عرض مشاركة واحدة
قديم 12-11-2017, 11:03 AM   المشاركة رقم: 10
الكاتب
معاذ عودات
المدير العام للموقع
الصورة الرمزية معاذ عودات

البيانات
تاريخ التسجيل: May 2010
رقم العضوية: 39
الدولة: JORDAN
العمر: 36
المشاركات: 48,152
بمعدل : 9.42 يوميا

الإتصالات
الحالة:
معاذ عودات متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : معاذ عودات المنتدى : استراحة اف اكس ارابيا
افتراضي رد: هل الكماليات لغت الضروريات ؟ ما رأيك بهذه الظاهرة ؟

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي موسى نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حتى لا يتشتت الذهن في موضوعة كهذه لابد من تحرير محل النزاع، وهو وضع تصور متفق عليه لمفهوم الضروريات والكماليات.
فالضرورات هي كل ما يؤدي عدم امتلاكها إلى تهلكة وفناء أو في أحسن الأحوال تستحيل الحياة بدونها إلى شقاء وتعاسة تكون فوق طاقة الإنسان وقدراته، ويأتي على رأس الضروريات الحاجة إلى المال الذي هو عصب الحياة ومحركها، منها المأكل والمشرب والملبس والمسكن، فهذه ضرورات بفقدها تصبح حياة المرء على حافة الانهيار والفناء الكلي، ولا غرو حين نعلم نحن المسلمون أن ديننا الحنيف إنما أكرمنا الله به من أجل حفظ هذه الضرورات والتي بدونها يفقد المرء كرامته وآدميته.
أما ما يختص بجانب الكمالات فالأمر فيها موسع، فكل ما يزيد عن الضرورة يدخل في هذا المفهوم، فالماء ضرورة ولكن العصائر كماليات، وهناك نوع من الضرورات ربما لا نهتم بتصنيفه لأسباب مبهمة، كحاجة الإنسان إلى أن يكون حراً سواء في تعبيره أو وجهة نظره أو حتى في معتقده، فبمقدار ما يكمم فم المرء ويغصب على مالا يأباه باختياره بقدر ما يحس بنقص في ضرورة الحرية. وما أروع وأجمل ما قرأت لفيلسوف وأستاذ الأدب الهندي طاغور إذ يقول: " ما أعظمك من إله، خلقتني ثم أعطيتني الحرية في أن أكفر بك ".
في لفتة مهمة هناك شيء دقيق بعض الشيء يمس جانباً في الموضوع، ألا وهو النسبية في تحديد الكماليات، بمعنى أن بعض الأشياء يراها الكثير وربما الكل على أنها كماليات وهي في واقع الأمر ضروريات، منها على سبيل المثال لا الحصر: السيارة والهاتف، فلا شك أن امتلاك المرء لسيارة لا يدخل في الكماليات، ولك أن تتصور مدى المشقة وتعسر الحياة بدونها ونحن في زمن يعج نهاره وليله بتقلبات كالمرض والإصابات المباغتة والحالات الاجتماعية الطارئة، وهذه لأهميتها وضرورة السرعة في معالجتها تدخل السيارة ضمن إطار الضروريات.
ولعله من نافلة القول أن يقال إن العالم الذي نعيشه اليوم بات غير ذاك العالم الذي عرفناه قبل 30 أو 40 عاماً مضت، دخلت التقنية في حياتنا من بابها الواسع، واستحالت كماليات الأمس ضروريات اليوم، وهذا في ذاته ليس بعجيب لأنه يحدث في إطار غير معزول عنا، وبالتالي يصعب علينا أن نلحظه إلا إذا ملكنا ذاك الحس الإبداعي في دائرة عقولنا التخيلية. فالكهرباء حين تنقطع تحس أن نَفَسك الذي انقطع.
مسألة واحدة بقيت في خَلَدي، وهي تلك الضرورة التي لا انفك عن السؤال عنها لندرتها، إنها ضرورة أن أرى شيخ الحي وهو يخطب الجمعة، وأرى العَالِمَ وهو يقدم درسه على الرائي يشاهده الملايين، ليحدثونا عن حقوقنا وعن أسباب حال العوز والتفقير الممنهج التي أفقدتنا حتى الضرورات فضلاً عن الكماليات. فليس من الضرورة البتة أن تحدثونا عن الزهد والتقلل من الزاد والتقشف وحقوقنا مسلوبة... وللحديث بقية...

