عرض مشاركة واحدة
قديم 06-03-2011, 07:47 PM   المشاركة رقم: 26
الكاتب
ابو تراب
موقوف

البيانات
تاريخ التسجيل: Sep 2010
رقم العضوية: 1280
المشاركات: 4,090
بمعدل : 0.82 يوميا

الإتصالات
الحالة:
ابو تراب غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:

كاتب الموضوع : ابو تراب المنتدى : منتدى الاخبار و التحليل الاساسى
افتراضي رد: اخبار وتحليلات فنية لاسواق المعادن والعملات والنفط


حين التقيت سيف الإسلام القذافي قبل عامين، كوّنت مجموعة من الانطباعات. أولا، كان موهوباً. ثانياً، كان شخصية معقدة. وعلى الرغم من أنه يأخذ نفسه على محمل الجد، ومن الواضح أنه كان ينوي أن يكون الحاكم التالي لليبيا، إلا أنه لم يكن واثقا من نفسه. ولم يكن هذا مستغرباً. فالترعرع والتربية في كنف والد غريب الأطوار مثل والده لن يؤديا إلى شخص يشعر بالراحة والثقة بنفسه.

وسواء كان مضطرباً أم لا، كان يبدو شخصاً مثيراً للاهتمام، مختلفاً جداً عن الشخص الذي يتحدث بعنف اليوم على شاشات التلفزيون. وقبل بضعة أسابيع في دافوس كانت الشخصيات المهمة في العالم حريصة على تناول الغداء معه. وخلال اجتماعي به فهمت السبب. أوضح أنه يؤيد إجراء تغيير جوهري في ليبيا. كذلك لم يكن سخيفاً بحيث يزعم أن الليبيين يحظون بالفعل بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.


وكان هناك حديث عن إجراء مقابلة معه. وفي المناقشات مع مستشاريه، أكدت أن عليّ أن أضغط عليه في أسئلة محرجة، بما في ذلك أسئلة عن طول بقاء والده في المنصب. وقررت أيضا أنه لو أجريت المقابلة، فيجب أن تحدث في لندن وليس طرابلس. وكما توقعت، قال مستشاروه إنهم سيردون علي ثم التزموا الصمت.


وربما يتمنى آخرون الآن لو أن مقابلاتهم لم تتم أبدا. لكنني لا أرى سبباً يدعو توني بلير وبيتر ماندلسون وآخرين إلى لوم أنفسهم. فقد كانت هناك دائماً شكوك بشأن صلابة سيف. ولم يبد إنه شخصية كبيرة بما فيه الكفاية ليحل محل والده. وقال دبلوماسي حكيم صديق لي، إنه لو تولى سيف السلطة عليه أن يحرص ألا يكون أبدا أبعد من 40 دقيقة عن طائرة سريعة مليئة بالوقود وطاقم حصل على رشىً كافية. فلن يمضي وقت طويل حتى يهرب للنجاة بنفسه.


ومع ذلك، قبل شهر كان يبدو أن الزعيم محصن في موقعه وأن ابنه سيكون له دور مهم في الوقت المناسب. ولم يكن أحد يتوقع أن ينهار نظام القذافي فجأة في الفوضى والجنون.


لذا كان من المنطقي التحدث إلى عائلة القذافي. ويواصل بعض المعلقين كما لو أن البراجماتية الغربية والسياسة الواقعية هما السبب في إبقاء معمّر القذافي في السلطة. وهذا هراء. فالسياسة الخارجية يجب أن تتعامل مع العالم كما هو وليس كما نريد أن يكون.


في الثمانينيات فكرت بريطانيا وأمريكا كثيراً في طرق الإطاحة بالعقيد القذافي. لكن لم يكن يبدو أن هناك أي طريقة. وكان أحد أقوال تشرشل المأثورة «الاستمالة أو السحق». وبما أننا لم نتمكن من سحقه، كنا محقين في الاكتفاء باستمالته - وقد جلب هذا منافع.


