المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الازمه الماليه و الرأسماليه


Samy
11-06-2010, 12:21 AM
بقلم أ / فؤاد النمري

كنت كتبت في الأزمة المالية الماثلة قبل أكثر من ثلاثة أسابيع تحت عنوان
" ما الذي ينهار اليوم في أميركا "
مؤكداً أن الأزمة لا تمت بصلة إلى أزمة النظام الرأسمالي
التي كان كارل ماركس قد تحدث عنها قبل قرن ونصف القرن إلا أنه ورغم كل الحقائق الصلبة التي تقطع الشك باليقين ظل الاقتصاديون البورجوازيون يبحثون في أثر الأزمة وأسبابها بافتراض خاطئ،

دون أدنى مبرر، وهو أن الأزمة هي أزمة النظام الرأسمالي، وبعضهم يتخوّف من أن تكون الأزمة قاتلة ـ لنظام قتل قبل 33 عاماً ـ
وبعضهم الآخر يؤمل أن تعالج الرأسمالية نفسها بنفسها كما كانت قد فعلت في السابق مرات ومرات .
هكذا يضربون أخماساً بأسداس دون أن يجروء أحد من الذين قرأوا ما كتبت، على الأقل، أن ينفي ما ذهبت إليه وهو أن الأزمة ليست أزمة الرأسمالية الكلاسيكية
(( بل هي احتضار الإقتصاد الاستهلاكي ونهايته وليس الإقتصاد الرأسمالي الذي كان قد انتهى قبل أكثر من ثلاثة عقود . ((

نؤكد هنا مرة أخرى لكافة الاقتصاديين من مختلف النحل أن الأزمة الماثلة الآن في العالم ليست هي الأزمة الدورية التي تحدث عنها كارل ماركس، ليست هي أزمة النظام الرأسمالي بأي مظهر من مظاهرها الكثيرة المختلفة التي منها ما يلي ..


1. الأزمة الدورية للرأسمالية تحدث دائماً بسبب الكساد واختناق السوق بالبضائع التي لا تجد من يشتريها نتيجة لهبوط القدرة الشرائية لدى عامة الناس وذلك لأن المجموع الكلّي للأجور في نظام الإنتاج الرأسمالي أقل من المجموع الكلّي لقيمة الإنتاج بما يساوي فائض القيمة . الأزمة الماثلة ليست بهذا الشكل على الإطلاق وذلك بسبب ..
• أن الإنتاج الرأسمالي في الولايات المتحدة، وهي مركز الأزمة، هو أقل من 17.5% من مجمل الإنتاج القومي، ولذلك يمكن القول أن مجموع الأجور المدفوعة في قطاعات الإنتاج المختلفة، الرأسمالية وغير الرأسمالية، هو أكبر من مجموع قيمة الإنتاج البضاعي الرأسمالي حيث يتضمن الأول أجور العاملين في الخدمات غير البضاعية .
• ثمة جفاف بضاعي في السوق الوطنية ولذلك تستورد الولايات المتحدة كل يوم بما قيمته مليارين من الدولارات زيادة على كل ما تنتجه وهو ما يعني أن الشعب الأميركي يستهلك سنوياً بما يزيد عن مجمل الإنتاج الأميركي زهاء تريليون دولار من البضائع المستوردة ومثله أو أكثر من المدخرات الأميركية


2. العقارات التي تسببت بالأزمة الحالية ليست منتوجاً رأسمالياً بأي شكل من الأشكال طالما أن العقارات ليست بضاعة تتم مبادلتها كما هي البضائع الأخرى وهي أملاك غير منقولة ولا يمكن تصديرها للأسواق الخارجيةولا تستهلك آنياً، بالإضافة إلى أن مكوناتها ليست من المواد المصنعة إلى حد كبير .


