفسها جنت براقش
ومحارب الله ورسوله ، ترى إن لم يرجع بالخيبة ، ويبؤ بالخزى والفشل ، فبم يرجع ، وبم يبوء ؟!
وعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا ؛ ليرسل جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل ، و السرايا لمن اعتدى منهم .
لكن " أسد الرومان " لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته ، وهو يعلم خطره ، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه ، وتنبهه ؛ ليترك عرينه ، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار .

أما النبى العظيم - صلى الله عليه وسلم - فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة ؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى غزوة تبوك الشهيرة ، والتى ابتليت فيها العزائم ، وامتحنت فيها النفوس .
ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض الوقائع المهمة ، والتى كان آخرها إرسال أبى بكر أميرًا على الحج ،، ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها ، ورسخت أقدامها ؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى - صلى الله عليه وسلم - تدخل فى دين الله أفواجًا ،،،
وبقدوم " ذى الحجة " من العام العاشر للهجرة ، خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - حاجًا حجة الوداع ، ثم عاد إلى المدينة ليرسل آخرالبعوث :- بعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم ، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصعود روحه إلى بارئها - عز وجل - ، مخلفًا وراءه دولة وأمة ، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه ، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه ، والسائرين على دربه إلى يوم الدين .

اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض ، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض .. آمين .




رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 08:58 PM   المشاركة رقم: 14
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { غــزوة حــنــيــن } **

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين على قريش ؛ وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز محمداً قبل أن يغزونا .

لئن كانت القبائل المجاورة لمكة قد خضعت لحكم الله تعالى ، فإن غيرها ممن نأت ديارهم ، غرهم عقلهم العليل ، فقد اجتمعت هوازن ، وثقيف ، ونصر ، وجشم ، وسعد بن بكر ، وأناس من بنى هلال ، واتخذوا من مالك بن عوف السعدى قائدًا عامًا لهم ، وأجمعوا رأيهم على قتال محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين ،،،،

فبدأوا مسيرهم إليه ، تحت إمرة مالك الذى أطاعوه رغم اختلافه مع كبيرهم دريد بن الصمة ، وعلى الفور بدأ نشاط الاستخبارات من الجهتين ، ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة إلى حنين ، وتلاقى الجيشان ، فكانت الهزيمة الأولى للمسلمين ، وكادت أن تذهب ريحهم لولا ثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والذى أدى إلى رجوع المسلمين واحتدام المعركة ، وما مرت سوى سويعات حتى لحقت الهزيمة الساحقة بجيش العدو ، وبدأت المطاردة ، لكن الأعراب فروا إلى الطائف فاحتموا بها ، فجمع المسلمون الغنائم ، ثم ساروا إلى الطائف، حيث بدأ الحصار والقتال حولها ، لكنها عصيت عليهم ، فقرروا الرحيل عنها إلى حين ، وانتظر النبى - صلى الله عليه وسلم - بعض الوقت ، ثم قسم الغنائم والتى لم ينل منها الأنصار - على كثرتها ووفرتها - شيئًا ، فأحزنهم ذلك ، حتى حدثهم النبى - صلى الله عليه وسلم - فرضوا بمقامه بينهم بديلاً ، وما كادت قسمة الغنائم تتم حتى قدم وفد هوازن يعلن الاستسلام ويطلب الصلح ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إليه ، وأنهى غزوته بأداء العمرة ثم الانصراف إلى المدينة .
وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، بقوله‏:-
‏{‏
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }‏ (‏التوبة‏:‏25-26) .

مسير العدو ،،,،

سارت جيوش الأعراب تحت إمرة مالك بن عوف النصرى ، حتى أنزلها وادى أوطاس ، وهو بدار هوازن بمقربة من حنين ، لكن العجيب هو أن مالكًا قد صحب معه فى مسيرته تلك ، النساء والأبناء والأموال ، حتى يدفع جيشه إلى القتال المستميت .
ويبدو أن مالكًا لم يكن يثق بجيشه ، أو أنه لم يرد أن ينتهى وحده إن هزم فى هذا اللقاء ، حتى يقضى على كل من خذله ولم ينصره على المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

الخلاف بين مالك ودريد ,،،،

ما أعجب ما تصنعه الأيام بأهلها !
دريد بن الصمة بطل العرب الشجاع ، مجرب الحروب ، ها هو يجلس محنى الظهر ، واهن الصوت ، قد سقط حاجباه على عينيه ، وارتعشت يداه التى طالما ارتعشت لمرأى السيف بها قلوب الشجعان ؛؛
لس يسأل من حوله :- بأى وادٍ أنتم ؟
فأجابوه :- بأوطاس !
فأعجبه ذلك ، لكنه استدرك :- مالى أسمع رغاء البعير ، ونهيق الحمير ، وبكاء الصبى ، وثغاء الشاء ؛؛
فأجابوه :- ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم ، فامتعض الرجل ، ثم دعا مالكًا وسأله عما حمله على ذلك ،،،
فقال بغرور القادة العظام :- أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم .
وهنا لم يعد دريد يحتمل المزيد ،؛؛
فانطلق لسانه قائلاً :- راعى ضأن والله ! وهل يرد المنهزم شيئًا ؟!
إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ،,,
لكن مالكًا - الذى كان ربه يسوقه مع جيشه إلى نهاية مؤلمة - قد أبى سماع رأى غيره ، وكره أن يكون لدريد فى هذا اللقاء ذكر أو رأى ، حتى يستأثر بالذكر كله ، ,,
فأجاب ببصيرة الأغبياء قائلاً بحماس : - والله لتطيعنى هوازن ، أو لأتكئن على هذا السيف ، حتى يخرج من ظهرى ، فأطاعته هوازن ، ولو علمت الغيب لتركته ومتكأه .

نشاط مزدوج للاستخبارات ,،،،

إن أبا حدرد الأسلمى عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف بالتلصص على جيش العدو ، بل دخل بهدوء فى الناس ، وأقام معهم ، يعلم خبرهم ، وتفاصيل جيشهم ، ثم أتى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بما علم ،
أما عيون مالك الذين أرسلهم للاستكشاف ، فقد جاءوا شاحبى الوجوه ، مرتعدى الأوصال ،
فسألهم :- ويلكم ، ما شأنكم ؟
فقالوا له :- رأينا رجالاً بيضًا على خيل بلق ، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى .
ويبدو أن نشاط العيون فى الجهتين ، بعد هذه المقالة ، صار فى ميزان جيش المسلمين .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسير إلى حنين ,،،،

إن عشرة آلاف مسلم فتحوا مكة لم يكونوا جميعًا من المهاجرين والأنصار ، وإن اثنى عشر ألفًا خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين لم يكونوا كلهم - ولاشك - من أولئك الفاتحين ، ؛؛
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى حنين يتقدم جيشًا جرارًا ، لم يخرج مثله معه من قبل ، وفى طريقهم رأوا شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط ، تعلق العرب عليها أسلحتهم ، ويذبحون عندها ويعكفون ، فقال من لم يمر على إسلامه سوى أيام معدودة :- اجعل لنا ذات أنواط ، كما لهم ذات أنواط ،،،

فقال - صلى الله عليه وسلم -:-
الله أكبر ! قلتم والذى نفس محمد بيده كما قال قوم موسى (( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة )) .
ونظر بعضهم حوله ثم قال بارتياح :-
لن نغلب اليوم ، فشق ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم - الذى صبر قديمًا على قلة عدد جيشه ، وعليه الآن أن يصبر على كثرته !
وفى عشية يوم خروجه فى السادس من شوال سنة ثمان من الهجرة ، جاء فارس يخبر الجيش بما رآه من خروج هوازن عن بكرة أبيها بنسائهم وأنعامهم وشائهم ،،،
فتبسم - صلى الله عليه وسلم - وقال :-
تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله

ولعل المسلمين الذين رأوا كراهته للفرح بكثرة جيشه قد استفادوا درسًا جديدًا ، وهم يرون الآن تبسمه عند سماعه بكبر جمع العدو !
وبات المسلمون ليلتهم ، وعلى الحراسة أنس بن أبى مرثد ، ثم استأنفوا مسيرهم صباحًا حتى وصلوا إلى حنين فى العاشر من شوال ، حيث بدأ استعدادهم ليوم اللقاء .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الهزيمة الأولى ,،،،

إن جيش المسلمين الذى عبأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم فرق على الناس الألوية والرايات - إن هذا الجيش قد بدأ فى التحرك فى غبش الصبح ثم هبط فى واد شديد الانحدار .
وبينما جموعه تتلاحق فى النزول ، إذ بالسهام تصيبه من كل جانب ، فإن مالكًا كان قد فرق جنوده فى مداخل الوادى ومضايقه دون أن يشعر المسلمون ، وقبل أن يفيق الجيش من صدمته ، كانت كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد ،،،
فأسرع المسلمون بالرجوع فرارًا ، لا يلوى أحد على أحد ، ولا ينتظر أحد أحدًا ، فكانت هزيمة منكرة ، والحرب بعد لم تدق طبولها !
وفى هذا الموقف العصيب ، ظهرت بعض خبايا الصدور ،،،
فقد صاح أبو سفيان بن حرب :- لا تنتهى هزيمتهم دون البحر ،،،
كما صرخ جبلة أو كلدة بن الحنبل أخو صفوان بن أمية لأمه :- ألا بطل السحر اليوم .
والعجيب أن من أسكته ورده كان صفوان بن أمية ، رغم أنه لم يكن قد أسلم بعد ،،،
فقال له :- اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن - يعنى يملكنى ويسودنى - ،
وقد كان صفوان أعطى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة درع بأداته ليستعين بها فى الحرب .

ثبات رسول الله ,،،،

فوجئ محمد - صلى الله عليه وسلم - بجيشه ينكص على عقبيه ، يفر الواحد منهم مسرعًا فلا يلتفت إلى شىء ، إن مجرد الوقوف فى وجه الجيش المرتد أصبح مستحيلاً ،،،
وهنا انحاز الرسول - صلى الله عليه وسلم - جهة اليمين ، وهو يصيح بالناس :-

هلموا إلىّ أيها الناس ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله
((أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب )).

ثم يواجه الكفار مسرعًا ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلته والعباس عمه بركابه ، حتى يكفانها عن الاقتحام ، ثم هبط - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، بعد أن انكشف جيشه
قائلاً :-
اللهم أنزل نصرك .
أما من بقى حوله - صلى الله عليه وسلم - من الإثنى عشر ألفًا فكان عددا قليلا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته .

وأما من قال سابقًا :- لن نغلب اليوم من قلة . فلعله الآن يعرف من أى شىء يغلب ؟!
وقد التفت - صلى الله عليه وسلم - فرأى أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبى طلحة ، التى كانت حاملاً بعبدالله بن أبى طلحة - رآها ممسكة بحزم رأس جمل أبى طلحة ،،،
فسألها :- أم سليم ؟
فقالت :- نعم ، بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ،،،
فقال لها :- أو يكفى الله يا أم سليم ؟
ورأى أبو طلحة زوجها خنجرًا معها ، فسألها عنه ؟
فقالت :- خنجر أخذته ، إن دنا منى أحد من المشركين بعجته به ،،،
فقال زوجها :- ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم ؟!

رحم الله أم سليم ، كم أحرجت من رجال !

رجوع المسلمين واحتدام المعركة ,،،،

وقف العباس ، - وكان جهير الصوت - ينادى بأعلى صوته ، حسب أوامر النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يا معشرالانصار ؛ يامعشرالمهاجرين ؛ يا أصحاب الشجره (( أين أصحاب السمرة ؟ وهم أصحاب بيعة الرضوان ~ الشجرة ~ )) ، الذين بايعوا محمدًا على الموت ،
ويصف العباس أوبتهم قائلاً :- فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها ،
فقالوا:- يا لبيك ، يا لبيك .
ونادى العباس مرة أخرى قائلاً :- يا معشر الأنصار .
ثم اختص بندائه بنى الحارث بن الخزرج ، وكان الرجل إذا أراد الرجوع ، فعانده بعيره الفار ، يأخذ درعه وسيفه ، ثم ينزل عن بعيره ويتركه ، متجهًا صوب الصوت ، حتى اجتمع إليه - صلى الله عليه وسلم - مائة ،،،

فاستقبلوا العدو واقتتلوا وتلاحقت بعد ذلك كتائب المسلمين ، واحدة تلو الأخرى كما كانوا عند تركهم الموقعة ، ثم احتدم القتال ،،،
ونظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الفريقين يتجالدان فقال:-
الآن حمى الوطيس .
ثم أخذ قبضة من تراب الأرض ، فرماها فى وجوه القوم قائلاً :-
شاهت الوجوه .
فما بقى منهم من أحد إلا وعيناه قد امتلأتا بهذا التراب ، حتى كانت هزيمتهم الساحقة .

الهزيمة الساحقة لجيش العدو ،،,،

ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، ثم قاتل المسلمون بحرارة وإيمان ، فلم تمر إلا ساعات قلائل حتى انهزم عدوهم هزيمة منكرة ، وقتل من ثقيف وحدها نحو السبعين ، وأصبح فى يد المسلمين ما كان مع العدو من مال وسلاح ونساء وأطفال .
فتوجه إلى الله ، وثبات أمام البلاء ، وكفاح لا يكل ، هذه أسباب بلغ المسلمون بها نصرهم المنشود .

المطاردة ،,،،

فرت جموع هوازن ومن رافقهم من أرض المعركة ، وقد أطلقت لسيقانها الريح ، ولم تكن متفقة على مكان تحتمى به عند الهزيمة ، فصارت طائفة منهم إلى أوطاس ،،،
وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم أبا عامر الأشعرى مع مجموعة من الجيش ، وقد انهزمت فلول المشركين ، واستشهد أبو عامر ، واتجهت طائفة ثانية إلى نخلة ، وكان معهم دريد بن الصمة ، فطاردتهم فرسان المسلمين ،
وقتل ربيعة بن رفيع دريدًا ، وأما معظم فلول المشركين فقد لجئوا إلى الطائف ، وأولئك توجه إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بعد أن جمع الغنائم .

جمع الغنائم ،،,،

الحمد لله الذى ساق مالك بن عوف قائد جيوش هوازن والأعراب إلى خطته الحمقاء تلك إذ من جرأتها غنم المسلمون من السبى ستة آلاف رأس ، ومن الإبل أربعًا وعشرين ألفًا ، ومن الغنم أكثر من أربعين ألف شاة عدا أربعة آلاف أوقية فضة ،،،
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجمعها ، ثم حبسها بالجعرانة ، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفارى ، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف ، وقد كانت فى السبى الشيماء بنت الحارث السعدية - أخت رسول الله من الرضاعة -،
فعرفته بنفسها ، فأكرمها ، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ، ثم من عليها ، وردها إلى قومها .

المسير إلى الطائف ,،،،

ما إن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جمع الغنائم ، حتى شرع فى المسير إلى فلول المشركين بحصن الطائف ، حتى يستأصل شوكتهم ، ويضمن الاستقرار بأرض العرب ، وقد تقدم الجيش خالد بن الوليد فى ألف رجل ، يتبعهم سائر الجيش ،،،
ومر النبى - صلى الله عليه وسلم - فى طريقه على نخلة اليمانية ثم على قرن المنازل ، ثم على لية ، وكان هناك حصن لمالك بن عوف ، فأمر بهدمه ، ثم واصل سيره حتى وصل إلى الطائف ، فأقام معسكره ، وفرض الحصار على أهل الحصن .

الحصار والقتال حول الطائف ،,،،

أربعين يومًا كاملة ، قضاها المسلمون يحاصرون الطائف ، لكن الحصن منيع أعد أهله فيه ما يكفيهم لسنة ، ثم إنهم صاروا يذيقون المسلمين منه ألوان البلاء ، فقد رموهم رميًا شديدًا حتى قتل منهم فى أول الحصار اثنا عشر رجلاً واضطروا إلى تغيير موقع المعسكر ،،،
ونصب النبى - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق ، وقذف به القذائف ، حتى أحدث بجدار الحصن شدخًا ، ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة من خشب ، يدخل الناس فى جوفها ، ثم يدفعونها فى اتجاه الحصن لينقبوه ، دخلوا تحتها ليحرقوا الجدار لكن عدوهم أرسل عليهم سكك الحديد المحماة بالنار ، فخرجوا من تحتها ، فرشقوهم بالنبل وقتلوا منهم رجالا ،،،

وهنا لجأ - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرب المعنوية ، فأمر جيشه بقطع الأعناب وتحريقها ، فقطعها المسلمون قطعًا ذريعًا لم يوقفه إلا رجاء ثقيف أن يدعها لله والرحم ، فتركها لله والرحم ، وهو موقف - ولاشك - عجيب ،،،

ثم أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - مناديه فنادى فى أهل الحصن :-
أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر .
وسرعان ما خرج إلى المسلمين ثلاثة وعشرون رجلاً ، منهم أبو بكرة الذى تدلى من سور الحصن ببكرة مستديرة فكنى بها ، وقد أعتقهم - صلى الله عليه وسلم - ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه ، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة عظيمة ، وظل الموقف على هذا الحال ، لم يحالف الانتصار فريقًا منهما ، إلا أن الانتصار كان مصيرهما معًا .

الرحيل من الطائف ،,،،

إن المسلمين الذين كانوا يستمعون إلى أنفسهم المتسائلة :- ماذا سيحدث لو دام الحصار ؟
فيجيبونها :- سينهار العدو حتمًا ويستسلم أو نقاتله فنهزمه -
إن هؤلاء المسلمين وقد مر عليهم أربعون يومًا ، صار بعضهم يتساءل قائلاً :- وماذا سيحدث لو تركناهم محبوسين فى حصنهم؟
ولعل نوفل بن معاوية الديلى ، قد أجاب عن هذا السؤال ، حين استشاره النبى - صلى الله عليه وسلم - فيما يصنع فقال :-
هم ثعلب فى جحر ! إن أقمت عليه أخذته ، وإن تركته لم يضرك .

وهنا عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رفع الحصار والرحيل ، فأمر عمر بن الخطاب فنادى فى الناس :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله .
لكن المسلمين ثقل عليهم ذلك وقالوا :- نذهب ولا نفتحه ؟
فقال لهم النبى :- اغدوا على القتال ، فغدوا فأصابتهم الجراح ،،،
فقال :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله ،
ففرحوا بذلك وأطاعوا وجعلوا يرحلون ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - يضحك ، وأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا :-
آيبون تائبون عابدون ، لربنا حامدون ،،،،
وقد سألوه أن يدعو على ثقيف ،
فقال :-
اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم .

قسمة الغنائم ،،,،

إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى دعا ربه عند رحيله قائلاً :- اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم ؛؛
قد ظل بضع عشرة ليلة بالجعرانة لا يقسم الغنائم ، انتظارًا لقدوم هوازن تائبة ، فيرد عليهم ما فقدوه ، لكن أحدًا منهم لم يأت إليه - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بقسمة المال ليسكت النفوس المتشوفة لمتاع الدنيا ، وأعطى رجالاً يتألف قلوبهم ، فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل ،،،
فقال :- ابنى يزيد ؟
فأعطاه مثلها ،،،
فقال :- ابنى معاوية ؟
فأعطاه مثلها .
وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ، فطلب أخرى فأعطاه مائة أخرى ، وأما صفوان بن أمية ، فقد أعطاه مائة فمائة فمائة وكذا غيرهم ، ثم أعطى آخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين ؛؛
حتى صار الناس يقولون :- إن محمدًا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر ، وازدحم عليه الأعراب ، الذين ازدحموا منذ أيام ، فرارًا من حنين ، ازدحموا عليه يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة ، فانتزعت رداءه !!
فقال :-
أيها الناس ، ردوا علىّ ردائى ، فوالذى نفسى بيده لو كان عندى شجر تهامة نعمًا لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتمونى بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا .

وهذا المنظر لا يستدعى إلى أذهاننا إلا التسليم بصفات البشر أولئك الذين يخرجون عن ديارهم وأموالهم مهاجرين طواعية ، والذين يؤثرون إخوانهم ولو كان بهم خصاصة ، وأولئك الذين يزاحمون نبيًا حتى يسقطون رداءه ، طمعًا فى بعض الرؤوس !
وقد قام النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أعطى المؤلفة قلوبهم بتقسيم الغنائم على الناس ، فأعطى الراجل أربعًا من الإبل وأربعين شاة ، وأعطى الفارس اثنى عشر بعيرًا وعشرين ومائة شاة ، عدا ما قسمه بينهم من السبى .

حزن الأنصار ،،,،

وقف الأنصار الذين دعاهم النبى - صلى الله عليه وسلم - حين فر عنه الناس - وقفوا ينظرون بعيون دهشة ، إلى غنائم حنين ، وهى تفرق بين الناس ، ذات اليمين وذات الشمال ، دون أن يصيبهم منها شىء ، ولله در الأنصار ! الذين اصطفاهم الله لدعوته اصطفاء .

إنهم حين حزنوا لتفضيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواهم عليهم ، لم يصنعوا كما يصنع كثير من الناس ، حين يتظاهرون بعدم الاكتراث ، ويرسمون ابتسامات عريضة على شفاههم ، ليس لها فى قلوبهم نصيب ثم يؤكدون بحسم أنهم فوق هذه الأغراض التافهة ، والمقاصد الحقيرة ، لأنهم لم يفعلوا شيئًا من ذلك ، إنما أرسلوا كبيرهم سعد بن عبادة ، يتحدث بشجاعة ووضوح ، قائلاً للنبى - صلى الله عليه وسلم -:-
يا رسول الله ، إن هذا الحى من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفىء الذى أصبت ! قسمت فى قومك ، وأعطيت عطايا عظامًا فى قبائل العرب ، ولم يك فى هذا الحى من الأنصار منها شىء
فسأله - صلى الله عليه وسلم -:-
فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
ومرة أخرى لا يصنع سعد ما تصنعه الوسطاء حين يعتذرون للرؤساء بأنهم ليسوا إلا ناقلى خبر ، وأن كلام القوم لا يرضيهم تمامًا ، وإنما أجاب فى صراحة :-
يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومى ,,،
فقال له صلى الله عليه وسلم -:- فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة .
وجمعهم سعد ؛؛

فأتاهم النبى صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ،
وقال :-
يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتنى عنكم ، وجدة وجدتموها علىّ فى أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم الله ؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟
قالوا :- بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل ،
فقال :- ألا تجيبونى يا معشر الأنصار ؟
قالوا :- بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل ..،
قال :- أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم ،,,
أتيتنا مكذبًا فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريدًا فآويناك وعائلاً فآسيناك
أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟
فوالذى نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار ،...,
اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا :- رضينا برسول الله قسمًا وحظًا .
ثم انصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا .

قدوم وفد هوازن ،,،،

لكل أجل كتاب ، تسعة عشر يومًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظر قدوم هوازن تائبة ليرد لها غنائمها ، لكنها لا تأتى ، ثم هاهو الآن ما يكاد يجلس بعد أن فرغ من تقسيم الفىء ، حتى يفاجأ بأربعة عشر رجلاً ، هم وفد هوازن ، يقدمون عليه تائبين ، سائليه بكلام ترق له القلوب ، أن يرد عليهم سبيهم وأموالهم ،,,

فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - إن معى من ترون ، وإن أحب الحديث إلى أصدقه ، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم ؟
فقالوا :- ما كنا نعدل بالأحساب شيئًا ،,,,
فنصحهم - صلى الله عليه وسلم - أن يقوموا بعد صلاة الظهر ،,,
فيقولون :- إنا نستشفع برسول الله إلى المؤمنين ، وبالمؤمنين إلى رسول الله أن يرد علينا سبينا ، ففعلوا ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما ما كان لى ولبنى عبد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم الناس ،,,
فأسرع المهاجرون والأنصار قائلين :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
وقال الأقرع بن حابس :- أما أنا وبنو تميم فلا ,,،
وكذلك قال عيينة بن حصن :- أما أنا وبنو فزارة فلا ،,,
وتبعهم عباس بن مرداس فقال :- أما أنا وبنو سليم فلا ،,,
لكن بنى سليم قالوا :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
فقال لهم ابن مرداس :- وهنتمونى .

وهنا عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرافضين عرضًا جديدًا،,,
فقال :-
إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين ، وقد كنت استأنيت سبيهم ، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئًا ، فمن كان عنده منهن شىء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ، ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليه وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفىء الله علينا ،,,
فرد الناس جميعًا ما بأيديهم من النساء والأبناء .

العمرة والانصراف إلى المدينة ،,،،

فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قسمة الغنائم بالجعرانة ، فأهل معتمرًا منها ثم أدى العمرة ، وقفل راجعًا إلى المدينة ، بعد أن ولى على مكة عتاب بن أسيد ، وقد كان رجوعه إلى مدينته المحبوبة فى الرابع والعشرين من ذى القعدة سنة ثمان من الهجرة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { عمال الصدقات } **

ما إن بدا فى الأفق هلال المحرم من سنة تسع من الهجرة ، حتى طفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسل المصدقين ، وهم جامعو الزكاة إلى القبائل ، وتلك قائمة بأسمائهم وأماكن توجههم :



ولم يكن إرسال هؤلاء العمال كلهم فى المحرم من سنة تسع من الهجرة ، وإنما تأخر العديد منهم لحين إسلام تلك القبائل .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { السرايا بعد رجوعه إلى المدينة } **

إن ظهور أمر الإسلام بجزيرة العرب ، واستتباب الأمن بها ، لا يعنى زوال الخارجين على أمره تمامًا ، فلكل عصر أهل حقه وأهل باطله ، نعم قد يزيد هؤلاء أو يقل أولئك ، لكن أحد الفريقين لا ينتهى بحال .
وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذن واجب لا مفر منه ، ولا راحة عنه فى مواجهة أولئك المارقين ؛ ولذا فقد شرع فى إرسال السرايا للخارجين فى الوقت نفسه الذى بدأ فيه إرسال المصدقين إلى الطائعين فكانت هذه السرايا الخمس :-


سرية عيينة بن حصن ،,،،

أغرت بنو تميم القبائل بعدم دفع الجزية ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن الفزارى فى المحرم سنة تسع من الهجرة فى خمسين فارسًا ، ليس فيهم مهاجر ولا أنصارى ؛ وكمن لهم عيينة ، حتى هجم عليهم فى الصحراء ، فولوا مدبرين ، وعاد إلى المدينة وقد أخذ منهم أحد عشر رجلاً ، وإحدى وعشرين امرأة ، وثلاثين صبيًا ، فأنزلوا فى دار رملة بنت الحارث .

سرية قطبة بن عامر ،،,،

خرج قطبة بن عامر ، فى صفر سنة تسع من الهجرة إلى حى من خثعم بناحية تبالة ، بالقرب من تربة فى عشرين رجلاً ، على عشرة أبعرة يعتقبونها ، فشن الغارة ، واقتتل الفريقان قتالاً شديدًا ، حتى كثر الجرحى فى كليهما ، وقتل قطبة مع من قتل ، لكن المسلمون انتصروا ، وعادوا إلى المدينة يسوقون النعم والشاء والنساء .

سرية الضحاك بن سفيان ،,،،

ذهب الضحاك بن سفيان الكلابى إلى بنى كلاب ليدعوهم إلى الإسلام ، لكنهم أبوا وشرعوا فى القتال ، فقاتلهم المسلمون وهزموهم ، وقتلوا من المشركين رجلاً .

سرية علقمة بن مجزر ،,،،

سبحان مغير الأحوال ! إن مكة التى كانت مصدر حرب للمسلمين ، صارت اليوم تنعم بحماية المسلمين لها ، اجتمع رجال من الحبشة بالقرب من سواحل جدة ، للقيام بأعمال القرصنة ضد أهل مكة ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علقمة بن مجزر المدلجى ، فى ثلاثمائة رجل فى شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة ؛ ولما وصل علقمة الشاطئ خاض البحر حتى وصل إلى جزيرة به ، فسمعت بمسيره الأحباش ، وأسرعوا بالهرب .

سرية على بن أبى طالب ،,،،

بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب فى مائة وخمسين رجلاً على مائة بعير وخمسين فرسًا ، إلى صنم لطىء يقال له :- القلس ؛ ليهدمه ، فشن الغارة على محلة حاتم وهدم صنمهم ، وعاد إلى المدينة ، وقد ملأ المسلمون أيديهم من السبى والنعم والشاء ، وهرب عدى بن حاتم الطائى إلى الشام ، وكان فى السبى أخت عدى فاستعطفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقها .

إطلاق أخت عدى بن حاتم ،,،،

إن عجوزًا فى السبى لم يعجبها أن تصبح فى هذا الوضع المهين فقامت من مكانها ، وسارت بخطا يحدوها الأمل ، وتثقلها قيود الأسر ، سارت وذكريات أبيها حاتم الطائى أكرم العرب ، ومضرب أمثالهم فى الكرم تتردد على ذهنها ، واشتياقها لرؤية أخيها عدى ، الذى فر إلى الشام ، يؤجج نار قلبها ، وما هى إلا دقائق حتى انتهى بالعجوز مسيرها إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقالت له :- يا رسول الله ، غاب الوافد ، وانقطع الوالد ، وأنا عجوز كبيرة ما بى من خدمة ، فمنّ على ، منّ الله عليك ،،،
فسألها النبى - صلى الله عليه وسلم -:- من وافدك ؟
فقالت :- عدى بن حاتم ،
وهنا عاتبها - صلى الله عليه وسلم - برقة قائلاً :- الذى فر من الله ورسوله ؟ ثم مضى ،
فأعادت عليه قولها فى الغد ،,, فأجابها بمثلها ،,,
فجاءته فى اليوم الثالث ، فمن عليها وكان إلى جانبه رجل ، ترى أنه على ، نصحها بأن تسأله -صلى الله عليه وسلم - الحملان ، ففعلت ، فأمر لها به ، ومضت فى طريقها حتى دخلت على أخيها بالشام قائلة له :- لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها ، ائته راغبًا أو راهبًا ،,,
فأتاه عدى بغير أمان ولا كتاب ، ثم أسلم بين يديه
.

1- عيينة بن حصن إلى بنى تميم .
2- يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار .
3- عباد بن بشير الأشهلى إلى سليم ومزينة .
4- رافع بن مكيث إلى جهينة .
5- عمرو بن العاص إلى بنى فزارة .
6- الضحاك بن سفيان إلى بنى كلاب .
7- بشير بن سفيان إلى بنى كعب .
8- ابن اللتبية الأزدى إلى بنى ذبيان
9- المهاجر بن أبى أمية إلى صنعاء .
10- زياد بن لبيد إلى حضرموت
11- عدى بن حاتم إلى طىء وبنى أسد .
12- مالك بن نويرة إلى بنى حنظلة .
13- الزبرقان بن بدر إلى بنى سعد ( إلى قسم منهم ) .
14- قيس بن عاصم إلى بنى سعد ( إلى قسم آخر منهم ) .
15- العلاء بن الحضرمى إلى البحرين .
16- على بن أبى طالب إلى نجران ( لجمع الصدقة والجزية معًا ) .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 04-08-2012, 08:58 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { غــزوة حــنــيــن } **

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين على قريش ؛ وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز محمداً قبل أن يغزونا .

لئن كانت القبائل المجاورة لمكة قد خضعت لحكم الله تعالى ، فإن غيرها ممن نأت ديارهم ، غرهم عقلهم العليل ، فقد اجتمعت هوازن ، وثقيف ، ونصر ، وجشم ، وسعد بن بكر ، وأناس من بنى هلال ، واتخذوا من مالك بن عوف السعدى قائدًا عامًا لهم ، وأجمعوا رأيهم على قتال محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين ،،،،

فبدأوا مسيرهم إليه ، تحت إمرة مالك الذى أطاعوه رغم اختلافه مع كبيرهم دريد بن الصمة ، وعلى الفور بدأ نشاط الاستخبارات من الجهتين ، ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة إلى حنين ، وتلاقى الجيشان ، فكانت الهزيمة الأولى للمسلمين ، وكادت أن تذهب ريحهم لولا ثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والذى أدى إلى رجوع المسلمين واحتدام المعركة ، وما مرت سوى سويعات حتى لحقت الهزيمة الساحقة بجيش العدو ، وبدأت المطاردة ، لكن الأعراب فروا إلى الطائف فاحتموا بها ، فجمع المسلمون الغنائم ، ثم ساروا إلى الطائف، حيث بدأ الحصار والقتال حولها ، لكنها عصيت عليهم ، فقرروا الرحيل عنها إلى حين ، وانتظر النبى - صلى الله عليه وسلم - بعض الوقت ، ثم قسم الغنائم والتى لم ينل منها الأنصار - على كثرتها ووفرتها - شيئًا ، فأحزنهم ذلك ، حتى حدثهم النبى - صلى الله عليه وسلم - فرضوا بمقامه بينهم بديلاً ، وما كادت قسمة الغنائم تتم حتى قدم وفد هوازن يعلن الاستسلام ويطلب الصلح ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إليه ، وأنهى غزوته بأداء العمرة ثم الانصراف إلى المدينة .
وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، بقوله‏:-
‏{‏
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }‏ (‏التوبة‏:‏25-26) .

مسير العدو ،،,،

سارت جيوش الأعراب تحت إمرة مالك بن عوف النصرى ، حتى أنزلها وادى أوطاس ، وهو بدار هوازن بمقربة من حنين ، لكن العجيب هو أن مالكًا قد صحب معه فى مسيرته تلك ، النساء والأبناء والأموال ، حتى يدفع جيشه إلى القتال المستميت .
ويبدو أن مالكًا لم يكن يثق بجيشه ، أو أنه لم يرد أن ينتهى وحده إن هزم فى هذا اللقاء ، حتى يقضى على كل من خذله ولم ينصره على المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

الخلاف بين مالك ودريد ,،،،

ما أعجب ما تصنعه الأيام بأهلها !
دريد بن الصمة بطل العرب الشجاع ، مجرب الحروب ، ها هو يجلس محنى الظهر ، واهن الصوت ، قد سقط حاجباه على عينيه ، وارتعشت يداه التى طالما ارتعشت لمرأى السيف بها قلوب الشجعان ؛؛
لس يسأل من حوله :- بأى وادٍ أنتم ؟
فأجابوه :- بأوطاس !
فأعجبه ذلك ، لكنه استدرك :- مالى أسمع رغاء البعير ، ونهيق الحمير ، وبكاء الصبى ، وثغاء الشاء ؛؛
فأجابوه :- ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم ، فامتعض الرجل ، ثم دعا مالكًا وسأله عما حمله على ذلك ،،،
فقال بغرور القادة العظام :- أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم .
وهنا لم يعد دريد يحتمل المزيد ،؛؛
فانطلق لسانه قائلاً :- راعى ضأن والله ! وهل يرد المنهزم شيئًا ؟!
إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ،,,
لكن مالكًا - الذى كان ربه يسوقه مع جيشه إلى نهاية مؤلمة - قد أبى سماع رأى غيره ، وكره أن يكون لدريد فى هذا اللقاء ذكر أو رأى ، حتى يستأثر بالذكر كله ، ,,
فأجاب ببصيرة الأغبياء قائلاً بحماس : - والله لتطيعنى هوازن ، أو لأتكئن على هذا السيف ، حتى يخرج من ظهرى ، فأطاعته هوازن ، ولو علمت الغيب لتركته ومتكأه .

نشاط مزدوج للاستخبارات ,،،،

إن أبا حدرد الأسلمى عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف بالتلصص على جيش العدو ، بل دخل بهدوء فى الناس ، وأقام معهم ، يعلم خبرهم ، وتفاصيل جيشهم ، ثم أتى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بما علم ،
أما عيون مالك الذين أرسلهم للاستكشاف ، فقد جاءوا شاحبى الوجوه ، مرتعدى الأوصال ،
فسألهم :- ويلكم ، ما شأنكم ؟
فقالوا له :- رأينا رجالاً بيضًا على خيل بلق ، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى .
ويبدو أن نشاط العيون فى الجهتين ، بعد هذه المقالة ، صار فى ميزان جيش المسلمين .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسير إلى حنين ,،،،

إن عشرة آلاف مسلم فتحوا مكة لم يكونوا جميعًا من المهاجرين والأنصار ، وإن اثنى عشر ألفًا خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين لم يكونوا كلهم - ولاشك - من أولئك الفاتحين ، ؛؛
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى حنين يتقدم جيشًا جرارًا ، لم يخرج مثله معه من قبل ، وفى طريقهم رأوا شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط ، تعلق العرب عليها أسلحتهم ، ويذبحون عندها ويعكفون ، فقال من لم يمر على إسلامه سوى أيام معدودة :- اجعل لنا ذات أنواط ، كما لهم ذات أنواط ،،،

فقال - صلى الله عليه وسلم -:-
الله أكبر ! قلتم والذى نفس محمد بيده كما قال قوم موسى (( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة )) .
ونظر بعضهم حوله ثم قال بارتياح :-
لن نغلب اليوم ، فشق ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم - الذى صبر قديمًا على قلة عدد جيشه ، وعليه الآن أن يصبر على كثرته !
وفى عشية يوم خروجه فى السادس من شوال سنة ثمان من الهجرة ، جاء فارس يخبر الجيش بما رآه من خروج هوازن عن بكرة أبيها بنسائهم وأنعامهم وشائهم ،،،
فتبسم - صلى الله عليه وسلم - وقال :-
تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله

ولعل المسلمين الذين رأوا كراهته للفرح بكثرة جيشه قد استفادوا درسًا جديدًا ، وهم يرون الآن تبسمه عند سماعه بكبر جمع العدو !
وبات المسلمون ليلتهم ، وعلى الحراسة أنس بن أبى مرثد ، ثم استأنفوا مسيرهم صباحًا حتى وصلوا إلى حنين فى العاشر من شوال ، حيث بدأ استعدادهم ليوم اللقاء .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الهزيمة الأولى ,،،،

إن جيش المسلمين الذى عبأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم فرق على الناس الألوية والرايات - إن هذا الجيش قد بدأ فى التحرك فى غبش الصبح ثم هبط فى واد شديد الانحدار .
وبينما جموعه تتلاحق فى النزول ، إذ بالسهام تصيبه من كل جانب ، فإن مالكًا كان قد فرق جنوده فى مداخل الوادى ومضايقه دون أن يشعر المسلمون ، وقبل أن يفيق الجيش من صدمته ، كانت كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد ،،،
فأسرع المسلمون بالرجوع فرارًا ، لا يلوى أحد على أحد ، ولا ينتظر أحد أحدًا ، فكانت هزيمة منكرة ، والحرب بعد لم تدق طبولها !
وفى هذا الموقف العصيب ، ظهرت بعض خبايا الصدور ،،،
فقد صاح أبو سفيان بن حرب :- لا تنتهى هزيمتهم دون البحر ،،،
كما صرخ جبلة أو كلدة بن الحنبل أخو صفوان بن أمية لأمه :- ألا بطل السحر اليوم .
والعجيب أن من أسكته ورده كان صفوان بن أمية ، رغم أنه لم يكن قد أسلم بعد ،،،
فقال له :- اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن - يعنى يملكنى ويسودنى - ،
وقد كان صفوان أعطى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة درع بأداته ليستعين بها فى الحرب .

ثبات رسول الله ,،،،

فوجئ محمد - صلى الله عليه وسلم - بجيشه ينكص على عقبيه ، يفر الواحد منهم مسرعًا فلا يلتفت إلى شىء ، إن مجرد الوقوف فى وجه الجيش المرتد أصبح مستحيلاً ،،،
وهنا انحاز الرسول - صلى الله عليه وسلم - جهة اليمين ، وهو يصيح بالناس :-

هلموا إلىّ أيها الناس ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله
((أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب )).

ثم يواجه الكفار مسرعًا ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلته والعباس عمه بركابه ، حتى يكفانها عن الاقتحام ، ثم هبط - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، بعد أن انكشف جيشه
قائلاً :-
اللهم أنزل نصرك .
أما من بقى حوله - صلى الله عليه وسلم - من الإثنى عشر ألفًا فكان عددا قليلا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته .

وأما من قال سابقًا :- لن نغلب اليوم من قلة . فلعله الآن يعرف من أى شىء يغلب ؟!
وقد التفت - صلى الله عليه وسلم - فرأى أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبى طلحة ، التى كانت حاملاً بعبدالله بن أبى طلحة - رآها ممسكة بحزم رأس جمل أبى طلحة ،،،
فسألها :- أم سليم ؟
فقالت :- نعم ، بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ،،،
فقال لها :- أو يكفى الله يا أم سليم ؟
ورأى أبو طلحة زوجها خنجرًا معها ، فسألها عنه ؟
فقالت :- خنجر أخذته ، إن دنا منى أحد من المشركين بعجته به ،،،
فقال زوجها :- ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم ؟!

رحم الله أم سليم ، كم أحرجت من رجال !

