اف اكس ارابيا..الموقع الرائد فى تعليم فوركس Forex

اف اكس ارابيا..الموقع الرائد فى تعليم فوركس Forex (https://fx-arabia.com/vb/index.php)
-   استراحة اف اكس ارابيا (https://fx-arabia.com/vb/forumdisplay.php?f=10)
-   -   قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم (https://fx-arabia.com/vb/showthread.php?t=23640)

wolf101 04-08-2012 08:33 PM

قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
** { الـــمــــقـــد مــــة } **

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له والحمد لله الذي أوضح لنا سبيل الهداية ، وأزاح عن بصائرنا ظلمة الغواية ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، والصلاة والسلام على النبي المصطفى والرسول المجتبى ، المبعوث رحمة للعالمين ، وقدوة للمالكين ، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

يقول الله تعالى : -

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ~ بسم الله الرحمن الرحيم

{
وَ قُلِ اعْمَلُوا فَسيرَى اللَّهُ عَمَلَكمْ وَ رَسولُهُ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ سترَدُّونَ إِلى عَلِمِ الْغَيْبِ وَ الشهَدَةِ فَيُنَبِّئُكم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } صدق الله العظيم

يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام : -

قال http://www.alshamsi.net/man/moh/shk.gif
** {
بــلــغــوا عــنــي ولــو آيــة } **
صدق http://www.alshamsi.net/man/moh/shk.gif

http://www.islamonline.net/arabic/in...ges/cov05a.jpg

أما بعد ؛؛

إن من خير ما بذلت فيه الأوقات ، و شغلت به الساعات من مواضيع بعالم النت ؛؛ هو قراءة السيرة النبوية العطرة ، والأيام المحمدية الخالدة ، فهي تجعل المسلم كأنه يعيش تلك الأحداث العظام التي مرت بالمسلمين ، وربما تخيل أنه واحد من هؤلاء الكرام البررة التي قامت على عواتقهم صروح المجد ونخوة البطولة .

وفي السيرة نتعرف على جوانب متعددة من شخصية النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ، وأسلوبه في حياته ومعيشته ، ودعوته في السلم والحرب ويتلمس المسلم نقاط الضعف والقوة ؛ وأسباب النصر والهزيمة ، وكيفية التعامل مع الأحداث وإن عظمت .

وهذا ردي على كل من سولت له نفسه بالاساءة لشخصه الكريم وأصحابه واهل بيته الكرام ,, هذا الموضوع ليس موسوعه كباقي موسوعاتي الموضوعيه عبر الانترنت بل هو نقطة في بحر من سيرة المصطفى الامين واخذت بها الجانب الجهادي وبعض الجوانب الاخرى العابرة ؛؛ وماهذا الموضوع الا ملخص ببعض كلمات تلخص هذه السيرة المباركة العطرة ,,,
فارجوا ان يوفقني الله تعالى بإلقائها لكم عبر كلمات موجزة .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ges/Top_08.gif

محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - سيد الخلق وإمام الأنبياء وحامل خاتم رسالات رب العالمين إلى الناس النبى الأمى الذى سنتجول فى دروب حياته نتنسم سيرته ونتعقب خطواته ونتسمع أخباره ونسعى فى صحراء الجزيرة العربية نبحث ونفتش ونقلب كتب التاريخ كى نتلمس آثاره وفى رحلتنا تلك سنشاهد أحوال العالم قبل البعثة ونطالع فصول حياته قبل نزول الوحى ونتفهم كيف بدأ الدعوة سرًا ؟ وكيف جهر بها ؟ وكيف خرج بها من مكة ؟ بل كيف خرج هو - صلى الله عليه وسلم - من مكة مهاجرًا إلى مدينته المنورة حيث أسس لدعوته الدولة التى تحملها للناس وسنرى كيف جاهد ببسالة كفار قريش ؟ دفاعًا عن مدينته حتى وقعت بينهما الهدنة وما كسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدها قط وما خلد إلى الراحة فى دولته بل جعل الهدنة فرصة ليثبت أمر الدين وينشر نور الحق إلى أن كان الفتح وكان دخول الناس فى دين الله أفواجًا وفى رحلتنا تلك لن ننسى أن نلمح بيته ونعرف صفته وندرك ماجعل الله على يديه من معجزات براقة وختاما نتعرف على غزواته والسرايا وعائلته الكريمه وبعض اصحابه وحجة الوداع الى أن ينتهي بنا القلم الى لحظة الوداع ويالها من لحظة ؛؛؛

wolf101 04-08-2012 08:33 PM

رد: كل ما لم تعرفه عن السيرة النبوية الشريفة
 

** { ولادتة وطفولته وشبابه وزواجه وأولاده } **
عليه افضل الصلاة والسلام

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

*-* كان مولده صلى الله عليه وسلم عند طلوع الفجر *-*
في يوم 12 من ربيع الاول عام الفيل
الموافق 22 من ابريل من عام 570 م
او22 من ابريل من عام 571 م بمكه المكرمه

*-* كانت وفاته عليه الصلاة والسلام عند طلوع الفجر *-*
في اليوم ال 12 من ربيع الاول عام 11 هـ بالمدينه المنوره
كان عمره حين وفاته 63 سنة هجرية وثلاثة أيام
وعمره 61 سنة ميلادية وأربعة وثمانين يوما
منها 10 أعوام بالمدنيه المنوره
ومنها 53 عاما بمكه المكرمه

(( منها 13 عاما بعد النبوة ومنها عامان مع بني سعد ))
ومنها 3 سنوات إستمرت دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم سرا
ومنها 13 عاما لتاديه رسالته الخالده

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=14769


في يوم 12 من ربيع الاول عام الفيل كان مولده عند طلوع الفجر
في يوم 12 من ربيع الاول عام 11 هـ كانت وفاته عند طلوع الفجر


** { فماذا بين اليومين ... ؟؟؟ } **

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { الزوجين عبد الله و آمنه رضي الله عنهما } **

كـان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفهم وأحبهم إليه , واختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ، وهي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسبًا وموضعًا ، وأبوها سيد بني زهرة نسبًا وشرفًا، فزوجه بها ، فبني بها عبد الله في مكة

تزوج عبد الله بن عبد المطلب (( والد رسول الله )) وعمره 25 عاما
من آمنه بنت وهب (( والده رسول الله )) وعمرها 15 عاما
بمكه قبل ان يتوفى ،،
عبد الله والد الرسول صلى الله عليه وسلم بعد زواجهم بقليل وبعد ان بني عبد الله بآمنه رضي الله عنهما طلب والده عبد المطلب بارساله الى المدينه يمتار لهم تمرا فلبى نادى المنادي بان يتبع هذه القافله وخرج معها والد رسول الله وهو مازال بايام الزواج الاولى ملبيه النداء وراء لقمة العيش وما اصعبها من لقة عيش ,,,

** { وفاة والده رحمة الله عليه } **

وبعد انتهاء القافله من هدفها عادت كل مافيها ومن فيها الا واحدا تخلف ولم يعد مع القافله وانه الوحيد الذي توفاه الله انه عبدالله بن عبد المطلب يا سبحان الله وله في ذلك حكمه توفى وهو عريس شاب توفى وزوجته مازالت عروسا بايام عرسها في ريعان شبابهما توفى وآمنة تنتظر عريسها وتنتظره وتمر عليها الساعه وكانها شهر ويمر عليها اليوم وكانه دهر ولكن عبد الله نام هناك ولم ينم باحضان زوجته هكذا تاتي مشيئة الله تعالى لعباده لكي نعرف بان الموت لا يفرق بين كبير ولا صغير ولا سيد ولا عبيد توفى والد نبينا المصطفى وزوجته حاملا باحشائها نبيا المصطفى الامين ،،،

أما جنين عبد الله وآمنة فما كان ينتظره من متاع عبدالله أبيه إلا خمسة أجمال ، وقطعة غنم ، وجارية حبشية صارت حاضنته - صلى الله عليه وسلم - واسمها بركة وكنيتها أم أيمن ،،،
وكان عمره الرسول صلى الله عليه وسلم حين وفاة والده تقريبا الشهرين وهو في بطن والدته ،،

*-* وقبل مجيئ عبد الله (( والد نبينا عليه الصلاة والسلام )) الى الدنيا نظر عبد المطلب الى الله ونذر نذرا ان رزقه الله عشر من الذكور ليذبح واحدا منهم ورزق عبد المطلب بعشرة من الذكور وسته من الايناث وجاء اليوم الموعود لينفث وعده ويوفي بنذره الى الله ,,,
وادار القداح والقرعه وجاءت على ابنه عبد الله وجاء ليذبحه فأبا عليه قلبه وجد حاجز نفسيا رهيبا بينه وبين ذبح عبد الله ،،، وادار القداح مره واخرى وجاءت على عبد الله .. واستشار اصحابه وقالوا له اجعل كلما جاءت القداح على عبد الله ان تذبح عشرة من الابل وظل القداح تاتي على عبد الله حتى فدائه بمئه من الابل وبعد ذلك غادرت القرعه عبد الله ..

(( فلننظر الى الحرص الشديد على حياة عبد الله ومع ذلك فلما جائه الموت هناك لم يستطع عبد المطلب ان يفديه ولو بملئ الارض إبلا ))

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=33972

** { ولادة المصطفى اليتيم } **

... وبعد أن تمت مدة الحمل على السيدة آمنه والده المصطفى عليه الصلاة والسلام وعند طلوع الفجر يوم ال12 - من ربيع الاول - عام الفيل (( لأنه ولد بعد حادثه الفيل الشهيره بما يقارب بين ال50 وال 55 يوما من الحادثه )) ،،
*-* كان مولده صلى الله عليه وسلم عند طلوع الفجر *-*
في يوم 12 من ربيع الاول عام الفيل بمكه المكرمه
الموافق ال22 من ابريل من عام 571 م أو 570 م

ولد المصطفى عليه الصلاة والسلام والتفت يمينا ولم يجد أباه ... والتفت شمالا ولم يجد أباه
وكان العناية الالهية قد ارادت ان يولد المصطفى عليه الصلاة والسلام يتيما !!!
حتى لا يقول أبي أبي وإنما يقول ربي ربي ,,..,,
وروى ابــن سعــد أن أم رســول الله صلى الله عليه وسلم قالــت ‏:‏-
لمــا ولـدتــه خــرج مــن فرجـى نــور أضــاءت لـه قصـور الشام‏ .
وروى أحمد والدارمى وغيرهمـا قريبـًا مـن ذلك‏ ,,,
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده،فجاء مستبشرًا ودخل به الكعبة، ودعا الله وشكر له‏ .
وأول من أرضعته من المراضع ـ وذلك بعد أمه صلى الله عليه وسلم بأسبوع ـ ثُوَيْبَة مولاة أبي لهب بلبن ابن لها ، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب
.

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=58980

** { البطاقة الشخصيه للمصطفى الامين } **

عندما يولد أحدنا يذهب أبوه فرحا مسرورا يقيد إسمه في سجل المواليد
فمن الذي سجل اسم المصطفى عليه الصلاة والسلام فقد توفى الله والديه !!

إن الذي سجل إسم اليتيم عليه الصلاة والسلام هو الله وسجله القلم البديع باللوح المحفوظ ,,,
إختار الله له أحسن الاسماء إسمه (( محمد )) عليه الصلاة والسلام فقد سئل عمه المطلب لما سميته محمد ؟؟ ولم يكن هذا الاسم معروفا بين قبائل العرب فكان متداول بينهم
(( مره - جبله - صخر - يزيد )) ،،
فمن الذي الهم عبد المطلب بان يسمي هذا اليتيم محمد ؟؟
فيجيب بنفسه عبد المطلب قائلا : -

إنما سميته محمد ليحمده اهل السماء والارض ,,

هو أبو القاسم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. هذا هو المتفق عليه في نسبه صلى الله عليه وسلم واتفقوا أيضاً أن عدنان من ولد إسماعيل عليه السلام .

أسماؤه صلى الله عليه وسلم
عن جبير بن مطعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:-
{ إن لي أسماء ، وأنا محمد ، وأنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدميَّ ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد } [متفق عليه] .
وعن أبي موسى الأشعري قال :- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء فقال :- { أنا محمد ، وأحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي التوبة ، ونبي الرحمة } [مسلم] .

المولود محمد عليه الصلاة والسلام (( حمد لله ))
ووالده عبد الله *** (( عبوديه لله ))
ووالدته آمنه *** (( أمنن ))
ومرضعته حليمة السعديه *** (( حلم وسعاده ))
والسيده الذي ولدت والدته تدعى شفاء أم عبد الرحمن بن عوف
(( على يديها ولد الشفاء ))
والسيده الذي رضعته أول رضعه جاريه اسمعها *** (( ثويبة ))
كانت مملوكه لعمه أبي لهب
(( ليعلن المصطفى للعالم اجمع بانه سيحرر جميع العبيد من الأسر ))

وعندما علم ابي لهب بقدوم محمد عليه الصلاة والسلام من قبل جاريته ثويبه اطلق سراحها وقال لها انت حرة اكراما لمولده الشريف واكرمه الله تعالى بان خفف عنه عذابه كل يوم الاثنين ،،

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { عائلته صلى الله عليه وسلم } **

جده قصي *** موحد قريش
جده هاشم *** وقع اتفاقيه مع الفرس والروم
جده المباشر عبد المطلب *** حفر بئر زمزم
هاشم *** توفى بغزة
كنانه *** من اليمن
هاجر *** اصلها من مصر
والده المصطفى عليه السلام *** بمكه
ام ايمن *** من السودان
حليمه السعديه *** من الباديه

الوضع الاجتماعي للرسول صلى الله عليه وسلم ,,,,

عاش المصطفى عليه الصلاة والسلام *** يتيم الاب والام والجد
اقامه الرسول صلى الله عليه وسلم في *** اربعة بيوت
(( من بيت امه الى بيت حليمه ثم الى بيت امه مره اخرى ثم الى بيت جده ومن ثم الى بيت عمه ابو طالب ))
العمل الرسول صلى الله عليه وسلم :
-
من (( 8 - 15 )) عاما كان يعمل راعي غنم (( 7 سنوات ))
من (( 15 - 35 )) عاما عمل بالتجاره أي (( 20 عاما ))
الوضع المالي *** قريب من الفقراء وليس بعيد عن الاغنياء
الانتماء الاجتماعي *** من اعرق العائلات العربيه
الوضع التعليمي *** أمي (( لا يقرأ ولا يكتب ))
الخبرات *** اكتسبها من مدرسه الحياة والاحتكاك مع الناس

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { أول معجزاته وهو رضيع } **

كانت العادة عند الحاضرين من العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعادًا لهم عن أمراض الحواضر ؛ ولتقوى أجسامهم ، وتشتد أعصابهم ، ويتقنوا اللسان العربى في مهدهم ، فالتمس عبد المطلب لرسول الله صلى الله عليه وسلم المراضع ، واسترضع له امرأة من بني سعد بن بكر ، وهي حليمة بنت أبي ذؤيب عبد الله بن الحارث .

وإخوته صلى الله عليه وسلم هناك من الرضاعة ‏
عبد الله بن الحارث، وأنيسة بنت الحارث، وحذافة أو جذامة بنت الحارث ‏‏وهي الشيماء ،،،،

ورأت حليمة من بركته صلى الله عليه وسلم ما قضت منه العجب ، ولنتركها تروى ذلك مفصلًا ‏
قال ابن إسحاق ‏- :‏ كانت حليمة تحدث ‏:- ‏ أنها خرجت من بلدها مع زوجها وابن لها صغير ترضعه في نسوة من بني سعد بن بكر ، تلتمس الرضعاء ‏.‏
قالت :- وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئًا ،
قالت ‏:- ‏ فخرجت على أتان لى قمراء ، ومعنا شارف ( الناقة المسنة ) لنا ، والله ما تَبِضّ ُبقطرة ، وما ننام ليلنا أجمع من صبينا الذي معنا ، من بكائه من الجوع ، ما في ثديى ما يغنيه ، وما في شارفنا ما يغذيه ، ولكن كنا نرجو الغيث والفرج .
فخرجت على أتانى تلك ، فلقد أذَمَّتْ بالركب حتى شق ذلك عليهم ، ضعفًا وعجفًا ، حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء ،,,
فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه ، إذا قيل لها ‏:-‏ إنه يتيم ، وذلك أنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي
فكنا نقول ‏:- ‏ يتيم ‏!‏ وما عسى أن تصنع أمه وجده ، فكنا نكرهه لذلك ، فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعًا غيرى .
فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبى‏ :- ‏ والله ، إنى لأكره أن أرجع من بين صواحبى ولم آخذ رضيعًا ، والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه‏ .
قال ‏:-‏ لا عليك أن تفعلى ، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة ‏.‏
قالت‏ :-‏ فذهبت إليه وأخذته ، وما حملنى على أخذه إلا أنى لم أجد غيره .
قالت‏ :- ‏ فلما أخذته رجعت به إلى رحلى .
فلما وضعته في حجرى أقبل عليه ثديأي بما شاء من لبن ، فشرب حتى روى ، وشرب معه أخوه حتى روى ثم ناما ، وما كنا ننام معه قبل ذلك ..
وقام زوجي إلى شارفنا تلك ، فإذا هي حافل، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريا وشبعا، فبتنا بخير ليلة .
قالت‏ :- ‏ يقول صاحبى حين أصبحنا ‏- :‏ تعلمي والله يا حليمة ، لقد أخذت نسمة مباركة ، قالت‏:‏ فقلت‏:‏ والله إنى لأرجو ذلك‏ .
قالت‏ :- ‏ ثم خرجنا وركبت أنا أتانى ، وحملته عليها معى ، فوالله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شىء من حمرهم ، حتى إن صواحبى ليقلن لى ‏:- ‏ يا ابنة أبي ذؤيب ، ويحك ‏!‏ أرْبِعى علينا ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ‏؟
فأقول لهن‏:- ‏ بلى والله ، إنها لهي هي ،,,
فيقلن‏ :- ‏ والله إن لها شأنًا ،,
قالت ‏:- ‏ ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد ، وما أعلم أرضًا من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمى تروح علىَّ حين قدمنا به معنا شباعًا لُبَّنـًا ، فنحلب ونشرب ، وما يحلب إنسان قطرة لبن ، ولا يجدها في ضرع ،,,
حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم ‏:- ‏ ويلكم ، اسرحوا حيث يسرح راعى بنت أبي ذؤيب ، فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن ، وتروح غنمى شباعًا لبنًا ‏.
فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته ، وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا ‏.
قالت ‏:- ‏ فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه ، وقلت لها ‏:‏- لو تركت ابني عندي حتى يغلظ ، فإني أخشى عليه وباء مكة ،,,
قالت ‏:- ‏ فلم نزل بها حتى ردته معنا ‏.‏

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { حادثه شق الصدار بدار حليمة } **

وفي السنة الرابعة من مولده على قول المحققين وقع حادث شق صدره ، روى مسلم عن أنس‏ :-
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل ، وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، فاستخرج منه علقة
فقال :- هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طَسْت من ذهب بماء زمزم ، ثم لأَمَه ـ أي جمعه وضم بعضه إلى بعض ـ ثم أعاده في مكانه ، وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعنى ظئره ـ
فقالوا ‏:-‏ إن محمدًا قد قتل ، فاستقبلوه وهو مُنْتَقِعُ اللون
ـ أي متغير اللون ـ
قال أنس‏ :- ‏ وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره‏ .‏

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=12741

** { وفاة والدته آمنة رحمها الله } **

وخشيت عليه حليمة بعد هذه الواقعة حتى ردته إلى أمه ، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين‏ .
ورأت آمنة ـ وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب ـ وتزور أخواله من بنى عدى بن النجار وبنو عدى بن النجار أخوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن منهم سلمى بنت عمرو النجارية زوجة هاشم وأم عبدالمطلب جد رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ نحو خمسمائة كيلو متر ومعها ولدها اليتيم ـ محمد صلى الله عليه وسلم ـ وخادمتها أم أيمن ، وقيمها عبد المطلب ، فمكثت شهرًا ثم قفلت ، وبينما هي راجعة إذ لحقها المرض في أوائل الطريق ، ثم اشتد حتى ماتت بالأبْوَاء بين مكة والمدينة‏ .

** { وفاة جده عبد المطلب رحمه الله } **

وعاد به عبد المطلب إلى مكة ، ولثمانى سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره صلى الله عليه وسلم توفي جده عبد المطلب بمكة ؛ ورأي قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيده إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه‏ ،،،
بعد مطالبه من ابناء عبد المطلب بان يتنبوا ولكن عبد المطلب رأى بابي طالب العم المناسب لتبنيه .
ونهض أبو طالب بحق ابن أخيه على أكمل وجه ، وضمه إلى ولده وقدمه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير ، وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ، ويبسط عليه حمايته ، ويصادق ويخاصم من أجله .
إن الله تعالى ياخذ ويعطي فاخذ من رسولنا الحبيب اباه وعوضه بامه واخذ منه امه فعوضه بجده فاخذ منه جده فعوضه بعمه ،،،
فبعد مدة قضاها الحبيب عليه السلام ببيت امه وبيت حليمه وبيت جده والان وهو في بيت عمه توفت زوجة عمه فاطمه بنت الاسد فكفنها عليه الصلاة والسلام بعبائته وحزن عليها لنها ربته ،،
ثم عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمه بالعمل معه وهو بسن الثامنه فبدأ يرعى الغنم الى ان وصل الى سن الخامسه عشر فاشتغل عليه الصلاة والسلام مع عمه بالتجارة .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { من أول من علم بنبوة المصطفى ... ؟؟؟ } **

ولما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتى عشرة سنة ـ قيل
(( ‏ وشهرين وعشرة أيام )) ارتحل به أبو طالب تاجرًا إلى الشام ، حتى وصل إلى بُصْرَى ـ وهي معدودة من الشام ، وقَصَبَة لحُورَان ، وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان‏ .
وكان في هذا البلد راهب عرف بَبحِيرَى ، واسمه ـ فيما يقال‏ ~‏ جرجيس ، فلما نزل الركب خرج إليهم ، وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك ، فجعل يتخلّلهم حتى جاء فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،,,
وقال ‏:-
هذا سيد العالمين ، هذا رسول رب العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين‏ .
فقال له ‏‏أبو طالب وأشياخ قريش ‏- :‏ ‏‏و‏‏ ما علمك ‏بذلك‏ ‏‏؟
فقال ‏:- ‏ إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا خر ساجدًا ، ولا يسجدان إلا لنبى ، وإنى أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة ، ‏‏وإنا نجده في كتبنا‏ ‏ ، ثم أكرمهم بالضيافة ،,,
وسأل أبا طالب أن يرده ، ولا يقدم به إلى الشام ؛ خوفًا عليه من الروم واليهود ، فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة‏ .

** { حرب الفجار ~ أول الحروب للمصطفى عليه السلام } **

تعود النعمان بن المنذر أن يبعث كل عام قافلة من الحيرة إلى عكاظ تحمل المسك وتجىء بدلاً منه بالجلود والحبال وأنسجة اليمن المزركشة ، ولأن قبائل الأعراب المتناثرة فى صحراء الجزيرة لا تجعل الطريق مأمونة ، فقد كان على المنذر أن يعين من يحرس قافلته ، وعرض رجلان على المنذر أن يقوما له بهذه المهمة هما :- البرَّاض بن قيس الكنانى ومعه كنانة وعروة الرحال ابن عتبة الهوازنى ومعه هوازن ، واختار المنذر عروة ، فأسرها البراض فى نفسه ، وما زال حقده يتأجج فى صدره ، حتى اغتال عروة وأخذ قافلته ، ولم يكتف البراض بما فعل ، بل أسرع إلى بشر بن أبى خازم يخبره أن هوازن ستأخذ بثأرها من قريش ، وهو ما حدث بالفعل ، وقد سميت هذه الحرب بالفجار لأنها كانت فى الأشهر الحرم ، التى أجمعت العرب على ترك القتال بها ،,,
وقد حضرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان يجهز لعمومته نبل هوازن الذى كانت تقذف به قريشًا ، وسنه يومئذ خمس عشرة سنة ، وقيل بل عشرون ، ولعل الخلاف قد حدث لامتداد الحرب أربعة أعوام متتالية .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=13362

** { أول تجارة للصادق الأمين } **

ولم يكن له صلى الله عليه وسلم عمل معين في أول شبابه الا ان الروايات توالت أنه كان يرعى غنمًا ، ويبدو أنه انتقل إلى عمل التجارة حين شب , وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج تاجرًا إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها قال ابن إسحاق‏ :- ‏ كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال، تستأجر الرجال في مالها ، وتضاربهم إياه بشيء تجعله لهم ، وكانت قريش قومًا تجارًا ،,,
فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه ، وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه ، فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجرًا ، وتعطيه أفضل ما كانت تعطى غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له‏ ((‏ ميسرة )) فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وخرج في مالها ذلك ، وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام‏ .‏
وبعد ان تاكدت السيده خديجه من امانته عليه الصلاة والسلام بثلاثه تجارات الى اليمن برفقة ميسره اعطته التجارة الكبرى الى الشام وبحكم كفائته وحسن تدبيره استطاع بيع البضاعه كامله وقبل الوصول الى الشام واخذ قيمتها وكان سهلا بالتجاره سمحا بالتعامل مع التجار والناس عليه الصلاة والسلام ،،

** { طلبته السيده خديجه للزواج فوافق عليه السلام } **

فلما رجع إلى مكة ، ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا ، وأخبرها غلامها ميسرة بما رأي فيه صلى الله عليه وسلم من خلال عذبة ، وشمائل كريمة ، وفكر راجح ، ومنطق صادق ، ونهج أمين ، وجدت ضالتها المنشودة !!
وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبي عليهم ذلك ـ فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منبه ، وهذه ذهبت إليه صلى الله عليه وسلم تفاتحه أن يتزوج خديجة ، فرضى بذلك ، وكلم أعمامه ، فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه ، وعلى إثر ذلك تم الزواج ،،،
وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر ، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين ، وأصدقها عشرين بَكْرة‏ .
وكانت سنها إذ ذاك 40 عاما وسنه عليه الصلاة والسلام 25 عاما ، وكانت يومئذ أفضل نساء قومها نسبًا وثروة وعقلًا ، وهي أول امرأة تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت ‏.

وقال أتانى جبريل فقال :-
( هذه خديجة قد أتتك بإناء فيه إدام أو طعام أو شراب فإذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى وبشرها ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب )
(رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى والطبرانى) .
وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يحسن إلى صاحباتها بعد موتها ، وعن عائشة قالت :-
كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكاد يخرج من البيت حتى يذكر خديجة فيحسن عليها الثناء ، فذكرها يومًا من الأيام فأدركتنى الغيرة فقلت :-
" هل كانت إلا عجوزًا قد أخلف الله لك خيرًا منها "
فقال :- لقد آمنت إذ كفر الناس ، وصدقتنى إذ كذبنى الناس ، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس ، ورزقنى الله الولد منها إذ حرمنى أولاد النساء ) ؛
فقلت بينى وبين نفسى :- " لا أذكرها بسوء أبدًا "
( رواه البخارى ومسلم وأحمد واللفظ لأحمد ) .

أولاده من السيده خديجه ,,,,

*-* القاسم *-*

أمه خديجة بنت خويلد وبه كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يكنى ، وهو أول ولد النبى - صلى الله عليه وسلم -،
واختلف بشأنه كثيرًا فقيل :- مات وله سبعة أيام ، وقيل:- مات وهو ابن سنتين ، وقيل :- بقى حتى كان يركب الدابة ولكن كما يبدو بان توفى وعمره ثلاثه اعوام وأنه لما مات قال بعض المشركين إن محمدًا " أبتر" أى لاعقب له ، فنزلت الايه الكريمه ( إنا أعطيناك الكوثر ) ، وهذا يعنى أنه بقى إلى البعثة ، والأكثر على أن موته كان قبل البعثة .

*-* زينب *-*
كبرى بنات النبى - صلى الله عليه وسلم - ولدت وله ثلاثون سنة وأمها خديجة بنت خويلد - رضى الله عنها -،
واختلف بين زينب والقاسم أيهما ولد أولاً ، كانت زينب زوجًا لأبى العاص لقيط بن الربيع ، وكان مشركـًا ، وهو ابن خالتها هالة بن خويلد ، وأسر أبو العاص يوم بدر وأطلق النبى - صلى الله عليه وسلم - سراحه على أن يبعث إليه بابنته زينب - وكانت لا تزال عنده بمكة - فبعثها فكانت هجرتها بعد بدر ، وما زال أبو العاص على كفره حتى خرج فى قافلة لقريش قبل الفتح فأغار عليها المسلمون وأخذوها ، وفر أبو العاص، ثم دخل المدينة سرًا وأتى زينب ؛ فأجارته على المسلمين ، ورد إليه المسلمون ما أخذوه من مال قريش ؛ فعاد به إلى المشركين ، ثم أسلم بمكة ، وهاجر إلى المدينة ، فرد النبى - صلى الله عليه وسلم - زينب إليه قيل (( بالنكاح الأول وقيل بل بنكاح جديد )) ،,,
وولدت زينب لأبى العاص :- عليًا ، وأمامة ، وتوفيت عن أبى العاص سنة ثمان للهجرة قى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - .

*-* رقية *-*
رقية بنت محمد بن عبد الله نبى الله وخاتم رسله وأمها خديجة بنت خويلد ، زوجها الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عتبة بن أبى لهب وزوج أختها أم كلثوم من أخيه عتيبة بن أبى لهب ، فلما نزلت الايه الكريمه ( تبت يدا أبى لهب ) ؛ أمر أبو لهب وزوجته أم جميل ابنيهما أن يفارقا ابنتى محمد ففارقاهما وطلقاهما قبل أن يدخلا بهما كرامة لابنتى رسول الله وهو انـًا لابنى أبى لهب ، ثم تزوج عثمان بن عفان رقية بمكة - وكانت أكبر من أم كلثوم - وولدت رقية لعثمان ولدًا سماه عبد الله ولكنه مات صغيرًا ، وهاجر عثمان برقية إلى الحبشة مع من هاجر إليها من المسلمين ، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن أخبارهما .
قبيل بدر مرضت رقية فأمر النبى عثمان أن يبقى مع زوجته فبقى معها يطببها حتى توفيت - رضى الله عنها -، وكانت وفاتها يوم قدم زيد بن حارثة مبشرًا بنصر الله لرسوله وبمصارع المشركين ، وقيل: بل توفيت فى اليوم الذى قبله ودفنت يوم قدم زيد ونزل عثمان فى قبرها ، وضرب له النبى - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره يوم بدر لاخلاف فى ذلك ، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - يقول:-
( عثمان أول من هاجر بأهله بعد لوط عليه السلام ) .

*-* أم كلثوم *-*
أمها خديجة بنت خويلد وهى أصغر من رقية ، وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - قد زوجهما من ابنى أبى لهب عتبة وعتيبة فلما نزلت الايه الكريمه ( تبت يدا أبى لهب وتب ) أمر أبو لهب وأم جميل زوجته ابنيهما أن يطلقا بنتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلقاهما ولم يدخلا بهما فزوج النبى - صلى الله عليه وسلم - رقية من عثمان بن عفان فما زالت عنده حتى توفيت فزوجه النبى - صلى الله عليه وسلم - من أم كلثوم ولذا كان يقال له : " ذو النورين"، وبنى بها عثمان سنة ثلاث ولم تلد له ومازالت عنده حتى توفيت ،،
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم :- ( لو كانت عندنا ثالثة لزوجنا عثمان بها ) ،,,
وروى أن عثمان لما توفيت رقية وقف مهمومًا حزينـًا فرآه النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال :- ( مالى أراك مهمومًا ؟ )
قال :- وهل دخل على أحد ما دخل على ماتت ابنة رسول الله التى كانت عندى وانقطع ظهرى وانقطع الصهر بينى وبينك ، فزوجه النبى - صلى الله عليه وسلم- أم كلثوم .

*-* فاطمه *-*
فاطمة بنت محمد رسول الله سيدة نساء العالمين وأم سيدى شباب أهل الجنة الحسن والحسين وزوج أمير المؤمنين على بن أبى طالب ، وأمها خديجة بنت خويلد ، زوجها رسول الله من أبن عمه على وهى أبنة خمس عشرة سنة وأشهر ، وقيل: كان زواجها بعد أحد ، وقد انقطع نسل النبى صلى الله عليه وسلم إلا منها وكانت أحب الناس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - .

الحسن بن على بن أبى طالب
هو الحسن بن على بن أبى طالب بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمى سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وريحانته ، أمه فاطمة بنت محمد سيدة نساء أهل الجنة ، وكنية الحسن : أبو محمد ، ولد سنة ثلاث للهجرة ، وكان الحسن أشبه الناس خلقةً بالنبى - صلى الله عليه وسلم - وقد مر به أبوبكر الصديق فاحتمله على رقبته وهو يقول :- بأبى شبيه بالنبى ، ليس شبيها بعلىّ وعلىّ يضحك ( رواه البخارى ) .
وكان النبى - صلى الله عليه وسلم- يحب الحسن وأخاه الحسين ، فروى الترمذى عن أسامة بن زيد:- أن النبى - صلى الله عليه وسلم- قال عن الحسن والحسين :-

( هذان ابناى وابنا ابنتى اللهم إنى أحبهما وأحب من يحبهما )
وقال عنهما أيضًا :- ( الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة ) .

وهناك قصه صغيره بتسميه الحسن والحسين وساقصها عليكم باختصار

حين علم الرسول عليه الصلاة والسلام بولاده السيده فاطمه ابنته ذهب الى بيتها وسال عن اسم المولود ورد عليه علي بن ابي طالب بانه اسماه حرب لعشقه ووله بالحروب فرد عليه الصلاة والسلام عليه بل هو حسن وهكذا سماه عليه الصلاة والسلام وحين جاء الحسين رضي الله عنه قال سال الرسول صلى الله عليه وسلم ما اسميته فرد علي بن ابي طالب (( حرب )) فرد عليه افضل الصلاة ولسلام بل هو حسين فهكذا سماهما الرسول عليه الصلاة والسلام ،،
وكان ابنته فاطمه هي الاقرب اليه فلا يغادر الا تكون هي اخر من يودع فحين يعود فتكون هي اول من يقصد بيتها من النساء ،، وهناك قصه بينهما حين وفاته عليه الصلاة والسلام ساتلوها اليكم بوقتها ان شاء الله تعالى ،،

*-* عبد الله *-*
ثم ولد له عبدالله الملقب بالطيب والطاهر وتوفاه الله عن عمر ناهز الاربعه اعوام رحمه الله ، وكل هؤلاء من السيدة خديجة - رضى الله عنها - ،

*-* ابراهيم *-*
أمه مارية القبطية التى أهداها المقوقس صاحب مصر للنبى - صلى الله عليه وسلم - فتسرى بها وولدت له إبراهيم ، وكان مولده فى ذى الحجة سنة ثمان من الهجرة وسر النبى - صلى الله عليه وسلم - بمولده سرورًا عظيمًا وبشر به أبو أرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - فوهب له عبدًا ، وأخذته أم بردة خولة بنت المنذر زوج البراء بن أوس فكانت ترضعه وترده إلى أمه ، وعاش إبراهيم ثمانية عشر شهرًا ، ودخل عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يجود بنفسه بين يدى أمه فدمعت عيناه وقال :-
( تدمع العين ، ويحزن القلب ، ولانقول إلا ما يرضى ربنا ، والله إنا بك يا إبراهيم لمحزونون )
وقال: ( إن له مرضعـًا فى الجنة ) (رواه أبو داود) .
ويوم وفاته كسفت الشمس فقال الناس :- إنها انكسفت لموت إبراهيم فخاطبهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لاينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله والصلاة ) .
وكانت وفاة إبراهيم بعد وفاة عثمان بن مظعون فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم –
( إلحق بالسلف الصالح عثمان بن مظعون ) ، وصلى عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - ونزل فى قبره الفضل بن العباس وأسامة بن زيد
.

ومات بنوه كلهم في صغرهم ، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن ، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته صلى الله عليه وسلم سوى فاطمة رضي الله عنها ، فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به ‏.‏
كانت السيده خديجه متزوجة من اثنين قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أول من أسلم ، ولقد سلم الله عليها عن طريق جبريل ، ولم يتزوج النبي عليها حتى ماتت ، ومكث معها 24 سنة وأشهر ، وكان وفياً لها بعد موتها يبر أصدقاءها ويكثر من الدعاء لها والاستغفار لها كلما ذكرها .



wolf101 04-08-2012 08:35 PM

رد: كل ما لم تعرفه عن السيرة النبوية الشريفة
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=14904

** { حياته ما قبل النبوة } **

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات ، وكان طرازًا رفيعًا من الفكر الصائب، والنظر السديد ، ونال حظًا وافرًا من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف، وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناه الحق، وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشئون الناس وأحوال الجماعات ، فعاف ما سواها من خرافة ، ونأي عنها ، ثم عاشر الناس على بصيرة من أمره وأمرهم ، فما وجد حسنًا شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة، فكان لا يشرب الخمر، ولا يأكل مما ذبح على النصب ، ولا يحضر للأوثان عيدًا ولا احتفالًا ، بل كان من أول نشأته نافرا من هذه المعبودات الباطلة، حتى لم يكن شيء أبغض إليه منها ، وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى‏ .

** { شارك قريش في بناء الكعبة } **

روى الإمام أحمد وأهل السير :-
( أن قريشاً عندما اختلفت في وضع الحجر الأسود في مكانه ،,,
قالوا :- اجعلوا بينكم حكماً ،,,
فقالوا :- أول رجل يطلع من الفج ،,,
فجاء رسول الله فقالوا :- أتاكم الأمين ،,,
فقالوا :- فوضعه في ثوب ثم دعا بطونهم فرفعوا نواحيه فوضعه النبي في مكانه المطلوب ) .
( كان عمر النبي إذ ذاك ( 35 ) سنة ) .
( لو لا حكمة الله وهداية رسوله إلى هذا الحل لسفكت الدماء ) .
إن قبول قريش تحكيم الرسول في أمر وضع الحجر الأسود في مكانه من البيت الحرام ووصفهم له بالأمين ، دليل على تربيتة سبحانه لنبيه على مكارم الأخلاق التي كان من بينها الصدق والأمانـــة .
إن الاقتراح الذي توصل إليه الرسول لحل هذه الأزمة كان بتوفيق من الله ليلفت أنظار الناس إلى ما سيختاره له الله من القيام بأمر أكبر من هذا لتوحيد الناس .. وهو الإسلام .

** { بداية البعثة النبوية بمكه } **

http://www.sunna.info/souwar/data/media/2/17.jpg

في يوم الاثنين الموافق 6 - 8 - 610 م كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يمكث الليالي بعيدا عن الجاهليه من الناس يتبعد الله ويتقرب منه في غار حراء ودون تأهب منه او توقع فوجئ عليه افضل الصلاة والسلام بنزول الوحي اليه وتبليغه برسالات ربه وهو في سن الاربيعين عاماً ,,,

فجاءه الملك جبريل فقال له :- اقرأ ،,,
قال الرسول عليه الصلاة والسلام :- ما أنا بارىء ،،،
ثم اعيد ذلك .. ثلاث مرات ..
إلى أن قال جبريل عليه السلام :-
(
اقرأ باسم ربك الذي خلق ، خلق الإنسان من علق ، اقرأ وربك الأكرم .. ) متفق عليه .
قوله ( ما أنا بقارىء ) أي لا أحسن القراءة .

وبعد رحيل الملك جبريل عن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ,,
ذهب إلى زوجته خديجة وأخبرها الخبر ,,

قالت له : - ( كلا ، فوالله لا يخزيك الله ، إنك لتصل الرحم ، وتصدق الحديث ، وتحمل الكل ، وتعين على نوائب الدهر ) .
وكلامها هذا يدل : على رجحان عقلها وحسن تصرفها وفضلها وسلامة فطرتها .
( ثم انطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل ، وكان امرءاً تنصر في الجاهلية ، وكان شيخاً كبيراً قد عمي ، وأخبره الخبر ) .
قال ورقه بن نوفل :- ( يا ليتني أكون فيها حياً جذعاً حين يخرجك قومك ؟
قال :- أو مخرجي هم ؟
قال :- نعم ، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي ، وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ,،
( ثم لم يلبث ورقة أن توفي ) .

*-* هل ورقة بن نوفل من السابقين ؟
نعم ، فقد صدق بنبوة محمد حيث قال ( .. يا ليتني فيها }
أي أيام الدعوة { جذعاً حين يخرجك قومك ، .. وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ) .
قال : - ( لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين ) رواه البزار .
وقال أيضاً : - ( قد رأيته فرأيت عليه ثياب بيض ) رواه أحمد .

*-* وانقطع بعد ذلك الوحي وقيل :-
كانت ستة أشهر ، وقيل : كانت أربعين يوماً *-*

*-* بعد هذا الانقطاع نزل عليه الوحي مرة أخرى .
*-*

http://sirah.al-islam.com/image/aathar/athr19.gif

عن جابر قال :- قال رسول الله : -
( بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتاً ، فرفعت بصري ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فرعبت منه ، فرجعت فقلت :- زملوني زملوني ، فأنزل الله : يا أيها المدثر قم فأنذر ، إلى قوله : والرجز فاهجر ) متفق عليه .
فحمي الوحي وتواتر ؛؛ فكان أول ما نزل بعد فتور الوحي

( يا أيها المدثر .. ) .

ثم توالى نزول القرآن - الكتاب الخاتم - وبدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - دعوته على مراتب خمس كما ذكر ذلك ابن القيم - رحمه الله - في كتابه " زاد المعاد "
المرتبة الأولى :- النبوة ،,,,
والمرتبة الثانية :- إنذار عشيرته الأقربين ،,,,
والمرتبة الثالثة :- إنذار قومه ،,,,
والمرتبة الرابعة :- إنذار قوم ما أتاهم من نذير من قبله وهم العرب قاطبة ،,,,
والمرتبة الخامسة :- إنذار جميع من بلغته دعوته من الجن والإنس إلى آخر الدهر ,,,,

وماكان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن يبلغ النور الذى يحمله إلى الناس من حوله ، فظل يبلغ الدعوة سرًا طوال ثلاثة أعوام ، ينتقى من يلتمس فيه صلاحًا ، فيسمعه القرآن المنزل عليه ، ويجمعه مع إخوانه الذين سبقوه لدين الله ، منتظرًا ومتهيئًا نزول أمر الله بالجهر بدعوته .

لقد كانت بعثته - صلى الله عليه وسلم - رحمة للعالمين ، كما أخبر بذلك أصدق القائلين :-
{
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } (الأنبياء :107) ،,
وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال :- (
إنما أنا رحمة مهداة ) فمن آمن به وصدقه ، فاز فوزاً عظيماً ،,,
قال تعالى :- {ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً }
(الأحزاب :71)

ومن أعرض عن هدايته فقد ضل ضلالاً بعيداً ، وخسر في الدنيا والآخرة ، قال تعالى :-
{ ومن أعرض عن ذكري فإنَّ له معيشةً ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى } (طه : 124)

إنَّ بعثته - صلى الله عليه وسلم- كانت ميلاداً جديداً للبشرية ، وتاريخاً عظيماً للإنسانية ، قال تعالى :- { قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون } (الأعراف : 158)

فببعثته كَمُلَ للبشرية دينها ، وتم للإنسانية نعيمها ، قال تعالى :-
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا } (المائدة : 3 )

فكان الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لعباده جميعاً ، ولن يقبل الله من أحدٍ ديناً سواه ، قال تعالى :- {ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين }
( آل عمران : 85 )

وما إن نزل أمر الحق تبارك وتعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم بالجهر بالدعوة ،،
حتى قام النبى على جبل الصفا يعلن على الملأ حقيقة رسالته ولكن الآذان التى لم تتعود سماع الحق والعقول التى ألفت الدعة والنوم والنفوس التى عشقت الضلال حتى أدمنته لم ترض لنور الله أن يسطع بين حنايا مكة ،،

حتى يكون لها فى منعه دور ونصيب وقد تحمل النبى صلى الله عليه وسلم وعصبته المؤمنة مخاطر وألم المواجهة والإيذاء وسطروا بدمائهم وأرواحهم أروع آيات الصبر والثبات وهم إن عدموا ملجأ يحتمون به فى دروب مكة ودورها على تعددها واتساعها فقد وجدوا فى دار أخيهم الأرقم النائية بعض الأمن وبعض الجزاء فبين جدران هذه الدار المباركة كانوا يتعلمون أحكام دينهم ويتربون على قيمه السامية ثم كان فى الهجرة إلى الحبشة بعد اشتداد الإيذاء الحماية والمنعة فى بلد عُرِفَ ملكها بالعدل والإنصاف .

أما مسلمو مكة ممن لم يهاجروا إلى الحبشة فقد قويت شوكتهم بإسلام حمزة وعمر رضى الله عنهما ولما أيست قريش من أساليب المواجهة والإيذاء لجأت لأساليب المساومة والإغراء لكن هيهات لمن رأى النور الحق أن يخدع ببريق الشهوات وعلى حمية الجوار جمع أبو طالب بنى هاشم وبنى المطلب لنصرة ابن أخيه ، وهنا لم يبق لقريش إلا أن تعلن المقاطعة العامة للمسلمين وأنصارهم ، وكما صبر المسلمون على ألم الإيذاء وفتنة الإغراء مشوا بأقدامهم على أشواك هذه المقاطعة ليصلوا إلى هدفهم النبيل وكمحاولة يائسة حيرى أخيرة أرسلت قريش وفدًا منها إلى أبى طالب ليعاود المفاوضة ولم يعد إلا بما استحقه خفَّى حنين .

وفى العام العاشر للنبوة ألمت برسول الله والمسلمين مصيبتان: وفاة أبى طالب ، ووفاة خديجة - رضى الله عنها ؛ فسُمِّىَ هذا العام بعام الحزن .

أنزل الله سبحانه وتعالى على نبيه العظيم - صلى الله عليه وسلم - سورة الشعراء ،
فقص عليه وعلى المؤمنين بها قصة موسى - عليه السلام ، بفصولها المتتالية : -
من نبوة وهجرة ومواجهة ونجاة لهم وهلاك لفرعون ومن معه لتكون هذه السورة أنموذجًا للمسلمين وأورد الله بها نهايات المكذبين من قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم ،

ثم أنزل الله تعالى بها قوله الكريم:- (
وأنذر عشيرتك الأقربين ) فكان ذلك تكليفًا لمحمد صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه بالجهر بدعوتهم وبدأ النبى الكريم بدعوة الأقربين كما أمر ثم كانت جولته الثانية على جبل الصفا منذرًا بطون قريش قاطبة ومحذرًا إياهم نار الآخرة التى لا تفنى حتى أنزل الله تعالى أمره ( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين ) فكان الصدع بالحق دأبه وديدنه لا يترك نفسًا إلا ويسمعها من رسالة ربه ما شاء الله لها أن تسمع آمنت بعد ذلك أم لم تؤمن .

فوجئت قريش ذات نهار بمن يصعد جبل الصفا، ثم يلح صارخًا : يا صباحاه ! واجتمعت بطون قريش إليه، فإذا الصارخ محمد -صلى الله عليه وسلم- وإذا هو ينذرهم من بين يدى عذاب شديد، لكن قريشًا التى تعلم صدق محمد قد عقدت ألسنتها الدهشة، فما أجابه إلا عدو الله عمه أبو لهب قائلاً : تبًا لك سائر اليوم ! ألهذا جمعتنا؟، فنزلت سورة المسد. ويروى أنه تناول حجرًا ليرمى به النبى -صلى الله عليه وسلم-.

بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بتنفيذ ما كلف به بإنذار عشيرته الأقربين ، فدعا بنى هاشم فحضروا ومعهم نفر من بنى المطلب بن عبد مناف، وما كاد النبى يهم بالحديث إليهم حتى عاجله أبو لهب -تبت يداه- بهجوم عاصف، توعده فيه بالهلاك على أيدى قريش، ومن طاوعهم من العرب، ثم ختم حديثه المشئوم بقوله: فما رأيت أحدًا جاء على بنى أبيه بشرٍ مما جئت به. فسكت محمد -صلى الله عليه وسلم- ولم يتكلم، وماذا يقول لمن يقف أمام نور الحق، فيعمى قلبه حتى لا يرى شيئًا؟. وعاد النبى الكريم إلى المحاولة مرة أخرى، فجمعهم ثم خاطبهم فحمد الله وأثنى عليه، وأعلمهم أنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-إليهم خاصة، وإلى الناس عامة، وأنذرهم البعث والحساب، والجنة والنار، فأما أبو طالب فقد آزره، وأعلن إحاطته له ونصرته، وأما أبو لهب فقد حفز الناس أن يأخذوا على يديه قبل أن تأخذ العرب، فأجابه أبو طالب قائلاً: والله لنمنعنه ما بقينا.

نزل التوجيه الإلهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حاسمًا قاطعًا : -
( فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين )

فانطلق محمد عليه الصلاة والسلام يجوب مكة بأسرها من أقطارها إلى أقطارها ، ومن أسواقها إلى أنديتها ، يوقظ النائمين فى ليل الوثنية ويصرخ بغريقى بحار الجاهلية ويهز أفئدة المتجمدين على دين آبائهم ويعلن للجميع أنه لا إله إلا الله وأنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ،

فانفجرت براكين الغضب بمكة ومادت الأرض تحت أقدام سادتها وسدنة أصنامها ،،
أيكون الأمر لله ؟! ولله وحده ؟*! فما يبقى لنا بعد ذاك ؟!
أيساوى رب محمد بيننا وبين العبيد والإماء ؟! ويسمى كنز المال ظلمًا ؟!
ولا يصبح لقريش فضل على من سواها ؟! بل لا يصبح فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى ؟!
فما نعيم الدنيا بعد ذاك ؟! بل وما البقاء فيها ؟!!

أجمعت أفئدة الكفر بمكة على حرب هذا النبى الجديد وإفناء أتباعه وإطفاء نار ثورته قبل أن تطول كل شىء بايذائه بكافه الوسائل ،،،
(( حربًا دعائية + السخريه واثارة الشبهات +
اختراع الحيل لإشغال الناس عنه )) والكثير ,,

كان وراء اختيار دار الأرقم بن أبى الأرقم أسباب عديدة تهدف جميعها إلى حجب المسلمين عن أعين أعدائهم ..
أما أول هذه الأسباب، فهو جهل قريش بإسلام الأرقم ؛
وأما ثانيها: فكون الأرقم من بنى مخزوم، حاملى لواء الحرب والتنافس مع بنى هاشم، فلا يسبق إلى ذهن قريش أن محمدًا يلقى صحبه فى بيت عدوه بمقاييسهم الجاهلية.
وأما ثالثها: فهو أن الأرقم كان فتىً عند إسلامه فى حدود السادسة عشرة من عمره، فلا يعقل أن يجتمع المسلمون فى بيته دون بيوت الكبار منهم ولقد كان احتياط النبى -صلى الله عليه وسلم- وصحبه فى اختيار هذه الدار سببًا لاستتار أمرهم وعدم انكشاف حركتهم يومئذ .

http://www.l22l.com/l22l-up-1/3a9c8891ec.gif

** { الهجرة إلى الحبشة } **

الدفاع عن النفس وقتال من بغى واعتدى لم ينزل أمر الله به بعد والبقاء فى مكة أصبح مستحيلاً
مع هذا الاضطهاد والتعذيب فماذا يفعل المسلمون إذن ؟

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرحيم بأمته قد ارتأى لهم أن يفروا بدينهم إلى ديار آمنة فأشار عليهم بالهجرة إلى الحبشة فهاجر منهم فى رجب سنة خمس من النبوة اثنا عشر رجلاً وأربع نسوة ،رئيسهم عثمان بن عفان ومعه زوجه السيدة رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد هاجر هؤلاء الصحابة تسللاً وخفية ، فى سفينتين تجاريتين أبحرتا بهم إلى الحبشة حيث النجاشى الملك العادل الذى لا يظلم عنده أحد .

وما كاد المسلمون المهاجرون يستقرون بالحبشة حتى سارت إليهم شائعة بإسلام قريش فقفلوا راجعين إلى مكة فى شوال من نفس العام وما تبينوا الحقيقة إلا بعد ساعة من نهار فى مكة واشتد تعذيب المشركين لهم فكانت هجرتهم الثانية رغم يقظة المشركين وشدة حذرهم وبلغ عددهم فى هذه المرة ثلاثة وثمانين رجلاً وثمان عشرة أو تسع عشرة امرأة لكن أنى لنار قريش أن يهدأ أوارها لقد عز عليها أن تعلم أن المسلمين قد وجدوا مأمنًا يعبدون فيه ربهم فكانت مكيدتها بإرسال رسولين إلى الحبشة لاستردادهم من النجاشى وقد خاب سعيهم وبطل مكرهم ورد النجاشى رسولى مكة دون أن يقضى لهما حاجة بل أعلن إيمانه بما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - أما هؤلاء المهاجرون فقد مكثوا بالحبشة حتى مكن الله لنبيه بالمدينة فعادوا إليها وكان آخرهم عودة جعفر بن أبى طالب بعد فتح خيبر .

إشاعة إسلام قريش ,,,,

بينا سادة وكبراء مكة جالسين حول الحرم فى جمع كبير فى رمضان من العام الخامس للنبوة ، إذ فوجئوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلع عليهم جاهرًا بتلاوة سورة النجم وأخذ كلام الله المبين بتلابيب عقولهم فما استطاعوا منه فكاكًا ووصل النبى إلى قوله تعالى :
( فاسجدوا لله واعبدوا) فسجد ،،

وما تمالك المشركون أنفسهم حتى سجدوا معه جميعًا وقد صدعت الآيات عناد نفوسهم واستكبارها وهنا ارتبك المشركون مما حدث لهم ولم يدروا ما هم صانعوه وتخوفوا العتاب واللوم ممن كانوا يتبعونهم أو يعارضونهم فاحتالوا لذلك حيلة دنيئة ومكروا مكرهم السيِّئ وافتروا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكذب والبهتان فزعموا أنه قال: تلك الغرانقة العلى وإن شفاعتهن لترتجى بعد أن تلا :- ( أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ) يريدون أن يزعموا أنهم ما سجدوا لإله محمد إنما محمد هو الذى ذكر آلهتهم بخير وكان من توابع هذه الحادثة العجيبة أنها وصلت إلى مهاجرى الحبشة لكن فى صورة جديدة فقد وصل إليهم أن قريشًا قد أسلمت وسجدت لله رب العالمين فاستبد بالقوم الفرح وعزموا على الإياب لمكة فدخلوها ’’

مكيدة قريش ,,,,

هجرة المسلمين للحبشة للمرة الثانية وبعدد يبلغ خمسة أضعاف العدد الذى هاجر أول مرة كانت صفعة آلمت صدغ قريش وصكت أسنانها وبحركة لا ينهزها إلا الحقد ولايحدوها إلا ألم الهزيمة بعثت قريش اثنين من خيرة رجالاتها إلى الحبشة ليسألا النجاشى أن يرد مهاجري المسلمين إلى مكة ثانية وبقدر ما كان هذا الطلب شرسًا بقدر ما كان غريبًا مضحكًا أناس كانوا يعبدون ربهم ببلدهم فأبى قومهم أن يعبدوه فهاجروا إلى أرض بعيدة يعبدون فيها إلههم ولا يؤذون بها جارًا أو يعتدون على مواطن ما المنطق فى أن يستردهم كارهوهم؟ وما الحكمة فى أن يردهم مضيفوهم؟

تكلم رسولا قريش عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة إلى النجاشى فى رد المسلمين وصدهما بطارقته فأبى الرجل العادل أن يفصل فى قضية دون سماع جميع أطرافها وتحدث جعفر بن أبى طالب عن المسلمين فوصف ما كان عليه قومه من الجاهلية وأبان ما أمرهم نبيهم صلى الله عليه وسلم- أن يفعلوه من الخير وما أمرهم أن يتركوه من الشر ووضح كيف اضطهدتهم قريش وسامتهم العذاب حتى لجئوا إلى أرضه واحتموا ببلاده وقرأ عليه من سورة مريم حتى بكى النجاشى ودمعت أعين أساقفته وهنا أطلق النجاشى حكمه وفصل فى قضيته قائلاً :-
إن هذا والذى جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة انطلقا فلا والله لا أسلمهم إليكما ولا يُكادون فخرج عمرو وصاحبه بخفى حنين لكن عمرو بن العاص داهية العرب لم يستسلم فكرَّ على النجاشى صبيحة اليوم التالى ليوقع بينه وبين المسلمين قائلاً:-
أيها الملك إنهم يقولون فى عيسى بن مريم قولاًعظيمًا فاستدعى النجاشى جعفرًا ليسأله فأجابه: نقول فيه الذى جاءنا به نبينا: هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول فصدقه النجاشى على ذلك وأخذ عودًا من الأرض ثم قال: والله ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود وأمّن المسلمين على أنفسهم وردّ على رسولى قريش هداياها وأعادهما خائبين لمكة .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=15893

** { إسلام أسد الله والفاروق في ثلاثه ايام } **

كلما زاد الليل ظلمة وكلما اشتدت السماء حلكة كلما كان ذلك إيذانًا ببزوغ فجر جديد أبو جهل يمر بالنبى - صلى الله عليه وسلم - عند الصفا فيؤذيه وينال منه فلا يرد عليه الرسول - صلى الله عليه وسلم- شيئًا ويأبى المعاند أن يترك محمدًا كريم الخلق يمضى فى طريقه حتى يضربه بحجر فى رأسه الشريفة فيسيل منها الدم نزفًا ثم تكون هذه الحادثة الأليمة مقدمة لنهاية سعيدة هى إسلام حمزة بن عبد المطلب حمية فى بادئ الأمر ثم إيمان راسخ بعدها وهذه هي القصة باختصار ,,,

حمزة بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم كان رجلاً قوياً ذا عزيمة وشجاعة ، وسبب إسلامه هو الغضب والحمية لابن أخيه صلى الله عليه وسلم ، وخبر ذلك أن حمزة رضي الله عنه كان قادماً من الصيد فلقيته مولاة لعبد الله بن جدعان وأخبرته أن أبا جهل قد سب ابن أخيه سباً قبيحاً وآذاه ،,,
فأسرع حمزة وقد تملَّكه الغضب حتى جاء النادي الذي فيه أبو جهل ، وهو جالس بين قومه فوقف حمزة على رأسه وضربه بالقوس فشج رأسه شجة كبيرة وقال له :-
أتشتمه وأنا على دينه ؟ أي تشتم محمداً وأنا أدين بدينه ؟
فكان إسلام حمزة رضي الله عنه في بادئ الأمر حمية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأنفة أن يهان وهو ابن أخيه ، ثم شرح الله صدره للحق ، قال حمزة رضي الله عنه :- لما احتملني الغضب وقلت أنا على دينه ، أدركني الندم على فراق دين آبائي وقومي وبت من الشك في أمر عظيم لا أكتحل بنوم ، ثم أتيت الكعبة وتضرَّعت إلى الله سبحانه أن يشرح صدري للحق ويذهب عني الريب ، فما أتممت دعائي حتى زاح عني الباطل وامتلأ قلبي يقيناً ،,,,
فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا لي بأن يثبتني الله ، وقال حمزة حين أسلم أبياتاً من الشعر منها :-

حمدت الله حين هدى فؤادي **** إلى الإسلام و الدين الحنيف
لدين جــاء من رب عزيز **** خبير بالعباد بهـم لطــيف
إذا تليـت رسائله علــينا **** تحدر دمع ذي اللب الحصيف
رسائل جاء أحمد من هداها **** بآيات مـبيَّنة الحـروف

وأبلى حمزة رضي الله عنه في الإسلام بلاءً حسناً ، ودافع عن الإسلام وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفاعاً عظيماً إلى أن اصطفاه الله تعالى في الشهداء ، وقد شهد له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال :- (
سيد الشهداء حمزة ) رواه الطبراني .

ولا تكاد أيام ثلاثة من شهر ذى الحجة للعام السادس من نبوته - صلى الله عليه وسلم -
تمر بعد إسلام حمزة - رضى الله عنه - حتى يلطم عمر بن الخطاب أخته فاطمة على وجهها لطمة شديدة لإيمانها بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، فيكون الدم السائل من وجهها سببًا لإيمان ابن الخطاب وإعلانه شهادة الحق ,,,

هذا وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء كان بركة على عمر وتوفيقاً من الله تعالى له ، روى الترمذي في سننه من حديث ابن عمر رضي الله عنه قال :-
قال رسول صلى الله عليه وسلم:- (
اللهم اعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب قال وكان أحبهما إليه عمر ) .
قال ابن مسعود رصي الله عنه:
"إن إسلام عمر كان فتحاً، وإن هجرته كانت نصراً، وإن إمارته كانت رحمة، ولقد كنَّا ما نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر ، فلما أسلم قاتل قريشاً حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه " ، وروى البخاري عن ابن مسعود كذلك قال: " مازلنا أعزة منذ أسلم عمر ".

وفى أيام ثلاثة تتبدل أحوال المسلمين والدعوة المحبوسة فى دارالأرقم تجد طريقها إلى الكعبة فى وضح النهار وعلى مسمع قريش ومرآها أقدام المسلمين تشق طرقات مكة فى صفين طويلين يقدم أحدهما أسد الله حمزة ويسبق الآخر الفاروق عمر الذى أبى الاختباء وأقسم لنبيه - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- والذى بعثك بالحق لنخرجن فكان خروج المسلمين وكانت عزتهم يصف صهيب تلك الحال قائلاً :- لما أسلم عمر ظهر الإسلام ودعى إليه علانية وجلسنا حول البيت حلقًا وطفنا بالبيت وانتصفنا ممن غلظ علينا ورددنا عليه بعض ما يأتى به .

المقاطعة العامة ,,,,

الأحداث فى مكة صارت متلاحقة ، حمزة يدخل الإسلام ، ولا تكاد أيام ثلاثة تمر حتى يتبعه عمر ، والمسلمون يخرجون فى طرقات مكة ، يعلنون عن إيمانهم ، وقريش تتنازل عن بعض كبريائها وتذهب إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -؛ لتساومه ,,،
لكن النبى - صلى الله عليه وسلم- يردها خائبة ، ثم يعلن أبو طالب جمعه لبنى هاشم وبنى عبد المطلب على نصرة محمد ، والرسول يدخل فى شعبهم احتماء من كيد قريش .
إن سرعة الأحداث وتعاقبها فى فترة وجيزة، لا تتجاوز الأسابيع الأربعة تنبئ بحدث جلل، لم يلبث حتى أسفرت عن وجهه الأيام، فقد هدى قريشًا شيطانها إلى كتابة صحيفة علقت بالكعبة؛ لمقاطعة بنى هاشم وبنى المطلب مقاطعة تامة تفضى إلى هلاكهم ،,,
وصبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون ، ومعهم بنو هاشم وبنو المطلب مسلمهم وكافرهم فى شعب أبى طالب ، إلا أبا لهب ، فإنه ظاهر قريشًا على رحمه ، وذلك من ليلة هلال المحرم سنة سبع من البعثة ، ولمدة ثلاث سنين متصلة، حتى منّ الله تعالى عليهم ، ونقضت الصحيفة الظالمة ، القاطعة للرحم .

كتابة الصحيفة ,,,,

اجتمع سادة قريش فى خيف بنى كنانة من وادى المحصب، فتحالفوا على بنى هاشم وبنى عبد المطلب، ألا يناكحوهم، ولا يبايعوهم، ولا يجالسوهم، ولا يخالطوهم، ولا يدخلوا بيوتهم، ولا يكلموهم، وألا يقبلوا من بنى هاشم صلحًا أبدًا، ولا تأخذهم بهم رأفة، حتى يسلموه للقتل. ويقال إن منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم هو الذى كتبها، ويقال النضر بن الحارث، والصحيح أنه بغيض بن عامر بن هاشم، وقد دعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على كاتبها، فشلت يده.

http://www.l22l.com/l22l-up-1/3a9c8891ec.gif


** { الدعوة خارج مكة } **

أبت الدعوة أن تظل حبيسة فى مكة وما يدفعها لذلك؟ ألم تصل إلى كل أذن لقريش أليست هى دعوة رب العالمين للعالمين؟ أليست هى دعوة للإنسان -كل إنسان- على الأرض حتى تقوم الساعة؟ فما يبقيها فى مكة بعد الآن؟

مكثت الدعوة فى مكة عشر سنين، آمن فيها من آمن وكسل فيها من كسل وآن للنبى -صلى الله عليه و سلم- الذى كلف بحمل الدعوة للناس أن يحمل هذا النور خارج مكة وإلى الطائف كانت رحلته الأولى وحول الكعبة عرض الإسلام على القبائل منتهزًا أيام الحج وما كان يتحرك للجمع فحسب بل كان يحركه الفرد فيأتيه ويدعوه وبدين الله يعرفه وظل كذلك حتى أتته البشرى نسمات من يثرب ست أضحت بعد أن دُعِيَت تسعى فى نور الحق وفى هذا العام: الحادى عشر للنبوة تزوج النبى -صلى الله عليه وسلم- عائشة ابنة صِدِّيقه أبى بكر وفى هذه المرحلة وضوء نجاح الدعوة يشرق حينًا ويخبو حينًا آخر أسرى برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام إلى بيت المقدس وعرج به إلى السماء تثبيتًا لفؤاده وتبشيرًا لأتباعه وفى العام الثانى عشر للنبوة أثمرت بشرى يثرب وفدًا بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- بمنى بيعة العقبة الأولى وفى العام التالى كانت بيعة العقبة الثانية وهكذا أصبح للإسلام وطنٌ فى أرض العرب يأوى إليه فكان إذن النبى -صلى الله عليه وسلم- للمؤمنين بالهجرة إلى يثرب وشعرت قريش أن زمام الأمر قد أفلت من بين يديها وفى دار الندوة كان الكيد ولقتل محمد كانت مؤامرة قريش لكن الله يحفظه ومن فوق العرش نجَّاه وإلى يثرب كانت هجرته هجرة رجل حمل الحق فخرج من داره لكن مدينته المنتظرة وقلعته المنصورة كانت فى استقباله .

رحلة ما بعد مكه ~ الطائف

لم يكد عام الحزن -العام العاشر للبعثة - يشارف على نهايته حتى أظهرت صفحاته حادثة أليمة أخرى كانت تنتظر النبى -صلى الله عليه وسلم- فدور مكة التى أوصدت أبوابها دون دعوته وسفهاؤها الذين صاروا يتجرؤون عليه بعد وفاة عمه أبى طالب وكبراؤها الذين كاشفوه العداوة والبغضاء وتطاولوا على ضعاف المسلمين كل ذلك قد دفع الرسول أن يلتمس النصرة خارج مكة وإلى الطائف كان المسير حيث قطع النبى -صلى الله عليه وسلم- ستين ميلا متوجها إليها على قدميه الشريفتين ومعه مولاه زيد بن حارثة فى شوال من العام العاشر للنبوة فمكث فيها عشرة أيام يدعو أهلها فردوا عليه دعوته وأساءوا وفادته ولم يتوقفوا عند هذا الحد بل تطاولوا عليه وآذوه فى رحلة عودته وعاد النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى مكة وبلغ مشارفها وهم (( عبد ياليل، ومسعودًا، وحبيبًا، أبناء عمر بن عمير الثقفى )) ثم جاب دروب الطائف ودورها يدعو أهلها، ولا يدع شريفًا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فما كان يصله منهم إلا قولهم: اخرج من بلادنا. وجاءت ساعة الخروج، فأغروا به سفهاءهم يسبونه ويصيحون به، وكان الإيذاء فى رحلة العودة.

سألت السيدة عائشة - رضى الله عنها - رسول الله ذات مرة:- هل أتى عليك يوم كان أشد عليك من يوم أحد؟
قال:- لقيت من قومك ما لقيت وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة يقصد عند خروجه من الطائف ,,

إن محمدًا صلى الله عليه وسلم- الذى لم يسألهم شيئًا لنفسه أو دنياه بل سألهم أن يؤمنوا بالله الواحد القهار ليكون لهم الفلاح فى الدنيا والنجاة والفوز فى الآخرة لم يلق منهم إلا أشد العداء وأسوأ التنكيل تبعه فى خروجه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ووقفوا له صفين وجعلوا يرمونه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدماء وكان إذا تعثر قصد إلى الأرض فيأخذونه بذراعيه ويقيمونه فإذا مشى رجموه وهم يضحكون وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى شج فى رأسه شجاجًا ولجأ النبى الكريم -صلى الله عليه وسلم- إلى بستان لعتبة وشيبة ابنى ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف فرجع عنه السفهاء ورق لحاله ابنا ربيعة على كفرهما- فأرسلا غلامًا لهما يدعى عداسًا بقطف من عنب وكان عداس نصرانيًا فلما قدمه إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- مد يده قائلاً:-
بسم الله ، ثم أكل ودار بينهما حديث قصير لم ينته إلا وعداس قد أكب على رأس النبى -صلى الله عليه وسلم- ويديه ورجليه يقبلها وقد أسلم ومضى النبى حزينًا حتى وصل إلى قرن المنازل فبعث الله إليه جبريل -عليه السلام- ومعه ملك الجبال يستأمره أن يطبق الأخشبين وهما الجبلان اللذان يحيطان بمكة على أهلها فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلا:-
بل أرجو أن يخرج الله -عز وجل- من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا وواصل مسيره حتى بلغ وادى نخلة فبعث الله إليه نفرًا من الجن استمعوا إليه وهو يتلو القرآن، فآمنوا وولوا إلى قومهم منذرين حقًا إن أفئدة الطائف ودورها قد أوصدت دون محمد -صلى الله عليه وسلم-، لكن رحلته تلك قد آمن بسببها عداس الزكى وأقوام من الجن أما مكة التى طردته فقد أيده الله بملك الجبال ولكنه أبى الانتقام وآثر العفو والصفح إن رحلة العودة وما حدث بها من تأييد وعجائب قد أذهبت الحزن عن قلب المصطفى وجعلته يسمو حتى يرى مكة والطائف من علٍ فلا يشقيه ما يلاقيه فيهما من الصغار .

فسأله زيد معجبًا:- كيف تدخل عليهم وقد أخرجوك؟
فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- مطمئنًا:- يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجًا ومخرجًا إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- الذى أنهكت جسده أحداث هذه الرحلة العصيبة ظل قلبه وعقله يحلقان بعيدًا يلتمسان الهدى من السماء ويستشرفان المستقبل لهذا الدين الجديد لا يفت فى عضده شىء ولا يوهن من عزيمته أحد ولا يحنى من قامته إيذاء أو حادث كيف؟ وربه حسبه ونعم الوكيل,,
والتمس محمد -صلى الله عليه وسلم- الجوار فى مكة حتى أجيب إلى ذلك فدخل فى جوار المطعم بن عدى ,,,

عرض الإسلام على القبائل ,,,

ثم عرض الإسلام على القبائل (( بنو كلب، وبنو عامر، وبنو شيبان بن ثعلبة، وبنو حنيفة الذين أتاهم فى منازلهم فدعاهم، فلم يكن أحد من العرب أقبح عليه ردًا منهم ))

*-* بنو كلب ~ أتى النبى -صلى الله عليه وسلم- إلى بطن منهم يقال لهم بنو عبدالله، فدعاهم إلى الله، وعرض عليهم نفسه، حتى إنه ليقول لهم: يا بنى عبدالله، إن الله قد أحسن اسم أبيكم. فلم يقبلوا منه ما عرض عليهم.

*-* بنى عامر ~ أتاهم النبى -صلى الله عليه وسلم- فدعاهم إلى الله وعرض عليهم نفسه لكن يبدو أنهم كانوا مشغولين بدنياهم غير عابئين بآخرتهم فإن أحدهم ويدعى بيحرة بن فراس حدثهم قائلاً: والله لو أنى أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب ثم قال للنبى: أرأيت إن نحن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك أيكون لنا الأمر من بعدك؟
فأجابه الرسول-صلى الله عليه وسلم-: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء فلم يعجب هذا الرد طالب الدنيا فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا لا حاجة لنا بأمرك وانصرفوا عنه وما علموا أى خير فقدوه
.

*-*بنى شيبان بن ثعلبة ~ وقد ذهب إليهم النبى برفقة صديقه أبى بكر فتحدثا إلى أربعة من أشرافهم حديثًا بدأه أبو بكر وتحسس فيه قوتهم ومنعتهم ثم استكمله النبى -صلى الله عليه وسلم-عارضًا دعوته وطلبه للمنعة فأجابه مغروق بن عامر بقول حسن لكن ثانيهم هانئ بن قبيصة رأى عدم العجلة والتروى والنظر فى الأمر وأجابه ثالثهم المثنى بن حارثة إلى قبوله النصرة مما يلى مياه العرب لا مما يلى أنهار كسرى لأنهم محالفوه فقال لهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أسأتم الرد إذ أفصحتم بالصدق فإن دين الله لن ينصره إلا من حاطه بجميع جوانبه .

عرض الإسلام على الأفراد ,,,,

الناس فى ميزان الرجال ليسوا سواء وإن كان إبراهيم -عليه السلام- أمةً كما وصفه ربه فإن دونه رجال قد يوزن الواحد منهم بقبيلةً أو أكثر وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الذى كان يقصد القبائل فى موسم الحجيج لم يكن يفوته أن يأتى رجالاً بأعينهم أو أن يجلس إليهم إن هم بادروه ومن هؤلاء الرجال الذين لبوا نداء الحق حين سمعوه فى زيارتهم لمكة:- سويد بن صامت، وإياس بن معاذ، وأبو ذر الغفارى، وطفيل بن عمرو الدوسى، وضماد الأزدى.

*-* سويد بن صامت *-*
العاقل الذى يحسن أن يسمع ما أيسر دعوته هكذا كان سويد الذى سماه قومه الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه التقى بمحمد صلى الله عليه وسلم- فى أوائل العام الحادى عشر للبعثة فدعاه فقال له سويد: لعل الذى معك مثل الذى معى فسأله النبى صلى الله عليه وسلم-: وما الذى معك؟ فقال سويد: حكمة لقمان ثم عرضها على النبى -صلى الله عليه وسلم- فقال له: إن هذا الكلام حسن والذى معى أفضل من هذا قرآن أنزله الله تعالى على هو هدى ونور ثم تلا عليه القرآن فقال سويد: إن هذا لقول حسن ثم أسلم هكذا بمنتهى السهولة واليسر فحوار كحوار محمد -صلى الله عليه وسلم- وعقل لم توصد أبوابه أو تسد نوافذه كعقل سويد لا يقف أمامهما شىء أما سويد فكأن الله قد أدركه فى فرصته الأخيرة فإنه ما إن عاد إلى المدينة -بلدته- حتى اختطفه الموت قتلاً فى يوم بعاث.

*-* إياس بن معاذ *-*
ما أشقى أولئك البشر الذين يدبون فى الحياة الواسعة ثم هم لا يرون منها إلا ما وطئته أقدامهم إن وفدًا من أوس يثرب قدم على مكة يسأل قريشًا حلفًا يستعين به على قتال بنى العم لم يدع لنفسه فرصة يستمع فيها لنبى الله وهو يدعوه لما هو خير وأبقى أما إياس بن معاذ، وقد كان غلامًا حدثًا فى صحبة قومه، فإنه لم يشغله الباطل الذى بين يديه عن الحق الذى تراءى أمام عينيه وصاح بقومه عند سماعه حديث محمد -صلى الله عليه وسلم-: أى قوم هذا والله خير مما جئتم له لكن أين لصوت الحق أن يجد آذانا تسمعه وسط صخب حديث الحرب؟ إن جواب الأوس لإياس كان حفنة من التراب ألقيت فى وجهه على يد أحدهم -أبى الحيسر بن رافع- وهو يصيح بالنبى: دعنا عنك، فلعمرى لقد جئنا لغير هذا وأين ما جاءوا له مما جاءهم به ؟ وانصرف الوفد قافلاً دون أن يحوز حلف قريش أما إياس فإنه لم يلبث أن هلك وكان يهلل ويكبر ويحمد ويسبح عند موته فلا يشكون أنه مات مسلمًا .

*-* ضماد الأزدى *-*
ما أعجب ما لاقاه محمد -صلى الله عليه وسلم- من قومه من هذا العجب موقفه حين كان سائرًا فى طريقه فإذا هو برجل يمنى يعرض عليه بطيبة قلب أن يرقيه حتى يشفى من جنونه أما هذا اليمنى فقد كان ضمادًا الأزدى وكان يرقى من الريح ببلده وغدا إلى مكة فسمع من أهلها أن محمدًا مجنون فرأى ببساطة أن يرقيه ليشفى وما نفى محمد عن نفسه الجنون وما نهى الرجل عن صنيعه إنما ابتدره قائلاً: إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلله فلا هادى له وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أما بعد.
وهنا لم يتمالك الأزدى نفسه حتى قال له: أعد على كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ثلاثًا فقال له ببساطة الحق وروعته لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك تلك ولقد بلغن قاموس البحر هات يدك أبايعك على الإسلام فبايعه. حقًا إن القلب الصادق والعقل الفطن لا يحتاجان لكثير جدال حتى يتبين لهما الحق .

رحلة ما بعد بعد مكه ~ يثرب ,,,,

فى سكون الليل وظلمته وبينما أوى أهل مكة وحجيج العام الحادى عشر للنبوة إلى فرشهم نائمين إذ كان هناك فريقان لم يزر النوم عيونهم اليقظة أما الفريق الأول فستة من شباب الخزرج ممن ذكرهم موسم الحج بنبوءة جيرانهم وحلفائهم من يهود يثرب بأن نبيًا من الأنبياء مبعوثًا فى هذا الزمان سيخرج فتتبعه يهود ويقتلون معه العرب قتل عاد وإرم ثم أقض مضجعهم أيضًا ما تركوه بيثرب من حرب أهلية بينهم وبين بنى عمهم من الأوس أكلت الأخضر واليابس وأنهكت قواهم وذهبت بها فأخذوا يتحدثون فيما بينهم حديثــًا سرى فى هدوء الليل وتسلل إلى آذان الفريق الثانى: محمد - صلى الله عليه وسلم - النبى الشغوف بدعوته وصاحبيه أبى بكر وعلى فقصدوا إلى شباب الخزرج ,,

وسألهم النبى:- من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج فقال: من موالى يهود؟ أى من حلفائهم، فقالوا: نعم فعرض عليهم -صلى الله عليه وسلم- الإسلام ودعاهم إلى الله وحده وتلا عليهم القرآن فتفجرت ينابيع الحق من قلوبهم النقية وأنفسهم الظمأى إلى حلاوته وأسرعوا يقولون لبعضهم البعض: تعلمون والله ياقوم إنه النبى الذى توعدكم به يهود فلا تسبقنكم إليه وأسلموا على يديه -صلى الله عليه وسلم- ثم قالوا له: إنا قد تركنا قومنا ولاقوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسى أن يجمعهم الله بك ورجع هؤلاء المسلمون الجدد إلى بلدهم حاملين رسالة الإسلام حتى لم تبق دار من دورها إلا وفيها ذكر محمد وهكذا شاء من جعل سجن يوسف المظلم طريقًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن أن تكون هذه الليلة التى رآها المسلمون مظلمة لضياع قوتهم وقلة حيلتهم وانصراف القبائل عن دعوته أن تكون طريقًا أيضًا لظهور الحق وعلوِّ الشأن وسبحان من قال:-
(
لا تدرى لعل الله يحدث بعد ذلك أمرًا ) .

http://www.l22l.com/l22l-up-1/3a9c8891ec.gif

** { رحلة الاسراء والمعراج } **

ها هى البشارات تتوالى والانتصارات تتعاقب فى دأب شديد ولئن بدا الرسول - صلى الله عليه وسلم- مهزومًا فى عالم الشهادة فلقد غدا منصورًا فى عالم الغيب ,, قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة المنورة بقليل ؛ أكرمه الله تعالى بالإسراء والمعراج.