3. من أفلس في الأزمة الماثلة هو البنوك وليس المؤسسات الرأسمالية الصناعية، وقد أفلست بسبب الرهن غير المضمون . ما كانت البنوك لتخاطر بمثل هذه المخاطرة، بالرهن العقاري،لو أن التمدد الصناعي الرأسمالي الذي هو خاصية حيوية من خصائص النظام الرأسمالي كان بالمساحة الطبيعية أو حتى قريباً منها . لقد أضحى على البنوك أن تخاطر بالاتجار بالعقارات ورهنها غير المضمون وبالتسليف بالبطاقة الائتمانية ـ التي من المتوقع أن تتسبب بأزمة كبرى لاحقة ـ بعد أن بدأ الإنتاج البضاعي الرأسمالي بالانكماش مما تسبب في تجميد الحركة في الدوائر المالية وتباطؤ دورة الأموال لديها.


4. في أزمة الرأسمالية النموذجية تكون القدرة الشرائية لعامة المستهلكين ضعيفة تقصر عن تحريك مجرى البضائع في السوق، أما الأزمة الحالية فليست كذلك إذ أن المستهلكين، إذا صحت التسمية، وهم الذين تملكوا مساكن عن طريق الرهن العقاري، اشتروا أكثر بكثير من قدراتهم الشرائية وعجزوا عن التسديد وهذا من المحرمات في النظام الرأسمالي . سياسة رفع القدرات الشرائية عن طريق الرهن أو التسليف تكسر قانوناً أساسياً في النظام الرأسمالي وهو تحديد القدرات على الاستهلاك بما يكفل السيطرة على مستوى الأجور وتوفير فائض القيمة المطلوب


5. الشبه الوحيد بين الأزمتين هو أن الدورة الاقتصادية (نقد1 ـ بضاعة ـ نقد2) في الحالتين تتوقف عن الجريان لكن التوقف في كل من الحالتين مختلف تماماً عنه في الحالة الأخرى . ففي النظام الرأسمالي يتوجب أن يكون (نقد2) أكبر من (نقد1) والفرق هو الربح الذي هو المبرر الوحيد للنظام الرأسمالي . أزمة النظام الرأسمالي تبدأ بالتشكل عندما يميل (نقد2) إلى الإنخفاض باتجاه التساوي مع (نقد1)، وقبل التساوي بقليل، تتوقف المؤسسات الرأسمالية عن الإنتاج وتختنق السوق بفائض الإنتاج . وعلاجها الوحيد عندئذٍ هو الإنفاق على هامش من الأجور التي لا تنتج بضائع