وفي الثمانينيات كان العقيد القذافي يموِّل الجيش الجمهوري الإيرلندي بشكل خاص، والإرهاب بشكل عام، والفوضى حيثما تمكن من إيجادها. وكنا فعلياً في حالة حرب غير معلنة مع ليبيا، بلغت ذروتها في تفجير طائرة لوكربي. وخلال التسعينيات هدأت التوترات تدريجياً. ولم يعد هناك دعم للإرهاب. وبدلاً من ذلك كان هناك احتمال لروابط اقتصادية.


وليس هناك خطأ في ذلك. فهذا سيجلب الأرباح والوظائف في المملكة المتحدة، وفي الوقت نفسه يلزم ليبيا بنظام التجارة العالمي. وكانت تلك هي النظرية، أما الممارسة العملية فكانت أصعب. ويروي أصدقاء لي حاولوا مزاولة الأعمال في ليبيا قصصاً محبطة. فقد كان كل شيء يسير على ما يرام، إلى أن يظهر الزعيم عدم اهتمامه فجأة. ويتم إلقاء شركائهم المحليين في السجن. وتضيع كل جهودهم سدى مع تذاكر الطائرة وفواتير الفندق. وليس من السهل التعامل مع دولة يكون زعيمها، في أفضل الأحوال، عاقلاً يوماً ومجنوناً في اليوم الآخر. لكن كان الأمر يستحق المثابرة. فيوماً ما سيكون الاقتصاد الليبي مزدهراً للغاية.


وفي السعي لتحقيق هذه الأهداف كان من الصواب أيضاً إطلاق سراح مفجر لوكربي، عبد الباسط المقرحي. فإذا كنا مستعدين لتملق عازف الأرغن، من النفاق إبقاء القرد في السجن. وحين تجنب جوردن براون مثل هذا السلوك المنافق، ارتكب سلوكاً منافقاً آخر. ولا يعني هذا أن السياسة كانت خاطئة.


وهناك نقطة أخيرة حاسمة. ففي إطار تحركه بعيداً عن الإرهاب، سلّم العقيد القذافي أسلحة الدمار الشامل. تخيل النتائج التي كانت ستحدث اليوم لو نجح في تطويرها. ومع ذلك، فهو يغرق الآن في الدماء، وليس على أولئك الذين تعاملوا مع سلوكه الغريب الاعتذار.







عرض البوم صور ابو تراب  
رد مع اقتباس
  #26  
قديم 06-03-2011, 07:47 PM
ابو تراب ابو تراب غير متواجد حالياً
موقوف
افتراضي رد: اخبار وتحليلات فنية لاسواق المعادن والعملات والنفط


حين التقيت سيف الإسلام القذافي قبل عامين، كوّنت مجموعة من الانطباعات. أولا، كان موهوباً. ثانياً، كان شخصية معقدة. وعلى الرغم من أنه يأخذ نفسه على محمل الجد، ومن الواضح أنه كان ينوي أن يكون الحاكم التالي لليبيا، إلا أنه لم يكن واثقا من نفسه. ولم يكن هذا مستغرباً. فالترعرع والتربية في كنف والد غريب الأطوار مثل والده لن يؤديا إلى شخص يشعر بالراحة والثقة بنفسه.

وسواء كان مضطرباً أم لا، كان يبدو شخصاً مثيراً للاهتمام، مختلفاً جداً عن الشخص الذي يتحدث بعنف اليوم على شاشات التلفزيون. وقبل بضعة أسابيع في دافوس كانت الشخصيات المهمة في العالم حريصة على تناول الغداء معه. وخلال اجتماعي به فهمت السبب. أوضح أنه يؤيد إجراء تغيير جوهري في ليبيا. كذلك لم يكن سخيفاً بحيث يزعم أن الليبيين يحظون بالفعل بالديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون.


وكان هناك حديث عن إجراء مقابلة معه. وفي المناقشات مع مستشاريه، أكدت أن عليّ أن أضغط عليه في أسئلة محرجة، بما في ذلك أسئلة عن طول بقاء والده في المنصب. وقررت أيضا أنه لو أجريت المقابلة، فيجب أن تحدث في لندن وليس طرابلس. وكما توقعت، قال مستشاروه إنهم سيردون علي ثم التزموا الصمت.