رجوع المسلمين واحتدام المعركة ,،،،

وقف العباس ، - وكان جهير الصوت - ينادى بأعلى صوته ، حسب أوامر النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يا معشرالانصار ؛ يامعشرالمهاجرين ؛ يا أصحاب الشجره (( أين أصحاب السمرة ؟ وهم أصحاب بيعة الرضوان ~ الشجرة ~ )) ، الذين بايعوا محمدًا على الموت ،
ويصف العباس أوبتهم قائلاً :- فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها ،
فقالوا:- يا لبيك ، يا لبيك .
ونادى العباس مرة أخرى قائلاً :- يا معشر الأنصار .
ثم اختص بندائه بنى الحارث بن الخزرج ، وكان الرجل إذا أراد الرجوع ، فعانده بعيره الفار ، يأخذ درعه وسيفه ، ثم ينزل عن بعيره ويتركه ، متجهًا صوب الصوت ، حتى اجتمع إليه - صلى الله عليه وسلم - مائة ،،،

فاستقبلوا العدو واقتتلوا وتلاحقت بعد ذلك كتائب المسلمين ، واحدة تلو الأخرى كما كانوا عند تركهم الموقعة ، ثم احتدم القتال ،،،
ونظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الفريقين يتجالدان فقال:-
الآن حمى الوطيس .
ثم أخذ قبضة من تراب الأرض ، فرماها فى وجوه القوم قائلاً :-
شاهت الوجوه .
فما بقى منهم من أحد إلا وعيناه قد امتلأتا بهذا التراب ، حتى كانت هزيمتهم الساحقة .

الهزيمة الساحقة لجيش العدو ،،,،

ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، ثم قاتل المسلمون بحرارة وإيمان ، فلم تمر إلا ساعات قلائل حتى انهزم عدوهم هزيمة منكرة ، وقتل من ثقيف وحدها نحو السبعين ، وأصبح فى يد المسلمين ما كان مع العدو من مال وسلاح ونساء وأطفال .
فتوجه إلى الله ، وثبات أمام البلاء ، وكفاح لا يكل ، هذه أسباب بلغ المسلمون بها نصرهم المنشود .

المطاردة ،,،،

فرت جموع هوازن ومن رافقهم من أرض المعركة ، وقد أطلقت لسيقانها الريح ، ولم تكن متفقة على مكان تحتمى به عند الهزيمة ، فصارت طائفة منهم إلى أوطاس ،،،
وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم أبا عامر الأشعرى مع مجموعة من الجيش ، وقد انهزمت فلول المشركين ، واستشهد أبو عامر ، واتجهت طائفة ثانية إلى نخلة ، وكان معهم دريد بن الصمة ، فطاردتهم فرسان المسلمين ،
وقتل ربيعة بن رفيع دريدًا ، وأما معظم فلول المشركين فقد لجئوا إلى الطائف ، وأولئك توجه إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بعد أن جمع الغنائم .

جمع الغنائم ،،,،

الحمد لله الذى ساق مالك بن عوف قائد جيوش هوازن والأعراب إلى خطته الحمقاء تلك إذ من جرأتها غنم المسلمون من السبى ستة آلاف رأس ، ومن الإبل أربعًا وعشرين ألفًا ، ومن الغنم أكثر من أربعين ألف شاة عدا أربعة آلاف أوقية فضة ،،،
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجمعها ، ثم حبسها بالجعرانة ، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفارى ، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف ، وقد كانت فى السبى الشيماء بنت الحارث السعدية - أخت رسول الله من الرضاعة -،
فعرفته بنفسها ، فأكرمها ، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ، ثم من عليها ، وردها إلى قومها .

المسير إلى الطائف ,،،،

ما إن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جمع الغنائم ، حتى شرع فى المسير إلى فلول المشركين بحصن الطائف ، حتى يستأصل شوكتهم ، ويضمن الاستقرار بأرض العرب ، وقد تقدم الجيش خالد بن الوليد فى ألف رجل ، يتبعهم سائر الجيش ،،،
ومر النبى - صلى الله عليه وسلم - فى طريقه على نخلة اليمانية ثم على قرن المنازل ، ثم على لية ، وكان هناك حصن لمالك بن عوف ، فأمر بهدمه ، ثم واصل سيره حتى وصل إلى الطائف ، فأقام معسكره ، وفرض الحصار على أهل الحصن .

الحصار والقتال حول الطائف ،,،،

أربعين يومًا كاملة ، قضاها المسلمون يحاصرون الطائف ، لكن الحصن منيع أعد أهله فيه ما يكفيهم لسنة ، ثم إنهم صاروا يذيقون المسلمين منه ألوان البلاء ، فقد رموهم رميًا شديدًا حتى قتل منهم فى أول الحصار اثنا عشر رجلاً واضطروا إلى تغيير موقع المعسكر ،،،
ونصب النبى - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق ، وقذف به القذائف ، حتى أحدث بجدار الحصن شدخًا ، ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة من خشب ، يدخل الناس فى جوفها ، ثم يدفعونها فى اتجاه الحصن لينقبوه ، دخلوا تحتها ليحرقوا الجدار لكن عدوهم أرسل عليهم سكك الحديد المحماة بالنار ، فخرجوا من تحتها ، فرشقوهم بالنبل وقتلوا منهم رجالا ،،،

وهنا لجأ - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرب المعنوية ، فأمر جيشه بقطع الأعناب وتحريقها ، فقطعها المسلمون قطعًا ذريعًا لم يوقفه إلا رجاء ثقيف أن يدعها لله والرحم ، فتركها لله والرحم ، وهو موقف - ولاشك - عجيب ،،،

ثم أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - مناديه فنادى فى أهل الحصن :-
أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر .
وسرعان ما خرج إلى المسلمين ثلاثة وعشرون رجلاً ، منهم أبو بكرة الذى تدلى من سور الحصن ببكرة مستديرة فكنى بها ، وقد أعتقهم - صلى الله عليه وسلم - ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه ، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة عظيمة ، وظل الموقف على هذا الحال ، لم يحالف الانتصار فريقًا منهما ، إلا أن الانتصار كان مصيرهما معًا .

الرحيل من الطائف ،,،،

إن المسلمين الذين كانوا يستمعون إلى أنفسهم المتسائلة :- ماذا سيحدث لو دام الحصار ؟
فيجيبونها :- سينهار العدو حتمًا ويستسلم أو نقاتله فنهزمه -
إن هؤلاء المسلمين وقد مر عليهم أربعون يومًا ، صار بعضهم يتساءل قائلاً :- وماذا سيحدث لو تركناهم محبوسين فى حصنهم؟
ولعل نوفل بن معاوية الديلى ، قد أجاب عن هذا السؤال ، حين استشاره النبى - صلى الله عليه وسلم - فيما يصنع فقال :-
هم ثعلب فى جحر ! إن أقمت عليه أخذته ، وإن تركته لم يضرك .

وهنا عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رفع الحصار والرحيل ، فأمر عمر بن الخطاب فنادى فى الناس :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله .
لكن المسلمين ثقل عليهم ذلك وقالوا :- نذهب ولا نفتحه ؟
فقال لهم النبى :- اغدوا على القتال ، فغدوا فأصابتهم الجراح ،،،
فقال :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله ،
ففرحوا بذلك وأطاعوا وجعلوا يرحلون ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - يضحك ، وأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا :-
آيبون تائبون عابدون ، لربنا حامدون ،،،،
وقد سألوه أن يدعو على ثقيف ،
فقال :-
اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم .

قسمة الغنائم ،،,،

إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى دعا ربه عند رحيله قائلاً :- اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم ؛؛
قد ظل بضع عشرة ليلة بالجعرانة لا يقسم الغنائم ، انتظارًا لقدوم هوازن تائبة ، فيرد عليهم ما فقدوه ، لكن أحدًا منهم لم يأت إليه - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بقسمة المال ليسكت النفوس المتشوفة لمتاع الدنيا ، وأعطى رجالاً يتألف قلوبهم ، فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل ،،،
فقال :- ابنى يزيد ؟
فأعطاه مثلها ،،،
فقال :- ابنى معاوية ؟
فأعطاه مثلها .
وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ، فطلب أخرى فأعطاه مائة أخرى ، وأما صفوان بن أمية ، فقد أعطاه مائة فمائة فمائة وكذا غيرهم ، ثم أعطى آخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين ؛؛
حتى صار الناس يقولون :- إن محمدًا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر ، وازدحم عليه الأعراب ، الذين ازدحموا منذ أيام ، فرارًا من حنين ، ازدحموا عليه يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة ، فانتزعت رداءه !!
فقال :-
أيها الناس ، ردوا علىّ ردائى ، فوالذى نفسى بيده لو كان عندى شجر تهامة نعمًا لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتمونى بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا .

وهذا المنظر لا يستدعى إلى أذهاننا إلا التسليم بصفات البشر أولئك الذين يخرجون عن ديارهم وأموالهم مهاجرين طواعية ، والذين يؤثرون إخوانهم ولو كان بهم خصاصة ، وأولئك الذين يزاحمون نبيًا حتى يسقطون رداءه ، طمعًا فى بعض الرؤوس !
وقد قام النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أعطى المؤلفة قلوبهم بتقسيم الغنائم على الناس ، فأعطى الراجل أربعًا من الإبل وأربعين شاة ، وأعطى الفارس اثنى عشر بعيرًا وعشرين ومائة شاة ، عدا ما قسمه بينهم من السبى .

حزن الأنصار ،،,،

وقف الأنصار الذين دعاهم النبى - صلى الله عليه وسلم - حين فر عنه الناس - وقفوا ينظرون بعيون دهشة ، إلى غنائم حنين ، وهى تفرق بين الناس ، ذات اليمين وذات الشمال ، دون أن يصيبهم منها شىء ، ولله در الأنصار ! الذين اصطفاهم الله لدعوته اصطفاء .

إنهم حين حزنوا لتفضيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواهم عليهم ، لم يصنعوا كما يصنع كثير من الناس ، حين يتظاهرون بعدم الاكتراث ، ويرسمون ابتسامات عريضة على شفاههم ، ليس لها فى قلوبهم نصيب ثم يؤكدون بحسم أنهم فوق هذه الأغراض التافهة ، والمقاصد الحقيرة ، لأنهم لم يفعلوا شيئًا من ذلك ، إنما أرسلوا كبيرهم سعد بن عبادة ، يتحدث بشجاعة ووضوح ، قائلاً للنبى - صلى الله عليه وسلم -:-
يا رسول الله ، إن هذا الحى من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفىء الذى أصبت ! قسمت فى قومك ، وأعطيت عطايا عظامًا فى قبائل العرب ، ولم يك فى هذا الحى من الأنصار منها شىء
فسأله - صلى الله عليه وسلم -:-
فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
ومرة أخرى لا يصنع سعد ما تصنعه الوسطاء حين يعتذرون للرؤساء بأنهم ليسوا إلا ناقلى خبر ، وأن كلام القوم لا يرضيهم تمامًا ، وإنما أجاب فى صراحة :-
يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومى ,,،
فقال له صلى الله عليه وسلم -:- فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة .
وجمعهم سعد ؛؛

فأتاهم النبى صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ،
وقال :-
يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتنى عنكم ، وجدة وجدتموها علىّ فى أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم الله ؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟
قالوا :- بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل ،
فقال :- ألا تجيبونى يا معشر الأنصار ؟
قالوا :- بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل ..،
قال :- أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم ،,,
أتيتنا مكذبًا فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريدًا فآويناك وعائلاً فآسيناك
أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟
فوالذى نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار ،...,
اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا :- رضينا برسول الله قسمًا وحظًا .
ثم انصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا .

قدوم وفد هوازن ،,،،

لكل أجل كتاب ، تسعة عشر يومًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظر قدوم هوازن تائبة ليرد لها غنائمها ، لكنها لا تأتى ، ثم هاهو الآن ما يكاد يجلس بعد أن فرغ من تقسيم الفىء ، حتى يفاجأ بأربعة عشر رجلاً ، هم وفد هوازن ، يقدمون عليه تائبين ، سائليه بكلام ترق له القلوب ، أن يرد عليهم سبيهم وأموالهم ،,,

فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - إن معى من ترون ، وإن أحب الحديث إلى أصدقه ، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم ؟
فقالوا :- ما كنا نعدل بالأحساب شيئًا ،,,,
فنصحهم - صلى الله عليه وسلم - أن يقوموا بعد صلاة الظهر ،,,
فيقولون :- إنا نستشفع برسول الله إلى المؤمنين ، وبالمؤمنين إلى رسول الله أن يرد علينا سبينا ، ففعلوا ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما ما كان لى ولبنى عبد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم الناس ،,,
فأسرع المهاجرون والأنصار قائلين :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
وقال الأقرع بن حابس :- أما أنا وبنو تميم فلا ,,،
وكذلك قال عيينة بن حصن :- أما أنا وبنو فزارة فلا ،,,
وتبعهم عباس بن مرداس فقال :- أما أنا وبنو سليم فلا ،,,
لكن بنى سليم قالوا :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
فقال لهم ابن مرداس :- وهنتمونى .

وهنا عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرافضين عرضًا جديدًا،,,
فقال :-
إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين ، وقد كنت استأنيت سبيهم ، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئًا ، فمن كان عنده منهن شىء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ، ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليه وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفىء الله علينا ،,,
فرد الناس جميعًا ما بأيديهم من النساء والأبناء .

العمرة والانصراف إلى المدينة ،,،،

فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قسمة الغنائم بالجعرانة ، فأهل معتمرًا منها ثم أدى العمرة ، وقفل راجعًا إلى المدينة ، بعد أن ولى على مكة عتاب بن أسيد ، وقد كان رجوعه إلى مدينته المحبوبة فى الرابع والعشرين من ذى القعدة سنة ثمان من الهجرة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { عمال الصدقات } **

ما إن بدا فى الأفق هلال المحرم من سنة تسع من الهجرة ، حتى طفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسل المصدقين ، وهم جامعو الزكاة إلى القبائل ، وتلك قائمة بأسمائهم وأماكن توجههم :



ولم يكن إرسال هؤلاء العمال كلهم فى المحرم من سنة تسع من الهجرة ، وإنما تأخر العديد منهم لحين إسلام تلك القبائل .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { السرايا بعد رجوعه إلى المدينة } **

إن ظهور أمر الإسلام بجزيرة العرب ، واستتباب الأمن بها ، لا يعنى زوال الخارجين على أمره تمامًا ، فلكل عصر أهل حقه وأهل باطله ، نعم قد يزيد هؤلاء أو يقل أولئك ، لكن أحد الفريقين لا ينتهى بحال .
وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذن واجب لا مفر منه ، ولا راحة عنه فى مواجهة أولئك المارقين ؛ ولذا فقد شرع فى إرسال السرايا للخارجين فى الوقت نفسه الذى بدأ فيه إرسال المصدقين إلى الطائعين فكانت هذه السرايا الخمس :-


سرية عيينة بن حصن ،,،،

أغرت بنو تميم القبائل بعدم دفع الجزية ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن الفزارى فى المحرم سنة تسع من الهجرة فى خمسين فارسًا ، ليس فيهم مهاجر ولا أنصارى ؛ وكمن لهم عيينة ، حتى هجم عليهم فى الصحراء ، فولوا مدبرين ، وعاد إلى المدينة وقد أخذ منهم أحد عشر رجلاً ، وإحدى وعشرين امرأة ، وثلاثين صبيًا ، فأنزلوا فى دار رملة بنت الحارث .

سرية قطبة بن عامر ،،,،

خرج قطبة بن عامر ، فى صفر سنة تسع من الهجرة إلى حى من خثعم بناحية تبالة ، بالقرب من تربة فى عشرين رجلاً ، على عشرة أبعرة يعتقبونها ، فشن الغارة ، واقتتل الفريقان قتالاً شديدًا ، حتى كثر الجرحى فى كليهما ، وقتل قطبة مع من قتل ، لكن المسلمون انتصروا ، وعادوا إلى المدينة يسوقون النعم والشاء والنساء .

سرية الضحاك بن سفيان ،,،،

ذهب الضحاك بن سفيان الكلابى إلى بنى كلاب ليدعوهم إلى الإسلام ، لكنهم أبوا وشرعوا فى القتال ، فقاتلهم المسلمون وهزموهم ، وقتلوا من المشركين رجلاً .

سرية علقمة بن مجزر ،,،،

سبحان مغير الأحوال ! إن مكة التى كانت مصدر حرب للمسلمين ، صارت اليوم تنعم بحماية المسلمين لها ، اجتمع رجال من الحبشة بالقرب من سواحل جدة ، للقيام بأعمال القرصنة ضد أهل مكة ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علقمة بن مجزر المدلجى ، فى ثلاثمائة رجل فى شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة ؛ ولما وصل علقمة الشاطئ خاض البحر حتى وصل إلى جزيرة به ، فسمعت بمسيره الأحباش ، وأسرعوا بالهرب .

سرية على بن أبى طالب ،,،،

بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب فى مائة وخمسين رجلاً على مائة بعير وخمسين فرسًا ، إلى صنم لطىء يقال له :- القلس ؛ ليهدمه ، فشن الغارة على محلة حاتم وهدم صنمهم ، وعاد إلى المدينة ، وقد ملأ المسلمون أيديهم من السبى والنعم والشاء ، وهرب عدى بن حاتم الطائى إلى الشام ، وكان فى السبى أخت عدى فاستعطفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقها .

إطلاق أخت عدى بن حاتم ،,،،

إن عجوزًا فى السبى لم يعجبها أن تصبح فى هذا الوضع المهين فقامت من مكانها ، وسارت بخطا يحدوها الأمل ، وتثقلها قيود الأسر ، سارت وذكريات أبيها حاتم الطائى أكرم العرب ، ومضرب أمثالهم فى الكرم تتردد على ذهنها ، واشتياقها لرؤية أخيها عدى ، الذى فر إلى الشام ، يؤجج نار قلبها ، وما هى إلا دقائق حتى انتهى بالعجوز مسيرها إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقالت له :- يا رسول الله ، غاب الوافد ، وانقطع الوالد ، وأنا عجوز كبيرة ما بى من خدمة ، فمنّ على ، منّ الله عليك ،،،
فسألها النبى - صلى الله عليه وسلم -:- من وافدك ؟
فقالت :- عدى بن حاتم ،
وهنا عاتبها - صلى الله عليه وسلم - برقة قائلاً :- الذى فر من الله ورسوله ؟ ثم مضى ،
فأعادت عليه قولها فى الغد ،,, فأجابها بمثلها ،,,
فجاءته فى اليوم الثالث ، فمن عليها وكان إلى جانبه رجل ، ترى أنه على ، نصحها بأن تسأله -صلى الله عليه وسلم - الحملان ، ففعلت ، فأمر لها به ، ومضت فى طريقها حتى دخلت على أخيها بالشام قائلة له :- لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها ، ائته راغبًا أو راهبًا ،,,
فأتاه عدى بغير أمان ولا كتاب ، ثم أسلم بين يديه
.

1- عيينة بن حصن إلى بنى تميم .
2- يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار .
3- عباد بن بشير الأشهلى إلى سليم ومزينة .
4- رافع بن مكيث إلى جهينة .
5- عمرو بن العاص إلى بنى فزارة .
6- الضحاك بن سفيان إلى بنى كلاب .
7- بشير بن سفيان إلى بنى كعب .
8- ابن اللتبية الأزدى إلى بنى ذبيان
9- المهاجر بن أبى أمية إلى صنعاء .
10- زياد بن لبيد إلى حضرموت
11- عدى بن حاتم إلى طىء وبنى أسد .
12- مالك بن نويرة إلى بنى حنظلة .
13- الزبرقان بن بدر إلى بنى سعد ( إلى قسم منهم ) .
14- قيس بن عاصم إلى بنى سعد ( إلى قسم آخر منهم ) .
15- العلاء بن الحضرمى إلى البحرين .
16- على بن أبى طالب إلى نجران ( لجمع الصدقة والجزية معًا ) .




رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:00 PM   المشاركة رقم: 15
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة تـبـوك } **

قيصر الروم الذي بدأ المسلمين بالعداوة ، منذ مؤتة ، والمسلمون ليقلقونه فحسب ، بل يقضون عليه مضجعه ، ويثيرون خوفه أيضًا -؛؛

لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب ، فوجدوها تحت أمرهم ، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها .
ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم ، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه ، وتحرق عالي أسواره ، لقد بدأهم بالمعاداة ، وليس له الآن أن يتنكب الطريق !!
على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم ، بعد اتساع رقعتهم كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة ، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر ، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم ، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه ، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه ، وفى هذا الجو الملبد ، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب ، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة ،,,

لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ما كان يوقفه عن عزمه شىء ، فأعلن التهيؤ لغزو الروم ، وتم تجهيزالجيش ، الذى بدأ مسيره إلى تبوك ، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال ، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية ، ثم رجع إلى المدينة ، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج ، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم .

ترقب المسلمين وحذرهم ،،,،

بينا عمر بن الخطاب نائم ببيته ليلاً ، إذ سمع من يطرق بابه بشدة ،
فانتفض عمر وسأله :- أجاءت غسان ؟
فقال :- لا بل أعظم منه وأطول ، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ،,,
ورغم أن هذه الحادثة وقعت حين هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - نساءه ؛ إلا أنها توضح بجلاء حال المسلمين بالمدينة ، فقد كانت الأنباء تأتيهم تباعًا بعزم الرومان والغساسنة على غزوهم ، واستعدادهم لذلك ، مما جعلهم على حذر دائم ، وترقب لا يمل لسكنات الرومان وتحركهم .

دور المنافقين ومسجدهم ،،,،

يبدو أن طول التظاهر برسوم الإيمان وأشكال العبادة قد أضنى منافقى المدينة ، الذين انهارت أعصابهم ، بعدما رأوه من الفتح المبين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه ، فقرروا أن يشيدوا مسجدًا ، وقد كانت فكرة لئيمة يظهرون فيها بمظهر من يعمر بيوت الله ، ثم تكون لهم الفرصة فى الاختلاء ببعضهم بعيدًا عن أنظار المسلمين ، فيكون الدس والتآمر والحيل الخادعات ،،،

وعلى الفور ذهب نفر منهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يصلى فيه ، فأرجأهم إلى ما بعد الغزو لانشغاله بتجهيز الجيش ، لكن الوحى فضحهم ، فعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - ليهدمه على رؤوسهم ، بدلاً من الصلاة فيه .

وصول الأخبار ،،,،

انتهز المسلمون فرصة قدوم بعض أنباط الشام إلى المدينة ليبيعوا ما معهم من الزيت ، حتى يسألوهم عما صنع الروم ، وقد علموا منهم أن هرقل قد جمع أربعين ألف جندى رومى ، جعل إمرتهم لعظيم من عظماء الروم ، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام ، وغيرهما من نصارى العرب ، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء ، ولا شك أن هذه الأخبار قد جسدت أمام المسلمين الخطر الكبير الذى ينتظرهم .

كراهية الغزو ،،,،

لا شك أن المتجول بدروب المدينة ، لن يكون بحاجة لسماع شكوى أهلها الذين آثرالمؤمنون منهم الصمت والطاعة والاحتساب عند الله - عز وجل -
فالزمان (( فصل القيظ الشديد ، والناس فى عسرة وقلة مال )) فقد جدبت أرضهم ، وهزلت أنعامهم ، ومع ذلك فإن ثمارهم كادت أن تطيب ، حيث ينبغى المكوث بجوارها ، وإلا ضاع جهد الأيام الطوال .

ثم أين يكون القتال ؟ ومع من ؟
إنه بأرض الشام البعيدة ، ليس مع بعض الأعراب المشاغبين هنا وهناك بل مع جيش الروم ، أقوى جيوش الأرض حينئذ ، حيث تجمع منه وحده أربعون ألفًا ، سوى من آزرهم من نصارى العرب ، فهل يحسن قتال هؤلاء فى مثل تلك الظروف ؟
ذلك كان السؤال الذى امتنع عن سماعه من نفسه كل مسلم سمع أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسرع بطاعته ،،،
إلا أنه قد تهامس به حينًا وجهر به أحيانًا أولئك المخلفون الذين سيكون لهم مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الغزوة شأن !

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان ،،,،

روى فى حكايات كليلة ودمنة
أن ثلاث سمكات ، كانت تحيا فى غدير يستمد ماءه من نهر قريب ، وكانت إحداهن كيِّسة والثانية أكيس والثالثة عاجزة ، وقد سمعت السمكات صوت صياديْن يتواعدان على المجىء إلى الغدير إذا أقبل الصباح ، فأما أكيسهن ، فقد أسرعت فخرجت من الفتحة التى تصل الغدير بالنهر ، وأما الأخريان فقد مكثتا تفكران حتى أقبل الصباح ، وهم الصيادان بنصب شباكهما ، فلم تدر الكيسة ما تصنع ، وأرادت الخروج فوجدتهما قد سدا فتحة الغدير ، فتصنعت الموت ، وطفت على صفحة الماء ، حتى أخذاها وألقياها على الأرض ، بين الغدير والنهر ، فأسرعت بالقفز فى تيار النهر وأفلتت ، وأما العاجزة فإنها ظلت تروح وتجىء وتجرى وتدور حتى اصطيدت .

ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس أحد أكيس منه ، فلن يترك إذن جنود الروم تجوس فى جزيرة العرب التى بسط منذ قليل المسلمون سيطرتهم عليها ، حتى تطأ حوافر خيلهم مكة أو المدينة فيقلعون فى ساعة ما غرسه المسلمون وسقوه بدماء شهدائهم سنين مريرة ،,,
قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يهب للغزو ، وأن يبادر الرومان بالهجوم فى ديارهم - على ما فى ذلك من مشقة - بدلاً من استقبال زحف جموعهم على أعتاب المدينة ، وسرعان ما أعلن فى الصحابة التجهز للمسير ، وبعث إلى قبائل العرب يستنفرهم ، ويحثهم على الغزو معه ، وقد أعلن بوضوح ولأول مرة جهة غزوه ، وصرح بأنها بلاد الروم ، ليأخذ الجميع تمام استعدادهم ، ويتأهبوا للقاء بما هو أهل له .

تجهيز الجيش ،،,،

الناس فى المدينة منذ الإعلان عن غزو الروم ، وهم قد شمروا عن ساعد وساق ، ورغم تقاعس المنافقين ، فإن مظاهر التضحية والإيمان تهز القلوب ، تسعمائة بعير ومائة فرس لم تكن كافية فى نظر عثمان لأن يجهز بها جيش المسلمين ، فعاد وتصدق بمائتى أوقية ، ثم نثر فى حجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار ،،،،
فجعل النبى - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ويقول :-
ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم

وجاء عبدالرحمن بن عوف بمائتى أوقية فضة ، وجاء أبو بكر بماله كله ، وكان أربعة آلاف درهم ، وقد جاء - كعادته - أول الناس ، ولحقه عمر بنصف ماله ، وتتابع الناس بصدقاتهم ، قلت أو كثرت ، حتى لم يجد بعضهم إلا أن ينفق مدًا أو مدين ، ولم تغفل النساء عن المشاركة ، فأسرعن يقدمن حليهن ، وقد آثرن زينة الآخرة الباقية ، لكن للجدب والعسرة ، فضلاً عن ضخامة الجيش الإسلامى قصرت بالمسلمين النفقة ، أن تسع تجهيزهم ،,,

واستغلّ المنافقون هذه المواقف المشرّفة للسخرية من صدقات الفقراء ، والتعريض بنوايا الأغنياء ، وقد كشف القرآن عن خباياهم فقال سبحانه :-
{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر اللّه منهم ولهم عذاب أليم }
( التوبة : 79 )

وجاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يعينهم بحملهم إلى الجهاد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بأنّه لا يجد ما يحملهم عليه من الدوابّ ، فانصرفوا وقد فاضت أعينهم أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,,،
فخلّد الله ذكرهم إلى يوم القيامة ، وأنزل فيهم قوله:-

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون }
( التوبة : 91 – 92 )

وكانت رغبتهم الصادقة في الخروج سبباً لأن يكتب الله لهم الأجر كاملاً ، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ؛ حبسهم العذر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المسير إلى تبوك ،،,،

ما أعجب هذا المنظر ! ثلاثون ألف جندى يسيرون فى قيظ الصحراء ، يعتقب الثمانية عشر منهم بعيرًا واحدًا ثم هم لا يجدون لأنفسهم طعامًا إلا ورق الشجر ، ولا شرابًا إلا ما اختزنته الإبل فى بطونها ، فتراهم قد خلفوا حلو الثمار وراءهم بالمدينة ، ثم جاءوا يذبحون ركائبهم ، التى لا يجدون غيرها من أجل شربة ماء ، وربما تمنى بعضهم فى مسيره لو حيزت لهم أسباب القوة جميعًا لكنها أمنية لعل أصحابها قد أعادوا تأملها ،,,,

بعد أن مر الجيش بالحجر ، ديار ثمود ، الذين جابوا الصخر بالواد ، وقد أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع فى السير ليجاوزوا ديارهم ، كما نهاهم أن يشربوا أو يتوضئوا من مائهم وصرفهم إلى الشرب من البئر التى كانت تردها ناقة صالح - عليه السلام - ،,,
ولعل هذه الحادثة على ما بها من عبر جليلة ، قد أشعرت المسلمين أيضًا أنهم لا يسيرون فى الصحراء فحسب ، بل يتقدمون عبر التاريخ أيضًا ، فى رحلة طولها عمر الإنسان .

واشتكى الناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - العطش فدعا ربه ،
فأرسل الله إليهم سحابة أمطرت فارتووا وحملوا حاجتهم من الماء ،,,
ثم أخبرهم بأنهم قادمون غدًا على عين تبوك عند الضحى ، ونهاهم عن مس مائها حتى يأتى ، فلما جاءها ، غسل فيها وجهه ويده ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع فى مسيره الذى بدأ فى رجب سنة تسع من الهجرة - يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .

وصول الجيش ،،,،

افترش ثلاثون ألف جندى مسلم أرض تبوك ، وجلسوا منصتين يستمعون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقد خطب فيهم خطبة بليغة ، فحضهم على خيرى الدنيا والآخرة ، ورفع معنوياتهم ، وهون عليهم ما رأوه فى مكة من قلة العتاد والمؤونة ،,,

أما الرومان وحلفاؤهم الذين بادأوا المسلمين بالاستعداد والتجهز للحرب فإن أحدًا منهم لم ير يومئذ بتبوك أو يسمع له صوت ؛ ذلك أنهم حين سمعوا بخروج الجيش المسلم تحت إمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخذهم الرعب ، وعاودتهم آلام صفعة تلقوها قديمًا بمؤتة ، فآثروا السلامة والنجاة ، وتفرقوا داخل حدودهم فكان لذلك أحسن أثر لسمعة المسلمين العسكرية وهيبتهم الحربية ، فى داخل الجزيرة وأرجائها النائية ، وتم لهم الانتصار ، دون حرب أو قتال .
والحق أنه نصر عزيز ، دفعوا ثمنه سلفًا ، وهم فى طريقهم إلى تبوك ! .



مصالحة قبائل الشام على الجزية ،،,،

على نفسها جنت براقش !

وبراقش هنا هى قبائل العرب التى حالفت الروم لقتال المسلمين ، ثم فوجئت فى لحظة واحدة بأن جيش الروم قد أصبح سرابا ، لكن لم يبق لها إلا حقيقة واحدة ، وهى ثلاثون ألف جندى تحت إمرة النبى - صلى الله عليه وسلم - يعسكرون الآن بساحتهم ، فماذا بقى لها أن تصنع إذن ؟
إن غباء هذه القبائل الذى جر عليها هذه العاقبة ، لم يقصر عن إيجاد جواب لهذا السؤال الساذج ، فأسرع يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية ، وكذا لحق به أهل جرباء وأهل أذرح ، وتباطأ أكيدر دومة الجندل ، فذهب خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسًا ،,,

فأتى به إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية .
وبهذه المعاهدات يكون عملاء الروم من قبائل العرب ، قد شهدوا نهايتهم وأيقنوا من بأس القوة الجديدة التى أصبحت حدودها الآن تلاقى حدود الروم مباشرة .

الرجوع إلى المدينة ،,،،

عشرون يومًا قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك ، ثم عاد بعدها إلى المدينة ، عشرون يومًا كانت فاصلاً بين جيش يغدو إلى حربه ، يعتصره الجوع ، ويلهبه العطش ، ويشغل باله ما أعد له العدو من عتاد وعدد ، وبين جيش يعود هانئًا فرحًا قد حاز أرضًا بعد أرض ، وأصبح منصورًا دون كيد !
لكن اثنى عشر منافقًا لم يرضهم أن يروا جند الله سعداء مع نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، فانتهزوا فرصة مرور النبى - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وحده دون الجيش ، ليس معه إلا عمار يقود ناقته ، وحذيفة بن اليمان يسوقها ، فأرادوا أن يهاجموه ، وهم متلثمون ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم ، فأرعبهم الله ، وأسرعوا بالفرار حتى دخلوا بين الناس ،,,,

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أخبر حذيفة ، الذى سمى بعدها بصاحب السر - أخبره بأسمائهم جميعًا ، مرت هذه الحادثة لتؤكد أن كل نصر يحوزه المسلمون يزيد من قوتهم بقدر ما يزيد من حقد أعدائهم ، وأكمل الجيش سيره ، حتى لاحت من بعيد معالم المدينة بيت المؤمنين الكبير ، التى تكاد تسعى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه حتى تكفيهم مشقة المسير ،,,
وقال :- صلى الله عليه وسلم -
هذه طيبة ! وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه وحث الجيش خطاه
وقد خرجت النساء والصبيان والوائد يقابلن الجيش بحفاوة وإنشاد ، وكانت عودة الجيش فى شهر رمضان ، بعد خمسين يومًا من خروجه فى رجب سنة تسع من الهجرة .

المخلفون ،,،،

ما أيسر أن يدعى المنافقون إيمانًا لا يجدون ريحه ! وما أهون أن يؤذوا ركعات الله أعلم بصدقها ، لكن أن يخرجوا فى القيظ والعسرة ، ويتركوا الظل والثمرة ، ليلاقوا جيش الروم ، فيقاتلهم ويقاتلونه ، فذلك ما لا سبيل له ، وعلى خلاف الكافر الذى يعلن بوضوح رأيه ، فإن المنافق يأتيك ، وقد أعمل حيلته ، وتأبط أعذاره ,,،
قال بعضهم :- لا تنفروا فى الحر .
وزعم الجد بن قيس أنه يخشى إن رأى نساء الروم ألا يصبر عن فتنتهن.
ورأوا من لا يسعه إلا أن يتصدق بالقليل ، فسخروا منه وتغامزوا عليه ، وأيقنوا من عزم المؤمنين على القتال ،,,

فقالوا يخوفونهم :- أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا ؟ والله لكأنا بكم غدًا مقرنين فى الحبال .
لكن الجيش رغم كيدهم ذلك تجهز وغزا ، ثم من الله عليه وعاد منصورًا ، فماذا عليهم أن يفعلوا الآن ؟
لقد أسرعوا باشِّين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون له بشتى أنواع الأعذار ، ويحلفون له ويقسمون ، إنه لولا أعذارهم لجاهدوا معه ،,,
فقبل منهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم ، وبايعهم واستغفر لهم وترك سرائرهم إلى الله تعالى ،,,

لكن ثلاثة من هؤلاء المخلفين ، كان الإيمان يعمر قلوبهم فلم يغرهم قبول النبى - صلى الله عليه وسلم - لعذر المعتذرين ، واختاروا الصدق فكان لهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - شأن آخر ، وإضافة لهؤلاء وأولئك بقى هناك قوم ذوو أعذار حقيقية غير مختلقة ،,,
فمنهم من قصرت به النفقة ، ومنهم من حبسه المرض ، ومنهم الضعيف ، وهؤلاء قال فيهم النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ، إلا كانوا معكم حبسهم العذر ،
فقالوا له :- يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟!!
قال :- وهم بالمدينة .

أمر الثلاثة الذين خلفوا ،,،،

نظر كل من كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن ربيعة حوله ، فوجد المخلفين يتسارعون فى الاعتذار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم التفت كل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبايعهم ويستغفر لهم ، لكن الصدق الذى ملأ قلوبهم ، أبى على ألسنتهم الكذب أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترفوا أمامه بأنهم لا عذر لهم فى التخلف .
وهنا تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يحكم الله فى أمرهم ، ثم أمر المسلمين بمقاطعتهم وعدم الحديث إليهم ، واستمر ذلك أربعين يومًا ، ثم أمروا باعتزال نسائهم أيضًا ، حتى تم لهم خمسون يومًا ، فى هذه المقاطعة الشديدة .

إن أسوار السجون العالية وحراسها النبهاء ، لم يمنعوا عتاة المجرمين فى يوم من الأيام من المضى فى غيهم ، لم يمنعوا صغارهم ، عن تعلم هذا الغى على أياديهم السوداء ، لكن حفظ المسلمين لحدود دينهم ، جعل من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورًا يمنعهم من مخالطة المخلفين الصادقين ويمنع المخلفين من لذة الحياة ، لقد تنكرت لهم الأرض ، وضاقت عليهم بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ،,,

ثم ذهب هذا كله حين أنزل الله توبته عليهم ، فهنيئًا لهم بتوبة أنزلها الله من السماء إلى الأرض ؛ جزاء ما صبروا على مرِّ صدقهم .



** { مشاهد من معجزات غزوة تبوك } **

1 - إمطار السحاب ببركة دعائه .

خرج المسلمون للغزو في جوٍّ شديد الحرارة ، ولم يكن معهم ما يكفي من الماء ، مما أدّى إلى شعورهم بالعطش الشديد ، فانطلقوا يبحثون عن الماء من حولهم ، لكنهم لم يجدوا له أثراً ، فاضطرّ كثيرٌ منهم إلى ذبح راحلته وعصر أحشائها لاستخراج الماء الذي بداخلها ،,,
فلما رأى أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه حال المؤمنين أسرع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –
وقال :- " يا رسول الله ، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً ، فادع لنا "
فقال له :- ( أتحب ذلك ؟ )
قال :- " نعم "
فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم – يده إلى السماء ، فما كاد أن يرجعهما حتى تجمّع السحاب من كلّ مكان وأظلمت الدنيا ، ثم هطل مطرٌ غزيرٌ ، فارتوى الناس وسقوا أنعامهم ، وملأوا ما معهم من الأوعية ، ولما غادروا المكان وجدوا أن تلك السحب لم تجاوز معسكرهم ، والقصّة رواها ابن خزيمة في صحيحه .


2 - إخباره بمكان ناقته التي ضلّت .

في الطريق إلى تبوك نزل جيش المسلمين في مكان للراحة ، فافتقد النبي – صلى الله عليه وسلم – ناقته ، وأرسل من يبحث عنها ، ولمّا لم يجدوها ،,,
قال أحد المنافقين :- " أليس يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ؟ "
فأوحى الله إلى نبيّه بمقولة ذلك المنافق ، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وأخبرهم الخبر ، ثم قال :- ( إني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها )
فانطلق الصحابة إلى ذلك الموضع ، فوجدوها وأتوه بها .

3 - تكثير الماء في تبوك والإخبار عن تحوّلها إلى جنان .

في طريق الذهاب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – من معه أنهم سيصلون إلى عين ماءٍ في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها ولا يمسّوها ،,,

فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجلان واغترفا منها ، فنقص ماؤها ، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم – غضب من فعلهما ، ثم طلب من الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ,,،

فغرفوا بأيديهم قليلاً حتى تجمّع لديهم شيء يسير ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغسل به يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال :-
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جناناً )
رواه مسلم
وكانت معجزةً عظيمةً تنبّأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – بتحوّل تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين خضراء خلال فترةٍ وجيزة ، وقد تحقّق ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم – ، وصارت منطقة تبوك معروفةً بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها .

4 - تكثير الطعام .

أصاب الناس المجاعة نظراً لقلّة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن بعض الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذبح الإبل والأكل منها ، فأذن لهم ,,،

فجاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّن له أن ذلك سيتسبّب في قلّة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما لديهم من طعامٍ قليلٍ ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكفّ التمر ، وآخرُ يأتي بالكسرة ، وثالثٌ بكفّ الذرة ، حتى اجتمع شيءٌ يسير ,,،

ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يُبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا وبقيت زيادة ,,،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - برواية مسلم :-
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة )

5 - التنبّؤ بحال ملك كندة .

حينما وصل المسلمون إلى تبوك لم يجدوا فيها أثراً لجيوش الروم أو القبائل الموالية لها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل ، وأخبره بأنّه سيجد زعيمها أكيدر بن عبد الملك وهو يصيد البقر ,,،

وفي تلك الليلة وقف أكيدر وزوجته على سطح القصر ، فإذا بالبقر تقترب من القصر حتى لامست أبوابه بقرونها ، فتعجّب أكيدر مما رآه وقال لامرأته :-
" هل رأيت مثل هذا قط ؟ "
قالت :- " لا والله " ،
فنزل وهيّأ فرسه ، ثم خرج للصيد بصحبة أفرادٍ من أهل بيته ،,
فرآه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقام بملاحقته ، حتى استطاع أن يأسره ، وقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصالحه على الجزية ، وخلّى سبيله ، رواه البيهقي .

6 - إخباره بالريح الشديدة .

أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في تبوك عن هبوب ريحٍ شديدة ، وطلب من الناس أخذ الحيطة والحذر حتى لا تصيبهم بأذى ، وأمرهم بربط الدوابّ وعدم الخروج في ذلك الوقت ، ولما حلّ الليل جاءت الريح ، فقام رجلٌ من المسلمين من مكانه ، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء ، رواه مسلم .

7 - إخباره عن موت أبي ذر .

كان أبو ذرّ الغفاري رضي الله ممّن تأخّر عن الجيش في غزوة تبوك ، ثم لحق به بعد ذلك ، ولمّا رآه النبي – صلى الله عليه وسلم - مقبلاً نحو الجيش يمشي وحده قال :-
( رحم الله أبا ذر ؛ يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
ومضت سنين طويلة حتى جاءت خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فانتقل أبو ذر رضي الله عنه للعيش في منطقة " الربذة " ،,
وعندما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه أن يقوموا بتغسيله وتكفينه ووضعه في طريق المسلمين عسى أن يمرّ به من يقوم بدفنه ، فأقبل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في جماعةٍ من أهل الكوفة ، وما أن عرفه حتى بكى وتذكر النبوءة وقال :-
" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم تولّى دفنه بنفسه .

8 - دعاؤه لرواحل المسلمين وتنبؤه بركوب أصحابه للسفن .

في هذه الغزوة أُصيبت رواحل المسلمين بالإجهاد والتّعب ، فشكا الصحابة ذلك إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – ، ولما اقتربوا من مضيق وقف النبي - صلى الله عليه وسلم – على بابه وأمر المسلمين أن يمرّوا من أمامه ، وجعل ينفخ على ظهور الرواحل ويقول : -
( اللهم احمل عليها في سبيلك ، إنك تحمل على القوي والضعيف ، وعلى الرطب واليابس ، في البر والبحر )
فعاد النشاط إليها وانطلقت مسرعةً ، حتى وجد الصحابة صعوبةً في السيطرة عليها .

وفي هذه الدعوة أيضاً إخبارٌ بأمر غيبيّ ، وهو استخدام الصحابة للسفن في الغزو والجهاد ، وقد أشار فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى ذلك فقال
" فلما قدمنا الشام غزونا في البحر ، فلما رأيت السفن وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد .

تلك هي المعجزات التي شهدتها غزوة تبوك ، والتي تُعتبر خاتمةً لدلائل كثيرةٍ ، ومعجزات باهرةٍ ، وقف عليها الصحابة من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – في المعارك ، وبقيت شاهدةً على صدق نبوّته ، وعظمة رسالته .
فقد ورد ذكر غزوة تبوك في سورة التوبة ابتداء من الآية 38 إلى قريب من آخر السورة ولم يذكر اسم الغزوة في سورة التوبة ولا غيرها، ولكن هنالك آية فيها إشارة لها وهي قوله تعالى :-
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42]
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت في تبوك وكانت أبعد غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة } **

لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام ، فقد توفى النجاشى أصحمة - ملك الحبشة ، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب ،,,
وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى - صلى الله عليه وسلم - فحزن عليها حزنًا شديدًا ،,,
وقال لعثمان :- لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها .
وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين ، وقد استغفر له النبى - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه ، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر ،,,
وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته ، كما رجمت الغامدية ، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة ، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها .

** { حج أبى بكر - رضى الله عنه - } **

فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام التاسع للهجرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق أميرًا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك ، وقد كان هذا أول حج يتم بعد فتح مكة وعودتها إلى حكم الإسلام الحنيف ، وأرسل النبى علىَّ بن أبى طالب بسورة " براءة " ؛ ليعلن أحكامها فى قبائل العرب ، وقد كان هذا الحج نهاية للوثنية بأرض العرب .

بعثة على بـ " براءة " ،،،,

لا يأبه الإسلام أن يعبد واحد من الناس إلها من حجر ، أو خشب ، أو عجوة يقضمها إذا حل المساء ، لكن أن يتجمع هذا الواحد مع غيره ، ثم يكونون مجتمعا منعزلا داخل دولة المسلمين ، ويصير شوكة فى ظهرهم ، تمالئ عدوهم حينا ، وتباديهم العداء حينا آخر ، فهذا ما لا يرضاه عاقل ، ولا يقر به منصف .

سطع نور الحق بالجزيرة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وبقيت أقلية أصرت على وثنيتها ، فهل لها أن تنشأ دويلات متناثرة داخل دولة المسلمين ؟ وهل لهذه الدويلات الغريبة أن تقيم معاهدات وأحلافًا مع الدول الكبرى أو غيرها ؟؟ اللهم لا .
لذا نزلت أوائل سورة براءة بنقض مواثيق زال أساسها منذ حين ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب بها ليلحق أبا بكر - أمير الحج - فيبلغ عن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، تأجيل المواجهة مع هذه التجمعات المتناثرة أربعة أشهر ، وكذلك لأصحاب العهود المطلقة ، وأما الذين لم ينقضوا المسلمين شيئا ، ولم يظاهروا عليهم أحدا ، فأبقى عهدهم إلى مدتهم .

نهاية الوثنية بأرض العرب ،،,،

لعل ما رواه الطبرى بإسناده عن مجاهد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :-
إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك
لعل ذلك يكون سببًا يوضح لنا لم اختار النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الحج الأول تحت إمرة أبى بكرالصديق وألا يشهده النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ، وهذه الرواية إضافة إلى مناديي أبى بكر الصديق ، الذين بعثهم فى الناس معلنين -:- ألا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

يوضحان كيف كان الأمر سيصير عجبًا ، حين يأتى المسلمون إلى بيت الله يوحدون ربهم فيزاحمهم فى ذلك من أشركوا بالله أوثانًا لا تنفع ولا تضر .
إن بيت الله الذى شهد دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، والذى طهره محمد - صلى الله عليه وسلم - لتوه من أدران الجاهلية المشركة ، لا ينبغى للمشركين أن يدنسوه مرة أخرى ، وليذهب كل صاحب صنم إذن بصنمه حيث يشاء .




التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 04-08-2012, 09:00 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { غـزوة تـبـوك } **

قيصر الروم الذي بدأ المسلمين بالعداوة ، منذ مؤتة ، والمسلمون ليقلقونه فحسب ، بل يقضون عليه مضجعه ، ويثيرون خوفه أيضًا -؛؛

لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب ، فوجدوها تحت أمرهم ، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها .
ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم ، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه ، وتحرق عالي أسواره ، لقد بدأهم بالمعاداة ، وليس له الآن أن يتنكب الطريق !!
على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم ، بعد اتساع رقعتهم كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة ، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر ، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم ، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه ، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه ، وفى هذا الجو الملبد ، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب ، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة ،,,

لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ما كان يوقفه عن عزمه شىء ، فأعلن التهيؤ لغزو الروم ، وتم تجهيزالجيش ، الذى بدأ مسيره إلى تبوك ، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال ، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية ، ثم رجع إلى المدينة ، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج ، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم .

ترقب المسلمين وحذرهم ،،,،

بينا عمر بن الخطاب نائم ببيته ليلاً ، إذ سمع من يطرق بابه بشدة ،
فانتفض عمر وسأله :- أجاءت غسان ؟
فقال :- لا بل أعظم منه وأطول ، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ،,,
ورغم أن هذه الحادثة وقعت حين هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - نساءه ؛ إلا أنها توضح بجلاء حال المسلمين بالمدينة ، فقد كانت الأنباء تأتيهم تباعًا بعزم الرومان والغساسنة على غزوهم ، واستعدادهم لذلك ، مما جعلهم على حذر دائم ، وترقب لا يمل لسكنات الرومان وتحركهم .

دور المنافقين ومسجدهم ،،,،

يبدو أن طول التظاهر برسوم الإيمان وأشكال العبادة قد أضنى منافقى المدينة ، الذين انهارت أعصابهم ، بعدما رأوه من الفتح المبين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه ، فقرروا أن يشيدوا مسجدًا ، وقد كانت فكرة لئيمة يظهرون فيها بمظهر من يعمر بيوت الله ، ثم تكون لهم الفرصة فى الاختلاء ببعضهم بعيدًا عن أنظار المسلمين ، فيكون الدس والتآمر والحيل الخادعات ،،،

وعلى الفور ذهب نفر منهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يصلى فيه ، فأرجأهم إلى ما بعد الغزو لانشغاله بتجهيز الجيش ، لكن الوحى فضحهم ، فعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - ليهدمه على رؤوسهم ، بدلاً من الصلاة فيه .

وصول الأخبار ،،,،

انتهز المسلمون فرصة قدوم بعض أنباط الشام إلى المدينة ليبيعوا ما معهم من الزيت ، حتى يسألوهم عما صنع الروم ، وقد علموا منهم أن هرقل قد جمع أربعين ألف جندى رومى ، جعل إمرتهم لعظيم من عظماء الروم ، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام ، وغيرهما من نصارى العرب ، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء ، ولا شك أن هذه الأخبار قد جسدت أمام المسلمين الخطر الكبير الذى ينتظرهم .

كراهية الغزو ،،,،

لا شك أن المتجول بدروب المدينة ، لن يكون بحاجة لسماع شكوى أهلها الذين آثرالمؤمنون منهم الصمت والطاعة والاحتساب عند الله - عز وجل -
فالزمان (( فصل القيظ الشديد ، والناس فى عسرة وقلة مال )) فقد جدبت أرضهم ، وهزلت أنعامهم ، ومع ذلك فإن ثمارهم كادت أن تطيب ، حيث ينبغى المكوث بجوارها ، وإلا ضاع جهد الأيام الطوال .

ثم أين يكون القتال ؟ ومع من ؟
إنه بأرض الشام البعيدة ، ليس مع بعض الأعراب المشاغبين هنا وهناك بل مع جيش الروم ، أقوى جيوش الأرض حينئذ ، حيث تجمع منه وحده أربعون ألفًا ، سوى من آزرهم من نصارى العرب ، فهل يحسن قتال هؤلاء فى مثل تلك الظروف ؟
ذلك كان السؤال الذى امتنع عن سماعه من نفسه كل مسلم سمع أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسرع بطاعته ،،،
إلا أنه قد تهامس به حينًا وجهر به أحيانًا أولئك المخلفون الذين سيكون لهم مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الغزوة شأن !

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان ،،,،

روى فى حكايات كليلة ودمنة
أن ثلاث سمكات ، كانت تحيا فى غدير يستمد ماءه من نهر قريب ، وكانت إحداهن كيِّسة والثانية أكيس والثالثة عاجزة ، وقد سمعت السمكات صوت صياديْن يتواعدان على المجىء إلى الغدير إذا أقبل الصباح ، فأما أكيسهن ، فقد أسرعت فخرجت من الفتحة التى تصل الغدير بالنهر ، وأما الأخريان فقد مكثتا تفكران حتى أقبل الصباح ، وهم الصيادان بنصب شباكهما ، فلم تدر الكيسة ما تصنع ، وأرادت الخروج فوجدتهما قد سدا فتحة الغدير ، فتصنعت الموت ، وطفت على صفحة الماء ، حتى أخذاها وألقياها على الأرض ، بين الغدير والنهر ، فأسرعت بالقفز فى تيار النهر وأفلتت ، وأما العاجزة فإنها ظلت تروح وتجىء وتجرى وتدور حتى اصطيدت .

ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس أحد أكيس منه ، فلن يترك إذن جنود الروم تجوس فى جزيرة العرب التى بسط منذ قليل المسلمون سيطرتهم عليها ، حتى تطأ حوافر خيلهم مكة أو المدينة فيقلعون فى ساعة ما غرسه المسلمون وسقوه بدماء شهدائهم سنين مريرة ،,,
قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يهب للغزو ، وأن يبادر الرومان بالهجوم فى ديارهم - على ما فى ذلك من مشقة - بدلاً من استقبال زحف جموعهم على أعتاب المدينة ، وسرعان ما أعلن فى الصحابة التجهز للمسير ، وبعث إلى قبائل العرب يستنفرهم ، ويحثهم على الغزو معه ، وقد أعلن بوضوح ولأول مرة جهة غزوه ، وصرح بأنها بلاد الروم ، ليأخذ الجميع تمام استعدادهم ، ويتأهبوا للقاء بما هو أهل له .

تجهيز الجيش ،،,،

الناس فى المدينة منذ الإعلان عن غزو الروم ، وهم قد شمروا عن ساعد وساق ، ورغم تقاعس المنافقين ، فإن مظاهر التضحية والإيمان تهز القلوب ، تسعمائة بعير ومائة فرس لم تكن كافية فى نظر عثمان لأن يجهز بها جيش المسلمين ، فعاد وتصدق بمائتى أوقية ، ثم نثر فى حجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار ،،،،
فجعل النبى - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ويقول :-
ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم

وجاء عبدالرحمن بن عوف بمائتى أوقية فضة ، وجاء أبو بكر بماله كله ، وكان أربعة آلاف درهم ، وقد جاء - كعادته - أول الناس ، ولحقه عمر بنصف ماله ، وتتابع الناس بصدقاتهم ، قلت أو كثرت ، حتى لم يجد بعضهم إلا أن ينفق مدًا أو مدين ، ولم تغفل النساء عن المشاركة ، فأسرعن يقدمن حليهن ، وقد آثرن زينة الآخرة الباقية ، لكن للجدب والعسرة ، فضلاً عن ضخامة الجيش الإسلامى قصرت بالمسلمين النفقة ، أن تسع تجهيزهم ،,,

واستغلّ المنافقون هذه المواقف المشرّفة للسخرية من صدقات الفقراء ، والتعريض بنوايا الأغنياء ، وقد كشف القرآن عن خباياهم فقال سبحانه :-
{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر اللّه منهم ولهم عذاب أليم }
( التوبة : 79 )

وجاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يعينهم بحملهم إلى الجهاد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بأنّه لا يجد ما يحملهم عليه من الدوابّ ، فانصرفوا وقد فاضت أعينهم أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,,،
فخلّد الله ذكرهم إلى يوم القيامة ، وأنزل فيهم قوله:-

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون }
( التوبة : 91 – 92 )

وكانت رغبتهم الصادقة في الخروج سبباً لأن يكتب الله لهم الأجر كاملاً ، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ؛ حبسهم العذر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

المسير إلى تبوك ،،,،

ما أعجب هذا المنظر ! ثلاثون ألف جندى يسيرون فى قيظ الصحراء ، يعتقب الثمانية عشر منهم بعيرًا واحدًا ثم هم لا يجدون لأنفسهم طعامًا إلا ورق الشجر ، ولا شرابًا إلا ما اختزنته الإبل فى بطونها ، فتراهم قد خلفوا حلو الثمار وراءهم بالمدينة ، ثم جاءوا يذبحون ركائبهم ، التى لا يجدون غيرها من أجل شربة ماء ، وربما تمنى بعضهم فى مسيره لو حيزت لهم أسباب القوة جميعًا لكنها أمنية لعل أصحابها قد أعادوا تأملها ،,,,

بعد أن مر الجيش بالحجر ، ديار ثمود ، الذين جابوا الصخر بالواد ، وقد أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع فى السير ليجاوزوا ديارهم ، كما نهاهم أن يشربوا أو يتوضئوا من مائهم وصرفهم إلى الشرب من البئر التى كانت تردها ناقة صالح - عليه السلام - ،,,
ولعل هذه الحادثة على ما بها من عبر جليلة ، قد أشعرت المسلمين أيضًا أنهم لا يسيرون فى الصحراء فحسب ، بل يتقدمون عبر التاريخ أيضًا ، فى رحلة طولها عمر الإنسان .

واشتكى الناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - العطش فدعا ربه ،
فأرسل الله إليهم سحابة أمطرت فارتووا وحملوا حاجتهم من الماء ،,,
ثم أخبرهم بأنهم قادمون غدًا على عين تبوك عند الضحى ، ونهاهم عن مس مائها حتى يأتى ، فلما جاءها ، غسل فيها وجهه ويده ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع فى مسيره الذى بدأ فى رجب سنة تسع من الهجرة - يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .

وصول الجيش ،،,،

افترش ثلاثون ألف جندى مسلم أرض تبوك ، وجلسوا منصتين يستمعون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقد خطب فيهم خطبة بليغة ، فحضهم على خيرى الدنيا والآخرة ، ورفع معنوياتهم ، وهون عليهم ما رأوه فى مكة من قلة العتاد والمؤونة ،,,

أما الرومان وحلفاؤهم الذين بادأوا المسلمين بالاستعداد والتجهز للحرب فإن أحدًا منهم لم ير يومئذ بتبوك أو يسمع له صوت ؛ ذلك أنهم حين سمعوا بخروج الجيش المسلم تحت إمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخذهم الرعب ، وعاودتهم آلام صفعة تلقوها قديمًا بمؤتة ، فآثروا السلامة والنجاة ، وتفرقوا داخل حدودهم فكان لذلك أحسن أثر لسمعة المسلمين العسكرية وهيبتهم الحربية ، فى داخل الجزيرة وأرجائها النائية ، وتم لهم الانتصار ، دون حرب أو قتال .
والحق أنه نصر عزيز ، دفعوا ثمنه سلفًا ، وهم فى طريقهم إلى تبوك ! .



مصالحة قبائل الشام على الجزية ،،,،

على نفسها جنت براقش !

وبراقش هنا هى قبائل العرب التى حالفت الروم لقتال المسلمين ، ثم فوجئت فى لحظة واحدة بأن جيش الروم قد أصبح سرابا ، لكن لم يبق لها إلا حقيقة واحدة ، وهى ثلاثون ألف جندى تحت إمرة النبى - صلى الله عليه وسلم - يعسكرون الآن بساحتهم ، فماذا بقى لها أن تصنع إذن ؟
إن غباء هذه القبائل الذى جر عليها هذه العاقبة ، لم يقصر عن إيجاد جواب لهذا السؤال الساذج ، فأسرع يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية ، وكذا لحق به أهل جرباء وأهل أذرح ، وتباطأ أكيدر دومة الجندل ، فذهب خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسًا ،,,

فأتى به إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية .
وبهذه المعاهدات يكون عملاء الروم من قبائل العرب ، قد شهدوا نهايتهم وأيقنوا من بأس القوة الجديدة التى أصبحت حدودها الآن تلاقى حدود الروم مباشرة .

الرجوع إلى المدينة ،,،،

عشرون يومًا قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك ، ثم عاد بعدها إلى المدينة ، عشرون يومًا كانت فاصلاً بين جيش يغدو إلى حربه ، يعتصره الجوع ، ويلهبه العطش ، ويشغل باله ما أعد له العدو من عتاد وعدد ، وبين جيش يعود هانئًا فرحًا قد حاز أرضًا بعد أرض ، وأصبح منصورًا دون كيد !
لكن اثنى عشر منافقًا لم يرضهم أن يروا جند الله سعداء مع نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، فانتهزوا فرصة مرور النبى - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وحده دون الجيش ، ليس معه إلا عمار يقود ناقته ، وحذيفة بن اليمان يسوقها ، فأرادوا أن يهاجموه ، وهم متلثمون ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم ، فأرعبهم الله ، وأسرعوا بالفرار حتى دخلوا بين الناس ،,,,

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أخبر حذيفة ، الذى سمى بعدها بصاحب السر - أخبره بأسمائهم جميعًا ، مرت هذه الحادثة لتؤكد أن كل نصر يحوزه المسلمون يزيد من قوتهم بقدر ما يزيد من حقد أعدائهم ، وأكمل الجيش سيره ، حتى لاحت من بعيد معالم المدينة بيت المؤمنين الكبير ، التى تكاد تسعى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه حتى تكفيهم مشقة المسير ،,,
وقال :- صلى الله عليه وسلم -
هذه طيبة ! وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه وحث الجيش خطاه
وقد خرجت النساء والصبيان والوائد يقابلن الجيش بحفاوة وإنشاد ، وكانت عودة الجيش فى شهر رمضان ، بعد خمسين يومًا من خروجه فى رجب سنة تسع من الهجرة .

المخلفون ،,،،

ما أيسر أن يدعى المنافقون إيمانًا لا يجدون ريحه ! وما أهون أن يؤذوا ركعات الله أعلم بصدقها ، لكن أن يخرجوا فى القيظ والعسرة ، ويتركوا الظل والثمرة ، ليلاقوا جيش الروم ، فيقاتلهم ويقاتلونه ، فذلك ما لا سبيل له ، وعلى خلاف الكافر الذى يعلن بوضوح رأيه ، فإن المنافق يأتيك ، وقد أعمل حيلته ، وتأبط أعذاره ,,،
قال بعضهم :- لا تنفروا فى الحر .
وزعم الجد بن قيس أنه يخشى إن رأى نساء الروم ألا يصبر عن فتنتهن.
ورأوا من لا يسعه إلا أن يتصدق بالقليل ، فسخروا منه وتغامزوا عليه ، وأيقنوا من عزم المؤمنين على القتال ،,,

فقالوا يخوفونهم :- أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا ؟ والله لكأنا بكم غدًا مقرنين فى الحبال .
لكن الجيش رغم كيدهم ذلك تجهز وغزا ، ثم من الله عليه وعاد منصورًا ، فماذا عليهم أن يفعلوا الآن ؟
لقد أسرعوا باشِّين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون له بشتى أنواع الأعذار ، ويحلفون له ويقسمون ، إنه لولا أعذارهم لجاهدوا معه ،,,
فقبل منهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم ، وبايعهم واستغفر لهم وترك سرائرهم إلى الله تعالى ،,,

لكن ثلاثة من هؤلاء المخلفين ، كان الإيمان يعمر قلوبهم فلم يغرهم قبول النبى - صلى الله عليه وسلم - لعذر المعتذرين ، واختاروا الصدق فكان لهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - شأن آخر ، وإضافة لهؤلاء وأولئك بقى هناك قوم ذوو أعذار حقيقية غير مختلقة ،,,
فمنهم من قصرت به النفقة ، ومنهم من حبسه المرض ، ومنهم الضعيف ، وهؤلاء قال فيهم النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ، إلا كانوا معكم حبسهم العذر ،
فقالوا له :- يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟!!
قال :- وهم بالمدينة .

أمر الثلاثة الذين خلفوا ،,،،

نظر كل من كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن ربيعة حوله ، فوجد المخلفين يتسارعون فى الاعتذار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم التفت كل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبايعهم ويستغفر لهم ، لكن الصدق الذى ملأ قلوبهم ، أبى على ألسنتهم الكذب أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترفوا أمامه بأنهم لا عذر لهم فى التخلف .
وهنا تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يحكم الله فى أمرهم ، ثم أمر المسلمين بمقاطعتهم وعدم الحديث إليهم ، واستمر ذلك أربعين يومًا ، ثم أمروا باعتزال نسائهم أيضًا ، حتى تم لهم خمسون يومًا ، فى هذه المقاطعة الشديدة .

إن أسوار السجون العالية وحراسها النبهاء ، لم يمنعوا عتاة المجرمين فى يوم من الأيام من المضى فى غيهم ، لم يمنعوا صغارهم ، عن تعلم هذا الغى على أياديهم السوداء ، لكن حفظ المسلمين لحدود دينهم ، جعل من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورًا يمنعهم من مخالطة المخلفين الصادقين ويمنع المخلفين من لذة الحياة ، لقد تنكرت لهم الأرض ، وضاقت عليهم بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ،,,

ثم ذهب هذا كله حين أنزل الله توبته عليهم ، فهنيئًا لهم بتوبة أنزلها الله من السماء إلى الأرض ؛ جزاء ما صبروا على مرِّ صدقهم .



** { مشاهد من معجزات غزوة تبوك } **

1 - إمطار السحاب ببركة دعائه .

خرج المسلمون للغزو في جوٍّ شديد الحرارة ، ولم يكن معهم ما يكفي من الماء ، مما أدّى إلى شعورهم بالعطش الشديد ، فانطلقوا يبحثون عن الماء من حولهم ، لكنهم لم يجدوا له أثراً ، فاضطرّ كثيرٌ منهم إلى ذبح راحلته وعصر أحشائها لاستخراج الماء الذي بداخلها ،,,
فلما رأى أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه حال المؤمنين أسرع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –
وقال :- " يا رسول الله ، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً ، فادع لنا "
فقال له :- ( أتحب ذلك ؟ )
قال :- " نعم "
فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم – يده إلى السماء ، فما كاد أن يرجعهما حتى تجمّع السحاب من كلّ مكان وأظلمت الدنيا ، ثم هطل مطرٌ غزيرٌ ، فارتوى الناس وسقوا أنعامهم ، وملأوا ما معهم من الأوعية ، ولما غادروا المكان وجدوا أن تلك السحب لم تجاوز معسكرهم ، والقصّة رواها ابن خزيمة في صحيحه .


2 - إخباره بمكان ناقته التي ضلّت .

في الطريق إلى تبوك نزل جيش المسلمين في مكان للراحة ، فافتقد النبي – صلى الله عليه وسلم – ناقته ، وأرسل من يبحث عنها ، ولمّا لم يجدوها ،,,
قال أحد المنافقين :- " أليس يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ؟ "
فأوحى الله إلى نبيّه بمقولة ذلك المنافق ، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وأخبرهم الخبر ، ثم قال :- ( إني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها )
فانطلق الصحابة إلى ذلك الموضع ، فوجدوها وأتوه بها .

3 - تكثير الماء في تبوك والإخبار عن تحوّلها إلى جنان .

في طريق الذهاب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – من معه أنهم سيصلون إلى عين ماءٍ في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها ولا يمسّوها ،,,

فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجلان واغترفا منها ، فنقص ماؤها ، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم – غضب من فعلهما ، ثم طلب من الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ,,،

فغرفوا بأيديهم قليلاً حتى تجمّع لديهم شيء يسير ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغسل به يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال :-
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جناناً )
رواه مسلم
وكانت معجزةً عظيمةً تنبّأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – بتحوّل تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين خضراء خلال فترةٍ وجيزة ، وقد تحقّق ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم – ، وصارت منطقة تبوك معروفةً بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها .

4 - تكثير الطعام .

أصاب الناس المجاعة نظراً لقلّة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن بعض الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذبح الإبل والأكل منها ، فأذن لهم ,,،

فجاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّن له أن ذلك سيتسبّب في قلّة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما لديهم من طعامٍ قليلٍ ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكفّ التمر ، وآخرُ يأتي بالكسرة ، وثالثٌ بكفّ الذرة ، حتى اجتمع شيءٌ يسير ,,،

ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يُبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا وبقيت زيادة ,,،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - برواية مسلم :-
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة )

5 - التنبّؤ بحال ملك كندة .

حينما وصل المسلمون إلى تبوك لم يجدوا فيها أثراً لجيوش الروم أو القبائل الموالية لها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل ، وأخبره بأنّه سيجد زعيمها أكيدر بن عبد الملك وهو يصيد البقر ,,،

وفي تلك الليلة وقف أكيدر وزوجته على سطح القصر ، فإذا بالبقر تقترب من القصر حتى لامست أبوابه بقرونها ، فتعجّب أكيدر مما رآه وقال لامرأته :-
" هل رأيت مثل هذا قط ؟ "
قالت :- " لا والله " ،
فنزل وهيّأ فرسه ، ثم خرج للصيد بصحبة أفرادٍ من أهل بيته ،,
فرآه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقام بملاحقته ، حتى استطاع أن يأسره ، وقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصالحه على الجزية ، وخلّى سبيله ، رواه البيهقي .

6 - إخباره بالريح الشديدة .

أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في تبوك عن هبوب ريحٍ شديدة ، وطلب من الناس أخذ الحيطة والحذر حتى لا تصيبهم بأذى ، وأمرهم بربط الدوابّ وعدم الخروج في ذلك الوقت ، ولما حلّ الليل جاءت الريح ، فقام رجلٌ من المسلمين من مكانه ، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء ، رواه مسلم .

7 - إخباره عن موت أبي ذر .

كان أبو ذرّ الغفاري رضي الله ممّن تأخّر عن الجيش في غزوة تبوك ، ثم لحق به بعد ذلك ، ولمّا رآه النبي – صلى الله عليه وسلم - مقبلاً نحو الجيش يمشي وحده قال :-
( رحم الله أبا ذر ؛ يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
ومضت سنين طويلة حتى جاءت خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فانتقل أبو ذر رضي الله عنه للعيش في منطقة " الربذة " ،,
وعندما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه أن يقوموا بتغسيله وتكفينه ووضعه في طريق المسلمين عسى أن يمرّ به من يقوم بدفنه ، فأقبل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في جماعةٍ من أهل الكوفة ، وما أن عرفه حتى بكى وتذكر النبوءة وقال :-
" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم تولّى دفنه بنفسه .

8 - دعاؤه لرواحل المسلمين وتنبؤه بركوب أصحابه للسفن .

في هذه الغزوة أُصيبت رواحل المسلمين بالإجهاد والتّعب ، فشكا الصحابة ذلك إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – ، ولما اقتربوا من مضيق وقف النبي - صلى الله عليه وسلم – على بابه وأمر المسلمين أن يمرّوا من أمامه ، وجعل ينفخ على ظهور الرواحل ويقول : -
( اللهم احمل عليها في سبيلك ، إنك تحمل على القوي والضعيف ، وعلى الرطب واليابس ، في البر والبحر )
فعاد النشاط إليها وانطلقت مسرعةً ، حتى وجد الصحابة صعوبةً في السيطرة عليها .

وفي هذه الدعوة أيضاً إخبارٌ بأمر غيبيّ ، وهو استخدام الصحابة للسفن في الغزو والجهاد ، وقد أشار فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى ذلك فقال
" فلما قدمنا الشام غزونا في البحر ، فلما رأيت السفن وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد .

تلك هي المعجزات التي شهدتها غزوة تبوك ، والتي تُعتبر خاتمةً لدلائل كثيرةٍ ، ومعجزات باهرةٍ ، وقف عليها الصحابة من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – في المعارك ، وبقيت شاهدةً على صدق نبوّته ، وعظمة رسالته .
فقد ورد ذكر غزوة تبوك في سورة التوبة ابتداء من الآية 38 إلى قريب من آخر السورة ولم يذكر اسم الغزوة في سورة التوبة ولا غيرها، ولكن هنالك آية فيها إشارة لها وهي قوله تعالى :-
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42]
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت في تبوك وكانت أبعد غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة } **

لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام ، فقد توفى النجاشى أصحمة - ملك الحبشة ، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب ،,,
وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى - صلى الله عليه وسلم - فحزن عليها حزنًا شديدًا ،,,
وقال لعثمان :- لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها .
وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين ، وقد استغفر له النبى - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه ، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر ،,,
وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته ، كما رجمت الغامدية ، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة ، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها .

** { حج أبى بكر - رضى الله عنه - } **

فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام التاسع للهجرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق أميرًا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك ، وقد كان هذا أول حج يتم بعد فتح مكة وعودتها إلى حكم الإسلام الحنيف ، وأرسل النبى علىَّ بن أبى طالب بسورة " براءة " ؛ ليعلن أحكامها فى قبائل العرب ، وقد كان هذا الحج نهاية للوثنية بأرض العرب .

بعثة على بـ " براءة " ،،،,

لا يأبه الإسلام أن يعبد واحد من الناس إلها من حجر ، أو خشب ، أو عجوة يقضمها إذا حل المساء ، لكن أن يتجمع هذا الواحد مع غيره ، ثم يكونون مجتمعا منعزلا داخل دولة المسلمين ، ويصير شوكة فى ظهرهم ، تمالئ عدوهم حينا ، وتباديهم العداء حينا آخر ، فهذا ما لا يرضاه عاقل ، ولا يقر به منصف .

سطع نور الحق بالجزيرة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وبقيت أقلية أصرت على وثنيتها ، فهل لها أن تنشأ دويلات متناثرة داخل دولة المسلمين ؟ وهل لهذه الدويلات الغريبة أن تقيم معاهدات وأحلافًا مع الدول الكبرى أو غيرها ؟؟ اللهم لا .
لذا نزلت أوائل سورة براءة بنقض مواثيق زال أساسها منذ حين ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب بها ليلحق أبا بكر - أمير الحج - فيبلغ عن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، تأجيل المواجهة مع هذه التجمعات المتناثرة أربعة أشهر ، وكذلك لأصحاب العهود المطلقة ، وأما الذين لم ينقضوا المسلمين شيئا ، ولم يظاهروا عليهم أحدا ، فأبقى عهدهم إلى مدتهم .

نهاية الوثنية بأرض العرب ،،,،

لعل ما رواه الطبرى بإسناده عن مجاهد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :-
إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك
لعل ذلك يكون سببًا يوضح لنا لم اختار النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الحج الأول تحت إمرة أبى بكرالصديق وألا يشهده النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ، وهذه الرواية إضافة إلى مناديي أبى بكر الصديق ، الذين بعثهم فى الناس معلنين -:- ألا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

يوضحان كيف كان الأمر سيصير عجبًا ، حين يأتى المسلمون إلى بيت الله يوحدون ربهم فيزاحمهم فى ذلك من أشركوا بالله أوثانًا لا تنفع ولا تضر .
إن بيت الله الذى شهد دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، والذى طهره محمد - صلى الله عليه وسلم - لتوه من أدران الجاهلية المشركة ، لا ينبغى للمشركين أن يدنسوه مرة أخرى ، وليذهب كل صاحب صنم إذن بصنمه حيث يشاء .






رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:02 PM   المشاركة رقم: 16
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الـــوفــــود } **

قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه ، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال ، قد لا يدركه عقل أو منطق ، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل ، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق ، رأوا ما به من جمال ، فأسرعوا يتبعونه على عجل ! وقبائل العرب المختلفة ، كانت تتابع ما بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وقريش من حرب دائرة ، ويحدثون أنفسهم قائلين :- اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق .
فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح ، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه ، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها ، واستيقنته سويداؤها ! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود فحسب :-

والحق أن هذه الوفود لم تأت كلها بعد الفتح ، بل بعضها قبله قطعًا .

وفد بنى تميم ،،,،

إن دينًا يجعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، ويهتم بآداب الاستئذان والحديث ، وقواعد السلوك عند المشرب والطعام ، هو دين لا يفهم كيف يكون الإنسان ناسكًا متعبدًا ثم هو بين الناس غليظ الحس ، وإن التغيير الهائل الذى أحدثه هذا الدين فى نفوس أصحابه ، لا ندركه إلا حين نراهم ، وهم بعد على شركهم .
قدم وفد بنى تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصاحوا به بصوت جهير منادين :- يا محمد اخرج إلينا ،,
حتى إذا خرج النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - إليهم تعلقوا به ،
وقالوا له :- جئناك نفاخرك ! فأذن لشاعرنا وخطيبنا ،,,
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وسع حلمه الأعداء ، لن يضيق به عمن جاءه مسلمًا ، وهو يدرك براجح عقله كيف يعجب هؤلاء بالإسلام ؛ ولذا فقد جلس فى صحن المسجد يستمع إلى خطيبهم عطارد بن حاجب ،,,
حتى إذا فرغ قدم خطيب الإسلام :- ثابت بن قيس بن شماس ، ثم قدم القوم شاعرهم الزبرقان بن بدر ، فقدم المصطفى صلى الله عليه وسلم - بعده حسان بن ثابت ،،،
فأجابه على البديهة ، وهنا قال الأقرع بن حابس :-
خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا .
ثم أسلموا ، فالحمد لله الذى هداهم لدينه بأى وجه كان !

وفد بنى سعد بن بكر ،،,،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسجده مع صحابته ، إذ بأعرابى قوى الجسم ، طويل الشعر ، قد جعله ضفيرتين خلف ظهره الممشوق ، يقبل ببعيره حتى باب المسجد ، ثم ينيخه ويعقله ، ويتقدم بخطا ثابتة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتهى إليه ومن معه أدار فيهم بصره ثم سألهم بحسم أيكم ابن عبدالمطلب ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- أنا ابن عبد المطلب ،،،
فقال له :- أمحمد ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم ،,
فقال له الأعرابى ، الذى كان ضمام بن ثعلبة ، وافد بنى سعد بن بكر :- يا بن عبدالمطلب إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة ! فلا تجدن فى نفسك !
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- لا أجد فى نفسى ، فسل عما بدا لك .
وهنا انطلق ضمام يسأله عن التوحيد ، وفرائض الإسلام ،،،
حتى إذا فرغ قال :- فإنى أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وسأؤدى هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتنى عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ،،،
واستدار ماشيًا إلى بعيره ، ثم امتطاه وقفل راجعًا إلى قومه ،,,
وهنا قال - صلى الله عليه وسلم -:-
إن صدق ذو العقيصتين - أى الضفيرتين - دخل الجنة .
أما ضمام فإنه ما إن أقبل على قومه حتى قال لهم :- بئست اللات والعزى !
فحذروه قائلين :- مه يا ضمام ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون ،،،
فقال بحزم :- ويلكم ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فما أمسى من ذلك اليوم رجل أو امرأة من قومه إلا مسلمًا ، فما أعظم أن يجتمع إلى رجل الصدق والحزم معًا ،,,,
وكان عبدالله بن عباس يقول :- ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

وفد بنى زبيد ،،,،

جلس عمرو بن معد يكرب ، أحد فرسان العرب المشهورين إلى قيس بن مكشوح المرادى ،،
فقال له :- يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش ، يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبى ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه .
فإن كان نبيًا كما يقول ، فإنه لن يخفى عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه .
لكن قيسًا أبى عليه ذلك وأخذ يسفه رأيه ، فعزم عمرو على أن يمضى فيما بدا له ، فركب مع أناس من زبيد حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وصدقه وآمن به ، أما قيس فإنه قد غاظه صنيع عمرو ، فتوعده وهدده ،,
وقال :- خالفنى واترك رأيى ! فهزأ منه عمرو وأجابه شعرًا .

وفد كندة ،،,،

ثمانون راكبًا زعيمهم الأشعث بن قيس ، كانوا وفد كندة الذى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نظر إليهم النبى فوجدهم قد مشطوا شعورهم ، وكحلوا أعينهم ، وارتدوا أفخر ثيابهم ، غير أنهم جعلوا فى حاشيتها الحرير ،,,
فقال لهم :- ألم تسلموا ؟
قالوا :- بلى
قال :- فما بال هذا الحرير فى أعناقكم ؟
فما أتم - صلى الله عليه وسلم - كلماته تلك ، حتى شقوا الحرير عن ثيابهم ، فألقوه ، وتحدث الأشعث ، - الذى ناقض اسمه حاله -
فقال :- يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار - وهو نبات إذا أكلته الإبل انقبضت مشافرها لمرارته - ، وأنت ابن آكل المرار .
فتبسم النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ، وكان كلاهما تاجرًا يجول فى أرض العرب ، فإذا سئل عن نسبه أجاب :- نحن بنو آكل المرار ، يتعزز بانتسابه إلى كندة ، الذين كانوا ملوكًا بين العرب ،,
ثم قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا - أى لا نقذفها - ولا ننتفى من أبينا ،,,
فالتفت الأشعث إلى قومه ، وقد أصبح محرجًا ، فصاح فيهم :- هل فرغتم يا معشر كندة ؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين .

وفد أزد ،،,،

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبدالله الأزدى ، فى وفد من قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بهم من كان يليه من أمر الشرك ، من قبل اليمن ،,,
وخرج بهم صرد بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهى يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل يمنية قد ضمت إليها خثعم حين سمعوا بخروج المسلمين ، فحاصرها قريبًا من شهر دون أن يفتحها ، ثم إنه قد تظاهر بالرجوع فلما رأوا منه ذلك ، خرجوا يطاردونه ، فأقبل عليهم وهزمهم .

وفد بنى الحارث بن كعب ،،,،

بعث خالد بن الوليد برسالة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأنه قد نفذ أمره ، فسار فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة ، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، فدعاهم ثلاثة أيام إلى الإسلام قبل أن يحاربهم ،,,
فأجابوه إلى ذلك وأسلموا ، وقد أجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يقبل فى وفد منهم ، ففعل خالد ورأى النبى - صلى الله عليه وسلم - وفدهم فتساءل :-
من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟
وذلك لسمرة بشرتهم ، فأخبروه أنهم رجال بنى الحارث بن كعب ، ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ،,
فقال لهم :- وأنا أشهد ألا إله إلا الله ، وأنى رسول الله .
ثم سألهم :- أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ؟ - أى الذين لم يسلموا إلا خوفًا من السيف - ،
فسكتوا ولم يجيبوا ،,
فأعاد - صلى الله عليه وسلم - سؤاله عليهم مرة بعد مرة وهم سكوت ،,,,
فلما كانت الرابعة أجابه أحدهم :- نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، ثم أعادها أربعًا ,,،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
لو أن خالدًا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ,,
فقال أحدهم ، ويدعى يزيد بن عبد المدان :- أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا ،,
قال :- فمن حمدتم ؟
قالوا :- حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله .
وهنا اطمأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى صدق إيمانهم فقال :- صدقتم .
ثم رجعوا إلى ديارهم ، وأرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم عمرو بن حزم ليفقههم فى الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم الصدقات .