SCOOORPION
11-06-2010, 12:44 AM
يحلو لوسائل الاعلام استخدام مصطلحات مثل (الهلع) و(فقدان الثقة) لتفسير الأزمة المالية العالمية، وذلك للتغطية على الاسباب الحقيقية التي أدت الى هذه الأزمة. وتصر وسائل الاعلام على استخدام تعبير (أزمة مالية) بدل (أزمة اقتصادية) للتخفيف من حدة الهلع او فقدان الثقة، فما بالك لو تمّ استخدام تعبير مثل (أزمة نظام اقتصادي اجتماعي)؟ فهل نحن أمام أزمة مالية أم أزمة اقتصادية اجتماعية؟ وهل أسبابها الهلع وفقدان الثقة؟
هذه ليست الأزمة الاقتصادية الأولى التي يمر بها النظام الاقتصادي الرأسمالي، فتاريخ هذا النظام هو تاريخ أزمات. ولنا أن نذكّر هنا بثلاث أزمات كبيرة على الأقل: أزمة الربع الأخير من القرن التاسع عشر (الكساد الطويل)، وأزمة النصف الأول من القرن العشرين (الكساد العظيم)، والأزمة الحالية.
ولأن الوقت لا يسمح لنا باستعراض هذه الأزمات في هذه العجالة نكتفي بالقول أن جوهر هذه الازمات الثلاثة واحد، ويتمثل ببساطة في (عجز المجتمع عن شراء ما أنتجه). فكيف يحصل ذلك؟
منذ البداية، وفي أعمال آباء النظرية الرأسمالية في الاقتصاد، مثل آدم سميث وريكاردو وثوماس مالثوس، يتم التعامل مع العمل والانتاج كمفاهيم اجتماعية، وعلينا أن لا ننسى أن هؤلاء المفكرين كانوا علماء اجتماع أصلاً. لقد ركزّوا على الطبيعة الاجتماعية للعمل، واتفقوا أن قيمة منتوج معيّن تساوي قيمة العمل الذي أنتجه (أي قانون القيمة). فقيمة طن من القمح مثلاً تساوي مجموع قيمة العمل الذي تم استنفاذه للحصول على هذه الطن من القمح، سواء كان العمل في زراعته او سقايته او حصده او نقله او حتى قيمة العمل الذي أنتج الآلات التي تستخدم في كل العمليات السابقة وغيرها.. الخ.
هنا تدخل كارل ماركس كمفكر اقتصادي اجتماعي، حيث وافق على طروحات سميث وريكاردو وغيرهما حول قانون القيمة، ولكنه غاص أعمق منهم في دراسة النظام الاقتصادي الاجتماعي. حيث طرح السؤال التالي: اذا كانت قيمة العمل الاجتماعي تحدد قيمة المنتوج، واذا كان صاحب رأس المال يدفع للمجتمع الأجر الحقيقي لقيمة عمله فمن أين يجني صاحب رأس المال ربحاً؟ بمعنى: اذا كان صاحب رأس المال يبيع البضاعة بسعر تكلفتها فكيف يحقق ربحاً؟ هذا السؤال دفع ماركس لابتكار ثلاث قيم للعمل، أهمها: وقت العمل الضروري اجتماعياً، وهو متوسط الوقت الاجتماعي الضروري الذي يستنفذه المجتمع في الإنتاج لكي يستطيع العيش بمستوى معيشي متوسط حسب معايير العصر (أي بكرامة)، ولكن العمال والموظفين يُدفع لهم أجرهم بعد انتهاء العمل (في نهاية اليوم مثلاً) بعد أن يكون وقت العمل الضروري اجتماعياً قد انتهى خلال اليوم، وبالتالي فإن الوقت الفائض من عملهم تذهب قيمته إلى صاحب رأس المال (او القيمة الفائضة حسب ماركس).
من هذا التحليل في نظرية القيمة استطاع ماركس استخلاص أن صاحب الانتاج (او الرأسمالي الذي يملك وسائل الانتاج) لا يستطيع تحقيق أي ربح إلا إذا دفع للعامل او الموظف أجراً أقل من القيمة الحقيقية لعمله. فلولا القيمة الفائضة لما حقق الرأسمالي ربحاً. وبما أن قيمة العمل هي ركيزة الانتاج فإنها تصبح سلعة في السوق بحد ذاتها وخاضعة للعرض والطلب، الأمر يزيد من القيمة الفائضة، وبالتالي من أرباح الرأسماليين وتراكم رؤوس الأموال لديهم.
