عرض مشاركة واحدة
قديم 25-07-2014, 11:46 PM   المشاركة رقم: 29
الكاتب
snowwhite
عضو متميز
الصورة الرمزية snowwhite

البيانات
تاريخ التسجيل: Jul 2014
رقم العضوية: 20069
المشاركات: 902
بمعدل : 0.25 يوميا

الإتصالات
الحالة:
snowwhite غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : snowwhite المنتدى : منتدى الاخبار و التحليل الاساسى
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 28 : الذهب وارتباطه بالعملات (1)




الذهب ملك المعادن :

الذهب .. ذاك المعدن الأصفر الرنان ذو البريق الأخاذ والجمالية الساحرة والقيمة الخالدة ، هو رمز للأناقة والرقة والبهاء ، فتنت النساء به منذ القدم ، فكن يتسابقن للتزين والتباهي ويتفاخرن بامتلاكه لأنه يضفي عليهن جمالاً رائعاً ، لاكتنازه قيمة جمالية خالدة وقيمة اقتصادية لم تنتقص منها تغيرات الزمن وتطوراته ، فبقي الذهب رمزاً للجمال ومصدراً للقوة الاقتصادية ومؤشراً لها ، عرفته الحضارات المتعاقبة ودللت عليه آثار الناس ومقتنياتهم في مختلف الأشكال والأصناف كتيجان الملوك وأوسمة القادة والفرسان الشجعان .

لقد عرفت مصر هذا المعدن وأعلت من شأنه منذ بداية التاريخ تقديراً لقيمته وسر بقائه ، فكانت السباقة في استخراجه من باطن الأرض وتعدينه ، كما كانت سباقة للإبداع في صياغة المجوهرات والقلائد وإهداء العطايا والمنح ، ولذلك ارتبط الذهب بالتاريخ المصري القديم والفراعنة وآثارهم ومقتنياتهم . وكما المصريين القدماء كانت شعوب العالم كله عبر العصور ضالعة في استخراج وتعدين الذهب وصياغة الحلي والمجوهرات ، وفي عصرنا اليوم لم يقتصر استخدام معدن الذهب الفاتن على الحلي والزينة ، بل تعداه إلى أبعد من ذلك بكثير فاستخدم كركيزة للاقتصاد العالمي وقوة العملات المتداولة ، كما في الاستخدامات الصناعية والطبية والتكنولوجية وغيرها .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حبيبات الذهب الأولى :

لطالما كان الذهب منذ العصور البدائية القديمة فاتناً لكل ناظر إليه ، ومنذ عثر الإنسان على حبيبات الذهب بالقرب من الشواطئ وعلى تخوم الأنهار وفي التربة ، وهو يقلبها بيديه يميناً وشمالاً مفتوناً بلمعانها وتلألئها .

في العصر الحجري القديم بدأت جماعات البشر بالتجمع لأول مرة في التاريخ ، وما إن تكونت المراكز الحضرية حتى ارتفعت قيمة الذهب ارتفاعاً ملحوظاً ، والسبب أن الإنسان بدأ يستخدمه في بعض الطقوس الدينية وفي عمل الحجب والتمائم التي اعتقد أنها تقيه وتوفر له الحماية من بعض القوى الشريرة الغامضة التي قد تؤذيه . وحتى يتقي إنسان العصر الحجري هذه القوى الشريرة المعادية ويحمي نفسه من أضرارها فإنه كان يقوم بربط التمائم الذهبية على يديه أو على كواحل قدميه أو بتعليقها على رقبته أو فوق صدره ، وقد استمرت هذه الطقوس عند بعض الشعوب حتى يومنا هذا .

وبمرور الوقت أضاف الإنسان إلى نظرته العقائدية والدينية اعتباراً آخر للذهب ، وبدأ ينظر إليه كمقياس للثراء والوجاهة والسلطان والعظمة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الذهب واكتشاف القارة الأمريكية :


كما ازدهرت التجارة والصناعة والحياة الفكرية والأدبية والفنية في أوروبا خلال عصور النهضة ، فقد ازدهرت كذلك العملية التعدينية بشكل كبير ، وذلك بعد أن اتجه بعض الأثرياء للاستثمار في مناجم الذهب والفضة والنحاس والرصاص في كل من أستراليا والمجر وإسبانيا وبعض الدول الإفريقية .