الجن تؤمن به - فى رحلة العودة من الطائف - حين كفر الناس ،
وأبواب السماء تفتح له حين أغلقت فى وجهه أبواب الأرض ،
و فمع بشرى يثرب التى كانت تقدمة لدولة جديدة للمسلمين بالمدينة ،
صارت هناك بشرى أخرى ، وهى زواجه - صلى الله عليه وسلم - بعائشة الصديقة ،,,

أسرى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجسده من المسجد الحرام إلى بيت المقدس ،
راكبًا على البراق بصحبة جبريل - عليه السلام - (( وهو دابة ليست كدوابنا هذه، وإنما هي شيء سخره الله تعالى لرسوله إكراماً وتعظيماً ، يضع ذلك البراق حافره عند منتهي طرفه )),,

وبالمسجد الأقصى حيث أبناء إبراهيم من ولده إسحاق - عليهم السلام - صلى محمد بالأنبياء إمامًا وكأن ذلك إيذان بانتقال النبوة من ولد إسحاق إلى ولد إسماعيل - عليهما وعلى أبيهما السلام - ,,

ثم
عرج به - صلى الله عليه وسلم - إلى السماوات العلا حيث توالت رؤيته للآيات العجيبة وأمام ربه - عز وجل - كان فرض الصلوات الخمس فلما أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فى قومه أخبرهم بما أراه الله - عز وجل - ، فكذبوه وآذوه فساق لهم من دلائل صدقه ما يقنع عقولهم السقيمة غير أنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور .

فكان كلما وصل إلى سماء يستفتح جبريل فيقال:- من أنت ؟ ومن معك ؟
فيقول :- جبريل ومحمد ,،
فيقال :- أو قد بُعث إليه ؟
فيقول :- نعم ،,,
فيفتح لهما مع الترحيب والدعاء بالخير، حتى انتهيا من السماء السابعة .

فرض الصلوات الخمس ,,,,

خمسون صلاة فى كل يوم وليلة هى ما فرضها الله - سبحانه وتعالى - على سيد الأنبياء فى رحلة المعراج لكنه - صلى الله عليه وسلم - حين مر بموسى - عليه السلام - بالسماء السادسه ،،
قال له موسى عليه السلام :- بما فرض الله عليه وعلى أمته ،,, .. فأشار عليه أن يرجع فيسأل ربه التخفيف، فإن أمته لا تطيق ذلك .

ففعل ووضع عنه ربه عشرًا ولم يزل محمد - صلى الله عليه وسلم - يتردد بين موسى - عليه السلام - الناصح بالتخفيف وربه تبارك وتعالى حتى صارت الصلوات حتى جعل الله تعالى الصلوات المفروضة خمساً في الفعل وخمسين في الأجر .
وعندها أجاب - صلى الله عليه وسلم - موسى الناصح بمزيد من التخفيف ,,
فقال الرسول المصطفى :- قد استحييت من ربى ولكنى أرضى وأسلم ,,
فلما بعد نادى منادٍ: قد أمضيت فريضتى وخففت عن عبادى .

ما رآه محمد - صلى الله عليه وسلم- من الآيات

وجب على الأنبياء حمل ما لم يحمل به غيرهم ولذا فقد حق لهم أن يصلوا إلى يقين لا يلزم غيرهم ولأن الخبر ليس كالمعاينة فقد عاين الأنبياء من الآيات العجيبة ما جعل الدنيا بأسرها تدنو فى أعينهم عن جناح بعوضة وما جعلهم يستعذبون فى سبيل حمل الرسالة ما يمر عليهم من المحن والعذاب.
وفى رحلة المعراج رأى محمد -صلى الله عليه وسلم- من الآيات العجيبة ما ثبت فؤاده وملأ قلبه يقينًا ،،

ففى السماء الدنيا رأى آدم -عليه السلام- ورأى أرواح الشهداء عن يمينه وأرواح الأشقياء عن يساره ، وفى السماء الثانية رأى عيسى ويحيى -عليهما السلام-، وفى السماء الثالثة رأى يوسف -عليه السلام-، وفى السماء الرابعة رأى إدريس -عليه السلام-، وفى الخامسة رأى هارون -عليه السلام-، ورأى أخاه موسى-عليه السلام- فى السادسة، ولما انتهى إلى السماء السابعة لقى إبراهيم -عليه السلام-،،

وكان كلما رأى نبيًا سلم عليه ذلك النبى ورحب به وأقر بنبوته ثم عرج به إلى الجبار- جل جلاله -فدنا منه حتى كان قاب قوسين أو أدنى وفى هذه الرحلة تكررت له -صلى الله عليه وسلم- حادثة شق الصدر، وعرض عليه اللبن والخمر فاختار اللبن ،،

ورأى أربعة أنهار فى الجنة نهرين ظاهرين وهما:- النيل والفرات ونهرين باطنين ورأى مالك خازن النار كما رأى الجنة والنار ورأى أكلة مال اليتامى لهم مشافر كمشافر الإبل يقذفون بقطع من النار فى أفواههم فتخرج من أدبارهم ، ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون بسببها على الحركة ويطؤهم آل فرعون حين يعرضون على النار ، ورأى الزناة يأكلون اللحم الغث المنتن ويتركون السمين الطيب إلى جنبه ، ورأى النساء اللاتى يدخلن على أزواجهن من ليس من أولادهم معلقات من أثدائهن ،،،

ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى مكة من ليلته ، فلما أصبح ذهب إلى نادى قريش فأخبر القوم بما رآه ، فكذَّب من كذَّب وارتد بعض ضعاف القلوب عن الإسلام ، ثم امتحنوه بوصف بيت المقدس فوصفه كما هو ، ثم سألوه عن عير ( قافلة تجارة ) لهم في الطريق فأخبرهم بعدد جمالها وأحوالها ووقت قدومها ،,,
فكان كما قال ، ومع ذلك لم تردعهم تلك الأدلة الظاهرة عن عنادهم وكفرهم ؛ إلا من وفقه الله تعالى وثبته على دين الإسلام .

وفي صبيحة ليلة الإسراء جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأراه كيفية الصلوات الخمس وأوقاتها ، وكانت الصلاة قبل ذلك ركعتين صباحاً وركعتين مساء كصلاة سيدنا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=32167

** { بيعة العقبة الأولى } **

إن النبتة التى غرسها رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بيده فى موسم الحج فى السنة الحادية عشرة للنبوة قد اشتد عودها حتى جاء فى الموسم التالى اثنا عشر رجلاً (( عشرة من الخزرج واثنان من الأوس )) خمسة من الستة الذين قابلوه فى العام الماضى وسبعة جدد ، جاءوا يبايعون الرسول - صلى الله عليه وسلم - عند العقبة بمنى بيعة كبيعة النساء يوم فتح مكة - أى على الإيمان والطاعة - دون حرب أو قتال ,,

وقد روى البخاري في صحيحه نص هذه البيعة وبنودها في حديث عبادة بن الصامت الخزرجي رضي الله عنه – وكان ممن حضر البيعة – وفيه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال لهم ‏:‏-
(
تعالوا بايعوني على ألا تشركوا بالله شيئًا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا ، ولا تقتلوا أولادكم ، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم ، ولا تعصوني في معروف ، فمن وفي منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعوقب به في الدنيا فهو له كفارة ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله فأمـره إلى الله ، إن شاء عاقبه ، وإن شاء عفا عنه )
قال :‏ " فبايعته " ، وفي رواية " فبايعناه على ذلك " .

وقد بعث النبى - صلى الله عليه وسلم- معهم شابًا من السابقين إلى الإسلام هو مصعب بن عمير العبدرى ليعلم من أسلم بيثرب شئون دينهم ويدعو بها من لم يسلم بعد وقد بارك الله فى سفارة مصعب ، وكان يعرف بالمقرئ وآمن بدعوته أسيد بن حضير وسعد بن معاذ سيدا قومهما من بنى عبد الأشهل وقصة إسلامهما تنبئ بحكمة مصعب ودماثة خلقه وقد أقام مصعب فى دار أسعد بن زرارة يقوم بما انتدب له بجد وحماس حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون إلا ما كان من دار أمية بن زيد وخطمة ووائل فقد وقف بهم عن الإسلام قيس بن الأسلت الشاعر حتى عام الخندق العام الخامس للهجرة ولم يأت العام المقبل: العام الثالث عشر للنبوة إلا ومصعب قد عاد إلى مكة يزف إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشائر الفوز وبوارق الأمل فى قبائل يثرب وما بها من خير ومنعة .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=32419

** { بيعة العقبة الثانية } **

الله أكبر !!

موسم الحجيج للعام الثالث عشر من النبوة يسفر عن غرس محمد - صلى الله عليه وسلم - وقد استغلظ واستوى على سوقه وفد يثرب يقدم قاصدًا مكة وبين صفوفه ثلاثة وسبعون أو سبعون رجلاً وامرأتان (( نسيبة بنت كعب أم عمارة ، و أسماء بنت عمرو بن عدي بن ثابت )) ممن أسلم وآمن بالدين الجديد لا ينهزهم إلا شوقهم للقيا نبى الله - صلى الله عليه وسلم - ومبايعته على النصرة وتحت جناح الليل وبعد مضى ثلثه الأول كان التسلل خفية للقاء الموعود عند العقبة حيث الجمرة الأولى من منى حسب الاتفاق المضروب ,,,,

وبينا هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه العباس عمه - وهو بعد على دين قومه - أما أبو بكر وعلى فقد وقف كل منهما عينًا على الطريق ؛ لحراسة الاجتماع السرى وقبل أن يسرد النبى - صلى الله عليه وسلم - بنود البيعة أكد العباس على خطورتها ، وبعد أن سردها فقد كرر التأكيد على خطورة البيعة الأنصاريان السابقان
(( العباس بن عبادة وأسعد بن زرارة )) ,,,

لكن الأنصار الذين عرف الإسلام طريقه إلى قلوبهم ما كادوا يستمعون إلى قولهما حتى بادروا إلى مصافحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قائلين:-
والله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها وبعد أن تمت البيعة قام الأنصار تنفيذًا لطلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باختيار اثنى عشر نقيبًا حتى إذا تمت البيعة اكتشف شيطان المعاهدة فصاح على قريش يستفزهم وسعت قريش لمطاردة المبايعين لقتل حركة تعلم جيدًا شدة خطورتها لكن الله سترهم ولم تظفر قريش إلا بسعد بن عبادة الذى أجاره المطعم بن عدى والحارث بن حرب بن أمية فعاد سالمًا إلى ركبه وعاد الجمع الميمون إلى المدينة ينشرون دعوة الله ويهيئون يثرب لإقامة دولة الإسلام الأولى فى الأرض ويستعدون لاستقبال المهاجرين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

بنود البيعة ,,,,

كانت بيعة العقبة الأولى على الإيمان والطاعة أما هذه البيعة فقد كانت على الجهاد والقتال كذلك وقد جمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بنود هذه البيعة فى نقاط خمس:-

الأولى :- السمع والطاعة فى النشاط والكسل .
الثانية :- النفقة فى اليسر والعسر .
الثالثة :- الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .
الرابعة :- أن يقوموا فى سبيل الله لا تأخذهم فى الله لومة لائم .
الخامسة :- أن ينصروا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قدم إليهم ، ويمنعونه مما يمنعون منه أنفسهم ، وأزواجهم ، وأبناءهم .

وواضح من هذه البنود الخمسة أن الإسلام لم يعد عقيدة تسكن أفئدتهم فحسب بل صار دعوة وحركة وجهادًا وتضحية تكلفهم أرواحهم ودماءهم فى بعض الأحيان أما وعد النبى -صلى الله عليه وسلم- إن هم وفوا بما عليهم فلم يكن النصر فى الدنيا ولا الغلبة على أعدائهم كما لم يكن متاعًا أو جاهًا يتنعمون به إنما كان الجنة والجنة فحسب .

وقد سأل أبو الهيثم بن التيهان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلاً: يا رسول الله، إن بيننا وبين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها -يعنى اليهود- فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا ؟
فتبسم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثم قال: بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم منى أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم وعلى شدة وضوح الخطورة فى بنود هذه البيعة إلا أنه تم التأكيد على خطورتها من الحاضرين ليبايع من أراد وهو على بينة من أمره.

http://www.l22l.com/l22l-up-1/3a9c8891ec.gif

** { الهجرة إلى يثرب } **

كانت بيعة العقبة الثانية أخطر انتصار حققته الدعوة منذ ولادتها فقد صار لها اليوم حصن ووطن، وسط صحراء العرب الواسعة ، وكما أدرك هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسرع فى إرسال المسلمين إلى يثرب ليبادروا إلى تأسيس المجتمع الجديد بها فإن قريشًا قد انتبهت لذلك أيضًا فأخذت تحول بينهم وبين الهجرة وفى ظل هذا المناخ القلق كان المسلمون يلوذون فرارًا إلى يثرب لا يحملون معهم سوى إيمانهم بالله ويقينهم به، مخلفين وراءهم بيوتهم وأموالهم وتجارتهم ومصالحهم بل بعض أهليهم فى العديد من الأحيان وإن هجرة كهجرة أبى سلمة وزوجته وكهجرة صهيب الرومى أو هجرة عياش بن أبى ربيعة لتوضح لنا ما كان المسلمون يلاقونه من كيد قريش حتى يمنعوهم من الهجرة لكن عناية الله ورحمته حالت دونهم وما يبغون فما مضى بعد بيعة العقبة إلا شهران وبضعة أيام حتى لم يبق بمكة من المسلمين إلا رسول الله وأبو بكر وعلى - أقاما بأمره لهما- ، ومن احتبسه المشركون كرهًا .


مؤامرة قريش ،,،،

إن الخطر الذى كانت تراه قريش بعقلها حين تفكر فى أمر هذه الدعوة قد أخذ يتجسد الآن بعد هجرة المسلمين إلى يثرب حتى صارت تراه حقيقة بعيونها المندهشة ولئن هى صبرت على محمد - صلى الله عليه وسلم - دون أن تغمد فى صدره سيفها فيما مضى احترامًا لأبى طالب أو إبقاءً على ود بنى هاشم أو إجلالاً لجوار المطعم بن عدى، فإن ما يحدث بيثرب الآن يدفعها دفعًا لتجهز على هذا النبى قبل أن يلحق بأتباعه، فلا تستطيع رد سهم قد نفذ واجتمعت فى دارالندوة فى السادس والعشرين من صفر سنة أربع عشرة من البعثة وجوه قريش الممثلة لكافة بطونها وظلوا يتدارسون بينهم خطة الإجهاز على نبى الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهت المشاورة إلى أخبث خطة لقتل من أرسل رحمة للعالمين ... محمد - صلى الله عليه وسلم - .

المشاورة ،،,،

بين جدران دار الندوة كانت المؤامرة تحاك خيوطها والجريمة البشعة ترسم خطواتها ولئن بدأ إخوة يوسف بالقتل حين أرادوا الوقيعة به ثم انتهوا إلى النفى لصلاح بقى فى قلوبهم فإن قلوب وجوه قريش المظلمة وعقولهم الصدئة قد أبت إلا تنكب هذا الطريق بدأت آراؤهم ,,,
*-* بقول ابن الأسود:- نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا ولا نبالى أين ذهب ولا حيث وقع فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت .
*-* ثم عرجت آراؤهم إلى قول البخترى :- احبسوه فى الحديد وأغلقوا عليه بابًا ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله - زهير والنابغة - ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم .
*-* لكن حظ هذا الرأى من القبول لم يزد عن سابقه ثم انتهوا إلى رأى أبى جهل بن هشام الذى قال لهم :- والله إن لى فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد! أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نسيبًا وسيطًا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارمًا ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه فى القبائل جميعًا فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا فرضوا منا بالدية فأديناها لهم ووافق المتآمرون على هذا الاقتراح الآثم بالإجماع ورجعوا إلى بيوتهم وقد ظنوا أنهم سينفذونه .

أسماء المؤتمرين ،،,،

كان المؤتمرون فى هذا اليوم يمثلون وجوه قريش وبطونها فعن قبيلة بنى مخزوم كان أبو جهل بن هشام، وعن بنى نوفل بن عبد مناف كان جبير بن مطعم وطعيمة بن عدى، وعن بنى عبد شمس بن عبد مناف كان شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب، وعن بنى عبدالدار كان النضر بن الحارث، وعن بنى أسد بن عبدالعزى كان أبو البخترى بن هشام وزمعة بن الأسود وحكيم بن حزام، وعن بنى سهم كان نبيه ومنبه ابنا الحجاج، وعن بنى جمح كان أمية بن خلف ...

*-* وعند مجيئهم إلى دار الندوة اعترضهم إبليس فى هيئة شيخ جليل، فقالوا له:-
من الشيخ؟ فأجابهم :- شيخ من أهل نجد سمع بالذى اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى ألا يعدمكم منه رأيًا ونصحًا فأدخلوه معهم وهكذا اجتمع إبليس الجن مع أبالسة الإنس على كيد النبى - صلى الله عليه وسلم - والله بما يعملون محيط .

wolf101 04-08-2012 08:38 PM

رد: كل ما لم تعرفه عن السيرة النبوية الشريفة
 

** { هجرة النبى - صلى الله عليه وسلم - للمدينه } **

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=13430

" على رسلك فإنى أرجو أن يؤذن لى "
هكذا كانت إجابة النبى - صلى الله عليه وسلم- لأبى بكر حين تجهز للهجرة إلى المدينة وما إن علم الصديق بذلك حتى حبس نفسه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم – ليصحبه، وعلف راحلتين بذلك استعدادًا للهجرة المرتقبة وفى السابع والعشرين من صفر للسنة الرابعة عشرة من النبوة جاء الأمر بالهجرة من الله - عز وجل - إلى رسوله الكريم، فانطلق فى الظهيرة إلى صاحبه أبى بكر متقنعًا؛ ليخبره الخبر ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أبرم الخطة مع صديقه إلى بيته ينتظر مجيئ الليل، أما مشركو مكة فقد تعجلوا تنفيذ مؤامرتهم الدنيئة، وقاموا بتطويق المنزل، حتى يغمدوا فى صدره الشريف سيوفهم إذا أرخى الليل أستاره، لكن رافع السماوات بغير عمد، مالك الملك ومدبر الأمر – سبحانه وتعالى - جرت مشيئته بأن يغادر الرسول بيته ثم يلحق بأبى بكر ليتحركا إلى غار ثور وفى الغار كان اختباؤهما عن عيون قريش التى جن جنونها وأسرعت فى مطاردة الرسول - صلى الله عليه وسلم ، ولما أعجزها الطلب رصدت مكافأة ضخمة لمن يأتى لها بالمهاجرين حيا أو ميتا، فاجتمع عليه - صلى الله عليه وسلم - مع مطاردة قريش مطاردة سراقة بن مالك أيضًا ومضى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى حماية ربه وأمنه قدمًا فى الطريق إلى المدينة وجرت له بها أحداث عديدة منها:-
*-* نزوله - صلى الله عليه وسلم- وأبى بكر فى خيمة أم معبد، التى هنئت بمقدمه المبارك، ومازال الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتقدم فى مسيره حتى نزل بقباء، ثم دخل المدينة التى طال اشتياق أهلها لمجيئه وإقامته بها وبعد أيام من وصوله لحق به أهله - صلى الله عليه وسلم - وأهل أبى بكر، ثم كانت هجرة على - كرم الله وجهه .

الهجرة من سنن الأنبياء عليهم السلام

لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم أول نبي يهاجر في سبيل الله بل مرّ بهذا الامتحان كثير من الانبياء .. وقد أخبرنا الله تعالى بأن ابراهيم عليه السلام هاجر من موطنه الى مصر وغيرها داعياً الى التوحيد ، وأن يعقوب و يوسف عليهما السلام هاجرا من فلسطين الى مصر وأن لوطاً هجر قريته لفسادها وعدم استجابتها لدعوته وأن موسى عليه السلام هاجر بقومه من مصر الى سيناء فراراً بدينه من طغيان فرعون .
وهكذا فان الهجرة من سنن النبيين ، وقد كانت هجرة نبينا عليه الصلاة والسلام خاتمة لهجرات النبيين . وكانت نتائجها عميقة شكلت منعطفاً تاريخياً حاسماً .

الأمر بالهجرة ،،،

نزل جبريل الأمين - عليه السلام - إلى النبى يخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له فى الهجرة ويحدد له وقت الهجرة فى قوله :-

لا تبت هذه الليلة على فراشك الذى كنت تبيت عليه.

ومن فوره ذهب الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى حر الظهيرة إلى أبى بكر متقنعًا ، فعلم الصديق أن نبيه لم يأت فى هذه الساعة إلا لأمر قد حدث واستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ثم دخل على أبى بكر - رضى الله عنه - قائلاً:-
إنى قد أذن لى فى الخروج ..
فأجابه الصديق :- الصحبة بأبى أنت يا رسول الله ,,
فقال - صلى الله عليه وسلم-: نعم .
وعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى بيته مترقبًا مجىء ليل ، ينتظره معه صناديد قريش !

الرسول يغادر بيته ،،،

مر رجل مشرك ببيت محمد - صلى الله عليه وسلم- ليلاً فرأى أمرًا عجبًا سادة قريش وكبراؤها ينامون حول باب البيت ورؤوسهم مغطاة بالتراب !! وبدهشة قد خالطتها السخرية أيقظهم متسائلاً:- ماذا تنتظرون؟
فأجابوه بثقة الأغبياء:- محمدًا.

أما محمد الذى ينتظرونه فإنه قد خرج من بين صفوفهم المتراصة بعد أن جعل علي ًبن ابي طالب مكانه فى الفراش وغطاه ببردته وأخذ حفنة من التراب وجعل يذرها على رؤوسهم وهو يتلو:-
(
وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فأغشيناهم فهم لا يبصرون )
وأفاق مشركو مكة على كلمات الرجل التى ألقاها فى وجوههم وهو يتولى عنهم متعجبًا قائلاً: خبتم وخسرتم فو الله مر بكم وذر على رؤوسكم التراب وانطلق لحاجته لكن النومى المعاندين نفضوا عن رؤوسهم التراب وتطلعوا من صير الباب فرأوا عليًا،،
فطمأن بعضهم بعضًا قائلين:- والله إن هذا لمحمد نائم وعليه برده فبقوا فى أماكنهم متيقظين متنبهين حتى استيقظ على وقام عن فراشه فطاش صوابهم وسألوه عن النبى -صلى الله عليه وسلم - فقال ببساطة :- لا علم لى به .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=13433

من الدار إلى الغار ،،،

http://sirah.al-islam.com/image/aathar/athr21.gif

بينا الليل قد أرخى ستاره على مكة فى ليلة السابع والعشرين من شهر صفر للسنة الرابعة عشرة لبعثته - صلى الله عليه وسلم- إذ سمع أبوبكر الصديق من يطرق بابه وعلى الفور استقبل الصديق زائره المرتقب محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، وأسرع خارجًا معه من باب خلفى بالدار وعلى عكس المتوقع اتجه النبى - صلى الله عليه وسلم- وصاحبه جنوبًا باتجاه اليمن وأخذ يجدُّ وصاحبه فى السير خمسة أميال حتى وصلا إلى جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى ذى أحجار كثيرة يعرف بجبل ثور، فتسلقاه إلى أن انتهيا إلى غار فى قمة الجبل عرف بغار ثور فدخلاه .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=59420

وما لا شك أن تاريخ الإنسان على الأرض سيظل يحفظ فى ذاكرته هذا المشهد باعتزاز وتقدير ! نبىُّ كريم يحمل النور للبشرية يقبع فى غار مظلم وقد أجهده السير فوضع رأسه فى حجر صاحبه ثم نام لكنه الآن ينتبه وما أيقظه إلا دموع صاحبه التى انحدرت رغمًا عنه فوقعت على وجهه الشريف ،،
ويسائل محمد - صلى الله عليه وسلم - صاحبه:- مالك يا أبا بكر؟
فيجيبه الصديق:- لدغت ،، فداك أبى وأمى .
((
إن أبا بكر وقد وجد ثقبين فى الغار خاف على نبيه العظيم فوضع فى كل واحد منهما قدمًا من قدميه ، حتى لدغ ، فأبى أن يتحرك حتى لا يوقظ حبيبه حقًا ما أقسى جبل ثور وما أرق المشاعر التى حبست فى جوفه ))
تفل الرسول صلى الله عليه وسلم - على قدمه ،
فذهب عن أبى بكر ما أصابه ،,,
وبقى المهاجران بالغار ثلاث ليال يأتيهما عبدالله بن أبى بكر بخبر قريش ليلاً ثم يغدو عليهما عامر بن فهيرة مولى أبى بكر بغنم له فيشربان من لبنها ويعود مولى أبى بكر بغنمه إلى مكة مزيلاً بآثارها آثار ابن أبى بكر .

مطاردة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

إن سيوف قريش العازمة على اختراق جسد النبى الشريف لم تلق فى صبيحتها محمدًا فى بيته، وبدلاً من اعترافها بالعجز أمام قدرة الله تعالى ومشيئته، استدارت رؤوس الكفر لتصب جام غضبها ، وتظهر مدى شجاعتها على فتى أعزل ، وفتاة وحيدة ، أما الفتى فكان عليًا ، فضربوه وسحبوه إلى الكعبة ، وحبسوه ساعة وأما الفتاة فكانت أسماء بنت أبى بكر ، قدموا إليه بقوتهم المتغابية ، بعد أن عجزوا عن أن يظفروا من على بمعلومة تفيدهم ،,,

فقرعوا بابها وسألوها عن أبيها ، فأجابتهم بثبات :- لا أدرى والله أين أبى ، فرفع المتغطرس
الفاحش الخبيث أبو جهل يده ، ولطم خدها لطمة طرح منها قرطها ، ثم مضى يعوى ،,,

وقد لحقه جيش الأغبياء واجتمعت قريش وأصدرت أوامرها المتعالية الطائشة توضع جميع الطرق الخارجة من مكة تحت الحراسة المشددة ومن يأت بمحمد أو صاحبه حيًا أو ميتًا يمنح مكافأة مائة من الإبل ينتشر على الفور الفرسان والمشاة وقصاص الأثر فى الطلب لكن ما جدوى ذلك كله والله هو المقدر والمدبر ,,

نعم وصلت أقدامهم الخائبة إلى باب الغار وخشى أبو بكر من افتضاح أمرهما وقال يا نبى الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا وخاف أن يمس رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بسوء فقال:- إن قتلت فإنما أنا رجل واحد وإن قتلت أنت هلكت الأمة لكن ما جدوى وصولهم والأمر بيد الله تعالى من قبل ومن بعد هكذا كان الدرس الذى نطق به النبى - صلى الله عليه وسلم- متسائلاً: ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما ؟!

مطاردة سراقه ,,,,

فارس مترجل عن فرسه النجيبة يحمل رمحه ويسعى خلف رجل أعزل يطلب منه الأمان والأعزل يسير قدمًا يتلو قرآن ربه ولا يلتفت إليه تلك هى الصورة التى نقلتها لنا كتب السيرة لفارس بنى مدلج:- سراقة بن مالك بن جعشم،،،

حين خرج يطارد رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصاحبه الصديق طامعًا فى مكافأة قريش فعاندته فرسه وغاصت قوائمها فى الرمل مرارًا حتى علم أن محمدًا وصاحبه ممنوعان وأعطى محمد -صلى الله عليه وسلم- سراقة الأمان، كتابًا خطه عامر بن فهيرة، ليحتفظ به سراقة، سراقة الذى بدأ يومه محاربًا للنبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أنهى هذا اليوم مدافعًا عنه بتضليل المطاردين له، وصرفهم عن هذا الطريق .

فى الطريق إلى المدينة ,,,,,

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=13410


ثلاثة أيام مرت على النبى - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه فى الغار حتى هدأت المطاردة ثم خرجا بعدها ليبدءا رحلتهما إلى المدينة بصحبة دليلهما عبدالله بن أريقط الذى كان على دين قريش وكانا قد عهدا إليه براحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال وصحبهما أيضًا عامر بن فهيرة مولى أبى بكر ، وأتتهما أسماء بنت أبى بكر بطعامهما ((
وخلدت أسماء بنت أبي بكر ذكرها في التأريخ وحازت لقب ذات النطاقين عندما شقت نطاقها نصفين لتشد طعام المهاجرَين ، رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبي بكر رضي الله عنه ))
ثم تحرك الركب جنوبًا باتجاه اليمن، فغربًا نحو الساحل ثم شمالاً بمحاذاة الساحل، فى طريق لا يسلكه أحد إلا نادرًا,,

وكان الصديق خلال الرحلة يفرغ وسعه لراحة النبى - صلى الله عليه وسلم- وأمنه ، فإذا سأله أحد:- من هذا الرجل الذى بين يديك ؟
أجابه :- هذا الرجل يهدينى الطريق ؛ حتى يخفى حقيقة النبى - صلى الله عليه وسلم - طلبًا لسلامته ودون أن يكذب ,,

وفى الطريق كانت هناك مفاجأة كبيرة تنتظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم- وصاحبه: تلك هى اعتراض بريدة بن الحصيب الأسلمى لهما طمعًا فى مكافأة قريش لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعاه إلى الإسلام فأسلم من فوره مع سبعين رجلاً من قومه ونزع عمامته وعقدها برمحه ، فاتخذها راية تعلن بأن ملك الأمن والسلام قد جاء ليملأ الدنيا عدلاً وقسطًا وكانت فرحة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا النصر الجديد كبيرة ، إذ بإسلام بريدة الذى كان سيد قومه دخلت قبيلة أسلم فى الإسلام ، وصارت قاعدة إسلامية جديدة على الطريق بين مكة والمدينة ،,,
ولقى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى الطريق أيضًا الزبير ، وهو فى كرب من المسلمين ، كانوا تجارًا عائدين من الشام ، فكسا الزبير النبى - صلى الله عليه وسلم - وصاحبه ثيابًا بيضاء .

معجزة فى خيمتي ام معبد ,,,,,

حامل الخير تجد أثره وريحه حيثما مر! ولقد مر نبى الله بخيمتى أم معبد الخزاعية وكانت امرأة جلدة تطعم وتسقى من مر بها إلا أنها اعتذرت عن تقديم شىء لمحمد وصاحبه قائلة:-
والله لو كان عندنا شىء ما أعوزكم القرى، فجاء النبى إلى شاة ضعيفة، لم تستطع لشدة ما بها أن ترعى مع الغنم ثم مسح بيده الشريفة على ضرعها وسمى الله ودعا فامتلأ لبنًا حلبه النبى - صلى الله عليه وسلم- ثم سقاها فشربت حتى رويت، وسقى صحبه حتى روى، ثم شرب وحلب فى إناء لها ثانيًا حتى ملأه ثم تركها وارتحل وأفاقت أم معبد على صوت زوجها:-
من أين لك هذا؟ والشاة عازب ولا حلوبة فى البيت ؟!
فأخبرته خبر الرجل المبارك الذى مر بها ,,
فقال:- إنى والله أراه صاحب قريش الذى تطلبه ،,,
ثم قال :- لقد هممت أن أصحبه ، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا !.
أما أهل مكة فقد أصبحوا يسمعون صوتًا ينشد بأبيات يصف بها مرور محمد - صلى الله عليه وسلم- بخيمتى أم معبد ، وهم يتبعون صاحب الصوت ولا يرونه ، فلما سمع الناس صوت هذا الرجل من الجن علموا أين ذهب محمد - صلى الله عليه وسلم - .

وفي مقوله اخرى يرويها الصحابي قيس بن النعمان السكوني :-
(( لما انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم و أبو بكر يستخفيان نزلا بأبي معبد فقال : والله مالنا شاة , وإن شاءنا لحوامل فما بقي لنا لبن . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أحسبه - فما تلك الشاة ؟ فأتى بها . فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة عليها , ثم حلب عسّاً فسقاه , ثم شربوا , فقال : أنت الذي يزعم قريش أنك صابيء ؟ قال : إنهم ليقولون . قال : أشهد أن ما جئت به حق . ثم قال : أتبعك . قال : لا حتى تسمع أناّ قد ظهرنا . فاتّبعه بعد) . وهذا الخبر فيه معجزة حسية للرسول صلى الله عليه وسلم شاهدها أبو معبد فأسلم )) .

النزول بقباء وبناء المسجد ,,,,,

كانت ظهيرة يوم الإثنين الثامن من ربيع الأول سنة أربع عشرة للنبوة
ظهيرة شديدٌ حرها ، ألجأت المسلمين الذين كانوا يخرجون لاستقبال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تتنازعهم مشاعر الخوف وجواذب الشوق - ألجأتهم إلى الاحتماء ببيوتهم وفى هذا الجو القلق الذى يغلفه السكون برداء ثقيل إذا بصرخة مدوية يطلقها يهودى من فوق مرتفع تشق عنان السماء قائلة:-
يا معاشر العرب هذا جدكم الذى تنتظرون !

وماكادت هذه الصرخة تصل إلى آذانهم حتى انطلق المسلمون إلى السلاح وتعالت أصوات التكبير فرحًا بقدومه وسمع التكبير فى بنى عمرو بن عوف ، وأسرع المسلمون للقاء المرتقب لقاء خير الأحبة وسيد الأنام حامل النور والهداية محمد بن عبدالله فأحدقوا به وأحاطوه وقد كسته السكينة والوحى يتنزل عليه بقول ربه - عز وجل
(
فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين ، والملائكة بعد ذلك ظهير )
وكان يومًا مشهودًا زحفت فيه المدينة بأسرها لاستقبال الرسول ونزل فى بنى عمرو بن عوف، ونزل بقباء على كلثوم بن الهدم وأقام بها أربعة أيام أسس خلالها مسجد قباء وصلى فيه فلما كان بها اليوم الخامس يوم الجمعة- أرسل إلى أخواله من بنى النجار فجاءوا متقلدين سيوفهم، فركب وأبو بكر خلفه وسار نحو المدينة حتى أدركته الجمعة فى بنى سالم بن عوف فصلى بهم الجمعة وكانوا مائة رجل .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { وصول النبى - صلى الله عليه وسلم - الى المدينه } **

إن عافية الله الواسعة ، والتى سألها محمد - صلى الله عليه وسلم- ربه والدماء تغطى عقبيه، وهو مطرود ملاحق من سفهاء الطائف تتبدى الآن إحدى آياتها، فطرقات المدينة وبيوتها تهتز بأصوات التكبير والتحميد، وبنات الأنصار ينشدن الأناشيد فرحًا بقدوم النبى، ونبى الله يتجاذب خطام راحلته أهل الأنصار وكل يقول له: هلم إلى العدد والعدة، والسلاح والمنعة، وهو يقول لهم: خلوا سبيلها فإنها مأمورة.
أما دابة النبى - صلى الله عليه وسلم- فكان من توفيق الله لها أن بركت فى ديار بنى النجار - أخوال رسول الله- من كان يحب أن ينزل عليهم، ونزل عنها النبى - صلى الله عليه وسلم- وأقام فى بيت أبى أيوب الأنصارى . وأخذ أسعد بن زرارة بزمام راحلته فكانت عنده وهكذا صار لدعوة الله دار تعيش بها وصار لقيادتها حصن تأوى إليه وبقى للإسلام أن يخوض معركته الكبرى بتأسيس مجتمع جديد وقد دعا نبى الله - صلى الله عليه وسلم- للمدينة ،،
حين أخبرته زوجه عائشة بمرض أبى بكر وبلال فقال:- اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد حبًا، وصححها، وبارك فى صاعها ومدها وانقل حُمَّاها فاجعلها بالجحفة .

هجرة أهله وأهل أبى بكر ,,,,

بعد أيام من وصوله إلى المدينة وصلت إليه زوجته سودة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم وأسامة بن زيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبدالله بن أبى بكر بعيال أبى بكر ومنهم عائشة، وبقيت زينب عند أبى العاص لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.

هجرة على - رضى الله عنه – ,,,,

إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- الذى أحاط به قومه ليقتلوه ليلة الهجرة أوصى عليًا حين جعله مكانه فى فراشه أن يرد الودائع التى عنده لأهلها من قريش، وما إن قام على بن أبى طالب بمهمته تلك فى أيام ثلاثة حتى هاجر ماشيًا على قدميه ليلحق بنبيه بقباء، وينزل عند كلثوم بن الهدم .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { الدفاع عن المدينه } **

الماء الساكن خلف السد لا تدرك قيمته حتى يتدفق تياره، والحجرة المظلمة لا يرى جمالها حتى تضاء أركانها، وكذلك المد ينة عند الهجرة كان بها كثير من الخير الساكن، وبعض الأركان المظلمة، وتغير ذلك كله كان ينتظر وصول محمد - صلى الله عليه وسلم- والذى ما إن وصل حتى بدأ فى تأسيس مجتمع جديد قبل أن ينزل عن راحلته ,,،

لكن أنى للكفر أن يهدأ، وهو يبصر الإيمان ساعده يشتد، وجنوده تتجمع لم تستطع قريش أن تكظم حقدها فأرسلت تهدد المسلمين وتتوعدهم وهنا أنزل الله الإذن بالقتال أولاً ثم فرض القتال بعده وكما كانت قلوب المسلمين تهفو إلى مكة حوَّل الله صدورهم فى الصلاة إلى الكعبة بنزول الوحى بتحويل القبلة .

وما إن مر شهر على تحويل القبلة حتى ساق الله المسلمين دون تهيؤ منهم إلى غزوة بدر الكبرى فكان نصرًا كبيرًا، ونجاحًا مؤزرًا، تلته أعياد أقيمت، وفروض فرضت. واستمر الجهاد حتى كانت غزوة أحد فى العام الثالث للهجرة، ولم يكد المسلمون يضمدون جراحاتهم، حتى استأنفوا جهادهم دفاعًا عن دولتهم الفتية، وأدركت قريش أنه لا قبل للمشركين بمحاربة المسلمين، إلا إذا اتحدت فصائلهم، وتجمعت أشتاتهم، فألفوا الأحزاب، وأحاطوا بالمدينة ينوون استئصال خضرائها، وإبادة ساكنيها، فكانت غزوة الأحزاب، التى نصر الله فيها عبده وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده ،،،

وقد كشفت هذه الغزوة عن لؤم اليهود وغدرهم؛ فتلاها الرسول - صلى الله عليه وسلم- بغزوة بنى قريظة، وظل النشاط العسكرى متقدًا بعدها حتى كانت وقعة الحديبية، والحق أن مكائد اليهود، والدور الذى لعبه المنافقون جعل مهمة الدفاع عن المدينة، لاتقتصر على حماية حدودها فحسب، بل تشتمل أيضًا محاربة أعدائها الكامنين داخل الأسوار.

المدينة عند الهجرة ,,,,

يظن البعض أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- القادم من مكة المشتعلة حربًا عليه وعلى دعوته، قد دخل المدينة الهادئة الوادعة ليتمتع فيها بالاستقرار والراحة، والحق أن هذا ظن قد فاته الصواب إن دخول الإسلام إلى المدينة قد بدل واقعها من حال إلى حال، وإن دخول محمد - صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة كان فى قمة هذا التحول أهل المدينة كانوا أوسًا وخزرجًا، فصاروا مسلمين ومشركين، والروابط كانت للعشيرة، فأصبحت للعقيدة، ومهاجرو مكة أضحوا مواطنى المدينة، وحرب بعاث أمست رمادًا، والحكم صار لله، ودار الحكم موقعها المسجد، ومحمد - صلى الله عليه وسلم- يحكم بأمر ربه، أما تاج ابن أبى فقد طواه النسيان، ويثرب التى كانت تأمن من حولها، الآن تواجه الخطر من قريش والعربان، وأكثر من ذلك كله تنظيم الديار حول المسجد، وتغيير الأعراف الاجتماعية وزوال أخلاق الجاهلية وإشراق أخلاق الإسلام وتجديد أسواق المدينة وعلاقاتها الاقتصادية،،

كل ذلك التحول الذى بدأه إيمان ستة من أهل يثرب، وزاده انتشار الإسلام فى بيوتها وقدوم المهاجرين إلى ديارها- شهد الرسول أقصاه حين دخل المدينة القلقة، وحين تعامل مع أهلها مسلمين (( مهاجرين وانصار ~ الاوس والخزرج )) ومشركين (( ومنهم عبد الله بن أبى الذى كاد أن يتوج ملكًا، لولا قدوم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة )) ويهود ((بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة )) فأقام مجتمـعًا قاوم محاولات تفتيته بقوة وعزم .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { تأسيس مجتمع جديد } **

ما أيسر أن نطوف بخيالنا فى دروب مدينة فاضلة نصف معالمها لمن حولنا حين نفيق ثم ما أعظمها من مهمة حين ننهض لنقيم بسواعدنا ما طمح إليه ذلك الخيال إن تغيير المجتمعات إلى الأفضل يبقى أصعب مهمة واجهها الإنسان، ذلك أنه يبدأ من واقع اختلطت فيه آمال الناس وآلامهم، بأعرافهم وأخلاقهم ثم بأوضاعهم ونظمهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية وعليه أن يتعامل مع ذلك كله ليحوله إلى مثاله المنشود,,,

وقد كانت تلك هى المهمة التى طفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم- يعالجها منذ وطئت قدمه الشريفة أرض المدينة وحتى وفاته، وبها بدأ التقويم الإسلامى للتاريخ إن بذور الإسلام التى بذرها محمد - صلى الله عليه وسلم- فى صدور أصحابه بمكة قد نمت وأينعت وصارت حياة كاملة تراها فى أسواق المسلمين وتجارتهم وتلحظها فى عمارة دورهم وتخطيط شوارعهم ولهوهم ومرحهم كما تجدها فى خلقهم وأعرافهم ونظمهم وحربهم وسلمهم وتشاهدها دومًا إن حدثت الناس أو تجولت فى المكان ولقد بدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم- طريقه الشاق ذلك ببناء المسجد، ثم بترسيخ المؤاخاة، وبعقد ميثاق التحالف - دستور الدولة- وبث الخلق ورفع المعنويات، ثم بمعاهدته مع اليهود، حتى إذا استقر له الأمر واطمأن إلى الأساس شرع يقيم بجد وجلد بناء مجتمعه المنشود والذى قاوم بذكاء محاولات تفتيته المختلفة .

بناء المسجد النبوي الشريف ,,,,

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=14577

إن المساجد في الإسلام لها شأن عظيم، ومكانة رفيعة، ففيها يعبد الله تعالى ويذكر فيها اسمه
{
في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح لها فيها بالغدو والآصال رجال...} ( النور : 36 )

كان أول ما طالعته عيون المسلمين بالمدينة بعد نزول النبى - صلى الله عليه وسلم- على أبى أيوب رؤيتها رسول الله يشمر عن ساعديه وينقل اللبن والحجارة بانيًا مسجده النبوى منشدًا:-
اللهم لاعيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة. ،،،

وقد أقيم المسجد فى المكان الذى بركت فيه ناقة المصطفى بعد أن اشتراه من يتيمين يملكانه من بني النجار فسوى أرضه وأقام أعمدته من الحجارة وحوائطه من اللبن والطين وسقفه من جريد النخل وعمده من الجذوع وفرشت أرضه من الرمال والحصباء وجعلت له ثلاثة أبواب وبنى النبى - صلى الله عليه وسلم- إلى جانبه حجرات أزواجه من الحجر واللبن ، وسقفها بالجريد والجذوع وإلى جانب كونه مكانًا للعبادة والصلاة فقد ظل المسجد منتدى تلتقى فيه جموع المسلمين وجامعة يتلقون فيها علومهم وبرلمانًا لعقد المجالس الاستشارية بل ودارًا يأوى إليها فقراء المهاجرين الذين عدموا الدار و المال والأهل بمكة وكان تشريع الأذان فى بداية الهجرة ميلادًا لصيحة الحق التى لازال المسلمون يتمتعون بسماعها خمس مرات كل يوم وليلة ثم بناه باللبن بعد الهجرة بأربع سنين . ثم أعيد بناء المسجد سنة 7هـ حيث اشترك في بنائه أبو هريرة ، و طلق بن علي الحنفي ـ أسلما سنة 7هـ وقد جرت توسعة المسجد عند إعادة بنائه هذه.

وقد حدد النبي صلى الله عليه وسلم موقع المنبر وبنى بيوت أزواجه بحيث تحد المسجد من جهة الشمال والشرق والجنوب ، وتحدد موقع مصلاه بدقة حيث اتخذ محرابا من بعده ، وكانت ثمة اسطوانة تحدد موقعه ، وصارت تمسى باسطوانة المخلفَّة والقرعة ، وهي الآن في ظهر المحراب القديم ، وقد وضع المصحف في صندوق عند هذه الاسطوانة في جيل الصحابة ، وعرف المكان ما بين بيت عائشة رضي الله عنها والمنبر باسم " الروضة ". و تحددت في زمنه صلى الله عليه وسلم اسطوانة التوبة داخل الروضة ، وهي الاسطوانة الرابعة شرق المنبر ، وكان مصلى العيد في زمنه صلى الله عليه وسلم في موقع مسجد الغمامة اليوم ، وكان ما بينه وبين المسجد النبوي مبلطا بالحجارة ويعرف بالبلاط حيث بنى كثير من المهاجرين بيوتهم في جهته ولم يوقد في حياته صلى الله عليه وسلم في المسجد قنديل ، ولا بسط فيه حصير .

تشريع الأذان ,,,,

ما أعظم القلوب حين تتجلى فيتراءى الحق على صفحتها إن صحابيًا جليلاً هو عبد الله بن زيد رأى فى منامه رجلاً عليه ثوبان أخضران يحمل ناقوسًا فى يده فأراد أن يبتاعه منه حتى يدعو به إلى الصلاة ,,,

فسأله الرجل:- أفلا أدلك على خير من ذلك؟ ثم أرشده إلى كيفية الأذان. وأسرع ابن زيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم- يخبره الخبر ,,,

فقال له:- إنها لرؤيا حق إن شاء الله ثم أمره أن يعلمها بلالاً صاحب الصوت النّدىّ ليؤذن بها بين الناس أما بلال فإنه ما إن بدأ أذانه حتى فوجئ المسلمون بعمر بن الخطاب يسرع فى الطريق يجر رداءه ,,,

قائلاً:- يا نبى الله والذى بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأى !! وهكذا يتضح أن من شغل قلبه بالبحث عن الحق لا يلبث إلا أن يهديه الله إليه .

المؤاخاة ,,,,

لو لم يُشر القرآن الكريم إلى قصّة المؤاخاة التي تمّت بين المهاجرين والأنصار ، ولو لم تأتِ النصوص النبويّة الصحيحة والشواهد التاريخيّة الموثّقة لتؤكّد هذه الحادثة ، لقلنا إنها قصّةٌ من نسج الخيال ، وذلك لأن مشاهدها وأحداثها فاقت كلّ تصوّر ، وانتقلت بعالم المثال والنظريات إلى أرض الواقع والتطبيق ، وفي ظلّها قدّم الصحابة الكثير من صور التفاني والتضحية على نحوٍ لم يحدث في تاريخ أمّةٍ من الأمم ، مما يجعلنا بحاجة إلى أن نقف أمام هذا الحدث نتأمّل دروسه ، ونستلهم عبره .

وهذه المؤاخاة أخصّ من الأخوّة العامة بين المؤمنين جميعاً ، وذلك لأنها أعطت للمتآخييْن الحقّ في التوارث دون أن يكون بينهما صلةٍ من قرابة أو رحم ، كما في قوله تعالى :-
{
ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم } ( النساء : 33 ) .

أوس وخزرج فرقت بينهما حرب بعاث، وقرشيون ويثربيون فرقت بينهم عصبية الجاهلية وحميتها، كان هذا هو أول ما التفت إليه محمد - صلى الله عليه وسلم- بعد أن أتم بناء المسجد .

وفى دار أنس بن مالك كان اجتماع تسعين رجلاً من المسلمين نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار، يؤاخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين كل اثنين منهم على المواساة بل والميراث أيضًا ولقد كانت لحظة رائعة فى تاريخ الإنسانية ذابت فيها روابط الجنس واللون والدم حين قويت وتآلفت روابط الدين والعقيدة ثم عقد النبى - صلى الله عليه وسلم- ميثاق تحالف بين المهاجرين والأنصار تأكيدًا ودعمًا لمبدأ الأخوة والتراحم ، اللازم لبناء المجتمع ولم يكن من العجيب بعدئذ أن تلمح سعد بن الربيع يعرض على عبدالرحمن بن عوف - رضى الله عنهما - أن يطلق له زوجته ، ويعطيه نصف ماله كما لم يكن من المستغرب أن نرى الأنصار والمهاجرة قد علت أصواتهم عند النبى ,,
فالأنصار يقولون:- اقسم بيننا وبين إخواننا النخيل،,,
فيرد عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- لا .
فيقولون :- فتكفونا المؤنة ، ونشرككم فى الثمرة ،,,
فترد المهاجرة :- سمعنا وأطعنا .

وتذكر لنا مصادر السيرة أسماء بعض الذين آخى بينهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقد آخى بين أبي بكر و خارجة بن زهير ، وآخى بين عمر بن الخطاب و عتبان بن مالك ، وبين أبي عبيدة بن الجراح و سعد بن معاذ ، وبين الزبير بن العوام و سلامة بن سلامة بن وقش ، وبين طلحة بن عبيد الله و كعب بن مالك ، وبين مصعب بن عمير و أبو أيوب خالد بن زيد رضي الله عنهم أجمعين ، وأسماء أخرى بلغت تسعين صحابيّاً .

وقد حفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الفضل للأنصار ، فمدحهم بقوله :-
(
لو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً ، لسلكت في وادي الأنصار ) رواه البخاري ،,,
وبيّن حبه لهم بقوله: - (
الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ، ولا يبغضهم إلا منافق ؛ فمن أحبهم أحبه الله ، ومن أبغضهم أبغضه الله )
رواه البخاري ،,
ودعا لأولادهم وذرياتهم بالصلاح فقال :- (
اللهم اغفر للأنصار ، ولأبناء الأنصار، ولأزواج الأنصار ، ولذراري الأنصار ) رواه أحمد ,,،
وآثر الجلوس بينهم طيلة حياته فقال :-
(
لولا الهجرة لكنت امرأً من الأنصار ) رواه البخاري .

ميثاق التحالف ,,,,

مجتمع وليد وواقع متحول ودولة يراد لها القيام لا بد لكل ذلك جميعًا من دستور واضح مستقر ينظم لهم أمورهم ويرجعون إليه ومن قوله للمسلمين والمؤمنين من قريش ويثرب: إنهم أمة واحدة من دون الناس إلى قوله: وإنكم مهما اختلفتم فيه من شىء فإن مرده إلى الله - عز وجل، وإلى محمد - صلى الله عليه وسلم-،

كانت بنود هذا الدستور النبوى لمجتمع المدينة ولاشك أن روح هذا الميثاق قد تجلت فى مبدأين أساسين:-
- الرابطة هى العقيدة .
- والحكم هو الله .
وقد شمل هذا الميثاق أيضًا معاهدة مع اليهود تليت بمعاهدات مع قبائل عربية متفرقة .

*-* بث الخلق ورفع المعنويات *-*
"
يا أيها الناس :- أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا الأرحام ، وصلوا بالليل والناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " .

ذلك كان درس الإسلام الأول ، على يدى النبى - صلى الله عليه وسلم- حين دخل المدينة الإحسان إلى المخلوق والإحسان مع الخالق ، روح الرسالة وجوهرها ومامضت إلا سنوات قلائل حتى توفى رسول الله وقد ترك مجتمعًا أنموذجًا فى خلقه وفضله مجتمعًا يعلم أن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان، كما يعلم أن التراحم والتواصل سر قوته ونصرته، إن المعنيين باللوائح والدساتير سيبهرهم ميثاق التحالف كما إن المهتمين بروح القانون ومقاصده سيدهشهم ذلك المجتمع المسلم الذى صنعه محمد - صلى الله عليه وسلم- .

*-* المعاهدة مع اليهود *-*

يأتى الإسلام ليقدم للبشرية الخير ويحقق لها السعادة البشرية بأسرها مسلمين كانوا أم غير مسلمين، وفى عالم مزقته العصبية الحمقاء جاء الإسلام ليقر المبدأ السامى البسيط (لا إكراه فى الدين) ومعاهدة محمد - صلى الله عليه وسلم- مع اليهود تنطق برغبة صادقة فى تحقيق الخير والأمن ومنع الفساد والاضطراب بأمة واحدة اليهود أحد عناصرها نعم بدا للرسول بعض ما يبطنون حين أسلم عبدالله بن سلام وحين حاولوا تفتيت المجتمع لكن ما للإسلام ونبيه والتفتيش عما بذات الصدور إنما حسبه ما ظهر .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { قريش تهدد وتعلن الحرب } **

إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- المشغول ببناء مسجده ، والمؤاخاة بين أفراد أمته، وعقد المعاهدات مع جيرانه، والعناية بتنظيم شئون مدينته، فوجئ بخطاب من قريش تعلن فيه الحرب عليه وعلى من اتبعه، ثم إن الأنصار قد فوجئوا أيضًا بأنهم ممنوعون من زيارة بيت الله الحرام، وتمادت قريش فى تهديد المهاجرين ، فاتخذ المسلمون حذرهم واحتياطهم.

" إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله لنقاتلنه أو لنخرجنه أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتليكم ونستبيح نساءكم"

كانت هذه هى كلمات رسالة قريش، والتى قرأها عبد الله بن أبى بن سلول بعين زائغة ويد مرتعشة فطاش صوابه وجمع إخوانه من عبدة الأوثان لقتال محمد - صلى الله عليه وسلم- ومن معه مهاجرين كانوا أم أنصارًا، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بحكمته فى التعامل مع المشركين أطفأ نارًا كاد أن يتأجج لهيبها مانعًا بذلك إحدى محاولات تفتيت المجتمع المسلم .

الصد عن المسجد الحرام ,,,,

إن قريشًا التى ثارت ثائرتها ضد الإسلام وأهله بدعوى الحفاظ على تراث الآباء وقيم المجتمع المكى العريقة تفاجئنا اليوم بموقف غريب فأبو جهل سيد قريش القبيلة المسئولة عن تهيئة بيت الله لزواره وتيسير هذه الزيارة لهم يرى سعد بن معاذ يطوف بالكعبة مع أمية بن خلف حليفه بمكة، فيعترض طريقه قائلاً بغلظة :- ألا أراك تطوف بمكة آمنًا وقد آويتم الصباة وزعمتم أنكم تنصرونهم وتعينونهم، أما والله لولا أنك مع أبى صفوان مارجعت إلى أهلك سالما فرفع سعد صوته عليه صائحًا:- أما والله لئن منعتنى هذا لأمنعك ما هو أشد عليك منه طريقك على أهل المدينة .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { فرض القتال } **

بعد نزول قوله تعالى : -
{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير }
( الحج : 39 )
ثم نزول الإذن بالقتال، أخذ رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إعداد العدة وتجهيز القوة لمواجهة الكفر وأهله ، وأراد المسلمون توجيه رسالة قوية إلى قريش من خلال حصارها سياسياً واقتصادياً ، وأرادوا كذلك إشعار يهود المدينة ومنافقيها والأعراب بأن المسلمين أقوياء ، وأن فترة الاستضعاف السابقة قد أدبرت .

وانطلاقاً من ذلك فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم عدداً من السرايا والبعوث ، لمتابعة تحركات قريش ونشاطاتها ، فمن تلك السرايا التي بعثها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل غزوة بدر الكبرى ,,

إن قريشًا التى طال تكبرها قد لقنتها سرية نخلة درسًا لم تنسه فعبدالله بن جحش ونفر من المسلمين معه يستطيعون بسهولة أن يغيروا على تجارة قري فيسوقوا عيرها إلى المدينة مع أسيرين وقد خلفوا وراءهم قتيلاً لكن قريشًا المعاندة والتى أدركت الخطر على طريق تجارتها إلى الشام قد اختارت سبيل الحرب من جديد وهنا وفى شعبان سنة اثنتين من الهجرة نزلت آيات الله تعالى الفارضة للجهاد والقتال فى سبيله ثم ما لبثت هذه الآيات غير يسير حتى تليت بآيات من سورة محمد تصف طريقة القتال وتبين أحكامه وتحث عليه وتذم أولئك الوجلين منه الخائفين على أنفسهم .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { السرايا والغزوات قبل بدر } **

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=33363

باب المهادنة مفتوح، وقد ولجت منه جهينة وبنو ضمرة، أما إن أبت قريش إلا الصياح والتوعد، والتهديد والتطاول، فللحق قوة تحميه! هذا ما أكده النبى، ومن معه من المسلمين، لمشركى مكة ومن مالأهم، فى سرايا وغزوات متتابعة وهى: سرية سيف البحر، وسرية رابغ، وسرية الخرار، وغزوة الأبواء، وغزوة بواط، وغزوة سفوان، وغزوة ذى العشيرة، وسرية نخلة.

سرية سيف البحر ,,,,

علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بخروج أبى جهل فى عير لقريش ومعه ثلاثمائة رجل فعقد لواءً أبيض لحمزة وأرسله فى ثلاثين رجلاً من المهاجرين يحمل لواءهم أبو مرثد كناز بن حصين الغنوى ، فبلغوا سيف البحر من ناحية العيص فالتقوا واصطفوا للقتال لولا أن مجدى بن عمرو الجهنى وكان حليفًا للفريقين- قد مشى بينهما حتى حجز بينهم وكانت هذه السرية فى رمضان عام واحد من الهـجرة .

سرية رابغ ,,,,
وقد وقعت فى شوال فى السنة الأولى من الهجرة حيث التقى المسلمون وقوامهم ستون راكبًا من المهاجرين على رأسهم عبيدة بن الحارث بن المطلب مع مائتين من المشركين تحت إمرة أبى سفيان- التقوا على بطن رابغ فتراموا بالنبل دون وقوع قتال وكان حامل لواء المسلمين يومئذ مسطح بن أثاثة ومن طرائف هذه السرية انضمام اثنين من جيش المشركين إلى المسلمين وهما المقداد بن عمرو البهرانى وعتبة بن غزوان المازنى فقد كانا مسلمين خرجا مع الكفار كوسيلة لبلوغ جيش المسلمين .

سرية الخرار ,,,,
وقد خرج فيها سعد بن أبى وقاص فى عشرين راكبًا فى ذى القعدة فى السنة الأولى من الهـجرة يكمنون بالنهار ويسيرون بالليل طلبًا لعير قريش حتى بلغوا الخرار، فوجدوا العير قد مرت بالأمس فعادوا ولم يلاحقوها تنفيذًا لأمررسول الله - صلى الله عليه وسلم- لهم بذلك وقد كان حامل اللواء يومئذ المقداد بن عمرو .

غزوة الأبواء ,,,,
وهى أول غزوة يخرج فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم- بنفسه مستخلفًا سعد بن عبادة على المدينة فى جيش قوامه سبعون رجلاً من المهاجرين حامل لوائهم حمزة بن عبدالمطلب طلبًا لعير قريش وقد بلغ الجيش "ودان" فلم يلق كيدًا وفى هذه الغزوة عقد النبى - صلى الله عليه وسلم- معاهدة حلف مع عمرو بن مخشى الضمرى سيد بنى ضمرة وقد جرت هذه الغزوة فى صفر سنة اثنتين من الهجرة .

غزوة بواط ,,,,
فى ربيع الأول فى السنة الثانية من الهجرة خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم- فى مائتين من أصحابه يحمل لواءهم سعد بن أبى وقاص ليعترض ألفين وخمسمائة بعير لقريش يحميها مائة رجل على رأسهم أمية بن خلف الجمحى فبلغ بواط ولم يلق كيدًا وكان خليفته - صلى الله عليه وسلم- على المدينة سعد بن معاذ .

غزوة سفوان ,,,,
تسمى هذه الغزوة بغزوة بدر الأولى ،، وقد وقعت أحداثها فى ربيع الأول سنة اثنتين من الهجرة ؛ إذ أغار كرز بن جابر الفهرى فى قوات خفيفة من المشركين على مراعى المدينة ونهب بعض المواشى فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمطاردته فى سبعين رجلاً من أصحابه بعد أن استخلف على المدينة زيد بن حارثة وأعطى اللواء على بن أبى طالب ووصل النبى - صلى الله عليه وسلم - واديًا يقال له سفوان من ناحية بدر لكنه لم يدركها فرجع من دون حرب .

غزوة ذي العشيرة ,,,,
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى جمادى الأولى فى السنة الثانية من الهجرة فى خمسين ومائة ويقال فى مائتين - من المهاجرين على ثلاثين بعيرًا يعتقبونها اعتراضًا لعير قريش الذاهبة إلى الشام لكنهم حين بلغوا ذا العشيرة وجدوا أنها قد فاتتهم بأيام وهذه العير هى التى طلبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى رحلة عودتها من الشام فكانت سببًا لغزوة بدر الكبرى وقد آب إلى المدينة فى جمادى الآخرة وكان قد استخلف عليها أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومى وحامل اللواء فى هذه الغزوة هو سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب وقد عقد النبى -صلى الله عليه وسلم - معاهدة عدم الاعتداء مع بنى مدلج وحلفائهم من بنى ضمرة فى هذه الغزوة .

غزوة نخلة ,,,,
بعد أن أتم عبدالله بن جحش واثنا عشر مهاجرًا يومين فى مسيرهم فضوا كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى كان معهم تنفيذًا لأوامره فوجدوا فيه:- إذا نظرت فى كتابى هذا فامض حتى تنزل بين مكة والطائف فترصد بها عير قريش وتعلم لنا من أخبارهم وشعر عبدالله بثقل المهمة وقلة عدد أصحابه فخيرهم بين المجىء معه إن أحبوا الشهادة وبين الرجوع إلى المدينة إن كرهوا الموت فما تخلف عنه منهم أحد إلا سعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوان فإنهما كانا يعتقبان بعيرًا لهما فهرب منهما فتخلفا فى طلبه واستأنفت السرية مسيرها حتى بلغت نخلة ورأت عير قريش تمر حاملة الزبيب والأدم والتجارة وفيها عمرو بن الحضرمى وعثمان ونوفل ابنا عبدالله بن المغيرة والحكم بن كيسان مولى ابن المغيرة وهنا وقع المسلمون فى حيرة كبيرة إذ كانوا فى اليوم الأخير من شهر رجب فى السنة الثانية من الهجرة وهو شهر حرام لا يجوز فيه القتال لكنهم إن تركوهم دخلوا مكة وانتهى الأمر ورأوا بعد المشاورة أن يقاتلوهم فرموا عمرو بن الحضرمى فقتلوه وأسروا عثمان والحكم وأفلت نوفل ثم قدموا بالعير والأسيرين إلى المدينة وعزلوا من ذلك الخمس، فكان أول خمس،
وأول قتيل وأول أسيرين فى الإسلام ,,

وهنا أطلقت قريش التى طالما انتهكت حرمات المسلمين وسفكت دماءهم بالبلد الحرام - أطلقت عقيرتها حزنًا على شهر الله الحرام الذى انتهك ثم نزل الوحى بالقول الحق موضحًا أن حرمات المسلمين التى انتهكت ودم نبيهم الذى كاد يسفك أعظم حرمة عند الله من شهر رجب وقد أطلق بعدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراح الأسيرين وأدى دية المقتول إلى أهله .

قال تعالى:
{يَسأَلونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أَهله منه أَكبر عند اللَّه والفتنة أَكبر من القتل } (البقرة:217).

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { تحويل القبلة } **

إن رفع الستار قد يكون لفضح المتسترين به أو لاستقبال نهار يوم جديد أما تحويل القبلة فقد كان الأمرين معًا !!
فحين نزل أمر الله تعالى فى شعبان فى العام الثانى من الهجرة بتحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى بالقدس إلى المسجد الحرام بمكة ، فضح كثير من ضعفاء اليهود ومنافقيهم الذين أظهروا الإسلام وأبطنوا عداوته فضحوا برفضهم الامتثال لأمر الله ورجوعهم إلى ما كانوا عليه فتطهرت صفوف المسلمين منهم ولا شك أيضًا أن فى تحويل القبلة إيذانًا باستقبال طور جديد فى دعوة المسلمين طور لا ينتهى إلا باحتلال القبلة الجديدة فهل يصلى المسلمون لقبلة قد نجستها أوثان المشركين ؟ اللهم لا !


wolf101 04-08-2012 08:40 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { غـزوة بـدر الـكـبـرى } **

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=133173

قلة من المؤمنين ساقهم الله تعالى لملاقاة الكثرة من المشركين المتكبرين حتى إذا وافوهم لم يلبثوا إلا يسيرًا ثم نصرهم الله بقدرته عليهم تلك كانت قصة بدر !

القصة التى مهما قلبت صفحاتها طالعتك قدرة الله وتدبيره لعباده حين تتأمل سبب الغزوة أو قوة الجيش المسلم وتنظيمه وإذا صحبتهم فى الطريق إلى بدر أو استمعت إلى النذير فى مكة أو رأيت تجهز المشركين للغزو وتحرك جيشهم وانفلات عيرهم وانشقاق جيشهم فى كل ذلك ستجد حتمًا قدرة الله وتدبيره !

إن مشاهد بدر المتتالية تغرس اليقين فى قلب المسلم وتورثه صدق التوكل على ربه توكلاً لاينافيه أخذه بالأسباب إن هذه المعانى تتسارع إلى قلوبنا ونحن نشاهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - يستشير صحابته قبل الغزوة ثم حين يقوم بالاستكشاف لمعركته وتتسارع إلى قلوبنا ونحن نستمع إلى صوت نزول المطر قبيل المعركة أو ونحن نرى نشر القوات وتهيئة مكان القيادة ثم حين نستمع إلى صوت القيادة ثم حين نستمع إلى كلمات المصطفى - صلى الله عليه وسلم - وهو يقوم بالتعبئة المعنوية .

وكذلك حين نولى وجهنا شطر الجانب الآخر فنلحظ الخلاف وقد تجدد فى صفوف المشركين لكن الأعجب من ذلك كله هو دقات قلوبنا التى لا زالت بعد أربعة عشر قرنًا من هذه الحادثة تتلاحق وهى تتابع ترائى الجيشين وقدوم ساعة الصفر ثم المبارزة الأولى قبل الهجوم العام ومناشدة الرسول ربه عز وجل والهجوم المضاد وانسحاب إبليس من المعركة ثم الهزيمة الساحقة ونهاية المعركة.

إن مشاهد هذه الغزوة لا تسأم منها قلوب المؤمنين أبدًا وإن صورة مكة وهى تتلقى أنباء الهزيمة والمدينة وهى تتلقى أنباء النصر ثم تستقبل عودة النبى - صلى الله عليه وسلم - وجيشه إليها لترسم فى مخيلتنا نهاية حلقة من حلقات الصراع بين الحق والباطل أما قضية الخلاف فى الغنائم وقضية الأسرى فتؤكدان بشرية حملة ذلك الحق وحاجتهم الدائمة للتربية والتوجيه .

سبب الغزوة ,,,,

كسائر السرايا والغزوات التى سبقت بدرًا بل كامتداد لإحداها غزوة ذى العشيرة كان منشأ هذه الغزوة علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برحيل عير لقريش وعير هذه المرة قد بلغ عددها ألفًا وحملت من الدنانير الذهبية ما لا يقل عن الخمسين ألفًا أما حرسها فلم يزد على أربعين رجلاً يرأسهم أبو سفيان بن حرب فى رحلة عودته من الشام إلى مكة ،،،

وما عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أحد بالخروج كشأنه فى سائر السرايا والغزوات السابقة بل أعلن قائلاً:- هذه عير قريش فيها أموالهم فاخرجوا إليها لعل الله ينفلكموها ولذا فإنه لم ينكر على أحد من الصحابة تخلف عنه فى هذه الغزوة هذا وقد استخلف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المدينة والصلاة عبدالله بن أم مكتوم حتى إذا كان بالروحاء رد أبا لبابة بن عبد المنذر واستعمله على المدينة وقد كان خروجه - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم الثامن أو الثانى عشر من رمضان للسنة الثانية من الهجرة .

قوة الجيش وتنظيمه ,,,,

أسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لإدراك العير فلم يكن معه إلا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً قد اصطحبوا فرسين لا ثالث لهما أحدهما للزبير بن العوام والآخر للمقداد بن الأسود الكندى وسبعين بعيرًا يعتقب كل بعير الرجلان والثلاثة،،
وقد كان رسول الله وعلى ومرثد بن أبى مرثد الغنوى يعتقبون بعيرًا واحدًا أما لواء الجيش فكان أبيض يحمله مصعب بن عمير العبدرى،،
وقد قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشه إلى كتيبتين:- إحداهما للمهاجرين ويحمل علمها على بن أبى طالب والأخرى للأنصار ويحمل علمها سعد بن معاذ كما جعل على الميمنة الزبير بن العوام وعلى الميسرة المقداد بن عمرو وعلى الساقة قيس بن أبى صعصعة أما القيادة العامة فكانت فى يده - صلى الله عليه وسلم - .

الطريق إلى بدر ,,,,

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=133173


سار الجيش على الطريق الرئيسى المؤدى إلى مكة حتى بلغوا بئر الروحاء ثم ترك طريق مكة بيسار وانحرف ذات اليمين على النازية - يريد بدرًا- فسلك فى ناحية منها حتى قطع واديًا يقال له رحقان بين النازية وبين مضيق الصفراء ثم مر على المضيق ثم انصب منه حتى قرب من الصفراء
وهنالك بعث بسبس بن عمرو وعدى بن أبى الزغباء الجهنيين إلى بدر يتجسسان له أخبار العير وعند وادى ذفران جاءه خبر انفلات العير وتجهز جيش المشركين وتحركه فاستشار صحابته فى الرجوع أو القتال ثم واصل مسيره فسلك على ثنايا يقال لها الأصافر ثم هبط إلى بلد تدعى الدبة وترك كثيبًا عظيمًا يسمى الحنان بيمين حتى نزل قريبًا من بدر .

النذير فى مكة ,,,,

" يا معشر قريش اللطيمة اللطيمة ، أموالكم مع أبى سفيان قد عرض لها محمد فى أصحابه ، لا أرى أن تدركوها ، الغوث الغوث " !

كانت هذه هى الصرخة التى شقت سماء مكة الملتهبة بقيظ نهار رمضان وقد أسرع أهل مكة نحوها فوجدوا ضمضم بن عمرو الغفارى الذى استأجره أبو سفيان ليحذر قريشا فتنقذ تجارتها التى معه وجدوه واقفًا على بعيره وقد جدع أنفه وحول رحله وشق قميصه وأخذ يصرخ بصرخته السالفة .

تجهز المشركين للغزو ,,,,

إن قريشًا التى لم تندمل بعد جراحاتها من سرية نخلة قد فزعت إلى الحرب مسرعة وهى تصيح:- أيظن محمد وأصحابه أن تكون كعير ابن الحضرمى؟ كلا ، والله ليعلمن غير ذلك ! وإن محمدًا -صلى الله عليه وسلم - الذى خرج فى قليل من أصحابه يطلب العير تعد له الآن قريش جيشًا عرمرمًا فمن لم يخرج من رجالها بعث مكانه رجلاً وسوى أبى لهب لم يتخلف أحد من أشرافها وما تقاعس عنهم بطن من بطون قريش خلا بنى عدى فلم يخرج منهم أحد،،،

وما مضت إلا سويعات قليلة حتى كان جيش قوامه ألف وثلاثمائة مقاتل معهم مائة فرس وستمائة درع وجمال كثيرة قد بدأ مسيره يتقدمه قائده العام أبو جهل بن هشام لكن قريشًا بعد أن همت بمسيرها تذكرت حربه مع بنى بكر وخشيت أن تغير على مكة فى غيابها ،،

فتبدى لها إبليس فى صورة سراقة بن مالك بن جعشم - سيد بنى كنانة - يطمئنهم قائلاً:- أنا لكم جار من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشىء تكرهونه فمضوا وما علموا أن ما يكرهونه من خلفهم قادم إليهم من بين أيديهم .

تحرك جيش المشركين ,,,,

" الآن نقتل محمدًا وصحبه الآن يمحى من الدنيا وجودهم وغدًا تعلم العرب من نكون " !

يبدو أن هذه الخواطر التى جالت برؤوس قريش الفارغة وهى تدب بأقدامها الثقيلة فى صحراء الجزيرة فيعلو فى الآفاق دويها ويرتفع فى السماء غبارها الكثيف أما السؤال الذى تردد فى صدور قريش فتعجبها:- أى قوة الآن فى أرض العرب تقوم لنا؟!،
تحركت جموع قريش بسرعة فائقة نحو الشمال فى اتجاه بدر وسلكوا فى طريقهم وادى عسفان ثم قديدًا ثم الجحفة حيث جاءتهم رسالة جديدة من أبى سفيان تقول كلماتها:-
إنكم إنما خرجتم لتحرزوا عيركم ورجالكم وأموالكم وقد نجاها الله فارجعوا وقد كانت هذه الرسالة سببًا لوقوع انشقاق فى جيش المشركين .

العير تفلت .... !

إن داهية قريش أبا سفيان بن حرب ليس كعمرو بن الحضرمى وصحبه الذين فتك بهم نفر قليل من المسلمين فى سرية نخلة فالرجل الحذر يعلم أن طريق القوافل اليوم ليس آمنًا كالأمس وهو لذلك لا يكاد يخطو خطوة إلا وقد سبقتها حركاته الاستكشافية وقد تقدم عيره حين اقترب من بدر فلقى مجدى بن عمرو فسأله عن جيش المدينة فقال:-
ما رأيت أحدًا أنكره إلا أنى قد رأيت راكبين قد أناخا إلى هذا التل ثم استقيا فى شن لهما ثم انطلقا .
فأسرع أبو سفيان إلى روث بعيريهما ففته فإذا فيه النوى فأدرك أنها عير علفت بتمر يثرب فبادر بترك الطريق الرئيسى الذى يمر ببدر واتجه نحو الساحل ناجيًا بالقافلة من الوقوع فى قبضة جيش المدينة .

انشقاق فى جيش المشركين ,,,,

" ما الذى أخرجنى هذا اليوم ؟! آلدفاع عن دين الآباء والأجداد ؟! أم حماية العير ودنانيرها ؟! "

كان هذا هو السؤال الذى جال بخاطر كل قرشى بجيش مكة سمع برسالة أبى سفيان التى تخبره بنجاة القافلة ويبدو أن أرواح المشركين التى هموا بأن يبذلوها فى سبيل الذهب هى أغلى عندهم من أن تذهب دفاعًا عن اللات أو هبل فآثر القوم الرجوع إلى مكة والاحتماء بظل بيوتها لكن جيش مكة أفاق من أمانيه على صراخ أبى جهل:-
والله لن نرجع حتى نرد بدرًا فنقيم بها ثلاثًا فننحر الجزور ونطعم الطعام ونسقى الخمر وتعزف لنا القيان وتسمع بنا العرب وبمسيرنا وجمعنا فلا يزالون يهابوننا أبدًا !.
والعجيب أن واحدًا من الرجلين أبى سفيان أو أبى جهل لم يجل بخاطره أن يتحدث عن دين قريش فأبو سفيان دفعهم للرجوع استمتاعًا بنعيم القافلة وأبوجهل يدفعهم للمسير استمتاعًا باللحم والغناء والخمر والنساء وما درى مساكين قريش أى استمتاع كان بانتظارهم أرادت بنو هاشم الرجوع فاشتد عليهم أبو جهل وقال:-
لا تفارقنا هذه العصابة حتى نرجع وأصر الأخنس بن شريق على الرجوع فصحبته بنو زهرة إذ كان رئيسًا عليهم فى هذا النفير ونقص بذلك جيش المشركين ثلاثمائة رجل أما سائر الجيش فقد واصل سيره خلف أبى جهل حتى نزل قريبًا من بدر وراء كثيب يقع بالعدوة القصوى على حدود وادى بدر انتظارًا لمصيره المحتوم .

الرسول يستشير صحابته ,,,,

جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وقال لهم :- إن الله أنزل الآية الكريمة :-
((
و إذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنهما لكم و تودون أنّ غير ذات الشوكة تكون لكم و يريد الله أن يحق الحق بكلماته و يقطع دابر الكافرين ))

فقام المقداد بن الأسود وقال :-
" امض يا رسول الله لما أمرك ربك ، فوالله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى
((
قالوا يا موسى إنا لن ندخلها أبداً ما داموا فيها فاذهب أنت و ربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون ))
ولكن نقول لك : -
اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتلون . فأبشر الرسول عليه الصلاة والسلام خيرا ،,,

لم تكن هذه كلمات الرسول - صلى الله عليه وسلم - التى ألقاها إلى صحابته حين أراد استشارتهم بل كانت كلماته التى نطق بها بعد سماعه مشورتهم له بالمسير أما سبب المشورة وموضوعها فكان علم النبى - صلى الله عليه وسلم - من استخباراته بفرار عير قريش وتجهز جيش المشركين وتحركه إلى بدر مما يذهب بالسبب الذى من أجله خرج المسلمون بعيدًا ويضعهم أمام أحد خيارين:-

الرجوع إلى المدينة والاحتماء بها بعد فرار العير
أو المضى قدمًا والمسير إلى بدر لملاقاة ألف مقاتل

لم تكن حربهم فى الحسبان والخياران كلاهما مر فالعودة إلى المدينة تحمل ضياع هيبة المسلمين وخطر مهاجمة قريش لدورهم بالمدينة كما أن مسيرهم إلى بدر لا يعنى إلا مواجهة مع ثلاثة أضعافهم عددًا وما فوق ذلك كثير خيلاً وعتادًا دون ظفر بقافلة أو سواها وقد تحدث أبو بكر وعمر فقالا وأحسنا ثم تحدث المقداد بن عمرو فأعلن بحماس استعداده للمسير حيثما سار رسول الله ،،

لكن النبى - صلى الله عليه وسلم - وقد أدرك أن ثلاثتهم من المهاجرين الذين لا يشكلون سوى ربع الجيش كرر طلبه قائلاً :-
أشيروا علىَّ أيها الناس ويقصد النصارى ,,,

ففطن لذلك سعد بن معاذ قائد الأنصار وحامل لوائهم ,,
فأجابه:- لكأنك تريدنا يا رسول الله ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أجل ،
فتحدث سعد عن الأنصار مؤكدًا عزمه وعزمهم على المسير مع النبى - صلى الله عليه وسلم - وطاعته فى الحرب والقتال والصبر على ذلك مهما كلفهم ,, حيث قال : -
(( يا رسول الله ، آمنا بك وصدقناك وأعطيناك عهودنا فامض لما أمرك الله ، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد ))
فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقوله وقال : -
" سيروا وأبشروا ،، فإن الله تعالى قد وعدنى إحدى الطائفتين
والله لكأنى أنظر إلى مصارع القوم "

الاستكشاف النبوى ,,,,

إن رسول الله الذى أراه ربه - عز وجل - مصارع أعدائه لم يجلس مستريحًا فى خيمته استعدادًا لمصرع هؤلاء الأعداء ! لكن النبى الرءوف بأمته المحتاط لها الآخذ بكل سبب قد قام بنفسه يصحبه صدِّيقه أبو بكر فى استكشاف أماكن العدو ،،

وقد لقى وصاحبه شيخًا عربيًا رفض أن يدلى إليهما بمعلوماته حتى يعلم من هما فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم -:- إذا أخبرتنا أخبرناك فدلهما على ما سألاه عنه: موقع جيش محمد وموقع جيش قريش فمضى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يجيبه عن سؤاله:- ممن أنتما ؟
قائلاً :- نحن من ماء !
وبقى الشيخ يردد:- ما من ماء ؟
أمن ماء العراق؟
وفى المساء بعث النبى -صلى الله عليه وسلم - استخباراته من جديد ونفذ هذه العملية ثلاثة من كبار المهاجرين (( على بن أبى طالب والزبير بن العوام وسعد بن أبى وقاص )) ،،

فى نفر من أصحاب النبى وقد قاموا بإلقاء القبض على غلامين عند ماء بدر يستقيان لقريش ثم عادوا بهما إلى المعسكر الإسلامى لاستجوابهما فأصرا على قولهما:- نحن سقاة قريش بعثونا نسقيهم من الماء لكن القوم ظلوا يضربونهما رجاء أن يعترفا أنهما لأبى سفيان حتى يصرفا عن عقولهم فكرة مجىء جيش قريش !
وانتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من صلاته ثم خلص الغلامين وعاتب صحابته قائًلاً:- إذا صدقاكم ضربتموهما وإذا كذباكم تركتموهما ، صدقا والله إنهما لقريش !
وسأل الغلامين عن مكان الجيش المكى فأجاباه وعن عدده فقالا :- ما ندرى !
فسألهما :- كم ينحرون كل يوم ؟
فقالا :- يوما تسعًا ويومًا عشرة !
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -: - القوم بين التسعمائة إلى الألف ,,
ثم سألهم عمن معهم من أشراف قريش فعددوا أشرافهم جميعًا فالتفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى جيشه قائلاً :- هذه مكة قد ألقت إليكم أفلاذ كبدها .