وفد جذامة ،،,،

قرر فروة بن عمرو الجذامى أن يدخل فى دين الله الحق بعدما رأى شجاعة المسلمين فى مؤتة ، فبعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - رسولاً بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة بمعان وما حولها من الشام ، عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، فلما بلغ الروم إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ثم حبسوه ، وضربوا عنقه ، وصلبوه يرحمه الله تعالى .
وفى هدنة الحديبية قبل خيبر ، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل آخر من جذامة هو رفاعة بن زيد الجذامى ، فأهدى النبى - صلى الله عليه وسلم - غلامًا ، وأسلم فحسن إسلامه ، وعاد الرجل إلى قومه فدعاهم ، فأجابوه وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ، حرة الرجلاء ، ونزلوها .

وفد عبدالقيس ،،,،

شهدت المدينة وفادتين لقبيلة عبدالقيس ، أما أولاهما فكانت فى السنة الخامسة من الهجرة ، حين أسلم منهم تاجر كان يرد المدينة ، ويدعى منقذ بن حيان ، ثم ذهب بكتاب من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا ، وتوافدوا إليه فى ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً ، وأما الوفادة الثانية فكانت فى سنة الوفود ، حين قدم الجارود بن العلاء العبدى فى أربعين رجلاً منهم ، وكان نصرانيًا ، فأسلم وحسن إسلامه .

وفد دوس ،،,،

أسلم الطفيل بن عمرو الدوسى منذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فى العام الحادى عشر للنبوة ، ثم رجع إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى دين الله ، لكنهم أبطأوا عليه ولم يجيبوه ، فرجع الطفيل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا ، وهو يطلب منه أن يدعو على دوس ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- اللهم اهد دوسًا ،,,
وعاد الطفيل إلى قومه فأسلموا ، ثم وفد بسبعين أو ثمانين بيتًا من قومه إلى المدينة ، فى أوائل سنة سبع من الهجرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر ، فلحق به هناك .

وفد طىء ،،,،

قدم وفد طىء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمهم وعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وحسن إسلامهم ، وكان معهم زيد الخيل ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير ،,,
وقال عنه :- ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ، ثم جاءنى إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما فيه .

وفد صداء ،،,،

علم زياد بن الحارث الصدائى أن جيشًا للمسلمين ، قوامه أربعمائة جندى ، فى طريقه إلى قومه ، فأسرع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم
قائلاً :- جئتك وافدًا على من ورائى ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى ،,,
فردّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش ، وذهب زياد إلى قومه يدعوهم ، ويرغبهم فى القدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفد عليه منهم خمسة عشر رجلاً ، يبايعونه على الإسلام ، ثم رجعوا إلى قومهم ، فدعوهم ، ففشا فيهم الإسلام ، ووافى مائة رجل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قدوم كعب بن زهير ،،,،

ليس هناك ثمة شك فى أن كثيرًا من الناس يقادون من آذانهم !
ولهذا لعب إعلاميو كل عصر دورًا بارزًا فى تحريك الأحداث به وإعلاميو عصر النبوة كانوا من الشعراء بلا ريب .
وكان من أشعر العرب كعب بن زهير ، الذى دأب على هجاء النبى ، حتى وصلته رسالة من أخيه بجير ، سنة ثمان من الهجرة ، بعد انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ، حدثه فيها عن أمر رسول الله بقتل رجال بمكة كانوا يهجون النبى ويؤذونه ، وعن هروب من بقى من شعراء قريش فى كل وجه ، ثم نصحه بجير بأن يأتى النبى تائبًا ، لأنه لايقتل التائبين .
ومازالت المكاتبات تجرى بين كعب وأخيه ، حتى شرح الله صدره ، فقام إلى المدينة ، ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع يده فى يده ،,
وقال له :- يارسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم .
فقال :- أنا كعب بن زهير .
وأراد أنصارى أن يضرب عنقه ، فنهاه النبى - صلى الله عليه وسلم - بقوله :-
دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه .
وهنا أنشد كعب قصيدته المشهورة ، والتى مدح فيها النبى ، ثم مدح المهاجرين من قريش ، وعرض بالأنصار ، لأن أحدهم أراد قتله ، فلما أسلم وحسن إسلامه ، تدارك ما بدا منه ومدحهم ، فى قصيدة له .

وفد عذرة ،،,،

فى صفر سنة تسع من الهجرة قدم اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان إلى المدينة ، وقد سئلوا :- من القوم ؟
فأجابوا :- نحن بنو عذرة ، إخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، لنا قرابات وأرحام .
فرحب بهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وبشرهم بفتح الشام ، ونهاهم عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها ، وقد أسلموا ، وأقاموا أياما ثم رجعوا .

وفد بلى ،،,،

ما أكثر ما انتفع المسلمون بمسائل الأعراب ! قدم وفد بلى فى ربيع الأول سنة تسع من الهجرة ، وكان رئيسهم يدعى أبا الضبيب ،,
فأخذ يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضيافة ،
هل فيها أجر ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة ،
فسأله عن وقتها ؟
فقال :- ثلاثة أيام ،,,
فسأله عن ضالة الغنم ؟
فأجابه :- هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب !
وسأله عن ضالة البعير ؟
فأجابه :- مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه .

وفد ثقيف ،،,،

عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة الطائف ، وقبل أن يصل إلى المدينة ، كان عروة بن مسعود الثقفى ، سيد ثقيف ورئيسها المطاع ، قد لحق به ، وأعلن إسلامه وظن الرجل بأهله خيرًا ، فزعم أنه راجع إلى قومه ، فداعيهم إلى الإسلام ، وأن أحدًا منهم لن يرد دعوته ، إذ هو - كما يصف نفسه - أحب إليهم من أبكارهم ,,,،

لكن ظن عروة ذهب سدى كما تبدى زعمه ، حين شرع فى دعوتهم إلى دين الله ، ولم يكن ردهم عليه سوى سهام عدة ، رموه بها من كل وجه ، فخر صريعًا ،,,
وكانت آخر كلماته :- كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلى .
ثم أوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين ، الذين قتلوا حول الطائف ، لكن ثقيف المعاندة ما إن مرت عليها شهور بعد ذلك ، حتى أدركت المأزق الذى أصبحت فيه .
فالمسلمون اليوم ، آمنون فى ديارهم ، يجوبون الجزيرة فى هدوء وسلام ، أما هم ، فإنهم لا يجرؤون على مغادرة ديارهم ، ولا يدرون ما يصنعون ، وقد أسلمت قبائل العرب بأسرها ، فاضطروا إلى الاستسلام ، وذهبوا إلى زعيمهم عبد ياليل بن عمرو ؛

ليمشى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكلمه ، فخاف الرجل أن يلحق بعروة وأبى إلا أن يرسلوا معه رجالاً غيره ، فبعثوا معه خمسة رجال أحدهم عثمان بن أبى العاص ، فلما قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبة فى ناحية المسجد ؛ ليسمعوا القرآن ، ويشاهدوا المصلين ، وظل القوم يترددون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعون منه ويماطلونه ، فبرغم ما تنشرح به قلوبهم من نور الحق ، إلا أن قلوب قومهم العنيدة ، ومصير عروة ، يقف حائلاً أمام إيمانهم ، فتارة يطلبون منه الإذن بالزنا ، أو شرب الخمور ، أو الربا ، وتارة يطلبون الإذن بترك الصلاة ، وأخرى يساومون على ترك طاغيتهم اللات ، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم .
كل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجيبهم بالموافقة على طلب واحد ، حتى استسلموا وأسلموا ، واشترطوا ألا يهدموا اللات بأيديهم ، فوافقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمّر عليهم أحدثهم سنًا عثمان بن أبى العاص لحرصه الشديد على التفقه فى الدين ، وعاد الوفد إلى ثقيف فكتم عن قومه ما حدث ، وخوفوا قومهم حرب محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى ألقى الله فى قلوبهم الرعب .

فطلبوا منهم أن يعودوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - معلنين إسلامهم ، فأعلنوا لهم حقيقة أمرهم وأسلمت ثقيف ،,,
ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً لهدم اللات ، أميرهم خالد بن الوليد ، فهدموها وسووها بالأرض ، وأخذوا حليها وكسوتها ، فقسمها النبى - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله على نصرة رسوله وإعزاز دينه .

وفد اليمن ،،,،

دخل مالك بن مرة الرهاوى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه من تبوك ، حاملاً رسالة من ملوك اليمن (( الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان بن قيل ذى رعين ، وهمدان ومعافر )) ،،
وقرأ مالك الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بها إعلان بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ، وقد كتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم ، وما للمعاهدين وما عليهم ، وأرسل إليهم رجالاً أميرهم معاذ بن جبل .

وفد همدان ،،,،

قدم وفد من همدان بعد رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك سنة تسع من الهجرة ، وقد كتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا ، أعطاهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه ، ثم أرسل خالد بن الوليد إلى سائر همدان يدعوهم إلى الإسلام ،,,
فأقام عندهم ستة أشهر وهم لا يجيبوه ، فأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب ، وأمره أن يعيد خالدًا ، ففعل وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يبق واحد منهم على شركه !
وكتب على ببشارة إسلامهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قرأ الكتاب خرّ ساجدًا ثم رفع رأسه وقال :-
السلام على همدان ، السلام على همدان

وفد بنى فزارة ،،,،

إن وفد فزارة الذين قدموا فى بضعة عشر رجلاً ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من تبوك ، كانوا يحملون مع إقرارهم بالإسلام ، طلبًا عاجلاً إلى النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد شكوا إليه جدب بلادهم وجفاف أرضها ،,,

فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ورفع يديه واستسقى ،,,
وقال :- اللهم اسق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحى بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، مريئًا مريعًا ، طبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضار ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ، ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث ، وانصرنا على الأعداء .
ولا شك أن فزارة قد تم لها الخير كله ، حين نعموا بغيث الإيمان الذى سقى قلوبهم الظمأى ، ودعاء النبى الذى سقى أرضهم الجدبة .

وفد نجران ،،,،

أهل نجران ليسوا كسائر أهل العرب !
فبلدهم يشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، بها مائة ألف مقاتل ، وهم ليسوا على الوثنية الحمقاء كغيرهم ، بل هم على دين المسيحية .
وقد شهد عام الوفود - العام التاسع للهجرة - قدوم وفد نجران ، الذى تشكل من ستين رجلاً ، منهم (( سادة نجران الثلاث ~ العاقب عبدالمسيح ، صاحب الإمارة والحكومة ، والسيد الأيهم أو شرحبيل ، المشرف على الأمور الثقافية والسياسية ، والأسقف أبو حارثة بن علقمة الزعيم الدينى والقائد الروحى لهم )) .
ونزل الوفد المدينة ، فحاور النبى - صلى الله عليه وسلم - وحاورهم ثم تلا عليهم القرآن ، لكنهم امتنعوا عن الإيجاب وسألوه عما يقوله عن عيسى - عليه السلام - ، فانتظر حتى نزلت عليه آيات آل عمران الثلاث من التاسعة والخمسين إلى الواحدة والستين ، فأسمعها لهم فى اليوم التالى ، لكنهم ترددوا وأبوا القبول ،,,

فأقبل عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حاملاً الحسن والحسين ، داعيًا إياهم إلى المباهلة ، فلما رأوا جده وعزمه ، ظهر ضعف يقينهم ، وشكهم فيما ينافحون عنه ، وقبلوا أن يصالحوه على الجزية ، فصالحهم وتركهم أحرارًا فى دينهم وأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، ثم بدأ الإسلام ينتشر بين جموعهم حتى أسلم السيد والعاقب معًا ،,,
فبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إليهم عليًا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ويبدو أن باطلاً بلا أركان أسهل على الحق أن يواجهه ، من باطل زيفت أركان الحق به !

وفد بنى حنيفة ،،,،

جاء وفد بنى حنيفة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة ، وكان جملتهم سبعة عشر رجلاً ، بينهم مسيلمة الكذاب ، وقد نزل الوفد دار رجل من الأنصار ، ثم غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا عنده ، أما عدو الله مسيلمة فإنه بقى فى رحالهم واستنكف الذهاب ، حتى رجع الوفد إلى قومه فتنبأ مسيلمة ، وارتد قومه عن دين الله .

** { مسيلمة الكذاب } **

خرج مسيلمة بن ثمامة مع وفد بنى حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الرجل كانت نفسه تمتلئ كبرًا ، فأبت عليه الطاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فترك قومه يغدون إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وبقى المحروم مع رحالهم ، يزعم أنه يحفظها وقد ضيع نفسه !
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرى فى منامه أنه أتى بخزائن الأرض ، فوقع فى يديه سواران من ذهب ، فكبرا عليه وأهمّاه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، وأولهما كذابين يخرجان من بعده ، أما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد أراد أن يؤلف قلبه بالإحسان أولاً ، حتى وجد أن ذلك لا يجدى ،,,

وبلغه قول مسيلمة الكذاب ؛؛ إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته ، فذهب إليه وفى يده قطعة من جريد ، ثم قال له :- لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، والله إنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عنى ،,,
ثم انصرف وترك خطيبه ثابت بن قيس يكلمه ، وعاد الكذاب مع قومه إلى دياره باليمامة يفكر فى أمره ، حتى ساقه عقله لأمر عجيب ، فطلع على قومه معلنًا أنه قد أوتى النبوة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وأسمعهم كلامًا سخيفًا ، يزعم أنه أنزل عليه كقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم -
يقول فى بعضه :- لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين ضفاق وحشا .
وفى بعضه الآخر :- يا ضفدع بنت ضفدعين ، نق ما شئت أن تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين .
وقد أسماه قومه رحمان اليمامة إعزازًا وتقديرًا بضفدعهم ، الذى علا نقيقه ، وقد تمرغ فى الطين .
وبلغ الفجور بالأحمق أن بعث رسولين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يحملان كتابًا يقول فيه :- إنى أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر .
وقد قتل الكذاب فى زمن الصديق - رضى الله عنه - حين أراح وحشى بحربته المسلمين من إفكه الدنىء .

وفد بنى عامر بن صعصعة ،،،,

عامر بن الطفيل ، عدو الله الذى ارتبط اسمه بمأساة بئر معونة ، جاءه قومه يقولون :-
إن الناس قد أسلموا فأسلم ، فتآمر مع أربد بن قيس ، وقال له :- إذا قدمنا على الرجل ، فإنى سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعْلُه بالسيف ثم انطلقا مع خالد بن جعفر ، وجبار بن أسلم - وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم - ، ودخلوا جميعًا فى وفد بنى عامر ،,,

حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنفذ عامر الخبيث خطته ، وجعل يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - من أمامه ، وأربد من خلفه قد اخترط سيفه شبرًا ، إلا أنه لا يستطيع أن يسله لحبس الله ليده الغادرة ،,,
وهنا هدد عامر النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ،,,
فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
اللهم اكفنى عامر بن الطفيل

فلما رجعا أرسل الله صاعقة على أربد وجمله فأحرقته ، وأما عامر فقد أصيب بغدة فى عنقه ، وكان فى بيت امرأة سلولية ، فمات وهو يقول :- أغدة كغدة البعير ، وموتًا فى بيت السلولية .
وهكذا حرم نفسه فرصة الهداية مرة بعد مرة ، وفرصة التوبة بين يدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت نفسه غطرسة وكبرًا ، فأبى الله إلا أن يحرمه ، حتى فى ميتته بالدنيا .

وفد تجيب ,،،،

ساعات الزمان وأيامه ليست كلها عسرة ، والناس الذين تقابلهم على ألوان شتى ، ومن بين وفود العرب جاء وفد تجيب ، يسوق أمامه صدقات قومه مما فضل عن فقرائهم ، ثلاثة عشر رجلاً ، قدموا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، حتى إذا قضوا مأربهم هموا بالرحيل ولم يطيلوا اللبث ، ثم بعثوا غلامًا لهم كانوا قد خلفوه فى رحالهم ، حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يقول :-
والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لى ويرحمنى ، وأن يجعل غناى فى قلبى ،,,
فدعا له النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكان أقنع الناس ، وثبت فى الردة على الإسلام ، وذكر قومه ، ووعظهم فثبتوا عليه

1- وفد بنى تميم .
2- وفد بنى سعد .
3- وفد بنى زبيد .
4- وفد كندة . 5- وفد أزد .
6- وفد بنى الحارث .
7- وفد جذامة .
8- وفد عبد القيس .
9- وفد دوس .
10- وفد طىء .
11- وفد صداء .
12- قدوم كعب بن زهير .
13- وفد عذرة .
14- وفد بلى .
15- وفد ثقيف .
16- وفد اليمن .
17- وفد همدان .
18- وفد بنى فزارة .
19- وفد نجران .
20- وفد بنى حنيفة .
21- وفد بنى عامر بن صعصعة .
22- وفد تجيب .



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #16  
قديم 04-08-2012, 09:02 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { الـــوفــــود } **

قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه ، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال ، قد لا يدركه عقل أو منطق ، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل ، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق ، رأوا ما به من جمال ، فأسرعوا يتبعونه على عجل ! وقبائل العرب المختلفة ، كانت تتابع ما بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وقريش من حرب دائرة ، ويحدثون أنفسهم قائلين :- اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق .
فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح ، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه ، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها ، واستيقنته سويداؤها ! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود فحسب :-

والحق أن هذه الوفود لم تأت كلها بعد الفتح ، بل بعضها قبله قطعًا .

وفد بنى تميم ،،,،

إن دينًا يجعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، ويهتم بآداب الاستئذان والحديث ، وقواعد السلوك عند المشرب والطعام ، هو دين لا يفهم كيف يكون الإنسان ناسكًا متعبدًا ثم هو بين الناس غليظ الحس ، وإن التغيير الهائل الذى أحدثه هذا الدين فى نفوس أصحابه ، لا ندركه إلا حين نراهم ، وهم بعد على شركهم .
قدم وفد بنى تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصاحوا به بصوت جهير منادين :- يا محمد اخرج إلينا ،,
حتى إذا خرج النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - إليهم تعلقوا به ،
وقالوا له :- جئناك نفاخرك ! فأذن لشاعرنا وخطيبنا ،,,
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وسع حلمه الأعداء ، لن يضيق به عمن جاءه مسلمًا ، وهو يدرك براجح عقله كيف يعجب هؤلاء بالإسلام ؛ ولذا فقد جلس فى صحن المسجد يستمع إلى خطيبهم عطارد بن حاجب ،,,
حتى إذا فرغ قدم خطيب الإسلام :- ثابت بن قيس بن شماس ، ثم قدم القوم شاعرهم الزبرقان بن بدر ، فقدم المصطفى صلى الله عليه وسلم - بعده حسان بن ثابت ،،،
فأجابه على البديهة ، وهنا قال الأقرع بن حابس :-
خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا .
ثم أسلموا ، فالحمد لله الذى هداهم لدينه بأى وجه كان !

وفد بنى سعد بن بكر ،،,،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسجده مع صحابته ، إذ بأعرابى قوى الجسم ، طويل الشعر ، قد جعله ضفيرتين خلف ظهره الممشوق ، يقبل ببعيره حتى باب المسجد ، ثم ينيخه ويعقله ، ويتقدم بخطا ثابتة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتهى إليه ومن معه أدار فيهم بصره ثم سألهم بحسم أيكم ابن عبدالمطلب ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- أنا ابن عبد المطلب ،،،
فقال له :- أمحمد ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم ،,
فقال له الأعرابى ، الذى كان ضمام بن ثعلبة ، وافد بنى سعد بن بكر :- يا بن عبدالمطلب إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة ! فلا تجدن فى نفسك !
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- لا أجد فى نفسى ، فسل عما بدا لك .
وهنا انطلق ضمام يسأله عن التوحيد ، وفرائض الإسلام ،،،
حتى إذا فرغ قال :- فإنى أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وسأؤدى هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتنى عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ،،،
واستدار ماشيًا إلى بعيره ، ثم امتطاه وقفل راجعًا إلى قومه ،,,
وهنا قال - صلى الله عليه وسلم -:-
إن صدق ذو العقيصتين - أى الضفيرتين - دخل الجنة .
أما ضمام فإنه ما إن أقبل على قومه حتى قال لهم :- بئست اللات والعزى !
فحذروه قائلين :- مه يا ضمام ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون ،،،
فقال بحزم :- ويلكم ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فما أمسى من ذلك اليوم رجل أو امرأة من قومه إلا مسلمًا ، فما أعظم أن يجتمع إلى رجل الصدق والحزم معًا ،,,,
وكان عبدالله بن عباس يقول :- ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

وفد بنى زبيد ،،,،

جلس عمرو بن معد يكرب ، أحد فرسان العرب المشهورين إلى قيس بن مكشوح المرادى ،،
فقال له :- يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش ، يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبى ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه .
فإن كان نبيًا كما يقول ، فإنه لن يخفى عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه .
لكن قيسًا أبى عليه ذلك وأخذ يسفه رأيه ، فعزم عمرو على أن يمضى فيما بدا له ، فركب مع أناس من زبيد حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وصدقه وآمن به ، أما قيس فإنه قد غاظه صنيع عمرو ، فتوعده وهدده ،,
وقال :- خالفنى واترك رأيى ! فهزأ منه عمرو وأجابه شعرًا .

وفد كندة ،،,،

ثمانون راكبًا زعيمهم الأشعث بن قيس ، كانوا وفد كندة الذى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نظر إليهم النبى فوجدهم قد مشطوا شعورهم ، وكحلوا أعينهم ، وارتدوا أفخر ثيابهم ، غير أنهم جعلوا فى حاشيتها الحرير ،,,
فقال لهم :- ألم تسلموا ؟
قالوا :- بلى
قال :- فما بال هذا الحرير فى أعناقكم ؟
فما أتم - صلى الله عليه وسلم - كلماته تلك ، حتى شقوا الحرير عن ثيابهم ، فألقوه ، وتحدث الأشعث ، - الذى ناقض اسمه حاله -
فقال :- يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار - وهو نبات إذا أكلته الإبل انقبضت مشافرها لمرارته - ، وأنت ابن آكل المرار .
فتبسم النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ، وكان كلاهما تاجرًا يجول فى أرض العرب ، فإذا سئل عن نسبه أجاب :- نحن بنو آكل المرار ، يتعزز بانتسابه إلى كندة ، الذين كانوا ملوكًا بين العرب ،,
ثم قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا - أى لا نقذفها - ولا ننتفى من أبينا ،,,
فالتفت الأشعث إلى قومه ، وقد أصبح محرجًا ، فصاح فيهم :- هل فرغتم يا معشر كندة ؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين .

وفد أزد ،،,،

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبدالله الأزدى ، فى وفد من قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بهم من كان يليه من أمر الشرك ، من قبل اليمن ،,,
وخرج بهم صرد بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهى يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل يمنية قد ضمت إليها خثعم حين سمعوا بخروج المسلمين ، فحاصرها قريبًا من شهر دون أن يفتحها ، ثم إنه قد تظاهر بالرجوع فلما رأوا منه ذلك ، خرجوا يطاردونه ، فأقبل عليهم وهزمهم .

وفد بنى الحارث بن كعب ،،,،

بعث خالد بن الوليد برسالة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأنه قد نفذ أمره ، فسار فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة ، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، فدعاهم ثلاثة أيام إلى الإسلام قبل أن يحاربهم ،,,
فأجابوه إلى ذلك وأسلموا ، وقد أجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يقبل فى وفد منهم ، ففعل خالد ورأى النبى - صلى الله عليه وسلم - وفدهم فتساءل :-
من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟
وذلك لسمرة بشرتهم ، فأخبروه أنهم رجال بنى الحارث بن كعب ، ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ،,
فقال لهم :- وأنا أشهد ألا إله إلا الله ، وأنى رسول الله .
ثم سألهم :- أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ؟ - أى الذين لم يسلموا إلا خوفًا من السيف - ،
فسكتوا ولم يجيبوا ،,
فأعاد - صلى الله عليه وسلم - سؤاله عليهم مرة بعد مرة وهم سكوت ،,,,
فلما كانت الرابعة أجابه أحدهم :- نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، ثم أعادها أربعًا ,,،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
لو أن خالدًا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ,,
فقال أحدهم ، ويدعى يزيد بن عبد المدان :- أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا ،,
قال :- فمن حمدتم ؟
قالوا :- حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله .
وهنا اطمأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى صدق إيمانهم فقال :- صدقتم .
ثم رجعوا إلى ديارهم ، وأرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم عمرو بن حزم ليفقههم فى الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم الصدقات .

وفد جذامة ،،,،

قرر فروة بن عمرو الجذامى أن يدخل فى دين الله الحق بعدما رأى شجاعة المسلمين فى مؤتة ، فبعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - رسولاً بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة بمعان وما حولها من الشام ، عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، فلما بلغ الروم إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ثم حبسوه ، وضربوا عنقه ، وصلبوه يرحمه الله تعالى .
وفى هدنة الحديبية قبل خيبر ، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل آخر من جذامة هو رفاعة بن زيد الجذامى ، فأهدى النبى - صلى الله عليه وسلم - غلامًا ، وأسلم فحسن إسلامه ، وعاد الرجل إلى قومه فدعاهم ، فأجابوه وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ، حرة الرجلاء ، ونزلوها .

وفد عبدالقيس ،،,،

شهدت المدينة وفادتين لقبيلة عبدالقيس ، أما أولاهما فكانت فى السنة الخامسة من الهجرة ، حين أسلم منهم تاجر كان يرد المدينة ، ويدعى منقذ بن حيان ، ثم ذهب بكتاب من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا ، وتوافدوا إليه فى ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً ، وأما الوفادة الثانية فكانت فى سنة الوفود ، حين قدم الجارود بن العلاء العبدى فى أربعين رجلاً منهم ، وكان نصرانيًا ، فأسلم وحسن إسلامه .

وفد دوس ،،,،

أسلم الطفيل بن عمرو الدوسى منذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فى العام الحادى عشر للنبوة ، ثم رجع إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى دين الله ، لكنهم أبطأوا عليه ولم يجيبوه ، فرجع الطفيل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا ، وهو يطلب منه أن يدعو على دوس ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- اللهم اهد دوسًا ،,,
وعاد الطفيل إلى قومه فأسلموا ، ثم وفد بسبعين أو ثمانين بيتًا من قومه إلى المدينة ، فى أوائل سنة سبع من الهجرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر ، فلحق به هناك .

وفد طىء ،،,،

قدم وفد طىء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمهم وعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وحسن إسلامهم ، وكان معهم زيد الخيل ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير ،,,
وقال عنه :- ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ، ثم جاءنى إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما فيه .

وفد صداء ،،,،

علم زياد بن الحارث الصدائى أن جيشًا للمسلمين ، قوامه أربعمائة جندى ، فى طريقه إلى قومه ، فأسرع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم
قائلاً :- جئتك وافدًا على من ورائى ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى ،,,
فردّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش ، وذهب زياد إلى قومه يدعوهم ، ويرغبهم فى القدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفد عليه منهم خمسة عشر رجلاً ، يبايعونه على الإسلام ، ثم رجعوا إلى قومهم ، فدعوهم ، ففشا فيهم الإسلام ، ووافى مائة رجل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قدوم كعب بن زهير ،،,،

ليس هناك ثمة شك فى أن كثيرًا من الناس يقادون من آذانهم !
ولهذا لعب إعلاميو كل عصر دورًا بارزًا فى تحريك الأحداث به وإعلاميو عصر النبوة كانوا من الشعراء بلا ريب .
وكان من أشعر العرب كعب بن زهير ، الذى دأب على هجاء النبى ، حتى وصلته رسالة من أخيه بجير ، سنة ثمان من الهجرة ، بعد انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ، حدثه فيها عن أمر رسول الله بقتل رجال بمكة كانوا يهجون النبى ويؤذونه ، وعن هروب من بقى من شعراء قريش فى كل وجه ، ثم نصحه بجير بأن يأتى النبى تائبًا ، لأنه لايقتل التائبين .
ومازالت المكاتبات تجرى بين كعب وأخيه ، حتى شرح الله صدره ، فقام إلى المدينة ، ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع يده فى يده ،,
وقال له :- يارسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم .
فقال :- أنا كعب بن زهير .
وأراد أنصارى أن يضرب عنقه ، فنهاه النبى - صلى الله عليه وسلم - بقوله :-
دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه .
وهنا أنشد كعب قصيدته المشهورة ، والتى مدح فيها النبى ، ثم مدح المهاجرين من قريش ، وعرض بالأنصار ، لأن أحدهم أراد قتله ، فلما أسلم وحسن إسلامه ، تدارك ما بدا منه ومدحهم ، فى قصيدة له .

وفد عذرة ،،,،

فى صفر سنة تسع من الهجرة قدم اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان إلى المدينة ، وقد سئلوا :- من القوم ؟
فأجابوا :- نحن بنو عذرة ، إخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، لنا قرابات وأرحام .
فرحب بهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وبشرهم بفتح الشام ، ونهاهم عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها ، وقد أسلموا ، وأقاموا أياما ثم رجعوا .

وفد بلى ،،,،

ما أكثر ما انتفع المسلمون بمسائل الأعراب ! قدم وفد بلى فى ربيع الأول سنة تسع من الهجرة ، وكان رئيسهم يدعى أبا الضبيب ،,
فأخذ يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضيافة ،
هل فيها أجر ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة ،
فسأله عن وقتها ؟
فقال :- ثلاثة أيام ،,,
فسأله عن ضالة الغنم ؟
فأجابه :- هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب !
وسأله عن ضالة البعير ؟
فأجابه :- مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه .

وفد ثقيف ،،,،

عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة الطائف ، وقبل أن يصل إلى المدينة ، كان عروة بن مسعود الثقفى ، سيد ثقيف ورئيسها المطاع ، قد لحق به ، وأعلن إسلامه وظن الرجل بأهله خيرًا ، فزعم أنه راجع إلى قومه ، فداعيهم إلى الإسلام ، وأن أحدًا منهم لن يرد دعوته ، إذ هو - كما يصف نفسه - أحب إليهم من أبكارهم ,,,،

لكن ظن عروة ذهب سدى كما تبدى زعمه ، حين شرع فى دعوتهم إلى دين الله ، ولم يكن ردهم عليه سوى سهام عدة ، رموه بها من كل وجه ، فخر صريعًا ،,,
وكانت آخر كلماته :- كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلى .
ثم أوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين ، الذين قتلوا حول الطائف ، لكن ثقيف المعاندة ما إن مرت عليها شهور بعد ذلك ، حتى أدركت المأزق الذى أصبحت فيه .
فالمسلمون اليوم ، آمنون فى ديارهم ، يجوبون الجزيرة فى هدوء وسلام ، أما هم ، فإنهم لا يجرؤون على مغادرة ديارهم ، ولا يدرون ما يصنعون ، وقد أسلمت قبائل العرب بأسرها ، فاضطروا إلى الاستسلام ، وذهبوا إلى زعيمهم عبد ياليل بن عمرو ؛

ليمشى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكلمه ، فخاف الرجل أن يلحق بعروة وأبى إلا أن يرسلوا معه رجالاً غيره ، فبعثوا معه خمسة رجال أحدهم عثمان بن أبى العاص ، فلما قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبة فى ناحية المسجد ؛ ليسمعوا القرآن ، ويشاهدوا المصلين ، وظل القوم يترددون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعون منه ويماطلونه ، فبرغم ما تنشرح به قلوبهم من نور الحق ، إلا أن قلوب قومهم العنيدة ، ومصير عروة ، يقف حائلاً أمام إيمانهم ، فتارة يطلبون منه الإذن بالزنا ، أو شرب الخمور ، أو الربا ، وتارة يطلبون الإذن بترك الصلاة ، وأخرى يساومون على ترك طاغيتهم اللات ، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم .
كل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجيبهم بالموافقة على طلب واحد ، حتى استسلموا وأسلموا ، واشترطوا ألا يهدموا اللات بأيديهم ، فوافقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمّر عليهم أحدثهم سنًا عثمان بن أبى العاص لحرصه الشديد على التفقه فى الدين ، وعاد الوفد إلى ثقيف فكتم عن قومه ما حدث ، وخوفوا قومهم حرب محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى ألقى الله فى قلوبهم الرعب .

فطلبوا منهم أن يعودوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - معلنين إسلامهم ، فأعلنوا لهم حقيقة أمرهم وأسلمت ثقيف ،,,
ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً لهدم اللات ، أميرهم خالد بن الوليد ، فهدموها وسووها بالأرض ، وأخذوا حليها وكسوتها ، فقسمها النبى - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله على نصرة رسوله وإعزاز دينه .

وفد اليمن ،،,،

دخل مالك بن مرة الرهاوى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه من تبوك ، حاملاً رسالة من ملوك اليمن (( الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان بن قيل ذى رعين ، وهمدان ومعافر )) ،،
وقرأ مالك الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بها إعلان بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ، وقد كتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم ، وما للمعاهدين وما عليهم ، وأرسل إليهم رجالاً أميرهم معاذ بن جبل .

وفد همدان ،،,،

قدم وفد من همدان بعد رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك سنة تسع من الهجرة ، وقد كتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا ، أعطاهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه ، ثم أرسل خالد بن الوليد إلى سائر همدان يدعوهم إلى الإسلام ،,,
فأقام عندهم ستة أشهر وهم لا يجيبوه ، فأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب ، وأمره أن يعيد خالدًا ، ففعل وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يبق واحد منهم على شركه !
وكتب على ببشارة إسلامهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قرأ الكتاب خرّ ساجدًا ثم رفع رأسه وقال :-
السلام على همدان ، السلام على همدان

وفد بنى فزارة ،،,،

إن وفد فزارة الذين قدموا فى بضعة عشر رجلاً ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من تبوك ، كانوا يحملون مع إقرارهم بالإسلام ، طلبًا عاجلاً إلى النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد شكوا إليه جدب بلادهم وجفاف أرضها ،,,

فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ورفع يديه واستسقى ،,,
وقال :- اللهم اسق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحى بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، مريئًا مريعًا ، طبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضار ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ، ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث ، وانصرنا على الأعداء .
ولا شك أن فزارة قد تم لها الخير كله ، حين نعموا بغيث الإيمان الذى سقى قلوبهم الظمأى ، ودعاء النبى الذى سقى أرضهم الجدبة .

وفد نجران ،،,،

أهل نجران ليسوا كسائر أهل العرب !
فبلدهم يشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، بها مائة ألف مقاتل ، وهم ليسوا على الوثنية الحمقاء كغيرهم ، بل هم على دين المسيحية .
وقد شهد عام الوفود - العام التاسع للهجرة - قدوم وفد نجران ، الذى تشكل من ستين رجلاً ، منهم (( سادة نجران الثلاث ~ العاقب عبدالمسيح ، صاحب الإمارة والحكومة ، والسيد الأيهم أو شرحبيل ، المشرف على الأمور الثقافية والسياسية ، والأسقف أبو حارثة بن علقمة الزعيم الدينى والقائد الروحى لهم )) .
ونزل الوفد المدينة ، فحاور النبى - صلى الله عليه وسلم - وحاورهم ثم تلا عليهم القرآن ، لكنهم امتنعوا عن الإيجاب وسألوه عما يقوله عن عيسى - عليه السلام - ، فانتظر حتى نزلت عليه آيات آل عمران الثلاث من التاسعة والخمسين إلى الواحدة والستين ، فأسمعها لهم فى اليوم التالى ، لكنهم ترددوا وأبوا القبول ،,,

فأقبل عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حاملاً الحسن والحسين ، داعيًا إياهم إلى المباهلة ، فلما رأوا جده وعزمه ، ظهر ضعف يقينهم ، وشكهم فيما ينافحون عنه ، وقبلوا أن يصالحوه على الجزية ، فصالحهم وتركهم أحرارًا فى دينهم وأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، ثم بدأ الإسلام ينتشر بين جموعهم حتى أسلم السيد والعاقب معًا ،,,
فبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إليهم عليًا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ويبدو أن باطلاً بلا أركان أسهل على الحق أن يواجهه ، من باطل زيفت أركان الحق به !

وفد بنى حنيفة ،،,،

جاء وفد بنى حنيفة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة ، وكان جملتهم سبعة عشر رجلاً ، بينهم مسيلمة الكذاب ، وقد نزل الوفد دار رجل من الأنصار ، ثم غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا عنده ، أما عدو الله مسيلمة فإنه بقى فى رحالهم واستنكف الذهاب ، حتى رجع الوفد إلى قومه فتنبأ مسيلمة ، وارتد قومه عن دين الله .

** { مسيلمة الكذاب } **

خرج مسيلمة بن ثمامة مع وفد بنى حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الرجل كانت نفسه تمتلئ كبرًا ، فأبت عليه الطاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فترك قومه يغدون إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وبقى المحروم مع رحالهم ، يزعم أنه يحفظها وقد ضيع نفسه !
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرى فى منامه أنه أتى بخزائن الأرض ، فوقع فى يديه سواران من ذهب ، فكبرا عليه وأهمّاه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، وأولهما كذابين يخرجان من بعده ، أما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد أراد أن يؤلف قلبه بالإحسان أولاً ، حتى وجد أن ذلك لا يجدى ،,,

وبلغه قول مسيلمة الكذاب ؛؛ إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته ، فذهب إليه وفى يده قطعة من جريد ، ثم قال له :- لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، والله إنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عنى ،,,
ثم انصرف وترك خطيبه ثابت بن قيس يكلمه ، وعاد الكذاب مع قومه إلى دياره باليمامة يفكر فى أمره ، حتى ساقه عقله لأمر عجيب ، فطلع على قومه معلنًا أنه قد أوتى النبوة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وأسمعهم كلامًا سخيفًا ، يزعم أنه أنزل عليه كقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم -
يقول فى بعضه :- لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين ضفاق وحشا .
وفى بعضه الآخر :- يا ضفدع بنت ضفدعين ، نق ما شئت أن تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين .
وقد أسماه قومه رحمان اليمامة إعزازًا وتقديرًا بضفدعهم ، الذى علا نقيقه ، وقد تمرغ فى الطين .
وبلغ الفجور بالأحمق أن بعث رسولين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يحملان كتابًا يقول فيه :- إنى أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر .
وقد قتل الكذاب فى زمن الصديق - رضى الله عنه - حين أراح وحشى بحربته المسلمين من إفكه الدنىء .

وفد بنى عامر بن صعصعة ،،،,

عامر بن الطفيل ، عدو الله الذى ارتبط اسمه بمأساة بئر معونة ، جاءه قومه يقولون :-
إن الناس قد أسلموا فأسلم ، فتآمر مع أربد بن قيس ، وقال له :- إذا قدمنا على الرجل ، فإنى سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعْلُه بالسيف ثم انطلقا مع خالد بن جعفر ، وجبار بن أسلم - وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم - ، ودخلوا جميعًا فى وفد بنى عامر ،,,

حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنفذ عامر الخبيث خطته ، وجعل يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - من أمامه ، وأربد من خلفه قد اخترط سيفه شبرًا ، إلا أنه لا يستطيع أن يسله لحبس الله ليده الغادرة ،,,
وهنا هدد عامر النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ،,,
فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
اللهم اكفنى عامر بن الطفيل

فلما رجعا أرسل الله صاعقة على أربد وجمله فأحرقته ، وأما عامر فقد أصيب بغدة فى عنقه ، وكان فى بيت امرأة سلولية ، فمات وهو يقول :- أغدة كغدة البعير ، وموتًا فى بيت السلولية .
وهكذا حرم نفسه فرصة الهداية مرة بعد مرة ، وفرصة التوبة بين يدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت نفسه غطرسة وكبرًا ، فأبى الله إلا أن يحرمه ، حتى فى ميتته بالدنيا .

وفد تجيب ,،،،

ساعات الزمان وأيامه ليست كلها عسرة ، والناس الذين تقابلهم على ألوان شتى ، ومن بين وفود العرب جاء وفد تجيب ، يسوق أمامه صدقات قومه مما فضل عن فقرائهم ، ثلاثة عشر رجلاً ، قدموا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، حتى إذا قضوا مأربهم هموا بالرحيل ولم يطيلوا اللبث ، ثم بعثوا غلامًا لهم كانوا قد خلفوه فى رحالهم ، حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يقول :-
والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لى ويرحمنى ، وأن يجعل غناى فى قلبى ،,,
فدعا له النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكان أقنع الناس ، وثبت فى الردة على الإسلام ، وذكر قومه ، ووعظهم فثبتوا عليه

1- وفد بنى تميم .
2- وفد بنى سعد .
3- وفد بنى زبيد .
4- وفد كندة . 5- وفد أزد .
6- وفد بنى الحارث .
7- وفد جذامة .
8- وفد عبد القيس .
9- وفد دوس .
10- وفد طىء .
11- وفد صداء .
12- قدوم كعب بن زهير .
13- وفد عذرة .
14- وفد بلى .
15- وفد ثقيف .
16- وفد اليمن .
17- وفد همدان .
18- وفد بنى فزارة .
19- وفد نجران .
20- وفد بنى حنيفة .
21- وفد بنى عامر بن صعصعة .
22- وفد تجيب .





رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:06 PM   المشاركة رقم: 17
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { حـجـة الـوداع } **

ماذا بقى من رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمت للإسلام أركانه ، وشيد بناؤه ، وأقيمت حدوده ؟
ماذا بقى بعد أن أصبح للإسلام أمة تجسد بسلوكها مبادئه وتفترش جزيرة العرب بأسرها ؟
ماذا بقى سوى أن يلتقى النبى بأتباعه فيأخذ منهم الشهادة على أنه بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ثم يودعهم بنظرة أخيرة ؟
ثم أين يكون مكان اللقاء إن لم يكن بمكة بلد الله الحرام ؟
وأى مناسبة إذًا أفضل من حج بيت الله حيث اجتماع المسلمين وإقامة الشعيرة التى هفا لها فؤاد المصطفى - صلى الله عليه وسلم ؟
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى ودع معاذًا حين أرسله إلى اليمن قائلاً :-
يا معاذ ، إنك عسى ألا تلقانى بعد عامى هذا
ولعلك أن تمر بمسجدى هذا وقبرى

إن محمدًا خاتم النبيين والمرسلين قد شعر أن رسالته شارفت على نهايتها ، وأن خاتمتها صارت قريبة ؛ فأعلن للناس بحجة ، وتهيأ لها ، ثم ارتحل قاصدًا مكة ، وبعد أن أقام جزءًا من شعيرته توجه إلى منى ، وفوق جبل النور كانت خطبته الخالدة التى حفظتها الصدور ، ووعتها العقول ،,,
وانطلق - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إلى المزدلفة، ثم عاد إلى مكة ؛ ليتم حجه ، ويرجع إلى مدينته المنورة فى ختام رحلته الأخيرة - صلى الله عليه وسلم - .

الإعلان والتهيؤ للحج ،,،،

ما إن أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عزمه على الحج ، حتى شهدت المدينة تقاطر أفواج من البشر ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى يوم السبت لأربع بقين من ذى القعدة ، تهيأ - صلى الله عليه وسلم - للرحيل فترجل وأدهن ، ولبس إزاره ورداءه ، وقلد بدنه ، وانطلق بعد الظهر ، سائرًا إلى مكة .

المسير لمكة ،,،،

شهدت ذو الحليفة وصول موكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصلى العصر ، وقد صلاها بها ركعتين ، ثم بات هناك حتى أصبح ،,, حيث قال لأصحابه :-
أتانى الليلة آت من ربى فقال :-
صل فى هذا الوادى المبارك وقل :- عمرة فى حجة ،،,

وقبل أن يصلى - صلى الله عليه وسلم - الظهر اغتسل لإحرامه ، وطيبته السيدة عائشة ، ثم لبس إزاره ورداءه ، وصلى الظهر ، وأهل فى مصلاه بالحج والعمرة وقرن بينهما .
ثم خرج فركب القصواء ، وواصل سيره حتى قرب من مكة ، فبات بذى الطوى ، ودخل مكة بعد أن صلى الفجر واغتسل من صباح الأحد لأربع ليال خلون من ذى الحجة سنة عشر من الهجرة ، ثم دخل المسجد الحرام ، وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، ونزل بأعلى مكة عند الحجون حيث أقام هناك .

التوجه لمنى ،,،،

توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى يوم التروية ، يوم الثامن من ذى الحجة إلى منى ، حيث صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فأتى بطن الوادى ليخطب فى الناس .

خطبة الحج ،,،،

يا له من مشهد مهيب !

نبى الله الخاتم ، يقف خطيبًا فى الناس ، وآذان مائة ألف وأربعة وعشرين أوأربعة وأربعين ألفًا من المسلمين ترهف سمعها لكلماته ، وعيونهم معلقة به أو متجهة نحوه ، وإنه لمشهد عجيب لحجيج العرب ، الذين ألفوا التصفيق والضجيج فى عبادتهم لا يسمع بينهم إلا صوت النبى - صلى الله عليه وسلم - أو صوت المبلغ عنه ربيعة - ربيعة بن أمية بن خلف - الذى كان أبوه يعذب بلالا ،,,
وتتالت كلمات محمد - صلى الله عليه وسلم - تخرج من فمه الشريف فتطهر القلوب وتغسل عنها أدرانها ، وتجلو الأبصار وتنير لها طريقها :-

أيها الناس ، اسمعوا قولى ، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، فى شهركم هذا ، فى بلدكم هذا ، ألا كل شىء من أمر الجاهلية تحت قدمى موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ،,
أيها الناس ، إنه لا نبى بعدى ، ولا أمة بعدكم ، ألا فاعبدوا ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، طيبة بها أنفسكم ، وتحجون بيت ربكم ، وأطيعوا أولات أمركم ، تدخلوا جنة ربكم ،,,
وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون ؟
فارتجت جنبات الوادى بقول المسلمين :- نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،,,
فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبابته إلى السماء قائلاً :- اللهم فاشهد ، يرددها ثلاث مرات .
ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نزل عليه قوله تعالى :-
( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتى ، ورضيت لكم الإسلام دينًا ) .

وهكذا تمت الرسالة التى أداها محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى المسلمين كاملة تامة ، وآن للأمة بأسرها ، ولكل مسلم بها أن يحملها كاملة غير منقوصة ،،،،
وانهمرت الدموع من عينى عمر بن الخطاب فقيل له :- ما يبكيك ؟
فأجاب :-
إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان ! فرحم الله عمر ، ما أثقب فهمه ، وأبعد نظره !

الذهاب إلى المزدلفة ،,،،

ما إن فرغت الخطبة ، حتى علا صوت بلال يملأ الآفاق بكلمات الآذان ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر معًا ، ثم ركب حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، ووقف حتى غربت الشمس ، ثم أردف خلفه أسامة ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :- (
أيها الناس عليكم السكينة ) ، وسار حتى أتى المزدلفة ، فصلى المغرب والعشاء بها ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلاه ، ثم ركب القصواء إلـى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، وأخذ فى الدعاء والتضرع ، والتكبير والتهليل والذكر ،,,

ثم تحرك من المزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس حتى أتى الجمرة الكبرى ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر بيده ، ثم أعطى عليًا فنحر سبعًا وثلاثين ، تمام المائة ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت فى قدر ، فطبخت ، وأكلا من لحمها وشربا من مرقها .

العودة لمكة ،,،،

ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت ، وصلى الظهر بمكة ثم أتى على بنى عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال :- انزعوا بنى عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوًا فشرب منه .

وخطب - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، عاشر ذى الحجة عند الضحى ، وهو على بغلة شهباء ، فنهاهم عن التلاعب بالشهور والأيام ، وأقرهم على ما صارت إليه أسماؤها ، وقال لهم :-

إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، فى بلدكم هذا ، فى شهركم هذا ، وقال :- ألا لا يجنى جان على نفسه ، ألا لا يجنى جان على ولده ، ولا مولود على والده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى بلدكم هذا أبدًا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به .
وسألهم :- ألا هل بلغت ؟
قالوا :- نعم .
قال :- اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع .

ثم أقام أيام التشريق بمنى يؤدى المناسك ، ويعلم الشعائر ، ويذكر الله ، وفى يوم النفر الثانى ، الثالث عشر من ذى الحجة نفر - صلى الله عليه وسلم - من منى ، فنزل بالأبطح ، وأقام هناك يومًا وليلة ، وصلى من الظهر إلى العشاء ، ثم رقد رقدة ، ركب بعدها إلى البيت فطاف به طواف الوداع والحق أن المرء ليتساءل :- ترى ما هذه الصور التى كانت تتراءى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالبيت ، بعد أن انتهت إليه إشارات تخبره بنهاية حياته ؟
أى معان تلك وأى ذكريات كانت تتزاحم فى عقله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر إلى الكعبة وساحتها ؟

ثم وهو يمر بدروب مكة التى شهدت طفولته وصباه كما شهدت فتوته وشبابه ، وزواجه من خديجة وتكليفه بالرسالة ، وما لاقاه فى هذه الدروب من صنوف الجهد والعناء ، لكن دور مكة التى كانت تحاك فيها المؤامرات والدسائس ، قد صارت الآن ترتج من دوى الذكر والتسبيح ، كما أن دروبها الطويلة قد عجت بالمهللين المكبرين .


الرجوع للمدينة ،,،،

انتهت شعائر الحج ، وآن لمحمد - صلى الله عليه وسلم - المجهد أن يعود مع صحابته إلى حضن الدعوة الدفىء : المدينة !
تلك البلدة المخلصة ، الطيب أهلها ، البلدة التى تشتاق كل نخلة بها ، بل وكل حصاة بأرضها ، إلى لقيا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - عاد محمد إلى مدينته ، عودة لا ارتحال بعدها ، لوصال لا انفصام بعده !

آخر البعوث ،,،،

عاد خاتم أولى العزم من الرسل إلى المدينة ؛ ليواجه مشكلة جديدة ، فالروم وكنيستها لا يعجبها دخول العرب المتاخمين لحدودها فى دين الله الحنيف ، وقد قرروا قتل كل عربى يدخل فى الإسلام ، وما كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الناس تظن أن الإسلام يجر عليهم الحتوف ، وأن الحق صار لا قوة له ،,,

فأخذ - صلى الله عليه وسلم - يجهز جيشًا كبيرًا فى صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والدارون من أرض فلسطين لإرهاب الروم ، وإعادة الثقة إلى العرب الضاربين على الحدود ، ولكن أزمة عارضة بدأ النبى - صلى الله عليه وسلم - يسمع خطوات مقدمها ، ولم تكن هذه المرة من خارج الحدود بل من داخل المدينة ، فقد ظهرت فى الأفق بوادر معارضة من المسلمين لإمارة أسامة ، واحتوى النبى - صلى الله عليه وسلم - هذه الأزمة فانتظم الجيش ، ونزل بالجرف على فرسخ من المدينة ، إلا أن أخبار مرض النبى - صلى الله عليه وسلم - قد جعلتهم يتمهلون فى الخروج ، فمكثوا حتى وفاته - صلى الله عليه وسلم - وكان خروجه فى أول خلافة أبى بكر الصديق .

معارضة المسلمين لإمارة أسامة ،,،،

دهش بعض المسلمين حين وجدوا أن الجيش الذى تضم صفوفه كبار المهاجرين والأنصار ، قد تأمّر عليه أسامة بن زيد ، الذى يصغر فى السن ، عن كثير من أبنائهم ، ووصلت همهماتهم إلى أذن النبى ، فأعادت إلى ذهنه ذكريات اعتراضهم على حبِّه زيد بن حارثة والد أسامة ، فخرج إليهم - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
إن تطعنوا فى إمارته ، فقد كنتم تطعنون فى إمارة أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة .

وهنا تلاشت همسات القوم ، وانصاعوا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتظموا فى جيش أسامة .
وإن الناظر لهذا الجيش وأميره ، لتحوطه معان شتى تجسد إهمال الإسلام للون والنسب فى المفاضلة بين الأفراد ، كما تجسد طاعة المسلمين لأوامر النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - وتظهر قوة المسلمين أمام عدوهم ، فلئن قتل زيد فإن ابنه قادم على جيش أكبر عددًا ، وكأن المسلمين بهذا أمواج بحر لا تنتهى ، كلما فنيت واحدة ، تلتها أخريات ، ثم هذه الاستهانة البالغة ، التى لن تخطئها أفهام الروم ، حين يرون المسلمين قد رموهم بجيش قائده فتى لم يتم العقد الثانى من عمره بعد ، وغير ذلك كله يبقى أسامة الفتى الحدث رمزًا لدين قادم ، يجدد بفتوته شباب البشرية بأسرها
!



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #17  
قديم 04-08-2012, 09:06 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم



نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


** { حـجـة الـوداع } **

ماذا بقى من رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمت للإسلام أركانه ، وشيد بناؤه ، وأقيمت حدوده ؟
ماذا بقى بعد أن أصبح للإسلام أمة تجسد بسلوكها مبادئه وتفترش جزيرة العرب بأسرها ؟
ماذا بقى سوى أن يلتقى النبى بأتباعه فيأخذ منهم الشهادة على أنه بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ثم يودعهم بنظرة أخيرة ؟
ثم أين يكون مكان اللقاء إن لم يكن بمكة بلد الله الحرام ؟
وأى مناسبة إذًا أفضل من حج بيت الله حيث اجتماع المسلمين وإقامة الشعيرة التى هفا لها فؤاد المصطفى - صلى الله عليه وسلم ؟
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى ودع معاذًا حين أرسله إلى اليمن قائلاً :-
يا معاذ ، إنك عسى ألا تلقانى بعد عامى هذا
ولعلك أن تمر بمسجدى هذا وقبرى

إن محمدًا خاتم النبيين والمرسلين قد شعر أن رسالته شارفت على نهايتها ، وأن خاتمتها صارت قريبة ؛ فأعلن للناس بحجة ، وتهيأ لها ، ثم ارتحل قاصدًا مكة ، وبعد أن أقام جزءًا من شعيرته توجه إلى منى ، وفوق جبل النور كانت خطبته الخالدة التى حفظتها الصدور ، ووعتها العقول ،,,
وانطلق - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إلى المزدلفة، ثم عاد إلى مكة ؛ ليتم حجه ، ويرجع إلى مدينته المنورة فى ختام رحلته الأخيرة - صلى الله عليه وسلم - .

الإعلان والتهيؤ للحج ،,،،

ما إن أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عزمه على الحج ، حتى شهدت المدينة تقاطر أفواج من البشر ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى يوم السبت لأربع بقين من ذى القعدة ، تهيأ - صلى الله عليه وسلم - للرحيل فترجل وأدهن ، ولبس إزاره ورداءه ، وقلد بدنه ، وانطلق بعد الظهر ، سائرًا إلى مكة .

المسير لمكة ،,،،

شهدت ذو الحليفة وصول موكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصلى العصر ، وقد صلاها بها ركعتين ، ثم بات هناك حتى أصبح ،,, حيث قال لأصحابه :-
أتانى الليلة آت من ربى فقال :-
صل فى هذا الوادى المبارك وقل :- عمرة فى حجة ،،,

وقبل أن يصلى - صلى الله عليه وسلم - الظهر اغتسل لإحرامه ، وطيبته السيدة عائشة ، ثم لبس إزاره ورداءه ، وصلى الظهر ، وأهل فى مصلاه بالحج والعمرة وقرن بينهما .
ثم خرج فركب القصواء ، وواصل سيره حتى قرب من مكة ، فبات بذى الطوى ، ودخل مكة بعد أن صلى الفجر واغتسل من صباح الأحد لأربع ليال خلون من ذى الحجة سنة عشر من الهجرة ، ثم دخل المسجد الحرام ، وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، ونزل بأعلى مكة عند الحجون حيث أقام هناك .

التوجه لمنى ،,،،

توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى يوم التروية ، يوم الثامن من ذى الحجة إلى منى ، حيث صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فأتى بطن الوادى ليخطب فى الناس .

خطبة الحج ،,،،

يا له من مشهد مهيب !

نبى الله الخاتم ، يقف خطيبًا فى الناس ، وآذان مائة ألف وأربعة وعشرين أوأربعة وأربعين ألفًا من المسلمين ترهف سمعها لكلماته ، وعيونهم معلقة به أو متجهة نحوه ، وإنه لمشهد عجيب لحجيج العرب ، الذين ألفوا التصفيق والضجيج فى عبادتهم لا يسمع بينهم إلا صوت النبى - صلى الله عليه وسلم - أو صوت المبلغ عنه ربيعة - ربيعة بن أمية بن خلف - الذى كان أبوه يعذب بلالا ،,,
وتتالت كلمات محمد - صلى الله عليه وسلم - تخرج من فمه الشريف فتطهر القلوب وتغسل عنها أدرانها ، وتجلو الأبصار وتنير لها طريقها :-

أيها الناس ، اسمعوا قولى ، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، فى شهركم هذا ، فى بلدكم هذا ، ألا كل شىء من أمر الجاهلية تحت قدمى موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ،,
أيها الناس ، إنه لا نبى بعدى ، ولا أمة بعدكم ، ألا فاعبدوا ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، طيبة بها أنفسكم ، وتحجون بيت ربكم ، وأطيعوا أولات أمركم ، تدخلوا جنة ربكم ،,,
وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون ؟
فارتجت جنبات الوادى بقول المسلمين :- نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،,,
فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبابته إلى السماء قائلاً :- اللهم فاشهد ، يرددها ثلاث مرات .
ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نزل عليه قوله تعالى :-
( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتى ، ورضيت لكم الإسلام دينًا ) .

وهكذا تمت الرسالة التى أداها محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى المسلمين كاملة تامة ، وآن للأمة بأسرها ، ولكل مسلم بها أن يحملها كاملة غير منقوصة ،،،،
وانهمرت الدموع من عينى عمر بن الخطاب فقيل له :- ما يبكيك ؟
فأجاب :-
إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان ! فرحم الله عمر ، ما أثقب فهمه ، وأبعد نظره !

الذهاب إلى المزدلفة ،,،،

ما إن فرغت الخطبة ، حتى علا صوت بلال يملأ الآفاق بكلمات الآذان ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر معًا ، ثم ركب حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، ووقف حتى غربت الشمس ، ثم أردف خلفه أسامة ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :- (
أيها الناس عليكم السكينة ) ، وسار حتى أتى المزدلفة ، فصلى المغرب والعشاء بها ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلاه ، ثم ركب القصواء إلـى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، وأخذ فى الدعاء والتضرع ، والتكبير والتهليل والذكر ،,,

ثم تحرك من المزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس حتى أتى الجمرة الكبرى ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر بيده ، ثم أعطى عليًا فنحر سبعًا وثلاثين ، تمام المائة ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت فى قدر ، فطبخت ، وأكلا من لحمها وشربا من مرقها .

العودة لمكة ،,،،

ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت ، وصلى الظهر بمكة ثم أتى على بنى عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال :- انزعوا بنى عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوًا فشرب منه .

وخطب - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، عاشر ذى الحجة عند الضحى ، وهو على بغلة شهباء ، فنهاهم عن التلاعب بالشهور والأيام ، وأقرهم على ما صارت إليه أسماؤها ، وقال لهم :-

إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، فى بلدكم هذا ، فى شهركم هذا ، وقال :- ألا لا يجنى جان على نفسه ، ألا لا يجنى جان على ولده ، ولا مولود على والده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى بلدكم هذا أبدًا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به .
وسألهم :- ألا هل بلغت ؟
قالوا :- نعم .
قال :- اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع .

ثم أقام أيام التشريق بمنى يؤدى المناسك ، ويعلم الشعائر ، ويذكر الله ، وفى يوم النفر الثانى ، الثالث عشر من ذى الحجة نفر - صلى الله عليه وسلم - من منى ، فنزل بالأبطح ، وأقام هناك يومًا وليلة ، وصلى من الظهر إلى العشاء ، ثم رقد رقدة ، ركب بعدها إلى البيت فطاف به طواف الوداع والحق أن المرء ليتساءل :- ترى ما هذه الصور التى كانت تتراءى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالبيت ، بعد أن انتهت إليه إشارات تخبره بنهاية حياته ؟
أى معان تلك وأى ذكريات كانت تتزاحم فى عقله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر إلى الكعبة وساحتها ؟

ثم وهو يمر بدروب مكة التى شهدت طفولته وصباه كما شهدت فتوته وشبابه ، وزواجه من خديجة وتكليفه بالرسالة ، وما لاقاه فى هذه الدروب من صنوف الجهد والعناء ، لكن دور مكة التى كانت تحاك فيها المؤامرات والدسائس ، قد صارت الآن ترتج من دوى الذكر والتسبيح ، كما أن دروبها الطويلة قد عجت بالمهللين المكبرين .


الرجوع للمدينة ،,،،

انتهت شعائر الحج ، وآن لمحمد - صلى الله عليه وسلم - المجهد أن يعود مع صحابته إلى حضن الدعوة الدفىء : المدينة !
تلك البلدة المخلصة ، الطيب أهلها ، البلدة التى تشتاق كل نخلة بها ، بل وكل حصاة بأرضها ، إلى لقيا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - عاد محمد إلى مدينته ، عودة لا ارتحال بعدها ، لوصال لا انفصام بعده !

آخر البعوث ،,،،

عاد خاتم أولى العزم من الرسل إلى المدينة ؛ ليواجه مشكلة جديدة ، فالروم وكنيستها لا يعجبها دخول العرب المتاخمين لحدودها فى دين الله الحنيف ، وقد قرروا قتل كل عربى يدخل فى الإسلام ، وما كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الناس تظن أن الإسلام يجر عليهم الحتوف ، وأن الحق صار لا قوة له ،,,

فأخذ - صلى الله عليه وسلم - يجهز جيشًا كبيرًا فى صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والدارون من أرض فلسطين لإرهاب الروم ، وإعادة الثقة إلى العرب الضاربين على الحدود ، ولكن أزمة عارضة بدأ النبى - صلى الله عليه وسلم - يسمع خطوات مقدمها ، ولم تكن هذه المرة من خارج الحدود بل من داخل المدينة ، فقد ظهرت فى الأفق بوادر معارضة من المسلمين لإمارة أسامة ، واحتوى النبى - صلى الله عليه وسلم - هذه الأزمة فانتظم الجيش ، ونزل بالجرف على فرسخ من المدينة ، إلا أن أخبار مرض النبى - صلى الله عليه وسلم - قد جعلتهم يتمهلون فى الخروج ، فمكثوا حتى وفاته - صلى الله عليه وسلم - وكان خروجه فى أول خلافة أبى بكر الصديق .

معارضة المسلمين لإمارة أسامة ،,،،

دهش بعض المسلمين حين وجدوا أن الجيش الذى تضم صفوفه كبار المهاجرين والأنصار ، قد تأمّر عليه أسامة بن زيد ، الذى يصغر فى السن ، عن كثير من أبنائهم ، ووصلت همهماتهم إلى أذن النبى ، فأعادت إلى ذهنه ذكريات اعتراضهم على حبِّه زيد بن حارثة والد أسامة ، فخرج إليهم - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
إن تطعنوا فى إمارته ، فقد كنتم تطعنون فى إمارة أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة .

وهنا تلاشت همسات القوم ، وانصاعوا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتظموا فى جيش أسامة .
وإن الناظر لهذا الجيش وأميره ، لتحوطه معان شتى تجسد إهمال الإسلام للون والنسب فى المفاضلة بين الأفراد ، كما تجسد طاعة المسلمين لأوامر النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - وتظهر قوة المسلمين أمام عدوهم ، فلئن قتل زيد فإن ابنه قادم على جيش أكبر عددًا ، وكأن المسلمين بهذا أمواج بحر لا تنتهى ، كلما فنيت واحدة ، تلتها أخريات ، ثم هذه الاستهانة البالغة ، التى لن تخطئها أفهام الروم ، حين يرون المسلمين قد رموهم بجيش قائده فتى لم يتم العقد الثانى من عمره بعد ، وغير ذلك كله يبقى أسامة الفتى الحدث رمزًا لدين قادم ، يجدد بفتوته شباب البشرية بأسرها
!




رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:07 PM   المشاركة رقم: 18
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم



** { وفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

ما أعجب هذا القلم ، حين يتردد الآن عن كتابة
وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -

ألم يكن يعلم منذ اللحظة الأولى ، التى بدأ فيها سرد حياته أنه مات ؟!

أم غاضب هو من هذا الموت الذى ظل وسيلتنا الوحيدة للقيا
الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ؟!


*-* يجتمع في شهر ربيع الأول أحداث ثلاثة وهي ,,,
مولد النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة ووفاته .

ولا ريب أن كلاً منها كان حدثاً مهمًّا في حياة المسلمين
لا بل وفي حياة الثقلين أجمعين .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لما أكمل الله الدين ، وأصبح له رجال تعهدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتربية، واستوى الأمر، واستقامت المحجة، أجرى الله على نبيه صلى الله عليه وسلم سنته الماضية في خلقه :-
{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة }
(آل عمران:185)

وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يودع الحياة بأقوال وأفعال دالة على ذلك

منها قوله في حجة الوداع:- ( إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ،
ومنها أيضا أن جبريل كان يدارسه القرآن مرة
وقد دارسه في العام الذي قبض فيه مرتين
ومنها نزول آية كمال الدين وتمامه
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }
(المائدة:3)
ومنها نزول سورة النصر { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } (النصر)

قال ابن عباس رضي الله عنه هي نعي للرسول صلى الله عليه وسلم فكل هذه الإشارات كانت تعنى دنو أجله صلى الله عليه وسلم .
لكن لعلها الذكرى تتجدد ، فتهيج بريحها العاصف أشواق اللقاء ، وهو أمر لا حيلة لنا معه !
إلا أن نذكر أن كلماته باقية حولنا ، وسننه ووصاياه وهديه بين أيدينا ، ثم وعده بوصال لا ينقطع ، فى جنة عرضها السماوات والأرض ، بادٍ أمام أعيننا ,,

وفي يوم الاثنين 19 صفر سنة 11 من الهجرة بدأه المرض ، وكان صداعاً حاداً منعه الحركة أول يوم ، و كان في بيت أم المؤمنين ميمونه ، شعر محمد - صلى الله عليه وسلم - بدنو أجله ، ولم يمض إلا قليل حتى داهمه المرض ؛ فلما اشتد به المرض استأذن زوجاته في أن يمرض في بيت أم المؤمنين عائشة فأذِنَّ له ، فخرج إلى بيت عائشة ورجلاه تخطان في الأرض من شدة المرض ، يساعده علي بن أبي طالب و الفضل بن عباس .

ولم يشغله مرضه عن المسلمين ، فأخذ يمهد لهم الأمر ، حتى يتهيئوا لوفاته ، ولا ينزعجوا لفراقه ، وفى هذه الساعات العصيبة ، لم ينس أيضًا - صلى الله عليه وسلم أن يودع عقول المسلمين وأفئدتهم وصاياه الأخيرة , فأمر أبا بكر أن يصلى بالناس ، وتخلص من آخر متاعه بالدنيا قبل يومه الأخير بليلة واحدة ، وهو اليوم الذى لم يرتفع فيه أذان الظهر ، إلا والمصطفى - صلى الله عليه وسلم - مُسَجَّىً فى فراشه قد أصابه الاحتضار .

وتسرب النبأ الأليم ، فجزع الصحابة ، وحزنوا حزنًا أضاق عليهم أفق المدينة ، وأظلم عليهم نورها ، وهم ما بين مسلم بالخبر ومحتسب ، ومنزعج للحدث غير مصدق ، كان موقف أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - ، والذى تجاوزاه لينشغلا ، بما يعتقدانه مراد محمد - صلى الله عليه وسلم - فى اجتماع كلمة المسلمين وأمرهم

فكان اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ، وهو العمل الذى سبق تجهيز النبى - صلى الله عليه وسلم - وتوديع جسده الشريف وبموته - صلى الله عليه وسلم - انقطع الوحى والنبوة عن الأرض ، لكن بقى سراجهما منيرًا للعالمين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يشعر بدنو الأجل ،،,،

إن قلبا زكيًا ، ونفسًا رقيقة كقلب محمد - صلى الله عليه وسلم - ونفسه ، لا يفوتهما قطعًا إشارات السماء ، فجبريل - عليه السلام - الذى كان يدارسه القرآن فى كل رمضان مرة ، دارسه فى هذا العام مرتين ، وفى أوسط أيام التشريق ، أنزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - سورة الفتح ، ففهم منها أن أجله قد دنا واقترب ، وقبل ذلك كله وبعده ، رسالته الخاتمة ، ألم تنته ؟ ففيم البقاء فى الدنيا بعد ؟!

بداية المرض وسم اليهوديه ،,،،

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:-
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت وارأساه.. فقال وأنا وارأساه . حديث وعند الدارمي بلفظ
رجع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع فوجدني وأنا أجد صداعا وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا يا عائشة وارأساه.. ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه .

بينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائدًا فى طريقه من جنازة شهدها بالبقيع ، فى اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إذ بصداع أليم يأخذ رأسه ، وقد اتقدت حرارته ، حتى إنها كانت تحس من فوق العصابة ، التى تعصب بها رأسه .
لكنه - صلى الله عليه وسلم - تحامل على نفسه وصلى بالناس مريضًا أحد عشر يومًا حتى أقعده المرض عن ذلك .

فإن تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بالسم الذي دسته له تلك المرأة ثابت كما يدل له الحديث:-
ما زالت أكلة خيبر تعاودني في كل عام ، حتى كان هذا أوان قطع أبهري.
رواه ابن السني وأبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع .

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : -
يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم .

قال ابن حجر في الفتح قوله:-
أجد ألم الطعام ، أي الألم الناشئ عن ذلك الأكل ، لا أن الطعام نفسه بقي إلى تلك الغاية .

وفي صحيح مسلم عن أنس:- أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك ،
فقالت :- أردت لأقتلك ،
قال :- ما كان الله ليسلطك على ذاك ،
قالوا :- ألا نقتلها ؟
قال :- لا ،
قال :- فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي المستدرك للحاكم أن أم مبشر وهي أم بشر بن البراء الذي أكل السم معه بخيبر قالت:-
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه ، فقلت :- بأبي أنت يا رسول الله ما تتهم بنفسك ، فإني لا أتهم بابني إلا الطعام الذي أكله معك بخيبر
وكان ابنها بشر بن البراء بن معرور مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- وأنا لا أتهم غيرها ، هذا أوان انقطاع أبهري .
والحديث صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي والألباني .

فى دار عائشة ،,،،

جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل أزواجه :- أين أنا غدًا ؟ أين أنا غدًا ؟

ففهمن مراده ، وعلمن أنه - وهو النبى العظيم - يستأذنهن ، فأذنَّ له أن يكون حيث يشاء فالمرض قد ثقل به ، ولن يستطيع أن ينتقل وهو بحاله تلك بين دور نسائه (( ميمونه )) ، وإلى دار عائشة بنت أبى بكر الحبيبة بنت الحبيب كان المسير .

يمشى - صلى الله عليه وسلم - بين الفضل بن عباس وعلى بن أبى طالب ، عاصبًا رأسه ، تخط قدماه ، حتى دخل بيتها ، فقضى به أسبوعه الأخير ، وهى - رضى الله عنها - تقرأ بالمعوذات والأدعية التى حفظتها عنه ، ثم تنفث على نفسه ، وتمسحه بيده رجاء البركة .

تمهيده الأمر للمسلمين وتوديع شهداء أحد ،,،،

بعد أن قال النبى - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع :- إنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ؟
وبعد أن أعاد قوله عليهم عند جمرة العقبة حين قال :- خذوا عنى مناسككم ، فلعلى لا أحج بعد عامى هذا .

خرج - صلى الله عليه وسلم - فى أوائل صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إلى أحد ، حيث مثوى شهداء المسلمين ، الذين قدموا كل شىء ، ثم ماتوا دون أن تنعم أعينهم بفرحة الفتح أو لمحة النصر ، وقف - صلى الله عليه وسلم - أمامهم مصليًا ، ثم انصرف إلى منبره فقال :-

إنى فرطكم ، وإنى شهيد عليكم ، وإنى والله لأنظر إلى حوضى الآن ، وإنى أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، وإنى والله ما أخاف أن تشركوا بعدى ، ولكنى أخاف عليكم أن تنافسوا فيها .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - فى إحدى ليالى صفر إلى البقيع ، مخاطبًا أهله بقوله :-
السلام عليكم يا أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم فيه ، مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى .
ثم بشرهم قائلاً :- إنا بكم للاحقون .
أما قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، فإنه قد صعد المنبر ، وخطب فى المسلمين يوصيهم ، ثم أردف قائلاً :-
إن عبدًا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده .
وهنا لم يتمالك أبو بكر نفسه ، فانفجر باكيًا ، وقال :-
فديناك بآبائنا وأمهاتنا ،,,
وتعجب الناس من بكاء الصديق ، الذى أدرك ببصيرته ، أنه - صلى الله عليه وسلم - هو المخير ، وأنه اختار اللحوق بالرفيق الأعلى .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وصاياه الأخيرة بخطبته الاخيرة ،,،،

قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، اتقدت حرارة العلة ببدنه ، واشتد به الوجع حتى غمى ،,,

فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزاره ، فقالت السيده عائشه :-
لم أر في حياتي أحد يتصبب عرقا بهذا الشكل .
فتقول :- كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها وجهه ، لأن يد النبي أكرم وأطيب من يدي .
وتسمعه يقول :- لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات

فتقول السيده عائشه :- فكثر اللغط أي الحديث في المسجد اشفاقا علي الرسول ,,
فقال النبي :- ماهذا ؟
فقالوا :- يارسول الله ، يخافون عليك .
فقال :- احملوني إليهم ... فأراد أن يقوم فما استطاع .
فقال :- هريقوا علىّ سبع قرب من آبار شتى ، حتى أخرج إلى الناس ، فأعهد إليهم .
فأقعدوه فى مخضب ، وصبوا عليه الماء ، حتى طفق يقول :- حسبكم ، حسبكم .

وشعر بخفة وخرج للناس وخطبهم ، معصوب الرأس وجلس على المنبر ، وعيون المسلمين معلقة به ، وأجسادهم كأنما تسمرت فى أماكنها ، ينصتون إلى ما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فى آخر وصاياه ،,,

*-* وكانت خطبته *-*

فقال النبي :- أيها الناس ، كأنكم تخافون علي ,,
فقالوا :- نعم يارسول الله .
فقال :- أيها الناس ، موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض .
والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا .
أيها الناس ، والله ما الفقر أخشي عليكم ، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ، فتهلككم كما أهلكتهم .

وطالعت عيناه وجوه الأنصار ، الذين ابتاعوا بدنياهم رجلاً فقيرا مطرودًا من بلده ، يسعى فى إثره أشاوس قومه وطغاتهم لثقتهم أنه نبى الله ،,,
فقال :- إن الناس يكثرون وتقل الأنصار ، حتى يكونوا كالملح فى الطعام ، فمن ولى منكم أمرًا ، يضر فيه أحدا أو ينفعه ، فليقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأعلمهم أنه اختار ما عند الله على زهرة الدنيا ،,,

ثم كان يشتد عليه الألم حتى يغمى عليه وعندما يفيق يقول:-
( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، لا تتخذوا قبرى بعدى وثنًا يعبد ، من كنت جلدت له ظهرًا ، فهذا ظهرى فليستقد منه ومن كانت له مظلمة عندي فليقتصها الآن مني ، ومن كان له شيء عليّ فليأخذه الآن .)


أهذا ما تخشاه يا محمد - صلى الله عليك وسلم - قبل أن ترحل عن الدنيا ؟ أن تكون ظلمت أحدًاً من الناس ، وأنت من حمل إليهم الخير كله ، وتحمل فى سبيل ذلك من العذاب ألوانًا !

ثم قال :- أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا علي الصلاه ، وظل يرددها ،,,
ثم قال :- أيها الناس ، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء ، اوصيكم بالنساء خيرا ,,
ثم قال :- أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ،,,
سيدنا أبوبكر هوالوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلي نحيبه ، ووقف وقاطع النبي وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا ، وظل يرددها ..

فعجب الناس من بكاء أبي بكر رضي الله عنه ، وكان قد فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمُخَيَّر هو رسول الله نفسه ،,,
فنظر الناس إلي أبوبكر ، كيف يقاطع النبي .. ؟؟
فأخذ النبي يدافع عن أبوبكر قائلا :-
أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا ...
*-* وهناك مقوله اخرى تقول *-*
فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه ونوه بفضله وقال : -
إن آمن الناس على فى صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لايبقين فى المسجد باب إلا سد ، إلا باب أبى بكر ،,,

وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم فقال :-
آواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ..
وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله ،,
قال :- أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه .

وحمل مرة أخري إلي بيته .

فعاد صلى الله عليه وسلم إلى فراشه واستند على عائشة رضي الله عنها ، وجعلت تتغشاه سكرات الموت.. و كان عبدالرحمن بن أبى بكر ، يدلف إلى حجرة عائشة وفى يده سواك له ، فنظر إلى سواكه محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى كانت رأسه الشريفة مستندة إلى صدر عائشة ، رأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك ،,,
فقلت :- آخذه لك ،,
فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه ،,
وقلت :- ألينه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم ، فلينته ..
وكانت تقول رضي الله عنها :- إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته ,,،

وفى اليوم التالى دخل عليه جمع من الصحابة وهو يتألم ، فأوصاهم عليه الصلاة والسلام بثلاثة :-

1 - إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،,
2 - إجازة الوفود بمثل ما كان يجيزهم ,,،
3 - وإنفاذ جيش أسامة إلى الروم ,,,

وأراد أن يكتب للمسلمين كتابًا لا يضلوا بعده ، لكن عمر قال :- قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبكم كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا ، فلما أكثروا اللغط قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - قوموا عنى .

أبو بكر يصلى بالناس ،,،،

أعلن بلال بصوته الرخيم غياب شمس الخميس ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى مع المسلمين آخر صلاة له معهم ، فقرأ فيها بـ ( والمرسلات عرفا ) ، وعند العشاء اشتد به المرض ،,,
وسأل عائشة :- أصلى الناس ؟
فقالت :- لا يا رسول الله ، وهم ينتظرونك ،
فأمرهم أن يضعوا له الماء ليغتسل ، ففعلوا ، واغتسل - صلى الله عليه وسلم - لكنه ما إن أراد القيام حتى أغمى عليه ، ثم أفاق واغتسل لكنه أغمى عليه مرة أخرى ، وأعاد ذلك ثالثًا فأغمى عليه أيضًا

فلما أفاق - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى أبى بكر أن يصلى بالناس ، فصلى بهم - رضى الله عنه - تلك الأيام سبع عشرة صلاة فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وقبل يوم أو يومين من وفاته ، وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى نفسه خفة ، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلى بالناس ، فجلس إلى يساره ، فكان أبو بكر يقتدى بصلاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسمع الناس التكبير .

ولم تكن مصادفة أن يأمر - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالصلاة ، لكنه مع رغبته فى ترك أمر المسلمين لأنفسهم ، ليكون شورى بينهم ، أراد أن يشير إليهم من طرف خفى إلى من يراه ملائمًا لخلافته ؛ ولذا فإن عائشة حين راجعته ثلاث أو أربع مرات ليصرف عن أبى بكر الإمامة ، حتى لا يتشائم الناس منه ، أبى وقال لها :-
إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس .

التخلص من آخر المتاع ،،,،

بقى من الزمن يوم واحد ، ويغادر محمد - صلى الله عليه وسلم - دنيا الناس إلى جنات ربه ، وأدارالرسول - صلى الله عليه وسلم - بصره فى حجرته البسيطة ، فوقعت عيناه على متاعه من الدنيا ، ممتلكات نبى آخر الزمان ، من بلغت حدود دولته بلاد الفرس والروم ، ودانت له جزيرة العرب بأطرافها ، فماذا وجد ؟

غلمانًا كان أحن عليهم من والد ، وسبعة دنانير ، وعدة حربه من السلاح ، فأعتق الغلمان ، وتصدق بالدنانير ، ووهب سلاحه للمسلمين .
وفى الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها ، وكانت درعه مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعًا من الشعير .



** { الـيـوم الأخـيـر !!!!!! الإحتضار !!!!!! } **

فإن قصة احتضار رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته وملخصها ؛؛؛

فحين ارتفع الضحى ،,,

بينما الناس في صلاتهم خلف أبي بكر - كما أمر بذلك صلى الله عليه وسلم - إذ بالستر الفاصل بين حجرة عائشة والمسجد يرفع ، وبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة فتبسم ..
فرجع أبو بكر إلى الصف ظناً منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة .. وكاد المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ..
وانصرف الناس بعد الصلاة وهم يظنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شفي وعوفي من مرضه ، ولكن تبين أنها كانت نظرة تفقد ووداع .

دعا محمد - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ابنته ،,
فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام
لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه ,,,
فقال النبي ( ادنو مني يا فاطمه ) : -
فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر ,,,
فلما بكت قال لها النبي ( ادنو مني يا فاطمه )
فحدثها مره أخري ثم سارّها بشىء فضحكت ! ،,,

بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي ، فقالت :-
قال لي في المره الأولي ( يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ،,,
فلما وجدني أبكي قال : - ( يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت .

وغشيه - صلى الله عليه وسلم - كرب شديد مما يجد ،,,
فقالت فاطمة متأوهة :- واكرب أباه ،,,
فأجابها :- ليس على أبيك كرب بعد اليوم ،,,

ودعا الحسن والحسين فقبلهما ، وأوصى بهما خيرًا ، ثم دعا أزواجه فوعظهن وذكرهن ،,,

ثم قال النبي : - ( أخرجوا من عندي في البيت )
وقال : - ( ادنو مني يا عائشه ) !!!!

وأخذ الوجع يشتد ويزيد عليه فقال لعائشة :-
ما أزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم ، وكانت آخر وصاياه ، التى أخذ يرددها مرارًا الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم .

فنام النبي علي صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء ويقول : -
( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي ) ..
تقول السيده عائشه : فعرفت أنه يخير ...