ومن الأسباب التي أدت إلى ازدهار العملية التعدينية أن المعادن في حد ذاتها ( خصوصاً الذهب ) كانت واحدة من الأسباب المهمة التي حدت بالمغامرين البرتغاليين والإسبانيين ، ثم من بعد ذلك البريطانيين والفرنسيين والألمان ، أن يستكشفوا المحيط الأطلسي غرباً وجنوباً ، وذلك بهدف اكتشاف أراض جديدة تكون غنية بالمجوهرات والكنوز الذهبية .

وقبيل اكتشاف أمريكا في عام 1492 كانت المعادن الثمينة والذهب قليلة في يد الأوروبيين ، وبسبب هذا الفقر المدقع لم يكن أمام أبناء أوروبا أمثال كولومبوس من سبيل سوى البحث عن أراض جديدة غنية بالمعادن ، لعلها تخرج أوروبا من أزمتها الاقتصادية وفاقتها المادية . وهذا يعني أن مهمة كولومبوس وأقرانه لم تكن الاستكشاف الجغرافي بقدر مما كانت محاولة الاستحواذ على المعادن الثمينة . وكان كولومبس يعتقد أنه متى اتجه غرباً فإنه سيجد طريقاً ميسوراً إلى مناجم الذهب اليابانية وبلاد الهند الغنية .

إن قطاع التعدين والمناجم وخصوصاً في مجال استخراج الذهب والبحث عنه قد شهد طفرة هائلة وتطوراً مذهلاً خلال عصور النهضة ، سواء من ناحية ميكانيكية الاستخراج أو من ناحية الإنتاجية وعدد المناجم المنتجة .

ويكمن السبب وراء الربط بين بداية العصر الحديث واكتشاف أمريكا في أن الأراضي الأمريكية كان لها الدور الأبرز في رفع إنتاجية الذهب العالمية في الفترة بين عامي 1492 – 1600 ، حيث استخرج منها حوالى عشرة ملايين أوقية من الذهب الخالص ، كانت تمثل حينذاك حوالى 40 % من جملة الإنتاج العالمي . وبالإضافة إلى ذلك فإنه في القرن الثامن عشر أنتجت أمريكا 48 مليون أوقية ذهب ، وهي تعادل حوالي 80 % من إجمالي الإنتاج العالمي المعروف آنذاك .

وقد تزايد معدل الإنتاج العالمي مرتين خلال الفترتين بين الأعوام 1820 – 1880 ، و 1880 – 1920 . والفترة الأولى تحدد اكتشاف رواسب الذهب الكبرى في كل من سيبيريا (في الأحواض الترسيبية المحيطة بنهري ينيسي ولينا) ، وكاليفورنيا وكولومبيا البريطانية (في منطقة كاريبو) ، وأستراليا ، ونيوزيلندا (في منطقة كرومندال ، وتاميز ، وأوتاجو) . أما الفترة الثانية فقد تم خلالها اكتشاف الذهب في كل من آلاسكا ووسط كندا (على تخوم بحيرات لاردر ، ورايز ، وكيركلاند ، وكذلك البحيرة الحمراء) ، وأستراليا (في منطقة كالجورلي) ، وبجانب رواسب الذهب في منطقة وتوتراسراند جنوب إفريقيا .

ومنذ عام 1920 وحتى الآن يمر العالم في إنتاجيته للذهب بمرحلة واحدة تتميز بملكته جنوب إفريقيا . ومع أن السمة الرئيسية لهذه المرحلة هي الزيادة المضطردة في الإنتاجية ، إلا أن هذا لا يمنع من أن هناك بعض الفترات التي شهدت تناقصاً واضحاً في الكميات المنتجة .

تكوين الذهب :

يتكون الذهب بشكل رئيسي في عروق الكوارتز ( وهو نوع من الأحجار الكريمة ) حاملة الذهب ، وهي تعتبر واحدة من أهم الصور يمكن الحصول منها على تركيبات عالية من الذهب ، وهذه العروق يمكن أن تتواجد في صهير البراكين أو في الرواسب الوديانية .