وربما يتمنى آخرون الآن لو أن مقابلاتهم لم تتم أبدا. لكنني لا أرى سبباً يدعو توني بلير وبيتر ماندلسون وآخرين إلى لوم أنفسهم. فقد كانت هناك دائماً شكوك بشأن صلابة سيف. ولم يبد إنه شخصية كبيرة بما فيه الكفاية ليحل محل والده. وقال دبلوماسي حكيم صديق لي، إنه لو تولى سيف السلطة عليه أن يحرص ألا يكون أبدا أبعد من 40 دقيقة عن طائرة سريعة مليئة بالوقود وطاقم حصل على رشىً كافية. فلن يمضي وقت طويل حتى يهرب للنجاة بنفسه.


ومع ذلك، قبل شهر كان يبدو أن الزعيم محصن في موقعه وأن ابنه سيكون له دور مهم في الوقت المناسب. ولم يكن أحد يتوقع أن ينهار نظام القذافي فجأة في الفوضى والجنون.


لذا كان من المنطقي التحدث إلى عائلة القذافي. ويواصل بعض المعلقين كما لو أن البراجماتية الغربية والسياسة الواقعية هما السبب في إبقاء معمّر القذافي في السلطة. وهذا هراء. فالسياسة الخارجية يجب أن تتعامل مع العالم كما هو وليس كما نريد أن يكون.


في الثمانينيات فكرت بريطانيا وأمريكا كثيراً في طرق الإطاحة بالعقيد القذافي. لكن لم يكن يبدو أن هناك أي طريقة. وكان أحد أقوال تشرشل المأثورة «الاستمالة أو السحق». وبما أننا لم نتمكن من سحقه، كنا محقين في الاكتفاء باستمالته - وقد جلب هذا منافع.


وفي الثمانينيات كان العقيد القذافي يموِّل الجيش الجمهوري الإيرلندي بشكل خاص، والإرهاب بشكل عام، والفوضى حيثما تمكن من إيجادها. وكنا فعلياً في حالة حرب غير معلنة مع ليبيا، بلغت ذروتها في تفجير طائرة لوكربي. وخلال التسعينيات هدأت التوترات تدريجياً. ولم يعد هناك دعم للإرهاب. وبدلاً من ذلك كان هناك احتمال لروابط اقتصادية.


وليس هناك خطأ في ذلك. فهذا سيجلب الأرباح والوظائف في المملكة المتحدة، وفي الوقت نفسه يلزم ليبيا بنظام التجارة العالمي. وكانت تلك هي النظرية، أما الممارسة العملية فكانت أصعب. ويروي أصدقاء لي حاولوا مزاولة الأعمال في ليبيا قصصاً محبطة. فقد كان كل شيء يسير على ما يرام، إلى أن يظهر الزعيم عدم اهتمامه فجأة. ويتم إلقاء شركائهم المحليين في السجن. وتضيع كل جهودهم سدى مع تذاكر الطائرة وفواتير الفندق. وليس من السهل التعامل مع دولة يكون زعيمها، في أفضل الأحوال، عاقلاً يوماً ومجنوناً في اليوم الآخر. لكن كان الأمر يستحق المثابرة. فيوماً ما سيكون الاقتصاد الليبي مزدهراً للغاية.


وفي السعي لتحقيق هذه الأهداف كان من الصواب أيضاً إطلاق سراح مفجر لوكربي، عبد الباسط المقرحي. فإذا كنا مستعدين لتملق عازف الأرغن، من النفاق إبقاء القرد في السجن. وحين تجنب جوردن براون مثل هذا السلوك المنافق، ارتكب سلوكاً منافقاً آخر. ولا يعني هذا أن السياسة كانت خاطئة.


وهناك نقطة أخيرة حاسمة. ففي إطار تحركه بعيداً عن الإرهاب، سلّم العقيد القذافي أسلحة الدمار الشامل. تخيل النتائج التي كانت ستحدث اليوم لو نجح في تطويرها. ومع ذلك، فهو يغرق الآن في الدماء، وليس على أولئك الذين تعاملوا مع سلوكه الغريب الاعتذار.









رد مع اقتباس