سيدنا جبريل دخل علي النبي وقال :-
يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك .
فقال النبي : - ( إءذن له يا جبريل )

فدخل ملك الموت علي النبي وقال :-
السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله .
فقال النبي : - ( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي )

ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال :-
أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان ..

تقول السيده عائشه :-
فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات ... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله .
تقول :- فانفجر المسجد بالبكاء .

حزن الصحابة ،,،،

يا أبتاه ~ أجاب ربًا دعاه
يا أبتاه ~ من جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه ~ إلى جبريل ننعاه

خرجت هذه الكلمات الحارة من صدر فاطمة بنت محمد ، لتتسلل إلى أسماع صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - فتعتصر قلوبهم ألمًا ، مات الحبيب ، الذى عرفوا الحق على يديه ، ألفوا سماع حديثه ، ورؤياه ماشيًا تارة ومتبسمًا أخرى ، ومفكرًا أو مجاهدًا مرات سواها ، تعودوا رؤية سيد الخلق ، مثال السمو البشرى ، من وسع صدره همومهم ، وقلبه حبهم ، من ملأ دنياهم ، وأنار آخرتهم ، حين ترك فيهم ما لا يضلوا بعده أبدًا كتاب الله وسنته - صلى الله عليه وسلم - ،,,
حزن الصحابة حزنًا ، أظلم على المدينة دروبها التى شهدت مسيره ، ولعلها الآن حين تحتضن جثمانه فى صعيدها الطيب الطاهر ، تجد العزاء .

أما صحابته - صلى الله عليه وسلم - فإن عزاءهم وعزاء أتباعه - صلى الله عليه وسلم - فى متابعة طريق شقه فى الدنيا ، جزاء السائر فيه ، لقيا حبيبه فى الجنة .

موقفا أبى بكر وعمر من الوفاة ،,،،

خفق قلب أبى بكر حين وصله النبأ الحزين ، وساءل نفسه :-
هل انتهت رحلتى الطويلة مع نبيى محمد ؟
وخرج أبو بكر من بيته ، ثم وضع جسده المتعب فوق ظهر فرسه ، وغدا إلى المسجد لا يدرى ، أينهز فرسه فيفجع برؤيا حبيبه وقد فارقته الحياة ؟
أم يكفها فيبقى بعيدًا عن روح قلبه ومفتداه ؟!

واستسلم أبو بكر لمسير فرسه ، تحمله إلى حيث يلقاه ، فلما انتهت إلى المسجد ، نزل عنها ولم يكلم أحدًا ، حتى دخل على عائشة ابنته ، فقصد بخطوات لا تقوى على حمله إلى فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونظر إليه بعينين حانيتين وهو يراه مسجىً لأول مرة ، وامتدت يداه لأطراف الثوب ، فالتقطها بأنامله ، وكشف عن أحب الوجوه إليه ، فلما رآه ، لم يتمالك نفسه ، فأكب عليه ، يقبله ويبكى بكاءً حارًا متصلاً ، لعله ينفث عن جمرات اتقدت فى صدره الحزين ,,،

وكان أثبت الناس أبوبكر الصديق رضي الله عنه قال :-
وآآآ خليلاه ، وآآآ صفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه .
وقبل النبي وقال :- طبت حيا وطبت ميتا يا رسول الله .

وتمتم يقول ودموعه قد غطت وجهه :- بأبى أنت وأمى ، لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متها ، إنها الحقيقة التى علمه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يواجهها ويعاملها ، وإنه القدر الذى تعلم من نبيه كيف يستسلم له ، وخرج أبو بكر من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نفض عن وجهه ملامح الجزع ، وأبرقت عيناه ثقة وحزمًا .

وها هو عمر بن الخطاب ، يرفض قلبه الدافق بحب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يستسلم لهذا الخبر ، فوقف صائحًا :-
إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفى ، وإن رسول الله ما مات ، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، ووالله ، ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات .

وأراد أبو بكر أن يجلس عمر فأبى ، لكن الناس أقبلوا على الصديق يستمعون ,
فقال لهم :-
أما بعد ، من كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حى لا يموت ، قال الله :- ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزى الله الشاكرين ) .
وهنا استقر أمر المسلمين ، لكنْ هوى عمر إلى الأرض ،
وعلم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد مات .

اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ،,،،

اجتمع كثير من المسلمين فى سقيفة بنى ساعدة ، وجرى بينهم خلاف فى أمر الخلافة ، وتبادل القوم النقاش والجدال بين المهاجرين والأنصار ، وأصبح لزامًا على الصحابيين الكبيرين ، أبى بكر وعمر أن يدركا المسلمين فى سقيفتهم ، ودخل أبو بكر فأبدى رأيه فى تقديم قريش على من سواها حفاظًا على وحدة العرب ، ثم رفع يدى عمر وأبى عبيدة ليختار المسلمون بينهما ، لكن المسلمين ظلوا يتجادلون دون حسم لأمرهم أو اختيارهم ، وهنا بادر عمر القوم ، فسأل أبا بكر أن يبسط يده ، فبسطها ، فبايعه عمر ، فتزاحم المسلمون على أبى بكر يبايعونه وقد مضى فى ذلك بقية يوم الإثنين حتى دخل الليل وشغل الناس عن جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى اليوم الثانى .

التجهيز وتوديع الجسد الشريف ،،,،

آن للجسد الذى حرك صاحبه الدنيا بأسرها ، فأسقط عروش الظلم والجاهلية بها ، وأنار جوانبها ، وترك فيها حركة قوية من دين متجدد إلى يوم الساعة - آن لهذا الجسد أن يسكن ويستريح ، وآن له أن يعود إلى منشئه ، التراب ! .

قالت عائشة رضي الله عنها :-
لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قالوا :- والله ، ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه ؟
فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره
ثم كلمهم مكلِّم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه ،,,,
فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم ،,,
وكانت عائشة تقول :-
( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه )

أقبل العباس وابناه الفضل وقثم يقلبان جسده - صلى الله عليه وسلم - ويصب الماء عليه دون أن يجرده من ثيابه أسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وكان الذى يغسله على بن أبى طالب , وأسنده أوس بن خولى إلى صدره

وانتهى الغسل فكفنوه - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاثة أثواب بيض ، ثم حفروا تحت فراشه لحدًا ، ليكون له - صلى الله عليه وسلم - قبرًا ، ودخل الناس أرسالاً عشرة فعشرة ، يصلون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يؤمهم أحد ، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته ، ثم المهاجرون ، ثم الأنصار وصلت عليه النساء بعد الرجال ، ثم صلى عليه الصبيان ،،

وعن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قال :- كأني أنظر إليهم أربعة .
قال ابن إسحاق :- " وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "

ومضى فى ذلك يوم الثلاثاء كاملاً ، حتى دخلت ليلة الأربعاء ، وما انتهى الصحابة من دفنه - صلى الله عليه وسلم - إلا فى جوف ليلة الأربعاء .

وهكذا غادر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا إلى النعيم المقيم
والرفيق الأعلى بعد أن أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة ، ونصح الأمة
وتركنا على المحجة البيضاء , نعتصم فيها بالقرآن المحفوظ ، والسنة الشريفة
وعمل الخلفاء الراشدين المهديين فاللهم صل وسلم وبارك عليه ،
واجزه عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته , وشفعه فينا يا رب العالمين

** { خمسة محاولات فاشلة لسرقة جثمان الرسول الامين } **

المحاوله الأولى

في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي
حيث أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلى مصر لجذب الناس إليها بدلا من المدينة ، وقاتلهم أهلها وفي اليوم التالي أرسل الله ريحا للمدينة تكاد الأرض تزلزل من قوتها مما منع البغاة من مقصدهم .

المحاوله الثانية

في عهد نفس الخليفة العبيدي
حيث أرسل من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلى القبر ، وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش ، ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم .
ومن الجدير بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله ادعى الألوهية سنة 408 هـ .

المحاوله الثالثة

مخطط من ملوك النصارى
ونفذت بواسطة اثنان من النصارى المغاربة ، وحمى الله جسد نبيه ، بأن رأى القائد نور الدين زنكي النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول أنجدني ، أنقذني من هذين الرجلين ،,,

ففزع القائد من منامه ، وجمع القضاة وأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة ، ووصل إليها حاملاً الأموال إلى أهلها وجمع الناس وأعطاهم الهدايا بعد أن دونت أسمائهم ولم يرى الرجلين !
وعندما سأل :- هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة ؟
قالوا لا ،
قال :- تفكروا وتأملوا ،
فقالوا لم يبق أحد إلا رجلين مغاربة وهما صالحان غنيّان يكثران من الصدقة ،
فانشرح صدره وأمر بهما ، فرآهما نفس الرجلين الذين في منامه ,,
وسألهما " من أين أنتما ؟ "
قالا : - حجاج من بلاد المغرب ،
قال :- أصدقاني القول ،
فصمما على ذلك ,,
فسأل عن منزلهما وعندما ذهب إلى هناك لم يجد سوى أموال وكتباً في الرقائق ، وعندما رفع الحصير وجد نفقا موصلا إلى الحجرة الشريفة ، فارتاعت الناس وبعد ضربهما اعترفا بمخطط ملوك النصارى ، وأنهما قبل بلوغهما القبر ، حصلت رجفة في الأرض ، فقتلا عند الحجرة الشريفة .

المحاوله الرابعة

جملة من النصارى
جملة من النصارى سرقوا ونهبوا قوافل الحجيج ، وعزموا على نبش القبر وتحدثوا وجهروا بنياتهم وركبوا البحر واتجهوا للمدينة ، فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية تبعوهم وأخذوهم عن أخرهم ، وأسروا ووزعوا في بلاد المسلمين .

المحاوله الخامسة

بنية نبش
كانت بنية نبش قبر أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه .
وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة ، وحدث أن وصل أربعون رجلا لنبش القبر ليلا فانشقت الأرض وابتلعتهم وأبلغنا بهذا خادم الحرم النبوي آن ذاك وهو صواب الشمس الملطي .



عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 04-08-2012, 09:07 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم



** { وفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

ما أعجب هذا القلم ، حين يتردد الآن عن كتابة
وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -

ألم يكن يعلم منذ اللحظة الأولى ، التى بدأ فيها سرد حياته أنه مات ؟!

أم غاضب هو من هذا الموت الذى ظل وسيلتنا الوحيدة للقيا
الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ؟!


*-* يجتمع في شهر ربيع الأول أحداث ثلاثة وهي ,,,
مولد النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة ووفاته .

ولا ريب أن كلاً منها كان حدثاً مهمًّا في حياة المسلمين
لا بل وفي حياة الثقلين أجمعين .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

لما أكمل الله الدين ، وأصبح له رجال تعهدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتربية، واستوى الأمر، واستقامت المحجة، أجرى الله على نبيه صلى الله عليه وسلم سنته الماضية في خلقه :-
{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة }
(آل عمران:185)

وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يودع الحياة بأقوال وأفعال دالة على ذلك

منها قوله في حجة الوداع:- ( إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ،
ومنها أيضا أن جبريل كان يدارسه القرآن مرة
وقد دارسه في العام الذي قبض فيه مرتين
ومنها نزول آية كمال الدين وتمامه
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }
(المائدة:3)
ومنها نزول سورة النصر { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } (النصر)

قال ابن عباس رضي الله عنه هي نعي للرسول صلى الله عليه وسلم فكل هذه الإشارات كانت تعنى دنو أجله صلى الله عليه وسلم .
لكن لعلها الذكرى تتجدد ، فتهيج بريحها العاصف أشواق اللقاء ، وهو أمر لا حيلة لنا معه !
إلا أن نذكر أن كلماته باقية حولنا ، وسننه ووصاياه وهديه بين أيدينا ، ثم وعده بوصال لا ينقطع ، فى جنة عرضها السماوات والأرض ، بادٍ أمام أعيننا ,,

وفي يوم الاثنين 19 صفر سنة 11 من الهجرة بدأه المرض ، وكان صداعاً حاداً منعه الحركة أول يوم ، و كان في بيت أم المؤمنين ميمونه ، شعر محمد - صلى الله عليه وسلم - بدنو أجله ، ولم يمض إلا قليل حتى داهمه المرض ؛ فلما اشتد به المرض استأذن زوجاته في أن يمرض في بيت أم المؤمنين عائشة فأذِنَّ له ، فخرج إلى بيت عائشة ورجلاه تخطان في الأرض من شدة المرض ، يساعده علي بن أبي طالب و الفضل بن عباس .

ولم يشغله مرضه عن المسلمين ، فأخذ يمهد لهم الأمر ، حتى يتهيئوا لوفاته ، ولا ينزعجوا لفراقه ، وفى هذه الساعات العصيبة ، لم ينس أيضًا - صلى الله عليه وسلم أن يودع عقول المسلمين وأفئدتهم وصاياه الأخيرة , فأمر أبا بكر أن يصلى بالناس ، وتخلص من آخر متاعه بالدنيا قبل يومه الأخير بليلة واحدة ، وهو اليوم الذى لم يرتفع فيه أذان الظهر ، إلا والمصطفى - صلى الله عليه وسلم - مُسَجَّىً فى فراشه قد أصابه الاحتضار .

وتسرب النبأ الأليم ، فجزع الصحابة ، وحزنوا حزنًا أضاق عليهم أفق المدينة ، وأظلم عليهم نورها ، وهم ما بين مسلم بالخبر ومحتسب ، ومنزعج للحدث غير مصدق ، كان موقف أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - ، والذى تجاوزاه لينشغلا ، بما يعتقدانه مراد محمد - صلى الله عليه وسلم - فى اجتماع كلمة المسلمين وأمرهم

فكان اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ، وهو العمل الذى سبق تجهيز النبى - صلى الله عليه وسلم - وتوديع جسده الشريف وبموته - صلى الله عليه وسلم - انقطع الوحى والنبوة عن الأرض ، لكن بقى سراجهما منيرًا للعالمين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يشعر بدنو الأجل ،،,،

إن قلبا زكيًا ، ونفسًا رقيقة كقلب محمد - صلى الله عليه وسلم - ونفسه ، لا يفوتهما قطعًا إشارات السماء ، فجبريل - عليه السلام - الذى كان يدارسه القرآن فى كل رمضان مرة ، دارسه فى هذا العام مرتين ، وفى أوسط أيام التشريق ، أنزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - سورة الفتح ، ففهم منها أن أجله قد دنا واقترب ، وقبل ذلك كله وبعده ، رسالته الخاتمة ، ألم تنته ؟ ففيم البقاء فى الدنيا بعد ؟!

بداية المرض وسم اليهوديه ،,،،

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:-
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت وارأساه.. فقال وأنا وارأساه . حديث وعند الدارمي بلفظ
رجع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع فوجدني وأنا أجد صداعا وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا يا عائشة وارأساه.. ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه .

بينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائدًا فى طريقه من جنازة شهدها بالبقيع ، فى اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إذ بصداع أليم يأخذ رأسه ، وقد اتقدت حرارته ، حتى إنها كانت تحس من فوق العصابة ، التى تعصب بها رأسه .
لكنه - صلى الله عليه وسلم - تحامل على نفسه وصلى بالناس مريضًا أحد عشر يومًا حتى أقعده المرض عن ذلك .

فإن تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بالسم الذي دسته له تلك المرأة ثابت كما يدل له الحديث:-
ما زالت أكلة خيبر تعاودني في كل عام ، حتى كان هذا أوان قطع أبهري.
رواه ابن السني وأبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع .

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : -
يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم .

قال ابن حجر في الفتح قوله:-
أجد ألم الطعام ، أي الألم الناشئ عن ذلك الأكل ، لا أن الطعام نفسه بقي إلى تلك الغاية .

وفي صحيح مسلم عن أنس:- أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك ،
فقالت :- أردت لأقتلك ،
قال :- ما كان الله ليسلطك على ذاك ،
قالوا :- ألا نقتلها ؟
قال :- لا ،
قال :- فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي المستدرك للحاكم أن أم مبشر وهي أم بشر بن البراء الذي أكل السم معه بخيبر قالت:-
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه ، فقلت :- بأبي أنت يا رسول الله ما تتهم بنفسك ، فإني لا أتهم بابني إلا الطعام الذي أكله معك بخيبر
وكان ابنها بشر بن البراء بن معرور مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- وأنا لا أتهم غيرها ، هذا أوان انقطاع أبهري .
والحديث صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي والألباني .

فى دار عائشة ،,،،

جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل أزواجه :- أين أنا غدًا ؟ أين أنا غدًا ؟

ففهمن مراده ، وعلمن أنه - وهو النبى العظيم - يستأذنهن ، فأذنَّ له أن يكون حيث يشاء فالمرض قد ثقل به ، ولن يستطيع أن ينتقل وهو بحاله تلك بين دور نسائه (( ميمونه )) ، وإلى دار عائشة بنت أبى بكر الحبيبة بنت الحبيب كان المسير .

يمشى - صلى الله عليه وسلم - بين الفضل بن عباس وعلى بن أبى طالب ، عاصبًا رأسه ، تخط قدماه ، حتى دخل بيتها ، فقضى به أسبوعه الأخير ، وهى - رضى الله عنها - تقرأ بالمعوذات والأدعية التى حفظتها عنه ، ثم تنفث على نفسه ، وتمسحه بيده رجاء البركة .

تمهيده الأمر للمسلمين وتوديع شهداء أحد ،,،،

بعد أن قال النبى - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع :- إنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ؟
وبعد أن أعاد قوله عليهم عند جمرة العقبة حين قال :- خذوا عنى مناسككم ، فلعلى لا أحج بعد عامى هذا .

خرج - صلى الله عليه وسلم - فى أوائل صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إلى أحد ، حيث مثوى شهداء المسلمين ، الذين قدموا كل شىء ، ثم ماتوا دون أن تنعم أعينهم بفرحة الفتح أو لمحة النصر ، وقف - صلى الله عليه وسلم - أمامهم مصليًا ، ثم انصرف إلى منبره فقال :-

إنى فرطكم ، وإنى شهيد عليكم ، وإنى والله لأنظر إلى حوضى الآن ، وإنى أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، وإنى والله ما أخاف أن تشركوا بعدى ، ولكنى أخاف عليكم أن تنافسوا فيها .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - فى إحدى ليالى صفر إلى البقيع ، مخاطبًا أهله بقوله :-
السلام عليكم يا أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم فيه ، مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى .
ثم بشرهم قائلاً :- إنا بكم للاحقون .
أما قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، فإنه قد صعد المنبر ، وخطب فى المسلمين يوصيهم ، ثم أردف قائلاً :-
إن عبدًا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده .
وهنا لم يتمالك أبو بكر نفسه ، فانفجر باكيًا ، وقال :-
فديناك بآبائنا وأمهاتنا ،,,
وتعجب الناس من بكاء الصديق ، الذى أدرك ببصيرته ، أنه - صلى الله عليه وسلم - هو المخير ، وأنه اختار اللحوق بالرفيق الأعلى .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وصاياه الأخيرة بخطبته الاخيرة ،,،،

قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، اتقدت حرارة العلة ببدنه ، واشتد به الوجع حتى غمى ،,,

فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزاره ، فقالت السيده عائشه :-
لم أر في حياتي أحد يتصبب عرقا بهذا الشكل .
فتقول :- كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها وجهه ، لأن يد النبي أكرم وأطيب من يدي .
وتسمعه يقول :- لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات

فتقول السيده عائشه :- فكثر اللغط أي الحديث في المسجد اشفاقا علي الرسول ,,
فقال النبي :- ماهذا ؟
فقالوا :- يارسول الله ، يخافون عليك .
فقال :- احملوني إليهم ... فأراد أن يقوم فما استطاع .
فقال :- هريقوا علىّ سبع قرب من آبار شتى ، حتى أخرج إلى الناس ، فأعهد إليهم .
فأقعدوه فى مخضب ، وصبوا عليه الماء ، حتى طفق يقول :- حسبكم ، حسبكم .

وشعر بخفة وخرج للناس وخطبهم ، معصوب الرأس وجلس على المنبر ، وعيون المسلمين معلقة به ، وأجسادهم كأنما تسمرت فى أماكنها ، ينصتون إلى ما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فى آخر وصاياه ،,,

*-* وكانت خطبته *-*

فقال النبي :- أيها الناس ، كأنكم تخافون علي ,,
فقالوا :- نعم يارسول الله .
فقال :- أيها الناس ، موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض .
والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا .
أيها الناس ، والله ما الفقر أخشي عليكم ، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ، فتهلككم كما أهلكتهم .

وطالعت عيناه وجوه الأنصار ، الذين ابتاعوا بدنياهم رجلاً فقيرا مطرودًا من بلده ، يسعى فى إثره أشاوس قومه وطغاتهم لثقتهم أنه نبى الله ،,,
فقال :- إن الناس يكثرون وتقل الأنصار ، حتى يكونوا كالملح فى الطعام ، فمن ولى منكم أمرًا ، يضر فيه أحدا أو ينفعه ، فليقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأعلمهم أنه اختار ما عند الله على زهرة الدنيا ،,,

ثم كان يشتد عليه الألم حتى يغمى عليه وعندما يفيق يقول:-
( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، لا تتخذوا قبرى بعدى وثنًا يعبد ، من كنت جلدت له ظهرًا ، فهذا ظهرى فليستقد منه ومن كانت له مظلمة عندي فليقتصها الآن مني ، ومن كان له شيء عليّ فليأخذه الآن .)


أهذا ما تخشاه يا محمد - صلى الله عليك وسلم - قبل أن ترحل عن الدنيا ؟ أن تكون ظلمت أحدًاً من الناس ، وأنت من حمل إليهم الخير كله ، وتحمل فى سبيل ذلك من العذاب ألوانًا !

ثم قال :- أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا علي الصلاه ، وظل يرددها ،,,
ثم قال :- أيها الناس ، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء ، اوصيكم بالنساء خيرا ,,
ثم قال :- أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ،,,
سيدنا أبوبكر هوالوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلي نحيبه ، ووقف وقاطع النبي وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا ، وظل يرددها ..

فعجب الناس من بكاء أبي بكر رضي الله عنه ، وكان قد فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمُخَيَّر هو رسول الله نفسه ،,,
فنظر الناس إلي أبوبكر ، كيف يقاطع النبي .. ؟؟
فأخذ النبي يدافع عن أبوبكر قائلا :-
أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا ...
*-* وهناك مقوله اخرى تقول *-*
فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه ونوه بفضله وقال : -
إن آمن الناس على فى صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لايبقين فى المسجد باب إلا سد ، إلا باب أبى بكر ،,,

وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم فقال :-
آواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ..
وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله ،,
قال :- أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه .

وحمل مرة أخري إلي بيته .

فعاد صلى الله عليه وسلم إلى فراشه واستند على عائشة رضي الله عنها ، وجعلت تتغشاه سكرات الموت.. و كان عبدالرحمن بن أبى بكر ، يدلف إلى حجرة عائشة وفى يده سواك له ، فنظر إلى سواكه محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى كانت رأسه الشريفة مستندة إلى صدر عائشة ، رأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك ،,,
فقلت :- آخذه لك ،,
فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه ،,
وقلت :- ألينه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم ، فلينته ..
وكانت تقول رضي الله عنها :- إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته ,,،

وفى اليوم التالى دخل عليه جمع من الصحابة وهو يتألم ، فأوصاهم عليه الصلاة والسلام بثلاثة :-

1 - إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،,
2 - إجازة الوفود بمثل ما كان يجيزهم ,,،
3 - وإنفاذ جيش أسامة إلى الروم ,,,

وأراد أن يكتب للمسلمين كتابًا لا يضلوا بعده ، لكن عمر قال :- قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبكم كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا ، فلما أكثروا اللغط قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - قوموا عنى .

أبو بكر يصلى بالناس ،,،،

أعلن بلال بصوته الرخيم غياب شمس الخميس ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى مع المسلمين آخر صلاة له معهم ، فقرأ فيها بـ ( والمرسلات عرفا ) ، وعند العشاء اشتد به المرض ،,,
وسأل عائشة :- أصلى الناس ؟
فقالت :- لا يا رسول الله ، وهم ينتظرونك ،
فأمرهم أن يضعوا له الماء ليغتسل ، ففعلوا ، واغتسل - صلى الله عليه وسلم - لكنه ما إن أراد القيام حتى أغمى عليه ، ثم أفاق واغتسل لكنه أغمى عليه مرة أخرى ، وأعاد ذلك ثالثًا فأغمى عليه أيضًا

فلما أفاق - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى أبى بكر أن يصلى بالناس ، فصلى بهم - رضى الله عنه - تلك الأيام سبع عشرة صلاة فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وقبل يوم أو يومين من وفاته ، وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى نفسه خفة ، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلى بالناس ، فجلس إلى يساره ، فكان أبو بكر يقتدى بصلاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسمع الناس التكبير .

ولم تكن مصادفة أن يأمر - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالصلاة ، لكنه مع رغبته فى ترك أمر المسلمين لأنفسهم ، ليكون شورى بينهم ، أراد أن يشير إليهم من طرف خفى إلى من يراه ملائمًا لخلافته ؛ ولذا فإن عائشة حين راجعته ثلاث أو أربع مرات ليصرف عن أبى بكر الإمامة ، حتى لا يتشائم الناس منه ، أبى وقال لها :-
إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس .

التخلص من آخر المتاع ،،,،

بقى من الزمن يوم واحد ، ويغادر محمد - صلى الله عليه وسلم - دنيا الناس إلى جنات ربه ، وأدارالرسول - صلى الله عليه وسلم - بصره فى حجرته البسيطة ، فوقعت عيناه على متاعه من الدنيا ، ممتلكات نبى آخر الزمان ، من بلغت حدود دولته بلاد الفرس والروم ، ودانت له جزيرة العرب بأطرافها ، فماذا وجد ؟

غلمانًا كان أحن عليهم من والد ، وسبعة دنانير ، وعدة حربه من السلاح ، فأعتق الغلمان ، وتصدق بالدنانير ، ووهب سلاحه للمسلمين .
وفى الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها ، وكانت درعه مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعًا من الشعير .



** { الـيـوم الأخـيـر !!!!!! الإحتضار !!!!!! } **

فإن قصة احتضار رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته وملخصها ؛؛؛

فحين ارتفع الضحى ،,,

بينما الناس في صلاتهم خلف أبي بكر - كما أمر بذلك صلى الله عليه وسلم - إذ بالستر الفاصل بين حجرة عائشة والمسجد يرفع ، وبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة فتبسم ..
فرجع أبو بكر إلى الصف ظناً منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة .. وكاد المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ..
وانصرف الناس بعد الصلاة وهم يظنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شفي وعوفي من مرضه ، ولكن تبين أنها كانت نظرة تفقد ووداع .

دعا محمد - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ابنته ،,
فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام
لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه ,,,
فقال النبي ( ادنو مني يا فاطمه ) : -
فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر ,,,
فلما بكت قال لها النبي ( ادنو مني يا فاطمه )
فحدثها مره أخري ثم سارّها بشىء فضحكت ! ،,,

بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي ، فقالت :-
قال لي في المره الأولي ( يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ،,,
فلما وجدني أبكي قال : - ( يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت .

وغشيه - صلى الله عليه وسلم - كرب شديد مما يجد ،,,
فقالت فاطمة متأوهة :- واكرب أباه ،,,
فأجابها :- ليس على أبيك كرب بعد اليوم ،,,

ودعا الحسن والحسين فقبلهما ، وأوصى بهما خيرًا ، ثم دعا أزواجه فوعظهن وذكرهن ،,,

ثم قال النبي : - ( أخرجوا من عندي في البيت )
وقال : - ( ادنو مني يا عائشه ) !!!!

وأخذ الوجع يشتد ويزيد عليه فقال لعائشة :-
ما أزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم ، وكانت آخر وصاياه ، التى أخذ يرددها مرارًا الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم .

فنام النبي علي صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء ويقول : -
( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي ) ..
تقول السيده عائشه : فعرفت أنه يخير ...

سيدنا جبريل دخل علي النبي وقال :-
يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك .
فقال النبي : - ( إءذن له يا جبريل )

فدخل ملك الموت علي النبي وقال :-
السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله .
فقال النبي : - ( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي )

ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال :-
أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان ..

تقول السيده عائشه :-
فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات ... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله .
تقول :- فانفجر المسجد بالبكاء .

حزن الصحابة ،,،،

يا أبتاه ~ أجاب ربًا دعاه
يا أبتاه ~ من جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه ~ إلى جبريل ننعاه

خرجت هذه الكلمات الحارة من صدر فاطمة بنت محمد ، لتتسلل إلى أسماع صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - فتعتصر قلوبهم ألمًا ، مات الحبيب ، الذى عرفوا الحق على يديه ، ألفوا سماع حديثه ، ورؤياه ماشيًا تارة ومتبسمًا أخرى ، ومفكرًا أو مجاهدًا مرات سواها ، تعودوا رؤية سيد الخلق ، مثال السمو البشرى ، من وسع صدره همومهم ، وقلبه حبهم ، من ملأ دنياهم ، وأنار آخرتهم ، حين ترك فيهم ما لا يضلوا بعده أبدًا كتاب الله وسنته - صلى الله عليه وسلم - ،,,
حزن الصحابة حزنًا ، أظلم على المدينة دروبها التى شهدت مسيره ، ولعلها الآن حين تحتضن جثمانه فى صعيدها الطيب الطاهر ، تجد العزاء .

أما صحابته - صلى الله عليه وسلم - فإن عزاءهم وعزاء أتباعه - صلى الله عليه وسلم - فى متابعة طريق شقه فى الدنيا ، جزاء السائر فيه ، لقيا حبيبه فى الجنة .

موقفا أبى بكر وعمر من الوفاة ،,،،

خفق قلب أبى بكر حين وصله النبأ الحزين ، وساءل نفسه :-
هل انتهت رحلتى الطويلة مع نبيى محمد ؟
وخرج أبو بكر من بيته ، ثم وضع جسده المتعب فوق ظهر فرسه ، وغدا إلى المسجد لا يدرى ، أينهز فرسه فيفجع برؤيا حبيبه وقد فارقته الحياة ؟
أم يكفها فيبقى بعيدًا عن روح قلبه ومفتداه ؟!

واستسلم أبو بكر لمسير فرسه ، تحمله إلى حيث يلقاه ، فلما انتهت إلى المسجد ، نزل عنها ولم يكلم أحدًا ، حتى دخل على عائشة ابنته ، فقصد بخطوات لا تقوى على حمله إلى فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونظر إليه بعينين حانيتين وهو يراه مسجىً لأول مرة ، وامتدت يداه لأطراف الثوب ، فالتقطها بأنامله ، وكشف عن أحب الوجوه إليه ، فلما رآه ، لم يتمالك نفسه ، فأكب عليه ، يقبله ويبكى بكاءً حارًا متصلاً ، لعله ينفث عن جمرات اتقدت فى صدره الحزين ,,،

وكان أثبت الناس أبوبكر الصديق رضي الله عنه قال :-
وآآآ خليلاه ، وآآآ صفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه .
وقبل النبي وقال :- طبت حيا وطبت ميتا يا رسول الله .

وتمتم يقول ودموعه قد غطت وجهه :- بأبى أنت وأمى ، لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متها ، إنها الحقيقة التى علمه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يواجهها ويعاملها ، وإنه القدر الذى تعلم من نبيه كيف يستسلم له ، وخرج أبو بكر من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نفض عن وجهه ملامح الجزع ، وأبرقت عيناه ثقة وحزمًا .

وها هو عمر بن الخطاب ، يرفض قلبه الدافق بحب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يستسلم لهذا الخبر ، فوقف صائحًا :-
إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفى ، وإن رسول الله ما مات ، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، ووالله ، ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات .

وأراد أبو بكر أن يجلس عمر فأبى ، لكن الناس أقبلوا على الصديق يستمعون ,
فقال لهم :-
أما بعد ، من كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حى لا يموت ، قال الله :- ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزى الله الشاكرين ) .
وهنا استقر أمر المسلمين ، لكنْ هوى عمر إلى الأرض ،
وعلم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد مات .

اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ،,،،

اجتمع كثير من المسلمين فى سقيفة بنى ساعدة ، وجرى بينهم خلاف فى أمر الخلافة ، وتبادل القوم النقاش والجدال بين المهاجرين والأنصار ، وأصبح لزامًا على الصحابيين الكبيرين ، أبى بكر وعمر أن يدركا المسلمين فى سقيفتهم ، ودخل أبو بكر فأبدى رأيه فى تقديم قريش على من سواها حفاظًا على وحدة العرب ، ثم رفع يدى عمر وأبى عبيدة ليختار المسلمون بينهما ، لكن المسلمين ظلوا يتجادلون دون حسم لأمرهم أو اختيارهم ، وهنا بادر عمر القوم ، فسأل أبا بكر أن يبسط يده ، فبسطها ، فبايعه عمر ، فتزاحم المسلمون على أبى بكر يبايعونه وقد مضى فى ذلك بقية يوم الإثنين حتى دخل الليل وشغل الناس عن جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى اليوم الثانى .

التجهيز وتوديع الجسد الشريف ،،,،

آن للجسد الذى حرك صاحبه الدنيا بأسرها ، فأسقط عروش الظلم والجاهلية بها ، وأنار جوانبها ، وترك فيها حركة قوية من دين متجدد إلى يوم الساعة - آن لهذا الجسد أن يسكن ويستريح ، وآن له أن يعود إلى منشئه ، التراب ! .

قالت عائشة رضي الله عنها :-
لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قالوا :- والله ، ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه ؟
فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره
ثم كلمهم مكلِّم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه ،,,,
فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم ،,,
وكانت عائشة تقول :-
( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه )

أقبل العباس وابناه الفضل وقثم يقلبان جسده - صلى الله عليه وسلم - ويصب الماء عليه دون أن يجرده من ثيابه أسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وكان الذى يغسله على بن أبى طالب , وأسنده أوس بن خولى إلى صدره

وانتهى الغسل فكفنوه - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاثة أثواب بيض ، ثم حفروا تحت فراشه لحدًا ، ليكون له - صلى الله عليه وسلم - قبرًا ، ودخل الناس أرسالاً عشرة فعشرة ، يصلون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يؤمهم أحد ، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته ، ثم المهاجرون ، ثم الأنصار وصلت عليه النساء بعد الرجال ، ثم صلى عليه الصبيان ،،

وعن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قال :- كأني أنظر إليهم أربعة .
قال ابن إسحاق :- " وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "

ومضى فى ذلك يوم الثلاثاء كاملاً ، حتى دخلت ليلة الأربعاء ، وما انتهى الصحابة من دفنه - صلى الله عليه وسلم - إلا فى جوف ليلة الأربعاء .

وهكذا غادر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا إلى النعيم المقيم
والرفيق الأعلى بعد أن أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة ، ونصح الأمة
وتركنا على المحجة البيضاء , نعتصم فيها بالقرآن المحفوظ ، والسنة الشريفة
وعمل الخلفاء الراشدين المهديين فاللهم صل وسلم وبارك عليه ،
واجزه عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته , وشفعه فينا يا رب العالمين

** { خمسة محاولات فاشلة لسرقة جثمان الرسول الامين } **

المحاوله الأولى

في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي
حيث أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلى مصر لجذب الناس إليها بدلا من المدينة ، وقاتلهم أهلها وفي اليوم التالي أرسل الله ريحا للمدينة تكاد الأرض تزلزل من قوتها مما منع البغاة من مقصدهم .

المحاوله الثانية

في عهد نفس الخليفة العبيدي
حيث أرسل من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلى القبر ، وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش ، ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم .
ومن الجدير بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله ادعى الألوهية سنة 408 هـ .

المحاوله الثالثة

مخطط من ملوك النصارى
ونفذت بواسطة اثنان من النصارى المغاربة ، وحمى الله جسد نبيه ، بأن رأى القائد نور الدين زنكي النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول أنجدني ، أنقذني من هذين الرجلين ،,,

ففزع القائد من منامه ، وجمع القضاة وأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة ، ووصل إليها حاملاً الأموال إلى أهلها وجمع الناس وأعطاهم الهدايا بعد أن دونت أسمائهم ولم يرى الرجلين !
وعندما سأل :- هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة ؟
قالوا لا ،
قال :- تفكروا وتأملوا ،
فقالوا لم يبق أحد إلا رجلين مغاربة وهما صالحان غنيّان يكثران من الصدقة ،
فانشرح صدره وأمر بهما ، فرآهما نفس الرجلين الذين في منامه ,,
وسألهما " من أين أنتما ؟ "
قالا : - حجاج من بلاد المغرب ،
قال :- أصدقاني القول ،
فصمما على ذلك ,,
فسأل عن منزلهما وعندما ذهب إلى هناك لم يجد سوى أموال وكتباً في الرقائق ، وعندما رفع الحصير وجد نفقا موصلا إلى الحجرة الشريفة ، فارتاعت الناس وبعد ضربهما اعترفا بمخطط ملوك النصارى ، وأنهما قبل بلوغهما القبر ، حصلت رجفة في الأرض ، فقتلا عند الحجرة الشريفة .

المحاوله الرابعة

جملة من النصارى
جملة من النصارى سرقوا ونهبوا قوافل الحجيج ، وعزموا على نبش القبر وتحدثوا وجهروا بنياتهم وركبوا البحر واتجهوا للمدينة ، فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية تبعوهم وأخذوهم عن أخرهم ، وأسروا ووزعوا في بلاد المسلمين .

المحاوله الخامسة

بنية نبش
كانت بنية نبش قبر أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه .
وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة ، وحدث أن وصل أربعون رجلا لنبش القبر ليلا فانشقت الأرض وابتلعتهم وأبلغنا بهذا خادم الحرم النبوي آن ذاك وهو صواب الشمس الملطي .




رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:11 PM   المشاركة رقم: 19
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


** { بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - } **

لا تلحظ عين السائر فى طرقات المدينة فارقـًا يميز بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - عن سواه من بيوت المسلمين ، اللهم إلا كونه حجرات قد بنيت بجوار المسجد ، أما عمارتها فكانت من حجر اللبن ، وقد سقفت بالجريد والجذوع .
دخل عمر بيته - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة ، فرفع رأسه بالبيت ثم قال :-
فوالله ما رأيت فيه شيئـًا يرد البصر إلا أهبة جلودًا ثلاث ، ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم :-
ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله .
فأجابه :- أفى شك أنت يابن الخطاب ؟! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا .
وتروى عائشة :- كنا لننظر إلى الهلال ثلاث أهلة فى شهرين ، وما أوقدت فى بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار ، إذ كانوا يعيشون على التمر والماء وعلى بساطة هذا البيت وشظف العيش به ،,,
إلا أن حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيه بين أزواجه - رضى الله عنهن - وأبنائه ، قد أشاعت به جوَّا من السرور والهناء ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهل بيته ، وهو القائل :- خدمتك زوجتك صدقة ، كما كان أرحم الناس بالأطفال ، ولعل خلقه فى بيته - صلى الله عليه وسلم - يرسم بجمال صفاته صورة طيبة بما كان عليه الحال فى هذا البيت .


** { زوجاته - صلى الله عليه وسلم - } **

تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو فى الخامسة والعشرين من عمره .
ولأغراض كثيرة أحل الله - عز وجل - له الزواج بأكثر من أربع نساء ، فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة ، منهن اثنتان توفيتا فى حياته - صلى الله عليه وسلم - ، إحداهما خديجة ، والأخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة ، وتسع مات عنهن ، وهن :- سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأم سلمة هند بنت أبى أمية ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث ، وأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان ، وصفية بنت حيى بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث .
وعقد - صلى الله عليه وسلم - على اثنتين ثم طلقهما دون أن يبنى بهما ، وهما :- أسماء بنت النعمان الكندية ، تزوجها فوجد بها بياضًا فمتعها وردها إلى أهلها ، وعمرة بنت يزيد الكلابية كانت حديثة عهد بكفر فاستعاذت منه - صلى الله عليه وسلم - فردها إلى أهلها .
وتسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باثنتين إحداهما مارية القبطية ، والثانية هى ريحانة بنت يزيد النضرية أو القرظية ، ويزيد البعض اثنتين أخريين ، وإحداهما اسمها جميلة أصابها فى بعض السبى ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { أبناؤه - صلى الله عليه وسلم - } **

أولهم القاسم ,, وبه كان يكنى - صلى الله عليه وسلم - ، ثم زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، ثم ولد له عبدالله الملقب بالطيب والطاهر ، وكل هؤلاء من السيدة خديجة - رضى الله عنها - ،,
وقد ولد له ولد بعد ذلك من مارية القبطية وهو إبراهيم وكل أبناء النبى - صلى الله عليه وسلم - ماتوا أثناء حياته ما عدا فاطمة التى تأخرت بعده ستة شهور ، والأولاد منهم ماتوا وهم بعد صغار .