فالبراكين عندما تضرب قيعان البحار والمحيطات تكون بطبيعة الحال في شكل صهير وحمم ، مثل هذا الصهير عندما يخترق الصخور البازلتية أو الجابروية ( وهي من أنواع الصخور ) المكونة للقيعان يقوم بعملية استخلاص Leaching لمجموعة من العناصر منها الحديد والسيلكا والذهب الموجود في الصهير البركاني

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وتمثل الرواسب الوديانية واحدة من أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في الحصول على رواسب الذهب . وعملية البحث والتنقيب عن الذهب لا تتم بطريقة عشوائية في أية رواسب وديانية ، فهناك شروط يتواجد فيها الذهب في الرواسب الوديانية ويأتي في بدايتها أن تكون هذه الرواسب على مقربة من أحد مواقع أو مناجم الذهب ، أو أن يكون مصدرها صخوراً حاملة للذهب مثل الجابرو وبعض الصخور البركانية .

استخلاص الذهب :

من النادر جداً أن يكون الذهب نقياً في الطبيعة ، ويحتوي في أغلب الأحوال على الفضة كما قد يحتوي على معادن أخرى . ويسمى المعدن المحتوي على الذهب ونسبة عالية من الفضة بالإلكتروم ، ولونه أصفر باهت أو أبيض تقريباً .

ولا يعتري الذهب أي تغيير أثناء تجمعه في رواسب الوديان أو في الحصى الذهبي ، وذلك بفضل عدم قابليته للذوبان وبفضل ثقله النوعي الكبير . ولا تزال تعطي هذه الرواسب نسبة عالية (حوالى 20%) من الإنتاج الكلي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وذهب رواسب الوديان أنقى عادة من ذهب العروق ، وقد يرجع ذلك إلى ذوبان الفضة من سطوح حبيبات الذهب . ويتراوح حجم الذهب في هذه الرواسب من مجرد آثار بسيطة إلى كتل يبلغ وزن بعضها أكثر من 200 باوند ، ولقد وجدت كتلة في فيكتوريا بأستراليا بلغ وزنها 2268 أوقية . كما تعتبر منطقة الراند في الترانسفال بجنوب إفريقيا حقل الذهب الرئيسي في العالم .

خصائص الذهب :

يقول علماء التاريخ بأن كلمة الذهب Gold مشتقة من اللغة السنسكريتية من كلمة يقال لها Jvalita ، المشتقة من Jval وتعني اللامع أو البراق . وهناك رأي آخر يقول أن الكلمة لها جذور أنغلوسكسونية ، وأنها مشتقة من Gulth والتي تعني المعدن اللامع أو المضيء Glowing or Shining . أما الاصطلاح اللاتيني المرادف لكلمة الذهب ، والذي استخدم الحرفان الأوليان منه Au للتعبير عن الرمز الكيميائي للذهب فيقال أنه مقتبس من أصول إيطالية قديمة عن كلمة Aurora ، ومعناها المتوهج أو اللامع ، كما أن هناك من يعتقد بأنه مأخوذ من اللغة العبرية عن كلمة Aor والتي تعني الضوء .

من النادر وجود الذهب نقياً في الطبيعة ، إذ يحتوي في أغلب الأحيان على الفضة أو على بعض المعادن الأخرى ، كما يستخلص بصفة ثانوية من بعض الخامات مثل النحاس والرصاص والزنك . وقد يتجمع على هيئة حبيبات أو حصى صغيرة في رواسب الوديان ، وذلك بفضل عدم قابليته للذوبان وبالنسبة لكثافته العالية فهو أثقل بحوالى ست مرات من أعظم الصخور .

ومن الملاحظ دائماً أن ذهب رواسب الوديان أنقى عادة من ذهب العروق ، ويرجع ذلك إلى ذوبان الفضة أو المعادن الأخرى الملتصقة به خلال حملها من العروق حتى ترسيبها .

إن الذهب الذي يبرق ليس كله ذهباً ، وذلك لأن المعدن النقي رخو لدرجة لا يمكن بها استعماله إلا بعد سبكه مع معادن أخرى . ويعبر عن نقائه أو صفائه عادة بأجزاء من 1000 ، فالذهب الذي نقاؤه 800 مكون من 8 أجزاء من الذهب وجزئين من غيره ، أو بعدد القراريط فالذهب النقي هو ذو 24 قيراطاً ، ولكن أعلى درجة من النقاء للعملة والخواتم والحلي الأخرى هي 22 قيراطاً ، ويعني ذلك أنها تتركب من 22 جزءاً من الذهب وجزئين من معدن أو معادن أخرى .