نزول المطر ,,,,

أنزل الله - عز وجل - فى ليلة المعركة مطرًا على أرض بدر فكان على المشركين وابلاً شديدًا منعهم من التقدم وكان على المسلمين طلا طهرهم به وأذهب عنهم رجس الشيطان ووطَّأ به الأرض وصلب به الرمل وثبت الأقدام ومهد به المنزل وربط به على قلوبهم ومما لا شك فيه أن مطر تلك الليلة فى حين رفع أنظار المسلمين إلى السماء خفض أنظار المشركين إلى الأرض ليعالجوا أوحالها !

نشر القوات وتهيئة مكان القيادة ,,,,

أسرع الجيش النبوى بالتحرك ليسبق المشركين إلى ماء بدر حتى إذا وصل إلى أقرب ماء من مياه بدر نزل الجيش واستقر لكن الحباب بن المنذر قام ليشارك فى رسم صورة مشرقة يحتفظ بها التاريخ ويزهو صورة تدل على عظمة الإسلام بقدر ما تدل على عظمة نبيه قام الحباب ليسأل رسول الله : -
أرأيت هذا المنزل أمنزل أنزلكه الله ليس لنا أن نتقدمه ولا نتأخر عنه ؟ أم هو الرأى والحرب والمكيدة ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - ببساطة :- بل هو الرأى والحرب والمكيدة ،،
فقال الحباب:- يا رسول الله فإن هذا ليس بمنزل ثم استأنف مشيرًا فانهض بالناس حتى نأتى أدنى ماء من القوم فننزله ونغور ما وراءه من القُلُب ثم نبنى عليه حوضًا فنملأه ماء ثم نقاتل القوم فنشرب ولا يشربون ،،
فأجاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بعظمة النبى وتواضعه :- لقد أشرت بالرأى وعلى الفور قام الجيش بتنفيذ الخطة الجديدة ردم آبار بدر جميعها ما عدا أقرب بئر إلى قريش ثم نشر القوات أمام هذا البئر وبناء حوض عليه حتى إذا حمى وطيس المعركة شرب المسلمون وعطش أعداؤهم وبقيت هذه الصفحة المجيدة تنير السبيل للشعوب وزعمائها أما سعد بن معاذ فقد أشار على النبى - صلى الله عليه وسلم - برأى سديد قدَّر فيه الاستعداد للهزيمة قبل النصر إذ نصح النبى -صلى الله عليه وسلم - ببناء مقر له خلف صفوف الجيش وتهيئة الدابة التى تحمله إن هزم المسلمون وانتخاب فرقة من شباب الأنصار يتزعمهم سعد بن معاذ لحراسة الرسول وعلى الفور تم إنفاذ المشورة الصائبة .

التعبئة المعنوية ,,,,

ليلة السابع عشر من رمضان ليلة المعركة ،،،

غدًا تتلاقى السيوف ويتساقط القتلى أو الشهداء ويعلو غبار المعركة غدًا تلاقى الفئة القليلة المؤمنة الفئة الكثيرة المشركة فكيف قضى المسلمون أوقاتهم؟ وما صنعوه فى ليلتهم تلك ؟! أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه مشى فى موضع المعركة وجعل يشير بيده هذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله وهذا مصرع فلان غدًا إن شاء الله ثم بات ليلته يصلى إلى جذع شجرة هنالك وأما المسلمون فقد نفضوا عن أنفسهم من غبار القلق وباتوا ليلتهم هادئين مطمئنين أخذوا من الراحة قسطهم وغمرت الثقة بنصر الله قلوبهم .

تجدد الخلاف فى صفوف المشركين ,,,,

امتطى عمير بن وهب الجمحى جواده ثم انطلق به من معسكر المشركين إلى جيش المدينة وجال بفرسه ودار حول معسكر المسلمين ثم عاد إلى قريش قائلاً :-
ثلاثمائة رجل يزيدون قليلاً أو ينقصون ثم انطلق بفرسه ثانية فى أعماق الوادى حتى أبعد ليطمئن أللمسلمين مدد أو كمين يخفونه أم لا ؟

وعاد ثانية إلى قريش ملقيًا كلمات كالسهام:- ما وجدت شيئًا ولكنى قد رأيت يا معشر قريش البلايا تحمل المنايا نواضح يثرب تحمل الموت الناقع قوم ليس معهم منعة ولا ملجأ إلا سيوفهم والله ما أرى أن يقتل رجل منهم حتى يقتل رجلاً منكم فإذا أصابوا منكم أعدادهم فما خير العيش بعد ذل ؟! فَرَوْا رأيكم .

إن رغبة المسلمين فى الشهادة كانت واضحة لعينى عمير والرجل تساءل ببداهة :- ما هذا النصر الذى نصل إليه عبر ثلاثمائة قتيل قرشى ؟! ولسماعه كلمات عمير النافذة انطلق حكيم بن حزام إلى أبى الوليد عتبة بن ربيعة يسأله أن يدفع دية قتيل سرية نخلة عمرو بن الحضرمى ثم يرجع بجيش قريش إلى مكة فأجابه عتبة إلى ذلك على أن يقنع حكيم أبا جهل برأيه وقام عتبة - الذى كان ابنه أبو حذيفة فى جيش المسلمين - يذكر قريشًا بأن أعداءهم الذين يريدون قتالهم ما هم إلا أهلوهم ثم كرر عليهم نصيحته التى نصحهم بها من تسع سنين فقال:-
ارجعوا وخلوا بين محمد وبين سائر العرب فإن أصابوه فذاك الذى أردتم وإن كان غير ذلك ألفاكم ولم تعرضوا منه ما تريدون .

أما أبو جهل فإنه ثار لقدوم حكيم إليه ولكلام عتبة وأقسم ألا يرجع حتى يقاتل محمدًا ثم دفع عامر بن الحضرمى أخا عمرو المقتول لأن يهيج الناس للثأر لأخيه ففوجئ القوم بعامر يكشف عن استه وهو يصرخ :- واعمراه واعمراه .
وهنالك حمى القوم وثار غبار الحقد فأعمى العيون والقلوب .

الجيشان يتراءيان ,,,,

وقف المسلمون متأهبين للقتال وأقبل جيش المشركين يقترب حتى تراءى الجمعان،،،

هنا نظر إليهم رسول الله - لى الله عليه وسلم-وقال: اللهم هذه قريش قد أقبلت بخيلائها وفخرها تحادك وتكذب رسولك اللهم فنصرك الذى وعدتنى اللهم أحنهم الغداة .

ثم حانت منه - صلى الله عليه وسلم - التفاتة فرأى عتبة بن ربيعة على جمل له أحمر فقال :-
إن يكن فى أحد من القوم خير فعند صاحب الجمل الأحمر إن يطيعوه يرشدوا ثم طفق النبى - صلى الله عليه وسلم - ينظم صفوف جنده ويوجه إليهم تعليماته الأخيرة :-
إذا أكثبوكم - أى كثروكم - فارموهم واستبقوا نبلكم ولا تسلوا السيوف حتى يغشوكم .

ثم عاد إلى عريشه بصحبة أبى بكر وقد وقف سعد بن معاذ وكتيبة الحراسة على بابه وفى الجانب الآخر وقف أبو جهل ينظر إلى جيش المسلمين قائلاً :-
اللهم أقطعنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة اللهم أينا أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم.

وإن المرء لينظر إلى كلا الجيشين الآن فتتداعى أمام عينيه ذكريات طويلة تمتد فى الزمان إلى وقت بعثته ثم وقوفه صادحًا بالحق على جبل الصفا وما لاقاه ولاقاه المسلمون معه من اضطهاد وتعذيب إن صورًا كهذه وصورًا أخرى كثيرة تتلاحق أمام أعيننا الآن ونحن ننتظر نتيجة المعركة صورته وهو بالشعب مع عمه وصورته وهو عائد من الطائف وصورته وهو جالس إلى ستة نفر من يثرب وصورته وهو مهاجر مع صديقه وغيرها وغيرها .
إنها قصة طويلة عاشها أهل الإنس والجن فى الأرض وشاهدتها الملائكة فى السماء وآن لهذا الفصل الطويل من القصة أن تشهد خاتمته .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=34005


ساعة الصفر ,,,,

إن غطرسة قريش وتكبرها قد تجمعتا وتجسدتا فى شخص الأسود بن عبد الأسد المخزومى ! وقد كان الأسود رجلاً شرسًا سيِّئ الخلق خرج من صفوف المشركين رافعًا عقيرته بقوله: أعاهد الله لأشربن من حوضهم أو لأهدمنه أو لأموتن دونه .

ثم توجه بثقة إلى حوض المسلمين ليبر قسمه وهنا خرج إليه حمزة بن عبدالمطلب يعطيه ما أراد ضربة بالسيف قطعت قدمه بنصف ساقه حتى إذا أصر الأسود على الزحف إلى الحوض ليشرب منه عاجله حمزة بدوائه ، ضربة أتت عليه وهو داخل الحوض وكان مقتل الأسود بمثابة الشرارة التى أشعلت نار المعركة .

المبارزة ,,,,

رأت قريش مصرع الأسود بسيف حمزة فأخرجت ثلاثة من أشرافها :-
( عتبة وشيبة ابنى ربيعة والوليد بن عتبة ) فلما انفصلوا من الصف طلبوا المبارزة فخرج إليهم ( معاذ ومعوذ ابنا الحارث وعبدالله بن رواحة ) فسألوهم :-
من أنتم ؟
فأجابوهم :- رهط من الأنصار !
فقالوا لهم :- أكفاء كرام ما لنا بكم من حاجة وإنما نريد بنى عمنا ,,
ثم نادوا على النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
يا محمد ، أخرج إلينا أكفاءنا من قومنا ,,
فأخرج إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم -
(( عبيدة بن الحارث وحمزة بن عبدالمطلب وعلى بن أبى طالب ))
فرضوا بذلك واقتتلوا.

فبارز حمزة شيبة فقتله ، وبارز علي الوليد فقتله ، وبارز عبيدة عتبة فقد تبادل معه الضرب فسقط كلاهما ثم كرَّ على وحمزة على عدوه فقتلاه ,,
واحتملا عبيدة وقد قطعت رجله إلى صف المسلمين فصبر أيامًا ثم مات فى طريق عودة الجيش إلى المدينة وهكذا كانت بداية المعركة فقد المشركون ثلاثة من خيرة فرسانهم وقادتهم فى لحظات وعاد المسلمون إلى صفهم سالمين حامدين .

الهجوم العام ,,,,

ثار المشركون لما أصابهم فى بداية المعركة فانطلقوا مندفعين تجاه جيش المسلمين وقد أعماهم الحقد والغضب فصاروا لا يرون صلة لرحم ولا يسمعون منطقًا لعقل إنما همهم ألا تذهب شمس هذا اليوم إلا على أجساد محمد ومن معه وقد تقطعت أشلاؤه فى صحراء بدر وأما المسلمون فإنهم حافظوا على أمر نبيهم بالمرابطة فلم يتحركوا من مواقعهم إنما دافعوا عن أنفسهم ,,

فألحقوا بالمشركين خسائر فادحة وشعارهم الخالد أحدٌ أحد ينطلق من حناجرهم فيتصل بأهل السماء ألا ما أروع هذا المشهد السريع الذى لخص قصة الدعوة بأسرها قوم ذكروا ربهم ووحدوه وآخرون لم يرضهم ذلك فبادؤوهم بالعداوة وهاجموهم وما كاد يمر من الزمان إلا قليل حتى إذا نحن بهؤلاء الطغاة وقد تساقطوا وإذا أهل الحق يقومون ليغسلوا عن الأرض طغيان أهل الباطل ودنسهم .

الرسول يناشد ربه ,,,,

ماذا ننتظر من محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أعد جيشه وبدأت الحرب ؟
ماذا ننتظر منه وقد اجتاحت قريش بحدها وحديدها وخيلها ورجلها الفئة القليلة من المسلمين؟
ماذا ننتظر والمرء لا يشاهد الآن إلا غبار المعركة ولا يسمع إلا صيحات القوم وصليل السيوف؟

إن ما ننتظره من محمد - صلى الله عليه وسلم - هو كلماته تلك :-

اللهم أنجز لى ما وعدتنى اللهم إنى أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن تهلك هذه العصابة اليوم لا تعبد اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم أبدًا ,,،

وسقط رداء النبى - صلى الله عليه وسلم - عنه من شدة الابتهال ,,,
فأعاده أبو بكر وهو يقول :- حسبك يا رسول الله ألححت على ربك ،,,
ثم أغفى النبى - صلى الله عليه وسلم - إغفاءة واحدة رفع بعدها رأسه قائلاً لأبى بكر:-
أبشر يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرسه يقوده على ثناياه النقع وخرج إلى باب العريش واثبًا فى درعه وهو يقول:-
(
سيهزم الجمع ويولون الدبر )
قال تعالى :- ((
بلى إن تصبروا و تتقوا و يأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ))
ثم أخذ حفنةً من الحصباء فرماها فى وجوه قريش قائلاً :-
شاهت الوجوه فأصابت عينى وأنف وفم كل مشرك بالمعركة يومئذ .

الهجوم المضاد ,,,,

ذهبت حدة قتال المشركين فى الهجوم العام وفترت حماستهم أما المسلمون فإنهم قد احتفظوا بنشاطهم حين بقوا فى موقف الدفاع وهنا انطلقت أوامر الرسول تحرضهم على القتال:-
شدوا والذى نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرًا محتسبًا مقبلاً غير مدبر إلا أدخله الله الجنة قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .

فقام المسلمون بهجوم كاسح لا يقف أمامه شىء وأصبح لا يرى فى أرض المعركة من المشركين إلا فار أو مقتول وتمزقت صفوف قريش واختفى كبراؤها وزاد من حماسة المسلمين رؤيتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يثب فى درعه وما لحظوه من تأييد الملائكة لهم بل وقتالهم .

إبليس ينسحب من المعركة ,,,,

فوجئ المشركون وهم فى أقسى لحظاتهم بسراقة بن مالك يفر ناكصًا على عقبيه وتشبث به الحارث بن هشام فوكزه سراقة بن مالك فى صدره فألقاه ثم استأنف هربه والمشركون ينادونه :-
إلى أين يا سراقة ؟
ألم تكن قلت :- إنك جار لنا لا تفارقنا ؟
ومن بعيد سمع المشركون من كانوا يظنونه سراقة يولى قائلاً :- إنى أرى مالا ترون إنى أخاف الله والله شديد العقاب ,,,
ثم فر إبليس الذى تشبه بسراقة حتى ألقى نفسه فى البحر .

الهزيمة الساحقة ,,,,

ما كاد يمر من الزمن على الهجوم المضاد إلا يسير حتى تهدمت صفوف المشركين وفرت جموعهم ولاحقهم المسلمون يأسرونهم ويقتلونهم حتى تمت عليهم الهزيمة.

نهاية المعركة ,,,,

انقشع غبار المعركة وسكن ضجيجها وأصبحت الصورة واضحة ناصعة أجداث سبعين من المشركين عامتهم القادة والزعماء قد اندثرت فى صحراء بدر ووقف سبعون آخرون منهم مقيدين بالسلاسل تعلو وجوههم كآبة ذل الأسر قد أخذ الرسول صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف 4000 درهم عن كل أسير امتثالا لمشورة أبي بكر ,,

وانشغل المسلمون بدفن شهدائهم الأربعة عشر ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - واقف على قتلى قريش يقول:-
بئس العشيرة كنتم لنبيكم كذبتمونى وصدقنى الناس وخذلتمونى ونصرنى الناس وأخرجتمونى وآوانى الناس

وهى كلمات تحوى حسرة على العشيرة المكذبة بقدر ما تحوى عرفانًا لمن صدقه ونصره وآواه ثم أمر بهم فسحبوا إلى قليب من قلب بدر وجمع منهم أربعة وعشرون رجلاً من صناديدهم فقذفوا فى حفرة خبيثة وأقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث ليال بعدها ببدر ثم أمر براحلته فشد عليها رحلها ومشى مع جيشه المنصور إلى المدينة وكان آخر ما صنعه بأرض المعركة أن نادى على قتلى المشركين بأسمائهم وأسماء آبائهم قائلاً:-
أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟
فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقًا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقًا ؟



مشاهد من المعركة ,,,,

لا شك أن من جوّل ناظريه فى هذه المعركة سيرى آيات الله الساطعة لخلقه كما يرى آيات الإيمان الرائعة من هؤلاء الخلق فها نحن نلمح نهاية طاغيتين فى مقتل أبى جهل فرعون هذه الأمة ومقتل عدو الله أمية بن خلف وها نحن نرى كيف يحافظ المسلمون وسط هيجاء الحرب على بعض الأنفس لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل بعض جيش مكة لكن الأمر الذى يقفز دائمًا أمام الأنظار هو رؤية عرى الإسلام وقد أضحت أقوى من عرى النسب فى قوم ما كانوا يعرفون لغير النسب رابطة ومع ما رآه المسلمون والمشركون جميعهم من آيات عجيبة فى تأييد الملائكة لجيش المدينة فإن عكاشة بن محصن قد اختص بآية وحده وذلك حين انقطع سيفه.

تأييد الملائكة ,,,,

لإن كان للنبى -صلى الله عليه و سلم- وصحبه أهلون بمكة قد نابذوه العداء وجاءوا لحربه فإن أهلاً للنبى وصحبه قد قدموا بدرًا للدفاع عنه وحماية دعوته هم أهل السماء!

جاء جبريل عليه السلام إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- فسأله:-
ما تعدون أهل بدر فيكم؟
قال: من أفضل المسلمين
فأجابه جبريل: وكذلك من شهد بدرًا من الملائكة
نعم إن خير الملائكة قد كانت فى عون خير المسلمين ولا عجب
إن ألفًا من الملائكة قد أرسلهم الله -عز وجل-، فثبتوا الذين آمنوا وشاركوهم ضرب الأعناق وضرب كل بنان.

مقتل أبى جهل ,,,,

وسط سياج متين من حراس المشركين جلس كبير المتكبرين أبو جهل يصرخ فى جيشه المحارب قائلاً :-
واللات والعزى لا نرجع حتى نقرنهم بالحبال ولا ألفين رجلاً منكم قتل رجلاً منهم ولكن خذوهم أخذًا حتى نعرفهم بسوء صنيعهم ,,,

وفى الوقت الذى لم تجد فيه صرخات أبى جهل آذانًا تسمعها كان فتيان من فتية المسلمين ينقضان كصقرين حول عبدالرحمن بن عوف فيسألانه كل على حدة :-

يا عم أرنى أبا جهل ثم يقسمان ألا يتركانه حتى يموت أحدهما وأشار ابن عوف إلى الطاغية أبى جهل فانطلقا كل إلى غايته حتى قتلاه والفتيان هما معاذ بن عمرو بن الجموح ومعوذ بن عفراء،،

وقد أطار معاذ ساق أبى جهل فقطع عكرمة بن أبى جهل ذراعه وأتم معوذ قتل المتكبر ثم لم يلبث أن قتل شهيدًا وكافحت أنفاس أبى جهل الأخيرة فرقًا من لقاء ربها الذى حاربته حتى انتهت المعركة لكن عبد الله بن مسعود وجده وبه آخر رمق فأجهز عليه بسيفه بقطع راسه ليريحه من ألم الدنيا ويريح الدنيا من سوء فعاله ،،،

النهى عن قتل بعض جيش مكة ,,,,

المعركة بين المهاجرين والمشركين معركة بين بنى العم من قريش وحدود العداء ليست واضحة قاطعة بإسلام أو بكفر فبنو هاشم استكرههم أبو جهل على الخروج والعباس لا ينسى موقفه فى بيعة العقبة الثانية أما أبو البخترى فإنه ما كان يؤذى النبى - صلى الله عليه وسلم - بمكة ،
وكان ممن قام بنقض صحيفة المقاطعة ونبى يسقط الشعار الشهير لكل معركة :- من ليس معى فهو ضدى نبى ولا شك عظيم أمرهم - صلى الله عليه وسلم - ألا يقتلوا واحدًا من بنى هاشم وألا يقتلوا العباس أو أبا البخترى .

ويبدو أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة قد رأى أباه يقتل منذ لحظات جاشت نفسه فنطق لسانه بما لا يرضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فقال:- أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباس؟
والله لئن لقيته لألجمنه بالسيف فبلغت كلماته تلك النبى صلى الله عليه وسلم - فقال فى أسى مخاطبًا عمر بن الخطاب:-
يا أبا حفص:- أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف؟
فأجابه عمر:- يا رسول الله دعنى فلأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق .
وبقى أبو حذيفة يخشى عاقبة كلمته تلك ويرجو أن تكفرها الشهادة حتى رزقها فى معركة اليمامة ومن العجيب أن واحدًا من المسلمين هو المجذر بن ذياد البلوى قد لقى أبا البخترى يقاتل مع زميل له مشرك ،،
فقال له المجذر:- يا أبا البخترى إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد نهانا عن قتلك ،
فقال: وزميلى؟ فقال المجذر:- لا والله مانحن بتاركى زميلك ،،
فأجابه أبو البخترى:- والله إذن لأموتن أنا وهو معًا ،،
ثم اقتتلا فاضطر المجذر إلى قتله !

مقتل أمية بن خلف ,,,,

بينما عبدالرحمن بن عوف يمضى فى طريقه حاملاً أدراعًا قد غنمها من المشركين وضجيج المعركة يوشك على الانتهاء إذ هو بصوت يعرفه يناديه قائلاً:-
هل لك فىّ ؟ فأنا خير من هذه الأدراع التى معك والتفت إليه عبدالرحمن فوجده أمية بن خلف صديقه السابق واقفاُ مع ابنه علىّ فتوجه إليهما بعد أن ألقى بأدراعه واستأنف أمية حديثه فقال:-
ما رأيت كاليوم قط أما لكم حاجة فى اللبن؟!
يقصد أن من أسره سيغنم فى فدائه إبلاً كثيرة اللبن ومضى عبدالرحمن يقود أسيريه لكن بلالاً وقد فوجئ برؤية أمية تحركت فى صدره وأمام عينيه ذكريات طويلة أليمة من عذابه بمكة على يد أمية فصرخ وهو يعدو تجاهه:-
رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا !
فانتهره عبدالرحمن قائلاً:-
أى بلال أسيرى وبلال لا يستمع إليه بل يصر قائلاً:-
لا نجوت إن نجا ثم ينادى على المسلمين:-
يا أنصار الله رأس الكفر أمية بن خلف لا نجوت إن نجا فأحاطوا بعبد الرحمن وأسيريه ولم يتركوهم إلا وقد صرعوا أمية وابنه .


عرى الإسلام أقوى من عرى النسب ,,,,

قتل عمر بن الخطاب يوم بدر خاله العاص بن هشام ،،
وفتش أبو بكر عن ابنه عبدالرحمن وسط صفوف المشركين صائحًا:-
أين مالى يا خبيث ؟ وتغير وجه أبى حذيفة حين سحب جسد أبيه عتبة بن ربيعة ليلقى فى قليب بدر بعد المعركة ،،
فسأله النبى - صلى الله عليه وسلم-:- يا أبا حذيفة لعلك قد دخلك من شأن أبيك شىء؟
فأسرع أبو حذيفة يقول:- لا والله يا رسول الله ما شككت فى أبى ولا مصرعه ولكنى كنت أعرف من أبى رأيًا وحلمًا وفضلاً فكنت أرجو أن يهديه ذلك للإسلام،،
ومر مصعب بن عمير بأخيه أبى عزيز وأحد الأنصار قد أسره وشد يده،،
فقال للأنصارى:- شد يديك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك وتعجب أخوه فسأله:- أهذه وصاتك بى؟ فأجاب مصعب ملخصًا الدرس كله:- إنه أخى دونك .

(( العون )) سيف عكاشة ,,,,

ماذا عن المسلم حين يلبى نداء ربه ويسعى فى طاعته ويستنفذ كل سبب لذلك ثم هو لا يدرك غايته ؟!
لا شك أنه يستحق العون من ربه ،،
قاتل عكاشة بن محصن الأسدى يوم بدر قتالاً شديدًا حتى انقطع سيفه ،
ثم أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو لا يدرى ماذا يصنع؟
فمد إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - جذلاً من حطب وقال له:- قاتل بهذا يا عكاشة !
ولم يتردد عكاشة إنما أسرع فأخذ ما أعطاه النبى ثم هزه بيده،
فعاد سيفًا طويل القامة شديد المتن أبيض الحديدة واستأنف عكاشة قتاله الذى لم يعتذر عنه بانكسار سيفه حتى فتح الله على المسلمين أما سيفه ذلك فقد كان يسمى "العون"،
ولم يزل عنده يشهد به المشاهد حتى قتل فى حروب الردة رحمه الله .

مكة تتلقى أنباء الهزيمة ,,,,

بينا أهل مكة مشتغلون بأمور معاشهم وقد طال شوقهم لمعرفة خبر الحرب إذ فوجئوا بالحيسمان بن عبدالله الخزاعى يدخل عليهم يجر قدميه جرًا وشعر المكيون بالخطر فسألوه فى لهفة:-
ما وراءك ؟ فقال:- قتل عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو الحكم بن هشام وأمية بن خلف،
ثم ظل يسرد قائمة أشراف قريش ممن حارب فى بدر والتقط حديثه صفوان بن أمية وكان جالسًا فى الحجر فقال فى سخرية قد شابها الحذر:- والله إن يعقل هذا فاسألوه عنى فقالوا له:- ما فعل صفوان بن أمية ؟

فنظر إليهم وعيونهم معلقة به ثم قال:- ها هو ذا جالس فى الحجر وقد والله رأيت أباه وأخاه حين قتلا فسقط فى أيدى القوم -أى تحيروا-، وتتابع قدوم فلول الجيش المهزوم ،،
وعمّ مكة الحزن والكمد على الهزيمة وضياع الأشراف وذهاب الهيبة بين العرب لكنهم منعوا النياحة على القتلى لئلا يشمت بهم المسلمون وقد أصيب أبو لهب بعدها بسبع ليال بالعدسة - وهى قرحة تتشائم بها العرب - فقتلته ، وبقى ثلاثة أيام لا تقرب جنازته ولا يحاول دفنه ثم حفروا له ودفعوه من بعيد بعود فى حفرته حتى إذا سقط فيها قذفوه بالحجارة ليواروه .

المدينة تتلقى أنباء النصر ,,,,

المدينة متلهفة لسماع خبر عن جيش النبى وقيظ رمضان وإشاعات المنافقين الدائمة بهزيمة المسلمين بل وبقتل محمد - صلى الله عليه وسلم - يكادان أن يطبقا على الأنفاس الحائرة وفى أطراف المدينة انشغل بعض المسلمين بدفن رقية بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،،،
ووقف عثمان بن عفان زوجها يرقبهم بعيون باكية وقلب مكلوم،،
وفى هذه الأثناء فوجئ المسلمون بعبد الله بن رواحة يسرع إلى أهل العالية وزيد بن حارثة يحث القصواء - ناقة رسول الله - مسرعًا ليبشر أهل السافلة وانطلق صوت كفحيح الأفعى يقول:-
لقد قتل محمد وهذه ناقته نعرفها وهذا زيد لا يدرى ما يقول من الرعب وجاء فلا لكن أقدام المسلمين داست هذا الصوت غير عابئة وهى تهرول إلى زيد وابن رواحة تستطلع منهما الخبر المبين،،،

فتأكد لديهم فتح المسلمين وعمت البهجة والسرور واهتزت جنبات المدينة وطرقها بالتهليل والحمد والتكبير وأسرع رؤوس المسلمين بالمدينة الخطا إلى طريق بدر ليهنئوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا الفتح المبين ويبدو أن دارًا من دور المدينة لم تشهد النوم فى هذه الليلة إما فرحًا وشكرًا بنصر المسلمين وعودة نبيهم وإما حسدًا وكمدًا لذات السبب !

الخلاف فى الغنائم ,,,,

وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشه يوم بدر فقال:-
من قتل قتيلاً فله كذا وكذا ومن أسر أسيرًا فله كذا وكذا.
وبعد نهاية المعركة أتى كل بسلب قتيله أو بيد أسيره،،
لكن سعد بن عبادة - حارس رسول الله على عريشه - وقف مندهشًا ثم قال:-
يا رسول الله إنك لو أعطيت هؤلاء لم يبق لأصحابك شىء وإنه لم يمنعنا من هذا زهادة فى الأجر ولا جبن عن العدو وإنما قمنا هذا المقام محافظة عليك مخافة أن يأتوك من ورائك فتشاجر المسلمون ،،،

حتى نزلت آيات الله عز وجل تنزع النفل من أيديهم وترده إلى الله ورسوله وتأمرهم جميعًا بالتقوى إن اللحظة التى ربما ظن فيها المسلمون أنهم قد وصلوا إلى مرتبة من مراتب الكمال كانت هى اللحظة التى كشف الله فيها برحمته نقصهم وضعفهم ولإن أدرك الجيش المنتصر أن عدوه المشرك قد ذهب واندحر فقد تأكد له الآن أن عدوًّا آخر يجرى منه مجرى الدم من العروق لا زال يتربص وينتظر !

العودة إلى المدينة ,,,,

آب الجيش النبوى إلى المدينة يسوق أمامه سبعين من أسرى المشركين ويحمل معه غنائمهم التى جعل النبى - صلى الله عليه وسلم -
عبدالله بن أبى كعب عليها حتى إذا وصلوا إلى كثيب بين مضيق الصفراء وبين النازية ،،
قسم الرسول الغنائم على المسلمين على السواء بعد أن أخذ منها الخمس ،
وعند الصفراء أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بقتل النضر بن الحارث حامل لواء المشركين وكبير مجرمى قريش فضرب علىٌّ عنقه ثم أطاح عاصم بن ثابت بعنق عقبة بن أبى معيط بناءً على أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - بعرق الظبية وحين انتهى الجيش إلى الروحاء لقيه رؤوس المسلمين مهنئين بالفتح المبين والنصر الكبير لكن سلمة بن سلامة تظاهر بعدم الاكتراث وقال ساخرًا:-
ما الذى تهنئونا به؟ فوالله إن لقينا إلا عجائز صلعًا كالبدن!
فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال:- يابن أخى ، أولئك الملأ .

ثم دخل النبى -صلى الله عليه وسلم- وجيشه لمظفر المنصور المدينة وسط تهليل المسلمين وتكبيرهم ربهم وحمدهم نعمته فقسم الأسارى على المسلمين وأوصى بهم خيرًا وجلس - وقد استتب له الأمر بين العرب - يستقبل بشرًا كثيرًا من أهل المدينة يعلنون إسلامهم منهم عبدالله بن أبى رأس المنافقين وأصحابه ممن وافقوه على مذهبه والعجيب أنه بانطواء صفحة قريش التى لا تهزم وانكماش خطر الأعراب إلى حين فتحت صفحة جديدة أمام المسلمين هى أشد عليهم وأنكر ألا وهى صفحة المنافقين ممن أبطنوا الكفر وأظهروا الإسلام وحالفوا المشركين نعم بين أظهر المسلمين يعيشون .

قضية الأسرى ,,,,

بعد وصوله إلى المدينة منتصرًا،،،
جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفكر فى أسرى قريش ما يصنع بهم؟
واستشار النبى الكريم أقرب أصحابه:- أبا بكر وعمر ،
فأما أبو بكر فإنه عمل بمقتضى قوله تعالى:- ( فإما منًا بعد وإما فداء ) فأشار على الرسول - صلى الله عليه وسلم - بأخذ الفدية منهم تقوية لشوكة المسلمين وطمعًا فى هداية هؤلاء القوم،،
أما عمر فإنه خاطب النبى - صلى الله عليه وسلم - فى قوة قائلاً:-
والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكننى من فلان - قريب لعمر - فأضرب عنقه وتمكن عليًا من عقيل بن أبى طالب فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه ،، حتى يعلم الله أنه ليست فى قلوبنا هوادة للمشركين وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم ،،،
ومال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى رأى أبى بكر لكن الله -عز وجل- أنزل آيات بينات تعاتب النبى -صلى الله عليه وسلم- على أخذه الفداء دون أن تنقض حكمه فكان الفداء من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألف درهم ومن لم يكن عنده فداء دفع إليه عشرة من غلمان المسلمين فعلمهم عوضًا عن فدائه وأطلق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- منًّا منه بعض الأسارى دون فداء منهم (( المطلب بن حنطب وصفى بن رفاعة وأبو عزة الجمحى وكذلك منّ على أبى العاص زوج ابنته زينب على أن يتركها تهاجر إلى المدينة ففعل )) وقد أبى أن ينزع أسنان سهيل بن عمرو خطيب قريش المفوه كراهة المثلة

wolf101 04-08-2012 08:42 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { غــزوة أحــد } **

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=131432

لم يكد يمر على يوم بدر سوى عام حتى كانت قريش التى احترقت كمدًا على هزيمتها وقد أخذت أهبتها واستعدت لقتال محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،
فأعدت جيشًا عرمرمًا أخذ طريقه متجهًا إلى أحد ، وما كاد الجيش يخطو أولى خطواته خارج مكة حتى كان خبره قد انكشف لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ،،
واستعد المسلمون لهذا الطارئ الخطير ، وشاورهم النبى - صلى الله عليه وسلم - فى أمرهم ، ثم بدأ تنظيم جيش لهم يدرأ عنهم خطر جيش قريش ، والتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جيشه فوجد به جمعًا من صغار السن صحبوا الجيش لفرط حماسهم فردهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ،،

والعجيب أن هذه الصورة المشرقة قد تليت بضدها تمامًا ، فقد تمرد المنافقون ، وعاد زعيمهم ابن أبى بثلث الجيش إلى المدينة ، وواصل الجيش مسيره حتى بلغ أحدًا ، وأعد النبى - صلى الله عليه وسلم - خطة الدفاع ،،،

ثم قام بالتعبئة المعنوية لجنوده ، وعلى الجانب الآخر كان المشركون يعبئون جيشهم ، ثم أخذوا ينسجون مؤامرات لإحداث الفرقة فى جيش المسلمين ، إلا أن خيوطها كانت أهون من خيوط العنكبوت ، وقامت نسوة قريش بجهدهن استعدادًا للمعركة ، وتقارب الجمعان ، ثم بدأت أحداث المعركة التى بدأت لصالح المؤمنين ، ثم انقلبت ضدهم ، أما نهاية المعركة فقد كانت ولا شك ملحمة وحدها أثبتت نفاسة معدن أولئك الرجال الذين عادوا مهزومين من أحد .

استعداد قريش للمعركة ،،،،

تظاهرت قريش بطىّ صفحة بدر وشمرت عن ساعديها ولمع فى سمائها أربعة زعماء :-
(( عكرمة بن أبى جهل ، وصفوان بن أمية ، وأبو سفيان بن حرب ، وعبدالله بن أبى ربيعة ))
أخذوا على عاتقهم الاستعداد لخوض معركة ثأرية مع محمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه المسلم وكان أول ما صنعوه أنهم صادروا قافلة أبى سفيان التى كانت سببًا فى غزوة بدر لصالح المعركة المقبلة فوافقتهم على ذلك قريش فباعوها وكانت ألف بعير وخمسين ألف درهم ثم إنهم أذكوا نار الحرب بحملة إعلامية مستعرة قادها أبو عزة شاعر قريش الذى أطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراحه يوم بدر دون فداء ،،
على ألا يقوم ضده وقد شاركه شاعر آخر فى تحريض القبائل ضد المسلمين وهو مسافع بن عبد مناف الجمحى ولا شك أن لطمتى غزوة السويق وسرية زيد بن حارثة كانتا دافعًا لقريش حتى لا تهدأ ثائرتها .

قوام جيش قريش وقياداته ،،،،

ثلاثة آلاف مقاتل من قريش والحلفاء والأحابيش قد امتطوا ثلاثة آلاف بعير واصطحبوا مائتى فرس وارتدوا سبعمائة درع ذلكم كان جيش المشركين الذى آلت قيادته العامة إلى أبى سفيان بن حرب وقيادة فرسانه إلى خالد بن الوليد يعاونه عكرمة بن أبى جهل أما اللواء فكان إلى بنى عبدالدار وزيادة فى استيفاء أسباب الحماس صحب الجيش خمس عشرة امرأة كانت لهن جهودهن البارزة فى إذكاء نار الحرب والقتال .

انكشاف حركة العدو ،،،،

ثلاثة أيام - فحسب - هى المدة التى قضاها رسول العباس بن عبدالمطلب فى رحلة طولها خمسمائة كيلو متر بين مكة والمدينة وما كاد يلمح محمدًا - صلى الله عليه و سلم - فى مسجد قباء حتى سلمه رسالة عمه وقرأ أبى بن كعب الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم - فإذا بها خبر قريش وجيشها فأمره الرسول - صلى الله عليه و سلم - بالكتمان وأسرع عائدًا إلى المدينة ليتبادل الرأى مع قادة المهاجرين والأنصار .

استعداد المسلمين للطوارئ ،،،،

حركة الناس فى المدينة تعكس الوضع الخطير حولها فالمسلمون لا يفارقون سلاحهم ليلاً أو نهارًا بل هم لا يصلون إلا به احتياطًا من عدوهم وحراستهم تشكلت على هيئة دوائر ثلاث:-
(( دائرة من الأنصار فيهم سعد بن معاذ وسعد بن عبادة وأسيد بن حضير يحيطون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبيته فى كل وقت وآن + دائرة أخرى على مداخل المدينة وأطرافها تحرسها خوفًا من غارة قريش + دائرة أوسع تتجول حول الطرق المؤدية إلى المدينة استطلاعًا لحركات العدو ))
وهكذا استعد المسلمون لأى مباغتة قرشية إلى حين إعداد جيشهم وتأهبهم للقتال .

وصول الجيش المكى إلى أحد ،،،،

الأيام تمر بسرعة وجيش مكة يزحف كالحية المسرعة فوق الرمال وهو يسعى حثيثًا سالكًا وادى العقيق ثم منحرفًا إلى اليمين حتى نزل قريبًا من جبل أحد فى مكان يقال له " عينين " حيث عسكرت قواته فى السادس من شوال سنة ثلاث من الهجرة .

الرسول يشاور المسلمين ،،،،

ما إن تجمع كبار الصحابة مسرعين عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليتشاوروا فيما هم فاعلوه تجاه قدوم جيش قريش المدجج حتى بادرهم رسول الله بقوله:-
إنى قد رأيت والله خيرًا رأيت بقرًا يذبح ورأيت فى ذباب سيفى ثلمًا ورأيت أنى أدخلت يدى فى درع حصينة ،،،
وتأول البقر بنفر من الصحابة يقتلون وتأول الثلمة فى سيفه برجل يصاب من أهل بيته وتأول الدرع بالمدينة ،،

ونصحهم بالتحصن فى المدينة فإن أقام المشركون بمعسكرهم أجهدهم البقاء وإن غامروا بدخول المدينة قاتلهم المسلمون فى الطرقات والنساء من فوق البيوت إلا أن جمعًا من فضلاء الصحابة وبعضهم ممن فاته الخروج يوم بدر استبد بهم الحماس والرغبة فى الجهاد وطلب الشهادة فأصروا على الخروج إلى قريش وجيشها قائلين :-
كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله فقد ساقه إلينا وقرب المسير اخرج إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وكان فى مقدمة هؤلاء المتحمسين سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب فتراجع الرسول -صلى الله عليه و سلم - عن رأيه أمام رأى الأغلبية وإصرارها واستقر الرأى على الخروج من المدينة ولقاء الأعداء خارجها .

تنظيم جيش المسلمين ،،،،

جلس الناس ينتظرون خروج رسول الله من داره بعد أن صلى بهم الجمعة والعصر ثم دخل بيته مع رفيقيه أبى بكر وعمر وتحدث سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير إليهم قائلين بصيغة المعاتبة:-
استكرهتم رسول الله على الخروج فردوا الأمر إليه فندم الناس على ما صنعوا حتى إذا خرج إليهم المصطفى - صلى الله عليه و سلم - بادروه قائلين :-
إن أحببت أن تمكث فى المدينة فافعل !
لكنه قال لهم:-
ما ينبغى لنبى إذا لبس لامته - أى درعه - أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه ،،
ثم قسم جيشه إلى كتائب ثلاث :-
((
كتيبة المهاجرين ويحمل لواءها مصعب بن عمير العبدرى وكتيبة الأوس ويحمل لواءها أسيد بن حضير وكتيبة الخزرج ويحمل لواءها الحباب بن المنذر ))
وبلغ قوام الجيش ألف مقاتل فيهم مائة دارع وخمسون فارسًا واستعمل النبى - صلى الله عليه وسلم - على المدينة ابن أم مكتوم وتحرك الجيش تجاه أحد .

الطريق إلى أحد ,,,,

تحرك الجيش المسلم إلى الشمال تحت قيادة النبى - صلى الله عليه وسلم - والسعدان
(( ابن عبادة وابن معاذ )) يعدوان أمامه ،،،
وقد ارتديا درعيهما ووصل الجيش إلى مقام يقال له " الشيخان " فرد الصغار وصلى المغرب والعشاء وبات هنالك ،،
وتولى محمد بن مسلمة قيادة خمسين رجلاً مهمتهم حراسة جند المسلمين وقام ذكوان بن عبد القيس بحراسة النبى - صلى الله عليه وسلم - خاصة وسار النبى - صلى الله عليه وسلم - قبيل طلوع الفجر حتى بلغ الشوط فصلى الفجر وحينها حدث تمرد المنافقين بقيادة عبدالله بن أبى ثم واصل الجيش سيره حتى أعاقه معسكر المشركين عن الوصول إلى جبل أحد ،،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:-
من رجل يخرج بنا على القوم من كثب - أى من قريب - من طريق لا يمر بنا عليهم ؟
فنهض أبو خيثمة قائلاً : - أنا يا رسول الله .

ومر بالجيش بمزارع بنى حارثة تاركًا معسكر المشركين إلى الغرب وفى طريقه هذا مر ببستان مربع بن قيظى وكان منافقًا ضرير البصر فقذف التراب فى وجه الجيش قائلاً:-
لا أحل لك أن تدخل حائطى إن كنت رسول الله وأراد بعض الجيش أن يقتله فنهاهم النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً : -
لا تقتلوه فهذا أعمى القلب أعمى البصر ونفذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل شعب الجبل فعسكر بجيشه مستقبلاً المدينة وجيش قريش يحول بينه وبينها والمتأمل فى اختيار النبى -صلى الله عليه وسلم - لهذا الموقع يدرك ما به من تعبئة معنوية لجند المؤمنين حين يجدون طريقهم إلى المدينة مارًّا بجيش قريش وما به من حرب معنوية لجند المشركين حينما يجدون أنفسهم وقد حوصروا بين المدينة وجيش محمد الذى قطع عليهم طريق عودتهم إلى مكة فيدركون أى جيش هذا الذى يريدون قتاله .

رد الصغار ،،،،

عند موضع يقال له " الشيخان " كان فى طريق المسلمين إلى أحد التفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جيشه فوجد جمعًا من صغار السن ممن لا يطيقون القتال قد دسوا أنفسهم بين صفوف الجيش لا يرغبون إلا فى الجهاد فى سبيل الله ولا يطمعون إلا فى شهادة يلقون بها ربهم لكنه أشفق عليهم من ويلات الحروب فردهم ،،
ووقف أحدهم واسمه رافع بن خديج يأبى الرجوع لأنه ماهر فى رماية النبل فأجازه النبى - صلى الله عليه وسلم - لذلك ؛
غير أن سمرة بن جندب صاح حينها قائلاً:- أنا أقوى من رافع أنا أصرعه .
فأمره رسول الله أن يصارعه فصرعه سمرة وقد أبدى من فنون القتال ما أعجب النبى - صلى الله عليه وسلم - فأجازه أيضًا .

تمرد المنافقين ,,,,

ما إن قارب جيش المسلمين أحدًا وصار يرى المشركين فيرونه حتى أسفر رأس المنافقين عبدالله بن أبى عن وجهه ورفع عقيرته قائلاً:-
ما ندرى علام نقتل أنفسنا؟ ثم أظهر المنافق احتجاجه على أخذ الرسول برأى الأغلبية فى الخروج إلى المدينة وكأنه لم يتذكر هذا الأمر إلا الآن !
ولا شك أن ابن أبى قد أظهر الآن ما قد نواه من بعيد من إحداث الاضطراب والبلبلة فى صفوف المسلمين قبيل دخولهم المعركة وقد همت بنو حارثة من الأوس وبنو سلمة من الخزرج أن تعودا معه وتفشلا ،،

ولكن الله العليم بصلاح نفوسهما ثبتهما على الحق أما ابن أبى فقد عاد إلى المدينة ومعه ثلاثمائة مفضوح من المنافقين هو رأسهم ! وما كان قوله لعبد الله بن حرام حين عدا خلفهم يذكرهم ويقول لهم:-
تعالوا قاتلوا فى سبيل الله أو ادفعوا ما كان قوله سوى لو نعلم أنكم تقاتلون لم نرجع !
وعاد ابن حرام يقول:- أبعدكم الله أعداء الله فسيغنى الله عنكم نبيه وكانت هذه الواقعة هى أول واقعة يبدو للمسلمين فيها مكر المنافقين وما تخفيه قلوبهم .

وسجل القرآن هذه الأحداث في قوله تعالى :-
{
وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله وليعلم المؤمنين ، وليعلم الذين نافقوا وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالا لاتبعناكم هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم والله أعلم بما يكتمون }
( آل عمران : 166 - 167 )

وكاد هذا الموقف أن يؤثر على المؤمنين من بني سلمة وبني حارثة فيتبعوهم ، ولكن الله عصمهم بإيمانهم ، وأنزل فيهم قوله :-
{
إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليّهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون
} ( آل عمران : 122 )


خطة الدفاع ،،،،

رغم أن قريشًا سبقت الرسول والمسلمين إلى موقع المعركة إلا أنها لم تفد من ذلك شيئًا أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه قد حمى ظهره ويمينه بارتفاعات الجبل وحمى ميسرته وظهره بخمسين راميًا أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يصعدوا على جبل سمى فيما بعد بجبل الرماة ،،،
وكان يقع على بعد مائة وخمسين مترًا جنوب شرقى معسكر المسلمين وعهد إلى عبدالله بن جبير بقيادة هذه الفصيلة ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - وجه أمره حازمًا إلى ابن جبير فقال:-
انضح الخيل عنا بالنبل لا يأتون من خلفنا إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك لا نؤتين من قبلك .

وبهذا التوجيه النبوى سد الثغرة الوحيدة التى كان من الممكن لجيش المشركين أن يتسللوا خلالها ولا شك أن اختيار الموضع المرتفع له ميزة الاحتماء به إن نزلت بالمسلمين الهزيمة دون اللجوء للفرار مع الخسائر التى ستصيب المشركين والصعوبات التى ستواجههم إن حاولوا اللحوق بجيش المسلمين وعندها سيصعب على قريش الإفلات من محمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه ،،
وجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنذر بن عمرو على الميمنة والزبير بن العوام يسانده المقداد بن الأسود على الميسرة وإلى الزبير أسندت مهمة الصمود فى وجه فرسان خالد بن الوليد وانتخب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجموعة متميزة من شجعان المسلمين فجعلهم فى مقدمة الصفوف ليعوض نقصه العددى .


التعبئة المعنوية ،،،،

بينما صفوف الجيشين قد تراصت وتأهبت للقتال إذ سمع على بن أبى طالب رسول الله وقد جرد سيفًا باترًا ورفعه بيده وهو يقول:-
من يأخذ هذا السيف بحقه ؟
فذهب إليه رجاء أن يأخذه وكذلك فعل الزبير وعمر ورجال غيرهم ,,
لكن أبا دجانة سماك بن خرشة ذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وسأله:-
وما حقه يا رسول الله ؟
فقال:- أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحنى ،
فأجابه أبو دجانة:-
أنا آخذه بحقه يا رسول الله ،
فأعطاه النبى إياه ،
وما إن تسلَّمه أبو دجانة حتى أخرج عصابة حمراء فعصب بها رأسه وكانت الناس تعلم منه أن ذلك إشارة إلى قتاله حتى الموت ومشى بين الصفوف يتبختر ليرهب عدوه ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول : -

أنا الذي عاهدني خليلي **** ونحن بالسفح لدى النخيل

ألا أقوم الدهر في الكيول **** أضرب بسيف الله والرسول

ينظر إليه ويقول:- إنها لمشية يبغضها الله إلا فى هذا الموطن ،
ثم التفت محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى جيشه ونهاهم عن القتال حتى يأمرهم وحرضهم على المثابرة والجلد وأشعل حماسهم للجهاد فى سبيل الله ورغبهم فى الجنة .

تعبئة الجيش المكى ،،،،

جلس أبو سفيان على فرسه فى قلب الجيش المكى ونظر إلى ميمنته فوجد خالدًا عليها وإلى ميسرته فاطمأن إلى قيادة عكرمة لها وتجول بين الصفوف ليتثبت من قيادة صفوان بن أمية للمشاة وعبدالله بن أبى ربيعة للرماة ورغم أن جيشه يفوق عددًا أربعة أمثال جيش المسلمين وعتادًا ما فوق ذلك بكثير إلا أن هاجس بدر لا زال يلاحقه فيصيبه بالاضطراب،،،

وتذكر أبو سفيان أسر النضر بن الحارث العبدرى حامل لواء المشركين يوم بدر وما جره ذلك عليهم من الخزى والهزيمة فالتفت إلى بنى عبد الدار وهم حملة اللواء فى كل حرب فاستفزهم قائلاً:-
قد وليتم لواءنا يوم بدر فأصابنا ما قد رأيتم وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم إذا زالت زالوا فإما أن تكفونا لواءنا وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه ،،

وكانت هذه الكلمات كافية لإثارة بنى عبد الدار فهموا به وتوعدوه وقالوا له:-
نحن لا نسلم إليك لواءنا ستعلم غدًا إذا التقينا كيف نصنع ووصل أبو سفيان إلى هدفه وصدق بنو عبد الدار فى حمل لوائهم فما مر من المعركة إلا شطرها حتى أبيدوا عن بكرة أبيهم !

مؤامرات الفرقة ،،,،

بعث أبو سفيان إلى الأنصار رسالة يقول فيها :-
خلوا بيننا وبين ابن عمنا فننصرف عنكم فلا حاجة لنا إلى قتالكم ،،

ولم يدر حينها أن للأنصار ألف حاجة وحاجة لقتاله وجيشه المشرك فردوا عليه ردًّا عنيفًا وأسمعوه ما يكره لكن قريشًا لم تكتف بفشلها الأول وسعت بغباء إلى تكراره فقدمت أبا عامر الفاسق وكان يلقب بالراهب لكنه فقد منصبه كرئيس للأوس بقدوم الإسلام فذهب إلى قريش يحرضها ويعلن عداوته قدمته لينادى على الأوس قائلاً :-
يا معشر الأوس أنا أبو علم ولم تمهله الأوس فرصة يتم فيها حديثه بل بادرته بقولها:-
لا أنعم الله بك عينًا يا فاسق فبهت الرجل وقد كان يظن أنها ما إن تسمع صوته حتى تلبى نداءه وقال فى تعجب:-
لقد أصاب قومى بعدى شر ! وما إن بدأ القتال حتى حاربهم حربًا شديدة وأخذ يقذفهم بالحجارة !

جهود نسوة قريش ،،،،

خمس عشرة امرأة كانت فى رفقة جيش المشركين بأحد تقودهن هند بنت عتبة زوجة أبى سفيان والتى كانت كبدها تحترق لمقتل أبيها وعمها وأخيها فى أولى لحظات يوم بدر ،،
وقد دفعها الحقد إلى أن تطلب من الجيش وهو فى طريقه إلى أحد أن ينبش قبر أم محمد - صلى الله عليه وسلم - لكن قريشًا خشيت عاقبة هذا الصنيع فرفضت طلبها أما الآن وقد حمى وطيس المعركة فمن ذا يلومها ؟!

أخذت هند وصواحبها يتجولن فى الصفوف يضربن الدفوف ويستنهضن الرجال ويحرضن على القتال ويحمسن الخامل والكسلان حتى إذا انتهت المعركة شاركن ذئاب قريش تشويه شهداء المسلمين فمثلن بجثثهم وصنعن من آذان الشهداء وأنوفهم وفروجهم خلاخيل وقلائد !!
وبقرت هند كبد حمزة ثم لاكتها بفمها لكنها لم تسغها فلفظتها .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=12872

أحداث المعركه ،،،،

أشعل الزبير أول وقود المعركة ثم اندلعت نيرانها واحتدم القتال حول لواء المشركين وفى بقية النقاط ورغم خسارة المسلمين بمصرع حمزة إلا أنهم تمكنوا من السيطرة على الموقف وبفضل حماية الرماة للمسلمين تمكنوا من إنزال الهزيمة بالمشركين لكن هؤلاء الرماة ما كادوا يغادرون مواقعهم حتى قام خالد بخطة التطويق فتبدد المسلمون وانقلبت موازين المعركة وفى هذا الوقت العصيب ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومرت به أحرج ساعة فى حياته حتى تجمع الصحابة حوله وهنا تضاعف ضغط المشركين فظهرت بطولات نادرة لحماية الرسول فى هذا الوقت وواصل المسلمون المعركة حتى نهايتها .

أول وقود المعركة ،،،،

كبش الكتيبة ~ هكذا سمى المسلمون طلحة بن أبى طلحة العبدرى حامل لواء المشركين لفرط شجاعته خرج هذا الكبش عن صف قريش راكبًا على جمل يدعو المسلمين إلى المبارزة فأحجم الناس عنه لمعرفتهم به !

لكن الزبير بن العوام فاجأ الجميع مرة حين تقدم إليه ليبارزه ثم فاجأهم مرة أخرى حين وثب على طلحة وهو على جمله فسقط به على الأرض ثم دفعه عنه وذبحه بسيفه فى لحظة واحدة لقد أتم الزبير مهمته قبل أن يرتد إلى الناس طرفهم فكبر النبى - صلى الله عليه وسلم - وكبر المسلمون وقال النبى - صلى الله عليه وسلم - حينها :-
إن لكل نبى حواريًا وحواريى الزبير .

القتال حول لواء المشركين ،،،،

كان ما توقعه وخاف منه أبو سفيان وهو ينظم جيشه صحيحًا فما إن بدأت المعركة واستعرت نارها حتى صارت كلماته لحامل لوائه واقعًا يتجسد فما هى إلا لحظات وكان طلحة بن أبى طلحة العبدرى قد لقى حتفه ثم ما هى إلا دقائق حتى كان ستة من أهل بيته قد تبعوه بطعنات من سيوف المسلمين أو سهامهم ورفع اللواء بعد ذهاب هؤلاء السبعة ثلاثة من بنى عبد الدار فواجهوا ما لاقاه سالفوهم وهنا حمل اللواء غلام حبشى لبنى عبد الدار يقال له صواب فقاتل باستماتة وأظهر من الشجاعة ما لم يظهره أسياده الذين ولّوا حتى قتل المسكين وهو يقول:-
اللهم هل أعذرت ولم يبق للواء بعده إلا أقدام المسلمين وحوافر دوابهم تدوسه وهى لا تدرى !

القتال فى بقية النقاط ،،،،

http://sirah.al-islam.com/image/aathar/athr14.gif
صخرة أحد

وسط غبار المعركة الكثيف كان يتبدى للرائى منظر عجيب سبعمائة من جنود المسلمين يجتاح جمعهم ثلاثة آلاف من جنود الشرك وبين صيحات المعركة كان نداء المسلمين :- " أمت أمت " يشق ضجيجها ويصل حناجر المسلمين بأبواب السماء أبو دجانة قد عصب رأسه شارته الحمراء وصار لا يلقى أحدًا من المشركين إلا قتله بسيف رسول الله وحنظلة بن أبى عامر -أبى عامر الفاسق- وهو حديث عهد بعرس قد ترك عروسه وأسرع جنبًا للقتال ليشق صفوف المشركين ويهدهم هدًّا حتى إذا كاد سيفه يطيح برقبة أبى سفيان لقى ربه شهيدًا على يد شداد بن الأسود وأينما التفت المرء يمنة أو يسرة لم يلق إلا مظاهر البسالة والإقدام من جيش المسلمين والخلل والاضطراب فى صفوف أعدائهم .

مصرع حمزة (( أسد الله )) ،،،،،

" ذلك الذى فعل بنا الأفاعيل "

كانت هذه هى شهادة أمية بن خلف على صنيع أسد الله حمزة بقريش فى يوم بدر ،،
والحق كما يقولون ما شهدت به الأعداء أما فى يوم أحد فإن صفوف المشركين المتراصة قد أطاح بها فى لحظات سيف حمزة كان حمزة يخترق قلب الجيش المشرك كأنه جيش وحده لكن على مسافة منه كانت هناك عينان ترقبان ونفس تتشوق ويدان تمسكان بالحربة كان هناك وحشى بن حرب ،، عبد جبير بن مطعم الذى وعده سيده إن قتل حمزة عوضًا عن قتل عمه طعيمة فهو حر وبينما وحشى يتخفى ويترقب وهو مصروف عن قتال لا ناقة له فيه ولا جمل ،،
إذ بسباع بن عبد العزى يتجه إلى حمزة ليقتله فلم يمهله حمزة وأطاح رأسه بضربة واحدة ووجدها وحشى فرصة سانحة فهز رمحه حتى اطمأن ثم رماه به فوقع فى أحشائه حتى خرج من بين رجليه وتركه وحشى حتى فاضت روحه ثم ذهب إليه فنزع رمحه وعاد إلى معسكره فقعد فيه وقد قضى حاجته .

يقول وحشي :-
خرجت أنظر حمزة أتربصه حتى رأيته كأنه الجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدا ، فهززت حربتي ، حتى إذا رضيت عنها دفعتها إليه فوقعت في أحشائه حتى خرجت من بين رجليه ، وتركته وإياها حتى مات .

السيطرة على الموقف ،،،،

لم يكن حمزة جنديًا قتل إنما كان ركنًا من أركان الجيش إذا أصابه سوء أدرك ذلك كل من بالمعركة عدوًا كان أم صديقًا لكن المسلمين وقد فقدوا هذا البطل العظيم صمدوا فى بسالة أمام عدوهم وأظهر أبطالهم (( أبو بكر، وعمر، وعلى، والزبير، ومصعب، وطلحة بن عبيد الله، وعبدالله بن جحش، وسعد بن عبادة، وسعد بن معاذ، وأنس بن النضر )) وغيرهم من أبطال المسلمين أظهروا من صنوف الجهاد والقتال ما فل عزائم المشركين وفت فى عضدهم .

حماية الرماة للمسلمين ،،،،،

ثلاث هجمات شديدة متوالية هى ما قام به خالد بن الوليد قائد ميمنة الجيش المشرك يعاونه أبو عامر الفاسق ليحطموا ميسرة الجيش المسلم ويتسربوا خلف ظهره لكنها باءت جميعًا بالفشل والخيبة أما سر هذا الفشل لقائد خبير كخالد بن الوليد فهو ما صنعه رماة المسلمين بقيادة عبدالله بن جبير من فوق جبلهم فقد رموهم بالنبل ورشقوهم بسهامهم فعادوا أدارجهم دون غنيمة أو ظفر .



هزيمة المشركين ،،،،

الثأر والانتقام من محمد وإعادة العز والمجد لقريش أهداف لطيفة لكن الألطف منها الحياة فى ظل مكة والتجارة فى أسواقها هذا ما كان يدور بذهن كل مشرك يوم أحد وسيوف المسلمين تعمل فيهم الطعن والقتل لقد خارت عزائم قريش وانكسرت سيوفها أمام هذا الصمود الإسلامى وهذه الشجاعة النادرة وأصبح الواجب على المشركين الآن أن يلوذ كل منهم بالفرار طمعًا فى حياته وقد أسرعوا جميعًا لتأدية هذا الواجب النبيل !

أما نساء المشركين فإنهن وقد رأين ما صنع الرجال شمرن عن سوقهن وأسرعن يهربن وهن يولولن بصوت ذى نحيب ولم يبق للمسلمين حينها إلا ملاحقة الفُرَّار وحصد غنائمهم ومتاعهم .

الرماة يغادرون مواقعهم ،،،،

إن خمسين راميًا قائدهم عبدالله بن جبير قد وقفوا على ظهر جبل الرماة كانوا سببًا فى حماية المسلمين لكن هزيمة المشركين قد أنستهم أمر نبيهم - صلى الله عليه وسلم - بملازمة مواقعهم مهما كانت نتيجة المعركة وفى لحظات كان أربعون رامٍ قد هبطوا واختفوا فى سواد جيش المسلمين يشاركون إخوانهم ملاحقة الكافرين وحصد متاعهم أما عبدالله بن جبير فإنه ثبت فى مكانه وكرر نصحهم فلم يبق منهم معه سوى تسعة نفر التزموا مواقعهم حتى يؤذن لهم أو يبادوا .

خطة التطويق ،،،،

إن قائدًا كخالد لا تفوته فرصة كترك الرماة لمواقعهم وإن غفل عنها الفارون من جيشه العليل فما إن هبط الأربعون راميًا عن مواقعهم التى حددها لهم النبى - صلى الله عليه وسلم - حتى كانت خيل خالد قد استدارت لتحصد أرواح عبدالله بن جبير وأصحابه التسعة ثم تسرع راكضة لتحيط بالمسلمين من خلفهم ثم يطلق خالد وجنده من فوق ظهورها صيحات ليعلم المشركون بالتطور الجديد وفى لحظات تبدد المسلمون بعد أن حوصروا من كلتا الجهتين وذهبت عمرة بنت علقمة الحارثية فالتقطت لواء المشركين الذى سقط عن عشرة قتلى من بنى عبد الدار وعبد لهم دون أن يرفعه أبو سفيان أو غيره أثناء قيامهم بالفرار الكبير رفعته ليتجمع حوله جند المشركين ينادى إليه بعضهم بعضًا .

تبدد المسلمين ،،،،

الله ناصر جنده الضعفاء ما أطاعوه واستنفدوا الوسائل أما إن عصوه فلا يلومُنَّ إلا أنفسهم إن وطئت رقابهم أقدام الكافرين الغليظة إن المسلمين وقد تعلموا شطر هذا الدرس فى بدر كانوا لا يزالون بحاجة لأن يتعلموا شطره الأخير والحق أنهم تعلموه فى أحد وكان درسًا غاليًا !
أما بعض الجيش فقد فر باتجاه المدينة حتى دخلها وأما بعضه الآخر فقد صعد الجبل هربًا من سيوف قريش وأما فريق ثالث فقد رجعوا إلى الخلف فاختلطوا بالمشركين،،

ونادى فيهم إبليس:- أى عباد الله أخراكم -أى احترسوا من مؤخرتكم - فاختلط الأمر عليهم حتى قتل بعضهم بعضًا ووسط هذا الهرج انطلق صوت خبيث يعلن أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد قتل ،،
فانهارت نفوس المسلمين وانطفأت شعلة حماسهم حتى إن بعضهم قد ألقى السلاح تراخيًا وفكر آخرون فى الاتصال بابن أبى ليأخذ لهم الأمان من أبى سفيان،،
لكن الله - عز وجل - هيأ فى هذه اللحظة العصيبة للمسلمين نفوسًا أبت الدعة وشمرت فى طلب الشهادة منهم أنس بن النضر الذى صاح بالمسلمين وقد حمل سيفه وخاض فى صفوف المشركين قائلاً:-
قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله .

ومنهم ثابت بن الدحداح الذى قاتل كتيبة خالد ببسالة حتى قتل بعد أن ترك فى المسلمين وصيته:- إن كان محمد قد قتل فإن الله حى لا يموت قاتلوا عن دينكم فإن الله مظفركم وناصركم،،
وقد شجعت هذه المواقف المسلمين فقاتلوا بضراوة حتى تجمعوا حول مركز منيع باشروا منه قتال المشركين والصمود أمامهم والحق أن فريقًا رابعًا كان همه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكرّوا إليه وكان فى مقدمتهم:- (( أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعلى بن أبى طالب )) وغيرهم .

ثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم -

إن مشهد المسلمين وهم يعدون خلف قريش قد تبدل أمام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى لحظات وفوجئ النبى بفرسان خالد تهاجمه وقد أزاحت بقية الرماة من طريقها إن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لا يرى الآن من جيشه أحدًا اللهم إلا تسعة نفر كانوا حوله سبعة من الأنصار ومهاجرين فماذا يصنع النبى -صلى الله عليه وسلم- فى هذا الظرف العصيب؟

هل يلوذ بالجبل فينجو بنفسه وأصحابه التسعة مترقبًا ما يحدث لجيشه المهزوم؟
إنه إن فعل ذلك فلن يلام فهل من المطلوب أن يقف فى تسعة نفر لينقذ جيشًا بأكمله مواجها فى ذلك جيشًا بأسره بالطبع لا !

لكن ما حدث هو أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- وقف فعلاً فى تسعة نفر لينقذ جيشًا بأكمله مواجهًا بذلك جيشًا بأسره فقد قرر أن يخاطر بنفسه ويدعو أصحابه إليه حتى إذا تجمعوا انسحب بهم إلى الشعب فصرخ فى المسلمين:-
هلم إلى أنا رسول الله .

وكان يعلم - صلى الله عليه وسلم - أن صوته سيبلغ المشركين - إذ هم أقرب إليه - فيأتون نحوه وقد أتوا فجالدهم حتى أرهقوه فقال:-
من يردهم عنا وله الجنة ؟

فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل ، ثم أتعبوه ثانية ، فعاد - صلى الله عليه وسلم - إلى ما قاله فتقدم رجل أنصارى آخر حتى قتل فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة وكان آخرهم عمارة بن يزيد بن السكن أسقطته جراحه فمات وخده موسد بقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا شك أن النبى - صلى الله عليه وسلم - قد مرت به فى هذا الوقت أحرج ساعة فى حياته .


أحرج ساعة فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -

إن سقوط سبعة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتلى فى دقائق معدودة قد أوقع النبى - صلى الله عليه وسلم - فى مأزق عسير إذ لم يبق حوله سوى رجلين طلحة بن عبيد الله وسعد بن أبى وقاص وفى لحظات قليلة كانت ذئاب قريش قد تجمعت تعوى رجاء أن تنهش جسد نبى الهدى وبالفعل رمى عتبة بن أبى وقاص الرسول بالحجارة فوقع على الأرض وكسرت رباعيته السفلى اليمنى ،،

كما أنه وقع في حفرة كان أبو عامر الراهب قد حفرها ثم غطاها بالقش والتراب ، فشج رأس النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخذ يمسح الدم قائلا :-
كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم !

كما أصيبت شفته بكدمة أليمة وتقدم إليه عبد الله بن شهاب الزهرى فشجه فى جبهته وأسال الدم على وجهه والنبى - صلى الله عليه وسلم - يقول:-
اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسوله .
ثم ما لبث فترة فتحركت الرحمة فى قلبه فعاد يقول:-
اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون .

وجاء عدو الله عبد الله بن عبد الله بن قمئة فضرب النبى - صلى الله عليه وسلم - على عاتقه ضربة عنيفة ظلت تؤلمه شهرًا بأكمله لكنه لم يستطع أن يهتك الدرعين فعاود بضربة شديدة على وجنته - صلى الله عليه وسلم - حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر الذى يستر به النبى وجهه فى وجنته ،،
وقال:- خذها وأنا ابن قمئة ،،
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الدم عن وجهه :
أقماك الله .

وفى هذه الأثناء كان سعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله يقاتلان قتال الليوث دفاعًا عن النبى -صلى الله عليه وسلم - فأما سعد فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمره بالرمى وكان ماهرًا به داعيًا له بقوله:-
ارم فداك أبى وأمى وما جمعهما فى دعاء لأحد سواه قط !

وأما طلحة فإنه قاتل بضراوة حتى وجد سيفًا يوشك أن يصيب النبى - صلى الله عليه وسلم - فاتقاه بيده فقطعت أصابعه وجرح يومها بضعًا وثلاثين جرحًا حتى خرّ ساقطًا بين يدى النبى - صلى الله عليه وسلم - والصحابة قد بدأوا يتجمعون حوله من جديد .

تجمع الصحابة حول الرسول ،،،،

حين تبدد المسلمون واختلط حابلهم بنابلهم وانقلبت فى لحظات موازين المعركة تلفت أبو بكر الصديق حوله يفتش بعينين قلقتين عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وتداعى إلى سمعه نداء النبى فأسرع يعدو تجاهه .

ووسط حلقة من المشركين وجد أبو بكر - رضى الله عنه - محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يقاتل وبين يديه رجل يدافع عنه ويحميه بنفسه وكان طلحة بن عبيد الله وفوجئ أبو بكر بمن يدركه ويسعى معه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو يكاد يطير وكان أبا عبيدة بن الجراح وما إن وصلا حتى كانت كوكبة من الصحابة قد بدأوا يتقاطرون على النبى - صلى الله عليه وسلم - إدراكًا له ودفاعًا عنه منهم:- (( أبو دجانة، ومصعب، وعلى، وسهل بن حنيف، ومالك بن سنان، وأم عمارة نسيبة بنت كعب، وقتادة بن النعمان، وعمر بن الخطاب، وأبو طلحة، وحاطب بن أبى بلتعة )) .

وانكفأ أبو بكر على نبيه - صلى الله عليه وسلم - لينزع عنه حلقتى المغفر فسبقه أبو عبيدة قائلاً:- ناشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتنى ثم أخذ بفيه فجعل يخرجه رويدًا رويدًا حتى لا يؤذى النبى فما خرجت الحلقة إلا وسقطت سن أبى عبيدة وتقدم أبو بكر لينزع الأخرى إلا أن أبا عبيدة صاح به:- ناشدتك بالله يا أبا بكر إلا تركتنى فصنع بها كما فعل بالأولى حتى خرجت وسقطت بخروجها ثنية أبى عبيدة الأخرى وفى هذه الأثناء كان الصحابة يدفعون عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ضغط المشركين العنيد .

ضغط المشركين ،،،،

ظلت هجمات المشركين وضغوطهم تتوالى على النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين وسقط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حفرة من الحفر التى كان أبو عامر الفاسق يكيد بها فأصيبت ركبته - صلى الله عليه وسلم - إصابة شديدة وأخذ على بيده واحتضنه طلحة بن عبيد الله حتى يعيناه على الوقوف وظل النبل يأتى من كل ناحية تجاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيطيش عنه بحماية الله وحفظه .

أما المسلمون فقد قاموا ببطولات نادرة دفعت الخطر عن النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعادت الصمود إلى جيش المسلمين حتى يتمكنوا من الانسحاب إلى الشعب .


بطولات نادرة ،،،،

إن هزيمة أحد لم تمنع الإسلام من أن ينتصر ويسود فى النهاية وإن قتل بعض المجاهدين لم يمنعهم من الخلود فى الدنيا فقد كانوا سيموتون على كل حال !
لكن الذى خلد وبقى لنا - نحن الذين نطالع يوم أحد بعد مئات السنين - هو هذه البطولات العظيمة النادرة التى ما كان لها أن تقع فى غير هذا الموقف العصيب !

جعل أبو طلحة من صدره سورًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو يرمى المشركين بسهامه رميًا عنيفًا شديدًا حتى لقد كسر قوسان أو ثلاثة فى يده وهو يستقبل بصدره نبلهم ويتطلع النبى -صلى الله عليه وسلم - ليرى أين يصل سهم أبى طلحة فيشفق عليه ويقول له: -
بأبى أنت وأمى لا تشرف يصيبك سهم من سهام القوم نحرى دون نحرك !

أما أبو دجانة فقد صنع من ظهره درعًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو يقف أمامه يستقبله بوجهه وسهام المشركين ترشق فى ظهره وهو لا يتحرك ،،
وتبع حاطب بن أبى بلتعة عتبة بن أبى وقاص أخا سعد وهو الذى تسبب فى كسر رباعية المصطفى - تبعه حاطب حتى أطار رأسه من فوق كتفيه ،،

وقاتل عبدالرحمن بن عوف قتالاً شديدًا حتى أصيب بعشرين جرحًا بعضها أصاب فمه فهتم وأصاب بعضها رجله فعرج ،، وامتص مالك بن سنان الدم السائل من وجنة محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى أنقاه ,,
فقال النبى -صلى الله عليه وسلم -:- مجه ،،
فقال مالك:- والله لا أمجه أبدًا .

ثم انطلق يقاتل ونبى الله يقول:-
من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا ،،
فقتل شهيدًا وكان مصعب بن عمير يقاتل بضراوة بالغة وهو يحمل لواء المسلمين فضربوه على يده اليمنى حتى قطعت فأخذ اللواء بيسراه فضربوه عليها فقطعت فبرك على اللواء بصدره وعنقه حتى قتله ابن قمئة وهو يظن أنه محمد - صلى الله عليه وسلم - لشبهه به .

وكان لأم عمارة نصيب كبير فى البطولة يومئذ فقد اعترضت ابن قمئة وضربته بسيفها عدة ضربات لم ينجه منها إلا درعاه وضربها على عاتقها ضربة تركت جرحًا أجوف سوى اثنى عشر جرحًا أصيبت بها يومها .

إشاعة مقتل النبى - صلى الله عليه وسلم -

ظن عدو الله ابن قمئة أنه قتل محمدًا وهو قتل مصعب بن عمير شبيه الرسول عليه الصلاة والسلام , فعدا يصيح فرحًا بفعلته ، وشاع خبر مقتل النبى - صلى الله عليه وسلم - بين المؤمنين والكافرين على سواء ، فانهارت معنويات المسلمين ، حتى رفعها بعض الصحابة كأنس بن النضر وغيره ، واعتقد المشركون أنهم وصلوا إلى غايتهم ، فانشغلوا عن مقاتلة المسلمين بتشويه شهدائهم الأبرار .

نهاية المعركة ،،،،،

قام الرسول - صلى الله عليه و سلم - بعملية انسحاب إلى شعب الجبل ولم تكن تلك العملية بالعملية السهلة بل احتدم القتال فيها حتى آخر لحظة وانشغل صناديد قريش بتشويه الشهداء أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد انتهى إلى مقره فى الشعب فشرب وغسل جرحه وأقبل أبو سفيان قبيل انصراف المشركين معلنًا شماتته وواعده المسلمون الملاقاة ببدر فى العام التالى ثم بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - عليًّا للتثبت من موقف المشركين فوجدهم انصرفوا فالتفت المسلمون إلى تفقد الجرحى ودفن الشهداء وقبل أن يغادر الجيش أرض المعركة وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون معه يدعون ربهم ويثنون عليه ثم قفلوا راجعين إلى المدينة فباتوا ليلتهم وفوجئوا فى الصباح برسول الله يدعوهم للخروج فى إثر قريش فساروا حتى بلغوا ثمانية أميال من المدينة ثم عسكروا وسمى هذا الخروج بغزوة حمراء الأسد والتى تعتبر تتمة لغزوة أحد .

الانسحاب إلى الشعب ،،،،،

نادى الرسول في أصحابه قائلا :-
هلموا إلي عباد الله .. هلموا إلي عباد الله .
فتجمع الصحابة حول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصدوا ضغط المشركين وحملتهم على لواء المسلمين فقاتلوا قتالاً شديدًا واستطاع النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يشق الطريق إلى جيشه المطوق ورآه كعب بن مالك فعرفه ونادى بأعلى صوته:-
يا معشر المسلمين أبشروا ! هذا رسول الله فأشار إليه النبى - صلى الله عليه وسلم - أن اصمت !
ليخفى بذلك عن المشركين وفى الحال تجمع ثلاثون صحابيًا حوله وهنا قاد رسول الله -صلى الله عليه وسلم - جيشه إلى انسحاب منظم فى اتجاه شعب الجبل شاقًا طريقه بين المهاجرين من قريش ,,

وصرخ عثمان بن عبد الله بن المغيرة وهو يتجه بسيفه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم: لا نجوت إن نجا فواجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن فرسه عثرت فى بعض الحفر فانقض الحارث بن الصمة على عثمان فضرب رجله فأقعده ثم أجهز عليه وأخذ سلاحه والتحق بالنبى لكن عبد الله بن جابر المشرك انتفض بسيفه على عاتق الحارث فجرحه حتى حمله المسلمون وفى الحال ظهر بطل المسلمين أبو دجانة فعاجل عبد الله بن جابر بضربة سيف أطارت رأسه !

والعجيب أن المسلمين وسط هذا القتال المرير كان يتغشاهم النعاس أمنة من الله كما تحدث بذلك القرآن :-
((
ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم }
( آل عمران : 154 )
يقول أبو طلحة رضي الله عنه واصفاً تلك الحال : -
" كنت فيمن تغشاه النعاس يوم أحد ، حتى سقط سيفي من يدي مراراً ، يسقط وآخذه ، ويسقط فآخذه " .

واستمر انسحاب النبى - صلى الله عليه وسلم - وصحابته حتى شقوا للجيش المسلم طريقًا إلى هذا المقام المأمون فلحقوا بهم لكن المشركين لم يرضهم ذلك فقاموا بهجوم كان الأخير لهم فردهم المسلمون خائبين وسعى أبى بن خلف ليقتل النبى -صلى الله عليه وسلم- فقتله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى آية عجيبة وهكذا تجلت عبقرية الرسول -صلى الله عليه وسلم- الحربية والتى فاقت عبقرية خالد وانتصرت عليها ولئن كانت أحد هزيمة للمسلمين فإن انسحاب النبى -صلى الله عليه وسلم- بها كان نصرًا لهم أنقذ به جيشًا بأسره من هلاك محتوم وقلص عدد الشهداء فلم يزيدوا على السبعين .

آخر هجوم للمشركين ،،،،،

قامت فرقة من قريش يقودها أبو سفيان وخالد بن الوليد بمحاولة لصعود الجبل الذى انحاز إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن معه فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- داعيًا ربه:-
اللهم لا ينبغى أن يعلونا . وقاتلهم عمر بن الخطاب ورهط معه من المهاجرين حتى أهبطوهم وقد أمر محمد - صلى الله عليه وسلم - سعد بن أبى وقاص أن يصرفهم قائلاً له:-
أجبنهم .
لكن سعدًا تعجب: كيف أجبنهم وحدى؟
وكررها ثلاثًا ،،، ثم أخذ سهمًا من كنانته فرمى به رجلاً فقتله ثم أخذ السهم نفسه فرمى به آخر فقتله فأخذه ورمى به ثالثًا فقتله فهبط القوم مسرعين من سوء ما لحق بهم وأخذ سعد السهم قائلاً:- هذا سهم مبارك فجعله فى كنانته فكان عنده حتى مات ثم كان عند بنيه .