** { خلقه فى البيت - صلى الله عليه وسلم - } **

رغم تباين نسائه - صلى الله عليه وسلم - من حيث العمر والجمال ، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يصرفه شىء عن العدل بينهن ، فلكل واحدة منهن ليلة ، وإذا أراد السفر أقرع بينهن ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهله ما دام فى البيت ، يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ، ويعمل بيده ، ويخدم نفسه .
وعلى خلاف السائد فى زمنه ، والمنتشر الآن ، من إباء الرجل أن تراجعه زوجته ، كانت نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - يراجعنه .
وقد تهجره إحداهن إذا غضبت اليوم إلى الليل ، ومع ذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يستشيرهن وينزل على رأيهن فى أمور سياسته كما صنع يوم الحديبية ، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا مع أهله ألين الناس ، ضحاكًا بسامًا ، وماضرب إحداهن قط ،,,
وكان يقول :- خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى .
وقد يبلغ من حنانه أن يجلس عند بعيره ، فيضع ركبته ، حتى تضع زوجه صفية رجلها على ركبته لتركب ، أما ما ظهر منهن من الغيرة الشائعة ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يتحمله ،,,
عاتبته أم رومان دفاعًا عن ابنتها فقالت :- مالك ولعائشة ؟ إنها حديثة السن ، وأنت أحق من يتجاوز عنها فلم يدعها حتى أخذ بشدقها معاتبًا وهو يقول :- ألست القائلة :- كأنما ليس على وجه الأرض امرأة إلا خديجة ؟ وقد سألنه - صلى الله عليه وسلم - أن يوسع عليهن فى النفقة ، فخيرهن بين البقاء عنده على هذه الحال ، وبين مفارقته ، وجعل أمرهن بيدهن ، فاخترن جميعًا الله ورسوله .
وكان - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس بالأطفال ، رآه عمر بن الخطاب حاملاً الحسن والحسين على عاتقه ، فقال :- نعم الفرس تحتكما ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- ونعم الفارسان هما ، وكان أحدهما أو كلاهما يعتلى ظهره إن سجد ، فلا ينهرهما ، وكان يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول :- من سبق فله كذا وكذا ، فيستبقون إليه ويقعون على ظهره وصدره ، فيقبلهم ويلتزمهم .
وصلى وأمامة على عاتقه ، وهى ابنة ابنته زينب ، فكان إذا ركع وضعها ، وإذا رفع وضعها ، أما إذا جاءته ابنته فاطمة ، فإنه يبادرها باللقيا ، ويقبلها ثم يأخذ بيدها ويجىء بها حتى يجلسها فى مكانه ، فى الوقت الذى كانت العرب تئد فيه البنات ، ثم هو لا يترفع على عبيده وإمائه فى مأكل ولا ملبس ، ويخدم من خدمه ، ولم يقل لخادمه أف قط ، ولا عاتبه على فعل شىء أو تركه .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { صفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

نظر جابر بن سمرة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى ليلة مقمرة ، فجعل يردد بصره بينه وبين القمر ،
ثم قال :- فإذا هو أحسن فى عينى من القمر .
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - مستدير الوجه ، أبيض البشرة ، له شعر أسود يبلغ شحمة أذنيه ، طويل شعر الأجفان ، واسع العينين أكحلهما ، أقنى الأنف ، واسع الجبين ، سهل الخدين ، بين أسنانه تباعد ، وفى لحيته كثافة ، ليس بطويل القامة ولا قصيرها ، عريض الكتفين والصدر ، طويل الزند ، رحب الراحة ، لين الكف ، له شعر دقيق كأنه القضيب ، من صدره إلى سرته ، ليس بالنحيف ولا السمين ، إذا التفت التفت معًا ، وإذا مشى أسرع كأن الأرض تطوى له دون أن يكترث ، إذا سر استنار وجهه حتى كأنه القمر ، وإذا غضب احمر وجهه ، ونفر فى جبينه عرق ،,,
كما تقول أم معبد :- أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ،
وأحسنهم وأحلاهم من قريب .
وهو مع حسن شكله قد تم له حسن الخلق أيضًا ،
ويكفيه فى ذلك مدح ربه تعالى له .
فكان - صلى الله عليه وسلم - فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليمًا كثير الاحتمال ، يعفوعند المقدرة ، ويصبر على المكاره ، أجود الناس وأكرمهم ، وأشجع الفرسان وأثبتهم ، أشد حياءً من العذراء فى خدرها ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض ، أطول منه إلى السماء ، أعدل الخلق وأعفهم ، وأصدقهم لهجة ، وأعظمهم أمانة ، كثير التواضع بعيدًا عن التكبر ، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس فى أصحابه كأحدهم ، ثم هو أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأكثرهم شفقة ورحمة ، ليس بالفاحش ولا المتفحش ولا اللعان ولا الصخاب فى الأسواق ، دائم الفكرة ، طويل السكوت ، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ، ولا يميز نفسه بمجلس على غيره ، دائم البشر ، سهل الخلق لين الجانب ، ولو استفضنا فى ذكر محاسن شمائله ، لذهبت دون ذلك الأعمار ، ونفدت السطور والأقلام - صلى الله عليه وسلم - .



** { معجزاته - صلى الله عليه وسلم - } **

" والله إن لقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته "
كانت تلك شهادة أعدى أعداء النبى - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن المغيرة ، فى قرآن رب العالمين ، الذى تحدى به البشر من العرب وغيرهم أن يأتوا بمثله ، فعجزوا أن يفعلوا مع شدة رغبتهم فى دفعه وإنهائه ، الكتاب الباقى الذى تدور الأيام فلا يفنى ، وتمر السنون فلا يبلى هدى ونور للمؤمنين به ، وشفاء ورحمة للساعين به ، وسوى القرآن الكريم - المعجزة الباقية إلى قيام الساعة .
أيد الله - عز وجل - نبيه بالعديد من المعجزات منها :-

*-* القرءان الكريم والأميه ,,
*-* تفجر الماء على يديه الشريفتين ،,
*-* حنين الجذع الذى كان يخطب عليه بعد أن تحول عنه إلى منبر صنع له
*-* نزول المطر لدعائه ,،
*-* قدوم الشجرة إليه لندائه ،,
*-* انشقاق القمر أمام أعين المعاندين من قريش ،,
*-* الإخبار بالأمور الغيبية ،،
*-* تسليم الحجر والشجر عليه ,,
*-* الأخبار بالأمور المستقبلية ,,
*-* قتال الملائكة معه ،،
*-* وما تكررعلى يديه - صلى الله عليه وسلم - من شفاء للكسور والجراح التى ألمت بصحابته ،,
*-* ثم معجزة الإسراء والمعراج والتى ساق الله على لسان نبيه دلائل صدقها ,،
*-* وكذلك عشرات ومئات الحوادث التى تؤكد إجابة دعوته ،,
*-* وأخيرًا ما حدث يوم الخندق ، وغيره من بركة فى الطعام اليسير ، حتى إنه ليكفى الخلق الكثير .
*-* وهناك ما يقارب الـ 194 معجزة ذكرت للشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه من معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام .

فلقد امتاز محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتازت رسالته بدوام المعجزة وبقائها ، وذلك بحفظ الله لكتابه الكريم حتى يبقى حجة على البشر أجمعين إلى قيام الساعة .



** { من أهم الأحداث المصاحبه للسيرة النبويه الشريفة } **

*-* غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة ، قاتل منها في تسع (( بدر ، أحد ، الريسيع ، الخندق ، قريظة ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطائف ، وبعثَ ستاً وخمسين سرية .

*-* الإسراء والمعراج : - وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة .

*-* السنة الأولى : - الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة .

*-* السنة الثانية : - غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم .

*-* السنة الثالثة : - غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم .

*-* السنة الرابعة : - غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين .

*-* السنة الخامسة : - غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة .

*-* السنة السادسة : - صلح الحديبية ، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً .

*-* السنة السابعة : - غزوة خيبر ، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا ، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ .

*-* السنة الثامنة : - غزوة مؤتة بين المسلمين والروم ، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف .

*-* السنة التاسعة : - غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، وسمي هذا العام عام الوفود .

*-* السنة العاشرة : - حجة الوداع ، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم .

*-* السنة الحادية عشرة : - وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر .
وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها أربعون سنة قبل النبوة ، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً ، منها ثلاث عشرة سنة في مكة ، وعشر سنين بالمدينة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 04-08-2012, 09:11 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


** { بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - } **

لا تلحظ عين السائر فى طرقات المدينة فارقـًا يميز بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - عن سواه من بيوت المسلمين ، اللهم إلا كونه حجرات قد بنيت بجوار المسجد ، أما عمارتها فكانت من حجر اللبن ، وقد سقفت بالجريد والجذوع .
دخل عمر بيته - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة ، فرفع رأسه بالبيت ثم قال :-
فوالله ما رأيت فيه شيئـًا يرد البصر إلا أهبة جلودًا ثلاث ، ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم :-
ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله .
فأجابه :- أفى شك أنت يابن الخطاب ؟! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا .
وتروى عائشة :- كنا لننظر إلى الهلال ثلاث أهلة فى شهرين ، وما أوقدت فى بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار ، إذ كانوا يعيشون على التمر والماء وعلى بساطة هذا البيت وشظف العيش به ،,,
إلا أن حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيه بين أزواجه - رضى الله عنهن - وأبنائه ، قد أشاعت به جوَّا من السرور والهناء ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهل بيته ، وهو القائل :- خدمتك زوجتك صدقة ، كما كان أرحم الناس بالأطفال ، ولعل خلقه فى بيته - صلى الله عليه وسلم - يرسم بجمال صفاته صورة طيبة بما كان عليه الحال فى هذا البيت .


** { زوجاته - صلى الله عليه وسلم - } **

تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو فى الخامسة والعشرين من عمره .
ولأغراض كثيرة أحل الله - عز وجل - له الزواج بأكثر من أربع نساء ، فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة ، منهن اثنتان توفيتا فى حياته - صلى الله عليه وسلم - ، إحداهما خديجة ، والأخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة ، وتسع مات عنهن ، وهن :- سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأم سلمة هند بنت أبى أمية ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث ، وأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان ، وصفية بنت حيى بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث .
وعقد - صلى الله عليه وسلم - على اثنتين ثم طلقهما دون أن يبنى بهما ، وهما :- أسماء بنت النعمان الكندية ، تزوجها فوجد بها بياضًا فمتعها وردها إلى أهلها ، وعمرة بنت يزيد الكلابية كانت حديثة عهد بكفر فاستعاذت منه - صلى الله عليه وسلم - فردها إلى أهلها .
وتسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باثنتين إحداهما مارية القبطية ، والثانية هى ريحانة بنت يزيد النضرية أو القرظية ، ويزيد البعض اثنتين أخريين ، وإحداهما اسمها جميلة أصابها فى بعض السبى ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { أبناؤه - صلى الله عليه وسلم - } **

أولهم القاسم ,, وبه كان يكنى - صلى الله عليه وسلم - ، ثم زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، ثم ولد له عبدالله الملقب بالطيب والطاهر ، وكل هؤلاء من السيدة خديجة - رضى الله عنها - ،,
وقد ولد له ولد بعد ذلك من مارية القبطية وهو إبراهيم وكل أبناء النبى - صلى الله عليه وسلم - ماتوا أثناء حياته ما عدا فاطمة التى تأخرت بعده ستة شهور ، والأولاد منهم ماتوا وهم بعد صغار .



** { خلقه فى البيت - صلى الله عليه وسلم - } **

رغم تباين نسائه - صلى الله عليه وسلم - من حيث العمر والجمال ، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يصرفه شىء عن العدل بينهن ، فلكل واحدة منهن ليلة ، وإذا أراد السفر أقرع بينهن ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهله ما دام فى البيت ، يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ، ويعمل بيده ، ويخدم نفسه .
وعلى خلاف السائد فى زمنه ، والمنتشر الآن ، من إباء الرجل أن تراجعه زوجته ، كانت نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - يراجعنه .
وقد تهجره إحداهن إذا غضبت اليوم إلى الليل ، ومع ذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يستشيرهن وينزل على رأيهن فى أمور سياسته كما صنع يوم الحديبية ، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا مع أهله ألين الناس ، ضحاكًا بسامًا ، وماضرب إحداهن قط ،,,
وكان يقول :- خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى .
وقد يبلغ من حنانه أن يجلس عند بعيره ، فيضع ركبته ، حتى تضع زوجه صفية رجلها على ركبته لتركب ، أما ما ظهر منهن من الغيرة الشائعة ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يتحمله ،,,
عاتبته أم رومان دفاعًا عن ابنتها فقالت :- مالك ولعائشة ؟ إنها حديثة السن ، وأنت أحق من يتجاوز عنها فلم يدعها حتى أخذ بشدقها معاتبًا وهو يقول :- ألست القائلة :- كأنما ليس على وجه الأرض امرأة إلا خديجة ؟ وقد سألنه - صلى الله عليه وسلم - أن يوسع عليهن فى النفقة ، فخيرهن بين البقاء عنده على هذه الحال ، وبين مفارقته ، وجعل أمرهن بيدهن ، فاخترن جميعًا الله ورسوله .
وكان - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس بالأطفال ، رآه عمر بن الخطاب حاملاً الحسن والحسين على عاتقه ، فقال :- نعم الفرس تحتكما ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- ونعم الفارسان هما ، وكان أحدهما أو كلاهما يعتلى ظهره إن سجد ، فلا ينهرهما ، وكان يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول :- من سبق فله كذا وكذا ، فيستبقون إليه ويقعون على ظهره وصدره ، فيقبلهم ويلتزمهم .
وصلى وأمامة على عاتقه ، وهى ابنة ابنته زينب ، فكان إذا ركع وضعها ، وإذا رفع وضعها ، أما إذا جاءته ابنته فاطمة ، فإنه يبادرها باللقيا ، ويقبلها ثم يأخذ بيدها ويجىء بها حتى يجلسها فى مكانه ، فى الوقت الذى كانت العرب تئد فيه البنات ، ثم هو لا يترفع على عبيده وإمائه فى مأكل ولا ملبس ، ويخدم من خدمه ، ولم يقل لخادمه أف قط ، ولا عاتبه على فعل شىء أو تركه .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { صفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

نظر جابر بن سمرة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى ليلة مقمرة ، فجعل يردد بصره بينه وبين القمر ،
ثم قال :- فإذا هو أحسن فى عينى من القمر .
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - مستدير الوجه ، أبيض البشرة ، له شعر أسود يبلغ شحمة أذنيه ، طويل شعر الأجفان ، واسع العينين أكحلهما ، أقنى الأنف ، واسع الجبين ، سهل الخدين ، بين أسنانه تباعد ، وفى لحيته كثافة ، ليس بطويل القامة ولا قصيرها ، عريض الكتفين والصدر ، طويل الزند ، رحب الراحة ، لين الكف ، له شعر دقيق كأنه القضيب ، من صدره إلى سرته ، ليس بالنحيف ولا السمين ، إذا التفت التفت معًا ، وإذا مشى أسرع كأن الأرض تطوى له دون أن يكترث ، إذا سر استنار وجهه حتى كأنه القمر ، وإذا غضب احمر وجهه ، ونفر فى جبينه عرق ،,,
كما تقول أم معبد :- أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ،
وأحسنهم وأحلاهم من قريب .
وهو مع حسن شكله قد تم له حسن الخلق أيضًا ،
ويكفيه فى ذلك مدح ربه تعالى له .
فكان - صلى الله عليه وسلم - فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليمًا كثير الاحتمال ، يعفوعند المقدرة ، ويصبر على المكاره ، أجود الناس وأكرمهم ، وأشجع الفرسان وأثبتهم ، أشد حياءً من العذراء فى خدرها ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض ، أطول منه إلى السماء ، أعدل الخلق وأعفهم ، وأصدقهم لهجة ، وأعظمهم أمانة ، كثير التواضع بعيدًا عن التكبر ، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس فى أصحابه كأحدهم ، ثم هو أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأكثرهم شفقة ورحمة ، ليس بالفاحش ولا المتفحش ولا اللعان ولا الصخاب فى الأسواق ، دائم الفكرة ، طويل السكوت ، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ، ولا يميز نفسه بمجلس على غيره ، دائم البشر ، سهل الخلق لين الجانب ، ولو استفضنا فى ذكر محاسن شمائله ، لذهبت دون ذلك الأعمار ، ونفدت السطور والأقلام - صلى الله عليه وسلم - .



** { معجزاته - صلى الله عليه وسلم - } **

" والله إن لقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته "
كانت تلك شهادة أعدى أعداء النبى - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن المغيرة ، فى قرآن رب العالمين ، الذى تحدى به البشر من العرب وغيرهم أن يأتوا بمثله ، فعجزوا أن يفعلوا مع شدة رغبتهم فى دفعه وإنهائه ، الكتاب الباقى الذى تدور الأيام فلا يفنى ، وتمر السنون فلا يبلى هدى ونور للمؤمنين به ، وشفاء ورحمة للساعين به ، وسوى القرآن الكريم - المعجزة الباقية إلى قيام الساعة .
أيد الله - عز وجل - نبيه بالعديد من المعجزات منها :-

*-* القرءان الكريم والأميه ,,
*-* تفجر الماء على يديه الشريفتين ،,
*-* حنين الجذع الذى كان يخطب عليه بعد أن تحول عنه إلى منبر صنع له
*-* نزول المطر لدعائه ,،
*-* قدوم الشجرة إليه لندائه ،,
*-* انشقاق القمر أمام أعين المعاندين من قريش ،,
*-* الإخبار بالأمور الغيبية ،،
*-* تسليم الحجر والشجر عليه ,,
*-* الأخبار بالأمور المستقبلية ,,
*-* قتال الملائكة معه ،،
*-* وما تكررعلى يديه - صلى الله عليه وسلم - من شفاء للكسور والجراح التى ألمت بصحابته ،,
*-* ثم معجزة الإسراء والمعراج والتى ساق الله على لسان نبيه دلائل صدقها ,،
*-* وكذلك عشرات ومئات الحوادث التى تؤكد إجابة دعوته ،,
*-* وأخيرًا ما حدث يوم الخندق ، وغيره من بركة فى الطعام اليسير ، حتى إنه ليكفى الخلق الكثير .
*-* وهناك ما يقارب الـ 194 معجزة ذكرت للشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه من معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام .

فلقد امتاز محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتازت رسالته بدوام المعجزة وبقائها ، وذلك بحفظ الله لكتابه الكريم حتى يبقى حجة على البشر أجمعين إلى قيام الساعة .



** { من أهم الأحداث المصاحبه للسيرة النبويه الشريفة } **

*-* غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة ، قاتل منها في تسع (( بدر ، أحد ، الريسيع ، الخندق ، قريظة ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطائف ، وبعثَ ستاً وخمسين سرية .

*-* الإسراء والمعراج : - وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة .

*-* السنة الأولى : - الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة .

*-* السنة الثانية : - غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم .

*-* السنة الثالثة : - غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم .

*-* السنة الرابعة : - غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين .

*-* السنة الخامسة : - غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة .

*-* السنة السادسة : - صلح الحديبية ، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً .

*-* السنة السابعة : - غزوة خيبر ، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا ، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ .

*-* السنة الثامنة : - غزوة مؤتة بين المسلمين والروم ، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف .

*-* السنة التاسعة : - غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، وسمي هذا العام عام الوفود .

*-* السنة العاشرة : - حجة الوداع ، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم .

*-* السنة الحادية عشرة : - وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر .
وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها أربعون سنة قبل النبوة ، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً ، منها ثلاث عشرة سنة في مكة ، وعشر سنين بالمدينة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .




رد مع اقتباس
قديم 04-08-2012, 09:13 PM   المشاركة رقم: 20
الكاتب
wolf101
عضو فعال
الصورة الرمزية wolf101

البيانات
تاريخ التسجيل: Dec 2011
رقم العضوية: 7508
الدولة: Alex
المشاركات: 570
بمعدل : 0.13 يوميا

الإتصالات
الحالة:
wolf101 غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : wolf101 المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


** { مكانة الرسول في القرآن الكريم } **

ذكر إسمه عليه الصلاة والسلام 4 مرات ،،،،

قال تعالى : - ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ( آل عمران : 144 )
وقال تعالى : -
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين }
وقال تعالى : -
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) ( محمد : 2 )
وقال تعالى : - ( محمد رسول الله )
وأما أحمد فورد مرة واحدة حكاية عن عيسى قال: -
ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد .

أول ما أمر به المصطفى الكريم ،،،،

عن أبي أمامة قال :-
قلت :- يا نبي الله ! ما كان أول بدء أمرك ؟
قال : -
( دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
( دعوة أبي إبراهيم )
أي قوله : - ( ربنا وابعث فيهم رسـولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم )

(بشرى عيسى )
أشار إليه قوله تعالى حاكياً عن المسيح
( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )

(ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
قال ابن رجب ( وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجىء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منه كما قال تعالى : قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )

أخذ العهد له ،،،،

قال تعالى :-
{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "81" } ( سورة آل عمران )

كان نبينا عندما كان آدم في طينته ،،،،

قال رسول الله " إني عند الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته "

هو أول المسلمين ،،،،

قال الله تعالى :- { أمرت لأكون أول من أسلم }
(سورة الأنعام)

هو أولى الأنبياء من أممهم ،،،،

"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ".
وقصة صيام يوم عاشوراء .

أزواجه أمهات المؤمنين ،،،،

قال تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم "6" }
( سورة الأحزاب )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه خير الخلق ،،،،

قال رسول الله :-
" أن الله اصطفى كنانه من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " وقال :- " أنا سيد ولد آدم ولا فخر "

رحمة للعالمين ،،،،

{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107" }
( سورة الأنبياء )

أمان لأمته ،،،،

قال تعالى :- { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم "33" } ( سورة الأنفال )
وقال رسول الله :- " النجوم أمنة السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي "

عموم رسالته ،،،،

قال تعالى :- {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً }
( سورة سبأ "28 )

تكفل الله بحفظه ،،،،

قال تعالى :- {والله يعصمك من الناس }
( سورة المائدة "67 )
وقال تعالى :- { أنا كفيناك المستهزئين }
( سورة الحجر "95 )

التكفل بحفظ دينه ،،،،

قال تعالى :- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9" } ( سورة الحجر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه منة على المؤمنين،،،،

ذكر لنا ربنا في كتابه هذه المنة التي تطوق عنق كل مسلم في كل زمان ومكان ، فقال:-
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ }
[ آل عمران : 164 ]

ومن ثم يؤكد القرآن الكريم على موقع النبي صلى الله عليه وسلم لدى كل مسلم ؛ فيقول:-
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب:6] .
فهو أقرب إلينا من قلوبنا ، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا ، وهو عند كل مسلم منا أعز لديه ، وأغلى من جميع الخلق دونما استثناء ، وعن أنس رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين [متفق عليه] .

نداء متميز ,,,,

وقد اشتمل القرآن الكريم على الكثير من الإشارات التي تتحدث عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربه ، ولا يتسع المجال هنا للتفصيل في كل ما يتعلق بهذا الجانب ، ونكتفي بذكر بعض ما ورد بهذا الشأن .

فمثلا من علامات بر الله به وتعظيمه لشأنه أنه جل شأنه نادى جميع الأنبياء بأسمائهم ،,,
فقال:- يا آدم ، يا نوح ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا زكريا ، يا يحيى ... إلخ ،,,
بينما نادى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله له :-
يا أيها النبي – يا أيها الرسول – يا أيها المزمل -- يا أيها المدثر .

وحين أثنى الله على أنبيائه السابقين بما فيهم من أخلاق كريمة ؛ كان يذكر لكل نبي صفات محددة .
فقال عن خليله إبراهيم :- { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ }
وقال عن إسماعيل :-
{ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن موسى :- { إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن أيوب :- { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
وحين تحدث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين أنه حاز الكمالات كلها فقال :-
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رحمة للعالمين ,,,,

ومن الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم أن كل نبي مبعوثا إلى قومه خاصة ؛ وفي القرآن ما يشير إلى هذا .
فيقول الله عن عيسى :- { وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ }
وعن هود قال :- { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا }... إلخ
في حين أن رسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة في زمانه وفيما بعد زمانه ، فهو خاتم النبيين ،،،
قال تعال :- { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } .
وقال جل ذكره :- { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } .

وفي الحديث الذي رواه الشيخان :-
" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وكمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين " { صححه الألباني } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما أخذه من العهد على جميع الأنبياء من الإيمان به ونصرة دينه
فقال تعالى :- { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما جاء في قوله تعالى :-
{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }
قال قتادة :- " رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس هناك خطيب ولا مستشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول :- أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " .

وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه

ضم الإله اسم النبي إلى اسمه ***
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله ***
فذو العرش محمود وهذا محمد


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ثناء متتالي ,,,,

ومن مظاهر تكريم الله تعالى لنبيه وثنائه عليه ما جاء في مطلع سورة النجم مع غيرها من السور,,
حيث أثنى الله على عقله فقال :-
{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }
وأثنى على لسانه فقال :- { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }
وأثنى على جليسه ومعلمه جبريل فقال :-
{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }
وأثنى على بصره فقال :- { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى }
وأثنى على صدره فقال :- { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك َ}
وأثنى على أخلاقه كلها فقال :- { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم ٍ}

ونكتفي بهذا القدر من الإشارات القرآنية على علو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم منزلته عند ربه ، فالكلام فيها يطول ويطول .

وقد أشار العلماء رحمهم الله إلى أن خصال الكمال والجلال إذا وقعت منها واحدة أو اثنتان لشخص ما عظم قدره ، وضربت باسمه الأمثال ،,,
فيقال :- أحلم من الأحنف ، وأكرم من حاتم ، وأذكى من إياس ... إلخ
فكيف بمن عظم قدره حتى اجتمعت فيه كل هذه الخصال ؟

يقول القاضي عياض اليحصبي في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى "
" ما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه خصال الخير كلها مما لا يحصيه عد ، ولا يعبر عنه مقال ، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال ، من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والإسراء والرؤية والقرب والدنو والوحي والشفاعة والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود والبراق والمعراج ، والبعث إلى الأحمر والأسود ، والصلاة بالأنبياء والشهادة بين الأنبياء ، وسيادة ولد آدم ، والرحمة للعالمين ، وشرح الصدور ، ورفع الذكر ، والتأييد بالملائكة ، وإيتاء الكتاب والحكمة ، وصلاة الله تعالى والملائكة عليه ، ووضع الإصر ، والأغلال عن الخلق ببعثه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وتكثير القليل وانشقاق القمر ، والنصر بالرعب ، والإطلاع على الغيب ، وظل الغمام وتسبيح الحصى ، والعصمة من الناس ،,

إلى ما لا يحصيه عد ولا يحيط بعلمه إلا الله تعالى إضافة إلى ما أعد الله له في الدار الآخرة من منازل الكرامة ، ودرجات القدس ، ومراتب السعادة والحسنى والزيادة التي تقف دونها العقول ، وتحار دون إدراكها الأفهام " ا. هـ بتصرف .

وصدق من قال :-

فإن فضل رسول الله ليس له **** حد فيعرب عنه ناطق بفم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

واجب المحب للنبي ,,,,

ولا يملك المسلم أمام هذا البنيان الشامخ إلا التوقير والإجلال لمقام هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتفي أثر الصحب الكرام الذين تفانوا في حب رسولهم صلى الله عليه وسلم حتى شهد بذلك الأعداء والأصدقاء على السواء .
يقول أبو سفيان بن حرب قبل أن يعلن إسلامه :-
" ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا "

ومن حق هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا أن نقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من مقامه الشريف بأي لون من الألوان .
قال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } .

وقال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ

وقد أدبنا ربنا تبارك وتعالى بأدب المقاطعة ، والبغض لأولئك المتطاولين على مقامه الكريم صلى الله عليه وسلم .

فقال :- { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

فليعتذر كل مسلم إلى الله عز وجل عما يقال ، أو ينشر في حق نبيه صلى الله عليه وسلم مما لا يليق بمقامه الشريف ، وليكن ذلك بصورة عملية تتناسب مع موقع كل منهم ومدى تأثيره ، بدءا من إظهار الاحتجاج واستدعاء السفراء ومخاطبة المسئولين في الدول التي تنطلق منها هذه المواقف ، ومرورا بالمقاطعة الاقتصادية لسلع ومنتجات تلك الدول ، وكل ما في وسع المسلم أن يفعله لنصرة الحبيب المصطفى ~ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فضله صلى الله عليه وسلم ,,,,

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
{ أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي ؛؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس كافة }
[متفق عليه]

وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا أول الناس يشفع يوم القيامة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة } .

وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشقُّ عنه القبر ، وأول شافع وأول مُشفع } .

لم يناده باسمه ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك }
( سورة المائدة " 67 )
{ يا أيها النبي حسبك الله }
( سورة الأنفال " 64 )

النهي عن مناداته باسمه ورفع الصوت فوقه ,,,,

قال تعالى : -
{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً }
( سورة النور " 63 )
{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي }
( سورة الحجرات " 2 )

فرض بعض شرعه في السماء ,,,,

عن ابن مسعود قال :-
" أعطى رسول الله ثلاثاً ( يعني ليلة الإسراء ) ,,,
أعطى الصلوات الخمس ،
وأعطى خواتيم سورة البقرة ،
وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات
( الذنوب المهلكات ) "

استمرار الصلاة عليه ,,,,

قال تعالى :-
{ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " 56 " }
(سورة الأحزاب) كلمة يصلون تقتضي التجديد والاستمرار .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

القسم به صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقسم بحياته قال تعالى :-
{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون }
( سورة الحجر " 72 )
القسم ببلده قال تعالى :-
{ لا أقسم بهذا البلد " 1 " وأنت حل بهذا البلد " 2 " } ( سورة البلد )
القسم له قال تعالى :-
{والنجم إذا هوى" 1ما ضل صاحبكم وما غوى" 2 }
( سورة النجم )

الإسراء والمعراج ,,,,

ونال فيها شرف تكليم الله تعالى له ورؤية الجنة والنار وسماع صريف الأقلام .
وإمامته بالأنبياء بالمقدس قال رسول الله :-
" وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء .. فكانت الصلاة فأممتهم .. "

غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ,,,,

قال تعالى :-
{ إنا فتحنا لك .. إلى أن قال :-
"ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر }

تأخير دعوته المستجابة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة "

إسلام قرينه له ,,,,

قال رسول الله :-
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ،
قالوا :- وإياك يا رسول الله ؟
قال :- وإياي إلا إن الله أعانني عليه فأسلم فلم يأمرني إلا بخير "

قرنه خير القرون ,,,,

قال رسول الله :-
" بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً .. "

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ما بين بيته ومنبره روضة ,,,,

قال رسول الله :-
" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي "

رؤيته في المنام حق ,,,,

قال رسول الله :- " من رآني في المنام فقد رآني حقاً .. "

يرى من وراء ظهره ,,,,

قال رسول الله :-
" فوالله ما يخفي علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري "

خاتم النبوة ,,,,

عن جابر قال :-
رأيت خاتماً في ظهر رسول الله كأنه بيضة حمام "
وهو خاتم النبوة بين كتفه .

فضائل جمة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأعطيت مفاتيح خزائن الأرض وبينما أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت بين يدي قال أبو هريرة :- " فذهب رسول الله وأنتم تنتشلوها "

اطلاعه على المغيبات ,,,,

قال عمر :- " قام فينا النبي مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم وحفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه "
ما أكرم الله به محمداً صلى الله عليه وسلم في الآخرة

وصف بالشهادة ,,,,

قال تعالى : -
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " 41 " } ( سورة النساء )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أول من يبعث وأول شافع ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وأول من ينشق عنه القبر .. وأول شافع وأول مشفع "

الأنبياء تحت لوائه ,,,,

قال رسول الله :-
".. ما من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج ، وإن معي لواء الحمد ، أنا أمشي ويمشي الناس معي حتى آتى باب الجنة "

أول من يجيز الصراط ,,,,

قال رسول الله :- " فأكون أول من يجيز من الرسل بأمته "

أول من يدخل الجنة ,,,,

قال رسول الله :-
" وأنا أول من يقرع باب الجنة "
وقال :- " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟!
فأقول :- محمد
فيقول :- بك أمرت لا افتح لأحد قبلك "

له كرسي عن يمين العرش ,,,,

عن عبد الله بن سلام :- إن أكرم خليفة الله أبو القاسم ثم قال فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ونبياً نبياً حتى يكون احمد وأمته آخر الأمم مركزاً قال :- فيقوم فيتبعه أمته برها وفاجرها ثم يوضع جسر جهنم فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه ، فتتلقاهم الملائكة فتريهم منازلهم من الجنة على يمينك ، على يسارك حتى ينتهي إلى ربه فيلقي له كرسي عن يمين الله ثم ينادي مناد أين عيسى وأمته "

أكثر الأنبياء تبعاً ,,,,

قال رسول الله :- " أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة "


أعطى الكوثر ,,,,

قال رسول الله :-
" بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، فقلت ما هذا يا جبريل؟!
قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك "

إعطاؤه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ,,,,

وذلك ثابت في الحديث المشهور بالدعاء بعد سماع الأذان

الشفاعة ,,,,

لأهل الصغائر والكبائر ولدخول الجنة ولأهل الموقف لتعجيل الحساب

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

طهارة النبي ,,,,

قال تعالى :-
{ كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم " 151 " } ( سورة البقرة )
قال علي بن أبي طالب أي " نسباً وطهراً وحسباً ليس في آبائي من لدن آدم سفاح
وعن ابن عباس قال في قوله تعالى :-
{ وتقلبك في الساجدين " 219 " } ( سورة الشعراء ) أي من نبي إلى نبي .

الرحمة ,,,,

قال تعالى :- { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107"} (سورة الأنبياء)
.. زين الله محمداً بزينة الرحمة فكان رحمة ، وجميع صفاته رحمة على الخلق ، فمن أصابه شيء من رحمته فهو الناجي ، فكانت حياته رحمة ومماته رحمة يعني للجن والأنس ولجميع الخلق فللمؤمن رحمة بالهداية ورحمة للمنافق بالأمان من القتل ، ورحمة للكافر بتأخير العذاب .

الشاهد والبشير النذير ,,,,

{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً "45" } (سورة الأحزاب)
فهو شاهد على الخلق يوم القيامة وشاهد بوحدانية الله ولم يجعله الله مدعياً ، كما أنه مبشر إلى الله وما عنده فمن لم يستجب كان منذراً لهم ، ثم لا يكتفي بالتبشير والنذير وإنما يدعوهم بعد ذلك " وداعيا إلى الله " .

السراج المنير ,,,,

{ وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " 46 " }
( سورة الأحزاب )
والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة فإذا انطفأت يبقى الأول وكل صحابي أخذ من نور الهداية ، ولهذا قال رسول الله " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
" فلم يجعل أصحابه سرج وإنما نجوم ، والنجم لا يؤخذ منه نور ، ولهذا إذا مات الصحابي فالتابعي يستنير بنور النبي ولا يأخذ منه إلا قوله وفعله .
رفع الذكر ,,,,

{ ورفعنا لك ذكرك "4"} ( سورة الشرح )
قال ابن عباس :- يذكر مع الله في الأذان والإقامة والتشهد ويوم الجمعة على المنابر ويوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها ولو أن رجلاً عبد الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء وكان كافراً ، وقيل رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وفي الأرض عند المؤمنين ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود وكرائم الدرجات .

حلمه صلى الله عليه وسلم ,,,,

روي أن النبي لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم فقال :-
" إني لم ابعث لعاناً ولكني بعثت داعياً ورحمة ، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "

وفاؤه صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان النبي إذا أتى بهدية قال اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة وإنها كانت تحب خديجة .
ودخلت عليه امرأة فهش لها واحسن السؤال عنها فلما خرجت قال :-
" أنها كانت تأتينا أيام خديجة
وأن حسن العهد من الإيمان "

تواضعه صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقد كان في بيته في مهنة أهله يغلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويخدم نفسه ويصم (يكنس) البيت ويعقل (يربط) البعير ويعلف ناضحه (الجمل) ويأكل مع الخادم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق.
وخير بين أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فاختار أن يكون نبياً عبداً

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من مزاحه وضحكه ~ مع الجارية ,,,,

قالت أم نبيط :- أهدينا جارية وكنت مع نسوة ومعي دف أضرب به وأقول :-
أتيناكم أتيناكم ، فحيونا نحييكم ، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم ,,
فقالت :- فوقف علينا رسول الله فقال :- ما هذا يا أم نبيط ؟
فقلت بأبي وأمي يا رسول الله جاريه نهديها إلى زوجها ،,,
قال :- فتقولين ماذا؟
" قلت فأعدت عليه " فقال :- " ولولا الحنطة السمراء ما سمنت ذراريكم "

من مزاحه وضحكه ~ مع زوجاته ,,,,

قالت عائشة أتيت بجريرة ( شوربة ) قد طبختها فقلت لسودة والنبي بيني وبينها .
كلي فأبت أن تأكل فقلت لتأكلين وإلا لطخته وجهك ، فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها فضحك رسول الله ورفع رجله من حجرها ، وقال الطخي وجهها فأخذت شيئاً من الصعقة فلطخت به وجهي ورسول الله يضحك ..

من مزاحه وضحكه ~ مع إحدى النساء ,,,,

جاءت امرأة يقال لها أم أيمن إلى رسول الله فقالت :- إن زوجي يدعوك ,،
قال :- " من هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ "
فقالت :- أي يا رسول الله ؟ والله ما بعينيه بياض ؟ وكان يمزح معها

من مزاحه وضحكه ~ مع الأطفال ,,,,

كان رسول الله يأخذ بيد الحسين بن علي رضي الله عنه فيرفعه على باطن قدميه ويقول : -
" حزقة حزقة ترق عين بقه .. "
وكان يدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي لسانه فيهش إليه .

من مزاحه وضحكه ~ مع أحد أصحابه ,,,,

عن أنس أن رسول الله قال :- " فاتني أزيهر أزيهر " وهو يقوم يبيع متاعه في السوق ، وكان رجلاً دميماً فاحتقنه من خلفه ، ولا يبصره الرجل ،,,
فقال :- أرسلني : من هذا ؟ فالتفت فعرف رسول الله فجعل لا يألو ما ألصق ظهره لصدر رسول الله حين عرفه .
وجعل رسول الله يقول :- " من يشتري العبد ؟ فقال يا رسول الله إذن والله تجدني كاسداً ، فقال رسول الله ولكن عند الله لست بكاسد .

الإيمان به وثواب محبته ,,,,

قال رسول الله :- " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله "20" }
( سورة الأنفال )
{ يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول
"66" } (سورة الأحزاب)
لزوم محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال رسول الله :- " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
وقال " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : ـ وذكر في الأولى ـ أن يكون الله ورسوله احب إليه مما سواهما..

ثواب محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه لا يطرف فقال :- " ما بالك ؟ "
قال :- بأبي أنت وأمي أتمتع من النظر إليك ، فإذا كان يوم القيامة رفعك الله بتفضيله ,,
فأنزل الله :- { ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً " 69 " } ( سورة النساء )

حب امرأة من الأنصار ,,,,

أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد فقالت وما حال رسول الله ؟
قالوا خيراً هو بحمد الله كما تحبي قالت :- أرنيه حتى انظر إليه ، فلما رأته قالت :- كل مصيبة بعدك جلل .

حب الصحابة له ,,,,

سئل علي بن أبي طالب عن حب الصحابة للنبي فقال :-
كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { آيات ومعجزات النبوة } **


الحديث عن يوم القيامه ,,,,

فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن كثيرٍ من الغيوب التي أطلعه الله عليها في مناسباتٍ عديدة ، كان أهمّها موقفه حينما قام بالناس خطيباً فأخبرهم بما هو كائن إلى يوم القيامة ،,,
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :-
" قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه "
رواه البخاري

باستشهاد عدد من أصحابه ,,,,

أما ما يتعلق باستشهاد عدد من أصحابه ، فقد أخبر باستشهاد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان رضي الله عنهما ، وقال عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه :-
( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ) رواه البخاري ،,,
وكان يقول عند زيارته أم ورقة :-
( انطلقوا بنا نزور الشهيدة ) رواه أحمد
وأخبر ثابت بن قيس رضي الله عنه باستشهاده فقال :-
( يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ) رواه الحاكم ،,,
ويضاف إلى ذلك إخباره عليه الصلاة والسلام عن مقتل قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة في اليوم الذي قُتلوا فيه رغم بعد المسافة وعدم وجود وسيلة لإبلاغ الخبر بهذه السرعة .

ما أخبره عن زوجته وبنته رضوان الله عليهن ,,,,

كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – أن أسرع أزواجه لحوقا به أطولهن يدا ، فكانت زينب رضي الله عنها لطول يدها بالصدقة ،,,
وأخبر أن ابنته فاطمة رضي الله عنها أول أهله لحوقا به ، فتوفيت رضي الله عنها بعد أقل من ستة أشهر من وفاة أبيها .