والمعيار في العملة الذهبية الإنكليزية هو 22 قيراطاً ذهباً أو 916.6 من النقاء . ويلاحظ أن الجنيه الذهبي الإنكليزي أكثر احمراراً من الذهب النقي لأنه مسبوك مع جزئين من النحاس .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

و لأن الذهب يعتبر من أكثر المعادن طراوة فإنه يمكن طرق أونصة واحدة ( أي 31.1 غرام ) بدقة متناهية وتشكيل ورقة مساحتها 300 متراً مربعاً ، أما إذا سحبت على شكل سلك رفيع فقد يبلغ طوله حوالى 56 كيلومتر ، ويستعمل مثل هذا السلك في صنع شرائط الذهب ومصنوعات أخرى حيث يلف السلك على خيوط حريرية . وهناك استعمالات كثيرة ثانوية للذهب مثل تغليف بعض الأواني الكيميائية لحفظ مركبات معينة وفي طب الأسنان والنظارات وأقلام الحبر وفي بعض المستحضرات الكيميائية والفوتوغرافية وغيرها ، كما يستعمل تراب الذهب في الأغراض الزخرفية .

ويمتاز الذهب بلونه الأصفر الذي يشحب بإضافة الفضة إليه ، ويزهو بإضافة النحاس . ومن الغريب أنه لا يمكن تحديد اللون الحقيقي للذهب ، إذ يتعلق بطريقة استخلاصه . فإذا استخلص بالترسيب أو التقطير ظهر في ألوان مختلفة ، منها البنفسجي القاتم أو الأحمر الياقوتي أو الأحمر البنفسجي . كذلك يختلف لونه بين البني الضارب إلى البنفسجي والبني الغامق والأسود .


يتبخر الذهب ببطء شديد في درجات الحرارة العالية أو يغلي في أفران القوس الكهربائي ، وتبلغ درجة غليانه 2530 درجة مئوية تحت الضغط الجوي .

ولا يتأثر الذهب كيميائياً بالتسخين ، كما لا يتأثر أبداً بالهواء الجوي أو الماء ، فلا يقتم لونه ولا يتأثر مباشرة بالقلويات Basics ولا بالأحماض الكيميائية كالكبريتيك والأزوتيك والكلوريديك ، ويمتص الذهب المنصهر الأوكسجين ويحتفظ بكمية منه بعد تجمده ، ويذوب مسحوق الذهب الناعم ببطء في تلك الأحماض وهي في درجة الغليان . كذلك يذوب في درجة الحرارة العادية في الماء الذي يحتوي على الكلور والبروم ، أو مزيج من اليود وأيودات البوتاسيوم أو في بعض الكلوريدات وبعض السيانورات وخاصة سيانور البوتاسيوم . ويذوب الذهب بسرعة في الماء الملكي ، وهو مزيج من حمضي الكلوريديك والنيتريك بنسبة 3 : 2 .

استخدامات الذهب :

يستعمل الذهب بشكل رئيسي كمعيار للنظم النقدية على هيئة عملة أو ككتل من المعدن هي السبائك ، ويبلغ الذهب الذي بحوزة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من نصف ما في العالم منه ، وأغلبه على هيئة كتل موضوعة في سراديب مشددة الحراسة في البنوك المركزية .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


حتى ما قبل عام 1914 كانت معاملات الناس فيما بينهم أساسها الذهب ، ثم بدأت الحكومات تضع نظاماً اقتصادياً وتفكر في استعاضة العملة الذهبية بأوراق مالية ، وجمعت الحكومات الذهب من السوق ، وأصدرت بقيمة الذهب الذي جمعته أوراقاً مالية مكتوب عليها "أتعهد بأن أدفع عند الطلب مبلغ ( كذا ) لحامل هذا السند" ، وبذلك أصبح الناس يتعاملون بسندات . وكانت الحكومات تحرص على أن يكون الذهب الموجود في خزائنها يساوي قيمة السندات التي أصدرتها ، وهو ما يسمى بـ "الغطاء الذهبي" .

ويلي استعمال الذهب في العملة استخدامه في التزيين وخاصة في المصوغات ، حيث يصلد المعدن بسبكه مع النحاس أو الفضة أو البلاديوم أو النيكل . وتقلل كميات صغيرة من الفضة عمق اللون الأصفر ، وتعطي إضافة 12 % بلاديوم أو 25 % بلاتين أو 15 % نيكل ما يعرف باسم "الذهب الأبيض" .