مقتل أبى بن خلف ،،،،،

بينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصعد شعب الجبل مع أصحابه إذا بصوت يلاحقه قائلاً :-
أين محمد ؟ لا نجوت إن نجا وإذا بقائله عدو الله أبى بن خلف ،،
فقال المسلمون:- يا رسول الله أيعطف عليه أحد منا ؟
فقال النبى -صلى الله عليه وسلم-:- دعوه .
حتى إذا دنا منه تناول - صلى الله عليه وسلم - الحربة من الحارث بن الصمّة ثم طعنه فى ترقوته من فرجة بين الدرع والبيضة ،،،
فتدحرج أبى عن فرسه مرارًا وعاد إلى قريش خائفًا فرقًا ،،
وهو يقول:- قتلنى والله محمد !
فقالوا له:- وقد كان مخدوشًا فى عنقه خدشًا غير كبير: والله إن بك من بأس
فأجابهم:- إنه قد كان قال لى بمكة :- أنا أقتلك .
وكان أبى يخور خوار الثور ويقول:- والذى نفسى بيده لو كان الذى بى بأهل ذى المجاز لماتوا جميعًا حتى إذا وصلوا سرف فى طريقهم إلى مكة مات هناك .


تشويه الشهداء ،،،،،

إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - وجيشه المنصور ببدر لم يرضهم أن يعودوا إلى المدينة وقد تركوا أجساد المشركين فى الصحراء طعمة لذئابها أما المشركون بأحد فقد تصرفوا مع قتلى المسلمين بدناءة لا تعرفها الضباع الغادرة ،،،

أخذ المشركون يظهرون شجاعتهم النادرة فى تقطيع أوصال هامدة لا تستطيع أن تحرك ساكنًا حتى نساؤهم لم يتنازلن عن حظهن فى الدناءة فشاركن الرجال تقطيع الأجساد والفروج وبقر البطون واتخذت النسوة الآذان والأنوف خلاخيل وقلائد !
وبقرت هند كبد حمزة فلاكتها ولم تستطع أن تسيغها فلفظتها بعد أن نوت أكلها !
ولئن أظهرت هذه الأحداث حطة المشركين وفساد خلقهم فلقد أفصحت أيضًا عما بقلوبهم من حقد دفين وغيظ لا ينتهى .

القتال حتى آخر لحظة ،،،،،

إنه لظلم كبير أن نتغافل عن يوم بأسره حتى إذا كانت نهايته قمنا نتساءل:- لمن كانت الدائرة اليوم؟
إن من يكتفى بهذا يفقد ولا شك مواقف عظيمة لجيش ربما غدت الدائرة فى هذا اليوم عليه وإن قتال المسلمين - وقد كسروا - حتى آخر لحظة دون كلل أو ملل سيظل فارقًا بينهم وبين من ولى ببدر دبره وأطلق ساقيه للريح فما أوقفته إلا أيدى قومه بمكة !
نظر كعب بن مالك إلى أجساد إخوانه وقد عبثت بها سيوف المجرمين ورأى كافرًا يستهزئ بهم قائلاً :- استوسقوا - أى تجمعوا - كما استوسقت جزر الغنم .

ثم رأى مسلمًا هو دونه هيئة وعدة يتربص له حتى إذا التقيا أطعمه سيفه بضربة بلغت وركه وشقته فرقتين ثم كشف عن وجهه فإذا هو أبو دجانة وأقبلت نسوة المؤمنين وفيهن عائشة وأم سليم وأم سليط ينقلن القرب على متونهن ثم يفرغنها فى أفواه القوم جيئة وذهابًا ووقفت أم أيمن فى وجه من فر من جيش المسلمين إلى المدينة فحثت فى وجوههم التراب وصاحت فيهم:-
هاك المغزل وهلم سيفك ! ثم سارعت إلى جبهة القتال بعد أن علمت ما جرى لتسقى المسلمين فرماها عدو الله حبان بن العرقة بسهم فوقعت وتكشفت فأخذ المجرم يغرق فى الضحك حتى شق ذلك على النبى - صلى الله عليه وسلم - فدفع إلى سعد سهمًا لا نصل له ،،
وقال:- ارم به .
فرماه سعد فوقع واستلقى وقد تكشف ،،
فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى بدت نواجذه ،،
ثم قال:- استقاد لها سعد فأجاب الله دعوته .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشرب ويغسل جرحه

ذهب على بن أبى طالب بعد أن استقر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى الشعب ليأتى بماء لكن النبى -صلى الله عليه وسلم- وجد له ريحًا فعافه وسكب الماء على وجهه حتى تغسل فاطمة عنه الدم لكنها - وقد وجدت الماء لا يزيده إلا كثرة - عمدت إلى قطعة من حصير فأحرقتها ثم لصقتها بجرحه - صلى الله عليه وسلم - فتوقف نزيف الدم وجاء محمد بن مسلمة بماء عذب سائغ فشرب منه النبى ودعا له بخير ثم صلى الظهر قاعدًا من أثر الجراح والمسلمون يصلون من خلفه قعودًا .

http://sirah.al-islam.com/image/aathar/athr13.gif
غار أحد

شماتة أبى سفيان ،،،،

وقف أبو سفيان ينظر إلى جيشه وهو يتهيأ للانصراف ثم ساءل نفسه:- ما جدوى الرجوع ومحمد باقٍ فى صحابته ؟ لا ندرى أقتل كما يقول ابن قمئة أم لا ؟
وعاد حتى أشرف على الجبل ثم نادى:- أفيكم محمد ؟ فلم يجيبوه !
فقال: أفيكم ابن أبى قحافة ؟ فلم يجيبوه !
فقال: أفيكم عمر بن الخطاب ؟ فلم يجيبوه !
وكان ذلك اتباعًا لأمر النبى -صلى الله عليه وسلم-. فأخرج أبو سفيان خبيئة نفسه قائلاً:-
أما هؤلاء فقد كفيتموهم .
وهنا قطع عليه عمر نشوته قائلاً:- يا عدو الله ،،،
إن الذين ذكرتهم أحياء وقد أبقى الله ما يسوؤك وشعر أبو سفيان بالخزى مما صنعه جيشه بقتلى المسلمين من المثلة والتشويه ،،
فقال فى تردد:- قد كان فيكم مثلة لم آمر بها ولم تسؤنى ,,
ثم قال:- " اعلُ هُبل " ،،،
فأمر النبى - صلى الله عليه وسلم- أن يجيبه المسلمون قائلين:-
الله أعلى وأجل ،،،
فقال:- لنا العزى ولا عزى لكم ،،،
فأرشد النبى - صلى الله عليه وسلم - المسلمين أن يقولوا: -
الله مولانا ولا مولى لكم ،،،
فطمأن أبو سفيان نفسه قائلاً:-
أنعمت فعال يوم بيوم بدر والحرب سجال ،،،
فأجابه عمر قائلاً:- لا سواء قتلانا فى الجنة وقتلاكم فى النار ،،،
وقد كانت كلمة حاسمة كشفت عن ميزان الإسلام فى ما يحدث من نصر أو هزيمة وهنا لم يجد أبو سفيان ما يقوله فدعا عمر إليه قائلاً:-
هلم إلى يا عمر ،،،
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم- له:- ائته فانظر ما شأنه ؟
فجاءه ، فقال له أبو سفيان:- أنشدك الله يا عمر أقتلنا محمدًا ؟
فرد عمر بعد أن استبان له ما أصاب أعصاب الرجل من اهتزاز:- اللهم لا وإنه ليسمع كلامك الآن !
فقال أبو سفيان فى مرارة:- أنت أصدق عندى من ابن قمئة وأبر .
لقد جاء أبوسفيان شامتًا لكنه دون أن يدرى كشف عن هدف انتصاره فلما أبان له المسلمون فواته عاد إلى جيشه خائبًا حسيرًا .

المواعدة للتلاقى ببدر ،،،،

أدرك أبو سفيان بعد محادثته مع عمر أنه لم يصل إلى بغيته وأن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- لا زال حيًا يحوطه أصحابه ويتبعه جيشه وتنتظره بشوق مدينته ومن بها وغاظه ذلك فصرخ قائلاً:-
إن موعدكم بدر العام القابل ،،
فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لرجل من أصحابه:- قل نعم هو بيننا وبينك موعد ،،،
فأضيف إلى معلومات أبى سفيان بهذا أن محمدًا -صلى الله عليه وسلم- قادم إليه ليناوله مرة أخرى وظل يفكر فى هذه المعانى المؤلمة حتى طوته وجيشه الصحراء باتساعها .

التثبت من موقف المشركين ،،،،

إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بحزمه وصبره لم يتراخ لرؤية أبى سفيان وجيشه وقد اختفوا عن الأنظار بل احتاط أن يكون ذهابهم إلى المدينة لا مكة فأرسل خلفهم سعد بن أبى وقاص قائلاً له:-
اخرج فى آثار القوم فانظر ماذا يصنعون ؟ وما يريدون؟
فإن كانوا قد جنبوا الخيل وامتطوا الإبل فإنهم يريدون مكة وإن كانوا قد ركبوا الخيل وساقوا الإبل فإنهم يريدون المدينة والذى نفسى بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها ثم لأناجزنهم فوجدهم سعد قد امتطوا الإبل وجنبوا الخيل ذهابًا إلى مكة وإن المرء ليتعجب هنا من ميل المنتصر إلى الراحة وتحفز المهزوم إلى المناجزة وهو عجب يزول حين نعرف: ماذا كان يريد المهزوم أو المنتصر ؟!

تفقد الجرحى ودفن الشهداء ،،،،

وبعدها ذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - ليتفقّد أحوال الجرحى والشهداء ، فرأى ثُلّة من خيرة أصحابه قد فاضت أرواحهم إلى خالقها ، فقال فيهم وفي أمثالهم :-

(
أشهد على هؤلاء ، ما من مجروح يجُرح في الله عز وجل إلا بعثه الله يوم القيامة ، وجرحه تجري دماً : اللون لون الدم ، والريح ريح المسك )
وأنزل الله تعالى قوله :-
{
ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون } ( آل عمران : 169 )

عجيب أمر الناس فى هذه الأرض تتشابه أعمالهم فى الدنيا أو تختلف حتى إذا وقفوا أمام ربهم عرف كل الفريق الذى ينتمى إليه !
إن المسلمين وقد هبطوا من الجبل لتفقد جرحاهم وشهدائهم وجدوا أمرًا غريبًا أربعة بين قتلى المسلمين:- (( مسلم ومشرك ومنافق ويهودى )) : -

فأما المسلم فكان سعد بن الربيع وجدوا به سبعين جرحًا ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم وكانت آخر كلماته: لا عذر لكم إن خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف .

وأما المشرك فكان:- الأصيرم - عمرو بن ثابت - الذى طال رفضه لدعوة الإسلام سألوه قبل أن تفيض روحه :- ما جاء بك ؟ فأجابهم:- رغبة فى الإسلام آمنت بالله ورسوله ثم قاتلت مع رسول الله حتى أصابنى ما ترون ثم لحق بربه ،، وقال عنه النبى - صلى الله عليه وسلم-:- هو من أهل الجنة ويقول أبو هريرة:- ولم يصل لله صلاة قط !،،،

ثم هذا المنافق:- قزمان قتل وحده فى المعركة سبعة أو ثمانية حتى سقط جريحًا فحمله المسلمون معهم وبشروه لكنه قال لهم:- والله إن قاتلت إلا عن أحساب قومى ولولا ذلك ما قاتلت فلما اشتدت عليه جراحه أصاب نفسه فانتحر وكان النبى -صلى الله عليه وسلم- يقول عنه:- إنه من أهل النار ،،
وأما اليهودى فهو: مخيريق سمع جلبة الحرب فذهب لقومه قائلاً:- يا معشر يهود والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم حق فما كذبوه إنما قالوا له:- إن اليوم يوم سبت فتولى عنهم وقد اختطف سيفه وعدته قائلاً:- لا سبق لكم ,, وقال:- إن أصبت فمالى لمحمد يصنع فيه ما يشاء ثم غدا فقاتل حتى قتل وقال عنه النبى -صلى الله عليه وسلم-:- مخيريق خير اليهود وهكذا رحل كل إلى ربه ،،

ليعرف فريقه الذى إليه ينتمى والتفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشهداء فأمر أن يدفنوا فى أماكنهم لا فى ديار أهليهم وألا يغسلوا أو يكفنوا بل يدفنوا فى ثياب حربهم وكان - صلى الله عليه وسلم- يدفن الاثنين والثلاثة فى قبر واحد وماكانوا يجدون لبعضهم ما يسترون به كل أجسادهم فيستعينون بنبات طيب الرائحة لتغطية أقدامهم ،،،

وجاءت أشدّ اللحظات قسوةً على - النبي صلى الله عليه وسلم - ، وهي لحظة رؤية عمّه حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه وقد شوّه المشركون جسده وقطّعوا أطرافه ، على نحوٍ يعكس الوحشيّة والهمجيّة التي كانت عليها قريش .

مشهدٌ مريرٌ تتضاءل أمامه كل الأهوال التي مرّت في ثنايا المعركة ، فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - بكاء شديدا لم ير الصحابة له مثيلاً .
ولما هدأت نفسه النبي التفت إلى أصحابه قائلاً :- (
لولا أن تحزن صفية ، ويكون سنّة من بعدي ، لتركته حتى يبعثه الله في بطون السباع والطير ) رواه الدارقطني .

وأقبلت صفيّة بنت عبد المطلب رضي الله عنها تتفقّد أحوال أخيها حمزة ، فكره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ترى ما أصابه فلا تتمالك نفسها ، فأرسل إليها ولدها الزبير بن العوام كي يمنعها ، ولكنها ردّت عليه قائلة : " ولم ؟ ، وقد بلغني ما فُعل به ، لأحتسبنّ ولأصبرنّ إن شاء الله " ،,,

وعاد الزبير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره بجوابها ، فأذن لها برؤيته .
ولم تجزع صفيّة عند رؤية أخيها ، بل صبرت وتحمّلت ، وجعلت تردّد : " إنا لله وإنا إليه راجعون " ، ثم أخرجت ثوبين جاءت بهما لتكفينه ، يقول عبدالله بن الزبير : " فجئنا بالثوبين لنكفّن فيهما حمزة ، فإذا بجانبه قتيلٌ من الأنصار قد فُعل به كما فُعل بحمزة ، فاستحيينا أن نكفّن حمزة في ثوبين والأنصاري لا كفن له ، فقلنا : لحمزة ثوب وللأنصاري ثوب ، فكفنّا كل واحد منهما في ثوب " .

رحمهم الله جميعًا لقد كانت أوصالهم المقطعة منظرًا يفتت الأكباد ويدين المشركين إلى يوم الدين سبعون شهيدًا من خير الناس لحقوا بربهم فى هذا اليوم فهم عنده يرزقون .

دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام ،،،،

لئن شغل الكافرون بنصر أو هزيمة فإن المسلمين أنظارهم دومًا معلقة بمشيئة الله وقدرته وميزان عقولهم الذى يزنون به الأمور مرتبط حتمًا بميزان الله تعالى الذى توزن به الحسنات والسيئات فأيهما رجح كان قدر العبد ومصيره !

لذا فإنه ليس من العجيب أن يأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جنده الخارجين فى سبيل الله قائلاً: -
استووا حتى أثنى على ربى - عز وجل - فصاروا خلفه صفوفًا ثم انطلق بينهم صوت محمد -صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه ويناجيه بحمد وثناء وشكر ورجاء وسؤال واستعاذة لمن لا حول له ولا قوة إلا به ، مالك الملك ، من بيده الأمر كله ، وإليه يرجع الأمر كله ، وبين الكاف والنون كائن أمره .

الرجوع إلى المدينة ،،،،

آب جيش المسلمين إلى المدينة وفى الطريق كان يمر بزوجات الشهداء وأمهاتهم يسألن ما صنع رجالهن ؟
لقى النبى -صلى الله عليه وسلم- حمنة بنت جحش فنعى إليها أخاها عبد الله فاسترجعت واستغفرت له ثم نعى لها خالها حمزة فاسترجعت واستغفرت له ثم نعى لها زوجها مصعب بن عمير فصاحت وولولت ،،،
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- إن زوج المرأة منها لبمكان .
وسألت امرأة من بنى دينار كانوا قد نعوا إليها زوجها وأخاها وأباها- سألت الجيش:- فما فعل رسول الله ؟
فطمأنوها فلم ترض حتى رأته ،،
ثم قالت:- كل مصيبة بعدك جلل -أى صغيرة - وجاءت أم سعد بن معاذ وقد قتل لها أخوه عمرو بن معاذ تقول للنبى -صلى الله عليه وسلم-:- أما إذا رأيتك سالمًا فقد استويت عندى المصيبة -أى استقللتها - .

ودعا النبى -صلى الله عليه وسلم- لأهل من قتل بأحد وقال:- يا أم سعد أبشرى وبشرى أهلهم أن قتلاهم ترافقوا فى الجنة جميعًا وقد شفعوا فى أهلهم جميعًا ،،
وقالت:- رضينا يا رسول الله ومن يبكى عليهم بعد هذا ؟
ثم قالت:- يارسول الله ادع لمن خلفوا منهم ،،
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم-:- اللهم أذهب حزن قلوبهم واجبر مصيبتهم وأحسن الخلف على من خلفوا .

ودخل النبى - صلى الله عليه وسلم - بيته وأعطى سيفه فاطمة ،،
وقال: اغسلى عن هذا دمه يا بنية فوالله لقد صدقنى اليوم .
وبات المسلمون ليلتهم بالمدينة ليلة الأحد الثامن من شوال سنة ثلاث من الهجرة وقد أرهقتهم الحرب وأنهكهم التعب - باتوا ليلتهم يحرسون ثغور المدينة ومداخلها ويحرسون النبى -صلى الله عليه وسلم- خاصة ،،
حتى إذا أصبحوا فوجئوا بالنبى -صلى الله عليه وسلم- ينادى عليهم بالخروج من جديد !

wolf101 04-08-2012 08:43 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=17481

** { غزوة حمراء الأسد } **

وصل ركب قريش الروحاء على بعد ستة وثلاثين ميلاً من المدينة فنزلوا بها وبدأوا يفكرون فاكتشفوا أنهم لم يجلوا المسلمين عن موقع المعركة ثم يقيموا بها ثلاثة أيام كعادة العرب يومها وكما فعل محمد - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر ثم إنهم لم يأسروا مسلمًا واحدًا ومع قتلهم لسبعين رجلاً من جيش المسلمين فإنهم فقدوا أيضًا سبعة وثلاثين رجلاً من جيشهم وها هو محمد باق فى أصحابه وجيشه بالمدينة وقد توعدهم الحرب فى العام المقبل فأين النصر الذى عادوا يحتفلون به إذن ؟!

قفزت هذه الأفكار إلى ذهن المشركين كما لو أنهم قد عرفوها الآن فحسب ووقفوا يتلاومون ويعلنون رغبتهم فى العودة إلى المدينة لاستئصال شأفة المسلمين ومع نصح صفوان بن أمية لهم بعدم العودة إلا أنهم أصروا على ذلك .

أما على الجانب الآخر فإن محمدًا صلى الله عليه وسلم - قد نادى فى جيشه ليعاود الخروج صبيحة اليوم الثامن من شوال سنة ثلاث من الهجرة ورفض انضمام عبد الله بن أبى وكل من لم يشهد معه أحدًا فانصاع المسلمون على ما بهم من جراحات - إلى أمره ،،
واستجاب المؤمنون لدعوة الجهاد ، وانطلقوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم – متحمّلين في ذلك جراحاتهم وآلامهم ، حتى إنّ بعضهم كان يحمل أخاه على ظهره إذا عجز عن السير ، وسجّل القرآن لهم ذلك فقال سبحانه :-
{
الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم } ( آل عمران : 72 )

وخرجوا حتى بلغوا حمراء الأسد على بعد ثمانية أميال من المدينة فعسكروا هناك وأقبل عليهم معبد الخزاعى فأسلم على يد النبى صلى الله عليه وسلم - فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى قريش يخذلها وبلغ معبد جيش قريش وقد همت بالرجوع إلى المدينة ،،
فسأله أبو سفيان:-ما وراءك يا معبد ؟
فأجابه مخوفًا :- محمد !

قد خرج فى أصحابه يطلبكم فى جمع لم أر مثله قط يتحرقون عليكم تحرقـًا قد اجتمع معه من تخلف عنه فى يومكم وندموا على ما ضيعوا فيهم من الحنق عليكم شىء لم أر مثله قط !
فقال أبو سفيان :- ويحك مما تقول؟
فأجابه معبد بثقة :- والله ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصى الخيل من وراء هذه الأكمة ،،
وهنا أخذ الرعب والفزع بقلوب رجالات قريش ولم يبق لفرسانها الشجعان إلا أن يحثوا دوابهم إسراعًا إلى مكة !
فامتدحهم الله بقوله :-
{
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل }

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه بقى إلى يوم الأربعاء - كشأن المنتصرين - ثم عاد إلى المدينة سالمًا بجيشه وصدق الله القائل :-
{ فانقل
بوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } ( آل عمران : 174)


http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { الجهاد بين أحد والأحزاب } **

حقًا ما أشرف كفار قريش إن قيسوا بغيرهم من اليهود وكفار العرب !!
إن مكة حين غاظها النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلنته بالعداوة وواعدته ثم سارت إليه لتنال منه أو ينال منها أما غيرها فإنهم كمنوا يترقبون حتى إذا سقط الجسد الإسلامى جريحًا خرجوا من جحورهم يكشرون عن أنيابهم ويعوون ولقد أدرك المسلمون ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - ذلك فطفقوا منذ عودتهم إلى المدينة يتلقون طعنات الكفر لا من أمام كما تصنع قريش وإنما من ظهورهم كما يصنع الغدرة والصبيان وانتفض المسلمون يدافعون عن أنفسهم ويحمون دعوتهم الوليدة ويؤكدون هيبة المدينة ومن بها وما بين غدر وانتفاضة تتالت السرايا والبعوث والغزوات فكانت ،،
(( سرية أبى سلمة ثم بعث عبد الله بن أنس ثم بعث الرجيع ثم مأساة بئر معونة فغزوة بنى النضير ثم غزوة نجد وغزوة بدر الثانية وأخيرًا غزوة دومة الجندل )) ،،،
وبهذا الجهاد الدامى المستمر استطاع المسلمون أن يعيدوا الأمور فى الجزيرة إلى نصابها - ولو إلى حين - فعم السلم والأمان وتخففوا من متاعبهم واستكانة الأعراب وقريش إلى أن كان تجمعهم من جديد فى غزوة الأحزاب .

سرية أبى سلمة ،،،،

ما إن مر شهران على غزوة أحد حتى بدا لطلحة وسلمة ابنى خويلد أن يدعوا بنى أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله وما كان هذا الأمر ليخفى عن رسول الله الذى لم تلهه جراحه وجراح المسلمين عن التيقظ لعدوهم وما كاد بنو أسد يجمعون صفوفهم حتى فوجئوا بمائة وخمسين مقاتلاً على رأسهم الصحابى الجليل أبو سلمة يباغتونهم فى ديارهم بعد أن خرجوا من المدينة فى أول محرم سنة أربع من الهجرة وتشتت جمع بنى أسد قبل أن يهم بهم بغدرة وأصاب المسلمون إبلاً وشاءً لهم فساقوها أمامهم وعادوا إلى المدينة سالمين غانمين دون حرب أو قتال أما أبو سلمة فقد انفجر جرح كان قد أصابه يوم أحد فما لبث أن مات .

بعث عبدالله بن أنيس ،،،،

بعد خروج أبى سلمة فى الأول من المحرم سنة أربع من الهجرة فى مائة وخمسين مقاتلاً إلى بنى أسد بن خزيمة جاءت الاستخبارات بأن خالد بن سفيان الهذلى يحشد الجموع لحرب المسلمين فبعث النبى -صلى الله عليه وسلم- عبدالله بن أنيس ليقضى عليه وبقى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون ينتظرون مجيئه منذ أن خرج فى الخامس من شهر محرم سنة أربع من الهجرة ولمدة ثمانية عشر يومًا متصلة حتى إذا كان يوم الثالث والعشرين قدم إليهم عبد الله وقد قتل خالدا وجاء برأسه فأعطاه النبى -صلى الله عليه وسلم- عصا !
وقال:- هذه آية بينى وبينك يوم القيامة فلما حضرته الوفاة أوصى أن توضع فى أكفانه .

بعث الرجيع ،،،،

جاء إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فى شهر صفر من العام الرابع من الهجرة قوم من عضل وقارة، وأخبروه أنهم أسلموا، لكنهم يريدون من يعلمهم ويفقههم فى دينهم، فأرسل معهم محمد -صلى الله عليه وسلم- عشرة من أصحابه أميرهم عاصم بن ثابت، وسار الركب حتى إذا وصل الرجيع فوجئ المسلمون بأن من معهم ينادون على حىّ من هذيل يقال لهم بنو لحيان ليوقعوا بهم سوءًا، فأسرعوا بالفرار لكنهم لحقوا بهم، ومعهم قرابة المائة رام،،
وقالوا لهم:- لكم العهد والميثاق إن نزلتم إلينا ألا نقتل منكم رجلاً،،

فأبى عاصم أن يأمن للغادرين وقاتلهم، فقتلوه وستة معه بالسهام، وبقى خبيب، وزيد بن الدثنة، ورجل آخر، فأعطوهم العهد والميثاق، لكنهم ما إن قيدوهم، حتى قتلوا ثالثهم، وصحبوا خبيبًا وزيدًا إلى مكة، فباعوهما ليقتلا،،،
فأما زيد فقتله صفوان بن أمية انتقامًا لقتل أبيه، وأما خبيب فقد قتله عقبة بن الحارث، وكان مصلوبًا فاحتال عمرو بن أمية الضمرى، حتى أخذ جثمانه ودفنه وذهبت قريش لتأتى بجسد عاصم بن ثابت فوجدوه محاطًا بظلة من الزنابير، وكان عاصم قد عاهد الله ألا يمس مشركًا ولا يمسه مشرك .

مأساة بئر معونة ،،،،

سبعون رجلاً من خيار المسلمين وسادتهم وقرائهم أميرهم المنذر بن عمرو خرجوا فى شهر صفر للعام الرابع الهجرى مع ملاعب الأسنة أبى براء عامر بن مالك، الذى دعاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإسلام، فلم يجب ولم يرفض، خرجوا معه وفى جواره إلى أهل نجد، ولما وصل الركب بئر معونة أرسلوا إلى عامر بن الطفيل بكتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحمله حرام بن ملحان، فلم ينظر فيه، وأمر رجلاً فطعنه بالحربة من خلفه وبادر عدو الله بدعوة بنى عامر لقتال باقى المسلمين، فلم يجيبوه احترامًا لجوار أبى براء، فاستنفر بنى سليم، فأجابته عصية ورعل وذكوان، وفوجئ صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمشركين يحيطون بهم، ويقاتلونهم فقاتلوهم حتى استشهدوا جميعًا ،،،

إلا كعب بن زيد فقد كان به رمق، فحمل من بين القتلى، وعاش حتى استشهد بغزوة الخندق، وكان عمرو بن أمية الضمرى، والمنذر بن عقبة بن عامر يرعيان غنم المسلمين، فرأيا الطيور المتوحشة تحوم على موضع الوقعة، فاستطلعا الأمر فوجدا أشلاء المسلمين تحوطها خيل الغادرين، وهنا لم يرض المنذر -وقد كان فى القتلى صديق يحبه - أن يعود لينقل خبره إلى النبى -صلى الله عليه وسلم - وصاحبه مسجى فى الصحراء حتى يلحق به، فقاتل المشركين حتى لحق بالشهداء وأسر عمرو بن أمية، فلما أخبر أنه من مضر جز عامر ناصيته، وأعتقه عن رقبة قال إنها كانت على أمه، وعاد عمرو إلى النبى -صلى الله عليه وسلم- يخبره بالفاجعة لكنه فى عودته قتل رجلين من بنى كلاب انتقامًا لأصحابه، ولم يكن يعلم أن معهما عهدًا من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ،،
فقال له النبى: لقد قتلت قتيلين، لأدينهما .

وانشغل بجمع دياتهم من المسلمين وحلفائهم من اليهود، وقد كان ذلك سببًا لغزوة بنى النضير، أما النبى -صلى الله عليه وسلم- فقد تألم لمصاب المسلمين حتى مكث شهرًا يدعو فى صلاة الفجر على رعل، وذكوان، وعصية، ولحيان .


wolf101 04-08-2012 08:45 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

غزوة بنى النضير ،،،،

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=21694

وقف جمع من يهود بنى النضير فى ديارهم يتهامسون فيما بينهم أندفع من أموالنا لمحمد ليقضى دية قتيلى عمرو بن أمية ؟!
ما لنا نحن وذلك؟! لا خلاص إلا بقتل محمد، إنه الآن ينتظر مسندًا رأسه إلى جدار بيت من بيوتنا، الأفضل أن نلقى عليه رحى من فوق الدار، حتى لا نجاهر المسلمين بالعداوة بعد موته، لكن من يأخذ الرحى ليلقيها ؟
وهنا قال عمرو بن جحاش: أنا !
فأجابهم سلام بن مشكم وقد كان صامتًا ممتعضًا طيلة حديثهم:- لا تفعلوا، فوالله ليخبرن بما هممتم به، وإنه لنقض للعهد الذى بيننا وبينه، لكنهم أبوا أن يستمعوا إليه، وعزموا على تنفيذ خطتهم،،،

وهنا نزل جبريل من عند رب العالمين يحذر محمدًا -صلى الله عليه وسلم- مما هموا به، فنهض النبى مسرعًا وتوجه إلى المدينة، ولحقه أصحابه وعلى الفور أرسل محمد بن مسلمة إلى بنى النضير يقول لهم: اخرجوا من المدينة ولا تساكنونى بها، وقد أجلتكم عشرًا، فمن وجدت بعد ذلك بها ضربت عنقه، ومادت الأرض من تحت أقدام اليهود، وقرروا أن يسارعوا بالخروج، لكن رسالة من عبد الله بن أبى رأس المنافقين وصلتهم يقول فيها: اثبتوا وتمنعوا، ولا تخرجوا من دياركم، فإن معى ألفين يدخلون معكم حصنكم، فيموتون دونكم، فعادت إليهم ثقتهم بأنفسهم، وأرسل رئيسهم حيى بن أخطب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول له: إنا لا نخرج من ديارنا، فاصنع ما بدا لك! وهنا لم يبق للمسلمين الذين آلمتهم ضربتا بعث الرجيع وبئر معونة سوى أن ينتفضوا دفاعًا عن هيبتهم الضائعة، فخرجوا إليهم يحمل لواءهم على بن أبى طالب حتى إذا وصلوا إلى ديار اليهود حاصروهم فى حصونهم ست ليال، وقيل بل خمس عشرة ليلة، وأحرقوا وقطعوا نخيلهم الذى كان عونًا لهم على رمى المسلمين بالنبل والحجارة، فخارت عزيمة اليهود لما رأوا تخاذل ابن أبى وبنى قريظة عنهم، واستسلموا للرسول -صلى الله عليه وسلم- الذى قضى فيهم بأن يخرجوا عن ديارهم بنفوسهم وذراريهم، وأن لهم ما حملت الإبل إلا السلاح، فنزلوا على ذلك وخربوا بيوتهم بأيديهم، ورحلوا إلى خيبر والشام فى ربيع الأول سنة أربع من الهجرة؛ جزاء كيدهم وغدرهم.

غزوة نجد ،،،،

أتى شهر ربيع الثانى وجمادى الأولى سنة أربع من الهجرة والمنافقون واليهود بالمدينة قد اعتبروا بما حدث لبنى النضير، فعادوا يختبئون فى جحورهم إلى حين، أما قريش فقد دنا موعدها الذى واعدت محمدًا -صلى الله عليه وسلم- به، ولم يبق إلا الأعراب يهددون مجتمع المدينة فى كل حين، والمسلمون يتوجسون خيفة من ترك المدينة لمنازلة قريش، وخطر مداهمتها من الأعراب مسلط فوق الرؤوس خصوصًا وقد نما إلى علمهم أن بنى محارب وبنى ثعلبة من غطفان يحشدون جموع البدو والأعراب لمهاجمة المسلمين، وهنا كان واجبًا على النبى -صلى الله عليه وسلم- أن يتخذ قرارًا حاسمًا ،،،
فخرج فى جيشه يتجول فى صحراء نجد، ليرهب الأعراب المشاغبين، والذين لم يقووا على مواجهة جيش محمد -صلى الله عليه وسلم- وآثروا السلامة، فتمنعوا فى رؤوس الجبال هربًا من نزال زعموا من قليل أنهم يريدونه ! وعاد الجيش النبوى إلى المدينة، وقد أضحى ما حولها آمنًا استعدادًا للخروج إلى بدر فى شعبان المقبل سنة أربع من الهجرة.

غزوة بدر الثانية ،،،،

شعبان سنة أربع من الهجرة الموعد الذى ضربه أبو سفيان وأجابه إليه المسلمون، للملاقاة ببدر، أتى هذا الشهر والفريقان كل ببلده يستعد، فأما المسلمون فقد خرجوا فى ألف وخمسمائة مقاتل يقودهم نبيهم -صلى الله عليه وسلم-ويحمل لواءهم على بن أبى طالب، وقد اصطحبوا عشرة أفراس، واستعملوا على المدينة عبد الله بن رواحة، ومضوا فى طريقهم حتى وصلوا بدرًا، فأقاموا ينتظرون عدوهم اللدود ،،،
وأما المشركون فقد خرجوا فى ألفى مقاتل، يجرون أقدامهم جرًّا مصطحبين خمسين فرسًا، قد استولى عليهم الخوف والرعب، يود كل واحد منهم لو أن أبا سفيان لم يواعد المسلمين فى لحظة نشوته ! ويسائل كل منهم نفسه:- هل كتب على أن أدفع ثمن وعد أبى سفيان؟ ويبدو أن أبا سفيان قد أدرك فعلته ،،،
فما إن وصل إلى مر الظهران ونزل بماء مجنة، حتى بادر الجيش بقوله:-
يا معشر قريش، إنه لا يصلحكم إلا عام خصب، ترعون فيه الشجر، وتشربون فيه اللبن، وإن عامكم هذا عام جدب ! وإنى راجع فارجعوا،،،
وما كادت كلماته تلك تنتهى حتى كانت أقدامهم ودوابهم تطير سعيًا إلى مكة على الجانب الآخر ظل المسلمون فى انتظار جيش قريش ثمانية أيام ببدر، وقد استغلوا هذا الوقت فى التجارة فربحوا بدرهم درهمين، ثم رجعوا إلى المدينة وقد وطدوا هيبتهم فى النفوس، وألحقوا العار بقريش دون نزال، وتسمى هذه الغزوة ببدر الموعد، وبدر الثانية، وبدر الآخرة، وبدر الصغرى.

غزوة دومة الجندل ،،،،

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=24311

استعمل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سباع بن عرفطة الغفارى على المدينة وخرج فى ألف من المسلمين لخمس ليال بقين من ربيع الأول سنة خمس من الهجرة يسير الليل ويكمن النهار، مسرعًا فى اتجاه دومة الجندل بمشارف الشام، لعلمه بأن القبائل حولها تحشد الحشود؛ لمهاجمة المدينة، وعلم أهل دومة الجندل بقدوم الجيش المسلم،،،
ففروا فى كل اتجاه، فلما نزل المسلمون بأرضهم لم يجدوا منهم أحدًا، وانطلقت السرايا وفرق الجيش تبحث عنهم، فلم تصب منهم أحدًا، وعاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وجيشه إلى المدينة، وقد أكد هيبة المسلمين وعزز أمن مدينتهم، وفى هذه الغزوة وادع النبى عيينة بن حصن .

wolf101 04-08-2012 08:46 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=57298


** { غزوة الـخــنــدق ~ الأ حــــزاب ~ } **

" الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم "

هكذا كانت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- بعد ذهاب الأحزاب وجلائهم عن المدينة، وهكذا كانت بشارته .
بدأت الغزوة بمكيدة يهودية دنيئة ، تجمع المشركون من قريش والعرب على إثرها ، وتوجهوا لمهاجمة المدينة ، وعلم الرسول -صلى الله عليه وسلم- بنيتهم ، فاجتمع بمجلس شوراه ليحسم أمره ، وهناك كانت المشورة بحفر الخندق ، وتحمل المسلمون مواجهة المشاق لإتمام حفره ، والتغلب على تثبيط المنافقين ،,,

ووصلت جموع المشركين الزاحفة لاستئصال المسلمين ، ففوجئت بما لم تحسب ، فحاصرت المدينة إلى حين ، ولم تستطع أن تداهمها ، وإن لم يمنع ذلك من حدوث بعض قتال عبر الخندق ، وفى هذه الظروف الخانقة فوجئ المسلمون بخيانة يهود بنى قريظة لهم، ومحالفتهم لعدوهم ، فأصبح جيش المسلمين فى حرج كبير لانكشاف ظهره ، وهنا ساق الله تعالى لهم فرجًا ومخرجًا بحيلة لنعيم بن مسعود فخرجوا من أزمتهم ، وبقى الجيش المشرك متربصًا ، حتى أجلاه الله - عز وجل - بريح شديدة سخرها عليهم فكانت نهاية المعركة .

مكيدة اليهود ،،,،

بينا مشركو مكة فى أنديتهم وأسواقهم ، إذ فوجئوا بعشرين يهوديًا من بنى النضير ، ممن أجلاهم المسلمون عن المدينة لخيانتهم - فوجئوا بهم يدخلون عليهم ، ويدعونهم إلى غزو المدينة ، واعدين إياهم بالمناصرة ، وما إن أجابتهم قريش - التى اهتزت سمعتها لما فعلته ببدر الصغرى - إلى طلبهم ذلك ، حتى خرج الوفد إلى غطفان ، ثم إلى سائر قبائل العرب ، يعوى بينهم بنداء الحرب والمنازلة ، وما زالوا هكذا حتى تجمع المشركون أحزابًا ليقاتلوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، ليس قتالاً كقتال بدر وأحد إنما قتال تفنى فيه نفوس المسلمين جميعًا ، وتبيد مدينتهم العنيدة ، وينتهى أمرهم إلى الأبد من صحراء العرب ، هذا ما كادوه للمؤمنين ، والله من ورائهم محيط .

تجمع المشركين ،،،،

فعلت مكيدة اليهود أثرها ، فما مضى من الزمن غير يسير حتى خرجت من الجنوب قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة ، وقائدهم أبو سفيان فى أربعة آلاف مقاتل ، وساروا حتى مر الظهران حيث وافاهم بنو سليم ، ومن الشرق خرجت قبائل غطفان (( بنو فزارة يقودهم عيينة بن حصن وبنو مرة يقودهم الحارث بن عوف وبنو أشجع يقودهم مسعر بن رخيلة وبنو أسد وغيرها )) وتحركت هذه الجموع حتى التقت عند المدينة فى موعد اتفقت عليه ، وبلغ تعدادها عشرة آلاف مقاتل ، وهو عدد يزيد على جميع أهل المدينة شبابًا وشيوخًا ونساءً وأطفالاً .

المجلس الاستشارى للنبى ،،،،

اجتمع قادة الصحابة ، وأهل الشورى والرأى مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبحثون كيف يواجهون جيشًا عرمرمًا ، قوامه عشرة آلاف جندى ، يكاد دوى أقدامهم يصل إلى مسامع أهل المدينة ،،،

وهنا قام سلمان الفارسى قائلاً:- يا رسول الله ، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا .
وقد كانت فكرة حكيمة لم تكن العرب تعرفها من قبل ، ورأى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - وصحابته وسيلة رائعة لحماية أنفسهم وذراريهم ، فشرعوا يتسابقون إلى حفر الخندق .

حفر الخندق ،،،،

وضع الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطة محكمة لحفر الخندق :-
يحفر الخندق فى شمال المدينة ، حيث لا يمكن لجيش المشركين الكبير أن يهاجمها إلا من هذه الناحية ، لتحصنها بالحرات والجبال وبساتين النخيل من باقى الجهات ، ويقوم كل عشرة رجال بحفر أربعين ذراعًا ، ويبدأ العمل فورًا !

هكذا كانت الأوامر ، وأسرع المسلمون بجد ونشاط يقومون بما كلفوا به ، المهاجرون والأنصار تتشابك أيديهم ، إسراعًا فى العمل ودفاعًا عن المدينة ، ونبى الله - صلى الله عليه وسلم - لا يكتفى بالإشراف على العمل الدؤوب ، بل يشاركهم حمل التراب ، حتى وارى الغبار جلدة بطنه .
ورغم المشاق العسيرة التى واجهوها ، إلا أنها لم تكن لتقعدهم عن العمل ، أو تمنعهم عن تبادل الإنشاد ، ومع العمل المضنى المستمر تكامل الخندق حسب الخطة المنشودة ، وقبل أن يصل الجيش المشرك إلى أسوار المدينة .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=76488

مواجهة المشاق بالمعجزات ،،،،

بينا المسلمون يعملون بكد فى حفر الخندق ، وحمل ترابه إذ أُتى لهم بطعامهم :- ملء كفى شعير ، قد صنع بدهن تغير لونه وطعمه من شدة قدمه ، وأكل المسلمون طعامهم ، ثم غدوا إلى رسول الله يشكون إليه الجوع ، وكشف كل عن بطنه ، فإذا بحجر معصوب ، فرفع النبى - صلى الله عليه وسلم - عن بطنه فوجدوا حجرين .

وقد حدثت للنبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين آيات عجيبة من عند ربهم - عز وجل - تثبيتًا لهم ، وإعانة منه سبحانه وتعالى على ما يواجهون .

بعثت امرأة جابر بن عبدالله صاعًا من شعير ، وذبحت بهيمة لها ، فأكل منها النبى -صلى الله عليه وسلم - وألف مسلم من أهل الخندق ، حتى شبعوا ، وبقى اللحم والعجين كما هما .
وجاءت أخت النعمان بن بشير بحفنة من تمر ، فمرت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فطلب منها الثمر ونثره فوق ثوب ثم دعا أهل الخندق ، فجعلوا يأكلون منه ، والتمر يزيد حتى إنه يسقط من أطراف الثوب .

وعرضت للمسلمين صخرة شديدة أعجزت الناس أن يكسروها ، فجاء رسول الله ، فأخذ المعول ثم قال :- بسم الله ، ثم ضرب ضربة وقال:- الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأنظر قصورها الحمر الساعة ،،،
ثم ضرب الثانية فقطع آخر فقال :- الله أكبر ، أعطيت فارس ، والله إنى لأبصر قصر المدائن الأبيض الآن ،،،
ثم ضرب الثالثة ، فقال :- بسم الله ، فقطع بقية الحجر ، فقال:- الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن ، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكانى ،،،،
والحق ما قال محمد -صلى الله عليه وسلم- فإن أولئك الذين حوصروا بالمدينة دون خندقهم ما مرت إلا سنون قلائل حتى بسطت لهم الأرض ، ودانت على اتساعها ، رغم أنف المشركين وحلفائهم من منافقى المدينة ، الذين كانوا يشيعون اليأس بين أهلها .

المنافقون يوم الأحزاب ،،،،

أصبح منافقو المدينة فى مأزق لايحسدون عليه ! فهم يواجهون عدوًا لاحاجة لهم فى قتاله ، ويكافحون مع قوم قد ملأ قلوبهم بغضهم وعداوتهم له ، تكالبت هذه المشاعر على قلوب المنافقين ، وجثمت على صدورهم فخنقتهم ، فلم يستطيعوا البوح بمشاعرهم ، ولا يطيقون العمل والمخاطرة من أجل دين لا يعتقدونه ، ولا تسمح لهم المدينة بالقعود فى منازلهم ، والاختباء بين فرشها ، فماذا يفعلون ؟!

سمع أحدهم النبى يبشر المسلمين بالفتح ، فغص حلقه ، وانطلق لسانه الأسير رغمًا عنه يقول:- يعدنا محمد أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا لايأمن من أن يذهب إلى حاجته . ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورًا .

ورأى بعضهم من بنى الحارث جموع غطفان ، فدارت أعينهم من الخوف ، وقالوا للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- إن بيوتنا عورة وليس دار من دور الأنصار مثل دارنا ، ليس بيننا وبين غطفان أحد يردهم عنا ، فأذن لنا فلنرجع إلى دورنا ، فنمنع ذرارينا ونساءنا .
وبقى الآخرون معوقًا للمسلمين ومثبطًا لهم ، بوجوههم المصفرة ، وفرائصهم المرتعدة ، وقلوبهم الواجفة ، وقد فضح الله - عز وجل - هؤلاء المنافقين فى محكم آياته ، وبين ما عليه حال المؤمنين من الثقة بالله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -

بقوله تعالى
(( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً )) .

حصار المدينة ،،،،

أربعة آلاف مشرك قرشى يزحفون إلى المدينة وينزلون بمجتمع الأسيال ، وستة آلاف من أعراب غطفان ، ومن تبعهم من أهل نجد ينزلون بذنب تقمى إلى جانب أحد ، عشرة آلاف متكبر مشرك ترى ماذا يريدون ؟ وعلام اجتمعوا وقد عاشوا زمانهم فرقاء متشاكسين ؟

لقد جاءوا يريدون هدم دين سماوى حنيف ، واجتمعوا لاستئصال نبى كريم وصحابته ، وأهليهم العزل من شيوخ ونساء وأطفال ، هذا ما أراده وما اجتمع له المجرمون من قريش والعرب ، فماذا وجدوا ؟ خندقًا عريضًا ، لازال رطبًا من عرق المسلمين وكدهم ، يحوط المدينة من الشمال ، والنبى - صلى الله عليه وسلم - وثلاثة آلاف من جنوده يقفون دونه ، وقد حصنوا ظهورهم بجبل سلع ، وشعارهم فى هذا اليوم :- هم لا ينصرون ، فبقى المشركون يحاصرون المسلمين وينظرون إليهم ولا يدرون ما يعملون ، وهكذا تساوى الفريقان ، غير أن كلاً شغل جانبًا من جانبى الخندق ، ورأى المشركون نبل المسلمين وشاهدوا بريق سهامهم ، فلم يجترئوا على الاقتراب منهم ، أو محاولة إهالة التراب لسد خندقهم ، ولم يبق لهم إلا بضع محاولات يائسة للقتال عبر الخندق .

القتال عبر الخندق ،،،،

كنمر ثائر عزلوه فى محبسه أصبح وضع المشركين الذين جال بعض فرسانهم حول الخندق حيارى يودون اقتحامه ، وتيمم هؤلاء مكانًا ضيقًا من الخندق فعبروه ، وسعت خيلهم بين الخندق وجبل سلع ، وكان فيهم عمرو بن عبد ود ، وعكرمة بن أبى جهل وضرار بن الخطاب ، وغيرهم ، وقد خرج إليهم على بن أبى طالب فى نفر من المسلمين ، فقتل على عمرًا الذي لايهزم ابداً ، وأطلق عكرمة وأصحابه لسوقهم الريح فرارًا إلى معسكرهم ، وتعددت هذه المحاولات اليائسة ، ودامت أيامًا ، لكن المسلمين كافحوها ببسالة ويقظة ، حتى لقد فاتت عنهم بعض الصلوات ، فدعا عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم - لذلك .
وقد قتل فى هذه المناوشات عشرة من المشركين وستة من المسلمين ، ورمى سعد بن معاذ بسهم فى أكحله ، وهو الذى كان سبب موته بعد غزوة بنى قريظة .

خيانة بنى قريظة ،،،،

إن الحرب التى أشعل نارها يهود بنى النضير لم يرد بنو قريظة أن تنتهى حتى يشاركوا فى تأجيج سعيرها !
طرق حيى بن أخطب كبير بنى النضير باب كعب بن أسيد كبير بنى قريظة يبشره بما صنع ، شرة آلاف مشرك يوشك جمعهم أن يداهم المدينة ، وطالبه بخيانة النبى ومن معه ، وماطل كعب فى إجابته ، لكن حييًا ألح عليه ووعده إن عادت قريش وغطفان أن يدخل معه حصنه ، ليصيبه ما أصابه ، فأسرع كعب بالقبول ، وبدأ الثعبان القرظى يطل برأسه من جحره ، بل ويسعى فى طرقات المدينة ، فقد طاف يهودى بحصن تجمعت فيه نساء المسلمين وصبيانهم ، وأوشك أن يدل على عورة المسلمين ، لكن صفية بنت عبدالمطلب عمة رسول الله نزلت ، وقد أمسكت بعمود فى يدها ، فضربته به حتى خر صريعًا ، ثم عادت لحصنها ، وظن الأغبياء أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد استبقى بعض جيشه بالحصن ليدفع عنه الأعداء ، فلم يعيدوا الكرة ،،،

لكن خبر خيانة اليهود وصل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأصابه الهم ، ولما وقع بجيش المسلمين من حرج ، دفع إليه غدر اليهود الذى لاينقطع .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=59062

جيش المسلمين فى حرج ،،،،

عاد سعد بن معاذ ، وسعد بن عبادة ، وعبدالله بن رواحة ، وخوات بن جبير من ديار بنى قريظة ، وكلمات الغادرين تتردد فى آذانهم :- من رسول الله ؟
لاعهد بيننا وبين محمد ، ولا عقد ، وأقبل الوفد الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - للاستطلاع إليه ، وصنعوا كما أمرهم :- ألحنوا لى لحنًا أعرفه ، ولاتفتوا فى أعضاد الناس ، فقالوا:- عضل وقارة إشارة إلى غدرهم كغدر عضل وقارة ، لكن النفوس المتلهفة لتشوف الحقيقة أدركت الخبر ، وانتشر فى معسكر المسلمين نبأ خيانة اليهود ، وانكشاف ظهر المسلمين ، واحتمال تعرض نسائهم وصبيانهم للخطر ، فزاغت الأبصار ، وبلغت القلوب الحناجر ، وارتفعت رؤوس المنافقين ، تبث خبيث كلامها :-
كان محمد يعدنا أن نأكل كنوز كسرى وقيصر ، وأحدنا اليوم لا يأمن على نفسه أن يذهب إلى الغائط ، يا محمد ، إن بيوتنا عورة من العدو ، فأذن لنا أن نخرج ، فنرجع إلى دارنا .

وانصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم فاضطجع وقد تغطى بثوبه ، ثم نهض يقول :-
الله أكبر أبشروا يا معشر المسلمين ، بفتح الله ونصره
وأعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكره ، فرأى أن ستة آلاف مشرك من غطفان، ما خرجوا دفاعًا عن آلهة قريش ، إنما رغبة فى أموالها ، فاستشار السعدين فى أن يصالح رئيسى غطفان :- عيينة بن حصن ، والحارث بن عوف على ثلث ثمار المدينة ، حتى ينصرفا بقومهما ، وتبقى قريش وحدها فيواجهها النبى -صلى الله عليه وسلم- بجيش قد ألف حربها ، لكن السعدين لم يرضيا بهذا الحل ، إلا أن يكون أمرًا لله قد وجبت طاعته ، أما إن كان شيئًا يصنعه النبى - صلى الله عليه وسلم - لهم ، فلا حاجة لهم فيه ،،،
فأجابهم النبى بقوله :- إنما هو شىء أصنعه لكم ، لما رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة . ثم إن الله - عز وجل - قد هيأ لهم فرصة ، سرعان ما أدركها النبى - صلى الله عليه وسلم - فانتهزها وكانت سبيلاً لتفتيت جموع العدو .

حيلة نعيم بن مسعود ،،،،

إن الله يرزق بسبب وبغير سبب ، رزق المسلمين فرجًا لكربهم بضد السبب !
فمن بين جموع غطفان المشركة ، التى تحاصر المدينة للإجهاز عليها خرج نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعى قادما إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلن بين يديه أنه أسلم ، والقائد الخبير يدرك الفرصة الثمينة فى تقلبات الأيام ، فلا يدعها تمر حتى يقضى منها مأربه أسر النبى -صلى الله عليه وسلم - إلى نعيم بن مسعود قائلاً :-
إنما أنت رجل واحد ، فخذل عنا ما استطعت
فإن الحرب خدعة .

فانطلق نعيم من فوره إلى أصدقائه القدامى من بنى قريظة وأظهر لهم النصح قائلاً عن قريش:-
إنهم إن أصابوا فرصة انتهزوها ، وإلا لحقوا ببلادهم وتركوكم ومحمدًا ، فانتقم منكم ،
فقالوا له :- فما العمل يا نعيم؟
قال:- لا تقاتلوا معهم حتى يعطوكم رهائن ،،
قالوا:- لقد أشرت بالرأى .
وانصرف نعيم من عندهم إلى قريش ثم حذرهم من بنى قريظة قائلاً :-
إن يهودا قد ندموا على ما كان منهم من نقض عهد محمد وأصحابه ، وإنهم قد راسلوه أنهم يأخذون منكم رهائن يدفعونها إليه ، ثم يوالونه عليكم ، فإن سألوكم رهائن فلا تعطوهم !
ثم ذهب إلى غطفان فقال لهم مثل ذلك ، وأرسلت قريش وغطفان إلى بنى قريظة أن هلموا بنا نحارب محمدًا ، فاشترط اليهود عليهم الرهائن ،،،
وهنا قالت قريش وغطفان:- صدقكم والله نعيم .
ثم دبت الفرقة بينهم ، وسرعان ما أتى الله بريح من عنده ذهبت بهم وكانت نهاية المعركة .

نهاية المعركة ،،،،

حفر المسلمون الخندق ، وتجهزوا للقاء العدو ، ولم تغفل أعينهم عن محاولى العبور لحظة واحدة ، وتحملوا فى سبيل ذلك الجوع والتعب ، وجاءتهم طعنة بنى قريظة من ظهورهم ، فاحتالوا لدرئها ، ثم لم تكف دعواتهم عن أن تتردد بين السماء والأرض: -
اللهم استر عوراتنا ، وآمن روعاتنا . تؤيدها دعوات نبيهم الكريم -صلى الله عليه وسلم-:-
اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، اهزم الأحزاب ، اللهم اهزمهم وزلزلهم .

فماذا بقى إذن سوى أن يعجل الله - عز وجل - نصرهم ؟
لقد أرسل الله على قريش ومن حالفها جندًا من الريح ، فجعلت تقوض خيامهم ، ولا تدع لهم قدرًا إلا كفأتها ، وأرسل جندًا من الملائكة يزلزلونهم ، ويلقون فى قلوبهم الرعب والخوف ، فأطلقوا لسوقهم الريح ، وعادوا من حيث أتوا ، لم ينالوا خيرًا، وكفى الله المؤمنين القتال ،,
وحين أشرق الصبح ، لم يجد المسلمون أحدا من جيوش العدو الحاشدة ، فازدادوا إيمانا ، وازداد توكلهم على الله الذي لا ينسى عباده المؤمنين .

وأصبح رسول الله يبشر القوم بقوله :-
الآن نغزوهم ولا يغزونا ، نحن نسير إليهم .

وهكذا ، لم تكن غزوة الأحزاب هذه معركة ميدانية وساحة حرب فعلية ، بل كانت معركة أعصاب وامتحان نفوس واختبار قلوب ، ولذلك أخفق المنافقون ونجح المؤمنون في هذا الابتلاء . ونزل قول الله تعالى :-

((
من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلاً ليجزي الله الصادقين بصدقهم و يعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفوراً رحيماً و ردّ الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيراً و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قوياً عزيزاً و أنزل الله الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب فريقاً تقتلون و تأسرون فريقاً ))

wolf101 04-08-2012 08:49 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=24310


** { صـلـح الـحـديـبـيـة } **

إن وقعة الحديبية - التى تمثل فاصلاً لمرحلة جديدة فى السيرة النبوية - قد بدأت برؤيا للنبى -صلى الله عليه وسلم - ، أنه يعتمر مع أصحابه ، وما إن أخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - صحابته بذلك ، حتى شرع المسلمون فى التحرك إلى مكة ، ولم تقبل قريش بادئ الأمر فكرة أن للمسلمين كغيرهم الحق فى زيارة البيت ، فتجهزت للصد عن المسجد ، ومحاربة النبى ومن معه ، ولكنه - صلى الله عليه وسلم - وقد خرج معتمـرًا لا محاربًا ، قام بتبديل الطريق وتجنب اللقاء ، ورأت قريش أن تلجأ للمفاوضات ؛ لصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،

فتتالت وساطات بديل بن ورقاء ، ومكرز بن حفص ، والحليس بن علقمة ، ثم وساطة عروة بن مسعود ، لكن دون جدوى ، وهنا عنّ لفتية قريش أن يقوموا بمحاولة طائشة لإنهاء هذا الأمر بالقوة ، غير أن المسلمين أعادوهم بخفى حنين ، ثم بعث النبى - صلى الله عليه وسلم - عثمان بن عفان سفيرًا إلى قريش ، فاحتبسته قريش ، وأشيع أنه قتل ، فما كان من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلا أن بايع من معه على القتال حتى الموت ، فى بيعة سميت ببيعة الرضوان ، وأسرعت قريش بفض هذه الأزمة ، وبإرسال سهيل بن عمرو وسيطًا جديدًا بينها وبين محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وتمت المعاهدة ،،،

وقبل أن تتم كتابتها ، طالب سهيل برد أبى جندل إليه ، حسب بنودها ، فرده - صلى الله عليه وسلم - ؛ لكنه التزامًا بكلمات المعاهدة ، أبى أن يرد المهاجرات ، وقد حزن المسلمون ، وخاصة عمر ؛ لشعورهم بفوات العمرة ، وانعدام العدل فى بنود المعاهدة ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالنحر والحلق ، حتى يعودوا ، ولقد دارت الأيام لتثبت للجميع مقدار المصلحة فى هذه المعاهدة ، وجرى حكم الله - عز وجل - بانتهاء أزمة المستضعفين الذين لم يكن باستطاعتهم الذهاب إلى المدينة حسب الاتفاق الممهور ، وقد تليت هذه المعاهدة بإسلام أبطال من قريش ، كإشارة ربانية لبداية فجر جديد .

رؤيا النبى - صلى الله عليه وسلم - ،,،،

رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى منامه ، وهو بالمدينة ، أنه دخل مع أصحابه المسجد الحرام ، وأخذ مفتاح الكعبة ، وطافوا واعتمروا ، وحلق بعضهم ، وقصر بعض ، فأخبر - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بذلك ففرحوا ، وظنوا أنهم داخلون مكة هذا العام ، وقد أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عن اعتماره ، فتجهز المسلمون للسفر ، وشرعوا فى التحرك إلى مكة .

التحرك إلى مكة ،،،،،

غسل - صلى الله عليه وسلم - ثيابه ، وركب ناقته القصواء ، واستخلف على المدينة عبدالله بن أم مكتوم ، واصطحب معه زوجه أم سلمة ، وخرج من المدينة فى غرة ذى القعدة سنة ست من الهجرة ، والتفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه يتأملهم ، فإذا الأعراب الذين دعاهم للخروج معه ، قد تباطئوا، وإذا معه ألف وأربعمائة أو ألف وخمسمائة ، ليس معهم إلا سلاح المسافر :- السيوف فى القرب ، وتحرك الركب الميمون فى اتجاه مكة ، يسبقه عين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليخبره خبر قريش

وعند وصوله ذا الحليفة ، قلد - صلى الله عليه وسلم - الهدى ، وأشعره ، وأحرم بالعمرة ؛ ليكون ذلك إعلامًا للناس كافة بالأمان من حربه ، لكن عين المسلمين جاء بأن كعب بن لؤى يجمع الأحابيش لحرب النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ،،،
فاستشار محمد - صلى الله عليه وسلم - صحابته ، فأشاروا عليه بالمضى فى طريقهم ، ومقاتلة من يتعرض لهم فحسب إن اضطروا لذلك ، فأجابهم .

تجهز قريش للصد عن المسجد ،،،،،

جن جنون قريش ، أحق ما تسمعه ؟! إن محمدًا الذى لا يلاقيها إلا فى حرب أو نزال ، محمدًا الذى كادت أن تقضى عليه ومن تبعه لولا احتماؤه بالخندق ، محمدًا هذا قد ردم خندقه ، وجاء إليها بقدميه ، ليس معه إلا سلاح المسافر ، يزعم أنه يريد العمرة ؟! فماذا تصنع معه ؟
أتحاربه فتعيرها العرب بصدها عن بيت الله ، وقتالها للعزل المحرمين ؟ أم تسمح لهم بالعمرة ، فيدخلوا مكة ، ويطوفوا بدروبها ، ويقيموا شعائرهم ، رغم أنف قريش وإرادتها ؟ لا وألف لا !
إنهم لن يسمحوا بدخولهم أبدًا ، هكذا حزمت قريش أمرها وقررت . أما على الجانب الآخر ، فإن رجلاً من بنى كعب ، نقل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - أن قريشًا نازلة بذى طوى ، وأن مائتى فارس ، بقيادة خالد بن الوليد ، قد رابطوا بكراع الغميم ، فى الطريق الرئيسى الذى يؤدى إلى مكة .

وتحرك خالد بفرسانه حتى يُرِىَ المسلمين العزل جمعه العظيم ، لكنهم لم يأبهوا له ، وأدوا صلاة الظهر ، فلما انقضت ، لام بطل قريش نفسه لتقاعسه عن الهجوم أثناء ركوعهم أو أثناء السجود ، وعزم أن يصنع إن هم صلوا العصر ؛ لكن الله أنزل حكم صلاة الخوف ، فحفظ خالدًا من أن يسقط فى هذا العار المبين .

تبديل الطريق وتجنب اللقاء ،,،،

ترك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خالدًا وفوارسه على طريقهم ، ثم أخذ طريقًا وعرًا بين الشعاب ، وسلك بهم ذات اليمين بين ظهرى الحمش فى طريق على ثنية المرار مهبط الحديبية أسفل مكة ، ولم يدر خالد ما يصنع ، فانطلق راكضًا لينذر قريشًا .
أما القصواء ، ناقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنها حين وصلت إلى ثنية المرار ، بركت فلم تتحرك ، وما حبسها إلا حابس الفيل ،،،

وهنا التفت النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى من معه وقال:-

والذى نفسى بيده ، لا يسألونى خطة يعظمون فيها حرمات الله ،
إلا أعطيتهم إياها .

ثم زجر ناقته ، فوثبت به ، فسار حتى نزل بأقصى الحديبية ، على حوض به ماء قليل ، لم يلبث أن جف ، فشكوا ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فانتزع سهمًا من كنانته ، ثم أمرهم أن يجعلوه فيه ، فتفجر فيه الماء ، فما زالوا يشربون منه حتى تركوه .

وساطة بديل بن ورقاء ،،،،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مقيم مع المسلمين بالحديبية ينتظر خطوة قريش القادمة ، إذ قدم عليه بديل بن ورقاء الخزاعى فى نفر من خزاعة ، التى كانت موضع ثقة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شركها وجلس بديل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أخبره بعزم كعب بن لؤى على مقاتلته ، وصده عن البيت ،،،

فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأنه ما جاء للحرب ، ماجاء إلا زائرًا للبيت ومعظمًا حرمته ، فعاد بديل إلى قريش يخبرها بقول محمد - صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- والله لا يدخلها علينا عنوة أبدًا ، ولا تحدث بذلك عنا العرب ، ثم بعثوا مكرز بن حفص .

وساطة مكرز بن حفص ،،،،

نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد مكرز بن حفص قادمًا إليه ، قد أرسلته قريش لتفاوضه ،،،
فقال: هذا رجل غادر .
وجاء مكرز وتكلم ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بمثل ما قاله لبديل بن ورقاء ، فرجع الرجل إلى قريش ليخبرها الخبر .

وساطة الحليس بن علقمة ،،،،

لم تفلح وساطتا بديل ومكرز ، وازداد الموقف تأزمًا ، وهنا تطوع رجل من كنانة ، وهو الحليس بن علقمة ،،
فقال:- دعونى آته . فأجابته قريش ،،،
ورآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قادمًا ، فقال:- هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن ، فابعثوها .

وفوجئ الحليس بالهدى يملأ الوادى ، وبالمسلمين محرمين يلبون ، فلم يأت إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وعاد إلى قريش قائلاً :- رأيت البدن قد قلدت وأشعرت ، وما أرى أن يصدوا .
إن الحليس رجل يعظم الشعيرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم ذلك ، فأراه من حقيقة نفسه وأصحابه ما يحب ، فعاد الرجل مؤيدًا له ، متعجبًا من قتال قريش لزوار بيت الله ،،،
لكن قريشًا أجابته :- اجلس إنما أنت أعرابى لا علم لك ، آلآن ؟
فلم بعثوه إذن ؟

لقد استشاط الحليس غضبًا ، وصاح فيهم :- يا معشر قريش ، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ، أيصد عن بيت الله من جاء معظمًا له ؟ والذى نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد .

وهكذا استطاع المسلمون أن يشقوا صف قريش وهم عن بعد فى الحديبية ، دون قتال أو نزال ، وأدركت قريش طيشها ،،،
فأسرعت تعتذر قائلة :- مه ، كف عنا يا حليس ، حتى نأخذ لأنفسنا ما ترضى به .

وساطة عروة بن مسعود ،،،،

سمع عروة كلام الحليس ، فقال لقريش :- إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ، ودعونى آته وسقط فى أيدى قريش ، وعلمت أن طريق المفاوضات الذى وقفت ببدايته تمعن نظرها وتتأمله ، عليها الآن شاءت أم أبت أن تجتازه ،،،
فقالت لعروة :- آته . وذهب عروة بن مسعود إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فجلس إليه وكلمه ،,
فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما أجاب بديلاً ،,
وهنا بدأ عروة يناور النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال له :- إنه إن اجتاح قريشًا فسيكون أول من اجتاح أهله فى العرب ، وإن هزمته قريش ، فلن يبقى ممن حوله من الناس أحد بعد أن يفروا عنه ،,,
وهنا سخر منه أبو بكر ، ثم قال له :- أنحن نفر عنه ؟
فسكت عروة لأن أبا بكر كان قد صنع له معروفًا من قبل ، وظل عروة يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وكلما كلمه أمسك بلحية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ،,

لكن رجلاً مقنعًا بالحديد كان كلما مد يده ، ضرب يده بنعل السيف !
وقال :- أخر يدك عن لحية رسول الله ,,
فرفع عروة رأسه وسأل :- من ذا ؟ فعلم أنه المغيرة بن شعبة ابن أخيه ،,
فقال :- أى غدر ، أو لست أسعى فى غدرتك ؟
لأن المغيرة قتل فى الجاهلية ثلاثة عشر رجلاً وأخذ أموالهم ثم ذهب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأسلم ،,
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما الإسلام فأقبل ، وأما المال فلست منه فى شىء .
وكان عروة هو الذى يدفع دية القتلى عن المغيرة ، وقد لبث عروة بعض الزمن ، وهو ينظر إلى معسكر المسلمين ، ويقلب فيهم طرفه .

ثم عاد إلى قريش قائلاً :-
والله لقد وفدت على الملوك ، على قيصر وكسرى والنجاشى - والله ما رأيت ملكًا يعظمه أصحابه ، ما يعظم أصحاب محمد محمدًا ، والله إن تنخم نخامة إلا وقعت فى كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده ، وإذا أمرهم ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده ، وما يحدون إليه النظر تعظيمًا له ، وقد عرض عليكم خطة رشيدة فاقبلوها .

محاولة طائشة من فتية قريش ،،،،

لا يقنع الشباب بحلول التسوية والمفاوضات ، وفتية قريش وقد وجدوا قومهم استسلموا لمفاوضة محمد ، لم يعجبهم أن تنزلق أقدامهم فى هذا الطريق ، ففكروا فى خطة تحول بينهم وبين الصلح ، ثم قرروا أن يخرجوا ليلاً ، فيهبطوا من جبل التنعيم ، ويتسللوا إلى معسكر المسلمين ، ثم يحدثوا أحداثًا تشعل نار الحرب بين الفريقين ،,,

وفعلاً خرج سبعون أو ثمانون منهم لتنفيذ ما اتفقوا عليه ، غير أن محمد بن مسلمة قائد حرس المسلمين اليقظ قد اعتقلهم جميعًا ، فلم ينج منهم أحد ، وهنا عفا عنهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم أطلق سراحهم جميعًا ، ليعودوا إلى ذويهم ، وقد أغلقوا بجميل محمد باب حرب لا يفتح بعد ذلك أبدًا ورغبة منه صلى الله عليه وسلم في الصلح ، وتمشيًا مع القصد الذي خرج صلى الله عليه وسلم لأجله، فقد أطلـق سراحهم وعفا عنـهم ، وفي ذلك أنزل الله‏ قوله الكريم:-
‏{‏ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ‏}‏ (‏الفتح‏:24)

سفارة عثمان إلى قريش ،،،،

بعد أن عفا محمد - صلى الله عليه وسلم - عن فتية قريش الطائشين ، قرر ألا ينتظر رسل قريش إليه ، وأن يبادر قريشًا هذه المرة فيرسل إليها رسولاً من لدنه ،,,
وبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر بن الخطاب ليكون رسوله ، فاعتذر لعدم وجود عصبية له بمكة تدافع عنه إن أرادت قريش به سوءًا ،,
وأشار عليه بإيفاد عثمان ، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وقال له :-
أخبرهم أنا لم نأت لقتال ، وإنما جئنا عمارًا ، وادعهم إلى الإسلام .

ثم أمره أن يبشر سرًا المؤمنين والمؤمنات الذين يكتمون إيمانهم بمكة ، ولا يستطيعون الارتحال عنها - أن يبشرهم بالفتح ، وبظهور دين الله بمكة .
وقام عثمان بمهمته ، فلما فرغ عرض عليه زعماء قريش أن يطوف بالكعبة ، فأبى حتى يطوف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، واحتبست قريش عثمان ، فلم يعد إلى المسلمين ، الذين سرت بينهم إشاعة بمقتله ، فكانت بيعة الرضوان .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=17765

بيعة الرضوان ،،،،

طالت غيبة عثمان عن المسلمين ، وكبر قريش وصلفها وأزمتها التى تعانى منها الآن ، لا تخفى على المسلمين ، وهم يتوقعون منها التهور والغباء ، فآثار فتيتها لم تذهب بعد من معسكرهم ، وهم لذلك قد أسرعوا بتصديق إشاعة قتله ، وبلغت تلك الإشاعة النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقال بحسم :- لا نبرح حتى نناجز القوم .
ودعا المسلمين إلى البيعة ، ولقد كان منظرًا يهيج المشاعر ويثير القلوب .
النبى جالس تحت الشجرة يصافح الناس ليبايعهم على الموت وألا يفروا

وكان أول من بايع بيعة الرضوان رجل يقال له أبو سنان ، أتى النبي صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال :- يا رسول الله أبسط يديك حتى أبايعك ،
فقال :- على ماذا !
قال :- على ما في نفسك ،
قال :- وما في نفسي ؟
قال :- الفتح أو الشهادة .
فبايعه ، وكان الناس يجيئون فيقولون :- نبايع على بيعة أبي سنان .

ويبايعه سلمة بن الأكوع ثلاث مرات فى أول الناس ووسطهم وآخرهم ، على الموت لا سواه ، وها هو عمر رضي الله عنه آخذًا بيده ، و مَعْقِل بن يسار آخذًا بغصن الشجرة ، يرفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إن أى منصف ينظر إلى ألف وأربعمائة معتمر ، قد وقفوا فى الصحراء الواسعة لا يحمل أحدهم من السلاح إلا سيفًا فى يده ، وقد عزموا جميعًا أن يقاتلوا الأحمر والأسود ، حتى يزوروا بيت الله تعالى أو يموتوا دونه - إن أى منصف يرى هذا المنظر ، سيزعم أن هؤلاء الناس يسعون إلى حتفهم لا محالة ، لكن هؤلاء الناس كانوا خير من فى الأرض كما أخبر عن ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

وقد ذكر القرآن الكريم خبر هذه البيعة ، ومدح أصحابها ، ورضا الله عنهم ، قال تعالى في ذلك :-

{ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا } (الفتح:18)

ولأجل ما ذكر الله ، سميت هذه البيعة ( بيعة الرضوان ) وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه البيعة من صحابته رضوان الله عليهم تحت شجرة .

وساطة سهيل بن عمرو ،،،،

فوجئت قريش ، التى لم تستطع أن تحزم أمرها ، فتجيب عثمان بإجابة شافية ، واحتبسته حتى تفيق من ترددها - فوجئت بأن الأمور قد أفلتت من بين أصابعها .
فمسالمو محمد الذين جاءوا للعمرة أقلقهم غياب عثمان ، فعاهدوا نبيهم على القتال حتى الموت ، وأقسموا ألا ينصرفوا حتى ينالوا من قريش ، شعرت قريش بذلك كله فأسرعت بإطلاق عثمان ، وإرسال سهيل بن عمرو ليفاوض محمدًا ويصالحه ،،،
ولم تجد ما تقوله لسهيل سوى اشتراطها ألا يدخل المسلمون مكة فى عامهم هذا ، حتى لا تُعَيَّر قريش بين العرب ، وليفعل بعد ذلك ما بدا له .
وأقبل سهيل على المسلمين ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- قد سهل لكم أمركم ، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل .
ثم جاء سهيل وبدأت المفاوضات التى كان ينبغى لها أن تنتهى إلى اتفاق فى هذه المرة

وهنا بدأ على فى كتابة العهد ، فكتبه ، ولم يعترض سهيل إلا على لفظتين وهما :- بسم الله الرحمن الرحيم ومحمد رسول الله .
فكتبتا :- باسمك اللهم ومحمد بن عبد الله .
وقد دخلت خزاعة بعدها فى حلف محمد - صلى الله عليه وسلم - كما دخلت بنو بكر فى حلف قريش ، وبعدها فإن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى رجع عن رأيه إلى رأى عمر فى اختيار رسوله إلى قريش ، هو محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى عقد المعاهدة ، دون استشارة أصحابه أو الاهتمام بحزنهم ، ذلك أن الأمر هنا لم يكن لمحمد وإنما لرب محمد سبحانه وتعالى ، وما عليه إذن إلا أن يسمع ويطيع ، رضى المسلمون بذلك أم أبوا .

رد أبى جندل ،،،،

بينما سهيل بن عمرو عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى بن أبى طالب يكتب صحيفة المعاهدة بين المسلمين وقريش ، فوجئ الجميع بأبى جندل بن سهيل بن عمرو ، يقتحم عليهم مجلسهم ، ويرمى بنفسه بين المسلمين ، ليأخذوه معهم ،،،
وهنا انتفض سهيل ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم -:- هذا أول ما أقاضيك عليه على أن ترده ،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إنا لم نقض الكتاب بعد ! لكن سهيلاً عاند ،
ولم يجبه وقال له :- فوالله إذًا ! لا أقاضيك على شىء أبدًا ،،،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- فأجزه لى ،،،
فأصر وقال :- ما أنا بمجيزه لك ،،،
فقال :- بلى ، فافعل ،,
فقال :- ما أنا بفاعل .

وضرب سهيل ابنه أبا جندل فى وجهه ، وأخذ بتلابيبه ، وجره جرًا إلى المشركين ، وصراخ أبى جندل يصك آذان المسلمين ، ويجسد أمام أعينهم غبن المعاهدة ،
وكلماته :- يا معشر المسلمين ، أأرد إلى المشركين يفتنوننى عن دينى ؟
لا تغيب عن أذهانهم ، وتجيش فى صدورهم ، وتقلب فرحة المعاهدة إلى حزن كبير، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد خاطب أبا جندل قائلاً :- يا أبا جندل ، اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجًا ومخرجًا ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحًا ، وأعطيناهم على ذلك ، وأعطونا عهد الله فلا نغدر بهم .

النحر والحلق ،،،،

تلاشت صرخات أبى جندل فى الفضاء البعيد ، وغاب عن أعين المسلمين مع أبيه وهو يجره ، وهبط سكون ثقيل أضاق على المسلمين صدورهم ، ثم انطلقت كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم- تشق هذا السكون :- قوموا ، فانحروا .

لكن أحدًا من المسلمين لم يتحرك من مكانه ، ودخل - صلى الله عليه وسلم - على زوجته أم سلمة ، فأشارت عليه قائلة :- اخرج ثم لا تكلم أحدًا كلمة ، حتى تنحر بدنك ، وتدعو حالقك فيحلقك .
ففعل - صلى الله عليه وسلم - ما أشارت به ، وهنا قام الناس ينحرون ، وجعل بعضهم يحلق بعضًا ، حتى كادوا يقتلون أنفسهم غمًا ، وقد نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعيرًا كان لأبى جهل ، مُيِّز ببرة من فضة كانت فى أنفه ليغيظ المشركين .

الإباء عن رد المهاجرات ،،،،

دخل عمارة والوليد ابنا عقبة المدينة يفتشان عن أختهما أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وكانت قد أسلمت وفرت بدينها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وزعم أخواها أن العقد الذى بين قريش ومحمد يلزمه بردها ،,

لكنه - صلى الله عليه وسلم - أبى ذلك وتمسك بذات العقد ، إذ كان مكتوبًا به :- وعلى أن لا يأتيك منا رجل ، وإن كان على دينك إلا رددته علينا . فلم تدخل النساء بذلك فى العقد أصلاً !


حزن المسلمين وموقف عمر ،،،،

قضيت المعاهدة التى كانت فتحًا عظيمًا ، ونصرًا مبينًا للإسلام وأهله ، فصاحبة الصدارة الدينية والدنيوية فى جزيرة العرب : قريش ، قد اعترفت بقوة المسلمين ، وعدم قدرتها على مقاومتهم ، ثم هى قد تنازلت عن صدارتها حين تركت للعرب أمر أنفسهم ؛ ليدخل من شاء فى حلف من أراد ، وأقرت قريش بامتناعها عن حرب المسلمين عشر سنين وهى حرب ليس للمسلمين مصلحة فى إشعالها ، وتنازلت قريش مع ذلك عن صدها من البيت الحرام ، اللهم إلا لعام واحد !

أما من احتفظت به ممن هرب عن المسلمين وارتد عن دينه ، فلتهنأ به ، إذ ليس للمسلمين به حاجة ، ومن ترك آلهة قريش وأراد أن يدخل الإسلام ، فإن أرض الله واسعة يهاجر فيها من يشاء ، وهو شرط أبان عن هلع قريش ، وشعورها بنهايتها ، وقبله محمد - صلى الله عليه وسلم - لإيمانه بنصر الله ،,,

وظهور دينه فى دروب مكة وديارها ومن له أدنى تأمل يدرك ما حققه المسلمون بهذه المعاهدة ، فأزمة المستضعفين ما لبثت أن حلت ، ودعوة الله انتشرت فى الأرض ، وألف وأربعمائة مسلم مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشارف مكة ، أصبحوا بعد سنتين عشرة آلاف فاتح دخلوا مكة ، لكن صراخ أبى جندل ، وتحطم أمل المسلمين فى الطواف هذا العام ، ثم رؤيتهم للنبى - صلى الله عليه وسلم - يقبل ضغط قريش ، وهم الذين ألفوا مجالدتها - كل ذلك تجمع فألقى بحجب كثيفة ، منعت أعين المسلمين عن رؤية ما بالمعاهدة من خير كثير ،,,

ولعل أكثر المسلمين حزنًا كان عمر بن الخطاب الذى ذهب للنبى يسأله :- يا رسول الله ، ألسنا على حق وهم على باطل ؟
فأجابه :- بلى .
فقال عمر :- أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار ؟
قال :- بلى .
فسأله :- ففيم نعطى الدنية فى ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ؟
فقال - صلى الله عليه وسلم :- يا بن الخطاب ، إنى رسول الله ولست أعصيه ، وهو ناصرى ، ولن يضيعنى أبدًا .
فسأله عمر :- أوليس كنت تحدثنا أنا سنأتى البيت فنطوف به ؟
قال :- بلى . فأخبرتك أنا نأتيه العام ؟
قال :- لا .
قال :- فإنك آتيه ومطوف به . ثم نزلت سورة الفتح تصف المعاهدة بالفتح المبين .