الحديث عن سوء الخاتمه ,,,,

وفي المقابل، أخبر – صلى الله عليه وسلم – بسوء الخاتمة لبعض من عاصره، كأمثال أمية بن خلف،,,
وأخبر بمقتل أكابر قُريش في معركة بدر مبيناً مواضع قتلهم، فلم يجاوز أحدهم موضعه .

أما إنه من أهل النار ,,,,

ومن ذلك أيضاً ما حدث في إحدى المعارك النبويّة حينما قاتل أحدهم في صفوف المسلمين بشجاعة نادرة ، فأظهر الصحابة إعجابهم بقتاله ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - :- ( أما إنه من أهل النار ) ،,,
فقام أحد الصحابة بمراقبة هذا الرجل ، فوجده مثخناً بالجراح ، فلم يصبر على آلامه واستعجل الموت فقتل نفسه ,,،
فعاد الصحابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخبره بما فعل الرجل ، رواه البخاري .

رويته المستقبليه ,,,,

وأما ما يتعلّق بأحداث المستقبل ، فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعديد منها ،,,
يأتي في مقدمتها الإخبار عن ظهور هذا الدين والتمكين له واتساع رقعته ، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) رواه البخاري ،,,

وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ) رواه مسلم ،,,
ويدخل في ذلك الإخبار عن ثبات الطائفة المنصورة على الحق إلى قيام الساعة ، فقد روى الإمام مسلم عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .

ومن جملة ما أخبر به – صلى الله عليه وسلم - طاعون عمواس - الذي حدث في الشام وكان سبباً في موت كثير من الصحابة - وكثرة المال واستفاضته كما حدث في زمن الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز .

ومن ذلك أيضا، إخباره بفتح الشام وبيت المقدس، وفتح اليمن ومصر، وركوب أناسٍ من أصحابه البحر غزاةً في سبيل الله، وإخباره – صلى الله عليه وسلم – عن غلبة الروم لأهل فارس خلال بضع سنين كما في سورة الروم.

المعنى ,,,,

ومن الأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي – صلى الله عليه وسلم – زوال مملكتي فارس والروم ، ووعده لسراقة بن مالك رضي الله عنه أن يلبس سواري كسرى ، وهلاك كسرى وقيصر ، وإنفاق كنوزهما في سبيل الله ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : -
( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ) رواه البخاري ،,,

وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – صخرة لم يستطيعوا كسرها ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأخذ الفأس ..
وقال :- ( بسم الله ) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر ،,,
وقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال :- ( بسم الله ) ، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال : ( بسم الله ) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر ،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا ) رواه أحمد ،,,

وقد فتح الله تلك الممالك على يد المسلمين في عصور الخلافة ، وقام عمر رضي الله عنه بإلباس سراقة رضي الله عنه سواري كسرى .

الضعف والهوان من بعده ,,,,

ومن الأمور التي أخبر بها النبي – صلى الله عليه وسلم – وتكالب أعدائها عليها، فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها )
فقال أحدهم :- " ومن قلةٍ نحن يومئذ ؟ "
فقال لهم :- ( بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن : حب الدنيا وكراهية الموت )
وواقعنا اليوم خير شاهد على تحقّق ذلك .

التقليد الأعمى للأمم الكافرة ,,,,

وهذا الانحدار الذي حذّر منه النبي – صلى الله عليه وسلم – كان نتيجةً حتميةً لافتراق الأمة واختلافها ، والتقليد الأعمى للأمم الكافرة وسلوك سبيلها ،,
وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك في قوله :-
( والذي نفس محمد بيده ، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة ، وثنتان وسبعون في النار ) رواه ابن ماجة ،,,
وقوله :- ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )
رواه البخاري .

الفتن وأشراط الساعة ,,,,

ومن المغيبات - غير ما تقدم - إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وأشراط الساعة ، ويشمل ذلك الحديث عن الرّدة التي ستكون بعده ,،
فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ) رواه الترمذي ,,،
والأخبار عن استمرار الخلافة بعده ثلاثين سنة ، وذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم –
( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملكا بعد ذلك )
رواه الترمذي

تقارب الزمان وظهور النساء العاريات ,,,,

ومن جملة ما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – غير ما تقدم ، تقارب الزمان ، وتوالي الفتن ، حتى يصبح القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ،,,

وظهور النساء الكاسيات العاريات ، وتطاول الحفاة الرعاة في البنيان ، وتضييع الناس للأمانة ، وتعاملهم بالربا ، وإتيانهم للفواحش ، واستحلالهم للخمر وتسميتها بغير اسمها ، وانتشار قطيعة الرحم وسوء معاملة الجار ، وتوالي الحروب ، وكثرة الزلازل ، وزيادة عدد النساء على الرجال ، وادعاء ثلاثين رجلا للنبوة ، إلى غير ذلك من العلامات التي وقعت .


فهذه العلامات الصغرى التي جاء الواقع ليصدقها شاهد صدقٍ على أشراط الساعة الأخرى التي لم تقع حتى الآن ، مع يقيننا بوقعها وتصديقنا بحصولها ، كعودة الجزيرة العربية مروجا وأنهاراً كما كانت من قبل ، وخروج الدجال ، ونزول المسيح عيسى عليه السلام آخر الزمان ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية .

ومن ذلك أيضا قتال اليهود آخر الزمان حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ، فيتكلم بإذن الله ويقول :-
" يا عبد الله ، هذا يهودي ورائي فاقتله "

وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، وهبوب ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين ، فتخلو الأرض منهم ، وتقوم الساعة على شرار الخلق ،,,

والأخبار في هذا الباب كثيرةٌ ، وقد حرص العلماء على جمعها وتوثيقها لتبقى شاهدةً على نبوّته - صلى الله عليه وسلم -، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ يقول :-
فإن قال في يومٍ مقالة غائب فتصديقها في صحوة اليوم أو في غد

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { من معجزاته نطق الجماد والحيوان بين يديه } **

من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته ، وإكراماً له ، وإعلاءً لقدره ، إنطاق الجماد له ، وتكلم الحيوان إليه ، الأمر الذي ترك أثره في النفوس ، وحرك العقول ، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها ، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين ، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها ، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع ، ويدفع عنهم الضر ، ويرقى بهم بين الأمم ، ويضمن لهم سعادة الدارين .

نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً ، فسبّح الطعام ، وسلّم الحجر والشجر ، وحنَّ الجذع ، واشتكى الجمل ، إنها آياتٌ وعبر ، حصلت وثبتت في صحيح الخبر ، فلا بد من تصديقها وقبولها ، وإن خالفت عقول البشر .
زيادة الماء بالايناء ,,,,

فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :-
( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال:- حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله ، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل )
رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .

تسليم الحجر والجبال والشجر ,,,,

ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : -
( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث ، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:-
( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول :- السلام عليك يا رسول الله )
رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .

خار الجذع كخوار الثور ,,,,

ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :-
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه ، فحنَّ الجذع ، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي :-
( خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد ) .
وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .

اشتكى الجمل إلى رسول الله ,,,,

أما نطق الحيوان ، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له ، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : -
( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم ، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس ، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً - كل ما ارتفع من بناء وغيره - ، أو حائش نخل - بستان فيه نخل صغار - ،,,
قال :- فدخل حائطاً لرجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه - أصل أذنيه وطرفاهما - فسكت ،,,
فقال :- من رب هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟
فجاء فتى من الأنصار ، فقال :- لي يا رسول الله ،
( فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ، فإنه شكا إلي أنك تجيعه ، وتدئبه - تَكُدُّهُ وتُتعبه - )
رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني .

فغيرها الكثير ,, فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته ، وصحة دعوته .



** { الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم } **

المعنى ,,,,

المقصود بالصلاة على النبي من الله رحمته ورضوانه وثناؤه عليه عند الملائكة ومن الملائكة الدعاء له والاستغفار ومن الأمة الدعاء والاستغفار والتعظيم له .

الصيغة ,,,,

أفضل الصيغ اللهم صل علي محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وهناك صيغ أخرى ،,,
وأقل ما يجزئ هو (( اللهم صل على محمد )) .

أوقات الصلاة ,,,,

يوم الجمعة وليلتها ، وعند الصباح والمساء ، وعند دخول المسجد والخروج منه وعند قبره ،,,
وعند إجابة المؤذن ، وعند الدعاء وبعده ، وعند السعي ، وعند اجتماع القوم وتفرقهم ، ,,,
وعند الفراغ من التلبية , وعند ذكر اسمه , وعند استلام الحجر , وعند القيام من النوم ,,, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة ، وعند تبليغ العلم للناس ، وعند الوعظ وإلقاء الدروس ,,,
وعند خطبة الرجل المرأة في النكاح , وختم القرآن ، وفي كل موطن يجتمع فيه على ذكر الله .

ثواب المصلي ,,,,

قال رسول الله :-
" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات "
قال رسول الله :-
" من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة "
عن ابن مسعود قال رسول الله :-
" أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " وفي بعض الآثار " ليردن علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة صلاتهم علي "
قال أبي بن كعب يا رسول الله إني أكثر من الصلاة عليك فكم اجعل لك من صلاتي ؟
قال :- " ما شئت "
قال الربع قال :-
" ما شئت " وأن زدت فهو خير قال الثلث ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال النصف ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال :- " يا رسول فاجعل صلاتي كلها لك ؛؛
" إذا تكفي ويغفر ذنبك " } .



التوقيع

عرض البوم صور wolf101  
رد مع اقتباس
  #20  
قديم 04-08-2012, 09:13 PM
wolf101 wolf101 غير متواجد حالياً
عضو فعال
افتراضي رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم


** { مكانة الرسول في القرآن الكريم } **

ذكر إسمه عليه الصلاة والسلام 4 مرات ،،،،

قال تعالى : - ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ( آل عمران : 144 )
وقال تعالى : -
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين }
وقال تعالى : -
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) ( محمد : 2 )
وقال تعالى : - ( محمد رسول الله )
وأما أحمد فورد مرة واحدة حكاية عن عيسى قال: -
ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد .

أول ما أمر به المصطفى الكريم ،،،،

عن أبي أمامة قال :-
قلت :- يا نبي الله ! ما كان أول بدء أمرك ؟
قال : -
( دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
( دعوة أبي إبراهيم )
أي قوله : - ( ربنا وابعث فيهم رسـولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم )

(بشرى عيسى )
أشار إليه قوله تعالى حاكياً عن المسيح
( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )

(ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
قال ابن رجب ( وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجىء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منه كما قال تعالى : قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )

أخذ العهد له ،،،،

قال تعالى :-
{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "81" } ( سورة آل عمران )

كان نبينا عندما كان آدم في طينته ،،،،

قال رسول الله " إني عند الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته "

هو أول المسلمين ،،،،

قال الله تعالى :- { أمرت لأكون أول من أسلم }
(سورة الأنعام)

هو أولى الأنبياء من أممهم ،،،،

"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ".
وقصة صيام يوم عاشوراء .

أزواجه أمهات المؤمنين ،،،،

قال تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم "6" }
( سورة الأحزاب )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه خير الخلق ،،،،

قال رسول الله :-
" أن الله اصطفى كنانه من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " وقال :- " أنا سيد ولد آدم ولا فخر "

رحمة للعالمين ،،،،

{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107" }
( سورة الأنبياء )

أمان لأمته ،،،،

قال تعالى :- { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم "33" } ( سورة الأنفال )
وقال رسول الله :- " النجوم أمنة السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي "

عموم رسالته ،،،،

قال تعالى :- {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً }
( سورة سبأ "28 )

تكفل الله بحفظه ،،،،

قال تعالى :- {والله يعصمك من الناس }
( سورة المائدة "67 )
وقال تعالى :- { أنا كفيناك المستهزئين }
( سورة الحجر "95 )

التكفل بحفظ دينه ،،،،

قال تعالى :- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9" } ( سورة الحجر )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

إنه منة على المؤمنين،،،،

ذكر لنا ربنا في كتابه هذه المنة التي تطوق عنق كل مسلم في كل زمان ومكان ، فقال:-
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ }
[ آل عمران : 164 ]

ومن ثم يؤكد القرآن الكريم على موقع النبي صلى الله عليه وسلم لدى كل مسلم ؛ فيقول:-
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب:6] .
فهو أقرب إلينا من قلوبنا ، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا ، وهو عند كل مسلم منا أعز لديه ، وأغلى من جميع الخلق دونما استثناء ، وعن أنس رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين [متفق عليه] .

نداء متميز ,,,,

وقد اشتمل القرآن الكريم على الكثير من الإشارات التي تتحدث عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربه ، ولا يتسع المجال هنا للتفصيل في كل ما يتعلق بهذا الجانب ، ونكتفي بذكر بعض ما ورد بهذا الشأن .

فمثلا من علامات بر الله به وتعظيمه لشأنه أنه جل شأنه نادى جميع الأنبياء بأسمائهم ،,,
فقال:- يا آدم ، يا نوح ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا زكريا ، يا يحيى ... إلخ ،,,
بينما نادى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله له :-
يا أيها النبي – يا أيها الرسول – يا أيها المزمل -- يا أيها المدثر .

وحين أثنى الله على أنبيائه السابقين بما فيهم من أخلاق كريمة ؛ كان يذكر لكل نبي صفات محددة .
فقال عن خليله إبراهيم :- { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ }
وقال عن إسماعيل :-
{ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن موسى :- { إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن أيوب :- { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
وحين تحدث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين أنه حاز الكمالات كلها فقال :-
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رحمة للعالمين ,,,,

ومن الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم أن كل نبي مبعوثا إلى قومه خاصة ؛ وفي القرآن ما يشير إلى هذا .
فيقول الله عن عيسى :- { وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ }
وعن هود قال :- { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا }... إلخ
في حين أن رسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة في زمانه وفيما بعد زمانه ، فهو خاتم النبيين ،،،
قال تعال :- { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } .
وقال جل ذكره :- { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } .

وفي الحديث الذي رواه الشيخان :-
" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وكمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين " { صححه الألباني } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما أخذه من العهد على جميع الأنبياء من الإيمان به ونصرة دينه
فقال تعالى :- { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما جاء في قوله تعالى :-
{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }
قال قتادة :- " رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس هناك خطيب ولا مستشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول :- أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " .

وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه

ضم الإله اسم النبي إلى اسمه ***
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله ***
فذو العرش محمود وهذا محمد


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ثناء متتالي ,,,,

ومن مظاهر تكريم الله تعالى لنبيه وثنائه عليه ما جاء في مطلع سورة النجم مع غيرها من السور,,
حيث أثنى الله على عقله فقال :-
{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }
وأثنى على لسانه فقال :- { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }
وأثنى على جليسه ومعلمه جبريل فقال :-
{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }
وأثنى على بصره فقال :- { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى }
وأثنى على صدره فقال :- { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك َ}
وأثنى على أخلاقه كلها فقال :- { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم ٍ}

ونكتفي بهذا القدر من الإشارات القرآنية على علو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم منزلته عند ربه ، فالكلام فيها يطول ويطول .

وقد أشار العلماء رحمهم الله إلى أن خصال الكمال والجلال إذا وقعت منها واحدة أو اثنتان لشخص ما عظم قدره ، وضربت باسمه الأمثال ،,,
فيقال :- أحلم من الأحنف ، وأكرم من حاتم ، وأذكى من إياس ... إلخ
فكيف بمن عظم قدره حتى اجتمعت فيه كل هذه الخصال ؟

يقول القاضي عياض اليحصبي في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى "
" ما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه خصال الخير كلها مما لا يحصيه عد ، ولا يعبر عنه مقال ، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال ، من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والإسراء والرؤية والقرب والدنو والوحي والشفاعة والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود والبراق والمعراج ، والبعث إلى الأحمر والأسود ، والصلاة بالأنبياء والشهادة بين الأنبياء ، وسيادة ولد آدم ، والرحمة للعالمين ، وشرح الصدور ، ورفع الذكر ، والتأييد بالملائكة ، وإيتاء الكتاب والحكمة ، وصلاة الله تعالى والملائكة عليه ، ووضع الإصر ، والأغلال عن الخلق ببعثه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وتكثير القليل وانشقاق القمر ، والنصر بالرعب ، والإطلاع على الغيب ، وظل الغمام وتسبيح الحصى ، والعصمة من الناس ،,

إلى ما لا يحصيه عد ولا يحيط بعلمه إلا الله تعالى إضافة إلى ما أعد الله له في الدار الآخرة من منازل الكرامة ، ودرجات القدس ، ومراتب السعادة والحسنى والزيادة التي تقف دونها العقول ، وتحار دون إدراكها الأفهام " ا. هـ بتصرف .

وصدق من قال :-

فإن فضل رسول الله ليس له **** حد فيعرب عنه ناطق بفم

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

واجب المحب للنبي ,,,,

ولا يملك المسلم أمام هذا البنيان الشامخ إلا التوقير والإجلال لمقام هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتفي أثر الصحب الكرام الذين تفانوا في حب رسولهم صلى الله عليه وسلم حتى شهد بذلك الأعداء والأصدقاء على السواء .
يقول أبو سفيان بن حرب قبل أن يعلن إسلامه :-
" ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا "

ومن حق هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا أن نقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من مقامه الشريف بأي لون من الألوان .
قال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } .

وقال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ

وقد أدبنا ربنا تبارك وتعالى بأدب المقاطعة ، والبغض لأولئك المتطاولين على مقامه الكريم صلى الله عليه وسلم .

فقال :- { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

فليعتذر كل مسلم إلى الله عز وجل عما يقال ، أو ينشر في حق نبيه صلى الله عليه وسلم مما لا يليق بمقامه الشريف ، وليكن ذلك بصورة عملية تتناسب مع موقع كل منهم ومدى تأثيره ، بدءا من إظهار الاحتجاج واستدعاء السفراء ومخاطبة المسئولين في الدول التي تنطلق منها هذه المواقف ، ومرورا بالمقاطعة الاقتصادية لسلع ومنتجات تلك الدول ، وكل ما في وسع المسلم أن يفعله لنصرة الحبيب المصطفى ~ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

فضله صلى الله عليه وسلم ,,,,

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
{ أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي ؛؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس كافة }
[متفق عليه]

وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا أول الناس يشفع يوم القيامة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة } .

وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشقُّ عنه القبر ، وأول شافع وأول مُشفع } .

لم يناده باسمه ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك }
( سورة المائدة " 67 )
{ يا أيها النبي حسبك الله }
( سورة الأنفال " 64 )

النهي عن مناداته باسمه ورفع الصوت فوقه ,,,,

قال تعالى : -
{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً }
( سورة النور " 63 )
{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي }
( سورة الحجرات " 2 )

فرض بعض شرعه في السماء ,,,,

عن ابن مسعود قال :-
" أعطى رسول الله ثلاثاً ( يعني ليلة الإسراء ) ,,,
أعطى الصلوات الخمس ،
وأعطى خواتيم سورة البقرة ،
وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات
( الذنوب المهلكات ) "

استمرار الصلاة عليه ,,,,

قال تعالى :-
{ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " 56 " }
(سورة الأحزاب) كلمة يصلون تقتضي التجديد والاستمرار .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

القسم به صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقسم بحياته قال تعالى :-
{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون }
( سورة الحجر " 72 )
القسم ببلده قال تعالى :-
{ لا أقسم بهذا البلد " 1 " وأنت حل بهذا البلد " 2 " } ( سورة البلد )
القسم له قال تعالى :-
{والنجم إذا هوى" 1ما ضل صاحبكم وما غوى" 2 }
( سورة النجم )

الإسراء والمعراج ,,,,

ونال فيها شرف تكليم الله تعالى له ورؤية الجنة والنار وسماع صريف الأقلام .
وإمامته بالأنبياء بالمقدس قال رسول الله :-
" وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء .. فكانت الصلاة فأممتهم .. "

غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ,,,,

قال تعالى :-
{ إنا فتحنا لك .. إلى أن قال :-
"ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر }

تأخير دعوته المستجابة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة "

إسلام قرينه له ,,,,

قال رسول الله :-
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ،
قالوا :- وإياك يا رسول الله ؟
قال :- وإياي إلا إن الله أعانني عليه فأسلم فلم يأمرني إلا بخير "

قرنه خير القرون ,,,,

قال رسول الله :-
" بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً .. "

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

ما بين بيته ومنبره روضة ,,,,

قال رسول الله :-
" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي "

رؤيته في المنام حق ,,,,

قال رسول الله :- " من رآني في المنام فقد رآني حقاً .. "

يرى من وراء ظهره ,,,,

قال رسول الله :-
" فوالله ما يخفي علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري "

خاتم النبوة ,,,,

عن جابر قال :-
رأيت خاتماً في ظهر رسول الله كأنه بيضة حمام "
وهو خاتم النبوة بين كتفه .

فضائل جمة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأعطيت مفاتيح خزائن الأرض وبينما أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت بين يدي قال أبو هريرة :- " فذهب رسول الله وأنتم تنتشلوها "

اطلاعه على المغيبات ,,,,

قال عمر :- " قام فينا النبي مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم وحفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه "
ما أكرم الله به محمداً صلى الله عليه وسلم في الآخرة

وصف بالشهادة ,,,,

قال تعالى : -
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " 41 " } ( سورة النساء )

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أول من يبعث وأول شافع ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وأول من ينشق عنه القبر .. وأول شافع وأول مشفع "

الأنبياء تحت لوائه ,,,,

قال رسول الله :-
".. ما من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج ، وإن معي لواء الحمد ، أنا أمشي ويمشي الناس معي حتى آتى باب الجنة "

أول من يجيز الصراط ,,,,

قال رسول الله :- " فأكون أول من يجيز من الرسل بأمته "

أول من يدخل الجنة ,,,,

قال رسول الله :-
" وأنا أول من يقرع باب الجنة "
وقال :- " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟!
فأقول :- محمد
فيقول :- بك أمرت لا افتح لأحد قبلك "

له كرسي عن يمين العرش ,,,,

عن عبد الله بن سلام :- إن أكرم خليفة الله أبو القاسم ثم قال فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ونبياً نبياً حتى يكون احمد وأمته آخر الأمم مركزاً قال :- فيقوم فيتبعه أمته برها وفاجرها ثم يوضع جسر جهنم فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه ، فتتلقاهم الملائكة فتريهم منازلهم من الجنة على يمينك ، على يسارك حتى ينتهي إلى ربه فيلقي له كرسي عن يمين الله ثم ينادي مناد أين عيسى وأمته "

أكثر الأنبياء تبعاً ,,,,

قال رسول الله :- " أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة "


أعطى الكوثر ,,,,

قال رسول الله :-
" بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، فقلت ما هذا يا جبريل؟!
قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك "

إعطاؤه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ,,,,

وذلك ثابت في الحديث المشهور بالدعاء بعد سماع الأذان

الشفاعة ,,,,

لأهل الصغائر والكبائر ولدخول الجنة ولأهل الموقف لتعجيل الحساب

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

طهارة النبي ,,,,

قال تعالى :-
{ كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم " 151 " } ( سورة البقرة )
قال علي بن أبي طالب أي " نسباً وطهراً وحسباً ليس في آبائي من لدن آدم سفاح
وعن ابن عباس قال في قوله تعالى :-
{ وتقلبك في الساجدين " 219 " } ( سورة الشعراء ) أي من نبي إلى نبي .

الرحمة ,,,,

قال تعالى :- { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107"} (سورة الأنبياء)
.. زين الله محمداً بزينة الرحمة فكان رحمة ، وجميع صفاته رحمة على الخلق ، فمن أصابه شيء من رحمته فهو الناجي ، فكانت حياته رحمة ومماته رحمة يعني للجن والأنس ولجميع الخلق فللمؤمن رحمة بالهداية ورحمة للمنافق بالأمان من القتل ، ورحمة للكافر بتأخير العذاب .

الشاهد والبشير النذير ,,,,

{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً "45" } (سورة الأحزاب)
فهو شاهد على الخلق يوم القيامة وشاهد بوحدانية الله ولم يجعله الله مدعياً ، كما أنه مبشر إلى الله وما عنده فمن لم يستجب كان منذراً لهم ، ثم لا يكتفي بالتبشير والنذير وإنما يدعوهم بعد ذلك " وداعيا إلى الله " .

السراج المنير ,,,,

{ وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " 46 " }
( سورة الأحزاب )
والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة فإذا انطفأت يبقى الأول وكل صحابي أخذ من نور الهداية ، ولهذا قال رسول الله " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
" فلم يجعل أصحابه سرج وإنما نجوم ، والنجم لا يؤخذ منه نور ، ولهذا إذا مات الصحابي فالتابعي يستنير بنور النبي ولا يأخذ منه إلا قوله وفعله .
رفع الذكر ,,,,

{ ورفعنا لك ذكرك "4"} ( سورة الشرح )
قال ابن عباس :- يذكر مع الله في الأذان والإقامة والتشهد ويوم الجمعة على المنابر ويوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها ولو أن رجلاً عبد الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء وكان كافراً ، وقيل رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وفي الأرض عند المؤمنين ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود وكرائم الدرجات .

حلمه صلى الله عليه وسلم ,,,,

روي أن النبي لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم فقال :-
" إني لم ابعث لعاناً ولكني بعثت داعياً ورحمة ، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "

وفاؤه صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان النبي إذا أتى بهدية قال اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة وإنها كانت تحب خديجة .
ودخلت عليه امرأة فهش لها واحسن السؤال عنها فلما خرجت قال :-
" أنها كانت تأتينا أيام خديجة
وأن حسن العهد من الإيمان "

تواضعه صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقد كان في بيته في مهنة أهله يغلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويخدم نفسه ويصم (يكنس) البيت ويعقل (يربط) البعير ويعلف ناضحه (الجمل) ويأكل مع الخادم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق.
وخير بين أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فاختار أن يكون نبياً عبداً

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

من مزاحه وضحكه ~ مع الجارية ,,,,

قالت أم نبيط :- أهدينا جارية وكنت مع نسوة ومعي دف أضرب به وأقول :-
أتيناكم أتيناكم ، فحيونا نحييكم ، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم ,,
فقالت :- فوقف علينا رسول الله فقال :- ما هذا يا أم نبيط ؟
فقلت بأبي وأمي يا رسول الله جاريه نهديها إلى زوجها ،,,
قال :- فتقولين ماذا؟
" قلت فأعدت عليه " فقال :- " ولولا الحنطة السمراء ما سمنت ذراريكم "

من مزاحه وضحكه ~ مع زوجاته ,,,,

قالت عائشة أتيت بجريرة ( شوربة ) قد طبختها فقلت لسودة والنبي بيني وبينها .
كلي فأبت أن تأكل فقلت لتأكلين وإلا لطخته وجهك ، فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها فضحك رسول الله ورفع رجله من حجرها ، وقال الطخي وجهها فأخذت شيئاً من الصعقة فلطخت به وجهي ورسول الله يضحك ..

من مزاحه وضحكه ~ مع إحدى النساء ,,,,

جاءت امرأة يقال لها أم أيمن إلى رسول الله فقالت :- إن زوجي يدعوك ,،
قال :- " من هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ "
فقالت :- أي يا رسول الله ؟ والله ما بعينيه بياض ؟ وكان يمزح معها

من مزاحه وضحكه ~ مع الأطفال ,,,,

كان رسول الله يأخذ بيد الحسين بن علي رضي الله عنه فيرفعه على باطن قدميه ويقول : -
" حزقة حزقة ترق عين بقه .. "
وكان يدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي لسانه فيهش إليه .

من مزاحه وضحكه ~ مع أحد أصحابه ,,,,

عن أنس أن رسول الله قال :- " فاتني أزيهر أزيهر " وهو يقوم يبيع متاعه في السوق ، وكان رجلاً دميماً فاحتقنه من خلفه ، ولا يبصره الرجل ،,,
فقال :- أرسلني : من هذا ؟ فالتفت فعرف رسول الله فجعل لا يألو ما ألصق ظهره لصدر رسول الله حين عرفه .
وجعل رسول الله يقول :- " من يشتري العبد ؟ فقال يا رسول الله إذن والله تجدني كاسداً ، فقال رسول الله ولكن عند الله لست بكاسد .

الإيمان به وثواب محبته ,,,,

قال رسول الله :- " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله "20" }
( سورة الأنفال )
{ يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول
"66" } (سورة الأحزاب)
لزوم محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال رسول الله :- " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
وقال " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : ـ وذكر في الأولى ـ أن يكون الله ورسوله احب إليه مما سواهما..

ثواب محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه لا يطرف فقال :- " ما بالك ؟ "
قال :- بأبي أنت وأمي أتمتع من النظر إليك ، فإذا كان يوم القيامة رفعك الله بتفضيله ,,
فأنزل الله :- { ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً " 69 " } ( سورة النساء )

حب امرأة من الأنصار ,,,,

أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد فقالت وما حال رسول الله ؟
قالوا خيراً هو بحمد الله كما تحبي قالت :- أرنيه حتى انظر إليه ، فلما رأته قالت :- كل مصيبة بعدك جلل .

حب الصحابة له ,,,,

سئل علي بن أبي طالب عن حب الصحابة للنبي فقال :-
كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { آيات ومعجزات النبوة } **


الحديث عن يوم القيامه ,,,,

فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن كثيرٍ من الغيوب التي أطلعه الله عليها في مناسباتٍ عديدة ، كان أهمّها موقفه حينما قام بالناس خطيباً فأخبرهم بما هو كائن إلى يوم القيامة ،,,
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :-
" قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه "
رواه البخاري

باستشهاد عدد من أصحابه ,,,,

أما ما يتعلق باستشهاد عدد من أصحابه ، فقد أخبر باستشهاد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان رضي الله عنهما ، وقال عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه :-
( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ) رواه البخاري ،,,
وكان يقول عند زيارته أم ورقة :-
( انطلقوا بنا نزور الشهيدة ) رواه أحمد
وأخبر ثابت بن قيس رضي الله عنه باستشهاده فقال :-
( يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ) رواه الحاكم ،,,
ويضاف إلى ذلك إخباره عليه الصلاة والسلام عن مقتل قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة في اليوم الذي قُتلوا فيه رغم بعد المسافة وعدم وجود وسيلة لإبلاغ الخبر بهذه السرعة .

ما أخبره عن زوجته وبنته رضوان الله عليهن ,,,,

كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – أن أسرع أزواجه لحوقا به أطولهن يدا ، فكانت زينب رضي الله عنها لطول يدها بالصدقة ،,,
وأخبر أن ابنته فاطمة رضي الله عنها أول أهله لحوقا به ، فتوفيت رضي الله عنها بعد أقل من ستة أشهر من وفاة أبيها .

الحديث عن سوء الخاتمه ,,,,

وفي المقابل، أخبر – صلى الله عليه وسلم – بسوء الخاتمة لبعض من عاصره، كأمثال أمية بن خلف،,,
وأخبر بمقتل أكابر قُريش في معركة بدر مبيناً مواضع قتلهم، فلم يجاوز أحدهم موضعه .

أما إنه من أهل النار ,,,,

ومن ذلك أيضاً ما حدث في إحدى المعارك النبويّة حينما قاتل أحدهم في صفوف المسلمين بشجاعة نادرة ، فأظهر الصحابة إعجابهم بقتاله ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - :- ( أما إنه من أهل النار ) ،,,
فقام أحد الصحابة بمراقبة هذا الرجل ، فوجده مثخناً بالجراح ، فلم يصبر على آلامه واستعجل الموت فقتل نفسه ,,،
فعاد الصحابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخبره بما فعل الرجل ، رواه البخاري .

رويته المستقبليه ,,,,

وأما ما يتعلّق بأحداث المستقبل ، فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعديد منها ،,,
يأتي في مقدمتها الإخبار عن ظهور هذا الدين والتمكين له واتساع رقعته ، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) رواه البخاري ،,,

وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ) رواه مسلم ،,,
ويدخل في ذلك الإخبار عن ثبات الطائفة المنصورة على الحق إلى قيام الساعة ، فقد روى الإمام مسلم عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .

ومن جملة ما أخبر به – صلى الله عليه وسلم - طاعون عمواس - الذي حدث في الشام وكان سبباً في موت كثير من الصحابة - وكثرة المال واستفاضته كما حدث في زمن الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز .

ومن ذلك أيضا، إخباره بفتح الشام وبيت المقدس، وفتح اليمن ومصر، وركوب أناسٍ من أصحابه البحر غزاةً في سبيل الله، وإخباره – صلى الله عليه وسلم – عن غلبة الروم لأهل فارس خلال بضع سنين كما في سورة الروم.

المعنى ,,,,

ومن الأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي – صلى الله عليه وسلم – زوال مملكتي فارس والروم ، ووعده لسراقة بن مالك رضي الله عنه أن يلبس سواري كسرى ، وهلاك كسرى وقيصر ، وإنفاق كنوزهما في سبيل الله ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : -
( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ) رواه البخاري ،,,

وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – صخرة لم يستطيعوا كسرها ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأخذ الفأس ..
وقال :- ( بسم الله ) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر ،,,
وقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال :- ( بسم الله ) ، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال : ( بسم الله ) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر ،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا ) رواه أحمد ،,,

وقد فتح الله تلك الممالك على يد المسلمين في عصور الخلافة ، وقام عمر رضي الله عنه بإلباس سراقة رضي الله عنه سواري كسرى .

الضعف والهوان من بعده ,,,,

ومن الأمور التي أخبر بها النبي – صلى الله عليه وسلم – وتكالب أعدائها عليها، فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها )
فقال أحدهم :- " ومن قلةٍ نحن يومئذ ؟ "
فقال لهم :- ( بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن : حب الدنيا وكراهية الموت )
وواقعنا اليوم خير شاهد على تحقّق ذلك .

التقليد الأعمى للأمم الكافرة ,,,,

وهذا الانحدار الذي حذّر منه النبي – صلى الله عليه وسلم – كان نتيجةً حتميةً لافتراق الأمة واختلافها ، والتقليد الأعمى للأمم الكافرة وسلوك سبيلها ،,
وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك في قوله :-
( والذي نفس محمد بيده ، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة ، وثنتان وسبعون في النار ) رواه ابن ماجة ،,,
وقوله :- ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )
رواه البخاري .

الفتن وأشراط الساعة ,,,,

ومن المغيبات - غير ما تقدم - إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وأشراط الساعة ، ويشمل ذلك الحديث عن الرّدة التي ستكون بعده ,،
فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ) رواه الترمذي ,,،
والأخبار عن استمرار الخلافة بعده ثلاثين سنة ، وذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم –
( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملكا بعد ذلك )
رواه الترمذي

تقارب الزمان وظهور النساء العاريات ,,,,

ومن جملة ما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – غير ما تقدم ، تقارب الزمان ، وتوالي الفتن ، حتى يصبح القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ،,,

وظهور النساء الكاسيات العاريات ، وتطاول الحفاة الرعاة في البنيان ، وتضييع الناس للأمانة ، وتعاملهم بالربا ، وإتيانهم للفواحش ، واستحلالهم للخمر وتسميتها بغير اسمها ، وانتشار قطيعة الرحم وسوء معاملة الجار ، وتوالي الحروب ، وكثرة الزلازل ، وزيادة عدد النساء على الرجال ، وادعاء ثلاثين رجلا للنبوة ، إلى غير ذلك من العلامات التي وقعت .


فهذه العلامات الصغرى التي جاء الواقع ليصدقها شاهد صدقٍ على أشراط الساعة الأخرى التي لم تقع حتى الآن ، مع يقيننا بوقعها وتصديقنا بحصولها ، كعودة الجزيرة العربية مروجا وأنهاراً كما كانت من قبل ، وخروج الدجال ، ونزول المسيح عيسى عليه السلام آخر الزمان ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية .

ومن ذلك أيضا قتال اليهود آخر الزمان حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ، فيتكلم بإذن الله ويقول :-
" يا عبد الله ، هذا يهودي ورائي فاقتله "

وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، وهبوب ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين ، فتخلو الأرض منهم ، وتقوم الساعة على شرار الخلق ،,,

والأخبار في هذا الباب كثيرةٌ ، وقد حرص العلماء على جمعها وتوثيقها لتبقى شاهدةً على نبوّته - صلى الله عليه وسلم -، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ يقول :-
فإن قال في يومٍ مقالة غائب فتصديقها في صحوة اليوم أو في غد

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

** { من معجزاته نطق الجماد والحيوان بين يديه } **

من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته ، وإكراماً له ، وإعلاءً لقدره ، إنطاق الجماد له ، وتكلم الحيوان إليه ، الأمر الذي ترك أثره في النفوس ، وحرك العقول ، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها ، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين ، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها ، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع ، ويدفع عنهم الضر ، ويرقى بهم بين الأمم ، ويضمن لهم سعادة الدارين .

نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً ، فسبّح الطعام ، وسلّم الحجر والشجر ، وحنَّ الجذع ، واشتكى الجمل ، إنها آياتٌ وعبر ، حصلت وثبتت في صحيح الخبر ، فلا بد من تصديقها وقبولها ، وإن خالفت عقول البشر .
زيادة الماء بالايناء ,,,,

فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :-
( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال:- حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله ، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل )
رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .

تسليم الحجر والجبال والشجر ,,,,

ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : -
( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث ، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:-
( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول :- السلام عليك يا رسول الله )
رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .

خار الجذع كخوار الثور ,,,,

ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :-
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه ، فحنَّ الجذع ، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي :-
( خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد ) .
وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .

اشتكى الجمل إلى رسول الله ,,,,

أما نطق الحيوان ، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له ، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : -
( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم ، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس ، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً - كل ما ارتفع من بناء وغيره - ، أو حائش نخل - بستان فيه نخل صغار - ،,,
قال :- فدخل حائطاً لرجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه - أصل أذنيه وطرفاهما - فسكت ،,,
فقال :- من رب هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟
فجاء فتى من الأنصار ، فقال :- لي يا رسول الله ،
( فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ، فإنه شكا إلي أنك تجيعه ، وتدئبه - تَكُدُّهُ وتُتعبه - )
رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني .

فغيرها الكثير ,, فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته ، وصحة دعوته .



** { الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم } **

المعنى ,,,,

المقصود بالصلاة على النبي من الله رحمته ورضوانه وثناؤه عليه عند الملائكة ومن الملائكة الدعاء له والاستغفار ومن الأمة الدعاء والاستغفار والتعظيم له .

الصيغة ,,,,

أفضل الصيغ اللهم صل علي محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وهناك صيغ أخرى ،,,
وأقل ما يجزئ هو (( اللهم صل على محمد )) .

أوقات الصلاة ,,,,

يوم الجمعة وليلتها ، وعند الصباح والمساء ، وعند دخول المسجد والخروج منه وعند قبره ،,,
وعند إجابة المؤذن ، وعند الدعاء وبعده ، وعند السعي ، وعند اجتماع القوم وتفرقهم ، ,,,
وعند الفراغ من التلبية , وعند ذكر اسمه , وعند استلام الحجر , وعند القيام من النوم ,,, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة ، وعند تبليغ العلم للناس ، وعند الوعظ وإلقاء الدروس ,,,
وعند خطبة الرجل المرأة في النكاح , وختم القرآن ، وفي كل موطن يجتمع فيه على ذكر الله .

ثواب المصلي ,,,,

قال رسول الله :-
" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات "
قال رسول الله :-
" من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة "
عن ابن مسعود قال رسول الله :-
" أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " وفي بعض الآثار " ليردن علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة صلاتهم علي "
قال أبي بن كعب يا رسول الله إني أكثر من الصلاة عليك فكم اجعل لك من صلاتي ؟
قال :- " ما شئت "
قال الربع قال :-
" ما شئت " وأن زدت فهو خير قال الثلث ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال النصف ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال :- " يا رسول فاجعل صلاتي كلها لك ؛؛
" إذا تكفي ويغفر ذنبك " } .




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
النبوية, الصخرة, الشريفة, تعرفه

أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة



الساعة الآن 12:18 AM



جميع الحقوق محفوظة الى اف اكس ارابيا www.fx-arabia.com

تحذير المخاطرة

التجارة بالعملات الأجنبية تتضمن علي قدر كبير من المخاطر ومن الممكن ألا تكون مناسبة لجميع المضاربين, إستعمال الرافعة المالية في التجاره يزيد من إحتمالات الخطورة و التعرض للخساره, عليك التأكد من قدرتك العلمية و الشخصية على التداول.

تنبيه هام

موقع اف اكس ارابيا هو موقع تعليمي خالص يهدف الي توعية المستثمر العربي مبادئ الاستثمار و التداول الناجح ولا يتحصل علي اي اموال مقابل ذلك ولا يقوم بادارة محافظ مالية وان ادارة الموقع غير مسؤولة عن اي استغلال من قبل اي شخص لاسمها وتحذر من ذلك.

اتصل بنا

البريد الإلكتروني للدعم الفنى : support@fx-arabia.com
جميع الحقوق محفوظة اف اكس ارابيا – احدى مواقع Inwestopedia Sp. Z O.O. للاستشارات و التدريب – جمهورية بولندا الإتحادية.
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024 , Designed by Fx-Arabia Team