عرض البوم صور snowwhite  
رد مع اقتباس
  #29  
قديم 25-07-2014, 11:46 PM
snowwhite snowwhite غير متواجد حالياً
عضو متميز
افتراضي رد: ~*¤ô§ô¤*~ *مكتبة حلقــــــات اقتصاديــــة فى التحليل الأساسى -*~*¤ô§ô¤*~

سلسلة حلقات اقتصادية – الحلقة 28 : الذهب وارتباطه بالعملات (1)




الذهب ملك المعادن :

الذهب .. ذاك المعدن الأصفر الرنان ذو البريق الأخاذ والجمالية الساحرة والقيمة الخالدة ، هو رمز للأناقة والرقة والبهاء ، فتنت النساء به منذ القدم ، فكن يتسابقن للتزين والتباهي ويتفاخرن بامتلاكه لأنه يضفي عليهن جمالاً رائعاً ، لاكتنازه قيمة جمالية خالدة وقيمة اقتصادية لم تنتقص منها تغيرات الزمن وتطوراته ، فبقي الذهب رمزاً للجمال ومصدراً للقوة الاقتصادية ومؤشراً لها ، عرفته الحضارات المتعاقبة ودللت عليه آثار الناس ومقتنياتهم في مختلف الأشكال والأصناف كتيجان الملوك وأوسمة القادة والفرسان الشجعان .

لقد عرفت مصر هذا المعدن وأعلت من شأنه منذ بداية التاريخ تقديراً لقيمته وسر بقائه ، فكانت السباقة في استخراجه من باطن الأرض وتعدينه ، كما كانت سباقة للإبداع في صياغة المجوهرات والقلائد وإهداء العطايا والمنح ، ولذلك ارتبط الذهب بالتاريخ المصري القديم والفراعنة وآثارهم ومقتنياتهم . وكما المصريين القدماء كانت شعوب العالم كله عبر العصور ضالعة في استخراج وتعدين الذهب وصياغة الحلي والمجوهرات ، وفي عصرنا اليوم لم يقتصر استخدام معدن الذهب الفاتن على الحلي والزينة ، بل تعداه إلى أبعد من ذلك بكثير فاستخدم كركيزة للاقتصاد العالمي وقوة العملات المتداولة ، كما في الاستخدامات الصناعية والطبية والتكنولوجية وغيرها .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حبيبات الذهب الأولى :

لطالما كان الذهب منذ العصور البدائية القديمة فاتناً لكل ناظر إليه ، ومنذ عثر الإنسان على حبيبات الذهب بالقرب من الشواطئ وعلى تخوم الأنهار وفي التربة ، وهو يقلبها بيديه يميناً وشمالاً مفتوناً بلمعانها وتلألئها .

في العصر الحجري القديم بدأت جماعات البشر بالتجمع لأول مرة في التاريخ ، وما إن تكونت المراكز الحضرية حتى ارتفعت قيمة الذهب ارتفاعاً ملحوظاً ، والسبب أن الإنسان بدأ يستخدمه في بعض الطقوس الدينية وفي عمل الحجب والتمائم التي اعتقد أنها تقيه وتوفر له الحماية من بعض القوى الشريرة الغامضة التي قد تؤذيه . وحتى يتقي إنسان العصر الحجري هذه القوى الشريرة المعادية ويحمي نفسه من أضرارها فإنه كان يقوم بربط التمائم الذهبية على يديه أو على كواحل قدميه أو بتعليقها على رقبته أو فوق صدره ، وقد استمرت هذه الطقوس عند بعض الشعوب حتى يومنا هذا .

وبمرور الوقت أضاف الإنسان إلى نظرته العقائدية والدينية اعتباراً آخر للذهب ، وبدأ ينظر إليه كمقياس للثراء والوجاهة والسلطان والعظمة .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

الذهب واكتشاف القارة الأمريكية :


كما ازدهرت التجارة والصناعة والحياة الفكرية والأدبية والفنية في أوروبا خلال عصور النهضة ، فقد ازدهرت كذلك العملية التعدينية بشكل كبير ، وذلك بعد أن اتجه بعض الأثرياء للاستثمار في مناجم الذهب والفضة والنحاس والرصاص في كل من أستراليا والمجر وإسبانيا وبعض الدول الإفريقية .