ولما تمت البيعة المرضية ، رجع عثمان رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،,,
فقال له بعضهم :- اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت ؟
فقال :- بئس ما ظننتم بي ، والذي نفسي بيده لو مكثت بها سنة ورسول الله صلى الله عليه وسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها ، حتى يطوف بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد دعتني قريش إلى الطواف بالبيت فأبيت ، فقال المسلمون :- رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعلمنا بالله ، وأحسننا ظنًا .

انتهاء أزمة المستضعفين ،،،،

ما أكثر ما يقف المرء حائرًا أمام مصيبته ، قد سدت أمام عينيه نوافذ الأمل ، فهو قلق أو مغتاظ ، وتمر سنون أو أيام ، فيذكر الواحد غيظه وقلقه ، فلا يكون منه إلا ضحك أو ابتسام ! وتظل:-
( عسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم )
درسًا خالدًا من رب العالمين قد علمه للمسلمين حين انتهت أزمة مستضعفيهم بمكة .

فر أبو بصير بإسلامه من مكة إلى المدينة ، فأعاده النبى - صلى الله عليه وسلم - مع رجلين من قريش ، لكنه فى الطريق احتال عليهما ، فقتل واحدًا ، وغدا خلف الآخر حتى دخل المدينة !
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه :- ويل امه ، مسعر حرب لو كان له أحد .
فعرف أبو بصير أن النبى - صلى الله عليه وسلم - سيرده ، وفاء بعهده ، فهرب إلى سيف البحر ، وهناك لحق به أبو جندل بن سهيل ثم تقاطر أفراد من مسلمى مكة ، لم يستطيعوا أن يهاجروا إلى المدينة ، ولم يرضوا أن يبقوا عند قريش !
وقد كون هؤلاء شوكة آلمت ظهر قريش ، إذ قطعوا طريق تجارتها للشام ، يقتلون من دبها ، ويأخذون أموالها .

وهنا استغاثت قريش بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وناشدته الله والرحم لما أرسل فمن أتاه فهو آمن ، وتنازلت بذلك عن شرطها المجحف ، فقدم الفارون بدينهم إلى مدينة رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فانتهى ما حسبه المسلمون أزمة .

إسلام أبطال من قريش ،،،،

ما كاد العام السابع للهجرة يبدأ ، حتى أظهرت أيامه بشارات طيبة للمسلمين ، فقد آمن بعد الحديبية أبطال من قريش ، ما كان لهم أن يمكثوا أكثر من ذلك فى ديار الشرك ،،،
وهم عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة، والعاص بن الربيع، فأعز الله بهم المسلمين ، بعد أن أكرمهم بدينه .


** { الـمـهادنـة } **

لملك من ملوك الأرض تغدو الهدنة فرصة للراحة والاسترخاء ، أو فسحة للاستمتاع بطيب العيش وملذات الحكم ، أما لنبىٍّ عظيم كمحمد - صلى الله عليه وسلم - فإن الهدنة تصبح فرصة ؛ لمحاربة ذيول الكفر بعد سكون رأسه ، وفسحة لتدعيم أركان الإسلام بدولة المدينة ، ودعوةً فى أرجاء الأرض .
وهكذا ما إن عقدت الهدنة حتى أخذ النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فى مكاتبة الملوك والأمراء فى سائر أنحاء الدنيا ، وظل الجهاد فى تلك الفترة متصلاً ، فقد قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغزوة الغابة أو غزوة " ذى قرد " ثم تلاها بغزوة خيبر ، وبفتحها استراح المسلمون من جناحى البغى والكفر ( قريش واليهود ) ولم يبق أمامهم سوى الجناح الثالث : جناح الأعراب الذين هم أشد كفرًا ونفاقـًا ؛؛

فبدأ - صلى الله عليه وسلم - فى ربيع الأول سنة سبع من الهجرة بغزوة ذات الرقاع ، ثم تلاها بسرايا عديدة طيلة السنة السابعة ، حتى كان " ذو القعدة " فاعتمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه عمرة القضاء ، وما إن عاد إلى المدينة حتى أرسل عدة سرايا إلى أن كانت معركة مؤتة أعظمُ حرب دامية خاضها المسلمون فى حياة النبى - صلى الله عليه وسلم - وكانت تمهيدًا لفتوح بلدان النصارى ، وقد بعث بعدها النبى - صلى الله عليه وسلم - بسرية ذات السلاسل ثم سرية أبى قتادة إلى خضرة .

وما إن جاء شهر شعبان سنة ثمان من الهجرة حتى نقضت قريش الهدنة ؛ فكان ذلك إيذانًا بفتح الله على نبيه - صلى الله عليه وسلم - ونصره له بعد سنين طوال ، أبت فيها قريش أن تذعن لدين الله ، إلى أن طويت هذه الصفحة الأليمة بلا رجعة بفتح مكة المكرمة على يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين معه ، وقبل أن يغادر النبى - صلى الله عليه وسلم - مكة قام بإرسال بضع سرايا ، ثم قفل راجعًا إلى مدينته المحبوبة .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=20396

** { مكاتبة الملوك والأمراء } **

ما إن أمن المسلمون حرب قريش ، حتى دبت أقدامهم فى أنحاء الأرض ، تحمل رسالة رب العالمين إلى العالمين ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن رسائله ستصل إلى قوم ، الشكل عندهم يسبق المضمون ؛ ولذا فقد اتخذ لنفسه خاتمًا من فضة ، جعل نقشه " محمد رسول الله "

وانتقى صلى الله عليه وسلم - من صحابته أهل المعرفة والخبرة ؛ ليرسلهم إلى ملوك العالم فسعوا بكتبه إلى النجاشى ، والمقوقس ، وإلى كسرى ، وقيصر ، وإلى المنذر بن ساوى ، وهوذة بن على ، والحارث بن أبى شمر ، وكذلك إلى ملك عمان ، فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له .

الكتاب إلى النجاشى ،،،،

فى آخر سنة ست من الهجرة أو فى محرم من السنة السابعة ، حمل عمرو بن أمية الضمرى كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجاشى الحبشة ( أصحمة بن الأبجر ) ودخل عمرو على النجاشى ، فقرأ الرسالة ، وإذا فيها :-

هذا كتاب من محمد النبى إلى النجاشى الأصحم عظيم الحبشة ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الإسلام ، فإنى أنا رسوله فأسلم تسلم :- ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك .

وهنا وضع النجاشى الكتاب على عينيه ، ونزل عن سريره إلى الأرض ، وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وطاعة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل النجاشى مهاجرى الحبشة فى سفينتين مع عمرو بن أمية ، وقد حملهم بجوابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذى يقول فيه :-
إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمة :- سلام عليك يا نبى الله من الله ، ورحمة الله وبركاته ، الله الذى لا إله إلا هو ،أما بعد ،،،
فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى ، فورب السماء والأرض ، إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقًا - وهو علاقة ما بين النواة والقشرة - ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقًا مصدقًا ، وقد بايعتك ، وبايعت ابن عمك ، وأسلمت على يديه لله رب العالمين .
فوصل المهاجرون بالكتاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر .

الكتاب إلى المقوقس ملك مصر ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ،،
فإنى أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .

كان هذا هو نص الكتاب الذى قدم به حاطب بن أبى بلتعة ، على المقوقس جريج بن متى ملك مصر والإسكندرية ، ودارت بينهما محاورة ، أكد فيها حاطب على قرب النصارى من الإسلام ، واحترام الإسلام لعقيدتهم ، وكونه امتدادًا للرسالات السماوية السابقة ، وأجاب المقوقس بكلام طيب عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وبأنه كان يعلم بقرب خروج نبى لكنه كان يحسبه يخرج من الشام ، لكن المقوقس كما لم يرفض الإسلام ، لم يدخل فيه ، وأكرم حاطبًا ، ثم بعث معه جاريتين لهما مكان عظيم فى القبط ، هما مارية وسيرين ، كما أرسل معه بغلة كهدية للنبى ، وقد اتخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مارية سرية له ، وأعطى سيرين لحسان بن ثابت .

الكتاب إلى كسرى ملك فارس ،،،،

أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس ، برسالة قال فيها :-
بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك .

وقرئ الكتاب على كسرى فمزقه ، وقال فى غطرسة :-
عبد حقير من رعيتى يكتب اسمه قبلى . أهذا ماجال بخاطر كسرى ؟ كيف يكتب اسم محمد قبل اسمه ؟ حقا إن ملكًا هذا عقله ملكه لا ينبغى له أن يدوم ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بلغه ما صنع كسرى: مزق الله ملكه . فكان ما قال ، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله باليمن : ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين جلدين ، فليأتيانى به .

وأسرع باذان بإنفاذ أمر سيده ، وفوجئ المسلمون برسولى باذان يدخلان على النبى - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يأمره أن ينهض معه ليمثل أمام كسرى !
ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدًا من الرسولين ، إنما طلب منهما أن يلاقياه غدًا ، فلما جاءاه أخبرهما أن الوحى أعلمه بقتل كسرى على يد ابنه ، وانتهاء ملكه ، وأمرهما أن يقولا للملك الجديد :-
إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك ، وملكتك على قومك من الأبناء .

فعاد الرسولان إلى باذان يتعجبان ، وبعد قليل جاء كتاب من شيرويه بن كسرى بقتل أبيه ، وعدم رغبته فى التعرض لمحمد ، فكان ذلك سببًا فى إسلام باذان ، ومن معه من أهل فارس باليمن .

الكتاب إلى قيصر ملك الروم ،،،،

وصل دحية بن خليفة الكلبى إلى قيصر ملك الروم، عن طريق عظيم بصرى، حاملاً معه رسالة محمد ، فلما علم ما فيها أرسل إلى أبى سفيان ومن معه من كفار قريش - وقد خرجوا بتجارتهم إلى إيليا بالشام - فدخلوا عليه ، وأجلس قيصر أبا سفيان أمامه وجعل من معه من التجار خلف أبى سفيان ، وأمره أن يصدقه وإلا فإن قومه سيكذبوه ، وبدا قيصر يستفسر عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن دينه ، ومن معه ،،،

فأجابه أبو سفيان بأنه من أشرفهم نسبًا وبأن أحدًا لم يأت بدعواه من قبل ، فهو ليس بمقلد ، ولم يكن أبوه ملكًا يبحث عن ملكه الضائع ، وبأنه غير متهم فيهم بالكذب ، ولا يعرف عنه الغدر ، وأن أتباعه الضعفاء ، وهم يزيدون ولا يرتد منهم أحد ، وأنه يأمر العرب أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا ، وينهاهم عن عبادة الأوثان ، ويأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف .

وهنا انطلقت كلمات قيصر قارعة بالحق أسماع من حضر من مشركى قريش :-
إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمى هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ، ولم أكن أظن أنه منكم ، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عند قدميه .
ثم أخرج مشركى قريش من مجلسه ، وأعطى دحية مالاً وكسوة هدية له .

الكتاب إلى المنذر بن ساوى ،،،،

إن المنذر بن ساوى حاكم البحرين حين وصلته رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمى ، بعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - كتابًا يقول فيه :-
أما بعد يا رسول الله ، فإنى قرأت كتابك على أهل البحرين ، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضى مجوس ويهود ، فأحدث إلى فى ذلك أمرك .

فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلاً :-
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، أما بعد فإنى أذكرك الله عز وجل ، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ، ومن نصح لهم فقد نصح لى ، وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرًا ، وإنى قد شفعتك فى قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب ، فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية .
وهكذا دخل الإسلام البحرين دون قتال أو إلزام على أهلها المسالمين .

الكتاب إلى هوذة بن على ،،،،

اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سليط بن عمرو العامرى ، ليحمل كتابه إلى هوذة بن على صاحب اليمامة ، وقرأ سليط الكتاب فإذا به :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يدك .

فحاور هوذة سليطًا ، ثم أرسله بجوابه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان به :-
ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكانى ، فاجعل لى بعض الأمر أتبعك .

ثم أعطى سليطًا جائزة ، وكساه أثوابًا ، فقدم بذلك كله على النبى - صلى الله عليه وسلم - فقال :-
لو سألنى قطعة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما فى يديه .وقد كان ما قاله رسول الله ، فإنه لما انصرف من فتح مكة جاءه جبريل بموت هوذة .

الكتاب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى ،،،،

قرأ الحارث بن أبى شمر الغسانى صاحب دمشق رسالة النبى - صلى الله عليه وسلم - والتى حملها إليه شجاع بن وهب ، فلم تعجبه كلماتها التى تقول :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبى شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به وصدقه ، وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك .

وصرخ الحارث فى وجه شجاع قائلاً :-من ينزع ملكى منى ؟ أنا سائر إليه !

الكتاب إلى ملك عمان ،،،،

بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وأخيه عباد ابنى الجلندى ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد فإنى أدعوكما بدعاية الإسلام ، أسلما تسلما ، فإنى رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين ، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل ، وخيلا تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتى على ملككما .

كان هذا هو نص الكتاب الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك عمان وأخيه مع عمرو بن العاص ، ويبدو أن ذلك كان بعد فتح مكة ، وأعمل عمرو ذكاءه المعروف ، فلم يذهب إلى الملك رأسًا ، وإنما بدأ بأخيه فما زال يراجعه ويحدثه يومًا بعد يوم ، حتى شعر منه قربًا ، فأوصله إلى الملك ، وأظهر الملك فى بداية الأمر الرفض ، وشك فى قدرة المسلمين عليه ، لكن عمرًا حاوره ، وأكد له فى ثنايا حديثه ، من اتباع الناس جميعًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومن ثقة المسلمين بقوتهم ، ثم زعم أنه مغادر بلادهم ، فأسرع الملك وأخوه بإعلان إسلامهما ، وساعداه على نشر دينه ، وأخذ الصدقة من أهل عمان .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=20395

غزوة الغابة ،،،،

ركب رباح - غلام رسول الله - فرسًا وأسرع راكضًا إلى المدينة ، يسابق الريح ، وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون به يخبرهم لاهثًا بأن عبد الرحمن الفزارى قد أغار على أنعام الرسول - صلى الله عليه وسلم - فاستاقها جمـيعًا ، بعد أن قتل راعيه ، وأن سلمة بن الأكوع يسعى الآن خلفهم وحده .

من ناحية أخرى أخذ سلمة يرميهم بنبله فيصيبهم ، ويصيب ركائبهم ، فإذا رجع إليه فارس منهم ، جلس فى أصل شجرة ثم رماه بنبله ليقضى عليه أو يفر وما زال سلمة يتبعهم بسهامه حتى أجبرهم على ترك كل ما استاقوه من أنعام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم استمر فى ملاحقتهم ، فأخذوا يتخلصون مما معهم من الرماح وغيرها ؛ حتى تخف أحمالهم فيسرعون المسير ، وهنا أقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع صحابته ، فقتلوا عبد الرحمن الفزارى ، وفر من معه مدبرين ، ثم رجع الجميع إلى المدينة ، وقد غنموا ما ألقى القوم ، واستشهد منهم أخرم ، قتله عبدالرحمن قبل أن يقتله أبو قتادة . .
1 - يعودالرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه فى هذا العام ، ثم يعودون فى العام المقبل فيدخلون مكة بسلاح المسافر ، ويقيمون بها ثلاثًا ، لا تتعرض لهم فيها قريش
2 - توضع الحرب بين الطرفين عشر سنين ، يأمن فيها الناس .
3 - من جاء محمدًا من قريش دون إذن وليه ، رده عليهم ، ومن جاء قريشًا من عند محمد لم يرد عليه .

4 - يدخل فى عهد محمد من أراد ، ويدخل فى عهد قريش من شاء ، ويعتبر حينئذ جزءًا من هذا الفريق ، يمثل العدوان عليه عدوانًا على من دخل فى عهده .

wolf101 04-08-2012 08:50 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=17637


** { غزوة خيبر ( بنى قريظة ) } **

سأل جبريل محمدًا ، وقد عاد لتوه من غزوة الأحزاب ، فدخل بيت أم سلمة يغتسل: أو قد وضعت السلاح ؟ فإن الملائكة لم تضع أسلحتهم وأمره أن يتقدم بالمسلمين ؛ ليحسم أمر بنى قريظة .

وفى دقائق معدودة كان الجيش المسلم يتحرك إلى ديارهم ، ثم يحاصرهم فى ديارهم ، وزلزل الله الأرض من تحت أقدامهم ، وقذف فى قلوبهم الرعب ، فنزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - ، الذى وكل أمرهم إلى سعد بن معاذ ؛ ليحكم فيهم ، وحكم سعد فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات كما قال النبى ، فتم تنفيذه على الفور ، وانتهت الغزوة بتخلص المسلمين من مدبرى الفتن ، ومتصيدى فرص الضعف ، ثم تليت بوفاة سعد وتوبة الله على أبى لبابة ، الصحابى الجليل وقد وقعت هذه الغزوة فى شهر ذى القعدة للعام الخامس الهجرى .

تحرك الجيش إلى ديار بنى قريظة ،،،،

بينما بعض المسلمين يسيرون فى طرق المدينة ، عائدين إلى ديارهم ، وهم يتحدثون عما من الله به عليهم من جلاء المشركين ، وبعضهم الآخر قد اصطحبوا نساءهم وأولادهم مسرعين بهم إلى المنازل ،،

إذ بصوت مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصل إلى أسماع الجميع مناديًا :-
من كان سامعًا مطيعًا فلا يصلين العصر إلا ببنى قريظة .
ولم تمر سوى دقائق قليلة حتى فوجئ المسلمون بعلى بن أبى طالب يحمل لواء المسلمين فى بعض الجيش مسرعًا إلى بنى قريظة ، ثم إذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسعى فى أثره ، فى كوكبة من المهاجرين والأنصار ، وسرعان ما نهض المسلمون ليلحقوا بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ومقدمة الجيش ، فتلاحقوا أرسالاً حتى وصلوا جميعًا إلى حصون بنى قريظة ، فى ثلاثة آلاف مقاتل وثلاثين فرسًا ،،،،

وقد صلى بعضهم العصر فى الطريق قائلين :- إن رسول الله لم يرد أن تدعوا الصلاة فصلوا ، ولم يصل آخرون وقالوا :- والله إنا لفى عزيمة رسول الله ، وما علينا من إثم ، ولم يعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدة من الطائفتين .

الحصار ،،،،

مشى كعب بن أسد سيد بنى قريظة حائرًا متثاقلاً ، قد خنقه حصار المسلمين ، وانفضاض قريش ، يفكر فيما هو صانع بقومه ، حتى إذا انتهى إلى كبراء بنى قريظة ، وقد جلسوا دون حراك ، ينتظرون ما الأقدار صانعة بهم ، حدثهم بصوت خفيض ، عارضًا عليهم ثلاثة حلول ، يختارون إحداها :-
إما أن يسلموا ، وقد علموا أن دين محمد هو الحق ، فيأمنوا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم ،،،
وإما أن يقتلوا نساءهم وأبناءهم بأيديهم ، ثم يخرجوا إلى جيش المسلمين فيقاتلونهم قتال من لا يخشى أن يفقد شيئًا

وإما أن يفاجئوا النبى - صلى الله عليه وسلم - وجيشه بالقتال يوم السبت ، حيث يأمن المسلمون قتالهم ،،، لكنهم أبوا أن يقبلوا منه واحدًا من هذه الحلول ، فخرج عنهم كعب وقد زاده رده غيظًا فقال :-
ما بات رجل منكم منذ ولدته أمه ليلة واحدة من الدهر حازمًا ! أما اليهود فلم يبق لهم بعد أن رفضوا الإسلام أو القتال إلا أن يرضوا بحكم النبى - صلى الله عليه وسلم - فيهم ، ففعلوا ذلك بعد أن دام حصارهم خمسًا وعشرين ليلة .

النزول على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم -

رغم أن اليهود خلال مدة الحصار كانوا مقيمين بديارهم ، وقد توفرت المياه والآبار ، وألوان الطعام المختلفة ، وهم مع ذلك قد حازوا ألفًا وخمسمائة سيف ، وألفين من الرماح، وثلاثمائة درع ، وخمسمائة فرس وجحفة ، على حين بقى المسلمون القادمون من غزوة طويلة ، قد أنهكتهم وأثرت فيهم - بقوا بالعراء ، يقاسون البرد القارس ، والجوع الشديد ، على الرغم من ذلك كله إلا أن الرعب الذى قذفه الله فى قلوبهم ، قد أثناهم عن القتال ، أو حتى الصمود بحصونهم ، فأرسلوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أرسل إلينا أبا لبابة نستشيره ، وكان أبو لبابة حليفًا لهم وكانت أمواله وأولاده فى منطقتهم ،،،

فلما رأوه قام إليه الرجال ، وجهش النساء والصبيان يبكون فى وجهه ، فرق لهم ،,,
وقالوا له :- أترى أن ننزل على حكم محمد ؟
فقال :- نعم ، وقد أشار بيده إلى حلقه إشارة إلى أن مصيرهم بذلك سيكون الذبح ،
وعلم الصحابى الجليل من فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فلم يعد إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وإنما عمد إلى سارية بمسجد المدينة ، فربط بها نفسه ، وأقسم ألا يحل وثاقه إلا محمد -صلى الله عليه وسلم - لكن الرعب الذى سلطه الله على اليهود ، جعل قلوبهم تنخلع حين سمعوا صرخة على :-

يا كتيبة الإيمان ، والله لأذوقن ما ذاق حمزة
أو لأفتحن حصنهم !

فقرروا على الفور أن ينزلوا على حكم النبى - صلى الله عليه وسلم - وأن يسلموا أنفسهم ، فوضعت القيود بأيدى الرجال تحت إشراف محمد بن مسلمة ، وجعلت النساء والذرارى بمعزل عنهم فى ناحية ؛ انتظارًا لما يحكم به محمد - صلى الله عليه وسلم - .

حكم سعد بن معاذ ،،،،

تحامل سعد بن معاذ على نفسه ، وركب حمارًا ، وانطلق من المدينة إلى ديار بنى قريظة ، إن سعدًا يعلم جيدًا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين استقدمه من المدينة التى بقى بها لإصابته بجرح فى أكحله أثناء غزوة الأحزاب فأعاقه عن شهود غزوة بنى قريظة - يعلم جيدًا أنه ما صنع ذلك إلا استجابة لرغبة الأوس ، الذين طمعوا فى رأفة رسول الله التى وسعت بنى قينقاع حلفاء الخزرج أن تنال بنى قريظة حلفاءهم أيضًا ،،،

وأفاق سعد الذى اشتد عليه جرحه على كلمات قومه من الأوس ، الذين أحاطوا به قائلين :-
يا سعد ، أجمل فى موالينا فأحسن فيهم ، وسكت سعد بعض الوقت ، حتى أكثروا عليه ، ،،
فقال لهم :- لقد آن لسعد ألا تأخذه فى الله لومة لائم !
وفطن الأوس لمراد زعيمهم ، وما إن وصل سعد إلى مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال النبى لصحابته :- قوموا لسيدكم .
فنهضوا يعينونه على مشقة النزول ، وجلس سعد يستمع فقال القوم له :-
يا سعد ، إن هؤلاء القوم قد نزلوا على حكمك !
فسألهم :- حكمى نافذ عليهم ؟
قالوا :- نعم .
قال :- وعلى المسلمين ؟
قالوا :- نعم .
فاستحيى من النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعرض بوجهه عنه ، وأشار إليه بيده وقال:- وعلى من هاهنا ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - :- نعم وعلى .
فأصدر سعد حكمه قائلاً :-
فإنى أحكم فيهم أن يقتل الرجال ، وتسبى الذرية ، وتقسم الأموال ،،،

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :- لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات .
نعم فإن بنى قريظة ليست كبنى قينقاع التى قتلت رجلاً فى مشاجرة ، إنما هى عدو ، حالف جموع المشركين فى أحرج الأوقات ، ولولا تدبير الله - عز وجل - ورحمته لحدث للمسلمين ونبيهم -صلى الله عليه وسلم - ما لا يحمد عقباه وعلى الفور تم تنفيذ الحكم ، وكان هذا هو آخر عمل سعد بن معاذ الذى توفى بعد ذلك استجابة لدعوته .

تنفيذ الحكم ،،،،

كان كعب بن أسد مقيدًا فى محبسه ، فى دار بنت الحارث - امرأة من بنى النجار - مع رجال بنى قريظة ، مطرقًا يفكر ، وكان يؤخذ بين الحين والحين مجموعة منهم ، فيذهبون مع الداعى ، وانتبه كعب على صوت يهودى يسأله :-
ما تراه يصنع بنا ؟
فاغتاظ كعب وأجابه متعجبًا :-
أفى كل موطن لا تعقلون ؟
أما ترون الداعى لا ينزع ؟
والذاهب منكم لا يرجع ؟ هو والله القتل !
وقد كانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، فضربت أعناقهم فى خنادق حفرت لهم فى سوق المدينة ، وهكذا خطط اليهود لقتل المسلمين ونبيهم فى خندقهم فى شمال المدينة ولم يدروا حينئذ أن كتاب الله سبق ، بأنهم هم المقتولون فى خنادق سوق المدينة !

وقد قتل معهم حيى بن أخطب - سيد بنى النضير ، ومدبر الفتنة - وكان قد دخل حصنهم حين فرت قريش وغطفان ، كما قتل من نسائهم امرأة واحدة ؛ لقتلها خلاد بن سويد برحى طرحتها عليه ، وقد أسلم منهم نفر قبل النزول ، فحقنوا دماءهم وأموالهم ، وعفى عن نفر آخر ، وقسمت أموالهم فكان للفارس ثلاثة أسهم ، وللراجل سهم واحد ، وبيعت سباياهم بنجد تحت إشراف سعد بن زيد الأنصارى ، واشترى بثمنها خيلاً وسلاحًا .

وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون قتيلا، واستشهد من المسلمين خمسة عشر شهيدا .
وقد أسلم بعد غزوة خيبر ثلاثة من عظماء الرجال: خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعثمان بن طليحة العبدري .

واصطفى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنفسه من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خناقة .

وفاة سعد وتوبة أبى لبابة ،،،،

رغم انتهاء غزوتى الأحزاب وبنى قريظة ، إلا أن الداخل إلى مسجد المدينة لا زال يرى أثرًا منهما ، فجريح الأحزاب سعد بن معاذ فى خيمة أقيمت داخل المسجد ؛ ليسهل على النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يعوده ، وجار بنى قريظة أبو لبابة لا زال مقيدًا إلى سارية بنفس المسجد لما صنعه .

بينما كان نفر من المسلمين جلوسًا بالمسجد ، إذ فوجئوا بالدم يسيل خارجًا من خيمة سعد ، فأسرعوا إليه ، لكنهم وجدوا جرحه قد انفجر ، وما لبث أن مات بين أيديهم .

أما أبو لبابة فإنه ظل ست ليال على حاله تلك ، تحله امرأته في وقت كل صلاة ، ثم يعود فيرتبط بالجذع ، حتى فوجئ قبيل الفجر بأم سلمة تقف على بابها ، تبشره بنزول توبة الله عليه ، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقه حين خرج لصلاة الفجر .

المرأة اليهوديه تسمم الرسول عليه الصلاة والسلام ،،،،

وفي هذه الغزوة أهدت امرأة يهودية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذراع شاة مسمومة فأخذ منها مضغة ثم لفظها ، حيث أعلمه الله تعالى أنها مسمومة بعد ان كلمت رسول الله ، وقد اعترفت تلك المرأة بما فعلت ،,,,
وقالت :- قلت إن كان نبياًّ لن يضر ، وإن كان كاذباً أراحنا الله منه .
فعفا عنها صلى الله عليه وسلم .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { الجهاد بعد غزوة بنى قريظة } **

ما كاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يفرغ من غزوة الأحزاب ، ثم من قتال حلفائهم الغادرين بنى قريظة ، حتى التفت إلى من كانوا سببًا فى حصار المدينة ، فبدأ ببعث نفر من الخزرج ؛ لقتال سلام بن أبى الحقيق ، أحد كبار المدبرين لتحزيب الأحزاب ، ثم طفق يرسل السرايا لتأديب الأعراب الذين حالفوا قريشًا ، فكانت سرية محمد بن مسلمة ، ثم غزوة بنى لحيان ، ثم تتالت سرايا أخرى عديدة حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ، والتى اكتسبت شهرتها لوقوع حادثة الإفك فى أعقابها ، واستمرت البعوث بعد هذه الغزوة ، حتى كانت وقعة الحديبية ، والتى كانت نهايتها إيذاناُ ببداية عهد جديد فى سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .

مقتل سلام بن أبى الحقيق ،،،،

خرج خمسة رجال من الخزرج ، أميرهم عبدالله بن عتيك متجهين إلى خيبر لقتل سلام بن أبى الحقيق ، المكنى بأبى رافع لكونه من أكابر المجرمين اليهود ، الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين ، وأعانوهم بالمال والمئونة ، ،،
وما إن وصل الخمسة إلى هدفهم حتى احتال عبدالله ودخل حصن أبى رافع ، ثم تسلل ليلاً إلى مخدعه ، حيث عاجله بضربات من سيفه ، أزهقت روحه . وكمن عبدالله حتى تأكد من إعلان وفاته فجرًا ، فغدا إلى أصحابه ، وقد كسرت ساقه لوقوعه من على الدرج ، بعد قتله أبا رافع ، فحملوه ، وعادوا جميعًا إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وقد كان خروجهم فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام الخامس الهجرى .

سرية محمد بن مسلمة ،،،،

لعشر ليال خلون من المحرم سنة ست من الهجرة ، خرجت سرية قوامها ثلاثون مقاتلاً مسلمًا ، أميرهم محمد بن مسلمة متجهة إلى القرطاء بأرض نجد ، إلى بطن بنى بكر بن كلاب .
وما إن وصلت إلى ديارهم حتى أسرعوا بالفرار ، فاستاق المسلمون نعمهم وشاءهم ، وعادوا إلى المدينة وقد اصطحبوا ثمامة بن أثال الحنفى ، سيد بنى حنيفة الذى خرج ليقتل محمدًا ، لكنه أسلم حين لقيه وعامله بالمدينة ، وقد منع ثمامة هذا القمح عن قريش قائلاً :-
لا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله .
فاستغاثت قريش بالنبى - صلى الله عليه وسلم - ، فكتب إلى ثمامة أن يخلى إليهم حمل الطعام .

غزوة بنى لحيان ،،،،

لم ينس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العشرة الذين قتلوا غدرًا ببعث الرجيع ، ولم يغفل عن الغادرين من بنى لحيان ، لكنه لم يكن يستطيع أن يتوغل فى أرضهم لقربها من حدود مكة ، ديار قريش العدو اللدود للمسلمين يومئذ ، أما الآن فقد استكان هذا العدو ، وعاد خائبًا بأحزابه ، وأصبحت الفرصة مواتية لتأديب هؤلاء المجرمين .
خرج إليهم فى ربيع الأول أو جمادى الأولى سنة ست من الهجرة فى مائتين من أصحابه ، وقد استخلف عبدالله بن أم مكتوم على المدينة ، وأظهر أنه متوجه إلى الشام ، ثم أسرع إلى بطن غران ، حيث كان مصاب أصحابه ، فترحم عليهم ودعا لهم ،،،
وسمعت بمقدمه بنو لحيان ، ففرت هاربة فى رؤوس الجبال يومين ، وبعث السرايا فى إثرهم فلم يدركوهم ، ثم سار إلى عسفان ، فبعث عشرة فوارس إلى كراع الغميم لتسمع به قريش ، ثم عاد إلى المدينة بعد غياب عنها دام أربع عشرة ليلة .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { سرايا أخرى } **

تابع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إرسال السرايا لتأديب الأعراب الذين تحزبوا مع قريش ؛ لمهاجمة المدينة ، وكان منها :-








سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر ،،،،

خرج عكاشة فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة فى أربعين رجلاً إلى الغمر ، وهو ماء لبنى أسد ، ففر القوم ، وأصاب المسلمون مائتى بعير ، ساقوها إلى المدينة .

سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة ) ،,،،

خرج محمد بن مسلمة فى عشرة رجال فى ربيع الأول أو الآخر سنة ست من الهجرة إلى ذى القصة ، فى ديار بنى ثعلبة ، لكن الأعراب كمنوا لهم ، حتى إذا نام المسلمون باغتوهم فى مائة رجل ، وقتلوهم جميعًا ، إلا ابن مسلمة فإنه أفلت منهم جريحًا .

سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة ( بنو ثعلبة )

سار أبو عبيدة بن الجراح فى أربعين رجلاً مشاة ليلاً فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة ، متوجهين إلى ديار بنى ثعلبة انتقامًا لقتلهم أصحاب محمد بن مسلمة ، فوصلوا إليهم صباحًا ، لكن القوم هربوا منهم فى الجبال ، وأصابوا رجلاً واحدًا فأسلم ، وغنموا نعمًا وشاء .

سرية زيد بن حارثة إلى الجموم ،،،،

خرج زيد بن حارثة فى ربيع الآخر سنة ست من الهجرة إلى الجموم وهو ماء لبنى سليم فى مر الظهران ، فأصاب امرأة من مزينة يقال لها حليمة ، فأرشدتهم إلى مكان من بنى سليم هاجموه فأصابوا نعمًا وشاء وأسرى .
ثم عاد زيد إلى المدينة ، وأطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سراح المرأة وزوجها .

سرية زيد بن حارثة إلى العيص ،،،،

خرج زيد بن حارثة أميرًا على مائة وسبعين راكبًا ، فهاجم قافلة لقريش أميرها أبو العاص ، زوج زينب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السابق ،،،
فأصاب زيد الأموال ، وفر أبو العاص حتى أتى زينب ، فاستجار بها ، وسألها أن تطلب من النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يرد أموال العير عليه ففعلت ،،،
وأشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الناس أن يردوا الأموال من غير إكراه ففعلوا .
ورجع أبو العاص إلى مكة ، فأدى ودائعه ، ثم أسلم وهاجر
ورد عليه النبى - صلى الله عليه وسلم - زينب بالنكاح الأول بعد ما يزيد على الثلاث سنين .

سرية زيد بن حارثة إلى الطرف أو الطرق ،،،،

خرج زيد فى خمسة عشر رجلاً ، فى جمادى الآخرة بأمر رسول الله سنة ست من الهجرة إلى بنى ثعلبة ، فظنوا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سار إليهم ، ففروا ، وأصاب زيد من نعمهم عشرين بعيرًا ، ثم عاد إلى المدينة بعد أربع ليال .

سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى ،،،،

خرج زيد فى رجب سنة ست من الهجرة فى اثنى عشر رجلاً إلى وادى القرى ؛ لاستكشاف حركات العدو ، لكن سكان وادى القرى هجموا عليه ، فقتلوا تسعة ، وأفلت ثلاثة فيهم زيد بن حارثة .

سرية الخبط ،،،،

أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة بن الجراح أميرًا على ثلاثمائة راكب ، ليتربصوا بعير قريش ، فأصابهم جوع شديد حتى أكلوا الخبط - وهو أوراق الشجر المتساقطة - فنحر رجل تسعة نوق ، ثلاثًا ثلاثًا ، حتى نهاه أبو عبيدة ، ثم حدثت لهم آية عجيبة ، إذ ألقى لهم البحر بدابة عظيمة يقال لها العنبر ، فأكلوا منها نصف شهر ، وعادوا ببعض لحمها إلى المدينة ، فأهدوا منه للنبى .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { غزوة بنى المصطلق } **

لم تعد أحوال جزيرة العرب ، وما تفشى فيها من دين جديد تعجب الحارث بن أبى ضرار سيد بنى المصطلق !
وقرر الرجل أن ينفض من عينيه غبار النوم ، ويغدو بقومه ، ومن قدر على جمعه من العرب إلى محمد ليغزوه .
وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الحارث قرر أن يتبع وهمه ، فأرسل إليه بريدة بن الحصيب الأسلمى ، فأتاه وكلمه . ثم رجع إلى النبى -صلى الله عليه وسلم - يؤكد له عزم الرجل ، وهنا أسرع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخروج بعد ليلتين من شعبان سنة ست من الهجرة ،،،
وخرج معه جماعة من المنافقين ، ولم يخرجوا معه من قبل وفى الطريق ألقى المسلمون القبض على أحد جواسيس الحارث وقتلوه ، فبلغه الخبر ، وأدرك أن حلمه الجميل قد صار حقيقة مفزعة تقض مضجعه ، وهاجم المسلمون الأعراب عند المريسيع فانتصروا عليهم ،
وغنموا أموالهم ، وسبوا ذراريهم ،،،
وكانت جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار فى سهم ثابت بن قيس ، فكاتبها ، وأدى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تزوجها ، فأعتق المسلمون مائة أهل بيت من بنى المصطلق قد أسلموا قائلين :- أصهار رسول الله .
والغزوة بهذا القدر ليست ذات ثقل فى باب المغازى ، لكن الدور الذى لعبه المنافقون فى إذكاء الفتنة بكلمات عبدالله بن أبى ، وفى حديث الإفك ، عن أم المؤمنين عائشة ، هو الذى زاد من شهرتها .

فتنة عبدالله بن أبى ،،،،

ازدحم أجير لعمر بن الخطاب مع مولى لبنى عوف من الخزرج على الماء ، فتشاجرا ، وأمسك كل بتلابيب الآخر
ثم صرخ خادم عمر :- يا معشر المهاجرين ،
وصرخ الآخر:- يا معشر الأنصار .
وهى دعوى وإن صدرت من طائشين ، إلا أن رائحة الجاهلية بها تزكم أنوف المؤمنين ، ولذا فقد بادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القوم قائلاً : -
أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ؟!
دعوها فإنها منتنة والمرء لا يشك أن من ترك ماله وداره لله لن يعترك مع من تنازل عن ماله وداره لأخيه فى الله .

لكن كبير المنافقين ما إن وصلته هذه الأنباء حتى وجد فيها بغيته ، فتظاهر بالغضب وقال :-
أو قد فعلوها ؟ قد نافرونا وكاثرونا فى بلادنا ، والله ما نحن وهم إلا كما قال الأولون :- سمن كلبك يأكلك !
أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .
ثم التفت إلى الأنصار ممن حوله ، مظهرًا النصح قائلاً :- هذا ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم .
وكان ممن حوله زيد بن أرقم ، وكان غلامًا صغير السن ، لكنه أدرك خطورة ما يقال ، فأسرع بنقله إلى عمه ، الذى لم يتوان فى نقل الخبر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده عمر ،،
فقال عمر :- مر عباد بن بشر فليقتله .
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- فكيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ؟، لا ، ولكن أذِّن بالرحيل .
ورحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجيشه طيلة اليوم والليلة التالية له ثم صباح اليوم الذى بعده ، حتى أرهق الناس وآذتهم الشمس ، فتركهم ينامون حتى ينشغلوا عن الحديث ، أما عبد الله بن أبى فقد غدا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقسم له أنه لم يقل هذا الكلام ، وأن زيدًا أخطأ ،
لكن الله - عز وجل - فضحه بقرآن يتلى إلى يوم الساعة .
ووصل الجيش إلى المدينة، فوقف عبدالله بن عبدالله بن أبى الصحابى الجليل ، على باب المدينة ، وقد استل سيفه ، ومنع أباه أن يدخلها قائلاً :- والله لا تجوز من ههنا حتى يأذن لك رسول الله فإنه العزيز وأنت الذليل . فلما جاء النبى - صلى الله عليه وسلم - أذن له فخلى سبيله .

** { حــادثــة الإفــك } **

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=12875

تلمست السيدة عائشة رقبتها فلم تجد عقدًا كانت أختها قد أعارتها إياه ,،،
وكانت فى صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة بنى المصطلق ،،،
وتذكرت عائشة أين فقدته ! فتركت الجيش وذهبت تلتمسه
ولكنها حين عادت به لم تجد من جيش المسلمين أحدًا ....
وإذا القوم قد ساروا بهودجها دون أن يفطنوا إلى أنها ليست به !
وقررت السيدة عائشة أن تبقى بهذه المنازل حتى يكتشفوا غيابها فيعودوا لاصطحابها ،,,

وغلبتها عيناها فاستسلمت للنوم ، لكنها أفاقت على صوت صفوان بن المعطل !!
وكان قد تأخر عن الجيش لانه كان يسير خلف الجيش ليحمل ما سقط من المتاع ,,،
يقول :- إنا لله وإنا إليه راجعون ، زوجة رسول الله ؟
وأناخ صفوان ناقته ، فركبت السيدة عائشة ، وسار بها دون أن يكلمها ،،،
حتى قدم بها على الجيش فى نحر الظهيرة ،,,
ووجد رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ بن سلول فى هذه الحادثة البريئة فرصة ليلوث ذيل أم طاهرة من أمهات المؤمنين و يطعن زوجها نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فى كرامته وعرضه ,,,

فأخذ ينسج الأحاديث ، ويشيعها ، ويفترى الكذب ، ووجدت هذه الافتراءات طريقها إلى عدد من المسلمين ، الذين تلقّوها بحسن نيّة ونقلوها إلى غيرهم كان منهم :-
(( حسان بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه شاعر النبي - صلى الله عليه وسلم - ، و مسطح بن أثاثة رضي الله عنه أحد أقرباء أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، و حمنة بنت جحش رضي الله عنها ابنة عمة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخت زوجته ))
وعصم الله من بقي من الصحابة عن الخوض في ذلك ، وكان لسان حالهم ومقالهم كما قال القرآن
{ ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أَن نتكلم بهذا سبحانك هذاَ بهتان عظيم

وبلغت تلك الأحاديث سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فكان وقعها عليه شديداً ، ولنا أن نتصوّر المشاعر المختلفة التي كانت تدور في نفس النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والمعاناة الطويلة التي عاشها في ظلّ هذه الأحداث ، وهو يرى الألسنة تنال من عرضه ، وتطعن في شرفه ، ولا يملك أن يضع لذلك حدّاً أو نهاية .

وعلى الجانب الآخر ، لم تكن عائشة تدرك ما يدور حولها من أقاويل الناس ، فقد حلّ بها مرض ألزمها الفراش طيلة هذه المدّة ، إلا أنها أحسّت بتغيّرٍ في معاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - ،
فبعد أن كانت تجد منه اللمسة الحانية ، والكلمة الرقيقة ، والمشاعر الفيّاضة ، إذا بها تفقد ذلك كلّه ، وتلحظ اقتصاره - صلى الله عليه وسلم – على الكلمات القليلة ، واكتفاءه بالسؤال عن حالها ، وهي تحاول أن تجد تفسيرا لهذا التحوّل المفاجيء .

وفي ليلة من الليالي خرجت عائشة رضي الله عنها مع أم مسطح إلى الصحراء لقضاء الحاجة - كعادة النساء في ذاك الزمان - ، فتعثّرت أم مسطح بثوبها وقالت : " تعس مسطح " ، فاستنكرت عائشة منها هذا القول وقالت : "بئس ما قلت ، أتسبين رجلاً شهد بدراً ؟ " ، وعندها أخبرتها أم مسطح بقول أهل الإفك .

وكانت مفاجأةً لم تخطر لها على بال ، وفاجعةً عظيمة تتصدّع لها قلوب الرّجال ، } ( النور:16 )فكيف ببنت السادسة عشرة ؟ وهي تسمع الألسن توجّه أصابع الاتهام نحو أغلى ما تملكه امرأة عفيفة ، فكيف بزوجة نبي الله وخليل الله ؟

وكان من الطبيعي أن تؤثّر هذه الإشاعة على صحّة عائشة رضي الله عنها فتزداد مرضاً على مرض ، ولم يمنعها ذلك من الوقوف على ملابسات القضيّة ، فبمجرّد أن عادت إلى البيت استأذنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الذهاب لأبويها ، فلما رأتها أمها قالت :-
" ما جاء بك يا بنية " فقصّت عليها الخبر ، وأرادت الأم أن تواسيها فبيّنت لها أن هذا الكلام حسدٌ لها على جمالها ومكانها من النبي - صلى الله عليه وسلم - .

ولم يعد هناك مجال للشك ، فها هي والدتها تؤكّد ذلك ، وعَظُم عليها أن تتخيّل الناس وهم يتحدثون في شأنها ، تقول عائشة رضي الله عنها :-
".. فبكيت تلك الليلة لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم حتى أصبحت " .

وطال انتظار النبي - صلى الله عليه وسلم - للوحي فاستشار علي بن أبي طالب و أسامة بن زيد رضي الله عنهما ، أما أسامة فأخبره بالذي يعلمه من براءة أهله ، وأما علي فقد أحسّ بالمعاناة النفسيّة التي يعيشها النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فأراد أن يريح خاطره ، فأشار عليه بأحد أمرين :-
إما أن يفارقها ويتحقّق من براءتها لاحقاً ، وحينها يمكنه إرجاعها ،,,
وإما أن يطّلع على حقيقة الأمر بسؤال بريرة مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بريرة ,,
وقال لها :- ( هل رأيت من شيء يريبك )
فقالت :- " لا والذي بعثك بالحق ما علمت فيها عيباً "
ثمّ ذكرت صغر سنّها وأنّها قد تغفل عن العجين الذي تصنعه حتى تأتي الشاة تأكله ,,،
وسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش رضي الله عنها عن أمرها ,,
فقالت :- " يا رسول الله ، أحمي سمعي وبصري ، ما علمت إلا خيراً "

وكانت هذه الشهادات كافيةً أن يصعد النبي - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ويطلب العذر من المسلمين ، في رأس الفتنة عبد الله بن أبي بن سلول ، وذلك بقوله :-

( يا معشر المسلمين ، من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ؟ ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا ، ولقد ذكروا رجلاً – يعني صفوان بن المعطّل - ما علمت عليه إلا خيراً ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي )

فقام سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال :-
" يا رسول الله ، أنا أعذرك منه ، إن كان من الأوس ضربتُ عنقه ، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك "
فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وقد أخذته العصبيّة فقال لسعد :-
" كذبت ، لا تقتله ولا تقدر على قتله "
واختلف الأوس والخزرج ، وكاد الشيطان أن يُوقع بينهم ، فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهدّئهم حتى سكتوا .

وبعد أن بلغت القضيّة هذا الحدّ ، لم يكن هناك مفرّ من الذهاب إلى عائشة رضي الله عنها لمصارحتها بالمشكلة واستيضاح موقفها ،,,
فدخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعها امرأة من الأنصار ، فجلس النبي - صلى الله عليه وسلم - وتشهّد ثم قال :-
( أما بعد ، يا عائشة ، فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ؛ فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه )
فلما سمعت قوله جفّت دموعها ،
والتفتت إلى أبيها فقالت :- " أجب رسول الله فيما قال "
فقال :- " والله ما أدري ما أقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "
ثم التفتت إلى أمّها فكان جوابها كجواب أبيها ،,,
وعندها قالت :- " لقد سمعتم هذا الحديث حتى استقرّ في أنفسكم وصدقتم به ، فلئن قلت لكم أني منه بريئة - والله يعلم أني منه بريئة - لا تصدقوني بذلك ، ولئن اعترفت لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقنّني ، وإني والله ما أجد لي ولكم مثلاً إلا قول أبي يوسف حين قال :- { فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون } ( يوسف : 18 ) .

ثم استلقت رضي الله عنها على فراشها ، وهي تستعرض الحادثة في ذهنها منذ البداية وحتى هذه اللحظة ، وبدا لها أن آخر فصول هذه القصّة ستكون رؤيا يراها النبي - صلى الله عليه وسلم - تُثبت براءتها ،,,
ولكنّ الله سبحانه وتعالى أراد أن يخلّد ذكرها إلى يوم القيامة ، وإذا بالوحي يتنزل من السماء يحمل البراءة الدائمة ، والحجة الدامغة في تسع آيات بيّنات ، تشهد بطهرها وعفافها ، وتكشف حقيقة المنافقين ، فقال تعالى :-
{ إِن الذين جاءوا بالإفك عصبَة منكم لا تحسبوه شَرا لكم بل هو خير لكم لكل امرِئٍ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم } ( النور : 11 ) .

وانفرج الكرب ، وتحوّل حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - فرحاً ،,,
فقال لها :- ( أبشري يا عائشة ، أمّا الله عز وجل فقد برّأك )
وقالت لها أمها :- " قومي إليه "
فقالت عائشة رضي الله عنها امتناناً بتبرئة الله لها ، وثقةً بمكانتها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبته لها : " والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله عزوجل " .

وأراد أبو بكر الصديق رضي الله عنه أن يعاقب مسطح بن أثاثة لخوضه في عرض ابنته ، فأقسم أن يقطع عليه النفقة ، وسرعان ما نزل الوحي ليدلّه على ما هو خير من ذلك :-
{ ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم }
( النور : 22)
فقال أبو بكر :- " بلى والله إني أحب أن يغفر الله لي "
فرجع إلى نفقته وقال : " والله لا أنزعها منه أبدا " .

وبعد : فحديث الإفك الذي رميت به أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق ما هو إلا حلقة من حلقات التآمر على الدعوة ، ومحاولة تشويه رموزها ؛ وذلك لعلم العدو أن هذا الدين يقوم على المثال والنموذج والقدوة ، فإذا أفلح في إسقاط هذا النموذج وتشويه تلك القدوة ، فقد تحقّق له ما أراد ، فمتى نعي ذلك ؟

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { البعوث بعد غزوة بنى المصطلق } **

توالت السرايا فى السنة السادسة من الهجرة ، بعد عودة النبى - صلى الله عليه وسلم - من غزوة بنى المصطلق ، فقد أرسل :-
عبدالرحمن بن عوف إلى ديار بنى كلب .
وعلى بن أبى طالب إلى بنى سعد بن بكر .
وأبا بكر الصديق إلى وادى القرى .
وكرز بن جابر الفهرى إلى العرنيين .
كما أنه - صلى الله عليه وسلم - قد أرسل عمرو بن أمية الضمرى مع سلمة بن أبى سلامة فى شوال سنة ست من الهجرة إلى مكة لاغتيال أبى سفيان ؛ لكنهما لم ينجحا فى مهمتهما .

سرية عبدالرحمن بن عوف إلى بنى كلب ،،،،

أجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبدالرحمن بن عوف بين يديه ، وصنع له عمامة ألبسه إياها بيديه ، ثم أوصاه بأحسن الأمور فى الحرب ،،
وقال له :- إن أطاعوك فتزوج ابنة ملكهم
وأرسله إلى ديار بنى كلب ، بدومة الجندل ،،،
فى شعبان سنة ست من الهجرة ، ووصل عبد الرحمن إلى ديارهم ، فمكث فيهم ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام ، فأسلموا وتزوج عبد الرحمن تماضر بنت الأصبغ وكان أبوها رأسهم وملكهم .

سرية على بن أبى طالب ،،،،

جلس وبر بن عليم سيد بنى سعد بن بكر يفكر !
كيف يستفيد من صراع المسلمين مع اليهود ؟
ووصل إلى فكرة طائشة ظن صوابها ، فأرسل رسولاً إلى خيبر ، يعرض على يهودها أن ينصرهم مقابل الحصول على تمر خيبر ، ووافقه القوم فأخذ يجمع جيشه ، ووصل الخبر إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فبادر بإرسال مائتى رجل ، أميرهم على بن أبى طالب ،،،
فخرجوا يسيرون الليل ويكمنون النهار ، حتى لا يشعروا بهم أحدًا وقد وجدوا فى طريقهم رسول وبر إلى خيبر ، فاعترف أمامهم بما فعل ، ثم دلهم على موضع تجمع بنى سعد ، فباغتهم على بجيشه، فهربوا بنسائهم ، وعاد على بجيشه يسوق أمامه خمسمائة بعير ، وألفى شاة ، من أنعامهم ، وكان خروجهم فى شعبان سنة ست من الهجرة .

سرية أبى بكر الصديق ،،،،

أراد بطن فزارة أن يغتال النبى - صلى الله عليه وسلم - فأعد له لذلك جمعًا ، وكان فيهم امرأة تسمى أم قرفة ، قد أكل الحقد قلبها ، فأعدت وحدها ثلاثين فارسًا من أهل بيتها لذلك ، وعلم نبى الله بخبرهم ، فأرسل إليهم أبا بكر الصديق ، إلى مقامهم بوادى القرى فى رمضان سنة ست من الهجرة ، ووصل أبو بكر إلى مشارف ديارهم ، فصلى الفجر ثم أمر جيشه بالهجوم ، فاكتسحوا القوم ، ولم يمض من الزمن إلا يسير حتى هزموهم ، وأسروا نساءهم وذراريهم ، فكان منهم أم قرفة التى قتل فوارسها الثلاثون وابنتها التى بيعت بمكة ، فداءً لأسرى المسلمين هناك .

سرية كرز بن جابر ،،،،

لا يحاسب الإسلام الناس على ضمائرهم فى الحياة الدنيا ، وهو يقبل منهم ما يبدونه ، ويكافؤهم عليه ، لكن إن أظهروا فى وقت ما خبث طويتهم ، فليس للمسلمين أن يتوانوا عن القصاص ، أقبل رهط من عكل وعرينة إلى المدينة ، ثم أعلنوا الإسلام ، فقبلهم المسلمون ، وأرادوا الإقامة بالمدينة ، فاستضافهم سكانها ، لكنهم بعد حين ، زعموا أن صحتهم قد اعتلت من جو المدينة ومناخها ،،،
فأرسلهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارجها ، بعث معهم راعيًا بإبل كثيرة ، يشربون من ألبانها وأبوالها ليصحوا ، وفعل القوم ، فصحوا وسمنوا ، وكان أول ما صنعوه بعد ذلك أن قتلوا راعى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم أعلنوا الكفر بالإسلام ، وهربوا بالإبل .
وهنا أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - كرز بن جابر الفهرى فى سرية من المسلمين خلفهم ، وذلك فى شوال سنة ست من الهجرة ، ودعا عليهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :-
اللهم أعم عليهم الطريق ، واجعلها عليهم أضيق من مسك .
فأدركهم كرز وأصحابه ، وأقاموا عليهم حد الله ، فقطعت أيديهم وأرجلهم ثم تركوا حتى ماتوا ، جزاء فعلتهم الغادرة المشينة .
1- سرية عكاشة بن محصن إلى الغمر . 2- سرية محمد بن مسلمة إلى ذى القصة . 3- سرية أبى عبيدة بن الجراح إلى ذى القصة . 4- سرية زيد بن حارثة إلى الجموم . 5- سرية زيد بن حارثة إلى الطرف . 6- سرية زيد بن حارثة إلى وادى القرى . 7- سرية الخبط بقيادة أبى عبيدة بن الجراح .


wolf101 04-08-2012 08:51 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
** { غـزوة مـؤتـــــة } **

مضى الحارث بن عمير الأزدى فى طريقه إلى بصرى ، حاملاً كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عظيمها ، لكن شرحبيل بن عمرو الغسانى ، عامل قيصر على البلقاء من أرض الشام لم يرضه ذلك !
فأسر الرسول المسالم وأوثقه ، ثم ضرب عنقه بالسيف ! !
ووصل هذا الخبر إلى المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - فاشتد ذلك عليهم ، إذ أكثر الشعوب همجية تعلم أن الرسل لا تقتل ، ولم يعد أمام المسلمين إلا أن ينهضوا فى طلب ثأرهم ، وسرعان ما تم تجهيز الجيش ، الذى حرص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يوصيه قبل خروجه ، ثم ودع المسلمون جيشهم الذى بدأ تحركه .
على الجانب الآخر ، قررت الروم أن تجهز جيشًا يناصر شرحبيل فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - وانضمت قبائل عدة إلى جيشهم ذاك ، حتى صار تعداده أضعاف أضعاف تعداد جيش المسلمين ، وهنا عقد المسلمون مجلسًا استشاريًا لينظروا جيش المسلمين ، ثم استقر رأيهم على التحرك نحو العدو وقتاله وقد كان قتالاً ضاريًا ،،،،
واجه فيه ثلاثة آلاف مسلم جيشًا قوامه مائتى ألف جندى
واستشهد فى هذا اللقاء قادة الجيش الثلاثة ، فانتقلت الراية إلى خالد ، الذى قاد المعركة بحنكة هائلة حتى نهايتها ، ثم عاد الجيش إلى المدينة .

نعم عاد دون أن ينال ثأره ، لكن حرب المسلمين للروم وإصرارهم عليها رغم فارق العدد الهائل ، ثم خسارتهم البسيطة حيث لم يقتل منهم سوى اثنى عشر رجلاً ، كل ذلك رجّ أركان الجزيرة ، وأعلن للعرب وأفهمهم من يكون المسلمون ؟ !
حتى إن القبائل اللدودة التى طال عداؤها للمسلمين ، جنحت أخيرًا إلى الإسلام ، فأسلمت بنو سليم وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها ،،،
كما صارت هذه الحرب تأكيدًا عمليًا على أن الجزيرة ليست هى حدود دين أنزل للعالمين .

تجهيز الجيش ،،،،

جهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيشًا قوامه ثلاثة آلاف مقاتل وهو أكبر تجمع حربى للمسلمين ، لم يجتمع قبل ذلك إلا فى غزوة الأحزاب ، وقد أمّر على هذا الجيش زيد بن حارثة ،،،
وقال: إن قتل زيد فجعفر ، وإن قتل فعبدالله بن رواحة ، ثم عقد لهم لواءً أبيض ، وأعطاه زيدًا وقد كان خروج الجيش فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة .

وصية النبى - صلى الله عليه وسلم -

نعم إن قتال جيش شرحبيل صار حقًا للمسلمين منذ طاح سيفه ، بعنق الرسول المسالم الحارث بن عمير ، لكن دخول شرحبيل ومن معه فى دين الله ، أحب إلى المسلمين ، وخير لهم ، لذا فقد
أوصى النبى - صلى الله عليه وسلم - جيشه بأن يبدأ القوم بدعوتهم إلى الإسلام ،،، فإن أجابوا فلا حق للمسلمين فى قتالهم ، وإن عاندوا وأبوا ، فليستعينوا بالله عليهم ، ويقاتلونهم ،،،
ثم قال :- اغزوا بسم الله ، فى سبيل الله ، من كفر بالله ، لا تغدروا ، ولاتغيروا ، ولا تقتلوا وليدًا ولا امرأة ، ولا كبيرًا فانيًا ، ولا منعزلاً بصومعة ، ولا تقطعوا نخلاً ، ولا شجرةً ، ولا تهدموا بناء .
فيا لها من كلمات سامية ، لو سمعتها اليوم آذان الجيوش المتصارعة !


توديع الجيش وتحركه ،،،،

حرب الروم ليست بالأمر اليسير ، وخروج ثلاثة آلاف مقاتل فى سرية واحدة ليس مما اعتاده المسلمون ؛ ولذا فقد تجمع الناس لتوديع الجيش وأمرائه ، ومشى معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشيعًا ، حتى بلغ ثنية الوداع ، وقد تحرك الجيش فى اتجاه الشمال ، حتى نزل معان ، وهناك جاءه الخبر ، بمدى ما جهزت به الروم جيشها الكبير .

تجهيز جيش الروم ،،،،

وصلت أخبار جيش الروم إلى المسلمين ، نزل هرقل بمآب من أرض البلقاء فى مائة ألف من الروم ، وكأن هذا العدد لم يكن كافيًا ، فانضم إليه من لخم وجذام ، وبلقين ، وبهراء ، وبلى مائة ألف آخرون !
وفوجئ المسلمون بهذا الجمع المهول ، فعقدوا مجلسًا استشاريًّا لينظروا ما هم فاعلون .

المجلس الاستشارى ،،،،

ليلتان طويلتان مضتا على جيش المسلمين كأنهما الدهر بأسره ، وهم يفكرون ويتشاورون ماذا عليهم أن يصنعوا ؟
إن هجوم ثلاثة آلاف مسلم ، على جيش تضم جنباته مائتى ألف جندى مغامرة - ولاشك - خطيرة ، نعم إن عتاد المسلمين النفسى وهم طلاب شهادة ليس فى جيش العدو مثله ، لكنْ للدنيا أسباب ، أوجب الله الأخذ بها ، وبدا للمسلمين أخيرًا أن يكتبوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، يستشيرونه فيما جدّ من أمرهم فإما أن يمدهم بالرجال ، وإما أن يأمرهم بأمر يمضون له ،،،،
وفى هذه اللحظة التى ظن فيها المسلمون ، أن سفينة حيرتهم قد استقرت لشاطئ انطلق صوت عبدالله بن رواحة ، يعارض هذا الرأى بقوة ويشجع المسلمين بحماسة ، ويذكرهم بأنهم لا ينتصرون بقوة أو عدد ، وأنهم لا يسعون إلا لشهادة فى سبيل ربهم فبادر القوم بقبول قوله ، وعزموا على التحرك والقتال .

المواجهة والقتال ،،،،

تحرك الجيش المسلم حتى دنا من العدو ، ثم انحاز إلى مؤتة فأقام معسكره بها ، وتعبأ للقتال ، فجعل على الميمنة قطبة بن قتادة العذرى ، وعلى الميسرة عبادة بن مالك الأنصارى ، وما لبث الجيشان غير يسير حتى بدأ القتال ،،،
قتال ثلاثة آلاف مسلم ، يقاتلون كما الليوث وسط أمواج مائتى ألف جندى من أعدائهم .
ولم يكن هرقل يتصور للحظة أن هؤلاء العرب القادمين من جوف الصحراء ، سوف يذيقون جيشه كل هذا الجهد وهذا العناء ، نعم هم لم يهزموهم وأنى لهم ذلك ، وهم القلة المتناهية ؟ لكن صمودهم وضراوتهم واستبسالهم ، قد أذهل الجميع .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

استشهاد القادة الثلاث ،،،،

ألف الناس فى حروبهم أن يموت ألف جندى قبل أن يموت ضابط ، وأن يموت ألف ضابط قبل أن يموت قائد ، لكن ثلاثة آلاف جندى مسلم ، واجهوا عدوهم فاستشهد منهم اثنا عشر رجلا منهم زيد وجعفر وابن رواحة قواد الجيش الثلاثة .

حمل زيد بن حارثة الراية وقاتل قتالاً مريرًا حتى اخترمته رماح القوم ، فخر صريعًا ،،،
وتسلَّم الراية جعفر بن أبى طالب ، فما زال يقاتل حتى أرهقه القتال ، فنزل عن فرسه ، وقاتل مترجلاً حتى قطعت يمينه ، فأخذ الراية بشماله ، وقاتل حتى قطعت هى الأخرى ، فاحتضن راية الجيش بعضديه ورفعها حتى قتل وعشرات الجراح فى صدره تشهد بشجاعته واستبساله
فسمي بذي الجناحين حيث أبدله الله بيديه جناحين يطير بهما في الجنة حيث يشاء .
ثم التقف الراية عبدالله بن رواحة ، فتردد هنيهة ، ثم نزل عن فرسه فأعطاه ابن عم له عرقًا من لحم ، فانتهس منه نهسة ، ثم ألقاه من يده ، وحمل سيفه فقاتل القوم حتى قتل .
وبمقتل ابن رواحة أصبح الجيش الإسلامى فى حرج كبير إذ صار جيشًا بلا قائد وسط طوفان الرومان .

الراية إلى خالد ،،،،

أسرع ثابت بن أرقم إلى راية المسلمين التى سقطت بمقتل آخر قادتهم فحملها ، ثم صرخ فى الجيش :-
يا معشر المسلمين ، اصطلحوا على رجل منكم ،،،،
فقال الناس :- أنت .
لكنه قال :- ما أنا بفاعل .
فاصطلح الناس على رجل ، عرف بينهم بالخبرة الحربية والحنكة العسكرية ، وهو البطل المسلم خالد بن الوليد ، وحمل خالد الراية ، وقاتل قتالاً شديدًا ، حتى كسرت بيده تسعة سيوف من شدة ضربه بالروم لكن يبقى الأهم من قتاله فى ذلك اليوم ، وهو حيلته الماهرة التى أنهى بها المعركة ، دون أن يهلك الجيش الإسلامى بأسره .

نهاية المعركة ،،،،

يوم بأسره مر على المسلمين وهم يقاتلون جيش الروم يصدون أمواجه المتلاطمة ، ويقاومون تياراته العنيفة ، لكن السؤال الذى كان يؤرق خالدًا طيلة الليل :-
كيف سيفلت بجيشه الصغير سالمًا من هذا المأزق الأليم ؟
إنه قطعًا لن يستطيع قتاله يومًا بعد يوم ، أما الفرار أمام الرومان ، فإنه يوقعه فى خطر المطاردة ، وسط صحراء مكشوفة ، يرى فيها الرجل مسير غريمه عبر أميال بعيدة ، حيث تصرخ جبالها مرددة صدى دبيب قدميه !
لكن خالدًا سرعان ما توصل إلى فكرة ، فانتهز خالد فرصة قدوم الليل فغير نظام الجيش حيث بادر فى الصباح بتنفيذها ، إذ بدل مواقع الجند ، فجعل ميمنة الجيش ميسرة ، وميسرته ميمنة ، كما جعل مقدمة الجيش في المؤخرة ، ومؤخرة الجيش في المقدمة .

فظن الروم أن مددًا من المدينة قد جاءهم ، ثم أخذ يتأخر بمكر قليلاً قليلاً إلى الوراء ، مع الاحتفاظ بنظام جيشه حتى يوهم عدوه بأنه يحاول أن يجره إلى بطن الصحراء حيث أعد مكيدته .
وهكذا انصرفت الروم إلى بلادها ، ولم يفكر جيشها أن يلاحق المسلمين أو يطاردهم .
وإنه لشيءٌ نادرٌ أن يقف جنديٌ واحدٌ أمام سبعين من الجنود المحملين بالسلاح ، ولكن قوة الإيمان هي التي جعلت المسلمين يصمدون أمام جيش العدو .

العودة إلى المدينة ،،،،

لم يقصر جيش المسلمين فيما أوكل إليه من واجب ، بل الحق أنه تمادى كثيرا فى أدائه ، حتى كاد أن يحيله مغامرة متهورة ، وعلَّم ثلاثة آلاف مسلم مائتى ألف مقاتل رومى كيف تكون الحرب وكيف يكون النزال !
وعاد دون خسارة تذكر فأثارت أصوات أقدام جنده قلوب الأعراب المعاندين ، وأسرعت بنو سليم ، وأشجع ، وغطفان ، وذبيان ، وفزارة ، وغيرها إلى المدينة ، جانحة إلى الإسلام .
لكن مسلمى المدينة غاظهم ألا يتبع جيش خالد الروم فى عقر دارهم ؛ ليلقنهم درسا أشد عليهم من درسه الأول !!
فخرجوا يصيحون بالجيش :- يا فرار ، فررتم عن سبيل الله !
أما محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى خرج مع الناس لاستقبال الجيش ، فقد التقط عبد الله بن جعفر من جموع الصبيان المسرعين للقاء أهليهم ،،،،
وحمله قائلا للناس : ليسوا بالفرار ، ولكنهم الكرار إن شاء الله .
فأعاد لخالد وجيشه أقدارهما ، وأتاح الفرصة واسعة فسيحة لكل متحمس ومشتاق لغزو الروم .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif
إضغط على الصورة

** { سـريـة ذات الـسـلاسـل } **

فقدت الأعراب حلف قريش فى حرب محمد - صلى الله عليه وسلم - عند صلح الحديبية ، وعجزت عن قتاله وحدها بعد هذا الصلح ، لكنها وجدت فى جمع الرومان فرصة مواتية لتبث جام غضبها وحقدها ، فأسرعت تؤازرهم فى حرب المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم-، إضافة إلى ذلك فإن جمعًا من قضاعة أوهمتهم عقولهم السقيمة أن المسلمين قد أنهكتهم مؤتة ، فأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة ، ،،،
فاختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن العاص لأن أم أبيه كانت امرأة من بلى ، وعقد النبى - صلى الله عليه وسلم - له لواءً أبيض وجعل معه راية سوداء .

وخرج عمرو فى ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار ومعه ثلاثون فرسًا ، وقد أمره النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يستعين بمن مر به من بلى وعذرة وبلقين ، وسار عمرو الليل وكمن النهار ، حتى إذا دنا من القوم علم أن لهم جمعًا كبيرًا وما كان درس مؤتة عن المسلمين ببعيد ، فأسرع عمرو بإرسال رافع بن مكيث الجهنى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يطلب منه المدد ، فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح فى مائتين من كبار المهاجرين والأنصار ، فيهم أبو بكر ، وعمر ، فلما وصل المدد إليه أراد أبو عبيدة أن يؤم الناس ،،،،
فقال له عمرو :- إنما قدمت علىّ مددًا ، وأنا الأمير .
فأطاعه أبو عبيدة ، وسارالجيش حتى وطئ بلاد قضاعة ، فما زالوا ينسحبون أمامه حتى لقى جمعهم فى أقصى بلادهم ، فحمل عليهم بجيشه ، فهربوا فى البلاد وتفرقوا ، وآب المسلمون إلى المدينة سالمين منصورين ، وكان خروجهم فى جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة .

سرية أبى قتادة ،،،،

فى خمسة عشر رجلاً ، ولخمس عشرة ليلة كان خروج أبى قتادة إلى بنى غطفان ، الذين احتشدوا فى خضرة بنجد ، وقد عاد أبو قتادة برجاله إلى المدينة ، بعد أن قتل من بنى غطفان وسبا وغنم .


wolf101 04-08-2012 08:57 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=21653


** { غـزوة فـتـح مـكـة } **

إنه لأمر عجيب أن ترفع سيوف المسلمين ، فيخضع لها كل شبر بأنحاء الجزيرة ، وأن تركض خيولهم ، حتى تطأ حوافرها أرض الروم ، ثم تحبس هذى السيوف ، وتلك الخيول عن تحرير بيت الله الحرام من دنس الأوثان ونجاسة المشركين ، ذلك ما كانت نفوس المسلمين تحدثهم به ، لكنهم صبروا على ذلك ، وفاءً منهم بالعهد واستماعًا إلى نفوسهم التى حدثتهم أيضًا بأن الأعجب من ذلك أن تفى قريش بعهدها !!

وكان ما حسبه المسلمون حقـًا ، فسرعان ما نقضت قريش عهدها ، ثم أحست بعد فوات الأوان بالمصيبة التى سعت إليها بقدميها ، فخرج أبو سفيان إلى المدينة متداركًا ما عساه يدرك ، لكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تهيأ للغزو وحاول إخفاءها حتى يباغت المشركين ، فيحقن دماءً لالزوم لسفكها ، وقد كان هذا له ، رغم كتاب حاطب الذى أرسله ليحذر قريشًا ، وتحرك الجيش المسلم ثم نزل بممر الظهران

وعلم أبو سفيان أن أمر الله ظاهر لا محالة فأعلن إسلامه ، وغادر الجيش منزله متوجهًا إلى مكة ، وسبقه أبو سفيان ليحذر قريشًا حسبما أمر النبى ، ودخل الجيش مكة بيسير عناء ، وكان أول ما فعله النبى - صلى الله عليه وسلم - أن دخل المسجد ، ثم صلى فى الكعبة ، ثم وقف يخطب أمام قريش ، وعفا عما بدر منهم فيما مضى ، وزيادة فى إظهار الود والكرم أعطى النبى - صلى الله عليه وسلم - مفتاح البيت إلى أصحابه من قريش ، ووقف بلال يؤذن فوق ظهر الكعبة ، أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد ذهب يصلى ببيت أم هانئ ، ثم أعلن عن إهدار لدم كبار المجرمين .

وقد أسلم فى هذا اليوم رؤوس مكة التى طال عنادها وفى اليوم الثانى وقف الرسول - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا فى الناس ، وتخوف الأنصار من بقائه بمكة فطمأنهم ، ثم شرع يأخذ بيعة الرجال ، حتى إذا أتمها أخذ بيعة النساء ، وأقام بمكة أيامًا ليتم ما فعله ، ثم عاد إلى المدينة .

قريش تنقض عهدها ،،،،

وهنت عظام قريش ، وانحنى ظهرها ، والدعوة الفتية تقوى ساعدها ، ويشتد عودها ، ويومًا بعد يوم أصبحت المعاهدة سورًا عاليًا بين الفريقين ، سورًا تحتمى به قريش من حرب المسلمين ، وسورًا يمنع المسلمين من حربها ، لكن غباء قريش أبى عليها إلا أن تنقب بيدها ذلك السور ، فقد أعانت بنى بكر - حلفاءها - بالسلاح وبالرجال مستغلين ظلمة الليل لقتال خزاعة - حلفاء المسلمين - والإغارة عليهم ، وأصابت بنو بكر من خزاعة رجالاً ، وسعت خلفهم حتى ألجأتهم إلى الحرم ،،،

فقالت بنو بكر لسيدهم نوفل بن معاوية الديلى :- يا نوفل ، إنا قد دخلنا الحرم ، إلهك إلهك .
وسخر نوفل منهم ، ثم قال لهم وقد ادعوا إيمانًا زائفًا :- لا إله اليوم يا بنى بكر ، أصيبوا ثأركم ، فلعمرى إنكم لتسرقون فى الحرم ، أفلا تصيبون ثأركم فيه ؟

وقد كان بين الفريقين ثأر وعداوة ، لم يهدأا حتى عقدت المعاهدة ، ودخل كل فى حلف طرف منها ، أما خزاعة ، فقد لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى ، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع ، وأسرع عمرو بن سالم الخزاعى ، حتى دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس فى المسجد بين ظهرانى الناس ، فأنشد أبياتًا يستنجده بها

يا رب إني نـاشد محمداً **** حلف أبـينا وأبيه الأتلدا
إنه قريشٌ أخلفوك المـوعدا **** ونقضوا ميثاقك المؤكدا
فانصر رسول الله نصراً أعتدا **** وادع عباد الله يأتوا مدداً

فأجابه الرسول - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
" نصرت يا عمرو بن سالم ، والله لأمنعنكم مما أمنع نفسي منه " .

ودعا الله قائلاً
" اللهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها ".

والتفت إلى السماء فإذا سحابة تمر فأردف قائلاً :-
إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب .

وبعد أيام وفد بديل بن ورقاء الخزاعى سرًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخبرًا إياه بمصاب خزاعة من بنى بكر وحلفائها من قريش ثم رجع بمن معه إلى مكة .

أبو سفيان يخرج للمدينة ،،،،

" إن عبث قريش وطيشها ، لا تجد من يحمل عنها عواقبه سواى "
كان هذا ما تردد فى صدر أبى سفيان ، وهو خارج من مجلس قريش الاستشارى ، حيث قررت أن توفده ممثلاً لها لتجديد الصلح .

وأردف أبو سفيان يسائل نفسه :- وأين كان مجلسها الموقر هذا قبل أن تعبث مع بنى بكر بمعاهدة محمد ؟
إن أسئلة كثيرة ظلت تلاحق الرجل أثناء مسيره إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، كيف يصالحه وقد غدر به ؟ وماذا يفعل معه محمد إذا رآه ؟ وكيف تصنع قريش إن غدا عليها محمد بجيشه الذى لا يقوم له فى مكة شىء ؟
وأسئلة أخرى عديدة أخذت تطرق رأسه وهو ينهز دابته على المسير ، فى صيف قائظ وطريق لا ينتهى وفوجئ أبو سفيان ببديل بن ورقاء الخزاعى الذى غدرت بقومه قريش عند عسفان عائدًا إلى مكة فى نفر معه ، فأدرك أنه قد سبقه إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فأتاه فسأله :-
من أين أقبلت يا بديل ؟
فأجابه بديل بمكر :- سرت فى خزاعة فى هذا الساحل ، وفى بطن هذا الوادى .
وأراد أبو سفيان أن يحاصره فأعاد سؤاله :- أو ما جئت محمدًا ؟
فنهز بديل دابته ومضى عنه قائلاً :- لا . فلما ذهب فت أبو سفيان بعر دابته ، فوجد فيه النوى ، علم أنها علفت بالمدينة .

وقدم أبو سفيان المدينة ، فدخل إلى بيت ابنته أم حبيبة ، زوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ليستريح عندها ، ولعلها تكون وسيطة بينه وبين محمد ، لكنه ما كاد يجلس ، حتى وجد ابنته تطوى عنه الفراش ، لكيلا يجلس عليه ، فاستوضحها ؟
فقالت :- بل هو فراش الرسول وأنت رجل مشرك نجس .
فمضى أبو سفيان عنها وقد صدمه ما حدث له ، ثم دخل على النبى - صلى الله عليه وسلم - فحدثه ، فلم يرد عليه ، فخرج إلى أبى بكر ، ثم عمر ، ثم على ، فلم يجيبوه بشىء ، ولا توسطوا بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفلتت الأمور من بين أصابعه ، ولم يدر ما يفعل

فصاح بعلى يائسًا :- يا أبا الحسن ، إنى أرى الأمور قد اشتدت على ، فانصحنى ، فنصحه على أن يقوم فيجير بين الناس ،،
فسأله أبو سفيان :- أو ترى ذلك مغنيًا عنى شيئًا ؟
فأجابه على :- لا والله ما أظنه ، ولكنى لم أجد لك غير ذلك ،،
فقام أبو سفيان فى المسجد فقال :- أيها الناس ، إنى قد أجرت بين الناس !
فما رد عليه أحد وركب الرجل ناقته ، وعاد خائبًا إلى مكة .

التهيؤ للغزوة ومحاولة إخفائها ،،،،

حماقات قريش لا تنتهى ، واليوم وقد حاصرتها مخاوفها من المسلمين ، لا يدرى أحد إلى أين يقودها اضطرابها وفزعها ؟
أما محمد صلى الله عليه وسلم - فإنه يدرك جيدًا أن آذان العرب فى كل الجزيرة ، وعيونهم تتسع الآن وتترقب بيقظة وحذر ما تصير إليه الأمور بين المسلمين وقريش ، وهو لهذا لا يريد أن يجازف بحرب قريش إلا بغتة ودون استعداد منها أو تهور ، وقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم - الناس أن يتجهزوا ،،،
ودعا ربه قائلا ً:-
اللهم خذ العيون والأخبارعن قريش ، حتى نبغتها فى بلادها

وزيادة فى الحيطة ، أقدم النبى - صلى الله عليه وسلم - على أمر يدل على مدى حنكته العسكرية ، وليأخذ انتباه العرب وقريش ، بعيدًا عن مقصد جيشه إذ قام النبى صلى الله عليه وسلم - بإرسال سرية قوامها ثمانية رجال إلى بطن أضم يقودهم أبو قتادة بن ربعى ؛ لتطير الأخبار فى كل اتجاه ، بأن مسير جيشه تابع لسريته ، وقد وصلت السرية فعلاً إلى حيث أمرها النبى صلى الله عليه وسلم - حتى إذا علمت بخروجه إلى مكة سارت إليه فلحقته ، لكن هذا الاحتياط الشديد ، كاد أن ينقض بكتاب حاطب بن أبى بلتعة ، لولا أن تدارك الله المسلمين برحمته .

كتاب حاطب ،،،،

روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :- إن كان الماء قلتين لم يحمل خبثًا .
وصحابى كحاطب بن أبى بلتعة ، جرت حسناته ومحامده أنهارًا ، كيف تلوثها فعلة واحدة ؟
كبرت تلك الفعلة أم صغرت ! رأى حاطب أنه لا قرابة له فى قريش ولا نسب ، وإن أهله وولده فيهم ، فماذا يصنع إن كانت الدائرة على المسلمين ؟ ولكل منهم قرابة لدى قريش ، يحمونه عند المصيبة ؟

فأراد أن تكون له يد عند القوم ، يحمونه بها إن هزم المسلمون ، وبين ضيق وتردد ، خطت يده كتابًا إلى قريش ، يحذرها فيه من قدوم المسلمين ، ثم أعطاه امرأة ، أسرعت به إلى مكة ، وأفلت الأمر من يد الرجل ،،،،

لكن الوحى أخبر محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بخبر حاطب فأرسل عليًا والمقداد إلى حاملة الكتاب وقد أعلمهما بمكانها وما تحمله ، فوصلا إليها ، واستخرجا منها كتاب حاطب الذي اخفته كما امرها حاطب في ضفائر شعرها ، وعاد به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى حاطب فسأله ، فصدقه فى الإجابة ، وهنا أراد عمر أن يضرب عنقه ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - قال له :-
إنه قد شهد بدرًا ، وما يدريك يا عمر ، لعل الله قد اطلع على أهل بدر ،،،
فقال :- اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ؛
فذرفت عينا عمر ،،
وقال :- الله ورسوله أعلم .