مِن أين يأتي الطلب في السوق؟ من قدرة المجتمع على الشراء. ومِن أين تأتي القدرة على الشراء؟ من الدخل. ومن أين يأتي الدخل؟ من الأجور. ومن أين تأتي الأجور؟ من ما يدفعه صاحب رأس المال للعامل او الموظف كثمن لوقت عمله. ولكن هذا الثمن أقل من الثمن الذي بذله العامل في انتاج البضائع التي تأتي الى السوق. فكيف سيستطيع شراء ما يأتي الى السوق؟ هذا الأمر سيقلل من الطلب، فهل سيقلل صاحب رأس المال من سعر البضاعة في السوق؟ لن يخفض الرأسمالي السعر الى درجة عدم تحقيق ربح، لأنه إن خفضها الى هذه الدرجة يكون بطريقة غير مباشرة قد دفع للمجتمع أجر وقت عمله الحقيقي (بدون القيمة الفائضة).
إذاً، يُنتج أصحاب رؤؤس الأموال منتوجات قيمتها الفعلية تساوي قيمة العمل الاجتماعي الذي تم توظيفه لإنتاجها، ولكن المنتجين يدفعون لأفراد المجتمع أجوراً أقل من قيمة العمل التي بذلوها في الانتاج، لكي يحققوا أرباحاً، فكيف يستطيع المجتمع شراء ما أنتجه؟
من هنا تأتي الأزمة في النظام الرأسمالي وتظهر بين فترة وأخرى. ولكن مرونة النظام الرأسمالي مكّنته من تجاوز هذه الأزمات، فقد اجترح الكثير من الحلول مثل: التخفيف من مصروفات أفراد المجتمع على الصحة والتعليم وغيرها، وبيع البضائع والخدمات للمجتمع بالتقسيط أو بالدين، او بالحروب الخارجية لفتح أسواق استهلاك جديدة، أو العولمة وما تعنيه من دمج كل الأسواق العالمية في سوق واحدة، وتحويل ثقافة الانسان ليصبح مجرد كائن مُستهلِك (ثقافة الاستهلاك).
وهكذا عاش النظام الرأسمالي، وكأن لسان حاله يقول: أنا أعرف أيها المجتمع الانساني أنك لا تستطيع شراء ما أنتجته، ولهذا سأعطيك فرصة التقسيط ولكن بفائدة، وإن لم تستطع التقسيط أكثر مما تُقسّط سأعطيك قروضاً بفائدة وبطاقات ائتمان أيضاً، لكي تبقى قادراً على الشراء، وإلا أصبح العرض في السوق أكثر من الطلب (أي: غزارة في الانتاج وسوء في التوزيع)، الأمر الذي يؤدي الى الكساد الاقتصادي، وهو ليس في مصلحة أصحاب رؤوس الأموال.
ما الذي حصل في الأزمة المالية الراهنة؟ لم يستطع المجتمع دفع أقساطه وأقساط ديونه والفوائد المترتبة عليها، فقد وصل المجتمع الى حد الإشباع في الاستدانة. وبما أن النظام المصرفي كان قد حلّ مكان نظام الانتاج الكلاسيكي الرأسمالي في تمويل الانتاج فإن المصارف والمؤسسات المالية أصبحت في حالة صرف من دون قبض، الأمر الذي أدى الى الأزمة.
لا شك أن النظام الرأسمالي بمرونته وتدخّل مؤسسات الدولة بما تملكه من ميزانيات المجتمع الهائلة (أي الضرائب وادخارات التقاعد والضمان الاجتماعي) سيتجاوز الأزمة، ولكنها ستعاود الظهور. وفي كل مرة هناك من يصطاد في الماء العكر مستغلاً الظروف السيئة (هنا تطفو على السطح نظرية المؤامرة)، فتقوم الدولة بعملية تأميم (أو عَمعَمة) البنوك والمؤسسات المصرفية حتى تقف على أقدامها، ثم تقوم بعملية (خصخصة) هذه المؤسسات، أي بيعها الى القطاع الرأسمالي الخاص الذي أزّمها. وما بين العمعمة والخصخصة تتأرجح الرأسمالية التي لا علاقة لها الآن برأسمالية آدم سميث أو ريكاردو أو حتى باشتراكية كارل ماركس، فهو بريء من التأميم الذي سار عليه الاتحاد السوفييتي، فكل نظريته في الأساس يمكن تلخيصها في أنّ المجتمع لكي يستطيع شراء ما أنتجه عليه أن يمتلك وسائل الإنتاج. المجتمع يمتلكها وليس الدولة، يمتلكها المجتمع بالتشارك فيها، وبالتالي التشارك في عائداتها لكي لا تتراكم القيمة الفائضة في جيوب أصحاب رؤوس الأموال بل في جيوب المجتمع، وهذا لا يعني تأميمها من قبل الدولة التي تدفع الرواتب للشعب كما كان عليه الأمر في الدول الاشتراكية السابقة.




و قد كنت قرأت هذا منذ فترة طويلة لدكتور ظافر المقدادى
شكرا لك استاذ سامى