ومن الأسباب التي أدت إلى ازدهار العملية التعدينية أن المعادن في حد ذاتها ( خصوصاً الذهب ) كانت واحدة من الأسباب المهمة التي حدت بالمغامرين البرتغاليين والإسبانيين ، ثم من بعد ذلك البريطانيين والفرنسيين والألمان ، أن يستكشفوا المحيط الأطلسي غرباً وجنوباً ، وذلك بهدف اكتشاف أراض جديدة تكون غنية بالمجوهرات والكنوز الذهبية .

وقبيل اكتشاف أمريكا في عام 1492 كانت المعادن الثمينة والذهب قليلة في يد الأوروبيين ، وبسبب هذا الفقر المدقع لم يكن أمام أبناء أوروبا أمثال كولومبوس من سبيل سوى البحث عن أراض جديدة غنية بالمعادن ، لعلها تخرج أوروبا من أزمتها الاقتصادية وفاقتها المادية . وهذا يعني أن مهمة كولومبوس وأقرانه لم تكن الاستكشاف الجغرافي بقدر مما كانت محاولة الاستحواذ على المعادن الثمينة . وكان كولومبس يعتقد أنه متى اتجه غرباً فإنه سيجد طريقاً ميسوراً إلى مناجم الذهب اليابانية وبلاد الهند الغنية .

إن قطاع التعدين والمناجم وخصوصاً في مجال استخراج الذهب والبحث عنه قد شهد طفرة هائلة وتطوراً مذهلاً خلال عصور النهضة ، سواء من ناحية ميكانيكية الاستخراج أو من ناحية الإنتاجية وعدد المناجم المنتجة .

ويكمن السبب وراء الربط بين بداية العصر الحديث واكتشاف أمريكا في أن الأراضي الأمريكية كان لها الدور الأبرز في رفع إنتاجية الذهب العالمية في الفترة بين عامي 1492 – 1600 ، حيث استخرج منها حوالى عشرة ملايين أوقية من الذهب الخالص ، كانت تمثل حينذاك حوالى 40 % من جملة الإنتاج العالمي . وبالإضافة إلى ذلك فإنه في القرن الثامن عشر أنتجت أمريكا 48 مليون أوقية ذهب ، وهي تعادل حوالي 80 % من إجمالي الإنتاج العالمي المعروف آنذاك .

وقد تزايد معدل الإنتاج العالمي مرتين خلال الفترتين بين الأعوام 1820 – 1880 ، و 1880 – 1920 . والفترة الأولى تحدد اكتشاف رواسب الذهب الكبرى في كل من سيبيريا (في الأحواض الترسيبية المحيطة بنهري ينيسي ولينا) ، وكاليفورنيا وكولومبيا البريطانية (في منطقة كاريبو) ، وأستراليا ، ونيوزيلندا (في منطقة كرومندال ، وتاميز ، وأوتاجو) . أما الفترة الثانية فقد تم خلالها اكتشاف الذهب في كل من آلاسكا ووسط كندا (على تخوم بحيرات لاردر ، ورايز ، وكيركلاند ، وكذلك البحيرة الحمراء) ، وأستراليا (في منطقة كالجورلي) ، وبجانب رواسب الذهب في منطقة وتوتراسراند جنوب إفريقيا .

ومنذ عام 1920 وحتى الآن يمر العالم في إنتاجيته للذهب بمرحلة واحدة تتميز بملكته جنوب إفريقيا . ومع أن السمة الرئيسية لهذه المرحلة هي الزيادة المضطردة في الإنتاجية ، إلا أن هذا لا يمنع من أن هناك بعض الفترات التي شهدت تناقصاً واضحاً في الكميات المنتجة .

تكوين الذهب :

يتكون الذهب بشكل رئيسي في عروق الكوارتز ( وهو نوع من الأحجار الكريمة ) حاملة الذهب ، وهي تعتبر واحدة من أهم الصور يمكن الحصول منها على تركيبات عالية من الذهب ، وهذه العروق يمكن أن تتواجد في صهير البراكين أو في الرواسب الوديانية .