وعلم المسلمون حينئذ ، أن دينًا يزن للناس حسناتهم وسيئاتهم لا ينبغى لتابعه أن يهدم فى ساعة ما بناه مع غيره فى سنين ، كما علموا أيضًا ، كيف تكون الأمة ، حصنًا دافئًا يلجأ إليه الشاردون ، لا سيفًا مُصْلتًا ، يفرون منه !

تحرك الجيش ،،،،

أيام رمضان للعام الثامن الهجرى تمر على المسلمين المترقبين فتذكرهم فى صيامهم بيوم بدر ، وتمر عشرة أيام من الشهر الكريم فيأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالخروج ، وفى لحظات ، كان عشرة آلاف جندى مسلم يزحفون باتجاه مكة ، تحت قيادة محمد - صلى الله عليه وسلم - تلهج ألسنتهم بالذكر ، وتخضع جباههم لله ، وتحوطهم السكينة من كل مكان ، وعند الجحفة ، لقى المسلمون العباس بن عبد المطلب عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مهاجرًا بأهله وعياله ، فلحق بهم ثم مضوا فى طريقهم حتى إذا كانوا بالأبواء لقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن عمه أبا سفيان بن الحارث ، وابن عمته عبدالله بن أمية ، فأعرض عنهما لما كان يلقاه منهما من شدة الأذى ،،،

فقالت له أم سلمة :- لا يكن ابن عمك وابن عمتك أشقى الناس بك .
ونصح على ابن عمه أبا سفيان قائلاً :- ائت رسول الله من قبل وجهه ، فقل له ما قال إخوة يوسف ليوسف ،،،
ففعل وقال له :-
( قالوا تالله لقد آثرك الله علينا ، وإن كنا لخاطئين )
فقال - صلى الله عليه وسلم :-
( لا تثريب عليكم اليوم ، يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين )
واصطحبهما معه مستئنفًا المسير .

الجيش بمر الظهران ،،،،

شهدت مر الظهران ، ليلة السابع عشر من رمضان سنة ثمان من الهجرة أسعد أوقاته ، وأشدها ضياءً ، ففى هذه الليلة التى توافق مرور ستة أعوام على ليلة بدر نزل رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بها مع عشرة آلاف صحابى جليل ، أوقد كل منهم نارًا هى دون نار شوقه إلى مكة حرارة ، ودون نور وجهه ضياء ، ثم وقف عمر بن الخطاب على حرس الجيش فصار منظرًا مهيبًا مشرقـًا ، لا تنساه مر الظهران حتى قيام الساعة !!



إسلام أبى سفيان ،،،،

أراد الله - عز وجل - بأبى سفيان خيرًا ، فقدّر له أن يخرج من مكة المترقبة ، يتلمس بمر الظهران خبرًا ، وقدّر للعباس بن عبدالمطلب أن يخرج من معسكر المسلمين ؛ يتلمس حوله من ينذر قريشًا ، وسمع العباس صوت أبى سفيان وصاحبيه ، بديل بن ورقاء وحكيم بن حزام فأنصت ،،،
ورأى أبو سفيان معسكر المسلمين فقال :- ما رأيت كالليلة نيرانًا قط ولا عسكرًا .
وعرف العباس صوت أبى سفيان فقال :- أبا حنظلة !
فعرفه أبو سفيان وأجاب :- أبا الفضل !
ثم لم تكن إلا كلمات يسيرة بينهما ، حتى ركب أبو سفيان خلف العباس على بغلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التى رجعت تجوس فى معسكر المسلمين ، وكان المسلمون كلما نظروا متسائلين عن الدابة وراكبها ،،،،
قالوا :- عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على دابته ؛
لكن عمر بن الخطاب - رئيس حراستهم حينئذ - كان أكثر حرصًا فاقترب منهما ، حتى إذا رآهما صاح :- أبو سفيان ، عدو الله ؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد .
وفى لحظة واحدة كان العباس يركض بدابته قاصدًا خيمة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسابقه عمر بن الخطاب ليلحق به ،،،

وفوجئ النبى - صلى الله عليه وسلم - بعمر والعباس يدخلان عليه ويتصايحان ، عمر يريد ضرب عنق زعيم قريش أبى سفيان والعباس يجيره منه ،،،
وأنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا الموقف بقوله :-
اذهب يا عباس إلى رحلك ، فإذا أصبحت فأتنى به .
فلما كان الصبح ،،،
فقال له الرسول عليه الصلاة والسلام :-
"ويحك يا أبا سفيانٍ أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله "
فقال العباس :- " والله لقد ظننت أن لو كان مع الله غيره لقد أغنى عني شيئاً بعد " .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
" ويحك ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله "
فقال:- " أما هذه فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً " .
دعاه النبى - صلى الله عليه وسلم - لشهادة " ألا إله إلا الله "
فأجابه ، ثم دعاه لتمامها بأن محمدًا رسول الله ، فتردد ، لكن العباس حثه وحذره ، فأسلم وشهد شهادة الحق بعد حوارٍ طويلٍ دخل أبو سفيانٍ في الإسلام ،،،،
وهنا انطلق العباس فرحًا يسأل النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يارسول الله ، إن أبا سفيان رجل يحب الفخر ، فاجعل له شيئًا ،،،

فنظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى أبى سفيان ، قائد جيش قريش بأحد الذى أعلن تمنيه موت محمد وأبى بكر وعمر ، وزوج هند بنت عتبة التى بقرت بطن حمزة ثم لاكت قطعة من كبده - نظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
ثم قال :- نعم ! من دخل دار أبى سفيان فهو آمن ، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .

http://www.sunna.info/souwar/data/media/2/haj_2.jpg

الجيش يسير إلى مكة ،،،،

فى صباح اليوم السابع عشر من رمضان للعام الثامن الهجرى تحرك جيش المسلمين قاصدًا مكة ، ووقف أبو سفيان ينظر إلى كتائبهم ، وكلما مرت منه كتيبة ،،،
سأل العباس :- من هذه ؟
فيجيبه :- سليم أو مزينة ، أو سواها من قبائل العرب ،،
فيقول أبو سفيان :- مالى ولسليم ؟ مالى ولمزينة ؟،..... وهكذا،،،
لكن كتيبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخضراء مرت به ، فيها المهاجرون والأنصار ، لا يرى منهم إلا العيون من الحديد ،،،
فقال :- سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟
فأخبره بخبرهم فقال :- ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة .
نعم إن الرجل قد يميز نفيس الجوهر من زائفه ، لكن الخبير من يميز النفيس من الأنفس .
وبينما أبو سفيان يتأمل كتيبة النبى - صلى الله عليه وسلم - إذ قطع تأمله صوت سعد بن عبادة مهددًا :-
اليوم يوم الملحمة ! اليوم تستحل المحرمة ، اليوم أذل الله قريشًا .

فلما حاذى الرسول - صلى الله عليه وسلم - أبا سفيان ، أخبره بما قاله سعد ، فقال عثمان ، وعبدالرحمن بن عوف :-
يا رسول الله ، ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة ،،،
فقال النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم :-
بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة ، اليوم يوم أعز الله فيه قريشًا .
ونزع اللواء من سعد ، وأعطاه لابنه قيس ، حتى يطيب خاطره ، أما أبو سفيان الذى لم يعلم أن وقوفه بهذا المكان مع العباس كان عن أمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد امتلأ قلبه تعظيمًا وهيبة من جند المسلمين ، فانطلق إلى قريش يحذرها ، حتى لا تهلك نفسها بحرب محمد -صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك ما أراده النبى .

أبو سفيان يحذر قريشًا ،،،،

إن قريشًا المتلهفة لسماع خبر عن جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - قد فوجئت برأسها وكبيرها أبى سفيان ، يدخل مكة مسرعًا ، وصياحه يسبق فرسه ، صارخًا !!
يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن .

وما كاد الرجل يبدأ كلامه ، حتى كانت زوجه هند قد أخذت بشاربه ، وهى تسبه وتصيح به ،،
فقال أبو سفيان :- ويلكم ! لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن و هنا قال الناس ، وقد نفد صبرهم ،،،
قاتلك الله ، وما تغنى عنا دارك ! فقد وجدوا زعيمهم يفخر بأمان داره ، وهم فى مصيبتهم حيارى ،،،

فأجابهم أبو سفيان :-
ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن .
ووقفت قريش لحظة تستمع إلى صوت عقلها ، قد نطق به لسان أبى سفيان ، ثم إلى صوت عاطفتها ، ينطق به لسان زوجه ، لكنهم قطعوا ترددهم ، واتبعوا عقولهم ، فأسرعوا إلى دورهم ، يغلقون على أنفسهم أبوابها ، وإلى المسجد يلوذون بحماه .

الجيش يدخل مكة ،،،،

ويحك مكة ! مم تخشين ؟!

من جيش محمد - صلى الله عليه وسلم - أميره وقائده؟ والمهاجرون والأنصار بعض جنده المخلصين ؟
حق لك يا من ناءت دروبك وحرم بيتك بوطء نعال المشركين - أن تفرحى وتبشى ، بسعى النبى والمسلمين بين أجنابك ، وطوافهم حول بيتك العتيق ، أما آن لهذا البيت أن يفك أسره ، وتحل قيوده ؟
هذا البيت الذى مل من رؤية أقـفية المحاصرين ، من أوثان قريش وأصنامها .

مضى محمد - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى ذى طوى ، واضعا رأسه تواضعا للحق تبارك وتعالى ، حتى أن شعر لحيته ليكاد يمس واسطة الرحل ، ليس كملك يفتح بلدة طالما عاندته ، بل كنبى كريم قد استسلم لقدر الله بدخول مكة ، كما استسلم من قبل لقدره بخروجه منها .

وهناك وزع جيشه ، فجعل خالد بن الوليد على الميمنة ، وفيها أسلم ، وسليم ، وغفار ، ومزينة ، وجهينة ، وقبائل من قبائل العرب ، وأمره أن يدخل مكة من أسفلها ،،،
وقال :- إن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصدا ، حتى توافونى على الصفا ، وقد لقى فصيل خالد بعض الكيد من سفهاء المشركين بالخندمة ، لكنه سرعان ما أجهز عليه ،،،،

وجعل - صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام على الميسرة ، وأعطاه راية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يدخل مكة من أعلاها ، وأن يغرز رايته بالحجون ، ولا يبرح حتى يأتيه ،،،
وجعل - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة على الرجالة والحسر الذين لا سلاح معهم ، وأمره أن يأخذ بطن الوادى ، حتى ينصب لمكة بين يدى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى دقائق معدودة ذابت هموم السنين الطوال ،،،

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة والمهاجرون والأنصار بين يديه ، وخلفه وحوله ، حتى وافى خالدا على الصفا ،،،
ثم تقدم الجمعان ليلتقيا بالزبير بالحجون ، عند مسجد الفتح ، ثم كان مسير آخر الأنبياء - صلى الله عليه وسلم - إلى أول بيت وضع للناس .

خالد بالخندمة ،،،،

أسرعت قريش إلى دورها وإلى المسجد للاحتماء من جيش المسلمين ، ورأت أن تقدم سفهاءها لمقابلة محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، فإن كان النصر لهم شركوهم ، وإن كانت عليهم تركوهم ، فتجمع بهذا سفهاء قريش ، وأخفاؤها مع عكرمة بن أبى جهل ، وصفوان بن أمية ، وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين ، وكان ضمن هؤلاء الناس رجل يدعى حماس بن قيس ، وكان مغرورًا لكن به ظرف ، أعد سلاحًا لمقاتلة المسلمين ، فحذرته زوجته من سوء عاقبته ،،،
فأجابها :- والله لأرجو أن أخدمك بعضهم !
ثم أخذ ينشد شعرًا ، وبالخندمة لم يلق سيف الله خالد أحدًا من المشركين إلا أنامه ، ولم يقتل من جيشه سوى كرز بن جابر الفهرى ، وخنيس بن خالد بن ربيعة ؛ إذ شذا عن الجيش ، وسلكا طريقًا غير طريقه ، فقتلا جميعًا ، وأسرع المشركون بالفرار ، وفوجئت زوجة حماس ببعلها يدخل بيته ، مرتجفًا شاحبًا وهو يقول لها :- أغلقى على بابى .
وكعادة النساء فى هذه الأحوال سألته :- وأين ما كنت تقول ؟
فانطلق يقرض شعرًا ، يفسر به خيبته ، ويعتذر عن فوات فطنته .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=32821

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يدخل المسجد

لا ندرى أيهما كان أشد شوقًا لصاحبه ؟ المسجد الحرام أم رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة من أعلاها وهو يقرأ قوله تعالى :-
(( إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ))
واستسلمت مكة ، وأخذ المسلمون يهتفون في جنبات مكة وأصواتهم تشق عناء السماء :-
الله أكبر .. الله أكبر .

ولقد انطلق - صلى الله عليه وسلم - ومن حوله خيار المسلمين من المهاجرين والأنصار ، حتى دخل المسجد فاستلم الحجر الأسود ، الذى ظل لسنين طوال شاهدًا حزينًا لما يحدث حوله من جاهلية بغيضة ، ووثنية قبيحة .

وآن له الآن أن يشعر بلمسة يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأيادى المسلمين ، تخفف عنه أحزانه ، وتمسح عن صفحته ، أدران الشرك ولوثاته ، ومضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالبيت على راحلته ، وفى يده الشريفة قوس ، وحول البيت ثلاثمائة وستون صنمًا يجثمون على صدره ، ويكتمون نوره ، فكان كلما مر بواحد منها طعنه بقوسه فوقع على وجهه ، وهو يتلو :-
( جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )
( جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد )

ولعل الذين كانوا يستمعون لهاتين الآيتين ثم يلتفتون فيجدون الباطل منتفخًا - لعلهم يشعرون الآن بمذاق جديد لهاتين الآيتين الكريمتين ، وأكمل - صلى الله عليه وسلم - طوافه ، فدعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ؛ ليدخلها ويصلى بها صلاة للواحد الأحد كما كان يصنع جداه (( إبراهيم وإسماعيل - عليهما السلام - ))

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يصلى فى الكعبة

ما أجمل أن يستوى الميزان ! رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتسلم مفتاح بيت الله !
نعم هكذا يعود الأمر إلى نصابه ، ويدخل - صلى الله عليه وسلم - البيت ، فيغلق عليه بابه ، وتهدأ أصوات الجيش وقريش بالخارج ، وينفرد بالدخول معه - صلى الله عليه وسلم - بلال وأسامة ، عبد وابن عبد ، لكنهما أثقل فى ميزان الله من أشراف المشركين جميعًا ، ويسقط بدخولهما بناءً للكبر طالما جثم على صدر الإنسانية بمكة ، ويقلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناظريه فى أرجاء الكعبة ، فإذا فيها الصور ، وإذا صورة معلقة لإبراهيم وإسماعيل -
عليهما السلام - يستقسمان بالأزلام !
فقال - صلى الله عليه وسلم - :- قاتلهم الله ، والله ما استقسما بها قط .

وإذا بالكعبة حمامة من عيدان فكسرها ، وأمر بالصور فمحيت ؛ لتطوى بذلك صفحة قاتمة من تاريخ الإنسانية ، التى لونت بيدها تراث الأنبياء .
وترفع بصلاته - صلى الله عليه وسلم - أستار كثيفة طالما أرخيت ؛ فيتبدد عن مكة ظلامها بأشعة الإسلام المشرقة الدافئة ، وبعد أن فرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من صلاته دار فى البيت ، وكبر فى نواحيه ، ووحد الله ، ثم فتح الباب ليخاطب قريشًا المنتظرة .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يخطب أمام قريش

" لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له
صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده "

كان هذا ما سمعته قريش المصطفة داخل المسجد تترقب كلمات القائد المنتصر محمد - صلى الله
عليه وسلم - أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقد كان آخذًا بعضادتى باب الكعبة ، وهم تحته وقد استأنف يقول :-
ألا كل مأثرة ودم ومال يدعى أو دم فهو تحت قدمى هاتين ، إلا سدانة البيت ، وسقاية الحاج ، ألا وقتل الخطأ شبه العمد - السوط والعصا - ففيه الدية مغلظة مائة من الإبل : أربعون منها فى بطونها أولادها ،،،
يا معشر قريش ، إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية ، وتعظمها بالآباء ، الناس من آدم وآدم من تراب ، ثم تلا النبى - صلى الله عليه وسلم - قوله تعالى :-
( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ، إن الله عليم خبير )

وتعجبت قريش من قول محمد - صلى الله عليه وسلم - لقد بدأ كلامه بذكر ربه ، وحمده وإرجاع الفضل كله إليه ، ثم عرج على إيضاح بعض مبادئ الإسلام الذى يدعو إليه ، لكن ماذا سيصنع بهم ؟
وهنا سمعوا النبى - صلى الله عليه وسلم - يسائلهم :-
يا معشر قريش ، ما ترون أنى فاعل بكم ؟
فأجابوا بأمل ورجاء : خيرًا ! أخ كريم وابن أخ كريم .
وحين عمدت قريش فى إجابتها تلك إلى تذكيره بنسبه القرشى ،،
فإنه - صلى الله عليه وسلم - كان مشغولاً بنسب له آخر ، نسبه النبوى ،،
فأجابهم :- فإنى أقول لكم كما قال يوسف لإخوته
( لا تثريب عليكم اليوم اذهبوا فأنتم الطلقاء )
هكذا نظر محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى الأمر برمته ، لن يعدو ما فعلوه عما فعله إخوة يوسف به ، لكنهم إخوته ، وليس له وهو نبى الله ، إلا أن يغفر لهم ما فعلوه .

http://www.sunna.info/souwar/data/me..._______209.jpg

مفتاح البيت إلى أهله ،،،،

إن أول ما يفعله الثائرون حين تصير الأمور إلى أيديهم هو أن يزيلوا كل أثر كان لسالفيهم ، ويهدموا كل بنيان لم تقمه سواعدهم ، مؤكدين فى كل لحظة ، أن الماضى لم يكن إلا شرًا كله ، وأن خيرًا فى هذه الدنيا ، لن يأتى إلا على أيديهم الطاهرة ،،،

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فإنه ما جاء ليسلب أحدًا ملكه ، ولا ليبدل كل ما حوله ، إنما جاء ليرجع الأمر لله ، ويقيم دينه بين الناس ، بأن ينزع عنهم ما ألفوه من الباطل ، ثم يقيم بناءه على ما ألفوه من الحق ، لقد جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى المسجد ، فوجد عليًا أو العباس قادمًا إليه يحمل مفتاح الكعبة فى يده ،،،

قائلاً :- يا رسول الله ، اجمع لنا الحجابة مع السقاية ، صلى الله عليك ؛
ولكنه - صلى الله عليه وسلم - سأل :- أين عثمان بن طلحة ؟ - وهو حامل مفتاح الكعبة من قريش - ؟؟
فأتوه به ، فقال له :- هاك مفتاحك يا عثمان ، اليوم يوم بر ووفاء !
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يعلم أن زوال الأصنام من حول الكعبة هو هدف رسالته ، أما زوال مفتاح الكعبة من يد عثمان فإنه ليس من رسالته فى شىء .

بلال يؤذن على الكعبة ،،،،

إن كلمات النبى - صلى الله عليه وسلم -:- الناس من آدم وآدم من تراب .
والتى لم يمض على سماع قريش لها سوى قليل ، قد أصبحت واقعًا يتجسد ، حين جاء وقت الصلاة ،،،
وبعد أن طهرت الكعبة من الأصنام أمر النبي عليه الصلاة والسلام بلالاً أن يؤذن فوقها .
فقام بلال على ظهر الكعبة ، يؤذن فى المسلمين ، ولم يدهش حينئذ واحد منهم ، فبلال عبد لله وقف على ظهر بيت الله يؤذن لعبادة الله ، فما الداعى إذن للدهشة أوالسؤال ؟
لكن عتاب بن أسيد ، والحارث بن هشام ، وقد كانا جالسين بفناء الكعبة مع أبى سفيان ، لم يعجبهما هذا المنظر ،،،

فانطلق عتاب يقول :- لقد أكرم الله أسيدًا أن لا يكون سمع هذا ،،
وقال الحارث :- أما والله لو أعلم أنه حق لاتبعته .
أما أبو سفيان ، الذى أسلم وتشهد ، فقد قال :- أما والله لا أقول شيئًا ، لو تكلمت لأخبرت عنى هذه الحصباء ،،،
وهنا خرج عليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لهم :- قد علمت الذى قلتم . وذكر لهم ،
فبهت الحارث وعتاب ، ونطقا معًا قائلين :- نشهد أنك لرسول الله ، والله ما أطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يصلى ببيت أم هانئ

بدلاً من إقامة المهرجانات والاحتفالات ، وتوزيع الملصقات وتشييد أقواس النصر ، دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ببساطة إلى بيت أم هانئ بنت أبى طالب ، فى وقت الضحى ليغتسل؛
ويصلى صلاة الفتح ، ثمانى ركعات للناصر المنعم الكريم سبحانه وتعالى

وقد أسرع رجلان من بنى مخزوم أقارب زوج أم هانئ إلى بيتها ، للاحتماء من أخيها على إذ أراد قتلهما ، فأغلقت عليهما باب بيتها دونه ، وسألت النبى - صلى الله عليه وسلم - أن ينقذهما من على ، فقال لها :- قد أجرنا من أجرت ، وأمنا من أمنت ، فلا يقتلهما .
،،،
إهدار دم المجرمين ،،،،

إن ملايين كثيرة من البشر قد فقدوا أرواحهم فى الحرب العالمية الثانية ، من جراء أفعال نفر من الساسة وأقوال جمع من الإعلاميين ، وإن المرء ليعجب أى عقاب دنيوى يجب أن يوقع على هؤلاء وأولئك .

فتح محمد - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون مكة ، وعفا النبى - صلى الله عليه وسلم - عن جموع قريش ، لكن بعضًا منهم كان يستحق أن يعاقب جزاء فعله وقوله ؛،،
ولذا فقد أهدر صلى الله عليه وسلم - دماء عبد العزى بن خطل ، فذهب يتعلق بأستار الكعبة ، لكنها لم تغن عنه شيئًا ، إذ أمر صلى الله عليه وسلم - رجلاً أن يقتله فقتله ، وأهدر دم مقيس بن صبابة ، الذى أسلم ثم قتل أنصاريًا ، ثم ارتد ولحق بالمشركين - فقتله نميلة بن عبدالله ، وأهدر دم الحارث بن نفيل الذى كان شديد الأذى للنبى صلى الله عليه وسلم - بمكة ، ودم الحارث بن طلاطل الخزاعى فقتلهما على ، وأهدر دم عبدالله بن أبى سرح الذى ارتد بعد إسلامه ، لكن عثمان شفع فيه إلى النبى صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وكذلك عكرمة بن أبى جهل ، لكن امرأته استأمنت له ، فأمنه النبى صلى الله عليه وسلم - فأتت به من اليمن ، فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر دم هبار بن الأسود ، الذى تعرض لزينب عند هجرتها وآذاها حتى أسقطت جنينها ، لكنه صلى الله عليه وسلم - عفا عنه فأسلم وحسن إسلامه ، وأهدر - صلى الله عليه وسلم - دم سارة حاملة كتاب حاطب ، ومغنيتان لابن خطل كانتا تغنيان بهجاء الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقتلت إحداهما ، وأسلمت الأخرى مع سارة وعفى عنهما ويذكر أيضًا ممن أهدر دمهم ثم عفى عنهم وأسلموا كعب بن زهير ، ووحشى بن حرب ، وهند بنت عتبة زوجة أبى سفيان .



إسلام رؤوس مكة ،،،،

أسرع صفوان بن أمية الخطا فارًا من مكة لدخول المسلمين بها وصفوان وإن لم يكن ممن أهدر دمهم إلا أنه يعلم جيدًا أنه أحد زعماء قريش ، الذين طالت حربهم لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ، وما إن وصل صفوان إلى شاطئ البحر ، وهمّ بركوبه لجوءًا إلى اليمن ، حتى سمع صياح عمير بن وهب الجمحى يناديه ، والتفت صفوان إلى عمير الذى أخبره بأنه استأمن له الرسول -صلى الله عليه وسلم - وقد أعطاه عمامته التى دخل بها مكة ، وهنا عاد صفوان مع عمير إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رافضًا الهرولة إلى الإسلام ،،،
قائلاً للنبى :- اجعلنى بالخيار شهرين !
فقال له - صلى الله عليه وسلم -:- أنت بالخيار أربعة أشهر !
فأسلم صفوان ، وكانت امرأته أسلمت قبله ،،،
فأقرهما - صلى الله عليه وسلم - على النكاح الأول .

أما فضالة بن عمير فقد عزم على قتل النبى - صلى الله عليه وسلم - فطاف بالكعبة حتى قرب منه -صلى الله عليه وسلم - ،،
وهنا ابتدره النبى متسائلاً :- أفضالة؟
قال :- نعم ، فضالة يا رسول الله ،،
فقال :- ماذا كنت تحدث به نفسك ؟
فأجابه فضالة :- لا شىء ، كنت أذكر الله !
فضحك النبى - صلى الله عليه وسلم - ثم استغفر ثم قال: استغفر الله ،،،
ويحكى فضالة عن ذلك قائلا :- ووضع يده الشريفة على صدرى ، حتى مامن خلق الله شىء أحب إلى منه ثم رجع إلى أهله .

خطبة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى اليوم الثانى

قتلت هذيل لخزاعة رجلاً شجاعًا يسمى أحمر ، وكان ذلك فى الجاهلية ، لكن خزاعة بعد الفتح فوجئت بقاتله :- ابن الأثوع الهذلى يدخل مكة متسائلاً عن أمر الناس ، وهو بعد على شركه ، فأحاطوا به قائلين :-
أأنت قاتل أحمر ؟
فقال :- نعم ، أنا قاتل أحمر ، فمه ؟ أى فماذا تريدون ؟!
وهنا أقبل خراش بن أمية الخزاعى شاهرًا سيفه ، ثم أمر الناس أن يتنحوا عنه ، فتنحوا ، وقد ظنوا أنه يريد أن يفرج عن الرجل لكنه فى لحظة واحدة ، وضع السيف فى بطن ابن الأثوع ، فسقط صريعًا ،،،

فقام رسول الله فى الناس خطيبًا ، فحمد الله وأثنى عليه ، ومجده بما هو أهله ، ثم أعلن حرمة مكة إلى يوم القيامة ، ونهى أن يسفك فيها دم ، أو يعضد بها شجرة ، أو يصطاد بها ، أو تلتقط بها ساقطة ،،،،
ثم خاطب خزاعة قائلاً :- يا معشر خزاعة ، ارفعو يديكم عن القتل فقد كثر القتل إن نفع ، لقد قتلتم قتيلاً لأدينه ، فمن قتل بعد مقامى هذا فأهله بخير النظرين ، إن شاءوا فدم قاتله ، وإن شاءوا فعقله .

تخوف الأنصار من بقائه - صلى الله عليه وسلم -

إن فرحة الأنصار بفتح مكة قد شابها خوفهم من فقدان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وبينما كان - صلى الله عليه وسلم - واقفًا على الصفا رافعًا يديه يدعو ربه ، إذ تهامس الأنصار فيما بينهم ،،،
قائلين :- أترون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ فتح الله عليه أرضه وبلده ، أن يقيم بها ؟
وفرغ النبى - صلى الله عليه وسلم - من دعائه ، فالتفت إليهم متسائلاً :-
ماذا قلتم ؟
فقالوا :- لا شىء يا رسول الله ؛
مخافة أن يكره مقالتهم ، لكنه لم يزل بهم حتى أخبروه ،,,
فقال محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
معاذ الله ! المحيا محياكم ، والممات مماتكم .

وما كان له - صلى الله عليه وسلم - وهو البار الوفى ، أن ينسى صنيع الأنصار فيجعلهم منزلاً فى طريقه ، ما إن يتجاوزه حتى يزهده وينشغل عنه .

بيعة الرجال ،،،،

أشرقت شمس الحق بمكة ، فذهبت من الدروب والقلوب خفافيشها ، تبين للناس الحق جليًا ، وخلى بينهم وبينه ، فأسرعوا تهفو قلوبهم إلى نوره ، وجلس المصطفى - صلى الله عليه وسلم -على جبل الصفا ، الذى شهد قديمًا تكذيب قريش حين جاهر بدعوته - جلس اليوم يبايع الناس ، وعمر بن الخطاب أسفل منه ، يأخذ على الناس ، فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا .

بيعة النساء ،،،،

لم تدر هند بنت عتبة ما تصنع ؟ فرسول الله صلى الله عليه وسلم - الجالس على جبل الصفا ، وأسفل منه عمر بن الخطاب ، قد فرغ من بيعة الرجال ، وآن للنساء أن يذهبن للمبايعة ، لكن كيف تغدو معهن ، وهى قاتلة حمزة ، ومن مثلت بجثمانه ولاكت كبده بأحد ؟
ترددت هند قليلاً ، ثم تنكرت حتى لا تعرف وذهبت للمبايعة ، وهناك سمعته - صلى الله عليه وسلم - يقول :-
أبايعكن على ألا تشركن بالله شيئًا ، فبايعنه ،،،
ثم قال :- ولا تسرقن ،
فنسيت هند أمرها وقالت :- إن أبا سفيان رجل شحيح ، فإن أنا أصبت من ماله هنات ؟
فقال أبو سفيان :- وما أصبت فهو لك حلال .
وضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو إن عرفها حين تحدثت ؛ إلا أنه عرف مع ذلك أيضًا صدق حديثها ، حين استوثقت لدينها ، وقال لها :- وإنك لهند ؟
فقالت :- نعم ، فاعف عما سلف يا نبى الله ، عفا الله عنك ،،،
ثم أكمل النبى - صلى الله عليه وسلم - ببيعته للنساء قائلاً :- ولا يزنين ،،،
فقالت :- أو تزنى الحرة ؟
فقال :- ولا يقتلن أولادهن ، وهنا ذكرت هند حنظلة ابنها الذى قتل يوم بدر ، فأجابت :- ربيناهم صغارًا ، وقتلتموهم كبارًا ، فأنتم وهم أعلم ؛
فضحك عمر حتى استلقى ، وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال :- ولا يأتين ببهتان ،،،
فقالت :- والله إن البهتان لأمر قبيح ، وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم -:- ولا يعصينك فى معروف ،،،
فقالت صادقة مصدقة :- والله ، ما جلسنا مجلسنا هذا وفى أنفسنا أن نعصيك .
فرحم الله هند كانت رأس النساء فى الشرك ورأس النساء فى الإسلام .
إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمكة وعمله فيها

بقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تسعة عشر يومًا بمكة ، يغسل عن وجهها الوضىء مابقى من أدران الجاهلية الحمقاء ، ويجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى والتقى ، وأمر أبا أسيد الخزاعى فجدد أنصاب الحرم ، وسار المنادى بمكة صائحًا :-
من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع فى بيته صنمًا إلا كسره ، وقد بث - صلى الله عليه وسلم - سراياه للدعوة إلى الإسلام .



** { سرايا رمضان بعد فتح مكة } **

فتح مكة أمر حسن ، والأحسن منه هو تمام هذا الفتح ؛ لهذا بادر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإرسال السرايا لتطهير أرض العرب من بقايا الأوثان ، ولدعوة العرب إلى دين الله الواحد القهار ، فتتالت بعثة خالد لهدم العزى ، وبعثة عمرو بن العاص لهدم سواع ، ثم بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ، ثم بعثة خالد لدعوة بنى جذيمة والتى تأخرت إلى شوال من العام نفسه .

بعثة خالد لهدم العزى ،،،،

خرج خالد بن الوليد فى ثلاثين فارسًا ، لخمس ليال بقين من شهر رمضان سنة ثمان من الهجرة إلى نخلة لهدم العزى أعظم أصنام قريش وجميع بنى كنانة ، وكان سدنتها بنى شيبان ، فسار إليها حتى هدمها ،،،
لكن النبى - صلى الله عليه وسلم -
سأله حين رجع إليه :- هل رأيت شيئًا ؟
فقال :- لا
فقال له :- فإنك لم تهدمها ، فارجع إليها فاهدمها ، فرجع إليها خالد وقد امتلأ غيظًا فجرد سيفه ، فخرجت إليه امرأة عريانة ، سوداء ناشرة الرأس ، وجعل السادن يصيح بها ، لكن خالدًا جزلها بضربتين ، ثم رجع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فأخبره الخبر ،،،
فقال - صلى الله عليه وسلم - له :-
نعم تلك العزى ، وقد أيست أن تعبد فى أرضكم أبدًا .

بعثة عمرو لهدم سواع ،،،،

وصل عمرو بن العاص إلى سواع : صنم لهذيل برهاط ، وهم بتدميره ،،،
لكن سادنه وقف يسأله بثقة قائلاً :- ما تريد ؟
فأجابه عمرو ببساطة :- أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم - أن أهدمه ،،،
فقال له بثقة متزايدة :- لا تقدر على ذلك !
فسأله عمرو متعجبًا :- لم؟
فقال :- تمنع .
وازداد عجب عمرو من عقل طائش يتحدث بيقين وسأله :- حتى الآن أنت على الباطل ؟ ويحك !
فهل يسمع أو يبصر ؟! ثم التفت عمرو عنه ودنا ليكسره ، وأمر أصحابه ، فهدموا فى لحظات بيت خزانته ، ولم يجدوا فيه شيئًا ، وقبل أن يرجع عمرو بأصحابه ،،،
عاد فسأل السادن :- كيف رأيت؟ فأجاب بهدوء: أسلمت لله .

بعثة سعد بن زيد لهدم مناة ،،،،

مناة ! وثن العرب الشهير ، لطالما وقفت تنظر بسخرية وازدراء إلى ألوف الراكعين السجد بحضرتها عبر أجيال عديدة ، وآن لمناة أن تخر صريعة بسيوف الحق ورماحه ، خرج سعد بن زيد الأشهلى ، فى عشرين فارسًا ، حتى انتهى إليها عند المشلل ،،،

وخرج إليه سادنها ،يسأله بعصبية مفتعلة :- ما تريد؟
فأجابه سعد :- هدم مناة .
فتظاهر السادن بعدم الاكتراث ، وقال بلهجة مشبعة بالتهديد :- أنت وذاك !!
ولم يلتفت سعد إليه ، إنما تقدم إليها ، ففوجئ بامرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس ، تدعو بالويل ، وتضرب صدرها ، فشجعها السادن بغباء لا ينتهى قائلاً :-
مناة دونك بعض عصاتك .

لكن تلميذ النبى - صلى الله عليه وسلم - سعد بن زيد ، لم يكن لتهزه هذه الصورة أو تلك الكلمات ، فضربها بسيفه ضربة قتلتها ثم أقبل إلى الصنم فهدمه وكسره ، ولم يجد أصحابه فى خزانته شيئًا .

بعثة خالد إلى بنى جذيمة ،،،،

وصل خالد بن الوليد الذى خرج فى ثلاثمائة وخمسين رجلاً من المهاجرين والأنصار وبنى سليم إلى بنى جذيمة ، داعيًا إلى الإسلام لا مقاتلا فى شوال من العام الثامن للهجرة ، لكن بنى جذيمة لم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ،،،
فجعلوا يقولون :- صبأنا ، صبأنا .

فأعمل خالد فيهم القتل والأسر ، ودفع إلى كل رجل ممن كان معه أسيرًا ليقتله ، فأما بنو سليم فقد أطاعته ، وأما عبدالله بن عمر ومن معه من المهاجرين والأنصار فقد أبوا ، حتى قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكروا له ما حدث ، فاشتد ذلك عليه حتى رفع يديه وقال :-
اللهم إنى أبرأ إليك مما صنع خالد . مرتين ،،،

ثم أسرع - صلى الله عليه وسلم - بإرسال على بن أبى طالب ، لهم قتلاهم وما ذهب منهم ، إن حديثى العهد بالإسلام ، قد يحسبونه ثورة وقتالاً حتى النصر ، أما راسخو القدم فيه فيعلمون أنه دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، ثم هو قتال لمن بغى واعتدى وتكبر .

الفتح ودخول الناس أفواجًا ،،،،

أبت بعض القلوب المظلمة أن تفتح أبوابها لنور الحق ، الذى سطع فى مكة ، وغرها شيطانها ؛ فوحدت صفوفها ؛ لمقاتلة نبى عز عليها أن ترى انتصاره ، وعلو دعوته
فخرج النبى - صلى الله عليه وسلم - لمقاتلتهم فى غزوة حنين ، وكما يقولون :-
فعلى نفسها جنت براقش
ومحارب الله ورسوله ، ترى إن لم يرجع بالخيبة ، ويبؤ بالخزى والفشل ، فبم يرجع ، وبم يبوء ؟!
وعاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الغزوة إلى المدينة منتصرًا ؛ ليرسل جامعى الصدقات لمن أسلم من القبائل ، و السرايا لمن اعتدى منهم .
لكن " أسد الرومان " لم يعجبه استتباب الأمر فى الجزيرة للنبى الجديد ودعوته ، وهو يعلم خطره ، ونهشة مؤتة لا زالت توجعه ، وتنبهه ؛ ليترك عرينه ، وينقض على غريمه الذى عظم شأنه فى الجوار .

أما النبى العظيم - صلى الله عليه وسلم - فهو أشد حرصًا على دعوته من أن يؤتى على غرة ؛ لذا فقد بادر بالسعى إليه فى بلده فى غزوة تبوك الشهيرة ، والتى ابتليت فيها العزائم ، وامتحنت فيها النفوس .
ولم تنته السنة التاسعة للهجرة إلا عن بعض الوقائع المهمة ، والتى كان آخرها إرسال أبى بكر أميرًا على الحج ،، ولا شك أن الدعوة بعد فتح مكة قد استقرت أركانها ، ورسخت أقدامها ؛ ولذا فقد تقاطرت الوفود على النبى - صلى الله عليه وسلم - تدخل فى دين الله أفواجًا ،،،
وبقدوم " ذى الحجة " من العام العاشر للهجرة ، خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - حاجًا حجة الوداع ، ثم عاد إلى المدينة ليرسل آخرالبعوث :- بعثة أسامة بن زيد إلى أرض الروم ، وهى البعثة التى أجل خروجها حتى وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم - وصعود روحه إلى بارئها - عز وجل - ، مخلفًا وراءه دولة وأمة ، نموذجًا ونبراسًا لمن خلفه ، وأمانة وتبعة فى عنق أتباعه ، والسائرين على دربه إلى يوم الدين .

اللهم صلِّ وسلم على النبى محمد ما بقيت سماء وأرض ، حتى تجمعنا معه وتدخلنا مدخله يوم العرض .. آمين .

wolf101 04-08-2012 08:58 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=29174

** { غــزوة حــنــيــن } **

بعد أن فتح المسلمون مكة ، انزعجت القبائل المجاورة لقريش من انتصار المسلمين على قريش ؛ وفزعت هوازن و ثقيف من أن تكون الضربة القادمة من نصيبهم . وقالوا لنغز محمداً قبل أن يغزونا .

لئن كانت القبائل المجاورة لمكة قد خضعت لحكم الله تعالى ، فإن غيرها ممن نأت ديارهم ، غرهم عقلهم العليل ، فقد اجتمعت هوازن ، وثقيف ، ونصر ، وجشم ، وسعد بن بكر ، وأناس من بنى هلال ، واتخذوا من مالك بن عوف السعدى قائدًا عامًا لهم ، وأجمعوا رأيهم على قتال محمد - صلى الله عليه وسلم - ومن معه من المسلمين ،،،،

فبدأوا مسيرهم إليه ، تحت إمرة مالك الذى أطاعوه رغم اختلافه مع كبيرهم دريد بن الصمة ، وعلى الفور بدأ نشاط الاستخبارات من الجهتين ، ثم غادر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة إلى حنين ، وتلاقى الجيشان ، فكانت الهزيمة الأولى للمسلمين ، وكادت أن تذهب ريحهم لولا ثبات الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، والذى أدى إلى رجوع المسلمين واحتدام المعركة ، وما مرت سوى سويعات حتى لحقت الهزيمة الساحقة بجيش العدو ، وبدأت المطاردة ، لكن الأعراب فروا إلى الطائف فاحتموا بها ، فجمع المسلمون الغنائم ، ثم ساروا إلى الطائف، حيث بدأ الحصار والقتال حولها ، لكنها عصيت عليهم ، فقرروا الرحيل عنها إلى حين ، وانتظر النبى - صلى الله عليه وسلم - بعض الوقت ، ثم قسم الغنائم والتى لم ينل منها الأنصار - على كثرتها ووفرتها - شيئًا ، فأحزنهم ذلك ، حتى حدثهم النبى - صلى الله عليه وسلم - فرضوا بمقامه بينهم بديلاً ، وما كادت قسمة الغنائم تتم حتى قدم وفد هوازن يعلن الاستسلام ويطلب الصلح ،،
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - إليه ، وأنهى غزوته بأداء العمرة ثم الانصراف إلى المدينة .
وهذا الحدث وما رافقه من مجريات ووقائع، هو الذي أشار إليه سبحانه وتعالى، بقوله‏:-
‏{‏
ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودا لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين }‏ (‏التوبة‏:‏25-26) .

مسير العدو ،،,،

سارت جيوش الأعراب تحت إمرة مالك بن عوف النصرى ، حتى أنزلها وادى أوطاس ، وهو بدار هوازن بمقربة من حنين ، لكن العجيب هو أن مالكًا قد صحب معه فى مسيرته تلك ، النساء والأبناء والأموال ، حتى يدفع جيشه إلى القتال المستميت .
ويبدو أن مالكًا لم يكن يثق بجيشه ، أو أنه لم يرد أن ينتهى وحده إن هزم فى هذا اللقاء ، حتى يقضى على كل من خذله ولم ينصره على المسلمين ونبيهم - صلى الله عليه وسلم - .

الخلاف بين مالك ودريد ,،،،

ما أعجب ما تصنعه الأيام بأهلها !
دريد بن الصمة بطل العرب الشجاع ، مجرب الحروب ، ها هو يجلس محنى الظهر ، واهن الصوت ، قد سقط حاجباه على عينيه ، وارتعشت يداه التى طالما ارتعشت لمرأى السيف بها قلوب الشجعان ؛؛
لس يسأل من حوله :- بأى وادٍ أنتم ؟
فأجابوه :- بأوطاس !
فأعجبه ذلك ، لكنه استدرك :- مالى أسمع رغاء البعير ، ونهيق الحمير ، وبكاء الصبى ، وثغاء الشاء ؛؛
فأجابوه :- ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم ، فامتعض الرجل ، ثم دعا مالكًا وسأله عما حمله على ذلك ،،،
فقال بغرور القادة العظام :- أردت أن أجعل خلف كل رجل منهم أهله وماله ليقاتل عنهم .
وهنا لم يعد دريد يحتمل المزيد ،؛؛
فانطلق لسانه قائلاً :- راعى ضأن والله ! وهل يرد المنهزم شيئًا ؟!
إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت فى أهلك ومالك ،,,
لكن مالكًا - الذى كان ربه يسوقه مع جيشه إلى نهاية مؤلمة - قد أبى سماع رأى غيره ، وكره أن يكون لدريد فى هذا اللقاء ذكر أو رأى ، حتى يستأثر بالذكر كله ، ,,
فأجاب ببصيرة الأغبياء قائلاً بحماس : - والله لتطيعنى هوازن ، أو لأتكئن على هذا السيف ، حتى يخرج من ظهرى ، فأطاعته هوازن ، ولو علمت الغيب لتركته ومتكأه .

نشاط مزدوج للاستخبارات ,،،،

إن أبا حدرد الأسلمى عين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكتف بالتلصص على جيش العدو ، بل دخل بهدوء فى الناس ، وأقام معهم ، يعلم خبرهم ، وتفاصيل جيشهم ، ثم أتى إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - بما علم ،
أما عيون مالك الذين أرسلهم للاستكشاف ، فقد جاءوا شاحبى الوجوه ، مرتعدى الأوصال ،
فسألهم :- ويلكم ، ما شأنكم ؟
فقالوا له :- رأينا رجالاً بيضًا على خيل بلق ، والله ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى .
ويبدو أن نشاط العيون فى الجهتين ، بعد هذه المقالة ، صار فى ميزان جيش المسلمين .

الرسول - صلى الله عليه وسلم - يسير إلى حنين ,،،،

إن عشرة آلاف مسلم فتحوا مكة لم يكونوا جميعًا من المهاجرين والأنصار ، وإن اثنى عشر ألفًا خرجوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين لم يكونوا كلهم - ولاشك - من أولئك الفاتحين ، ؛؛
خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى حنين يتقدم جيشًا جرارًا ، لم يخرج مثله معه من قبل ، وفى طريقهم رأوا شجرة عظيمة خضراء يقال لها ذات أنواط ، تعلق العرب عليها أسلحتهم ، ويذبحون عندها ويعكفون ، فقال من لم يمر على إسلامه سوى أيام معدودة :- اجعل لنا ذات أنواط ، كما لهم ذات أنواط ،،،

فقال - صلى الله عليه وسلم -:-
الله أكبر ! قلتم والذى نفس محمد بيده كما قال قوم موسى (( اجعل لنا إلها كما لهم آلهة )) .
ونظر بعضهم حوله ثم قال بارتياح :-
لن نغلب اليوم ، فشق ذلك عليه - صلى الله عليه وسلم - الذى صبر قديمًا على قلة عدد جيشه ، وعليه الآن أن يصبر على كثرته !
وفى عشية يوم خروجه فى السادس من شوال سنة ثمان من الهجرة ، جاء فارس يخبر الجيش بما رآه من خروج هوازن عن بكرة أبيها بنسائهم وأنعامهم وشائهم ،،،
فتبسم - صلى الله عليه وسلم - وقال :-
تلك غنيمة المسلمين غدًا إن شاء الله

ولعل المسلمين الذين رأوا كراهته للفرح بكثرة جيشه قد استفادوا درسًا جديدًا ، وهم يرون الآن تبسمه عند سماعه بكبر جمع العدو !
وبات المسلمون ليلتهم ، وعلى الحراسة أنس بن أبى مرثد ، ثم استأنفوا مسيرهم صباحًا حتى وصلوا إلى حنين فى العاشر من شوال ، حيث بدأ استعدادهم ليوم اللقاء .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

الهزيمة الأولى ,،،،

إن جيش المسلمين الذى عبأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم فرق على الناس الألوية والرايات - إن هذا الجيش قد بدأ فى التحرك فى غبش الصبح ثم هبط فى واد شديد الانحدار .
وبينما جموعه تتلاحق فى النزول ، إذ بالسهام تصيبه من كل جانب ، فإن مالكًا كان قد فرق جنوده فى مداخل الوادى ومضايقه دون أن يشعر المسلمون ، وقبل أن يفيق الجيش من صدمته ، كانت كتائب العدو قد شدت عليهم شدة رجل واحد ،،،
فأسرع المسلمون بالرجوع فرارًا ، لا يلوى أحد على أحد ، ولا ينتظر أحد أحدًا ، فكانت هزيمة منكرة ، والحرب بعد لم تدق طبولها !
وفى هذا الموقف العصيب ، ظهرت بعض خبايا الصدور ،،،
فقد صاح أبو سفيان بن حرب :- لا تنتهى هزيمتهم دون البحر ،،،
كما صرخ جبلة أو كلدة بن الحنبل أخو صفوان بن أمية لأمه :- ألا بطل السحر اليوم .
والعجيب أن من أسكته ورده كان صفوان بن أمية ، رغم أنه لم يكن قد أسلم بعد ،،،
فقال له :- اسكت فض الله فاك ، فوالله لأن يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن - يعنى يملكنى ويسودنى - ،
وقد كان صفوان أعطى لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - مائة درع بأداته ليستعين بها فى الحرب .

ثبات رسول الله ,،،،

فوجئ محمد - صلى الله عليه وسلم - بجيشه ينكص على عقبيه ، يفر الواحد منهم مسرعًا فلا يلتفت إلى شىء ، إن مجرد الوقوف فى وجه الجيش المرتد أصبح مستحيلاً ،،،
وهنا انحاز الرسول - صلى الله عليه وسلم - جهة اليمين ، وهو يصيح بالناس :-

هلموا إلىّ أيها الناس ، أنا رسول الله ، أنا محمد بن عبدالله
((أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب )).

ثم يواجه الكفار مسرعًا ، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بلجام بغلته والعباس عمه بركابه ، حتى يكفانها عن الاقتحام ، ثم هبط - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، بعد أن انكشف جيشه
قائلاً :-
اللهم أنزل نصرك .
أما من بقى حوله - صلى الله عليه وسلم - من الإثنى عشر ألفًا فكان عددا قليلا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته .

وأما من قال سابقًا :- لن نغلب اليوم من قلة . فلعله الآن يعرف من أى شىء يغلب ؟!
وقد التفت - صلى الله عليه وسلم - فرأى أم سليم بنت ملحان مع زوجها أبى طلحة ، التى كانت حاملاً بعبدالله بن أبى طلحة - رآها ممسكة بحزم رأس جمل أبى طلحة ،،،
فسألها :- أم سليم ؟
فقالت :- نعم ، بأبى أنت وأمى يا رسول الله ، اقتل هؤلاء الذين ينهزمون عنك كما تقتل الذين يقاتلونك ، فإنهم لذلك أهل ،،،
فقال لها :- أو يكفى الله يا أم سليم ؟
ورأى أبو طلحة زوجها خنجرًا معها ، فسألها عنه ؟
فقالت :- خنجر أخذته ، إن دنا منى أحد من المشركين بعجته به ،،،
فقال زوجها :- ألا تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم ؟!

رحم الله أم سليم ، كم أحرجت من رجال !

رجوع المسلمين واحتدام المعركة ,،،،

وقف العباس ، - وكان جهير الصوت - ينادى بأعلى صوته ، حسب أوامر النبى - صلى الله عليه وسلم -
قائلاً :- يا معشرالانصار ؛ يامعشرالمهاجرين ؛ يا أصحاب الشجره (( أين أصحاب السمرة ؟ وهم أصحاب بيعة الرضوان ~ الشجرة ~ )) ، الذين بايعوا محمدًا على الموت ،
ويصف العباس أوبتهم قائلاً :- فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتى عطفة البقر على أولادها ،
فقالوا:- يا لبيك ، يا لبيك .
ونادى العباس مرة أخرى قائلاً :- يا معشر الأنصار .
ثم اختص بندائه بنى الحارث بن الخزرج ، وكان الرجل إذا أراد الرجوع ، فعانده بعيره الفار ، يأخذ درعه وسيفه ، ثم ينزل عن بعيره ويتركه ، متجهًا صوب الصوت ، حتى اجتمع إليه - صلى الله عليه وسلم - مائة ،،،

فاستقبلوا العدو واقتتلوا وتلاحقت بعد ذلك كتائب المسلمين ، واحدة تلو الأخرى كما كانوا عند تركهم الموقعة ، ثم احتدم القتال ،،،
ونظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الفريقين يتجالدان فقال:-
الآن حمى الوطيس .
ثم أخذ قبضة من تراب الأرض ، فرماها فى وجوه القوم قائلاً :-
شاهت الوجوه .
فما بقى منهم من أحد إلا وعيناه قد امتلأتا بهذا التراب ، حتى كانت هزيمتهم الساحقة .

الهزيمة الساحقة لجيش العدو ،،,،

ثبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستنصر ربه ، ثم قاتل المسلمون بحرارة وإيمان ، فلم تمر إلا ساعات قلائل حتى انهزم عدوهم هزيمة منكرة ، وقتل من ثقيف وحدها نحو السبعين ، وأصبح فى يد المسلمين ما كان مع العدو من مال وسلاح ونساء وأطفال .
فتوجه إلى الله ، وثبات أمام البلاء ، وكفاح لا يكل ، هذه أسباب بلغ المسلمون بها نصرهم المنشود .

المطاردة ،,،،

فرت جموع هوازن ومن رافقهم من أرض المعركة ، وقد أطلقت لسيقانها الريح ، ولم تكن متفقة على مكان تحتمى به عند الهزيمة ، فصارت طائفة منهم إلى أوطاس ،،،
وقد أرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم أبا عامر الأشعرى مع مجموعة من الجيش ، وقد انهزمت فلول المشركين ، واستشهد أبو عامر ، واتجهت طائفة ثانية إلى نخلة ، وكان معهم دريد بن الصمة ، فطاردتهم فرسان المسلمين ،
وقتل ربيعة بن رفيع دريدًا ، وأما معظم فلول المشركين فقد لجئوا إلى الطائف ، وأولئك توجه إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه بعد أن جمع الغنائم .

جمع الغنائم ،،,،

الحمد لله الذى ساق مالك بن عوف قائد جيوش هوازن والأعراب إلى خطته الحمقاء تلك إذ من جرأتها غنم المسلمون من السبى ستة آلاف رأس ، ومن الإبل أربعًا وعشرين ألفًا ، ومن الغنم أكثر من أربعين ألف شاة عدا أربعة آلاف أوقية فضة ،،،
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بجمعها ، ثم حبسها بالجعرانة ، وجعل عليها مسعود بن عمرو الغفارى ، ولم يقسمها حتى فرغ من غزوة الطائف ، وقد كانت فى السبى الشيماء بنت الحارث السعدية - أخت رسول الله من الرضاعة -،
فعرفته بنفسها ، فأكرمها ، وبسط لها رداءه وأجلسها عليه ، ثم من عليها ، وردها إلى قومها .

المسير إلى الطائف ,،،،

ما إن فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من جمع الغنائم ، حتى شرع فى المسير إلى فلول المشركين بحصن الطائف ، حتى يستأصل شوكتهم ، ويضمن الاستقرار بأرض العرب ، وقد تقدم الجيش خالد بن الوليد فى ألف رجل ، يتبعهم سائر الجيش ،،،
ومر النبى - صلى الله عليه وسلم - فى طريقه على نخلة اليمانية ثم على قرن المنازل ، ثم على لية ، وكان هناك حصن لمالك بن عوف ، فأمر بهدمه ، ثم واصل سيره حتى وصل إلى الطائف ، فأقام معسكره ، وفرض الحصار على أهل الحصن .

الحصار والقتال حول الطائف ،,،،

أربعين يومًا كاملة ، قضاها المسلمون يحاصرون الطائف ، لكن الحصن منيع أعد أهله فيه ما يكفيهم لسنة ، ثم إنهم صاروا يذيقون المسلمين منه ألوان البلاء ، فقد رموهم رميًا شديدًا حتى قتل منهم فى أول الحصار اثنا عشر رجلاً واضطروا إلى تغيير موقع المعسكر ،،،
ونصب النبى - صلى الله عليه وسلم - المنجنيق ، وقذف به القذائف ، حتى أحدث بجدار الحصن شدخًا ، ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة من خشب ، يدخل الناس فى جوفها ، ثم يدفعونها فى اتجاه الحصن لينقبوه ، دخلوا تحتها ليحرقوا الجدار لكن عدوهم أرسل عليهم سكك الحديد المحماة بالنار ، فخرجوا من تحتها ، فرشقوهم بالنبل وقتلوا منهم رجالا ،،،

وهنا لجأ - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرب المعنوية ، فأمر جيشه بقطع الأعناب وتحريقها ، فقطعها المسلمون قطعًا ذريعًا لم يوقفه إلا رجاء ثقيف أن يدعها لله والرحم ، فتركها لله والرحم ، وهو موقف - ولاشك - عجيب ،،،

ثم أمر النبى - صلى الله عليه وسلم - مناديه فنادى فى أهل الحصن :-
أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر .
وسرعان ما خرج إلى المسلمين ثلاثة وعشرون رجلاً ، منهم أبو بكرة الذى تدلى من سور الحصن ببكرة مستديرة فكنى بها ، وقد أعتقهم - صلى الله عليه وسلم - ودفع كل رجل منهم إلى رجل من المسلمين يمونه ، فشق ذلك على أهل الحصن مشقة عظيمة ، وظل الموقف على هذا الحال ، لم يحالف الانتصار فريقًا منهما ، إلا أن الانتصار كان مصيرهما معًا .

الرحيل من الطائف ،,،،

إن المسلمين الذين كانوا يستمعون إلى أنفسهم المتسائلة :- ماذا سيحدث لو دام الحصار ؟
فيجيبونها :- سينهار العدو حتمًا ويستسلم أو نقاتله فنهزمه -
إن هؤلاء المسلمين وقد مر عليهم أربعون يومًا ، صار بعضهم يتساءل قائلاً :- وماذا سيحدث لو تركناهم محبوسين فى حصنهم؟
ولعل نوفل بن معاوية الديلى ، قد أجاب عن هذا السؤال ، حين استشاره النبى - صلى الله عليه وسلم - فيما يصنع فقال :-
هم ثعلب فى جحر ! إن أقمت عليه أخذته ، وإن تركته لم يضرك .

وهنا عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على رفع الحصار والرحيل ، فأمر عمر بن الخطاب فنادى فى الناس :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله .
لكن المسلمين ثقل عليهم ذلك وقالوا :- نذهب ولا نفتحه ؟
فقال لهم النبى :- اغدوا على القتال ، فغدوا فأصابتهم الجراح ،،،
فقال :- إنا قافلون غدًا إن شاء الله ،
ففرحوا بذلك وأطاعوا وجعلوا يرحلون ، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم - يضحك ، وأمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا :-
آيبون تائبون عابدون ، لربنا حامدون ،،،،
وقد سألوه أن يدعو على ثقيف ،
فقال :-
اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم .

قسمة الغنائم ،،,،

إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى دعا ربه عند رحيله قائلاً :- اللهم اهد ثقيفًا وآت بهم ؛؛
قد ظل بضع عشرة ليلة بالجعرانة لا يقسم الغنائم ، انتظارًا لقدوم هوازن تائبة ، فيرد عليهم ما فقدوه ، لكن أحدًا منهم لم يأت إليه - صلى الله عليه وسلم - فبدأ بقسمة المال ليسكت النفوس المتشوفة لمتاع الدنيا ، وأعطى رجالاً يتألف قلوبهم ، فأعطى أبا سفيان بن حرب أربعين أوقية ومائة من الإبل ،،،
فقال :- ابنى يزيد ؟
فأعطاه مثلها ،،،
فقال :- ابنى معاوية ؟
فأعطاه مثلها .
وأعطى حكيم بن حزام مائة من الإبل ، فطلب أخرى فأعطاه مائة أخرى ، وأما صفوان بن أمية ، فقد أعطاه مائة فمائة فمائة وكذا غيرهم ، ثم أعطى آخرين خمسين خمسين وأربعين أربعين ؛؛
حتى صار الناس يقولون :- إن محمدًا يعطى عطاء من لا يخشى الفقر ، وازدحم عليه الأعراب ، الذين ازدحموا منذ أيام ، فرارًا من حنين ، ازدحموا عليه يطلبون المال حتى اضطروه إلى شجرة ، فانتزعت رداءه !!
فقال :-
أيها الناس ، ردوا علىّ ردائى ، فوالذى نفسى بيده لو كان عندى شجر تهامة نعمًا لقسمته عليكم ، ثم ما ألفيتمونى بخيلاً ولا جبانًا ولا كذابًا .

وهذا المنظر لا يستدعى إلى أذهاننا إلا التسليم بصفات البشر أولئك الذين يخرجون عن ديارهم وأموالهم مهاجرين طواعية ، والذين يؤثرون إخوانهم ولو كان بهم خصاصة ، وأولئك الذين يزاحمون نبيًا حتى يسقطون رداءه ، طمعًا فى بعض الرؤوس !
وقد قام النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أعطى المؤلفة قلوبهم بتقسيم الغنائم على الناس ، فأعطى الراجل أربعًا من الإبل وأربعين شاة ، وأعطى الفارس اثنى عشر بعيرًا وعشرين ومائة شاة ، عدا ما قسمه بينهم من السبى .

حزن الأنصار ،،,،

وقف الأنصار الذين دعاهم النبى - صلى الله عليه وسلم - حين فر عنه الناس - وقفوا ينظرون بعيون دهشة ، إلى غنائم حنين ، وهى تفرق بين الناس ، ذات اليمين وذات الشمال ، دون أن يصيبهم منها شىء ، ولله در الأنصار ! الذين اصطفاهم الله لدعوته اصطفاء .

إنهم حين حزنوا لتفضيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سواهم عليهم ، لم يصنعوا كما يصنع كثير من الناس ، حين يتظاهرون بعدم الاكتراث ، ويرسمون ابتسامات عريضة على شفاههم ، ليس لها فى قلوبهم نصيب ثم يؤكدون بحسم أنهم فوق هذه الأغراض التافهة ، والمقاصد الحقيرة ، لأنهم لم يفعلوا شيئًا من ذلك ، إنما أرسلوا كبيرهم سعد بن عبادة ، يتحدث بشجاعة ووضوح ، قائلاً للنبى - صلى الله عليه وسلم -:-
يا رسول الله ، إن هذا الحى من الأنصار قد وجدوا عليك فى أنفسهم لما صنعت فى هذا الفىء الذى أصبت ! قسمت فى قومك ، وأعطيت عطايا عظامًا فى قبائل العرب ، ولم يك فى هذا الحى من الأنصار منها شىء
فسأله - صلى الله عليه وسلم -:-
فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
ومرة أخرى لا يصنع سعد ما تصنعه الوسطاء حين يعتذرون للرؤساء بأنهم ليسوا إلا ناقلى خبر ، وأن كلام القوم لا يرضيهم تمامًا ، وإنما أجاب فى صراحة :-
يا رسول الله ، ما أنا إلا من قومى ,,،
فقال له صلى الله عليه وسلم -:- فاجمع لى قومك فى هذه الحظيرة .
وجمعهم سعد ؛؛

فأتاهم النبى صلى الله عليه وسلم - فحمد الله وأثنى عليه ،
وقال :-
يا معشر الأنصار ، ما قالة بلغتنى عنكم ، وجدة وجدتموها علىّ فى أنفسكم ؟ ألم آتكم ضلالاً فهداكم الله ؟ وعالة فأغناكم الله ؟ وأعداء فألف الله بين قلوبكم ؟
قالوا :- بلى ، الله ورسوله أمن وأفضل ،
فقال :- ألا تجيبونى يا معشر الأنصار ؟
قالوا :- بماذا نجيبك يا رسول الله ؟ لله ولرسوله المن والفضل ..،
قال :- أما والله لو شئتم لقلتم ، فلصدقتم ولصدقتم ،,,
أتيتنا مكذبًا فصدقناك ، ومخذولاً فنصرناك ، وطريدًا فآويناك وعائلاً فآسيناك
أوجدتم يا معشر الأنصار فى أنفسكم فى لعاعة من الدنيا تألفت بها قومًا ليسلموا ، ووكلتكم إلى إسلامكم ؟
ألا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير ، وترجعوا برسول الله إلى رحالكم ؟
فوالذى نفس محمد بيده ، لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار ، ولو سلك الناس شعبًا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار ،...,
اللهم ارحم الأنصار ، وأبناء الأنصار ، وأبناء أبناء الأنصار
فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم ، وقالوا :- رضينا برسول الله قسمًا وحظًا .
ثم انصرف النبى - صلى الله عليه وسلم - وتفرقوا .

قدوم وفد هوازن ،,،،

لكل أجل كتاب ، تسعة عشر يومًا ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينتظر قدوم هوازن تائبة ليرد لها غنائمها ، لكنها لا تأتى ، ثم هاهو الآن ما يكاد يجلس بعد أن فرغ من تقسيم الفىء ، حتى يفاجأ بأربعة عشر رجلاً ، هم وفد هوازن ، يقدمون عليه تائبين ، سائليه بكلام ترق له القلوب ، أن يرد عليهم سبيهم وأموالهم ،,,

فقال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - إن معى من ترون ، وإن أحب الحديث إلى أصدقه ، فأبناؤكم ونساؤكم أحب إليكم أم أموالكم ؟
فقالوا :- ما كنا نعدل بالأحساب شيئًا ،,,,
فنصحهم - صلى الله عليه وسلم - أن يقوموا بعد صلاة الظهر ،,,
فيقولون :- إنا نستشفع برسول الله إلى المؤمنين ، وبالمؤمنين إلى رسول الله أن يرد علينا سبينا ، ففعلوا ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- أما ما كان لى ولبنى عبد المطلب فهو لكم وسأسأل لكم الناس ،,,
فأسرع المهاجرون والأنصار قائلين :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
وقال الأقرع بن حابس :- أما أنا وبنو تميم فلا ,,،
وكذلك قال عيينة بن حصن :- أما أنا وبنو فزارة فلا ،,,
وتبعهم عباس بن مرداس فقال :- أما أنا وبنو سليم فلا ،,,
لكن بنى سليم قالوا :- ما كان لنا فهو لرسول الله .
فقال لهم ابن مرداس :- وهنتمونى .

وهنا عرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الرافضين عرضًا جديدًا،,,
فقال :-
إن هؤلاء القوم قد جاءوا مسلمين ، وقد كنت استأنيت سبيهم ، وقد خيرتهم فلم يعدلوا بالأبناء والنساء شيئًا ، فمن كان عنده منهن شىء فطابت نفسه بأن يرده فسبيل ذلك ، ومن أحب أن يستمسك بحقه فليرد عليه وله بكل فريضة ست فرائض من أول ما يفىء الله علينا ،,,
فرد الناس جميعًا ما بأيديهم من النساء والأبناء .

العمرة والانصراف إلى المدينة ،,،،

فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قسمة الغنائم بالجعرانة ، فأهل معتمرًا منها ثم أدى العمرة ، وقفل راجعًا إلى المدينة ، بعد أن ولى على مكة عتاب بن أسيد ، وقد كان رجوعه إلى مدينته المحبوبة فى الرابع والعشرين من ذى القعدة سنة ثمان من الهجرة .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif


** { عمال الصدقات } **

ما إن بدا فى الأفق هلال المحرم من سنة تسع من الهجرة ، حتى طفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرسل المصدقين ، وهم جامعو الزكاة إلى القبائل ، وتلك قائمة بأسمائهم وأماكن توجههم :



ولم يكن إرسال هؤلاء العمال كلهم فى المحرم من سنة تسع من الهجرة ، وإنما تأخر العديد منهم لحين إسلام تلك القبائل .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { السرايا بعد رجوعه إلى المدينة } **

إن ظهور أمر الإسلام بجزيرة العرب ، واستتباب الأمن بها ، لا يعنى زوال الخارجين على أمره تمامًا ، فلكل عصر أهل حقه وأهل باطله ، نعم قد يزيد هؤلاء أو يقل أولئك ، لكن أحد الفريقين لا ينتهى بحال .
وعلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذن واجب لا مفر منه ، ولا راحة عنه فى مواجهة أولئك المارقين ؛ ولذا فقد شرع فى إرسال السرايا للخارجين فى الوقت نفسه الذى بدأ فيه إرسال المصدقين إلى الطائعين فكانت هذه السرايا الخمس :-


سرية عيينة بن حصن ،,،،

أغرت بنو تميم القبائل بعدم دفع الجزية ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - عيينة بن حصن الفزارى فى المحرم سنة تسع من الهجرة فى خمسين فارسًا ، ليس فيهم مهاجر ولا أنصارى ؛ وكمن لهم عيينة ، حتى هجم عليهم فى الصحراء ، فولوا مدبرين ، وعاد إلى المدينة وقد أخذ منهم أحد عشر رجلاً ، وإحدى وعشرين امرأة ، وثلاثين صبيًا ، فأنزلوا فى دار رملة بنت الحارث .

سرية قطبة بن عامر ،،,،

خرج قطبة بن عامر ، فى صفر سنة تسع من الهجرة إلى حى من خثعم بناحية تبالة ، بالقرب من تربة فى عشرين رجلاً ، على عشرة أبعرة يعتقبونها ، فشن الغارة ، واقتتل الفريقان قتالاً شديدًا ، حتى كثر الجرحى فى كليهما ، وقتل قطبة مع من قتل ، لكن المسلمون انتصروا ، وعادوا إلى المدينة يسوقون النعم والشاء والنساء .

سرية الضحاك بن سفيان ،,،،

ذهب الضحاك بن سفيان الكلابى إلى بنى كلاب ليدعوهم إلى الإسلام ، لكنهم أبوا وشرعوا فى القتال ، فقاتلهم المسلمون وهزموهم ، وقتلوا من المشركين رجلاً .

سرية علقمة بن مجزر ،,،،

سبحان مغير الأحوال ! إن مكة التى كانت مصدر حرب للمسلمين ، صارت اليوم تنعم بحماية المسلمين لها ، اجتمع رجال من الحبشة بالقرب من سواحل جدة ، للقيام بأعمال القرصنة ضد أهل مكة ، فأرسل إليهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علقمة بن مجزر المدلجى ، فى ثلاثمائة رجل فى شهر ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة ؛ ولما وصل علقمة الشاطئ خاض البحر حتى وصل إلى جزيرة به ، فسمعت بمسيره الأحباش ، وأسرعوا بالهرب .

سرية على بن أبى طالب ،,،،

بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب فى مائة وخمسين رجلاً على مائة بعير وخمسين فرسًا ، إلى صنم لطىء يقال له :- القلس ؛ ليهدمه ، فشن الغارة على محلة حاتم وهدم صنمهم ، وعاد إلى المدينة ، وقد ملأ المسلمون أيديهم من السبى والنعم والشاء ، وهرب عدى بن حاتم الطائى إلى الشام ، وكان فى السبى أخت عدى فاستعطفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأطلقها .

إطلاق أخت عدى بن حاتم ،,،،

إن عجوزًا فى السبى لم يعجبها أن تصبح فى هذا الوضع المهين فقامت من مكانها ، وسارت بخطا يحدوها الأمل ، وتثقلها قيود الأسر ، سارت وذكريات أبيها حاتم الطائى أكرم العرب ، ومضرب أمثالهم فى الكرم تتردد على ذهنها ، واشتياقها لرؤية أخيها عدى ، الذى فر إلى الشام ، يؤجج نار قلبها ، وما هى إلا دقائق حتى انتهى بالعجوز مسيرها إلى النبى - صلى الله عليه وسلم -
فقالت له :- يا رسول الله ، غاب الوافد ، وانقطع الوالد ، وأنا عجوز كبيرة ما بى من خدمة ، فمنّ على ، منّ الله عليك ،،،
فسألها النبى - صلى الله عليه وسلم -:- من وافدك ؟
فقالت :- عدى بن حاتم ،
وهنا عاتبها - صلى الله عليه وسلم - برقة قائلاً :- الذى فر من الله ورسوله ؟ ثم مضى ،
فأعادت عليه قولها فى الغد ،,, فأجابها بمثلها ،,,
فجاءته فى اليوم الثالث ، فمن عليها وكان إلى جانبه رجل ، ترى أنه على ، نصحها بأن تسأله -صلى الله عليه وسلم - الحملان ، ففعلت ، فأمر لها به ، ومضت فى طريقها حتى دخلت على أخيها بالشام قائلة له :- لقد فعل فعلة ما كان أبوك يفعلها ، ائته راغبًا أو راهبًا ،,,
فأتاه عدى بغير أمان ولا كتاب ، ثم أسلم بين يديه
.

1- عيينة بن حصن إلى بنى تميم .
2- يزيد بن الحصين إلى أسلم وغفار .
3- عباد بن بشير الأشهلى إلى سليم ومزينة .
4- رافع بن مكيث إلى جهينة .
5- عمرو بن العاص إلى بنى فزارة .
6- الضحاك بن سفيان إلى بنى كلاب .
7- بشير بن سفيان إلى بنى كعب .
8- ابن اللتبية الأزدى إلى بنى ذبيان
9- المهاجر بن أبى أمية إلى صنعاء .
10- زياد بن لبيد إلى حضرموت
11- عدى بن حاتم إلى طىء وبنى أسد .
12- مالك بن نويرة إلى بنى حنظلة .
13- الزبرقان بن بدر إلى بنى سعد ( إلى قسم منهم ) .
14- قيس بن عاصم إلى بنى سعد ( إلى قسم آخر منهم ) .
15- العلاء بن الحضرمى إلى البحرين .
16- على بن أبى طالب إلى نجران ( لجمع الصدقة والجزية معًا ) .

wolf101 04-08-2012 09:00 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=76981


** { غـزوة تـبـوك } **

قيصر الروم الذي بدأ المسلمين بالعداوة ، منذ مؤتة ، والمسلمون ليقلقونه فحسب ، بل يقضون عليه مضجعه ، ويثيرون خوفه أيضًا -؛؛

لقد اكتسحت جموعه قبائل العرب ، فوجدوها تحت أمرهم ، ودانت لهم الجزيرة العربية بأسرها .
ولن تلبث صخرة الروم أن يجرفها سيل المسلمين العظيم ، لن ينتظر قيصر إذن حتى تخلع العرب أبوابه ، وتحرق عالي أسواره ، لقد بدأهم بالمعاداة ، وليس له الآن أن يتنكب الطريق !!
على الجانب الآخر لم يكن المسلمون ليغفلوا عمن أصبح جارهم ، بعد اتساع رقعتهم كما لم يكن لهم أن ينسوا ثأرهم بمؤتة ، فكانوا دومًا فى ترقب وحذر ، هو حذر لا يشغلهم عن عدوهم الذى بين أظهرهم ، فما زال للمنافقين بالمدينة دور يؤدونه ، بل ومسجد على غير تقوى الله يقيمونه ، وفى هذا الجو الملبد ، وصلت الأخبار باستعداد الروم للحرب ، وكره الناس الغزو لاجتماع ظروف عديدة ،,,

لكن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - ما كان يوقفه عن عزمه شىء ، فأعلن التهيؤ لغزو الروم ، وتم تجهيزالجيش ، الذى بدأ مسيره إلى تبوك ، ثم وصل إليها وعسكر بها دون حرب أو قتال ، لأن عدو المسلمين لم يبق فى أرض المعركة بعد سماعه بخروج النبى - صلى الله عليه وسلم - ومن معه ، وصالح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبائل الشام العربية الموالية للروم على الجزية ، ثم رجع إلى المدينة ، وهناك كان لقاؤه مع المخلفين الذين تكاسلوا عن الخروج ، فذمهم الله تعالى سوى ثلاثة منهم .

ترقب المسلمين وحذرهم ،،,،

بينا عمر بن الخطاب نائم ببيته ليلاً ، إذ سمع من يطرق بابه بشدة ،
فانتفض عمر وسأله :- أجاءت غسان ؟
فقال :- لا بل أعظم منه وأطول ، طلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نساءه ،,,
ورغم أن هذه الحادثة وقعت حين هجر النبى - صلى الله عليه وسلم - نساءه ؛ إلا أنها توضح بجلاء حال المسلمين بالمدينة ، فقد كانت الأنباء تأتيهم تباعًا بعزم الرومان والغساسنة على غزوهم ، واستعدادهم لذلك ، مما جعلهم على حذر دائم ، وترقب لا يمل لسكنات الرومان وتحركهم .

دور المنافقين ومسجدهم ،،,،

يبدو أن طول التظاهر برسوم الإيمان وأشكال العبادة قد أضنى منافقى المدينة ، الذين انهارت أعصابهم ، بعدما رأوه من الفتح المبين للنبى - صلى الله عليه وسلم - ومن آمن معه ، فقرروا أن يشيدوا مسجدًا ، وقد كانت فكرة لئيمة يظهرون فيها بمظهر من يعمر بيوت الله ، ثم تكون لهم الفرصة فى الاختلاء ببعضهم بعيدًا عن أنظار المسلمين ، فيكون الدس والتآمر والحيل الخادعات ،،،

وعلى الفور ذهب نفر منهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يسأله أن يصلى فيه ، فأرجأهم إلى ما بعد الغزو لانشغاله بتجهيز الجيش ، لكن الوحى فضحهم ، فعاد النبى - صلى الله عليه وسلم - ليهدمه على رؤوسهم ، بدلاً من الصلاة فيه .

وصول الأخبار ،،,،

انتهز المسلمون فرصة قدوم بعض أنباط الشام إلى المدينة ليبيعوا ما معهم من الزيت ، حتى يسألوهم عما صنع الروم ، وقد علموا منهم أن هرقل قد جمع أربعين ألف جندى رومى ، جعل إمرتهم لعظيم من عظماء الروم ، وأنه أجلب معهم قبائل لخم وجذام ، وغيرهما من نصارى العرب ، وأن مقدمتهم بلغت إلى البلقاء ، ولا شك أن هذه الأخبار قد جسدت أمام المسلمين الخطر الكبير الذى ينتظرهم .

كراهية الغزو ،،,،

لا شك أن المتجول بدروب المدينة ، لن يكون بحاجة لسماع شكوى أهلها الذين آثرالمؤمنون منهم الصمت والطاعة والاحتساب عند الله - عز وجل -
فالزمان (( فصل القيظ الشديد ، والناس فى عسرة وقلة مال )) فقد جدبت أرضهم ، وهزلت أنعامهم ، ومع ذلك فإن ثمارهم كادت أن تطيب ، حيث ينبغى المكوث بجوارها ، وإلا ضاع جهد الأيام الطوال .

ثم أين يكون القتال ؟ ومع من ؟
إنه بأرض الشام البعيدة ، ليس مع بعض الأعراب المشاغبين هنا وهناك بل مع جيش الروم ، أقوى جيوش الأرض حينئذ ، حيث تجمع منه وحده أربعون ألفًا ، سوى من آزرهم من نصارى العرب ، فهل يحسن قتال هؤلاء فى مثل تلك الظروف ؟
ذلك كان السؤال الذى امتنع عن سماعه من نفسه كل مسلم سمع أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأسرع بطاعته ،،،
إلا أنه قد تهامس به حينًا وجهر به أحيانًا أولئك المخلفون الذين سيكون لهم مع النبى - صلى الله عليه وسلم - بعد تلك الغزوة شأن !

الإعلان بالتهيؤ لقتال الرومان ،،,،

روى فى حكايات كليلة ودمنة
أن ثلاث سمكات ، كانت تحيا فى غدير يستمد ماءه من نهر قريب ، وكانت إحداهن كيِّسة والثانية أكيس والثالثة عاجزة ، وقد سمعت السمكات صوت صياديْن يتواعدان على المجىء إلى الغدير إذا أقبل الصباح ، فأما أكيسهن ، فقد أسرعت فخرجت من الفتحة التى تصل الغدير بالنهر ، وأما الأخريان فقد مكثتا تفكران حتى أقبل الصباح ، وهم الصيادان بنصب شباكهما ، فلم تدر الكيسة ما تصنع ، وأرادت الخروج فوجدتهما قد سدا فتحة الغدير ، فتصنعت الموت ، وطفت على صفحة الماء ، حتى أخذاها وألقياها على الأرض ، بين الغدير والنهر ، فأسرعت بالقفز فى تيار النهر وأفلتت ، وأما العاجزة فإنها ظلت تروح وتجىء وتجرى وتدور حتى اصطيدت .

ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ليس أحد أكيس منه ، فلن يترك إذن جنود الروم تجوس فى جزيرة العرب التى بسط منذ قليل المسلمون سيطرتهم عليها ، حتى تطأ حوافر خيلهم مكة أو المدينة فيقلعون فى ساعة ما غرسه المسلمون وسقوه بدماء شهدائهم سنين مريرة ،,,
قرر - صلى الله عليه وسلم - أن يهب للغزو ، وأن يبادر الرومان بالهجوم فى ديارهم - على ما فى ذلك من مشقة - بدلاً من استقبال زحف جموعهم على أعتاب المدينة ، وسرعان ما أعلن فى الصحابة التجهز للمسير ، وبعث إلى قبائل العرب يستنفرهم ، ويحثهم على الغزو معه ، وقد أعلن بوضوح ولأول مرة جهة غزوه ، وصرح بأنها بلاد الروم ، ليأخذ الجميع تمام استعدادهم ، ويتأهبوا للقاء بما هو أهل له .

تجهيز الجيش ،،,،

الناس فى المدينة منذ الإعلان عن غزو الروم ، وهم قد شمروا عن ساعد وساق ، ورغم تقاعس المنافقين ، فإن مظاهر التضحية والإيمان تهز القلوب ، تسعمائة بعير ومائة فرس لم تكن كافية فى نظر عثمان لأن يجهز بها جيش المسلمين ، فعاد وتصدق بمائتى أوقية ، ثم نثر فى حجر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ألف دينار ،،،،
فجعل النبى - صلى الله عليه وسلم - يقلبها ويقول :-
ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم

وجاء عبدالرحمن بن عوف بمائتى أوقية فضة ، وجاء أبو بكر بماله كله ، وكان أربعة آلاف درهم ، وقد جاء - كعادته - أول الناس ، ولحقه عمر بنصف ماله ، وتتابع الناس بصدقاتهم ، قلت أو كثرت ، حتى لم يجد بعضهم إلا أن ينفق مدًا أو مدين ، ولم تغفل النساء عن المشاركة ، فأسرعن يقدمن حليهن ، وقد آثرن زينة الآخرة الباقية ، لكن للجدب والعسرة ، فضلاً عن ضخامة الجيش الإسلامى قصرت بالمسلمين النفقة ، أن تسع تجهيزهم ،,,

واستغلّ المنافقون هذه المواقف المشرّفة للسخرية من صدقات الفقراء ، والتعريض بنوايا الأغنياء ، وقد كشف القرآن عن خباياهم فقال سبحانه :-
{ الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات ، والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر اللّه منهم ولهم عذاب أليم }
( التوبة : 79 )

وجاء الفقراء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يطلبون منه أن يعينهم بحملهم إلى الجهاد ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يعتذر بأنّه لا يجد ما يحملهم عليه من الدوابّ ، فانصرفوا وقد فاضت أعينهم أسفاً على ما فاتهم من شرف الجهاد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ,,،
فخلّد الله ذكرهم إلى يوم القيامة ، وأنزل فيهم قوله:-

{ ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم ، ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ألا يجدوا ما ينفقون }
( التوبة : 91 – 92 )

وكانت رغبتهم الصادقة في الخروج سبباً لأن يكتب الله لهم الأجر كاملاً ، فقد جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( إن بالمدينة أقواما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ؛ حبسهم العذر )

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=15586

المسير إلى تبوك ،،,،

ما أعجب هذا المنظر ! ثلاثون ألف جندى يسيرون فى قيظ الصحراء ، يعتقب الثمانية عشر منهم بعيرًا واحدًا ثم هم لا يجدون لأنفسهم طعامًا إلا ورق الشجر ، ولا شرابًا إلا ما اختزنته الإبل فى بطونها ، فتراهم قد خلفوا حلو الثمار وراءهم بالمدينة ، ثم جاءوا يذبحون ركائبهم ، التى لا يجدون غيرها من أجل شربة ماء ، وربما تمنى بعضهم فى مسيره لو حيزت لهم أسباب القوة جميعًا لكنها أمنية لعل أصحابها قد أعادوا تأملها ،,,,

بعد أن مر الجيش بالحجر ، ديار ثمود ، الذين جابوا الصخر بالواد ، وقد أمرهم النبى - صلى الله عليه وسلم - بالإسراع فى السير ليجاوزوا ديارهم ، كما نهاهم أن يشربوا أو يتوضئوا من مائهم وصرفهم إلى الشرب من البئر التى كانت تردها ناقة صالح - عليه السلام - ،,,
ولعل هذه الحادثة على ما بها من عبر جليلة ، قد أشعرت المسلمين أيضًا أنهم لا يسيرون فى الصحراء فحسب ، بل يتقدمون عبر التاريخ أيضًا ، فى رحلة طولها عمر الإنسان .

واشتكى الناس إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - العطش فدعا ربه ،
فأرسل الله إليهم سحابة أمطرت فارتووا وحملوا حاجتهم من الماء ،,,
ثم أخبرهم بأنهم قادمون غدًا على عين تبوك عند الضحى ، ونهاهم عن مس مائها حتى يأتى ، فلما جاءها ، غسل فيها وجهه ويده ، ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير ، وكان - صلى الله عليه وسلم - يجمع فى مسيره الذى بدأ فى رجب سنة تسع من الهجرة - يجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء .

وصول الجيش ،،,،

افترش ثلاثون ألف جندى مسلم أرض تبوك ، وجلسوا منصتين يستمعون حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم وقد خطب فيهم خطبة بليغة ، فحضهم على خيرى الدنيا والآخرة ، ورفع معنوياتهم ، وهون عليهم ما رأوه فى مكة من قلة العتاد والمؤونة ،,,

أما الرومان وحلفاؤهم الذين بادأوا المسلمين بالاستعداد والتجهز للحرب فإن أحدًا منهم لم ير يومئذ بتبوك أو يسمع له صوت ؛ ذلك أنهم حين سمعوا بخروج الجيش المسلم تحت إمرة نبيه - صلى الله عليه وسلم - أخذهم الرعب ، وعاودتهم آلام صفعة تلقوها قديمًا بمؤتة ، فآثروا السلامة والنجاة ، وتفرقوا داخل حدودهم فكان لذلك أحسن أثر لسمعة المسلمين العسكرية وهيبتهم الحربية ، فى داخل الجزيرة وأرجائها النائية ، وتم لهم الانتصار ، دون حرب أو قتال .
والحق أنه نصر عزيز ، دفعوا ثمنه سلفًا ، وهم فى طريقهم إلى تبوك ! .



مصالحة قبائل الشام على الجزية ،،,،

على نفسها جنت براقش !

وبراقش هنا هى قبائل العرب التى حالفت الروم لقتال المسلمين ، ثم فوجئت فى لحظة واحدة بأن جيش الروم قد أصبح سرابا ، لكن لم يبق لها إلا حقيقة واحدة ، وهى ثلاثون ألف جندى تحت إمرة النبى - صلى الله عليه وسلم - يعسكرون الآن بساحتهم ، فماذا بقى لها أن تصنع إذن ؟
إن غباء هذه القبائل الذى جر عليها هذه العاقبة ، لم يقصر عن إيجاد جواب لهذا السؤال الساذج ، فأسرع يحنة بن رؤبة صاحب أيلة ، فصالح النبى - صلى الله عليه وسلم - وأعطاه الجزية ، وكذا لحق به أهل جرباء وأهل أذرح ، وتباطأ أكيدر دومة الجندل ، فذهب خالد بن الوليد فى أربعمائة وعشرين فارسًا ،,,

فأتى به إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فحقن دمه ، وصالحه على ألفى بعير ، وثمانمائة رأس وأربعمائة درع ، وأربعمائة رمح ، وأقر بإعطاء الجزية .
وبهذه المعاهدات يكون عملاء الروم من قبائل العرب ، قد شهدوا نهايتهم وأيقنوا من بأس القوة الجديدة التى أصبحت حدودها الآن تلاقى حدود الروم مباشرة .

الرجوع إلى المدينة ،,،،

عشرون يومًا قضاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بتبوك ، ثم عاد بعدها إلى المدينة ، عشرون يومًا كانت فاصلاً بين جيش يغدو إلى حربه ، يعتصره الجوع ، ويلهبه العطش ، ويشغل باله ما أعد له العدو من عتاد وعدد ، وبين جيش يعود هانئًا فرحًا قد حاز أرضًا بعد أرض ، وأصبح منصورًا دون كيد !
لكن اثنى عشر منافقًا لم يرضهم أن يروا جند الله سعداء مع نبيهم الكريم - صلى الله عليه وسلم - ، فانتهزوا فرصة مرور النبى - صلى الله عليه وسلم - بالعقبة وحده دون الجيش ، ليس معه إلا عمار يقود ناقته ، وحذيفة بن اليمان يسوقها ، فأرادوا أن يهاجموه ، وهم متلثمون ، لكنه - صلى الله عليه وسلم - بعث حذيفة فضرب وجوه رواحلهم ، فأرعبهم الله ، وأسرعوا بالفرار حتى دخلوا بين الناس ،,,,

أما محمد - صلى الله عليه وسلم - فقد أخبر حذيفة ، الذى سمى بعدها بصاحب السر - أخبره بأسمائهم جميعًا ، مرت هذه الحادثة لتؤكد أن كل نصر يحوزه المسلمون يزيد من قوتهم بقدر ما يزيد من حقد أعدائهم ، وأكمل الجيش سيره ، حتى لاحت من بعيد معالم المدينة بيت المؤمنين الكبير ، التى تكاد تسعى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وجيشه حتى تكفيهم مشقة المسير ،,,
وقال :- صلى الله عليه وسلم -
هذه طيبة ! وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه وحث الجيش خطاه
وقد خرجت النساء والصبيان والوائد يقابلن الجيش بحفاوة وإنشاد ، وكانت عودة الجيش فى شهر رمضان ، بعد خمسين يومًا من خروجه فى رجب سنة تسع من الهجرة .

المخلفون ،,،،

ما أيسر أن يدعى المنافقون إيمانًا لا يجدون ريحه ! وما أهون أن يؤذوا ركعات الله أعلم بصدقها ، لكن أن يخرجوا فى القيظ والعسرة ، ويتركوا الظل والثمرة ، ليلاقوا جيش الروم ، فيقاتلهم ويقاتلونه ، فذلك ما لا سبيل له ، وعلى خلاف الكافر الذى يعلن بوضوح رأيه ، فإن المنافق يأتيك ، وقد أعمل حيلته ، وتأبط أعذاره ,,،
قال بعضهم :- لا تنفروا فى الحر .
وزعم الجد بن قيس أنه يخشى إن رأى نساء الروم ألا يصبر عن فتنتهن.
ورأوا من لا يسعه إلا أن يتصدق بالقليل ، فسخروا منه وتغامزوا عليه ، وأيقنوا من عزم المؤمنين على القتال ،,,

فقالوا يخوفونهم :- أتحسبون جلاد بنى الأصفر كقتال العرب بعضهم بعضًا ؟ والله لكأنا بكم غدًا مقرنين فى الحبال .
لكن الجيش رغم كيدهم ذلك تجهز وغزا ، ثم من الله عليه وعاد منصورًا ، فماذا عليهم أن يفعلوا الآن ؟
لقد أسرعوا باشِّين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يعتذرون له بشتى أنواع الأعذار ، ويحلفون له ويقسمون ، إنه لولا أعذارهم لجاهدوا معه ،,,
فقبل منهم النبى - صلى الله عليه وسلم - علانيتهم ، وبايعهم واستغفر لهم وترك سرائرهم إلى الله تعالى ،,,

لكن ثلاثة من هؤلاء المخلفين ، كان الإيمان يعمر قلوبهم فلم يغرهم قبول النبى - صلى الله عليه وسلم - لعذر المعتذرين ، واختاروا الصدق فكان لهم مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - شأن آخر ، وإضافة لهؤلاء وأولئك بقى هناك قوم ذوو أعذار حقيقية غير مختلقة ،,,
فمنهم من قصرت به النفقة ، ومنهم من حبسه المرض ، ومنهم الضعيف ، وهؤلاء قال فيهم النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
إن بالمدينة رجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا ، إلا كانوا معكم حبسهم العذر ،
فقالوا له :- يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟!!
قال :- وهم بالمدينة .

أمر الثلاثة الذين خلفوا ،,،،

نظر كل من كعب بن مالك ، ومرارة بن الربيع ، وهلال بن ربيعة حوله ، فوجد المخلفين يتسارعون فى الاعتذار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم التفت كل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فرآه يبايعهم ويستغفر لهم ، لكن الصدق الذى ملأ قلوبهم ، أبى على ألسنتهم الكذب أمام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاعترفوا أمامه بأنهم لا عذر لهم فى التخلف .
وهنا تركهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى يحكم الله فى أمرهم ، ثم أمر المسلمين بمقاطعتهم وعدم الحديث إليهم ، واستمر ذلك أربعين يومًا ، ثم أمروا باعتزال نسائهم أيضًا ، حتى تم لهم خمسون يومًا ، فى هذه المقاطعة الشديدة .

إن أسوار السجون العالية وحراسها النبهاء ، لم يمنعوا عتاة المجرمين فى يوم من الأيام من المضى فى غيهم ، لم يمنعوا صغارهم ، عن تعلم هذا الغى على أياديهم السوداء ، لكن حفظ المسلمين لحدود دينهم ، جعل من أوامر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سورًا يمنعهم من مخالطة المخلفين الصادقين ويمنع المخلفين من لذة الحياة ، لقد تنكرت لهم الأرض ، وضاقت عليهم بما رحبت ، وضاقت عليهم أنفسهم ،,,

ثم ذهب هذا كله حين أنزل الله توبته عليهم ، فهنيئًا لهم بتوبة أنزلها الله من السماء إلى الأرض ؛ جزاء ما صبروا على مرِّ صدقهم .



** { مشاهد من معجزات غزوة تبوك } **

1 - إمطار السحاب ببركة دعائه .

خرج المسلمون للغزو في جوٍّ شديد الحرارة ، ولم يكن معهم ما يكفي من الماء ، مما أدّى إلى شعورهم بالعطش الشديد ، فانطلقوا يبحثون عن الماء من حولهم ، لكنهم لم يجدوا له أثراً ، فاضطرّ كثيرٌ منهم إلى ذبح راحلته وعصر أحشائها لاستخراج الماء الذي بداخلها ،,,
فلما رأى أبوبكر الصدّيق رضي الله عنه حال المؤمنين أسرع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم –
وقال :- " يا رسول الله ، إن الله قد عوّدك في الدعاء خيراً ، فادع لنا "
فقال له :- ( أتحب ذلك ؟ )
قال :- " نعم "
فرفع النبي - صلى الله عليه وسلم – يده إلى السماء ، فما كاد أن يرجعهما حتى تجمّع السحاب من كلّ مكان وأظلمت الدنيا ، ثم هطل مطرٌ غزيرٌ ، فارتوى الناس وسقوا أنعامهم ، وملأوا ما معهم من الأوعية ، ولما غادروا المكان وجدوا أن تلك السحب لم تجاوز معسكرهم ، والقصّة رواها ابن خزيمة في صحيحه .


2 - إخباره بمكان ناقته التي ضلّت .

في الطريق إلى تبوك نزل جيش المسلمين في مكان للراحة ، فافتقد النبي – صلى الله عليه وسلم – ناقته ، وأرسل من يبحث عنها ، ولمّا لم يجدوها ،,,
قال أحد المنافقين :- " أليس يزعم أنه نبي ، ويخبركم عن خبر السماء ، وهو لا يدري أين ناقته ؟ "
فأوحى الله إلى نبيّه بمقولة ذلك المنافق ، فدعا النبي – صلى الله عليه وسلم – أصحابه وأخبرهم الخبر ، ثم قال :- ( إني والله لا أعلم إلا ما علّمني الله ، وقد دلّني الله عليها ، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا ، وقد حبستها شجرة بزمامها ، فانطلقوا حتى تأتوني بها )
فانطلق الصحابة إلى ذلك الموضع ، فوجدوها وأتوه بها .

3 - تكثير الماء في تبوك والإخبار عن تحوّلها إلى جنان .

في طريق الذهاب أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – من معه أنهم سيصلون إلى عين ماءٍ في تبوك ، وطلب منهم أن يتركوها على حالها ولا يمسّوها ،,,

فلما وصلوا إلى تلك العين أسرع إليها رجلان واغترفا منها ، فنقص ماؤها ، ولما علم النبي - صلى الله عليه وسلم – غضب من فعلهما ، ثم طلب من الصحابة أن يأتوه من ماء تلك العين ,,،

فغرفوا بأيديهم قليلاً حتى تجمّع لديهم شيء يسير ، فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وغسل به يديه ووجهه ، ثم أعاده فيها ، فسالت بماء غزير حتى ارتوى الناس ، والتفت النبي - صلى الله عليه وسلم – إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه وقال :-
( يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد مُلئ جناناً )
رواه مسلم
وكانت معجزةً عظيمةً تنبّأ فيها النبي - صلى الله عليه وسلم – بتحوّل تلك المنطقة القاحلة إلى بساتين خضراء خلال فترةٍ وجيزة ، وقد تحقّق ما أخبر عنه - صلى الله عليه وسلم – ، وصارت منطقة تبوك معروفةً بوفرة أشجارها وكثرة ثمارها .

4 - تكثير الطعام .

أصاب الناس المجاعة نظراً لقلّة الزاد ، وبعد المكان ، فاستأذن بعض الصحابة النبي – صلى الله عليه وسلم – في ذبح الإبل والأكل منها ، فأذن لهم ,,،

فجاء عمر بن الخطّاب رضي الله عنه إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وبيّن له أن ذلك سيتسبّب في قلّة الرواحل ، واقترح عليه أن يأمر الناس بجمع ما لديهم من طعامٍ قليلٍ ، ثم الدعاء له بالبركة ، فكان الرجل يأتي بكفّ التمر ، وآخرُ يأتي بالكسرة ، وثالثٌ بكفّ الذرة ، حتى اجتمع شيءٌ يسير ,,،

ودعا النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يُبارك الله لهم في طعامهم ، فأخذوا في أوعيتهم ، حتى ما تركوا في المعسكر وعاء إلا ملأوه ، وأكلوا حتى شبعوا وبقيت زيادة ,,،
فقال النبي – صلى الله عليه وسلم - برواية مسلم :-
( أشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله ، لا يلقى الله بهما عبد غير شاكٍّ فيهما إلا دخل الجنة )

5 - التنبّؤ بحال ملك كندة .

حينما وصل المسلمون إلى تبوك لم يجدوا فيها أثراً لجيوش الروم أو القبائل الموالية لها ، فبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى دومة الجندل ، وأخبره بأنّه سيجد زعيمها أكيدر بن عبد الملك وهو يصيد البقر ,,،

وفي تلك الليلة وقف أكيدر وزوجته على سطح القصر ، فإذا بالبقر تقترب من القصر حتى لامست أبوابه بقرونها ، فتعجّب أكيدر مما رآه وقال لامرأته :-
" هل رأيت مثل هذا قط ؟ "
قالت :- " لا والله " ،
فنزل وهيّأ فرسه ، ثم خرج للصيد بصحبة أفرادٍ من أهل بيته ،,
فرآه خالد بن الوليد رضي الله عنه وقام بملاحقته ، حتى استطاع أن يأسره ، وقدم به على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فصالحه على الجزية ، وخلّى سبيله ، رواه البيهقي .

6 - إخباره بالريح الشديدة .

أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم – في تبوك عن هبوب ريحٍ شديدة ، وطلب من الناس أخذ الحيطة والحذر حتى لا تصيبهم بأذى ، وأمرهم بربط الدوابّ وعدم الخروج في ذلك الوقت ، ولما حلّ الليل جاءت الريح ، فقام رجلٌ من المسلمين من مكانه ، فحملته الريح حتى ألقته بجبل طيء ، رواه مسلم .

7 - إخباره عن موت أبي ذر .

كان أبو ذرّ الغفاري رضي الله ممّن تأخّر عن الجيش في غزوة تبوك ، ثم لحق به بعد ذلك ، ولمّا رآه النبي – صلى الله عليه وسلم - مقبلاً نحو الجيش يمشي وحده قال :-
( رحم الله أبا ذر ؛ يمشي وحده ، ويموت وحده ، ويبعث وحده )
ومضت سنين طويلة حتى جاءت خلافة عثمان بن عفّان رضي الله عنه ، فانتقل أبو ذر رضي الله عنه للعيش في منطقة " الربذة " ،,
وعندما حضره الموت أوصى امرأته وغلامه أن يقوموا بتغسيله وتكفينه ووضعه في طريق المسلمين عسى أن يمرّ به من يقوم بدفنه ، فأقبل عبدالله بن مسعود رضي الله عنه في جماعةٍ من أهل الكوفة ، وما أن عرفه حتى بكى وتذكر النبوءة وقال :-
" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم " ثم تولّى دفنه بنفسه .

8 - دعاؤه لرواحل المسلمين وتنبؤه بركوب أصحابه للسفن .

في هذه الغزوة أُصيبت رواحل المسلمين بالإجهاد والتّعب ، فشكا الصحابة ذلك إلى - النبي صلى الله عليه وسلم – ، ولما اقتربوا من مضيق وقف النبي - صلى الله عليه وسلم – على بابه وأمر المسلمين أن يمرّوا من أمامه ، وجعل ينفخ على ظهور الرواحل ويقول : -
( اللهم احمل عليها في سبيلك ، إنك تحمل على القوي والضعيف ، وعلى الرطب واليابس ، في البر والبحر )
فعاد النشاط إليها وانطلقت مسرعةً ، حتى وجد الصحابة صعوبةً في السيطرة عليها .

وفي هذه الدعوة أيضاً إخبارٌ بأمر غيبيّ ، وهو استخدام الصحابة للسفن في الغزو والجهاد ، وقد أشار فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى ذلك فقال
" فلما قدمنا الشام غزونا في البحر ، فلما رأيت السفن وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - " رواه أحمد .

تلك هي المعجزات التي شهدتها غزوة تبوك ، والتي تُعتبر خاتمةً لدلائل كثيرةٍ ، ومعجزات باهرةٍ ، وقف عليها الصحابة من أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم – في المعارك ، وبقيت شاهدةً على صدق نبوّته ، وعظمة رسالته .
فقد ورد ذكر غزوة تبوك في سورة التوبة ابتداء من الآية 38 إلى قريب من آخر السورة ولم يذكر اسم الغزوة في سورة التوبة ولا غيرها، ولكن هنالك آية فيها إشارة لها وهي قوله تعالى :-
لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ [التوبة:42]
وقد اتفق المفسرون على أنها نزلت في تبوك وكانت أبعد غزاة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم.



http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=134386

** { وقائع مهمة فى السنة التاسعة للهجرة } **

لم تمض السنة التاسعة الهجرية حتى أظهرت صفحاتها للمسلمين العديد من الحوادث الجسام ، فقد توفى النجاشى أصحمة - ملك الحبشة ، وصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب ،,,
وتوفيت كذلك أم كلثوم بنت النبى - صلى الله عليه وسلم - فحزن عليها حزنًا شديدًا ،,,
وقال لعثمان :- لو كانت عندى ثالثة لزوجتكها .
وتوفى أيضًا عبدالله بن أبى رأس المنافقين ، وقد استغفر له النبى - صلى الله عليه وسلم - وصلى عليه رغم محاولة عمر منعه ، ثم نزل القرآن بعد ذلك بموافقة عمر ،,,
وفى هذه السنة أيضًا تلاعن عويمر العجلانى وامرأته ، كما رجمت الغامدية ، التى جاءت فاعترفت على نفسها بالفاحشة ، وقد رجمت بعدما فطمت ابنها .

** { حج أبى بكر - رضى الله عنه - } **

فى ذى القعدة أو ذى الحجة من العام التاسع للهجرة بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر الصديق أميرًا على الحج ؛ ليقيم بالمسلمين المناسك ، وقد كان هذا أول حج يتم بعد فتح مكة وعودتها إلى حكم الإسلام الحنيف ، وأرسل النبى علىَّ بن أبى طالب بسورة " براءة " ؛ ليعلن أحكامها فى قبائل العرب ، وقد كان هذا الحج نهاية للوثنية بأرض العرب .

بعثة على بـ " براءة " ،،،,

لا يأبه الإسلام أن يعبد واحد من الناس إلها من حجر ، أو خشب ، أو عجوة يقضمها إذا حل المساء ، لكن أن يتجمع هذا الواحد مع غيره ، ثم يكونون مجتمعا منعزلا داخل دولة المسلمين ، ويصير شوكة فى ظهرهم ، تمالئ عدوهم حينا ، وتباديهم العداء حينا آخر ، فهذا ما لا يرضاه عاقل ، ولا يقر به منصف .

سطع نور الحق بالجزيرة ، ودخل الناس فى دين الله أفواجا ، وبقيت أقلية أصرت على وثنيتها ، فهل لها أن تنشأ دويلات متناثرة داخل دولة المسلمين ؟ وهل لهذه الدويلات الغريبة أن تقيم معاهدات وأحلافًا مع الدول الكبرى أو غيرها ؟؟ اللهم لا .
لذا نزلت أوائل سورة براءة بنقض مواثيق زال أساسها منذ حين ، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب بها ليلحق أبا بكر - أمير الحج - فيبلغ عن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى الناس كافة ، تأجيل المواجهة مع هذه التجمعات المتناثرة أربعة أشهر ، وكذلك لأصحاب العهود المطلقة ، وأما الذين لم ينقضوا المسلمين شيئا ، ولم يظاهروا عليهم أحدا ، فأبقى عهدهم إلى مدتهم .

نهاية الوثنية بأرض العرب ،،,،

لعل ما رواه الطبرى بإسناده عن مجاهد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله :-
إنه يحضر البيت مشركون يطوفون عراة فلا أحب أن أحج حتى لا يكون ذلك
لعل ذلك يكون سببًا يوضح لنا لم اختار النبى - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الحج الأول تحت إمرة أبى بكرالصديق وألا يشهده النبى - صلى الله عليه وسلم - بنفسه ، وهذه الرواية إضافة إلى مناديي أبى بكر الصديق ، الذين بعثهم فى الناس معلنين -:- ألا يحج بعد هذا العام مشرك ، ولا يطوف بالبيت عريان .

يوضحان كيف كان الأمر سيصير عجبًا ، حين يأتى المسلمون إلى بيت الله يوحدون ربهم فيزاحمهم فى ذلك من أشركوا بالله أوثانًا لا تنفع ولا تضر .
إن بيت الله الذى شهد دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ، والذى طهره محمد - صلى الله عليه وسلم - لتوه من أدران الجاهلية المشركة ، لا ينبغى للمشركين أن يدنسوه مرة أخرى ، وليذهب كل صاحب صنم إذن بصنمه حيث يشاء .



wolf101 04-08-2012 09:02 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=59420

** { الـــوفــــود } **

قد يعشق أصحاب العقل الحق لمنطقه ، ويهفو إليه آخرون لما تحسه قلوبهم الصافية من جمال ، قد لا يدركه عقل أو منطق ، أما غالب الناس فإنهم يظلون يرقبون الحق وهو يقاتل ، حتى إذا انتصر وعمّ نوره الآفاق ، رأوا ما به من جمال ، فأسرعوا يتبعونه على عجل ! وقبائل العرب المختلفة ، كانت تتابع ما بين محمد - صلى الله عليه وسلم - وقريش من حرب دائرة ، ويحدثون أنفسهم قائلين :- اتركوه وقومه ، فإنه إن ظهر عليهم فهو نبىّ صادق .
فلما رأوا بأعينهم ما منّ الله به عليه يوم الفتح ، تتابعت وفودهم المتلاحقة تقف بين يديه ، وتعلن أن هدى الله قد دخل قلوبها ، واستيقنته سويداؤها ! ونذكر من بين ما يزيد على السبعين وفدًا هذه الوفود فحسب :-

والحق أن هذه الوفود لم تأت كلها بعد الفتح ، بل بعضها قبله قطعًا .

وفد بنى تميم ،،,،

إن دينًا يجعل الحياء شعبة من شعب الإيمان ، ويهتم بآداب الاستئذان والحديث ، وقواعد السلوك عند المشرب والطعام ، هو دين لا يفهم كيف يكون الإنسان ناسكًا متعبدًا ثم هو بين الناس غليظ الحس ، وإن التغيير الهائل الذى أحدثه هذا الدين فى نفوس أصحابه ، لا ندركه إلا حين نراهم ، وهم بعد على شركهم .
قدم وفد بنى تميم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصاحوا به بصوت جهير منادين :- يا محمد اخرج إلينا ،,
حتى إذا خرج النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - إليهم تعلقوا به ،
وقالوا له :- جئناك نفاخرك ! فأذن لشاعرنا وخطيبنا ،,,
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - الذى وسع حلمه الأعداء ، لن يضيق به عمن جاءه مسلمًا ، وهو يدرك براجح عقله كيف يعجب هؤلاء بالإسلام ؛ ولذا فقد جلس فى صحن المسجد يستمع إلى خطيبهم عطارد بن حاجب ،,,
حتى إذا فرغ قدم خطيب الإسلام :- ثابت بن قيس بن شماس ، ثم قدم القوم شاعرهم الزبرقان بن بدر ، فقدم المصطفى صلى الله عليه وسلم - بعده حسان بن ثابت ،،،
فأجابه على البديهة ، وهنا قال الأقرع بن حابس :-
خطيبه أخطب من خطيبنا ، وشاعره أشعر من شاعرنا ، وأصواتهم أعلى من أصواتنا ، وأقوالهم أعلى من أقوالنا .
ثم أسلموا ، فالحمد لله الذى هداهم لدينه بأى وجه كان !

وفد بنى سعد بن بكر ،،,،

بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمسجده مع صحابته ، إذ بأعرابى قوى الجسم ، طويل الشعر ، قد جعله ضفيرتين خلف ظهره الممشوق ، يقبل ببعيره حتى باب المسجد ، ثم ينيخه ويعقله ، ويتقدم بخطا ثابتة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا انتهى إليه ومن معه أدار فيهم بصره ثم سألهم بحسم أيكم ابن عبدالمطلب ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم - :- أنا ابن عبد المطلب ،،،
فقال له :- أمحمد ؟
فأجابه النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم ،,
فقال له الأعرابى ، الذى كان ضمام بن ثعلبة ، وافد بنى سعد بن بكر :- يا بن عبدالمطلب إنى سائلك ومغلظ عليك فى المسألة ! فلا تجدن فى نفسك !
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:- لا أجد فى نفسى ، فسل عما بدا لك .
وهنا انطلق ضمام يسأله عن التوحيد ، وفرائض الإسلام ،،،
حتى إذا فرغ قال :- فإنى أشهد ألا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدًا رسول الله ، وسأؤدى هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتنى عنه ، ثم لا أزيد ولا أنقص ،،،
واستدار ماشيًا إلى بعيره ، ثم امتطاه وقفل راجعًا إلى قومه ،,,
وهنا قال - صلى الله عليه وسلم -:-
إن صدق ذو العقيصتين - أى الضفيرتين - دخل الجنة .
أما ضمام فإنه ما إن أقبل على قومه حتى قال لهم :- بئست اللات والعزى !
فحذروه قائلين :- مه يا ضمام ! اتق البرص ، اتق الجذام ، اتق الجنون ،،،
فقال بحزم :- ويلكم ! إنهما والله لا يضران ولا ينفعان ، إن الله قد بعث رسولاً ، وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه ، وإنى أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وقد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه ، فما أمسى من ذلك اليوم رجل أو امرأة من قومه إلا مسلمًا ، فما أعظم أن يجتمع إلى رجل الصدق والحزم معًا ،,,,
وكان عبدالله بن عباس يقول :- ما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة .

وفد بنى زبيد ،،,،

جلس عمرو بن معد يكرب ، أحد فرسان العرب المشهورين إلى قيس بن مكشوح المرادى ،،
فقال له :- يا قيس ، إنك سيد قومك ، وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش ، يقال له محمد قد خرج بالحجاز ، يقول إنه نبى ، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه .
فإن كان نبيًا كما يقول ، فإنه لن يخفى عليك ، وإذا لقيناه اتبعناه ، وإن كان غير ذلك علمنا علمه .
لكن قيسًا أبى عليه ذلك وأخذ يسفه رأيه ، فعزم عمرو على أن يمضى فيما بدا له ، فركب مع أناس من زبيد حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم وصدقه وآمن به ، أما قيس فإنه قد غاظه صنيع عمرو ، فتوعده وهدده ،,
وقال :- خالفنى واترك رأيى ! فهزأ منه عمرو وأجابه شعرًا .

وفد كندة ،،,،

ثمانون راكبًا زعيمهم الأشعث بن قيس ، كانوا وفد كندة الذى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نظر إليهم النبى فوجدهم قد مشطوا شعورهم ، وكحلوا أعينهم ، وارتدوا أفخر ثيابهم ، غير أنهم جعلوا فى حاشيتها الحرير ،,,
فقال لهم :- ألم تسلموا ؟
قالوا :- بلى
قال :- فما بال هذا الحرير فى أعناقكم ؟
فما أتم - صلى الله عليه وسلم - كلماته تلك ، حتى شقوا الحرير عن ثيابهم ، فألقوه ، وتحدث الأشعث ، - الذى ناقض اسمه حاله -
فقال :- يا رسول الله ، نحن بنو آكل المرار - وهو نبات إذا أكلته الإبل انقبضت مشافرها لمرارته - ، وأنت ابن آكل المرار .
فتبسم النبى - صلى الله عليه وسلم - وقال :- ناسبوا بهذا النسب العباس بن عبدالمطلب ، وربيعة بن الحارث ، وكان كلاهما تاجرًا يجول فى أرض العرب ، فإذا سئل عن نسبه أجاب :- نحن بنو آكل المرار ، يتعزز بانتسابه إلى كندة ، الذين كانوا ملوكًا بين العرب ،,
ثم قال لهم محمد - صلى الله عليه وسلم -:-
لا بل نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نقفو أمنا - أى لا نقذفها - ولا ننتفى من أبينا ،,,
فالتفت الأشعث إلى قومه ، وقد أصبح محرجًا ، فصاح فيهم :- هل فرغتم يا معشر كندة ؟ والله لا أسمع رجلاً يقولها إلا ضربته ثمانين .

وفد أزد ،،,،

قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صرد بن عبدالله الأزدى ، فى وفد من قومه فأسلم وحسن إسلامه ، وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على من أسلم من قومه ، وأمره أن يجاهد بهم من كان يليه من أمر الشرك ، من قبل اليمن ،,,
وخرج بهم صرد بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل بجرش ، وهى يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل يمنية قد ضمت إليها خثعم حين سمعوا بخروج المسلمين ، فحاصرها قريبًا من شهر دون أن يفتحها ، ثم إنه قد تظاهر بالرجوع فلما رأوا منه ذلك ، خرجوا يطاردونه ، فأقبل عليهم وهزمهم .

وفد بنى الحارث بن كعب ،،,،

بعث خالد بن الوليد برسالة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يخبره بأنه قد نفذ أمره ، فسار فى ربيع الآخر أو جمادى الأولى سنة عشر من الهجرة ، إلى بنى الحارث بن كعب بنجران ، فدعاهم ثلاثة أيام إلى الإسلام قبل أن يحاربهم ،,,
فأجابوه إلى ذلك وأسلموا ، وقد أجابه النبى - صلى الله عليه وسلم - بأن يقبل فى وفد منهم ، ففعل خالد ورأى النبى - صلى الله عليه وسلم - وفدهم فتساءل :-
من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند ؟
وذلك لسمرة بشرتهم ، فأخبروه أنهم رجال بنى الحارث بن كعب ، ودخلوا عليه صلى الله عليه وسلم -
فقالوا :- نشهد أنك رسول الله ، وأنه لا إله إلا الله ،,
فقال لهم :- وأنا أشهد ألا إله إلا الله ، وأنى رسول الله .
ثم سألهم :- أنتم الذين إذا زجروا استقدموا ؟ - أى الذين لم يسلموا إلا خوفًا من السيف - ،
فسكتوا ولم يجيبوا ،,
فأعاد - صلى الله عليه وسلم - سؤاله عليهم مرة بعد مرة وهم سكوت ،,,,
فلما كانت الرابعة أجابه أحدهم :- نعم يا رسول الله ، نحن الذين إذا زجروا استقدموا ، ثم أعادها أربعًا ,,،
فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
لو أن خالدًا لم يكتب إلى أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم ,,
فقال أحدهم ، ويدعى يزيد بن عبد المدان :- أما والله ما حمدناك ولا حمدنا خالدًا ،,
قال :- فمن حمدتم ؟
قالوا :- حمدنا الله الذى هدانا بك يا رسول الله .
وهنا اطمأن النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى صدق إيمانهم فقال :- صدقتم .
ثم رجعوا إلى ديارهم ، وأرسل - صلى الله عليه وسلم - فى إثرهم عمرو بن حزم ليفقههم فى الدين ، ويعلمهم السنة ومعالم الإسلام ويأخذ منهم الصدقات .

وفد جذامة ،،,،

قرر فروة بن عمرو الجذامى أن يدخل فى دين الله الحق بعدما رأى شجاعة المسلمين فى مؤتة ، فبعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - رسولاً بإسلامه ، وأهدى له بغلة بيضاء ، وكان فروة بمعان وما حولها من الشام ، عاملاً للروم على من يليهم من العرب ، فلما بلغ الروم إسلامه ، طلبوه حتى أخذوه ثم حبسوه ، وضربوا عنقه ، وصلبوه يرحمه الله تعالى .
وفى هدنة الحديبية قبل خيبر ، قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل آخر من جذامة هو رفاعة بن زيد الجذامى ، فأهدى النبى - صلى الله عليه وسلم - غلامًا ، وأسلم فحسن إسلامه ، وعاد الرجل إلى قومه فدعاهم ، فأجابوه وأسلموا ، ثم ساروا إلى الحرة ، حرة الرجلاء ، ونزلوها .

وفد عبدالقيس ،،,،

شهدت المدينة وفادتين لقبيلة عبدالقيس ، أما أولاهما فكانت فى السنة الخامسة من الهجرة ، حين أسلم منهم تاجر كان يرد المدينة ، ويدعى منقذ بن حيان ، ثم ذهب بكتاب من النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى قومه فأسلموا ، وتوافدوا إليه فى ثلاثة أو أربعة عشر رجلاً ، وأما الوفادة الثانية فكانت فى سنة الوفود ، حين قدم الجارود بن العلاء العبدى فى أربعين رجلاً منهم ، وكان نصرانيًا ، فأسلم وحسن إسلامه .

وفد دوس ،،,،

أسلم الطفيل بن عمرو الدوسى منذ كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمكة فى العام الحادى عشر للنبوة ، ثم رجع إلى قومه ، وظل يدعوهم إلى دين الله ، لكنهم أبطأوا عليه ولم يجيبوه ، فرجع الطفيل إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - مغضبًا ، وهو يطلب منه أن يدعو على دوس ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:- اللهم اهد دوسًا ،,,
وعاد الطفيل إلى قومه فأسلموا ، ثم وفد بسبعين أو ثمانين بيتًا من قومه إلى المدينة ، فى أوائل سنة سبع من الهجرة ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر ، فلحق به هناك .

وفد طىء ،،,،

قدم وفد طىء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكلمهم وعرض عليهم الإسلام ، فأسلموا وحسن إسلامهم ، وكان معهم زيد الخيل ، فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد الخير ،,,
وقال عنه :- ما ذكر لى رجل من العرب بفضل ، ثم جاءنى إلا رأيته دون ما يقال فيه ، إلا زيد الخيل ، فإنه لم يبلغ كل ما فيه .

وفد صداء ،،,،

علم زياد بن الحارث الصدائى أن جيشًا للمسلمين ، قوامه أربعمائة جندى ، فى طريقه إلى قومه ، فأسرع إلى النبى - صلى الله عليه وسلم
قائلاً :- جئتك وافدًا على من ورائى ، فاردد الجيش وأنا لك بقومى ،,,
فردّ - صلى الله عليه وسلم - الجيش ، وذهب زياد إلى قومه يدعوهم ، ويرغبهم فى القدوم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى وفد عليه منهم خمسة عشر رجلاً ، يبايعونه على الإسلام ، ثم رجعوا إلى قومهم ، فدعوهم ، ففشا فيهم الإسلام ، ووافى مائة رجل منهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

قدوم كعب بن زهير ،،,،

ليس هناك ثمة شك فى أن كثيرًا من الناس يقادون من آذانهم !
ولهذا لعب إعلاميو كل عصر دورًا بارزًا فى تحريك الأحداث به وإعلاميو عصر النبوة كانوا من الشعراء بلا ريب .
وكان من أشعر العرب كعب بن زهير ، الذى دأب على هجاء النبى ، حتى وصلته رسالة من أخيه بجير ، سنة ثمان من الهجرة ، بعد انصراف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الطائف ، حدثه فيها عن أمر رسول الله بقتل رجال بمكة كانوا يهجون النبى ويؤذونه ، وعن هروب من بقى من شعراء قريش فى كل وجه ، ثم نصحه بجير بأن يأتى النبى تائبًا ، لأنه لايقتل التائبين .
ومازالت المكاتبات تجرى بين كعب وأخيه ، حتى شرح الله صدره ، فقام إلى المدينة ، ثم ذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فوضع يده فى يده ،,
وقال له :- يارسول الله ، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمن منك تائبًا مسلمًا ، فهل أنت قابل منه إن أنا جئتك به ،,,
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- نعم .
فقال :- أنا كعب بن زهير .
وأراد أنصارى أن يضرب عنقه ، فنهاه النبى - صلى الله عليه وسلم - بقوله :-
دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبًا نازعًا عما كان عليه .
وهنا أنشد كعب قصيدته المشهورة ، والتى مدح فيها النبى ، ثم مدح المهاجرين من قريش ، وعرض بالأنصار ، لأن أحدهم أراد قتله ، فلما أسلم وحسن إسلامه ، تدارك ما بدا منه ومدحهم ، فى قصيدة له .

وفد عذرة ،،,،

فى صفر سنة تسع من الهجرة قدم اثنا عشر رجلا ، فيهم حمزة بن النعمان إلى المدينة ، وقد سئلوا :- من القوم ؟
فأجابوا :- نحن بنو عذرة ، إخوة قصى لأمه ، نحن الذين عضدوا قصيا ، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبنى بكر ، لنا قرابات وأرحام .
فرحب بهم النبى - صلى الله عليه وسلم - وبشرهم بفتح الشام ، ونهاهم عن سؤال الكاهنة ، وعن الذبائح التى كانوا يذبحونها ، وقد أسلموا ، وأقاموا أياما ثم رجعوا .

وفد بلى ،،,،

ما أكثر ما انتفع المسلمون بمسائل الأعراب ! قدم وفد بلى فى ربيع الأول سنة تسع من الهجرة ، وكان رئيسهم يدعى أبا الضبيب ،,
فأخذ يسأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضيافة ،
هل فيها أجر ؟
فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:-
نعم ، وكل معروف صنعته إلى غنى أو فقير فهو صدقة ،
فسأله عن وقتها ؟
فقال :- ثلاثة أيام ،,,
فسأله عن ضالة الغنم ؟
فأجابه :- هى لك ، أو لأخيك ، أو للذئب !
وسأله عن ضالة البعير ؟
فأجابه :- مالك وله ، دعه حتى يجده صاحبه .

وفد ثقيف ،،,،

عاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من غزوة الطائف ، وقبل أن يصل إلى المدينة ، كان عروة بن مسعود الثقفى ، سيد ثقيف ورئيسها المطاع ، قد لحق به ، وأعلن إسلامه وظن الرجل بأهله خيرًا ، فزعم أنه راجع إلى قومه ، فداعيهم إلى الإسلام ، وأن أحدًا منهم لن يرد دعوته ، إذ هو - كما يصف نفسه - أحب إليهم من أبكارهم ,,,،

لكن ظن عروة ذهب سدى كما تبدى زعمه ، حين شرع فى دعوتهم إلى دين الله ، ولم يكن ردهم عليه سوى سهام عدة ، رموه بها من كل وجه ، فخر صريعًا ،,,
وكانت آخر كلماته :- كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلى .
ثم أوصى أن يدفن مع شهداء المسلمين ، الذين قتلوا حول الطائف ، لكن ثقيف المعاندة ما إن مرت عليها شهور بعد ذلك ، حتى أدركت المأزق الذى أصبحت فيه .
فالمسلمون اليوم ، آمنون فى ديارهم ، يجوبون الجزيرة فى هدوء وسلام ، أما هم ، فإنهم لا يجرؤون على مغادرة ديارهم ، ولا يدرون ما يصنعون ، وقد أسلمت قبائل العرب بأسرها ، فاضطروا إلى الاستسلام ، وذهبوا إلى زعيمهم عبد ياليل بن عمرو ؛

ليمشى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيكلمه ، فخاف الرجل أن يلحق بعروة وأبى إلا أن يرسلوا معه رجالاً غيره ، فبعثوا معه خمسة رجال أحدهم عثمان بن أبى العاص ، فلما قدموا على النبى - صلى الله عليه وسلم - ضرب عليهم قبة فى ناحية المسجد ؛ ليسمعوا القرآن ، ويشاهدوا المصلين ، وظل القوم يترددون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسمعون منه ويماطلونه ، فبرغم ما تنشرح به قلوبهم من نور الحق ، إلا أن قلوب قومهم العنيدة ، ومصير عروة ، يقف حائلاً أمام إيمانهم ، فتارة يطلبون منه الإذن بالزنا ، أو شرب الخمور ، أو الربا ، وتارة يطلبون الإذن بترك الصلاة ، وأخرى يساومون على ترك طاغيتهم اللات ، وألا يكسروا أصنامهم بأيديهم .
كل ذلك ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يجيبهم بالموافقة على طلب واحد ، حتى استسلموا وأسلموا ، واشترطوا ألا يهدموا اللات بأيديهم ، فوافقهم النبى - صلى الله عليه وسلم - على ذلك ، وأمّر عليهم أحدثهم سنًا عثمان بن أبى العاص لحرصه الشديد على التفقه فى الدين ، وعاد الوفد إلى ثقيف فكتم عن قومه ما حدث ، وخوفوا قومهم حرب محمد - صلى الله عليه وسلم- حتى ألقى الله فى قلوبهم الرعب .

فطلبوا منهم أن يعودوا للنبى - صلى الله عليه وسلم - معلنين إسلامهم ، فأعلنوا لهم حقيقة أمرهم وأسلمت ثقيف ،,,
ثم بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجالاً لهدم اللات ، أميرهم خالد بن الوليد ، فهدموها وسووها بالأرض ، وأخذوا حليها وكسوتها ، فقسمها النبى - صلى الله عليه وسلم - وحمد الله على نصرة رسوله وإعزاز دينه .

وفد اليمن ،،,،

دخل مالك بن مرة الرهاوى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد مقدمه من تبوك ، حاملاً رسالة من ملوك اليمن (( الحارث بن عبد كلال ، ونعيم بن عبد كلال ، والنعمان بن قيل ذى رعين ، وهمدان ومعافر )) ،،
وقرأ مالك الرسالة على النبى - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بها إعلان بإسلامهم ، ومفارقتهم الشرك وأهله ، وقد كتب إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا بين فيه ما للمؤمنين وما عليهم ، وما للمعاهدين وما عليهم ، وأرسل إليهم رجالاً أميرهم معاذ بن جبل .

وفد همدان ،،,،

قدم وفد من همدان بعد رجوع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تبوك سنة تسع من الهجرة ، وقد كتب لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابًا ، أعطاهم فيه ما سألوه ، وأمر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه ، ثم أرسل خالد بن الوليد إلى سائر همدان يدعوهم إلى الإسلام ،,,
فأقام عندهم ستة أشهر وهم لا يجيبوه ، فأرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - على بن أبى طالب ، وأمره أن يعيد خالدًا ، ففعل وقرأ عليهم كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم إلى الإسلام ، فلم يبق واحد منهم على شركه !
وكتب على ببشارة إسلامهم إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - ، فلما قرأ الكتاب خرّ ساجدًا ثم رفع رأسه وقال :-
السلام على همدان ، السلام على همدان

وفد بنى فزارة ،،,،

إن وفد فزارة الذين قدموا فى بضعة عشر رجلاً ، على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد عودته من تبوك ، كانوا يحملون مع إقرارهم بالإسلام ، طلبًا عاجلاً إلى النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - فقد شكوا إليه جدب بلادهم وجفاف أرضها ،,,

فصعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المنبر ، ورفع يديه واستسقى ،,,
وقال :- اللهم اسق بلادك وبهائمك ، وانشر رحمتك ، وأحى بلدك الميت ، اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا ، مريئًا مريعًا ، طبقًا واسعًا ، عاجلاً غير آجل ، نافعًا غير ضار ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ، ولا هدم ولا غرق ولا محق ، اللهم اسقنا الغيث ، وانصرنا على الأعداء .
ولا شك أن فزارة قد تم لها الخير كله ، حين نعموا بغيث الإيمان الذى سقى قلوبهم الظمأى ، ودعاء النبى الذى سقى أرضهم الجدبة .

وفد نجران ،،,،

أهل نجران ليسوا كسائر أهل العرب !
فبلدهم يشتمل على ثلاث وسبعين قرية ، بها مائة ألف مقاتل ، وهم ليسوا على الوثنية الحمقاء كغيرهم ، بل هم على دين المسيحية .
وقد شهد عام الوفود - العام التاسع للهجرة - قدوم وفد نجران ، الذى تشكل من ستين رجلاً ، منهم (( سادة نجران الثلاث ~ العاقب عبدالمسيح ، صاحب الإمارة والحكومة ، والسيد الأيهم أو شرحبيل ، المشرف على الأمور الثقافية والسياسية ، والأسقف أبو حارثة بن علقمة الزعيم الدينى والقائد الروحى لهم )) .
ونزل الوفد المدينة ، فحاور النبى - صلى الله عليه وسلم - وحاورهم ثم تلا عليهم القرآن ، لكنهم امتنعوا عن الإيجاب وسألوه عما يقوله عن عيسى - عليه السلام - ، فانتظر حتى نزلت عليه آيات آل عمران الثلاث من التاسعة والخمسين إلى الواحدة والستين ، فأسمعها لهم فى اليوم التالى ، لكنهم ترددوا وأبوا القبول ،,,

فأقبل عليهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حاملاً الحسن والحسين ، داعيًا إياهم إلى المباهلة ، فلما رأوا جده وعزمه ، ظهر ضعف يقينهم ، وشكهم فيما ينافحون عنه ، وقبلوا أن يصالحوه على الجزية ، فصالحهم وتركهم أحرارًا فى دينهم وأرسل معهم أبا عبيدة بن الجراح ، ثم بدأ الإسلام ينتشر بين جموعهم حتى أسلم السيد والعاقب معًا ،,,
فبعث النبى - صلى الله عليه وسلم - إليهم عليًا ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم ، ويبدو أن باطلاً بلا أركان أسهل على الحق أن يواجهه ، من باطل زيفت أركان الحق به !

وفد بنى حنيفة ،،,،

جاء وفد بنى حنيفة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - سنة تسع من الهجرة ، وكان جملتهم سبعة عشر رجلاً ، بينهم مسيلمة الكذاب ، وقد نزل الوفد دار رجل من الأنصار ، ثم غدوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا عنده ، أما عدو الله مسيلمة فإنه بقى فى رحالهم واستنكف الذهاب ، حتى رجع الوفد إلى قومه فتنبأ مسيلمة ، وارتد قومه عن دين الله .

** { مسيلمة الكذاب } **

خرج مسيلمة بن ثمامة مع وفد بنى حنيفة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكن الرجل كانت نفسه تمتلئ كبرًا ، فأبت عليه الطاعة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فترك قومه يغدون إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وبقى المحروم مع رحالهم ، يزعم أنه يحفظها وقد ضيع نفسه !
أما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذى أرى فى منامه أنه أتى بخزائن الأرض ، فوقع فى يديه سواران من ذهب ، فكبرا عليه وأهمّاه ، فأوحى إليه أن انفخهما ، فنفخهما فذهبا ، وأولهما كذابين يخرجان من بعده ، أما هو - صلى الله عليه وسلم - فقد أراد أن يؤلف قلبه بالإحسان أولاً ، حتى وجد أن ذلك لا يجدى ،,,

وبلغه قول مسيلمة الكذاب ؛؛ إن جعل لى محمد الأمر من بعده تبعته ، فذهب إليه وفى يده قطعة من جريد ، ثم قال له :- لو سألتنى هذه القطعة ما أعطيتكها ، ولن تعدو أمر الله فيك ، ولئن أدبرت ليعقرنك الله ، والله إنى لأراك الذى أريت فيه ما رأيت ، وهذا ثابت يجيبك عنى ،,,
ثم انصرف وترك خطيبه ثابت بن قيس يكلمه ، وعاد الكذاب مع قومه إلى دياره باليمامة يفكر فى أمره ، حتى ساقه عقله لأمر عجيب ، فطلع على قومه معلنًا أنه قد أوتى النبوة مع محمد - صلى الله عليه وسلم - ، وأحل لقومه الخمر والزنا ، ووضع عنهم الصلاة ، وأسمعهم كلامًا سخيفًا ، يزعم أنه أنزل عليه كقرآن محمد - صلى الله عليه وسلم -
يقول فى بعضه :- لقد أنعم الله على الحبلى ، أخرج منها نسمة تسعى ، من بين ضفاق وحشا .
وفى بعضه الآخر :- يا ضفدع بنت ضفدعين ، نق ما شئت أن تنقين ، نصفك فى الماء ونصفك فى الطين .
وقد أسماه قومه رحمان اليمامة إعزازًا وتقديرًا بضفدعهم ، الذى علا نقيقه ، وقد تمرغ فى الطين .
وبلغ الفجور بالأحمق أن بعث رسولين إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - يحملان كتابًا يقول فيه :- إنى أشركت فى الأمر معك ، وإن لنا نصف الأمر ، ولقريش نصف الأمر .
وقد قتل الكذاب فى زمن الصديق - رضى الله عنه - حين أراح وحشى بحربته المسلمين من إفكه الدنىء .

وفد بنى عامر بن صعصعة ،،،,

عامر بن الطفيل ، عدو الله الذى ارتبط اسمه بمأساة بئر معونة ، جاءه قومه يقولون :-
إن الناس قد أسلموا فأسلم ، فتآمر مع أربد بن قيس ، وقال له :- إذا قدمنا على الرجل ، فإنى سأشغل عنك وجهه ، فإذا فعلت ذلك فاعْلُه بالسيف ثم انطلقا مع خالد بن جعفر ، وجبار بن أسلم - وكانوا رؤساء القوم وشياطينهم - ، ودخلوا جميعًا فى وفد بنى عامر ،,,

حتى قدموا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأنفذ عامر الخبيث خطته ، وجعل يكلم النبى - صلى الله عليه وسلم - من أمامه ، وأربد من خلفه قد اخترط سيفه شبرًا ، إلا أنه لا يستطيع أن يسله لحبس الله ليده الغادرة ،,,
وهنا هدد عامر النبى - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً ،,,
فلما ولى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :-
اللهم اكفنى عامر بن الطفيل

فلما رجعا أرسل الله صاعقة على أربد وجمله فأحرقته ، وأما عامر فقد أصيب بغدة فى عنقه ، وكان فى بيت امرأة سلولية ، فمات وهو يقول :- أغدة كغدة البعير ، وموتًا فى بيت السلولية .
وهكذا حرم نفسه فرصة الهداية مرة بعد مرة ، وفرصة التوبة بين يدى محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتلأت نفسه غطرسة وكبرًا ، فأبى الله إلا أن يحرمه ، حتى فى ميتته بالدنيا .

وفد تجيب ,،،،

ساعات الزمان وأيامه ليست كلها عسرة ، والناس الذين تقابلهم على ألوان شتى ، ومن بين وفود العرب جاء وفد تجيب ، يسوق أمامه صدقات قومه مما فضل عن فقرائهم ، ثلاثة عشر رجلاً ، قدموا يسألون عن القرآن والسنن يتعلمونها ، حتى إذا قضوا مأربهم هموا بالرحيل ولم يطيلوا اللبث ، ثم بعثوا غلامًا لهم كانوا قد خلفوه فى رحالهم ، حتى إذا رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ يقول :-
والله ما أعملنى من بلادى إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لى ويرحمنى ، وأن يجعل غناى فى قلبى ،,,
فدعا له النبى - صلى الله عليه وسلم - بذلك فكان أقنع الناس ، وثبت فى الردة على الإسلام ، وذكر قومه ، ووعظهم فثبتوا عليه

1- وفد بنى تميم .
2- وفد بنى سعد .
3- وفد بنى زبيد .
4- وفد كندة . 5- وفد أزد .
6- وفد بنى الحارث .
7- وفد جذامة .
8- وفد عبد القيس .
9- وفد دوس .
10- وفد طىء .
11- وفد صداء .
12- قدوم كعب بن زهير .
13- وفد عذرة .
14- وفد بلى .
15- وفد ثقيف .
16- وفد اليمن .
17- وفد همدان .
18- وفد بنى فزارة .
19- وفد نجران .
20- وفد بنى حنيفة .
21- وفد بنى عامر بن صعصعة .
22- وفد تجيب .


wolf101 04-08-2012 09:06 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 


http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=32266


** { حـجـة الـوداع } **

ماذا بقى من رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - بعد أن تمت للإسلام أركانه ، وشيد بناؤه ، وأقيمت حدوده ؟
ماذا بقى بعد أن أصبح للإسلام أمة تجسد بسلوكها مبادئه وتفترش جزيرة العرب بأسرها ؟
ماذا بقى سوى أن يلتقى النبى بأتباعه فيأخذ منهم الشهادة على أنه بلغ الرسالة ، وأدى الأمانة ، ثم يودعهم بنظرة أخيرة ؟
ثم أين يكون مكان اللقاء إن لم يكن بمكة بلد الله الحرام ؟
وأى مناسبة إذًا أفضل من حج بيت الله حيث اجتماع المسلمين وإقامة الشعيرة التى هفا لها فؤاد المصطفى - صلى الله عليه وسلم ؟
إن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - الذى ودع معاذًا حين أرسله إلى اليمن قائلاً :-
يا معاذ ، إنك عسى ألا تلقانى بعد عامى هذا
ولعلك أن تمر بمسجدى هذا وقبرى

إن محمدًا خاتم النبيين والمرسلين قد شعر أن رسالته شارفت على نهايتها ، وأن خاتمتها صارت قريبة ؛ فأعلن للناس بحجة ، وتهيأ لها ، ثم ارتحل قاصدًا مكة ، وبعد أن أقام جزءًا من شعيرته توجه إلى منى ، وفوق جبل النور كانت خطبته الخالدة التى حفظتها الصدور ، ووعتها العقول ،,,
وانطلق - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك إلى المزدلفة، ثم عاد إلى مكة ؛ ليتم حجه ، ويرجع إلى مدينته المنورة فى ختام رحلته الأخيرة - صلى الله عليه وسلم - .

الإعلان والتهيؤ للحج ،,،،

ما إن أعلن النبى - صلى الله عليه وسلم - عزمه على الحج ، حتى شهدت المدينة تقاطر أفواج من البشر ، كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفى يوم السبت لأربع بقين من ذى القعدة ، تهيأ - صلى الله عليه وسلم - للرحيل فترجل وأدهن ، ولبس إزاره ورداءه ، وقلد بدنه ، وانطلق بعد الظهر ، سائرًا إلى مكة .

المسير لمكة ،,،،

شهدت ذو الحليفة وصول موكب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يصلى العصر ، وقد صلاها بها ركعتين ، ثم بات هناك حتى أصبح ،,, حيث قال لأصحابه :-
أتانى الليلة آت من ربى فقال :-
صل فى هذا الوادى المبارك وقل :- عمرة فى حجة ،،,

وقبل أن يصلى - صلى الله عليه وسلم - الظهر اغتسل لإحرامه ، وطيبته السيدة عائشة ، ثم لبس إزاره ورداءه ، وصلى الظهر ، وأهل فى مصلاه بالحج والعمرة وقرن بينهما .
ثم خرج فركب القصواء ، وواصل سيره حتى قرب من مكة ، فبات بذى الطوى ، ودخل مكة بعد أن صلى الفجر واغتسل من صباح الأحد لأربع ليال خلون من ذى الحجة سنة عشر من الهجرة ، ثم دخل المسجد الحرام ، وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة ، ونزل بأعلى مكة عند الحجون حيث أقام هناك .

التوجه لمنى ،,،،

توجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى يوم التروية ، يوم الثامن من ذى الحجة إلى منى ، حيث صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس فأجاز حتى أتى عرفة ، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة ، فنزل بها ، حتى إذا زالت الشمس أمر بالقصواء ، فرحلت له ، فأتى بطن الوادى ليخطب فى الناس .

خطبة الحج ،,،،

يا له من مشهد مهيب !

نبى الله الخاتم ، يقف خطيبًا فى الناس ، وآذان مائة ألف وأربعة وعشرين أوأربعة وأربعين ألفًا من المسلمين ترهف سمعها لكلماته ، وعيونهم معلقة به أو متجهة نحوه ، وإنه لمشهد عجيب لحجيج العرب ، الذين ألفوا التصفيق والضجيج فى عبادتهم لا يسمع بينهم إلا صوت النبى - صلى الله عليه وسلم - أو صوت المبلغ عنه ربيعة - ربيعة بن أمية بن خلف - الذى كان أبوه يعذب بلالا ،,,
وتتالت كلمات محمد - صلى الله عليه وسلم - تخرج من فمه الشريف فتطهر القلوب وتغسل عنها أدرانها ، وتجلو الأبصار وتنير لها طريقها :-

أيها الناس ، اسمعوا قولى ، فإنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ، إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا ، فى شهركم هذا ، فى بلدكم هذا ، ألا كل شىء من أمر الجاهلية تحت قدمى موضوع ، ودماء الجاهلية موضوعة ، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث ، وربا الجاهلية موضوع ، وأول ربا أضع من ربانا ربا عباس بن عبدالمطلب ، فإنه موضوع كله ، فاتقوا الله فى النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله ، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه ، فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح ، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله ،,
أيها الناس ، إنه لا نبى بعدى ، ولا أمة بعدكم ، ألا فاعبدوا ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأدوا زكاة أموالكم ، طيبة بها أنفسكم ، وتحجون بيت ربكم ، وأطيعوا أولات أمركم ، تدخلوا جنة ربكم ،,,
وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون ؟
فارتجت جنبات الوادى بقول المسلمين :- نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت ،,,
فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبابته إلى السماء قائلاً :- اللهم فاشهد ، يرددها ثلاث مرات .
ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم نزل عليه قوله تعالى :-
( اليوم أكملت لكم دينكم ، وأتممت عليكم نعمتى ، ورضيت لكم الإسلام دينًا ) .

وهكذا تمت الرسالة التى أداها محمد - صلى الله عليه وسلم - إلى المسلمين كاملة تامة ، وآن للأمة بأسرها ، ولكل مسلم بها أن يحملها كاملة غير منقوصة ،،،،
وانهمرت الدموع من عينى عمر بن الخطاب فقيل له :- ما يبكيك ؟
فأجاب :-
إنه ليس بعد الكمال إلا النقصان ! فرحم الله عمر ، ما أثقب فهمه ، وأبعد نظره !

الذهاب إلى المزدلفة ،,،،

ما إن فرغت الخطبة ، حتى علا صوت بلال يملأ الآفاق بكلمات الآذان ، فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر والعصر معًا ، ثم ركب حتى أتى الموقف ، فاستقبل القبلة ، ووقف حتى غربت الشمس ، ثم أردف خلفه أسامة ودفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يقول :- (
أيها الناس عليكم السكينة ) ، وسار حتى أتى المزدلفة ، فصلى المغرب والعشاء بها ، ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلاه ، ثم ركب القصواء إلـى المشعر الحرام ، فاستقبل القبلة ، وأخذ فى الدعاء والتضرع ، والتكبير والتهليل والذكر ،,,

ثم تحرك من المزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس حتى أتى الجمرة الكبرى ، فرماها بسبع حصيات ، يكبر بيده ، ثم أعطى عليًا فنحر سبعًا وثلاثين ، تمام المائة ، ثم أمر من كل بدنة ببضعة ، فجعلت فى قدر ، فطبخت ، وأكلا من لحمها وشربا من مرقها .

العودة لمكة ،,،،

ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأفاض إلى البيت ، وصلى الظهر بمكة ثم أتى على بنى عبد المطلب يسقون على زمزم ، فقال :- انزعوا بنى عبد المطلب ، فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم ، فناولوه دلوًا فشرب منه .

وخطب - صلى الله عليه وسلم - يوم النحر ، عاشر ذى الحجة عند الضحى ، وهو على بغلة شهباء ، فنهاهم عن التلاعب بالشهور والأيام ، وأقرهم على ما صارت إليه أسماؤها ، وقال لهم :-

إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ، فى بلدكم هذا ، فى شهركم هذا ، وقال :- ألا لا يجنى جان على نفسه ، ألا لا يجنى جان على ولده ، ولا مولود على والده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد فى بلدكم هذا أبدًا ، ولكن ستكون له طاعة فيما تحتقرون من أعمالكم فسيرضى به .
وسألهم :- ألا هل بلغت ؟
قالوا :- نعم .
قال :- اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع .

ثم أقام أيام التشريق بمنى يؤدى المناسك ، ويعلم الشعائر ، ويذكر الله ، وفى يوم النفر الثانى ، الثالث عشر من ذى الحجة نفر - صلى الله عليه وسلم - من منى ، فنزل بالأبطح ، وأقام هناك يومًا وليلة ، وصلى من الظهر إلى العشاء ، ثم رقد رقدة ، ركب بعدها إلى البيت فطاف به طواف الوداع والحق أن المرء ليتساءل :- ترى ما هذه الصور التى كانت تتراءى لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يطوف بالبيت ، بعد أن انتهت إليه إشارات تخبره بنهاية حياته ؟
أى معان تلك وأى ذكريات كانت تتزاحم فى عقله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر إلى الكعبة وساحتها ؟

ثم وهو يمر بدروب مكة التى شهدت طفولته وصباه كما شهدت فتوته وشبابه ، وزواجه من خديجة وتكليفه بالرسالة ، وما لاقاه فى هذه الدروب من صنوف الجهد والعناء ، لكن دور مكة التى كانت تحاك فيها المؤامرات والدسائس ، قد صارت الآن ترتج من دوى الذكر والتسبيح ، كما أن دروبها الطويلة قد عجت بالمهللين المكبرين .


الرجوع للمدينة ،,،،

انتهت شعائر الحج ، وآن لمحمد - صلى الله عليه وسلم - المجهد أن يعود مع صحابته إلى حضن الدعوة الدفىء : المدينة !
تلك البلدة المخلصة ، الطيب أهلها ، البلدة التى تشتاق كل نخلة بها ، بل وكل حصاة بأرضها ، إلى لقيا الحبيب محمد - صلى الله عليه وسلم - عاد محمد إلى مدينته ، عودة لا ارتحال بعدها ، لوصال لا انفصام بعده !

آخر البعوث ،,،،

عاد خاتم أولى العزم من الرسل إلى المدينة ؛ ليواجه مشكلة جديدة ، فالروم وكنيستها لا يعجبها دخول العرب المتاخمين لحدودها فى دين الله الحنيف ، وقد قرروا قتل كل عربى يدخل فى الإسلام ، وما كان للنبى - صلى الله عليه وسلم - أن يدع الناس تظن أن الإسلام يجر عليهم الحتوف ، وأن الحق صار لا قوة له ،,,

فأخذ - صلى الله عليه وسلم - يجهز جيشًا كبيرًا فى صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة وأمر عليه أسامة بن زيد بن حارثة وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والدارون من أرض فلسطين لإرهاب الروم ، وإعادة الثقة إلى العرب الضاربين على الحدود ، ولكن أزمة عارضة بدأ النبى - صلى الله عليه وسلم - يسمع خطوات مقدمها ، ولم تكن هذه المرة من خارج الحدود بل من داخل المدينة ، فقد ظهرت فى الأفق بوادر معارضة من المسلمين لإمارة أسامة ، واحتوى النبى - صلى الله عليه وسلم - هذه الأزمة فانتظم الجيش ، ونزل بالجرف على فرسخ من المدينة ، إلا أن أخبار مرض النبى - صلى الله عليه وسلم - قد جعلتهم يتمهلون فى الخروج ، فمكثوا حتى وفاته - صلى الله عليه وسلم - وكان خروجه فى أول خلافة أبى بكر الصديق .

معارضة المسلمين لإمارة أسامة ،,،،

دهش بعض المسلمين حين وجدوا أن الجيش الذى تضم صفوفه كبار المهاجرين والأنصار ، قد تأمّر عليه أسامة بن زيد ، الذى يصغر فى السن ، عن كثير من أبنائهم ، ووصلت همهماتهم إلى أذن النبى ، فأعادت إلى ذهنه ذكريات اعتراضهم على حبِّه زيد بن حارثة والد أسامة ، فخرج إليهم - صلى الله عليه وسلم - قائلاً :-
إن تطعنوا فى إمارته ، فقد كنتم تطعنون فى إمارة أبيه من قبل ، وأيم الله إن كان لخليقًا للإمارة .

وهنا تلاشت همسات القوم ، وانصاعوا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتظموا فى جيش أسامة .
وإن الناظر لهذا الجيش وأميره ، لتحوطه معان شتى تجسد إهمال الإسلام للون والنسب فى المفاضلة بين الأفراد ، كما تجسد طاعة المسلمين لأوامر النبى الكريم - صلى الله عليه وسلم - وتظهر قوة المسلمين أمام عدوهم ، فلئن قتل زيد فإن ابنه قادم على جيش أكبر عددًا ، وكأن المسلمين بهذا أمواج بحر لا تنتهى ، كلما فنيت واحدة ، تلتها أخريات ، ثم هذه الاستهانة البالغة ، التى لن تخطئها أفهام الروم ، حين يرون المسلمين قد رموهم بجيش قائده فتى لم يتم العقد الثانى من عمره بعد ، وغير ذلك كله يبقى أسامة الفتى الحدث رمزًا لدين قادم ، يجدد بفتوته شباب البشرية بأسرها
!

wolf101 04-08-2012 09:07 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 


** { وفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

ما أعجب هذا القلم ، حين يتردد الآن عن كتابة
وفاة النبى - صلى الله عليه وسلم -

ألم يكن يعلم منذ اللحظة الأولى ، التى بدأ فيها سرد حياته أنه مات ؟!

أم غاضب هو من هذا الموت الذى ظل وسيلتنا الوحيدة للقيا
الحبيب - صلى الله عليه وسلم - ؟!


*-* يجتمع في شهر ربيع الأول أحداث ثلاثة وهي ,,,
مولد النبي صلى الله عليه وسلم وهجرته إلى المدينة ووفاته .

ولا ريب أن كلاً منها كان حدثاً مهمًّا في حياة المسلمين
لا بل وفي حياة الثقلين أجمعين .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=28773

لما أكمل الله الدين ، وأصبح له رجال تعهدهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالتربية، واستوى الأمر، واستقامت المحجة، أجرى الله على نبيه صلى الله عليه وسلم سنته الماضية في خلقه :-
{ كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة }
(آل عمران:185)

وبدأ النبي صلى الله عليه وسلم يودع الحياة بأقوال وأفعال دالة على ذلك

منها قوله في حجة الوداع:- ( إني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ) ،
ومنها أيضا أن جبريل كان يدارسه القرآن مرة
وقد دارسه في العام الذي قبض فيه مرتين
ومنها نزول آية كمال الدين وتمامه
{ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا }
(المائدة:3)
ومنها نزول سورة النصر { إذا جاء نصر الله والفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا * فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } (النصر)

قال ابن عباس رضي الله عنه هي نعي للرسول صلى الله عليه وسلم فكل هذه الإشارات كانت تعنى دنو أجله صلى الله عليه وسلم .
لكن لعلها الذكرى تتجدد ، فتهيج بريحها العاصف أشواق اللقاء ، وهو أمر لا حيلة لنا معه !
إلا أن نذكر أن كلماته باقية حولنا ، وسننه ووصاياه وهديه بين أيدينا ، ثم وعده بوصال لا ينقطع ، فى جنة عرضها السماوات والأرض ، بادٍ أمام أعيننا ,,

وفي يوم الاثنين 19 صفر سنة 11 من الهجرة بدأه المرض ، وكان صداعاً حاداً منعه الحركة أول يوم ، و كان في بيت أم المؤمنين ميمونه ، شعر محمد - صلى الله عليه وسلم - بدنو أجله ، ولم يمض إلا قليل حتى داهمه المرض ؛ فلما اشتد به المرض استأذن زوجاته في أن يمرض في بيت أم المؤمنين عائشة فأذِنَّ له ، فخرج إلى بيت عائشة ورجلاه تخطان في الأرض من شدة المرض ، يساعده علي بن أبي طالب و الفضل بن عباس .

ولم يشغله مرضه عن المسلمين ، فأخذ يمهد لهم الأمر ، حتى يتهيئوا لوفاته ، ولا ينزعجوا لفراقه ، وفى هذه الساعات العصيبة ، لم ينس أيضًا - صلى الله عليه وسلم أن يودع عقول المسلمين وأفئدتهم وصاياه الأخيرة , فأمر أبا بكر أن يصلى بالناس ، وتخلص من آخر متاعه بالدنيا قبل يومه الأخير بليلة واحدة ، وهو اليوم الذى لم يرتفع فيه أذان الظهر ، إلا والمصطفى - صلى الله عليه وسلم - مُسَجَّىً فى فراشه قد أصابه الاحتضار .

وتسرب النبأ الأليم ، فجزع الصحابة ، وحزنوا حزنًا أضاق عليهم أفق المدينة ، وأظلم عليهم نورها ، وهم ما بين مسلم بالخبر ومحتسب ، ومنزعج للحدث غير مصدق ، كان موقف أبى بكر وعمر - رضى الله عنهما - ، والذى تجاوزاه لينشغلا ، بما يعتقدانه مراد محمد - صلى الله عليه وسلم - فى اجتماع كلمة المسلمين وأمرهم

فكان اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ، وهو العمل الذى سبق تجهيز النبى - صلى الله عليه وسلم - وتوديع جسده الشريف وبموته - صلى الله عليه وسلم - انقطع الوحى والنبوة عن الأرض ، لكن بقى سراجهما منيرًا للعالمين ، حتى يرث الله الأرض ومن عليها .

النبى - صلى الله عليه وسلم - يشعر بدنو الأجل ،،,،

إن قلبا زكيًا ، ونفسًا رقيقة كقلب محمد - صلى الله عليه وسلم - ونفسه ، لا يفوتهما قطعًا إشارات السماء ، فجبريل - عليه السلام - الذى كان يدارسه القرآن فى كل رمضان مرة ، دارسه فى هذا العام مرتين ، وفى أوسط أيام التشريق ، أنزلت عليه - صلى الله عليه وسلم - سورة الفتح ، ففهم منها أن أجله قد دنا واقترب ، وقبل ذلك كله وبعده ، رسالته الخاتمة ، ألم تنته ؟ ففيم البقاء فى الدنيا بعد ؟!

بداية المرض وسم اليهوديه ،,،،

فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت:-
دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه فقلت وارأساه.. فقال وأنا وارأساه . حديث وعند الدارمي بلفظ
رجع النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع فوجدني وأنا أجد صداعا وأنا أقول وارأساه فقال بل أنا يا عائشة وارأساه.. ثم بدئ في وجعه الذي مات فيه .

بينما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائدًا فى طريقه من جنازة شهدها بالبقيع ، فى اليوم التاسع والعشرين من شهر صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إذ بصداع أليم يأخذ رأسه ، وقد اتقدت حرارته ، حتى إنها كانت تحس من فوق العصابة ، التى تعصب بها رأسه .
لكنه - صلى الله عليه وسلم - تحامل على نفسه وصلى بالناس مريضًا أحد عشر يومًا حتى أقعده المرض عن ذلك .

فإن تأثر النبي صلى الله عليه وسلم بالسم الذي دسته له تلك المرأة ثابت كما يدل له الحديث:-
ما زالت أكلة خيبر تعاودني في كل عام ، حتى كان هذا أوان قطع أبهري.
رواه ابن السني وأبو نعيم وصححه الألباني في صحيح الجامع .

وروى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت:- كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه : -
يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم .

قال ابن حجر في الفتح قوله:-
أجد ألم الطعام ، أي الألم الناشئ عن ذلك الأكل ، لا أن الطعام نفسه بقي إلى تلك الغاية .

وفي صحيح مسلم عن أنس:- أن امرأة يهودية أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة مسمومة فأكل منها فجيء بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك ،
فقالت :- أردت لأقتلك ،
قال :- ما كان الله ليسلطك على ذاك ،
قالوا :- ألا نقتلها ؟
قال :- لا ،
قال :- فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وفي المستدرك للحاكم أن أم مبشر وهي أم بشر بن البراء الذي أكل السم معه بخيبر قالت:-
دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه ، فقلت :- بأبي أنت يا رسول الله ما تتهم بنفسك ، فإني لا أتهم بابني إلا الطعام الذي أكله معك بخيبر
وكان ابنها بشر بن البراء بن معرور مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم ،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- وأنا لا أتهم غيرها ، هذا أوان انقطاع أبهري .
والحديث صححه الحاكم ، ووافقه الذهبي والألباني .

فى دار عائشة ،,،،

جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسأل أزواجه :- أين أنا غدًا ؟ أين أنا غدًا ؟

ففهمن مراده ، وعلمن أنه - وهو النبى العظيم - يستأذنهن ، فأذنَّ له أن يكون حيث يشاء فالمرض قد ثقل به ، ولن يستطيع أن ينتقل وهو بحاله تلك بين دور نسائه (( ميمونه )) ، وإلى دار عائشة بنت أبى بكر الحبيبة بنت الحبيب كان المسير .

يمشى - صلى الله عليه وسلم - بين الفضل بن عباس وعلى بن أبى طالب ، عاصبًا رأسه ، تخط قدماه ، حتى دخل بيتها ، فقضى به أسبوعه الأخير ، وهى - رضى الله عنها - تقرأ بالمعوذات والأدعية التى حفظتها عنه ، ثم تنفث على نفسه ، وتمسحه بيده رجاء البركة .

تمهيده الأمر للمسلمين وتوديع شهداء أحد ،,،،

بعد أن قال النبى - صلى الله عليه وسلم - فى حجة الوداع :- إنى لا أدرى لعلى لا ألقاكم بعد عامى هذا بهذا الموقف أبدًا ؟
وبعد أن أعاد قوله عليهم عند جمرة العقبة حين قال :- خذوا عنى مناسككم ، فلعلى لا أحج بعد عامى هذا .

خرج - صلى الله عليه وسلم - فى أوائل صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة إلى أحد ، حيث مثوى شهداء المسلمين ، الذين قدموا كل شىء ، ثم ماتوا دون أن تنعم أعينهم بفرحة الفتح أو لمحة النصر ، وقف - صلى الله عليه وسلم - أمامهم مصليًا ، ثم انصرف إلى منبره فقال :-

إنى فرطكم ، وإنى شهيد عليكم ، وإنى والله لأنظر إلى حوضى الآن ، وإنى أعطيت مفاتيح خزائن الأرض ، وإنى والله ما أخاف أن تشركوا بعدى ، ولكنى أخاف عليكم أن تنافسوا فيها .

http://www.sunna.info/souwar/data/media/1/albaqie.jpg

ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - فى إحدى ليالى صفر إلى البقيع ، مخاطبًا أهله بقوله :-
السلام عليكم يا أهل المقابر ، ليهن لكم ما أصبحتم فيه ، مما أصبح الناس فيه ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم ، يتبع آخرها أولها ، الآخرة شر من الأولى .
ثم بشرهم قائلاً :- إنا بكم للاحقون .
أما قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، فإنه قد صعد المنبر ، وخطب فى المسلمين يوصيهم ، ثم أردف قائلاً :-
إن عبدًا خيره الله أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء ، وبين ما عنده ، فاختار ما عنده .
وهنا لم يتمالك أبو بكر نفسه ، فانفجر باكيًا ، وقال :-
فديناك بآبائنا وأمهاتنا ،,,
وتعجب الناس من بكاء الصديق ، الذى أدرك ببصيرته ، أنه - صلى الله عليه وسلم - هو المخير ، وأنه اختار اللحوق بالرفيق الأعلى .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

وصاياه الأخيرة بخطبته الاخيرة ،,،،

قبل وفاته - صلى الله عليه وسلم - بخمسة أيام ، اتقدت حرارة العلة ببدنه ، واشتد به الوجع حتى غمى ،,,

فبدأ العرق يتصبب من النبي بغزاره ، فقالت السيده عائشه :-
لم أر في حياتي أحد يتصبب عرقا بهذا الشكل .
فتقول :- كنت آخذ بيد النبي وأمسح بها وجهه ، لأن يد النبي أكرم وأطيب من يدي .
وتسمعه يقول :- لا إله إلا الله ، إن للموت لسكرات

فتقول السيده عائشه :- فكثر اللغط أي الحديث في المسجد اشفاقا علي الرسول ,,
فقال النبي :- ماهذا ؟
فقالوا :- يارسول الله ، يخافون عليك .
فقال :- احملوني إليهم ... فأراد أن يقوم فما استطاع .
فقال :- هريقوا علىّ سبع قرب من آبار شتى ، حتى أخرج إلى الناس ، فأعهد إليهم .
فأقعدوه فى مخضب ، وصبوا عليه الماء ، حتى طفق يقول :- حسبكم ، حسبكم .