اهلا فيك اخوي الكريم
ما شاءالله تفصيل جميل جداً منك للموضوع ـ استمتعت بالقراءه
ولا تعليق ابدا على رأيك

تحياتي لك



عرض البوم صور معاذ عودات  
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 12-11-2017, 11:03 AM
معاذ عودات معاذ عودات متواجد حالياً
المدير العام للموقع
افتراضي رد: هل الكماليات لغت الضروريات ؟ ما رأيك بهذه الظاهرة ؟

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي موسى نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

حتى لا يتشتت الذهن في موضوعة كهذه لابد من تحرير محل النزاع، وهو وضع تصور متفق عليه لمفهوم الضروريات والكماليات.
فالضرورات هي كل ما يؤدي عدم امتلاكها إلى تهلكة وفناء أو في أحسن الأحوال تستحيل الحياة بدونها إلى شقاء وتعاسة تكون فوق طاقة الإنسان وقدراته، ويأتي على رأس الضروريات الحاجة إلى المال الذي هو عصب الحياة ومحركها، منها المأكل والمشرب والملبس والمسكن، فهذه ضرورات بفقدها تصبح حياة المرء على حافة الانهيار والفناء الكلي، ولا غرو حين نعلم نحن المسلمون أن ديننا الحنيف إنما أكرمنا الله به من أجل حفظ هذه الضرورات والتي بدونها يفقد المرء كرامته وآدميته.
أما ما يختص بجانب الكمالات فالأمر فيها موسع، فكل ما يزيد عن الضرورة يدخل في هذا المفهوم، فالماء ضرورة ولكن العصائر كماليات، وهناك نوع من الضرورات ربما لا نهتم بتصنيفه لأسباب مبهمة، كحاجة الإنسان إلى أن يكون حراً سواء في تعبيره أو وجهة نظره أو حتى في معتقده، فبمقدار ما يكمم فم المرء ويغصب على مالا يأباه باختياره بقدر ما يحس بنقص في ضرورة الحرية. وما أروع وأجمل ما قرأت لفيلسوف وأستاذ الأدب الهندي طاغور إذ يقول: " ما أعظمك من إله، خلقتني ثم أعطيتني الحرية في أن أكفر بك ".
في لفتة مهمة هناك شيء دقيق بعض الشيء يمس جانباً في الموضوع، ألا وهو النسبية في تحديد الكماليات، بمعنى أن بعض الأشياء يراها الكثير وربما الكل على أنها كماليات وهي في واقع الأمر ضروريات، منها على سبيل المثال لا الحصر: السيارة والهاتف، فلا شك أن امتلاك المرء لسيارة لا يدخل في الكماليات، ولك أن تتصور مدى المشقة وتعسر الحياة بدونها ونحن في زمن يعج نهاره وليله بتقلبات كالمرض والإصابات المباغتة والحالات الاجتماعية الطارئة، وهذه لأهميتها وضرورة السرعة في معالجتها تدخل السيارة ضمن إطار الضروريات.
ولعله من نافلة القول أن يقال إن العالم الذي نعيشه اليوم بات غير ذاك العالم الذي عرفناه قبل 30 أو 40 عاماً مضت، دخلت التقنية في حياتنا من بابها الواسع، واستحالت كماليات الأمس ضروريات اليوم، وهذا في ذاته ليس بعجيب لأنه يحدث في إطار غير معزول عنا، وبالتالي يصعب علينا أن نلحظه إلا إذا ملكنا ذاك الحس الإبداعي في دائرة عقولنا التخيلية. فالكهرباء حين تنقطع تحس أن نَفَسك الذي انقطع.
مسألة واحدة بقيت في خَلَدي، وهي تلك الضرورة التي لا انفك عن السؤال عنها لندرتها، إنها ضرورة أن أرى شيخ الحي وهو يخطب الجمعة، وأرى العَالِمَ وهو يقدم درسه على الرائي يشاهده الملايين، ليحدثونا عن حقوقنا وعن أسباب حال العوز والتفقير الممنهج التي أفقدتنا حتى الضرورات فضلاً عن الكماليات. فليس من الضرورة البتة أن تحدثونا عن الزهد والتقلل من الزاد والتقشف وحقوقنا مسلوبة... وللحديث بقية...

اهلا فيك اخوي الكريم
ما شاءالله تفصيل جميل جداً منك للموضوع ـ استمتعت بالقراءه
ولا تعليق ابدا على رأيك

تحياتي لك




رد مع اقتباس