فالبراكين عندما تضرب قيعان البحار والمحيطات تكون بطبيعة الحال في شكل صهير وحمم ، مثل هذا الصهير عندما يخترق الصخور البازلتية أو الجابروية ( وهي من أنواع الصخور ) المكونة للقيعان يقوم بعملية استخلاص Leaching لمجموعة من العناصر منها الحديد والسيلكا والذهب الموجود في الصهير البركاني

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وتمثل الرواسب الوديانية واحدة من أهم المصادر التي يمكن الاعتماد عليها في الحصول على رواسب الذهب . وعملية البحث والتنقيب عن الذهب لا تتم بطريقة عشوائية في أية رواسب وديانية ، فهناك شروط يتواجد فيها الذهب في الرواسب الوديانية ويأتي في بدايتها أن تكون هذه الرواسب على مقربة من أحد مواقع أو مناجم الذهب ، أو أن يكون مصدرها صخوراً حاملة للذهب مثل الجابرو وبعض الصخور البركانية .

استخلاص الذهب :

من النادر جداً أن يكون الذهب نقياً في الطبيعة ، ويحتوي في أغلب الأحوال على الفضة كما قد يحتوي على معادن أخرى . ويسمى المعدن المحتوي على الذهب ونسبة عالية من الفضة بالإلكتروم ، ولونه أصفر باهت أو أبيض تقريباً .

ولا يعتري الذهب أي تغيير أثناء تجمعه في رواسب الوديان أو في الحصى الذهبي ، وذلك بفضل عدم قابليته للذوبان وبفضل ثقله النوعي الكبير . ولا تزال تعطي هذه الرواسب نسبة عالية (حوالى 20%) من الإنتاج الكلي

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

وذهب رواسب الوديان أنقى عادة من ذهب العروق ، وقد يرجع ذلك إلى ذوبان الفضة من سطوح حبيبات الذهب . ويتراوح حجم الذهب في هذه الرواسب من مجرد آثار بسيطة إلى كتل يبلغ وزن بعضها أكثر من 200 باوند ، ولقد وجدت كتلة في فيكتوريا بأستراليا بلغ وزنها 2268 أوقية . كما تعتبر منطقة الراند في الترانسفال بجنوب إفريقيا حقل الذهب الرئيسي في العالم .

خصائص الذهب :

يقول علماء التاريخ بأن كلمة الذهب Gold مشتقة من اللغة السنسكريتية من كلمة يقال لها Jvalita ، المشتقة من Jval وتعني اللامع أو البراق . وهناك رأي آخر يقول أن الكلمة لها جذور أنغلوسكسونية ، وأنها مشتقة من Gulth والتي تعني المعدن اللامع أو المضيء Glowing or Shining . أما الاصطلاح اللاتيني المرادف لكلمة الذهب ، والذي استخدم الحرفان الأوليان منه Au للتعبير عن الرمز الكيميائي للذهب فيقال أنه مقتبس من أصول إيطالية قديمة عن كلمة Aurora ، ومعناها المتوهج أو اللامع ، كما أن هناك من يعتقد بأنه مأخوذ من اللغة العبرية عن كلمة Aor والتي تعني الضوء .

من النادر وجود الذهب نقياً في الطبيعة ، إذ يحتوي في أغلب الأحيان على الفضة أو على بعض المعادن الأخرى ، كما يستخلص بصفة ثانوية من بعض الخامات مثل النحاس والرصاص والزنك . وقد يتجمع على هيئة حبيبات أو حصى صغيرة في رواسب الوديان ، وذلك بفضل عدم قابليته للذوبان وبالنسبة لكثافته العالية فهو أثقل بحوالى ست مرات من أعظم الصخور .

ومن الملاحظ دائماً أن ذهب رواسب الوديان أنقى عادة من ذهب العروق ، ويرجع ذلك إلى ذوبان الفضة أو المعادن الأخرى الملتصقة به خلال حملها من العروق حتى ترسيبها .

إن الذهب الذي يبرق ليس كله ذهباً ، وذلك لأن المعدن النقي رخو لدرجة لا يمكن بها استعماله إلا بعد سبكه مع معادن أخرى . ويعبر عن نقائه أو صفائه عادة بأجزاء من 1000 ، فالذهب الذي نقاؤه 800 مكون من 8 أجزاء من الذهب وجزئين من غيره ، أو بعدد القراريط فالذهب النقي هو ذو 24 قيراطاً ، ولكن أعلى درجة من النقاء للعملة والخواتم والحلي الأخرى هي 22 قيراطاً ، ويعني ذلك أنها تتركب من 22 جزءاً من الذهب وجزئين من معدن أو معادن أخرى .