وشعر بخفة وخرج للناس وخطبهم ، معصوب الرأس وجلس على المنبر ، وعيون المسلمين معلقة به ، وأجسادهم كأنما تسمرت فى أماكنها ، ينصتون إلى ما يقوله محمد - صلى الله عليه وسلم - فى آخر وصاياه ،,,

*-* وكانت خطبته *-*

فقال النبي :- أيها الناس ، كأنكم تخافون علي ,,
فقالوا :- نعم يارسول الله .
فقال :- أيها الناس ، موعدكم معي ليس الدنيا ، موعدكم معي عند الحوض .
والله لكأني أنظر اليه من مقامي هذا .
أيها الناس ، والله ما الفقر أخشي عليكم ، ولكني أخشي عليكم الدنيا أن تنافسوها كما تنافسها الذين من قبلكم ، فتهلككم كما أهلكتهم .

وطالعت عيناه وجوه الأنصار ، الذين ابتاعوا بدنياهم رجلاً فقيرا مطرودًا من بلده ، يسعى فى إثره أشاوس قومه وطغاتهم لثقتهم أنه نبى الله ،,,
فقال :- إن الناس يكثرون وتقل الأنصار ، حتى يكونوا كالملح فى الطعام ، فمن ولى منكم أمرًا ، يضر فيه أحدا أو ينفعه ، فليقبل من محسنهم ، ويتجاوز عن مسيئهم ، وأعلمهم أنه اختار ما عند الله على زهرة الدنيا ،,,

ثم كان يشتد عليه الألم حتى يغمى عليه وعندما يفيق يقول:-
( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ، لا تتخذوا قبرى بعدى وثنًا يعبد ، من كنت جلدت له ظهرًا ، فهذا ظهرى فليستقد منه ومن كانت له مظلمة عندي فليقتصها الآن مني ، ومن كان له شيء عليّ فليأخذه الآن .)


أهذا ما تخشاه يا محمد - صلى الله عليك وسلم - قبل أن ترحل عن الدنيا ؟ أن تكون ظلمت أحدًاً من الناس ، وأنت من حمل إليهم الخير كله ، وتحمل فى سبيل ذلك من العذاب ألوانًا !

ثم قال :- أيها الناس ، الله الله في الصلاه ، الله الله في الصلاه بمعني أستحلفكم بالله العظيم أن تحافظوا علي الصلاه ، وظل يرددها ،,,
ثم قال :- أيها الناس ، اتقوا الله في النساء ، اتقوا الله في النساء ، اوصيكم بالنساء خيرا ,,
ثم قال :- أيها الناس إن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عند الله ، فاختار ما عند الله فلم يفهم أحد قصده من هذه الجمله ، وكان يقصد نفسه ،,,
سيدنا أبوبكر هوالوحيد الذي فهم هذه الجمله ، فانفجر بالبكاء وعلي نحيبه ، ووقف وقاطع النبي وقال : فديناك بآبائنا ، فديناك بأمهاتنا ، فديناء بأولادنا ، فديناك بأزواجنا ، فديناك بأموالنا ، وظل يرددها ..

فعجب الناس من بكاء أبي بكر رضي الله عنه ، وكان قد فهم كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، فالمُخَيَّر هو رسول الله نفسه ،,,
فنظر الناس إلي أبوبكر ، كيف يقاطع النبي .. ؟؟
فأخذ النبي يدافع عن أبوبكر قائلا :-
أيها الناس ، دعوا أبوبكر ، فما منكم من أحد كان له عندنا من فضل إلا كافأناه به ، إلا أبوبكر لم أستطع مكافأته ، فتركت مكافأته إلي الله عز وجل ، كل الأبواب إلي المسجد تسد إلا باب أبوبكر لا يسد أبدا ...
*-* وهناك مقوله اخرى تقول *-*
فأثنى النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بكر رضي الله عنه ونوه بفضله وقال : -
إن آمن الناس على فى صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متخذًا خليلاً غير ربى لاتخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لايبقين فى المسجد باب إلا سد ، إلا باب أبى بكر ،,,

وأخيرا قبل نزوله من المنبر .. بدأ الرسول بالدعاء للمسلمين قبل الوفاه كآخر دعوات لهم فقال :-
آواكم الله ، حفظكم الله ، نصركم الله ، ثبتكم الله ، أيدكم الله ..
وآخر كلمه قالها ، آخر كلمه موجهه للأمه من علي منبره قبل نزوله ،,
قال :- أيها الناس ، أقرأوا مني السلام كل من تبعني من أمتي إلي يوم القيامه .

وحمل مرة أخري إلي بيته .

فعاد صلى الله عليه وسلم إلى فراشه واستند على عائشة رضي الله عنها ، وجعلت تتغشاه سكرات الموت.. و كان عبدالرحمن بن أبى بكر ، يدلف إلى حجرة عائشة وفى يده سواك له ، فنظر إلى سواكه محمد - صلى الله عليه وسلم - الذى كانت رأسه الشريفة مستندة إلى صدر عائشة ، رأيته ينظر إليه وعرفت أنه يحب السواك ،,,
فقلت :- آخذه لك ،,
فأشار برأسه أن نعم فتناولته فاشتد عليه ،,
وقلت :- ألينه لك ؟ فأشار برأسه أن نعم ، فلينته ..
وكانت تقول رضي الله عنها :- إن من نعم الله علي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري ، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته ,,،

وفى اليوم التالى دخل عليه جمع من الصحابة وهو يتألم ، فأوصاهم عليه الصلاة والسلام بثلاثة :-

1 - إخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب ،,
2 - إجازة الوفود بمثل ما كان يجيزهم ,,،
3 - وإنفاذ جيش أسامة إلى الروم ,,,

وأراد أن يكتب للمسلمين كتابًا لا يضلوا بعده ، لكن عمر قال :- قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبكم كتاب الله ، فاختلف أهل البيت واختصموا ، فلما أكثروا اللغط قال لهم - صلى الله عليه وسلم -: - قوموا عنى .

أبو بكر يصلى بالناس ،,،،

أعلن بلال بصوته الرخيم غياب شمس الخميس ، وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلى مع المسلمين آخر صلاة له معهم ، فقرأ فيها بـ ( والمرسلات عرفا ) ، وعند العشاء اشتد به المرض ،,,
وسأل عائشة :- أصلى الناس ؟
فقالت :- لا يا رسول الله ، وهم ينتظرونك ،
فأمرهم أن يضعوا له الماء ليغتسل ، ففعلوا ، واغتسل - صلى الله عليه وسلم - لكنه ما إن أراد القيام حتى أغمى عليه ، ثم أفاق واغتسل لكنه أغمى عليه مرة أخرى ، وأعاد ذلك ثالثًا فأغمى عليه أيضًا

فلما أفاق - صلى الله عليه وسلم - أرسل إلى أبى بكر أن يصلى بالناس ، فصلى بهم - رضى الله عنه - تلك الأيام سبع عشرة صلاة فى حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم - .
وقبل يوم أو يومين من وفاته ، وجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فى نفسه خفة ، فخرج بين رجلين لصلاة الظهر ، وأبو بكر يصلى بالناس ، فجلس إلى يساره ، فكان أبو بكر يقتدى بصلاة النبى - صلى الله عليه وسلم - ويسمع الناس التكبير .

ولم تكن مصادفة أن يأمر - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر بالصلاة ، لكنه مع رغبته فى ترك أمر المسلمين لأنفسهم ، ليكون شورى بينهم ، أراد أن يشير إليهم من طرف خفى إلى من يراه ملائمًا لخلافته ؛ ولذا فإن عائشة حين راجعته ثلاث أو أربع مرات ليصرف عن أبى بكر الإمامة ، حتى لا يتشائم الناس منه ، أبى وقال لها :-
إنكن صواحب يوسف ، مروا أبا بكر فليصل بالناس .

التخلص من آخر المتاع ،،,،

بقى من الزمن يوم واحد ، ويغادر محمد - صلى الله عليه وسلم - دنيا الناس إلى جنات ربه ، وأدارالرسول - صلى الله عليه وسلم - بصره فى حجرته البسيطة ، فوقعت عيناه على متاعه من الدنيا ، ممتلكات نبى آخر الزمان ، من بلغت حدود دولته بلاد الفرس والروم ، ودانت له جزيرة العرب بأطرافها ، فماذا وجد ؟

غلمانًا كان أحن عليهم من والد ، وسبعة دنانير ، وعدة حربه من السلاح ، فأعتق الغلمان ، وتصدق بالدنانير ، ووهب سلاحه للمسلمين .
وفى الليل استعارت عائشة الزيت للمصباح من جارتها ، وكانت درعه مرهونة عند يهودى بثلاثين صاعًا من الشعير .



** { الـيـوم الأخـيـر !!!!!! الإحتضار !!!!!! } **

فإن قصة احتضار رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته وملخصها ؛؛؛

فحين ارتفع الضحى ،,,

بينما الناس في صلاتهم خلف أبي بكر - كما أمر بذلك صلى الله عليه وسلم - إذ بالستر الفاصل بين حجرة عائشة والمسجد يرفع ، وبرز رسول الله صلى الله عليه وسلم من ورائه فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة فتبسم ..
فرجع أبو بكر إلى الصف ظناً منه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة .. وكاد المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشار إليهم أن أتموا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر ..
وانصرف الناس بعد الصلاة وهم يظنون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شفي وعوفي من مرضه ، ولكن تبين أنها كانت نظرة تفقد ووداع .

دعا محمد - صلى الله عليه وسلم - فاطمة ابنته ،,
فلما دخلت بكت ، لأن النبي لم يستطع القيام
لأنه كان يقبلها بين عينيها كلما جاءت إليه ,,,
فقال النبي ( ادنو مني يا فاطمه ) : -
فحدثها النبي في أذنها ، فبكت أكثر ,,,
فلما بكت قال لها النبي ( ادنو مني يا فاطمه )
فحدثها مره أخري ثم سارّها بشىء فضحكت ! ،,,

بعد وفاته سئلت ماذا قال لك النبي ، فقالت :-
قال لي في المره الأولي ( يا فاطمه ، إني ميت الليله ) فبكيت ،,,
فلما وجدني أبكي قال : - ( يا فاطمه ، أنتي أول أهلي لحاقا بي ) فضحكت .

وغشيه - صلى الله عليه وسلم - كرب شديد مما يجد ،,,
فقالت فاطمة متأوهة :- واكرب أباه ،,,
فأجابها :- ليس على أبيك كرب بعد اليوم ،,,

ودعا الحسن والحسين فقبلهما ، وأوصى بهما خيرًا ، ثم دعا أزواجه فوعظهن وذكرهن ،,,

ثم قال النبي : - ( أخرجوا من عندي في البيت )
وقال : - ( ادنو مني يا عائشه ) !!!!

وأخذ الوجع يشتد ويزيد عليه فقال لعائشة :-
ما أزال أجد ألم الطعام الذى أكلت بخيبر ، فهذا أوان وجدت انقطاع أبهرى من ذلك السم ، وكانت آخر وصاياه ، التى أخذ يرددها مرارًا الصلاة الصلاة ، وما ملكت أيمانكم .

فنام النبي علي صدر زوجته ، ويرفع يده للسماء ويقول : -
( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي ) ..
تقول السيده عائشه : فعرفت أنه يخير ...

سيدنا جبريل دخل علي النبي وقال :-
يارسول الله ، ملك الموت بالباب ، يستأذن أن يدخل عليك ، وما استأذن علي أحد من قبلك .
فقال النبي : - ( إءذن له يا جبريل )

فدخل ملك الموت علي النبي وقال :-
السلام عليك يا رسول الله ، أرسلني الله أخيرك ، بين البقاء في الدنيا وبين أن تلحق بالله .
فقال النبي : - ( بل الرفيق الأعلي ، بل الرفيق الأعلي )

ووقف ملك الموت عند رأس النبي وقال :-
أيتها الروح الطيبه ، روح محمد بن عبد الله ، أخرجي إلي رضا من الله و رضوان ورب راض غير غضبان ..

تقول السيده عائشه :-
فسقطت يد النبي وثقلت رأسه في صدري ، فعرفت أنه قد مات ... فلم أدري ما أفعل ، فما كان مني غير أن خرجت من حجرتي وفتحت بابي الذي يطل علي الرجال في المسجد وأقول مات رسول الله ، مات رسول الله .
تقول :- فانفجر المسجد بالبكاء .

حزن الصحابة ،,،،

يا أبتاه ~ أجاب ربًا دعاه
يا أبتاه ~ من جنة الفردوس مأواه
يا أبتاه ~ إلى جبريل ننعاه

خرجت هذه الكلمات الحارة من صدر فاطمة بنت محمد ، لتتسلل إلى أسماع صحابة محمد - صلى الله عليه وسلم - فتعتصر قلوبهم ألمًا ، مات الحبيب ، الذى عرفوا الحق على يديه ، ألفوا سماع حديثه ، ورؤياه ماشيًا تارة ومتبسمًا أخرى ، ومفكرًا أو مجاهدًا مرات سواها ، تعودوا رؤية سيد الخلق ، مثال السمو البشرى ، من وسع صدره همومهم ، وقلبه حبهم ، من ملأ دنياهم ، وأنار آخرتهم ، حين ترك فيهم ما لا يضلوا بعده أبدًا كتاب الله وسنته - صلى الله عليه وسلم - ،,,
حزن الصحابة حزنًا ، أظلم على المدينة دروبها التى شهدت مسيره ، ولعلها الآن حين تحتضن جثمانه فى صعيدها الطيب الطاهر ، تجد العزاء .

أما صحابته - صلى الله عليه وسلم - فإن عزاءهم وعزاء أتباعه - صلى الله عليه وسلم - فى متابعة طريق شقه فى الدنيا ، جزاء السائر فيه ، لقيا حبيبه فى الجنة .

موقفا أبى بكر وعمر من الوفاة ،,،،

خفق قلب أبى بكر حين وصله النبأ الحزين ، وساءل نفسه :-
هل انتهت رحلتى الطويلة مع نبيى محمد ؟
وخرج أبو بكر من بيته ، ثم وضع جسده المتعب فوق ظهر فرسه ، وغدا إلى المسجد لا يدرى ، أينهز فرسه فيفجع برؤيا حبيبه وقد فارقته الحياة ؟
أم يكفها فيبقى بعيدًا عن روح قلبه ومفتداه ؟!

واستسلم أبو بكر لمسير فرسه ، تحمله إلى حيث يلقاه ، فلما انتهت إلى المسجد ، نزل عنها ولم يكلم أحدًا ، حتى دخل على عائشة ابنته ، فقصد بخطوات لا تقوى على حمله إلى فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ونظر إليه بعينين حانيتين وهو يراه مسجىً لأول مرة ، وامتدت يداه لأطراف الثوب ، فالتقطها بأنامله ، وكشف عن أحب الوجوه إليه ، فلما رآه ، لم يتمالك نفسه ، فأكب عليه ، يقبله ويبكى بكاءً حارًا متصلاً ، لعله ينفث عن جمرات اتقدت فى صدره الحزين ,,،

وكان أثبت الناس أبوبكر الصديق رضي الله عنه قال :-
وآآآ خليلاه ، وآآآ صفياه ، وآآآ حبيباه ، وآآآ نبياه .
وقبل النبي وقال :- طبت حيا وطبت ميتا يا رسول الله .

وتمتم يقول ودموعه قد غطت وجهه :- بأبى أنت وأمى ، لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التى كتبت عليك فقد متها ، إنها الحقيقة التى علمه محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يواجهها ويعاملها ، وإنه القدر الذى تعلم من نبيه كيف يستسلم له ، وخرج أبو بكر من بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد نفض عن وجهه ملامح الجزع ، وأبرقت عيناه ثقة وحزمًا .

وها هو عمر بن الخطاب ، يرفض قلبه الدافق بحب محمد - صلى الله عليه وسلم - أن يستسلم لهذا الخبر ، فوقف صائحًا :-
إن رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفى ، وإن رسول الله ما مات ، لكن ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران فغاب عن قومه أربعين ليلة ، ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد مات ، ووالله ، ليرجعن رسول الله فليقطعن أيدى رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات .

وأراد أبو بكر أن يجلس عمر فأبى ، لكن الناس أقبلوا على الصديق يستمعون ,
فقال لهم :-
أما بعد ، من كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات ، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حى لا يموت ، قال الله :- ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ، أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا وسيجزى الله الشاكرين ) .
وهنا استقر أمر المسلمين ، لكنْ هوى عمر إلى الأرض ،
وعلم أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - قد مات .

اختيار أبى بكر لخلافة المسلمين ،,،،

اجتمع كثير من المسلمين فى سقيفة بنى ساعدة ، وجرى بينهم خلاف فى أمر الخلافة ، وتبادل القوم النقاش والجدال بين المهاجرين والأنصار ، وأصبح لزامًا على الصحابيين الكبيرين ، أبى بكر وعمر أن يدركا المسلمين فى سقيفتهم ، ودخل أبو بكر فأبدى رأيه فى تقديم قريش على من سواها حفاظًا على وحدة العرب ، ثم رفع يدى عمر وأبى عبيدة ليختار المسلمون بينهما ، لكن المسلمين ظلوا يتجادلون دون حسم لأمرهم أو اختيارهم ، وهنا بادر عمر القوم ، فسأل أبا بكر أن يبسط يده ، فبسطها ، فبايعه عمر ، فتزاحم المسلمون على أبى بكر يبايعونه وقد مضى فى ذلك بقية يوم الإثنين حتى دخل الليل وشغل الناس عن جهاز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى اليوم الثانى .

التجهيز وتوديع الجسد الشريف ،،,،

آن للجسد الذى حرك صاحبه الدنيا بأسرها ، فأسقط عروش الظلم والجاهلية بها ، وأنار جوانبها ، وترك فيها حركة قوية من دين متجدد إلى يوم الساعة - آن لهذا الجسد أن يسكن ويستريح ، وآن له أن يعود إلى منشئه ، التراب ! .

قالت عائشة رضي الله عنها :-
لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قالوا :- والله ، ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه ؟
فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره
ثم كلمهم مكلِّم من ناحية البيت لا يدرون من هو أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه ،,,,
فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه ، يصبون الماء فوق القميص ويدلكونه بالقميص دون أيديهم ،,,
وكانت عائشة تقول :-
( لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه )

أقبل العباس وابناه الفضل وقثم يقلبان جسده - صلى الله عليه وسلم - ويصب الماء عليه دون أن يجرده من ثيابه أسامة بن زيد وشقران مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وكان الذى يغسله على بن أبى طالب , وأسنده أوس بن خولى إلى صدره

وانتهى الغسل فكفنوه - صلى الله عليه وسلم - فى ثلاثة أثواب بيض ، ثم حفروا تحت فراشه لحدًا ، ليكون له - صلى الله عليه وسلم - قبرًا ، ودخل الناس أرسالاً عشرة فعشرة ، يصلون على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يؤمهم أحد ، وصلى عليه أولاً أهل عشيرته ، ثم المهاجرون ، ثم الأنصار وصلت عليه النساء بعد الرجال ، ثم صلى عليه الصبيان ،،

وعن أبي مرحب أن عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ,,
قال :- كأني أنظر إليهم أربعة .
قال ابن إسحاق :- " وكان الذين نزلوا في قبر رسول الله علي بن أبي طالب والفضل بن عباس وقثم بن عباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم "

ومضى فى ذلك يوم الثلاثاء كاملاً ، حتى دخلت ليلة الأربعاء ، وما انتهى الصحابة من دفنه - صلى الله عليه وسلم - إلا فى جوف ليلة الأربعاء .

وهكذا غادر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا إلى النعيم المقيم
والرفيق الأعلى بعد أن أدى الأمانة ، وبلغ الرسالة ، ونصح الأمة
وتركنا على المحجة البيضاء , نعتصم فيها بالقرآن المحفوظ ، والسنة الشريفة
وعمل الخلفاء الراشدين المهديين فاللهم صل وسلم وبارك عليه ،
واجزه عنا خير ما جزيت به نبياً عن أمته , وشفعه فينا يا رب العالمين

** { خمسة محاولات فاشلة لسرقة جثمان الرسول الامين } **

المحاوله الأولى

في عهد الحاكم بأمر الله العبيدي
حيث أشار عليه أحد الزنادقة بإحضار جسد الرسول إلى مصر لجذب الناس إليها بدلا من المدينة ، وقاتلهم أهلها وفي اليوم التالي أرسل الله ريحا للمدينة تكاد الأرض تزلزل من قوتها مما منع البغاة من مقصدهم .

المحاوله الثانية

في عهد نفس الخليفة العبيدي
حيث أرسل من يسكنون بدار بجوار الحرم النبوي الشريف ويحفر نفقاً من الدار إلى القبر ، وسمع أهل المدينة منادياً صاح فيهم بأن نبيكم ينبش ، ففتشوا الناس فوجدوهم وقتلوهم .
ومن الجدير بالذكر أن الحاكم بن عبيد الله ادعى الألوهية سنة 408 هـ .

المحاوله الثالثة

مخطط من ملوك النصارى
ونفذت بواسطة اثنان من النصارى المغاربة ، وحمى الله جسد نبيه ، بأن رأى القائد نور الدين زنكي النبي صلى الله عليه وسلم في منامه وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول أنجدني ، أنقذني من هذين الرجلين ،,,

ففزع القائد من منامه ، وجمع القضاة وأشاروا عليه بالتوجه للمدينة المنورة ، ووصل إليها حاملاً الأموال إلى أهلها وجمع الناس وأعطاهم الهدايا بعد أن دونت أسمائهم ولم يرى الرجلين !
وعندما سأل :- هل بقي أحد لم يأخذ شيئاً من الصدقة ؟
قالوا لا ،
قال :- تفكروا وتأملوا ،
فقالوا لم يبق أحد إلا رجلين مغاربة وهما صالحان غنيّان يكثران من الصدقة ،
فانشرح صدره وأمر بهما ، فرآهما نفس الرجلين الذين في منامه ,,
وسألهما " من أين أنتما ؟ "
قالا : - حجاج من بلاد المغرب ،
قال :- أصدقاني القول ،
فصمما على ذلك ,,
فسأل عن منزلهما وعندما ذهب إلى هناك لم يجد سوى أموال وكتباً في الرقائق ، وعندما رفع الحصير وجد نفقا موصلا إلى الحجرة الشريفة ، فارتاعت الناس وبعد ضربهما اعترفا بمخطط ملوك النصارى ، وأنهما قبل بلوغهما القبر ، حصلت رجفة في الأرض ، فقتلا عند الحجرة الشريفة .

المحاوله الرابعة

جملة من النصارى
جملة من النصارى سرقوا ونهبوا قوافل الحجيج ، وعزموا على نبش القبر وتحدثوا وجهروا بنياتهم وركبوا البحر واتجهوا للمدينة ، فدفع الله عاديتهم بمراكب عمرت من مصر والإسكندرية تبعوهم وأخذوهم عن أخرهم ، وأسروا ووزعوا في بلاد المسلمين .

المحاوله الخامسة

بنية نبش
كانت بنية نبش قبر أبي بكر رضي الله عنه وعمر رضي الله عنه .
وذلك في منتصف القرن السابع من الهجرة ، وحدث أن وصل أربعون رجلا لنبش القبر ليلا فانشقت الأرض وابتلعتهم وأبلغنا بهذا خادم الحرم النبوي آن ذاك وهو صواب الشمس الملطي .

wolf101 04-08-2012 09:11 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - } **

لا تلحظ عين السائر فى طرقات المدينة فارقـًا يميز بيت النبى - صلى الله عليه وسلم - عن سواه من بيوت المسلمين ، اللهم إلا كونه حجرات قد بنيت بجوار المسجد ، أما عمارتها فكانت من حجر اللبن ، وقد سقفت بالجريد والجذوع .
دخل عمر بيته - صلى الله عليه وسلم - ذات مرة ، فرفع رأسه بالبيت ثم قال :-
فوالله ما رأيت فيه شيئـًا يرد البصر إلا أهبة جلودًا ثلاث ، ثم قال للنبى - صلى الله عليه وسلم :-
ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله .
فأجابه :- أفى شك أنت يابن الخطاب ؟! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الحياة الدنيا .
وتروى عائشة :- كنا لننظر إلى الهلال ثلاث أهلة فى شهرين ، وما أوقدت فى بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نار ، إذ كانوا يعيشون على التمر والماء وعلى بساطة هذا البيت وشظف العيش به ،,,
إلا أن حياة محمد - صلى الله عليه وسلم - فيه بين أزواجه - رضى الله عنهن - وأبنائه ، قد أشاعت به جوَّا من السرور والهناء ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهل بيته ، وهو القائل :- خدمتك زوجتك صدقة ، كما كان أرحم الناس بالأطفال ، ولعل خلقه فى بيته - صلى الله عليه وسلم - يرسم بجمال صفاته صورة طيبة بما كان عليه الحال فى هذا البيت .


** { زوجاته - صلى الله عليه وسلم - } **

تزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وهو فى الخامسة والعشرين من عمره .
ولأغراض كثيرة أحل الله - عز وجل - له الزواج بأكثر من أربع نساء ، فكان عدد من عقد عليهن ثلاث عشرة امرأة ، منهن اثنتان توفيتا فى حياته - صلى الله عليه وسلم - ، إحداهما خديجة ، والأخرى أم المساكين زينب بنت خزيمة ، وتسع مات عنهن ، وهن :- سودة بنت زمعة وعائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر بن الخطاب ، وأم سلمة هند بنت أبى أمية ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث ، وأم حبيبة رملة بنت أبى سفيان ، وصفية بنت حيى بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث .
وعقد - صلى الله عليه وسلم - على اثنتين ثم طلقهما دون أن يبنى بهما ، وهما :- أسماء بنت النعمان الكندية ، تزوجها فوجد بها بياضًا فمتعها وردها إلى أهلها ، وعمرة بنت يزيد الكلابية كانت حديثة عهد بكفر فاستعاذت منه - صلى الله عليه وسلم - فردها إلى أهلها .
وتسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باثنتين إحداهما مارية القبطية ، والثانية هى ريحانة بنت يزيد النضرية أو القرظية ، ويزيد البعض اثنتين أخريين ، وإحداهما اسمها جميلة أصابها فى بعض السبى ، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { أبناؤه - صلى الله عليه وسلم - } **

أولهم القاسم ,, وبه كان يكنى - صلى الله عليه وسلم - ، ثم زينب ، ورقية ، وأم كلثوم ، وفاطمة ، ثم ولد له عبدالله الملقب بالطيب والطاهر ، وكل هؤلاء من السيدة خديجة - رضى الله عنها - ،,
وقد ولد له ولد بعد ذلك من مارية القبطية وهو إبراهيم وكل أبناء النبى - صلى الله عليه وسلم - ماتوا أثناء حياته ما عدا فاطمة التى تأخرت بعده ستة شهور ، والأولاد منهم ماتوا وهم بعد صغار .



** { خلقه فى البيت - صلى الله عليه وسلم - } **

رغم تباين نسائه - صلى الله عليه وسلم - من حيث العمر والجمال ، إلا أنه - صلى الله عليه وسلم - ما كان يصرفه شىء عن العدل بينهن ، فلكل واحدة منهن ليلة ، وإذا أراد السفر أقرع بينهن ، وكان - صلى الله عليه وسلم - فى خدمة أهله ما دام فى البيت ، يخصف نعله ، ويخيط ثوبه ، ويحلب شاته ، ويعمل بيده ، ويخدم نفسه .
وعلى خلاف السائد فى زمنه ، والمنتشر الآن ، من إباء الرجل أن تراجعه زوجته ، كانت نساء النبى - صلى الله عليه وسلم - يراجعنه .
وقد تهجره إحداهن إذا غضبت اليوم إلى الليل ، ومع ذلك كان - صلى الله عليه وسلم - يستشيرهن وينزل على رأيهن فى أمور سياسته كما صنع يوم الحديبية ، وكان - صلى الله عليه وسلم - إذا خلا مع أهله ألين الناس ، ضحاكًا بسامًا ، وماضرب إحداهن قط ،,,
وكان يقول :- خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى .
وقد يبلغ من حنانه أن يجلس عند بعيره ، فيضع ركبته ، حتى تضع زوجه صفية رجلها على ركبته لتركب ، أما ما ظهر منهن من الغيرة الشائعة ، فكان - صلى الله عليه وسلم - يتحمله ،,,
عاتبته أم رومان دفاعًا عن ابنتها فقالت :- مالك ولعائشة ؟ إنها حديثة السن ، وأنت أحق من يتجاوز عنها فلم يدعها حتى أخذ بشدقها معاتبًا وهو يقول :- ألست القائلة :- كأنما ليس على وجه الأرض امرأة إلا خديجة ؟ وقد سألنه - صلى الله عليه وسلم - أن يوسع عليهن فى النفقة ، فخيرهن بين البقاء عنده على هذه الحال ، وبين مفارقته ، وجعل أمرهن بيدهن ، فاخترن جميعًا الله ورسوله .
وكان - صلى الله عليه وسلم - أرحم الناس بالأطفال ، رآه عمر بن الخطاب حاملاً الحسن والحسين على عاتقه ، فقال :- نعم الفرس تحتكما ، فقال النبى - صلى الله عليه وسلم -:- ونعم الفارسان هما ، وكان أحدهما أو كلاهما يعتلى ظهره إن سجد ، فلا ينهرهما ، وكان يصف عبدالله وعبيد الله وكثير بن العباس ثم يقول :- من سبق فله كذا وكذا ، فيستبقون إليه ويقعون على ظهره وصدره ، فيقبلهم ويلتزمهم .
وصلى وأمامة على عاتقه ، وهى ابنة ابنته زينب ، فكان إذا ركع وضعها ، وإذا رفع وضعها ، أما إذا جاءته ابنته فاطمة ، فإنه يبادرها باللقيا ، ويقبلها ثم يأخذ بيدها ويجىء بها حتى يجلسها فى مكانه ، فى الوقت الذى كانت العرب تئد فيه البنات ، ثم هو لا يترفع على عبيده وإمائه فى مأكل ولا ملبس ، ويخدم من خدمه ، ولم يقل لخادمه أف قط ، ولا عاتبه على فعل شىء أو تركه .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

** { صفاته - صلى الله عليه وسلم - } **

نظر جابر بن سمرة إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - فى ليلة مقمرة ، فجعل يردد بصره بينه وبين القمر ،
ثم قال :- فإذا هو أحسن فى عينى من القمر .
وقد كان - صلى الله عليه وسلم - مستدير الوجه ، أبيض البشرة ، له شعر أسود يبلغ شحمة أذنيه ، طويل شعر الأجفان ، واسع العينين أكحلهما ، أقنى الأنف ، واسع الجبين ، سهل الخدين ، بين أسنانه تباعد ، وفى لحيته كثافة ، ليس بطويل القامة ولا قصيرها ، عريض الكتفين والصدر ، طويل الزند ، رحب الراحة ، لين الكف ، له شعر دقيق كأنه القضيب ، من صدره إلى سرته ، ليس بالنحيف ولا السمين ، إذا التفت التفت معًا ، وإذا مشى أسرع كأن الأرض تطوى له دون أن يكترث ، إذا سر استنار وجهه حتى كأنه القمر ، وإذا غضب احمر وجهه ، ونفر فى جبينه عرق ،,,
كما تقول أم معبد :- أجمل الناس وأبهاهم من بعيد ،
وأحسنهم وأحلاهم من قريب .
وهو مع حسن شكله قد تم له حسن الخلق أيضًا ،
ويكفيه فى ذلك مدح ربه تعالى له .
فكان - صلى الله عليه وسلم - فصيح اللسان ، بليغ القول ، حليمًا كثير الاحتمال ، يعفوعند المقدرة ، ويصبر على المكاره ، أجود الناس وأكرمهم ، وأشجع الفرسان وأثبتهم ، أشد حياءً من العذراء فى خدرها ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض ، أطول منه إلى السماء ، أعدل الخلق وأعفهم ، وأصدقهم لهجة ، وأعظمهم أمانة ، كثير التواضع بعيدًا عن التكبر ، يعود المساكين ، ويجالس الفقراء ، ويجيب دعوة العبد ، ويجلس فى أصحابه كأحدهم ، ثم هو أوفى الناس بالعهود ، وأوصلهم للرحم ، وأكثرهم شفقة ورحمة ، ليس بالفاحش ولا المتفحش ولا اللعان ولا الصخاب فى الأسواق ، دائم الفكرة ، طويل السكوت ، يؤلف أصحابه ولا يفرقهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوى عن أحد منهم بشره ، ولا يميز نفسه بمجلس على غيره ، دائم البشر ، سهل الخلق لين الجانب ، ولو استفضنا فى ذكر محاسن شمائله ، لذهبت دون ذلك الأعمار ، ونفدت السطور والأقلام - صلى الله عليه وسلم - .



** { معجزاته - صلى الله عليه وسلم - } **

" والله إن لقوله لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمنير أعلاه مشرق أسفله ، وإنه ليعلو وما يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته "
كانت تلك شهادة أعدى أعداء النبى - صلى الله عليه وسلم - الوليد بن المغيرة ، فى قرآن رب العالمين ، الذى تحدى به البشر من العرب وغيرهم أن يأتوا بمثله ، فعجزوا أن يفعلوا مع شدة رغبتهم فى دفعه وإنهائه ، الكتاب الباقى الذى تدور الأيام فلا يفنى ، وتمر السنون فلا يبلى هدى ونور للمؤمنين به ، وشفاء ورحمة للساعين به ، وسوى القرآن الكريم - المعجزة الباقية إلى قيام الساعة .
أيد الله - عز وجل - نبيه بالعديد من المعجزات منها :-

*-* القرءان الكريم والأميه ,,
*-* تفجر الماء على يديه الشريفتين ،,
*-* حنين الجذع الذى كان يخطب عليه بعد أن تحول عنه إلى منبر صنع له
*-* نزول المطر لدعائه ,،
*-* قدوم الشجرة إليه لندائه ،,
*-* انشقاق القمر أمام أعين المعاندين من قريش ،,
*-* الإخبار بالأمور الغيبية ،،
*-* تسليم الحجر والشجر عليه ,,
*-* الأخبار بالأمور المستقبلية ,,
*-* قتال الملائكة معه ،،
*-* وما تكررعلى يديه - صلى الله عليه وسلم - من شفاء للكسور والجراح التى ألمت بصحابته ،,
*-* ثم معجزة الإسراء والمعراج والتى ساق الله على لسان نبيه دلائل صدقها ,،
*-* وكذلك عشرات ومئات الحوادث التى تؤكد إجابة دعوته ،,
*-* وأخيرًا ما حدث يوم الخندق ، وغيره من بركة فى الطعام اليسير ، حتى إنه ليكفى الخلق الكثير .
*-* وهناك ما يقارب الـ 194 معجزة ذكرت للشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه من معجزات الرسول عليه الصلاة والسلام .

فلقد امتاز محمد - صلى الله عليه وسلم - وامتازت رسالته بدوام المعجزة وبقائها ، وذلك بحفظ الله لكتابه الكريم حتى يبقى حجة على البشر أجمعين إلى قيام الساعة .



** { من أهم الأحداث المصاحبه للسيرة النبويه الشريفة } **

*-* غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وعشرين غزاة ، قاتل منها في تسع (( بدر ، أحد ، الريسيع ، الخندق ، قريظة ، خيبر ، الفتح ، حنين ، الطائف ، وبعثَ ستاً وخمسين سرية .

*-* الإسراء والمعراج : - وكان قبل الهجرة بثلاث سنين وفيه فرضت الصلاة .

*-* السنة الأولى : - الهجرة - بناء المسجد - الانطلاق نحو تأسيس الدولة - فرض الزكاة .

*-* السنة الثانية : - غزوة بدر الكبرى وفيها أعز الله المؤمنين ونصرهم على عدوهم .

*-* السنة الثالثة : - غزوة أحد وفيها حدثت الهزيمة بسبب مخالفة تعليمات النبي صلى الله عليه وسلم ونظر الجنود إلى الغنائم .

*-* السنة الرابعة : - غزوة بني النضير وفيها أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يهود بني النضير عن المدينة لأنهم نقضوا العهد بينهم وبين المسلمين .

*-* السنة الخامسة : - غزوة بني المصطلق وغزوة الأحزاب وغزوة بني قريظة .

*-* السنة السادسة : - صلح الحديبية ، وفي هذه السنة حُرّمت الخمر تحريماً قاطعاً .

*-* السنة السابعة : - غزوة خيبر ، وفي هذه السنة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون مكة واعتمروا ، وفيها أيضاً تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حُيَيّ .

*-* السنة الثامنة : - غزوة مؤتة بين المسلمين والروم ، وفتح مكة وغزوة حُنين ضد قبائل هوازن وثقيف .

*-* السنة التاسعة : - غزوة تبوك وهي آخر غزواته صلى الله عليه وسلم ، وفي هذه السنة قدمت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل الناس في دين الله أفواجاً ، وسمي هذا العام عام الوفود .

*-* السنة العاشرة : - حجة الوداع ، و حج فيها مع النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من مائة ألف مسلم .

*-* السنة الحادية عشرة : - وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول مع اختلاف في تحديد هذا اليوم من الشهر .
وتوفي صلى الله عليه وسلم وله من العمر ثلاث وستون سنة ، منها أربعون سنة قبل النبوة ، وثلاث وعشرون سنة نبياً رسولاً ، منها ثلاث عشرة سنة في مكة ، وعشر سنين بالمدينة ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

wolf101 04-08-2012 09:13 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { مكانة الرسول في القرآن الكريم } **

ذكر إسمه عليه الصلاة والسلام 4 مرات ،،،،

قال تعالى : - ( وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل ) ( آل عمران : 144 )
وقال تعالى : -
( ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين }
وقال تعالى : -
( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد ) ( محمد : 2 )
وقال تعالى : - ( محمد رسول الله )
وأما أحمد فورد مرة واحدة حكاية عن عيسى قال: -
ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد .

أول ما أمر به المصطفى الكريم ،،،،

عن أبي أمامة قال :-
قلت :- يا نبي الله ! ما كان أول بدء أمرك ؟
قال : -
( دعوة أبي إبراهيم ، وبشرى عيسى ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
( دعوة أبي إبراهيم )
أي قوله : - ( ربنا وابعث فيهم رسـولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم )

(بشرى عيسى )
أشار إليه قوله تعالى حاكياً عن المسيح
( ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد )

(ورأت أمي نوراً أضاءت منه قصور الشام )
قال ابن رجب ( وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجىء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منه كما قال تعالى : قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم )

أخذ العهد له ،،،،

قال تعالى :-
{وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين "81" } ( سورة آل عمران )

كان نبينا عندما كان آدم في طينته ،،،،

قال رسول الله " إني عند الله لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته "

هو أول المسلمين ،،،،

قال الله تعالى :- { أمرت لأكون أول من أسلم }
(سورة الأنعام)

هو أولى الأنبياء من أممهم ،،،،

"إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا ".
وقصة صيام يوم عاشوراء .

أزواجه أمهات المؤمنين ،،،،

قال تعالى : { النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم "6" }
( سورة الأحزاب )

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

إنه خير الخلق ،،،،

قال رسول الله :-
" أن الله اصطفى كنانه من ولد إسماعيل ، واصطفى قريشاً من كنانة ، واصطفى من قريش بني هاشم ، واصطفاني من بني هاشم " وقال :- " أنا سيد ولد آدم ولا فخر "

رحمة للعالمين ،،،،

{ وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107" }
( سورة الأنبياء )

أمان لأمته ،،،،

قال تعالى :- { وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم "33" } ( سورة الأنفال )
وقال رسول الله :- " النجوم أمنة السماء ، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد ، وأنا أمنة لأصحابي "

عموم رسالته ،،،،

قال تعالى :- {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيراً ونذيراً }
( سورة سبأ "28 )

تكفل الله بحفظه ،،،،

قال تعالى :- {والله يعصمك من الناس }
( سورة المائدة "67 )
وقال تعالى :- { أنا كفيناك المستهزئين }
( سورة الحجر "95 )

التكفل بحفظ دينه ،،،،

قال تعالى :- {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون "9" } ( سورة الحجر )

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

إنه منة على المؤمنين،،،،

ذكر لنا ربنا في كتابه هذه المنة التي تطوق عنق كل مسلم في كل زمان ومكان ، فقال:-
{ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ }
[ آل عمران : 164 ]

ومن ثم يؤكد القرآن الكريم على موقع النبي صلى الله عليه وسلم لدى كل مسلم ؛ فيقول:-
{ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } [الأحزاب:6] .
فهو أقرب إلينا من قلوبنا ، وأحب إلى نفوسنا من نفوسنا ، وهو عند كل مسلم منا أعز لديه ، وأغلى من جميع الخلق دونما استثناء ، وعن أنس رضي الله عنه قال :- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :-
لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين [متفق عليه] .

نداء متميز ,,,,

وقد اشتمل القرآن الكريم على الكثير من الإشارات التي تتحدث عن مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم عند ربه ، ولا يتسع المجال هنا للتفصيل في كل ما يتعلق بهذا الجانب ، ونكتفي بذكر بعض ما ورد بهذا الشأن .

فمثلا من علامات بر الله به وتعظيمه لشأنه أنه جل شأنه نادى جميع الأنبياء بأسمائهم ،,,
فقال:- يا آدم ، يا نوح ، يا إبراهيم ، يا موسى ، يا عيسى ، يا زكريا ، يا يحيى ... إلخ ،,,
بينما نادى النبي صلى الله عليه وسلم بقوله له :-
يا أيها النبي – يا أيها الرسول – يا أيها المزمل -- يا أيها المدثر .

وحين أثنى الله على أنبيائه السابقين بما فيهم من أخلاق كريمة ؛ كان يذكر لكل نبي صفات محددة .
فقال عن خليله إبراهيم :- { إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ }
وقال عن إسماعيل :-
{ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن موسى :- { إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا }
وقال عن أيوب :- { إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
وحين تحدث عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بين أنه حاز الكمالات كلها فقال :-
{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ }

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

رحمة للعالمين ,,,,

ومن الخصائص التي خص الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم أن كل نبي مبعوثا إلى قومه خاصة ؛ وفي القرآن ما يشير إلى هذا .
فيقول الله عن عيسى :- { وَرَسُولا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ }
وعن هود قال :- { وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا }... إلخ
في حين أن رسولنا صلى الله عليه وسلم بعث إلى الناس كافة في زمانه وفيما بعد زمانه ، فهو خاتم النبيين ،،،
قال تعال :- { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا } .
وقال جل ذكره :- { مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } .

وفي الحديث الذي رواه الشيخان :-
" عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وكمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويعجبون ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين " { صححه الألباني } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما أخذه من العهد على جميع الأنبياء من الإيمان به ونصرة دينه
فقال تعالى :- { وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ } .

ومن مظاهر تكريم الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما جاء في قوله تعالى :-
{ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ }
قال قتادة :- " رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة ، فليس هناك خطيب ولا مستشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول :- أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله " .

وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه

ضم الإله اسم النبي إلى اسمه ***
إذ قال في الخمس المؤذن أشهد

وشق له من اسمه ليجله ***
فذو العرش محمود وهذا محمد


http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

ثناء متتالي ,,,,

ومن مظاهر تكريم الله تعالى لنبيه وثنائه عليه ما جاء في مطلع سورة النجم مع غيرها من السور,,
حيث أثنى الله على عقله فقال :-
{ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى }
وأثنى على لسانه فقال :- { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى }
وأثنى على جليسه ومعلمه جبريل فقال :-
{ عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى }
وأثنى على بصره فقال :- { مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى }
وأثنى على صدره فقال :- { أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَك َ}
وأثنى على أخلاقه كلها فقال :- { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم ٍ}

ونكتفي بهذا القدر من الإشارات القرآنية على علو مكانة الرسول صلى الله عليه وسلم وعظيم منزلته عند ربه ، فالكلام فيها يطول ويطول .

وقد أشار العلماء رحمهم الله إلى أن خصال الكمال والجلال إذا وقعت منها واحدة أو اثنتان لشخص ما عظم قدره ، وضربت باسمه الأمثال ،,,
فيقال :- أحلم من الأحنف ، وأكرم من حاتم ، وأذكى من إياس ... إلخ
فكيف بمن عظم قدره حتى اجتمعت فيه كل هذه الخصال ؟

يقول القاضي عياض اليحصبي في كتابه " الشفا بتعريف حقوق المصطفى "
" ما ظنك بعظيم قدر من اجتمعت فيه خصال الخير كلها مما لا يحصيه عد ، ولا يعبر عنه مقال ، ولا ينال بكسب ولا حيلة إلا بتخصيص الكبير المتعال ، من فضيلة النبوة والرسالة والخلة والمحبة والاصطفاء والإسراء والرؤية والقرب والدنو والوحي والشفاعة والوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة والمقام المحمود والبراق والمعراج ، والبعث إلى الأحمر والأسود ، والصلاة بالأنبياء والشهادة بين الأنبياء ، وسيادة ولد آدم ، والرحمة للعالمين ، وشرح الصدور ، ورفع الذكر ، والتأييد بالملائكة ، وإيتاء الكتاب والحكمة ، وصلاة الله تعالى والملائكة عليه ، ووضع الإصر ، والأغلال عن الخلق ببعثه ، ونبع الماء من بين أصابعه ، وتكثير القليل وانشقاق القمر ، والنصر بالرعب ، والإطلاع على الغيب ، وظل الغمام وتسبيح الحصى ، والعصمة من الناس ،,

إلى ما لا يحصيه عد ولا يحيط بعلمه إلا الله تعالى إضافة إلى ما أعد الله له في الدار الآخرة من منازل الكرامة ، ودرجات القدس ، ومراتب السعادة والحسنى والزيادة التي تقف دونها العقول ، وتحار دون إدراكها الأفهام " ا. هـ بتصرف .

وصدق من قال :-

فإن فضل رسول الله ليس له **** حد فيعرب عنه ناطق بفم

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

واجب المحب للنبي ,,,,

ولا يملك المسلم أمام هذا البنيان الشامخ إلا التوقير والإجلال لمقام هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، وأن يقتفي أثر الصحب الكرام الذين تفانوا في حب رسولهم صلى الله عليه وسلم حتى شهد بذلك الأعداء والأصدقاء على السواء .
يقول أبو سفيان بن حرب قبل أن يعلن إسلامه :-
" ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا "

ومن حق هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم علينا أن نقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه النيل من مقامه الشريف بأي لون من الألوان .
قال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا } .

وقال تعالى :- { إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آَيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ

وقد أدبنا ربنا تبارك وتعالى بأدب المقاطعة ، والبغض لأولئك المتطاولين على مقامه الكريم صلى الله عليه وسلم .

فقال :- { لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } .

فليعتذر كل مسلم إلى الله عز وجل عما يقال ، أو ينشر في حق نبيه صلى الله عليه وسلم مما لا يليق بمقامه الشريف ، وليكن ذلك بصورة عملية تتناسب مع موقع كل منهم ومدى تأثيره ، بدءا من إظهار الاحتجاج واستدعاء السفراء ومخاطبة المسئولين في الدول التي تنطلق منها هذه المواقف ، ومرورا بالمقاطعة الاقتصادية لسلع ومنتجات تلك الدول ، وكل ما في وسع المسلم أن يفعله لنصرة الحبيب المصطفى ~ والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

فضله صلى الله عليه وسلم ,,,,

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :-
{ أعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي ؛؛ نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس كافة }
[متفق عليه]

وفي أفراد مسلم من حديث أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا أول الناس يشفع يوم القيامة ، وأنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة ، وأنا أول من يقرع باب الجنة } .

وفي أفراده من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :-
{ أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ، وأول من ينشقُّ عنه القبر ، وأول شافع وأول مُشفع } .

لم يناده باسمه ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك }
( سورة المائدة " 67 )
{ يا أيها النبي حسبك الله }
( سورة الأنفال " 64 )

النهي عن مناداته باسمه ورفع الصوت فوقه ,,,,

قال تعالى : -
{لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً }
( سورة النور " 63 )
{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي }
( سورة الحجرات " 2 )

فرض بعض شرعه في السماء ,,,,

عن ابن مسعود قال :-
" أعطى رسول الله ثلاثاً ( يعني ليلة الإسراء ) ,,,
أعطى الصلوات الخمس ،
وأعطى خواتيم سورة البقرة ،
وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئا المقحمات
( الذنوب المهلكات ) "

استمرار الصلاة عليه ,,,,

قال تعالى :-
{ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما " 56 " }
(سورة الأحزاب) كلمة يصلون تقتضي التجديد والاستمرار .

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

القسم به صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقسم بحياته قال تعالى :-
{لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون }
( سورة الحجر " 72 )
القسم ببلده قال تعالى :-
{ لا أقسم بهذا البلد " 1 " وأنت حل بهذا البلد " 2 " } ( سورة البلد )
القسم له قال تعالى :-
{والنجم إذا هوى" 1ما ضل صاحبكم وما غوى" 2 }
( سورة النجم )

الإسراء والمعراج ,,,,

ونال فيها شرف تكليم الله تعالى له ورؤية الجنة والنار وسماع صريف الأقلام .
وإمامته بالأنبياء بالمقدس قال رسول الله :-
" وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء .. فكانت الصلاة فأممتهم .. "

غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ,,,,

قال تعالى :-
{ إنا فتحنا لك .. إلى أن قال :-
"ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر }

تأخير دعوته المستجابة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة "

إسلام قرينه له ,,,,

قال رسول الله :-
" ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ،
قالوا :- وإياك يا رسول الله ؟
قال :- وإياي إلا إن الله أعانني عليه فأسلم فلم يأمرني إلا بخير "

قرنه خير القرون ,,,,

قال رسول الله :-
" بعثت من خير قرون بني آدم قرناً فقرناً .. "

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

ما بين بيته ومنبره روضة ,,,,

قال رسول الله :-
" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ، ومنبري على حوضي "

رؤيته في المنام حق ,,,,

قال رسول الله :- " من رآني في المنام فقد رآني حقاً .. "

يرى من وراء ظهره ,,,,

قال رسول الله :-
" فوالله ما يخفي علي خشوعكم ولا ركوعكم إني لأراكم من وراء ظهري "

خاتم النبوة ,,,,

عن جابر قال :-
رأيت خاتماً في ظهر رسول الله كأنه بيضة حمام "
وهو خاتم النبوة بين كتفه .

فضائل جمة ,,,,

قال رسول الله :-
" .. أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب ، وأحلت لي الغنائم ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً وأعطيت مفاتيح خزائن الأرض وبينما أنا نائم أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت بين يدي قال أبو هريرة :- " فذهب رسول الله وأنتم تنتشلوها "

اطلاعه على المغيبات ,,,,

قال عمر :- " قام فينا النبي مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم وحفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه "
ما أكرم الله به محمداً صلى الله عليه وسلم في الآخرة

وصف بالشهادة ,,,,

قال تعالى : -
{ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً " 41 " } ( سورة النساء )

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

أول من يبعث وأول شافع ,,,,

قال رسول الله :-
" .. وأول من ينشق عنه القبر .. وأول شافع وأول مشفع "

الأنبياء تحت لوائه ,,,,

قال رسول الله :-
".. ما من أحد إلا وهو تحت لوائي يوم القيامة ينتظر الفرج ، وإن معي لواء الحمد ، أنا أمشي ويمشي الناس معي حتى آتى باب الجنة "

أول من يجيز الصراط ,,,,

قال رسول الله :- " فأكون أول من يجيز من الرسل بأمته "

أول من يدخل الجنة ,,,,

قال رسول الله :-
" وأنا أول من يقرع باب الجنة "
وقال :- " آتي باب الجنة يوم القيامة فأستفتح فيقول الخازن من أنت ؟!
فأقول :- محمد
فيقول :- بك أمرت لا افتح لأحد قبلك "

له كرسي عن يمين العرش ,,,,

عن عبد الله بن سلام :- إن أكرم خليفة الله أبو القاسم ثم قال فإذا كان يوم القيامة بعث الله الخليقة أمة أمة ونبياً نبياً حتى يكون احمد وأمته آخر الأمم مركزاً قال :- فيقوم فيتبعه أمته برها وفاجرها ثم يوضع جسر جهنم فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبي والصالحون معه ، فتتلقاهم الملائكة فتريهم منازلهم من الجنة على يمينك ، على يسارك حتى ينتهي إلى ربه فيلقي له كرسي عن يمين الله ثم ينادي مناد أين عيسى وأمته "

أكثر الأنبياء تبعاً ,,,,

قال رسول الله :- " أنا أكثر الأنبياء تبعاً يوم القيامة "


أعطى الكوثر ,,,,

قال رسول الله :-
" بينما أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف ، فقلت ما هذا يا جبريل؟!
قال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك "

إعطاؤه الوسيلة والفضيلة والمقام المحمود ,,,,

وذلك ثابت في الحديث المشهور بالدعاء بعد سماع الأذان

الشفاعة ,,,,

لأهل الصغائر والكبائر ولدخول الجنة ولأهل الموقف لتعجيل الحساب

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

طهارة النبي ,,,,

قال تعالى :-
{ كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم " 151 " } ( سورة البقرة )
قال علي بن أبي طالب أي " نسباً وطهراً وحسباً ليس في آبائي من لدن آدم سفاح
وعن ابن عباس قال في قوله تعالى :-
{ وتقلبك في الساجدين " 219 " } ( سورة الشعراء ) أي من نبي إلى نبي .

الرحمة ,,,,

قال تعالى :- { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين "107"} (سورة الأنبياء)
.. زين الله محمداً بزينة الرحمة فكان رحمة ، وجميع صفاته رحمة على الخلق ، فمن أصابه شيء من رحمته فهو الناجي ، فكانت حياته رحمة ومماته رحمة يعني للجن والأنس ولجميع الخلق فللمؤمن رحمة بالهداية ورحمة للمنافق بالأمان من القتل ، ورحمة للكافر بتأخير العذاب .

الشاهد والبشير النذير ,,,,

{ يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونذيراً "45" } (سورة الأحزاب)
فهو شاهد على الخلق يوم القيامة وشاهد بوحدانية الله ولم يجعله الله مدعياً ، كما أنه مبشر إلى الله وما عنده فمن لم يستجب كان منذراً لهم ، ثم لا يكتفي بالتبشير والنذير وإنما يدعوهم بعد ذلك " وداعيا إلى الله " .

السراج المنير ,,,,

{ وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً " 46 " }
( سورة الأحزاب )
والسراج يؤخذ منه أنوار كثيرة فإذا انطفأت يبقى الأول وكل صحابي أخذ من نور الهداية ، ولهذا قال رسول الله " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم
" فلم يجعل أصحابه سرج وإنما نجوم ، والنجم لا يؤخذ منه نور ، ولهذا إذا مات الصحابي فالتابعي يستنير بنور النبي ولا يأخذ منه إلا قوله وفعله .
رفع الذكر ,,,,

{ ورفعنا لك ذكرك "4"} ( سورة الشرح )
قال ابن عباس :- يذكر مع الله في الأذان والإقامة والتشهد ويوم الجمعة على المنابر ويوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق ويوم عرفة ، وعند الجمار ، وعلى الصفا والمروة وفي خطبة النكاح ، وفي مشارق الأرض ومغاربها ولو أن رجلاً عبد الله ولم يشهد أن محمداً رسول الله لم ينتفع بشيء وكان كافراً ، وقيل رفعنا ذكرك عند الملائكة في السماء وفي الأرض عند المؤمنين ونرفع في الآخرة ذكرك بما نعطيك من المقام المحمود وكرائم الدرجات .

حلمه صلى الله عليه وسلم ,,,,

روي أن النبي لما كسرت رباعيته وشج وجهه يوم أحد شق ذلك على أصحابه وقالوا لو دعوت عليهم فقال :-
" إني لم ابعث لعاناً ولكني بعثت داعياً ورحمة ، اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون "

وفاؤه صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان النبي إذا أتى بهدية قال اذهبوا بها إلى بيت فلانة فإنها كانت صديقة لخديجة وإنها كانت تحب خديجة .
ودخلت عليه امرأة فهش لها واحسن السؤال عنها فلما خرجت قال :-
" أنها كانت تأتينا أيام خديجة
وأن حسن العهد من الإيمان "

تواضعه صلى الله عليه وسلم ,,,,

لقد كان في بيته في مهنة أهله يغلي ثوبه ويحلب شاته ويرقع ثوبه ويخصف نعله ويخدم نفسه ويصم (يكنس) البيت ويعقل (يربط) البعير ويعلف ناضحه (الجمل) ويأكل مع الخادم ويعجن معها ويحمل بضاعته من السوق.
وخير بين أن يكون نبياً ملكاً أو نبياً عبداً فاختار أن يكون نبياً عبداً

http://www.islamonline.net/arabic/in...ages/cov07.gif

من مزاحه وضحكه ~ مع الجارية ,,,,

قالت أم نبيط :- أهدينا جارية وكنت مع نسوة ومعي دف أضرب به وأقول :-
أتيناكم أتيناكم ، فحيونا نحييكم ، ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم ,,
فقالت :- فوقف علينا رسول الله فقال :- ما هذا يا أم نبيط ؟
فقلت بأبي وأمي يا رسول الله جاريه نهديها إلى زوجها ،,,
قال :- فتقولين ماذا؟
" قلت فأعدت عليه " فقال :- " ولولا الحنطة السمراء ما سمنت ذراريكم "

من مزاحه وضحكه ~ مع زوجاته ,,,,

قالت عائشة أتيت بجريرة ( شوربة ) قد طبختها فقلت لسودة والنبي بيني وبينها .
كلي فأبت أن تأكل فقلت لتأكلين وإلا لطخته وجهك ، فأبت فأخذت من القصعة شيئاً فلطخت به وجهها فضحك رسول الله ورفع رجله من حجرها ، وقال الطخي وجهها فأخذت شيئاً من الصعقة فلطخت به وجهي ورسول الله يضحك ..

من مزاحه وضحكه ~ مع إحدى النساء ,,,,

جاءت امرأة يقال لها أم أيمن إلى رسول الله فقالت :- إن زوجي يدعوك ,،
قال :- " من هو ؟ أهو الذي بعينيه بياض ؟ "
فقالت :- أي يا رسول الله ؟ والله ما بعينيه بياض ؟ وكان يمزح معها

من مزاحه وضحكه ~ مع الأطفال ,,,,

كان رسول الله يأخذ بيد الحسين بن علي رضي الله عنه فيرفعه على باطن قدميه ويقول : -
" حزقة حزقة ترق عين بقه .. "
وكان يدلع لسانه للحسن بن علي فيرى الصبي لسانه فيهش إليه .

من مزاحه وضحكه ~ مع أحد أصحابه ,,,,

عن أنس أن رسول الله قال :- " فاتني أزيهر أزيهر " وهو يقوم يبيع متاعه في السوق ، وكان رجلاً دميماً فاحتقنه من خلفه ، ولا يبصره الرجل ،,,
فقال :- أرسلني : من هذا ؟ فالتفت فعرف رسول الله فجعل لا يألو ما ألصق ظهره لصدر رسول الله حين عرفه .
وجعل رسول الله يقول :- " من يشتري العبد ؟ فقال يا رسول الله إذن والله تجدني كاسداً ، فقال رسول الله ولكن عند الله لست بكاسد .

الإيمان به وثواب محبته ,,,,

قال رسول الله :- " أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به ، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله

وجوب طاعته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال تعالى :-
{ يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله ورسوله "20" }
( سورة الأنفال )
{ يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسول
"66" } (سورة الأحزاب)
لزوم محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

قال رسول الله :- " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين "
وقال " ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان : ـ وذكر في الأولى ـ أن يكون الله ورسوله احب إليه مما سواهما..

ثواب محبته صلى الله عليه وسلم ,,,,

كان رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إليه لا يطرف فقال :- " ما بالك ؟ "
قال :- بأبي أنت وأمي أتمتع من النظر إليك ، فإذا كان يوم القيامة رفعك الله بتفضيله ,,
فأنزل الله :- { ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً " 69 " } ( سورة النساء )

حب امرأة من الأنصار ,,,,

أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها يوم أحد فقالت وما حال رسول الله ؟
قالوا خيراً هو بحمد الله كما تحبي قالت :- أرنيه حتى انظر إليه ، فلما رأته قالت :- كل مصيبة بعدك جلل .

حب الصحابة له ,,,,

سئل علي بن أبي طالب عن حب الصحابة للنبي فقال :-
كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا ومن الماء البارد على الظمأ .

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=41118

** { آيات ومعجزات النبوة } **


الحديث عن يوم القيامه ,,,,

فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – عن كثيرٍ من الغيوب التي أطلعه الله عليها في مناسباتٍ عديدة ، كان أهمّها موقفه حينما قام بالناس خطيباً فأخبرهم بما هو كائن إلى يوم القيامة ،,,
يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه :-
" قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُقاما، فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم، وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه، ونسيه من نسيه "
رواه البخاري

باستشهاد عدد من أصحابه ,,,,

أما ما يتعلق باستشهاد عدد من أصحابه ، فقد أخبر باستشهاد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان رضي الله عنهما ، وقال عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه :-
( ويح عمار تقتله الفئة الباغية ) رواه البخاري ،,,
وكان يقول عند زيارته أم ورقة :-
( انطلقوا بنا نزور الشهيدة ) رواه أحمد
وأخبر ثابت بن قيس رضي الله عنه باستشهاده فقال :-
( يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة ) رواه الحاكم ،,,
ويضاف إلى ذلك إخباره عليه الصلاة والسلام عن مقتل قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة في اليوم الذي قُتلوا فيه رغم بعد المسافة وعدم وجود وسيلة لإبلاغ الخبر بهذه السرعة .

ما أخبره عن زوجته وبنته رضوان الله عليهن ,,,,

كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – أن أسرع أزواجه لحوقا به أطولهن يدا ، فكانت زينب رضي الله عنها لطول يدها بالصدقة ،,,
وأخبر أن ابنته فاطمة رضي الله عنها أول أهله لحوقا به ، فتوفيت رضي الله عنها بعد أقل من ستة أشهر من وفاة أبيها .

الحديث عن سوء الخاتمه ,,,,

وفي المقابل، أخبر – صلى الله عليه وسلم – بسوء الخاتمة لبعض من عاصره، كأمثال أمية بن خلف،,,
وأخبر بمقتل أكابر قُريش في معركة بدر مبيناً مواضع قتلهم، فلم يجاوز أحدهم موضعه .

أما إنه من أهل النار ,,,,

ومن ذلك أيضاً ما حدث في إحدى المعارك النبويّة حينما قاتل أحدهم في صفوف المسلمين بشجاعة نادرة ، فأظهر الصحابة إعجابهم بقتاله ، فقال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - :- ( أما إنه من أهل النار ) ،,,
فقام أحد الصحابة بمراقبة هذا الرجل ، فوجده مثخناً بالجراح ، فلم يصبر على آلامه واستعجل الموت فقتل نفسه ,,،
فعاد الصحابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – يخبره بما فعل الرجل ، رواه البخاري .

رويته المستقبليه ,,,,

وأما ما يتعلّق بأحداث المستقبل ، فقد أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – بالعديد منها ،,,
يأتي في مقدمتها الإخبار عن ظهور هذا الدين والتمكين له واتساع رقعته ، فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( والله ليتمن هذا الأمر ، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ، لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ، ولكنكم تستعجلون ) رواه البخاري ،,,

وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( إن الله زوى لي الأرض ، فرأيت مشارقها ومغاربها ، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها ، وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض ) رواه مسلم ،,,
ويدخل في ذلك الإخبار عن ثبات الطائفة المنصورة على الحق إلى قيام الساعة ، فقد روى الإمام مسلم عن معاوية رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :-
( لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله ، لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم ، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك ) .

ومن جملة ما أخبر به – صلى الله عليه وسلم - طاعون عمواس - الذي حدث في الشام وكان سبباً في موت كثير من الصحابة - وكثرة المال واستفاضته كما حدث في زمن الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز .

ومن ذلك أيضا، إخباره بفتح الشام وبيت المقدس، وفتح اليمن ومصر، وركوب أناسٍ من أصحابه البحر غزاةً في سبيل الله، وإخباره – صلى الله عليه وسلم – عن غلبة الروم لأهل فارس خلال بضع سنين كما في سورة الروم.

المعنى ,,,,

ومن الأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي – صلى الله عليه وسلم – زوال مملكتي فارس والروم ، ووعده لسراقة بن مالك رضي الله عنه أن يلبس سواري كسرى ، وهلاك كسرى وقيصر ، وإنفاق كنوزهما في سبيل الله ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : -
( إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله ) رواه البخاري ،,,

وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم – صخرة لم يستطيعوا كسرها ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأخذ الفأس ..
وقال :- ( بسم الله ) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر ،,,
وقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح الشام ، والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال :- ( بسم الله ) ، وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح فارس ، والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا ) ،,,
ثم قال : ( بسم الله ) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر ،,
فقال :- ( الله أكبر ، أعطيت مفاتيح اليمن، والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا ) رواه أحمد ،,,

وقد فتح الله تلك الممالك على يد المسلمين في عصور الخلافة ، وقام عمر رضي الله عنه بإلباس سراقة رضي الله عنه سواري كسرى .

الضعف والهوان من بعده ,,,,

ومن الأمور التي أخبر بها النبي – صلى الله عليه وسلم – وتكالب أعدائها عليها، فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها )
فقال أحدهم :- " ومن قلةٍ نحن يومئذ ؟ "
فقال لهم :- ( بل أنتم يومئذ كثير ، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم ، وليقذفنّ الله في قلوبكم الوهن : حب الدنيا وكراهية الموت )
وواقعنا اليوم خير شاهد على تحقّق ذلك .

التقليد الأعمى للأمم الكافرة ,,,,

وهذا الانحدار الذي حذّر منه النبي – صلى الله عليه وسلم – كان نتيجةً حتميةً لافتراق الأمة واختلافها ، والتقليد الأعمى للأمم الكافرة وسلوك سبيلها ،,
وقد بيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذلك في قوله :-
( والذي نفس محمد بيده ، لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة ، واحدة في الجنة ، وثنتان وسبعون في النار ) رواه ابن ماجة ،,,
وقوله :- ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ، شبرا بشبر ، وذراعا بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم )
رواه البخاري .

الفتن وأشراط الساعة ,,,,

ومن المغيبات - غير ما تقدم - إخباره صلى الله عليه وسلم عن الفتن وأشراط الساعة ، ويشمل ذلك الحديث عن الرّدة التي ستكون بعده ,،
فعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :-
( لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين ) رواه الترمذي ,,،
والأخبار عن استمرار الخلافة بعده ثلاثين سنة ، وذلك في قوله – صلى الله عليه وسلم –
( الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم ملكا بعد ذلك )
رواه الترمذي

تقارب الزمان وظهور النساء العاريات ,,,,

ومن جملة ما أخبر به النبي – صلى الله عليه وسلم – غير ما تقدم ، تقارب الزمان ، وتوالي الفتن ، حتى يصبح القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر ،,,

وظهور النساء الكاسيات العاريات ، وتطاول الحفاة الرعاة في البنيان ، وتضييع الناس للأمانة ، وتعاملهم بالربا ، وإتيانهم للفواحش ، واستحلالهم للخمر وتسميتها بغير اسمها ، وانتشار قطيعة الرحم وسوء معاملة الجار ، وتوالي الحروب ، وكثرة الزلازل ، وزيادة عدد النساء على الرجال ، وادعاء ثلاثين رجلا للنبوة ، إلى غير ذلك من العلامات التي وقعت .


فهذه العلامات الصغرى التي جاء الواقع ليصدقها شاهد صدقٍ على أشراط الساعة الأخرى التي لم تقع حتى الآن ، مع يقيننا بوقعها وتصديقنا بحصولها ، كعودة الجزيرة العربية مروجا وأنهاراً كما كانت من قبل ، وخروج الدجال ، ونزول المسيح عيسى عليه السلام آخر الزمان ، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية .

ومن ذلك أيضا قتال اليهود آخر الزمان حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر ، فيتكلم بإذن الله ويقول :-
" يا عبد الله ، هذا يهودي ورائي فاقتله "

وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها فلا ينفع نفساً إيمانها لم تكن آمنت من قبل ، وهبوب ريح طيبة تقبض أرواح المؤمنين ، فتخلو الأرض منهم ، وتقوم الساعة على شرار الخلق ،,,

والأخبار في هذا الباب كثيرةٌ ، وقد حرص العلماء على جمعها وتوثيقها لتبقى شاهدةً على نبوّته - صلى الله عليه وسلم -، وصدق حسان بن ثابت رضي الله عنه إذ يقول :-
فإن قال في يومٍ مقالة غائب فتصديقها في صحوة اليوم أو في غد

http://www.islamweb.net/ShowPic.php?id=38833

** { من معجزاته نطق الجماد والحيوان بين يديه } **

من المعجزات والآيات التي أُعطي إياها النبي صلى الله عليه وسلم ، تأييداً لدعوته ، وإكراماً له ، وإعلاءً لقدره ، إنطاق الجماد له ، وتكلم الحيوان إليه ، الأمر الذي ترك أثره في النفوس ، وحرك العقول ، ولفت انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها ، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين ، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها ، واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع ، ويدفع عنهم الضر ، ويرقى بهم بين الأمم ، ويضمن لهم سعادة الدارين .

نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً ، فسبّح الطعام ، وسلّم الحجر والشجر ، وحنَّ الجذع ، واشتكى الجمل ، إنها آياتٌ وعبر ، حصلت وثبتت في صحيح الخبر ، فلا بد من تصديقها وقبولها ، وإن خالفت عقول البشر .
زيادة الماء بالايناء ,,,,

فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :-
( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء قليل ، فأدخل يده في الإناء ، ثم قال:- حيّ على الطهور المبارك والبركة من الله ، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل )
رواه البخاري ، وذكر الحافظ ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .

تسليم الحجر والجبال والشجر ,,,,

ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : -
( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث ، إني لأعرفه الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:-
( كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها ، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو يقول :- السلام عليك يا رسول الله )
رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه الألباني .

خار الجذع كخوار الثور ,,,,

ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال :-
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ ، فلما اتخذ المنبر تحول إليه ، فحنَّ الجذع ، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي :-
( خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد ) .
وفي "مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .

اشتكى الجمل إلى رسول الله ,,,,

أما نطق الحيوان ، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم صاحبه له ، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال : -
( أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم ، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس ، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً - كل ما ارتفع من بناء وغيره - ، أو حائش نخل - بستان فيه نخل صغار - ،,,
قال :- فدخل حائطاً لرجل من الأنصار ، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه - أصل أذنيه وطرفاهما - فسكت ،,,
فقال :- من رب هذا الجمل ؟ لمن هذا الجمل ؟
فجاء فتى من الأنصار ، فقال :- لي يا رسول الله ،
( فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ، فإنه شكا إلي أنك تجيعه ، وتدئبه - تَكُدُّهُ وتُتعبه - )
رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني .

فغيرها الكثير ,, فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ، وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته ، وصحة دعوته .



** { الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم } **

المعنى ,,,,

المقصود بالصلاة على النبي من الله رحمته ورضوانه وثناؤه عليه عند الملائكة ومن الملائكة الدعاء له والاستغفار ومن الأمة الدعاء والاستغفار والتعظيم له .

الصيغة ,,,,

أفضل الصيغ اللهم صل علي محمد وعلى آل محمد ، كما باركت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد ، وهناك صيغ أخرى ،,,
وأقل ما يجزئ هو (( اللهم صل على محمد )) .

أوقات الصلاة ,,,,

يوم الجمعة وليلتها ، وعند الصباح والمساء ، وعند دخول المسجد والخروج منه وعند قبره ،,,
وعند إجابة المؤذن ، وعند الدعاء وبعده ، وعند السعي ، وعند اجتماع القوم وتفرقهم ، ,,,
وعند الفراغ من التلبية , وعند ذكر اسمه , وعند استلام الحجر , وعند القيام من النوم ,,, وعند الهم والشدائد وطلب المغفرة ، وعند تبليغ العلم للناس ، وعند الوعظ وإلقاء الدروس ,,,
وعند خطبة الرجل المرأة في النكاح , وختم القرآن ، وفي كل موطن يجتمع فيه على ذكر الله .

ثواب المصلي ,,,,

قال رسول الله :-
" من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات ورفع له عشر درجات "
قال رسول الله :-
" من صلى علي حين يصبح عشراً وحين يمسي عشراً أدركته شفاعتي يوم القيامة "
عن ابن مسعود قال رسول الله :-
" أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة " وفي بعض الآثار " ليردن علي أقوام ما أعرفهم إلا بكثرة صلاتهم علي "
قال أبي بن كعب يا رسول الله إني أكثر من الصلاة عليك فكم اجعل لك من صلاتي ؟
قال :- " ما شئت "
قال الربع قال :-
" ما شئت " وأن زدت فهو خير قال الثلث ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال النصف ؟
قال :- " ما شئت وإن زدت فهو خير "
قال :- " يا رسول فاجعل صلاتي كلها لك ؛؛
" إذا تكفي ويغفر ذنبك " } .

wolf101 04-08-2012 09:15 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 


** { صور متعلقه بالنبي وصحبه عليهم السلام 1 } **

http://www.nourallah.com/photos/masged_haram03.jpg
المسجد الحرام بمكة


http://www.nourallah.com/photos/madeena01.jpg
المسجد النبوي بالمدينه


http://www.sunna.info/souwar/data/media/1/madinah34.jpg
http://www.sunna.info/souwar/data/me...7615751569.jpg
مسجد قباء

http://www.sunna.info/souwar/data/media/1/12.jpg
مقبرة البقيع

http://www.nourallah.com/photos/sward_omar.jpg
سيف عمر بن الخطاب رضي الله عنه


http://www.nourallah.com/photos/osman_quraan.jpg
مصحف الخليفة عثمان بن عفان والذي قتل أثناء قراءته وعلى صفحاته سال الدم الطاهر

wolf101 04-08-2012 09:16 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { صور متعلقه بالنبي وصحبه عليهم السلام 2 } **

http://www.nourallah.com/photos/m_khetm.jpg
http://www.alshamsi.net/islam/moh/gallery5.jpg
يوجد ختم الرسول صلى الله عليه وسلم - اسطنبول - تركيا

http://www.nourallah.com/photos/m_foot.jpg
القالب المعدني لآثر قدم الرسول صلى الله عليه وسلم

http://www.alshamsi.net/islam/moh/gallery10.jpg
صندل من جلد للنبي صلى الله عليه وسلم

http://www.nourallah.com/photos/beard_mohammed.jpg
جزء من لحية الرسول عليه الصلاة والسلام بمسجد الحسين بمصر

http://www.alshamsi.net/islam/moh/gallery7.jpg
صورة شعرة من النبي صلى الله عليه وسلم

http://www.nourallah.com/photos/m_makhala.jpg
يوجد مكحلة الرسول صلى الله عليه وسلم - مسجد الحسين- مصر

wolf101 04-08-2012 09:17 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

** { رسائل المصطفى عليه الصلاة والسلام للملوك } **

كتاب النبي إلى بن ساوي أمير البحرين

http://www.nourallah.com/photos/bahrin_letter.gif

كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوي يدعوه فيها إلى الإسلام ،,
وهذا نص الرسالة •

( أما بعد ... فإني أذكرك الله عز وجل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وأنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني ، ومن نصح لهم فقد نصح لي ، وأن رسلي قد أثنوا عليك خيراً ، وأني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموه عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية . )


كتابه صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ملك الحبشة

http://www.nourallah.com/photos/nagashi_letter.gif

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى النجاشي عظيم الحبشة ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ،
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن ، وأشهد أن عيسى ابن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده ، وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني ، فإني رسول الله ، وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل ، وقد بلغت ونصحت فاقبل نصيحتي •
والسلام على من اتبع الهدى


كتاب النبي إلى المقوقس عظيم القبط

http://www.nourallah.com/photos/mokawkas_letter.gif

بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبدالله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد
فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم أهل القبط
( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ، ولا يتخذ بعضنا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )

كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم الى هرقل

http://sirah.al-islam.com/image/aathar/athr03.gif
http://www.nourallah.com/photos/herculese_letter.gif

( بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد عبدالله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم ، سلام على من اتبع الهدى •
أما بعد :-
فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين )
( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون )

أبو عبد الملك 02-12-2015 06:54 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
لى بعض الملاحظات منها أنك استخدمتى بعض المصطلحات قد تصلح لى أو لكى لكنها لا تصلح ولا تليق بالنبى صلى الله عليه وسلم منها كلمة " البطاقة الشخصية للنبى "
ثانيا ترحمت على عبد الله والد النبى صلى الله عليه وسلم وهذا الظاهر أنه لا يجوز ﻷن والد النبى وأم النبى ماتا على الكفر
ثالثا هذا الموقع قد يكون فيه معاملات تجارية محرمة كان اﻷحرى أن تكتبى هذا الموضوع فى موقع آخر
.......
.........
.............
..........
..........

BASSEM HASSANI 29-12-2015 12:19 AM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 

عليه أفضل الصلاة والسلام

3llaWi 07-01-2016 04:54 AM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
بارك الله فيك وجعله بميزان حسناتك

mohammed_ragab 22-01-2016 12:46 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
عليه أفضل الصلاة والسلام

مروة البازي 22-01-2016 01:36 PM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
اللهم صل على محمد وعى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد ..
اللهم صل على محمد ماذكره الذاكرون الابرار وصل على محمد ماتعاقب الليل والنهار ..

سورة الكهف احبتي تنير مابين الجمعتين :1 (58):

OsamaSamir 23-02-2016 07:02 AM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
اللهم صل على محمد وعى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم

عبدالله 11 03-07-2016 01:51 AM

رد: قصة حياة الرسول محمد صلي الله عليه وسلم
 
موضوع جميل ... واحب ان اذكر ان الرسول صلى الله عليه وعلى له وسلم بعث لانارة درب التائهين في ضلاله وكفر وبعث ليعظم القييم الاخلاقية العالية السامية التي نفتقدها مثل الامر بالمعروف والنهي عن المنكر والرفق بالضعفاء وانصاف المظلوم وعدم التعامل الا باللطف والتواضع مع كافة الناس والمحافظة على النظافة .....وغيرها من القييم التي فقدناها .....


الساعة الآن 10:58 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024

جميع الحقوق محفوظة الى اف اكس ارابيا www.fx-arabia.com