والمعيار في العملة الذهبية الإنكليزية هو 22 قيراطاً ذهباً أو 916.6 من النقاء . ويلاحظ أن الجنيه الذهبي الإنكليزي أكثر احمراراً من الذهب النقي لأنه مسبوك مع جزئين من النحاس .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

و لأن الذهب يعتبر من أكثر المعادن طراوة فإنه يمكن طرق أونصة واحدة ( أي 31.1 غرام ) بدقة متناهية وتشكيل ورقة مساحتها 300 متراً مربعاً ، أما إذا سحبت على شكل سلك رفيع فقد يبلغ طوله حوالى 56 كيلومتر ، ويستعمل مثل هذا السلك في صنع شرائط الذهب ومصنوعات أخرى حيث يلف السلك على خيوط حريرية . وهناك استعمالات كثيرة ثانوية للذهب مثل تغليف بعض الأواني الكيميائية لحفظ مركبات معينة وفي طب الأسنان والنظارات وأقلام الحبر وفي بعض المستحضرات الكيميائية والفوتوغرافية وغيرها ، كما يستعمل تراب الذهب في الأغراض الزخرفية .

ويمتاز الذهب بلونه الأصفر الذي يشحب بإضافة الفضة إليه ، ويزهو بإضافة النحاس . ومن الغريب أنه لا يمكن تحديد اللون الحقيقي للذهب ، إذ يتعلق بطريقة استخلاصه . فإذا استخلص بالترسيب أو التقطير ظهر في ألوان مختلفة ، منها البنفسجي القاتم أو الأحمر الياقوتي أو الأحمر البنفسجي . كذلك يختلف لونه بين البني الضارب إلى البنفسجي والبني الغامق والأسود .


يتبخر الذهب ببطء شديد في درجات الحرارة العالية أو يغلي في أفران القوس الكهربائي ، وتبلغ درجة غليانه 2530 درجة مئوية تحت الضغط الجوي .

ولا يتأثر الذهب كيميائياً بالتسخين ، كما لا يتأثر أبداً بالهواء الجوي أو الماء ، فلا يقتم لونه ولا يتأثر مباشرة بالقلويات Basics ولا بالأحماض الكيميائية كالكبريتيك والأزوتيك والكلوريديك ، ويمتص الذهب المنصهر الأوكسجين ويحتفظ بكمية منه بعد تجمده ، ويذوب مسحوق الذهب الناعم ببطء في تلك الأحماض وهي في درجة الغليان . كذلك يذوب في درجة الحرارة العادية في الماء الذي يحتوي على الكلور والبروم ، أو مزيج من اليود وأيودات البوتاسيوم أو في بعض الكلوريدات وبعض السيانورات وخاصة سيانور البوتاسيوم . ويذوب الذهب بسرعة في الماء الملكي ، وهو مزيج من حمضي الكلوريديك والنيتريك بنسبة 3 : 2 .

استخدامات الذهب :

يستعمل الذهب بشكل رئيسي كمعيار للنظم النقدية على هيئة عملة أو ككتل من المعدن هي السبائك ، ويبلغ الذهب الذي بحوزة الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من نصف ما في العالم منه ، وأغلبه على هيئة كتل موضوعة في سراديب مشددة الحراسة في البنوك المركزية .

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


حتى ما قبل عام 1914 كانت معاملات الناس فيما بينهم أساسها الذهب ، ثم بدأت الحكومات تضع نظاماً اقتصادياً وتفكر في استعاضة العملة الذهبية بأوراق مالية ، وجمعت الحكومات الذهب من السوق ، وأصدرت بقيمة الذهب الذي جمعته أوراقاً مالية مكتوب عليها "أتعهد بأن أدفع عند الطلب مبلغ ( كذا ) لحامل هذا السند" ، وبذلك أصبح الناس يتعاملون بسندات . وكانت الحكومات تحرص على أن يكون الذهب الموجود في خزائنها يساوي قيمة السندات التي أصدرتها ، وهو ما يسمى بـ "الغطاء الذهبي" .

ويلي استعمال الذهب في العملة استخدامه في التزيين وخاصة في المصوغات ، حيث يصلد المعدن بسبكه مع النحاس أو الفضة أو البلاديوم أو النيكل . وتقلل كميات صغيرة من الفضة عمق اللون الأصفر ، وتعطي إضافة 12 % بلاديوم أو 25 % بلاتين أو 15 % نيكل ما يعرف باسم "الذهب الأبيض" .




رد مع اقتباس